إسلام ويب

أنت الذي تؤخر النصر عن الأمةللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • وعد الله عز وجل حق لا يتخلف، وقد وعد الله عز وجل المؤمنين بالنصر والتمكين في الأرض إذا حققوا شرط الإيمان والعمل الصالح؛ فمتى تحقق هذا الشرط تحقق المشروط، وما تعانيه الأمة اليوم من تسلط أعداء الإسلام عليها، من سفك دمائها، وتدنيس مقدساتها، وأخذ ثرواتها.. وما إلى ذلك؛ كله بسبب ابتعادها عن دين ربها وشرعه.، ولو رجعت إلى دينها لتحقق لها موعود ربها بالنصر والتمكين.

    1.   

    حال الأمة حين تركت الجهاد في سبيل الله

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد: فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة والأخوات! عبثاً دعوت وصحت يا أحرار عبثاً لأن قلوبنا أحجار عبثاً لأن عيوننا مملوءة بالوهم تظلم عندها الأنوار عبثاً لأن شئوننا يا قومنا في الغرب يفتل حبلها وتدار ولأننا خشب جامدة فما ندري ماذا يصنع المنشار أما سقوط الأقصى فحالة مألوفة تجري بها الأقدار هذي شئون القدس ليس لنا بها شأن وما للمسلمين خيار يا ويحكم يا مسلمون قلوبكم ماتت فليست بالخطوب تثار أنكرتم الفعل الشنيع بقولكم شكراً لكم لن ينفع الإنكار شكراً على تنظيم مؤتمراتكم وعلى القرار يصاب منه قرار وعلى تعاطفكم فتلك مزية فيكم تصاغ لمدحها الأشعار يا ويحكم يا مسلمون نساؤكم يسألن عنكم والدموع غزار هذي تساق إلى سراديب الهوى سوقاً وتلك يقودها الجزار لو أن سائحة من الغرب اشتكت في أرضكم لتحرك الإعصار أما الصغار فلا تسل عن حالهم مرض وخوف قاتل وحصار يُذَّبحون ويُقتَلون وما لهم نصير ودمع عيونهم مدرار يا ويحكم تنسون أن الضعف في وجه العدو مذلة وصغار هذه هي القدس يحرق ثوبها عمداً ويهتك عرضها الأشرار تبكي وأنتم تشربون دموعها وعن الحقائق زاغت الأبصار وهذا هو الأقصى يهود جهرة وبجرحه تتحدث الأخبار هذا هو الأقصى يطحنه الأسى وجموعكم يا مسلمون نثار ملياركم لا خير فيه كأنما كتبت وراء الواحد الأصفار ما جرأ اليهود إلا صمتكم ولكم يذل بصمته المغوار خابت سياسة أمة غاياتها تحقيق ما يرضى به الكفار قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ.. [الصف:10-11] الآية. وفي مسند أحمد بسند صححه شيخنا الألباني رحمه الله من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم).

    1.   

    محاولة أعداء الإسلام تنحية قضية الجهاد

    أيها الأخيار! لقد قلت مراراً وتكراراً بأن أعداء الإسلام في البيت الأبيض، وفي البيت الأحمر، ومروراً بكل المنظمات والأحلاف والهيئات الدولية الممثلة في هيئة الرمم وفي حلف الناتو وفي الاتحاد الأوروبي وغيرها، قد حاولت كل هذه المنظمات بشتى الطرق أن تظل قضية الجهاد بعيدة عن ساحة القدس والأقصى، وأن تظل القضية مطروحة في هذه المنظمات والأحلاف التي لا تنصر ديناً قط. فالكفر لا ينصر توحيداً أبداً، كما قال تعالى: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120]، وكما قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51]، وقال تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة:109] .. الآية. فالكفر لا ينصر توحيداً، وليس كما يدعي الإعلام أن الغرب يكيل بمكيالين، فهذا باطل، بل الغرب لا يكيل إلا بمكيال واحد فقط، إنه مكيال العداء للإسلام والمسلمين، ولقد حاولوا بشتى الطرق تضليل قضية الجهاد، كما قال العدو والإرهابي الكبير مناحيم بيجن : إننا نحارب، إذاً: نحن موجودون، ويجب أن تظل قضية الجهاد بعيدة عن الساحة! فلقد حاول أعداؤنا بشتى الطرق طيلة السنوات الماضية أن يطمسوا قضية الجهاد، وألا تصبغ قضية القدس والأقصى بصبغة الجهاد في سبيل الله، حتى صرح زعيم عربي مخرف بهذا القول الخطير الخبيث وقال: ما هذه الضجة التي تفتعلونها على مسجد يسمى بالمسجد الأقصى؟! فليصل المسلمون في أي مسجد، وتنتهي الأزمة والمشكلة. فهم لا يريدون للقضية أن تصبغ قط بصبغة الجهاد، ولما رفعت راية الجهاد في أفغانستان مرغ أنف الدب الروسي الغبي في الوحل والطين والتراب، ولا مقارنة بين العُدَد والعتاد والعَدَد، فلقد كان الروس يفوقون المسلمين في أفغانستان عتاداً وعدداً، لكن رفعت قضية الجهاد في سبيل الله فانقلبت كل الموازين. لذلك هم لا يريدون لشباب الصحوة أبداً أن يشارك في هذه القضية، ولا يريدون أن يفتحوا الحدود والثغور أبداً أمام شباب مسلم يحترق قلبه شوقاً الآن للشهادة في سبيل الله، ورب الكعبة لو فتح هذا الباب الآن لرأينا من شيوخنا بل من أمهاتنا وأخواتنا فضلاً عن شبابنا من يذهب ليسد فوهة مدافع اليهود بصدره، وهو يريد أن يصرخ بهمته الطاهرة لزعماء العملاء ولزعماء اليهود أن محمداً ما مات وما خلف بنات، بل خلف شباباً أطهاراً تحترق قلبوهم الآن شوقاً للشهادة في سبيل الله. ويردد أحدهم قولة الإمام المجاهد العلم عبد الله بن المبارك لأخيه عابد الحرمين الفضيل بن عياض : يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة تلعب من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب ريح العبير لكم ونحن عبيرنا رهج السنابك والغبار الأطيب من كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الكريهة تتعب ولقد أتانا من مقال نبينا قول صحيح صادق لا يكذب لا يستوي غبار خيل الله في أنف امرئ ودخان نار تلهب

    1.   

    الأمور التي تحل بها قضية فلسطين

    أنا أدين لربي بأن القضية تحل في كلمتين اثنتين لا ثالث لهما: الأولى: تحقيق الإيمان. الثانية: رفع راية الجهاد في سبيل الله. ولن ترفع الراية إلا إذا حققت الأمة الإيمان؛ لأن الله ما أمر بالجهاد إلا من حقق الإيمان ابتداءً. والإيمان يا شباب! ليس كلمة ترددها الألسنة، ولا دخاناً في الهواء، ولكن الإيمان الذي ستنصر به الأمة والذي سترفع به الأمة راية الجهاد في سبيل الله هو قول وتصديق وعمل، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا [الصف:10]، يثبت الله لهم في صدر الآية بالنداء عقد الإيمان، ومع ذلك يأمرهم بتحقيق الإيمان قبل أن يأمرهم برفع راية الجهاد في سبيل الله، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الصف:10-11]، مع أنه قد أثبت لهم عقد الإيمان في صدر الآية لكن لابد من أن تحقق الأمة الإيمان بالله. فأمة لا تعرف ربها كيف تنصر؟ أمة لا تعرف معنى العقيدة كيف يمكن الله لها؟ والله ما وعد الله بالنصرة والعزة والتمكين إلا لأهل الإيمان، كما قال تعالى: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47]، وقال: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ [النور:55] .. الآية، وقال: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون:8]، فلن ترفع الأمة راية الجهاد دون أن تحقق الأمة العقيدة. وأنا أسأل من هم الذين يدعون لإخواننا في فلسطين في صلواتهم؟! فانظروا إلى الحسرة والمرارة، حتى الدعاء بخلنا به، فأمة بخلت بالدعاء فهل تجود بالأموال والدماء؟! ونحن نصرخ: الجهاد الجهاد، القدس القدس! ولكن نريد صدقاً، فما أيسر التنظير! وما أسهل الكلمات الرنانة! لكن نريد صدقاً في التوجه، ونريد صدقاً في تحقيق الاعتقاد؛ فلن يحرر القدس إلا رجل عقيدة عرف الله جل وعلا، لقد عاد إخوانكم هنالك على أرض فلسطين إلى الله، وعلموا يقيناً أن أمريكا وأن البيت الأبيض والبيت الأحمر والبيت الأسود وهذه المنظمات لن تنصر قضية، ولن تنصر توحيداً، فعادوا إلى الله. يحدثني إخوانكم من هنالك ويتصلون بي من على أرض المعركة ويخبرونني بأن الناس هنالك في هذه الحرب الضروس قد عادوا إلى الله جل وعلا، وعلموا يقيناً أنه لا ملجأ ولا ملاذ من الله إلا إليه، وعلموا أنه لن ينصرهم إلا الله، فالأمة لن تنصر إلا بالعقيدة. يُذكر أن جحا صنع يوماً ساقية على النهر؛ لتأخذ الماء من النهر ولترد نفس الماء إلى نفس النهر، فتعجب العقلاء منه، وقالوا: عجباً لك يا جحا ! تصنع ساقية على النهر؛ لتأخذ الماء من النهر ولترد نفس الماء إلى نفس النهر؟! فقال جحا : يكفيني نعيرها! ونحن نقول: منذ متى والأمة تصرخ، وتشجب، وتستنكر في مؤتمرات صحفية باردة كبرود الثلج، وفي كلمات هي أسكن من مياه البحر الميت؟ والعالم لا يعرف هذه اللغة، كما صرح الإرهابي الكبير بيجن : إننا نحارب، إذاً: نحن موجودون. وقد قال بن غوريون منذ أربعين سنة أو يزيد: قد لا يكون لنا الحق في فلسطين من منظار سياسي أو قانوني، ولكنها أرض المعاد التي وعدنا الله إياها من النيل إلى الفرات، وإنه يجب الآن على كل يهودي أن يهاجر إلى دولة إسرائيل -هذا على حد تعبيره- بعد إنشائها؛ فإن كل يهودي لا يهاجر بعد اليوم إلى دولة إسرائيل، فإنه يكفر يومياً بتعاليم التوراة. فهم يتحركون هنالك عن عقيدة، وقد صرح نتنياهو -ويومها كنت في أمريكا، وكنت أتابع نتيجة انتخاباته يوم نجح برئاسة الوزراء- وقال قولته الخطيرة: وأخيراً صوت اليهود للتوراة.

    1.   

    بعض أسباب تأخير النصر

    إن القوم يتحركون عن عقيدة، ويتحركون عن إخلاص لدينهم، لكن أين الأمة صاحبة الحق؟ ما أيسر أن ننظر يا إخوة! وما أيسر أن نتكلم! بل وربما سيغضب علينا بعض الشباب ويقولون: تكلمت الكثير، فماذا صنعت؟ وماذا فعلته؟ وأنا أقول: بل أنت ماذا صنعت؟ وماذا فعلت؟ وهل تدين ربك بأن بيتك بيت مسلم؟ وهل تدين ربك بأنك خطوت على الطريق خطوة أولى لدين الله؟ اعلم بأن ابتعادك عن العقيدة يؤخر النصر خطوة. اعلم بأن انحرافك عن منهج الإسلام يؤخر النصر عن الأمة. اعلم بأن امرأتك المتبرجة تؤخر النصر عن الأمة. اعلم بأن ولدك الذي يقلد مايكل جاكسن يؤخر النصر عن الأمة. اعلم بأن أولادك الذين تاهوا وضاعوا وراحوا يقتاتون قوتهم التربوي من وسائل الإعلام العفنة يؤخر النصر عن الأمة. اعلم بأن تضييعك لصلاة الفجر يؤخر النصر عن الأمة. اعلم بأن أكلك للحرام يؤخر النصر عن الأمة. فأين العقيدة؟ وأين الإيمان؟! فما أيسر التنظير بالأصوات!

    1.   

    منهج الله الرباني يحتاج إلى رجال

    إن المنهج موجود، هذا المنهج هو الذي جعل ربعي بن عامر يرد على رستم قائد الجيوش الكسروية بعز واستعلاء ويقول له: نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فمن قَبِل منا قبلنا منه، ورجعنا عنه، ومن حال بيننا وبين دعوة الناس لدين الله قاتلناه حتى نفضي إلى موعود الله. قال: وما موعود الله؟ فـربعي الذي عرف الغاية وفهم الوظيفة التي من أجلها ابتعث، بل وحول المنهج الرباني والنبوي إلى واقع عملي وإلى منهج حياة قال له: أما الأولى: فالنصر لمن بقي من إخواننا، والشهادة لمن مات من إخواننا. فقال له رستم : لقد سمعت قولك، فهل لكم أن تؤجلونا؛ لننظر في أمرنا ولتنظروا في أمركم؟ فقال بعز واستعلاء: لقد سن لنا نبينا ألا نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث ليال، فانظر في أمرك وأمرهم واختر لنفسك واحدة من ثلاث. قال ما هي؟ قال: الأولى: الإسلام، ونقبل منك، ونرجع عنك. قال: ما الثانية؟ قال: الجزية. وهذا الجزية أصبحت الأمة تدفعها الآن إلى أمريكا كاملة غير منقوصة. قال: وما الثالثة؟ قال: القتال، ولن نبدأك بقتال فيما بيننا وبين اليوم الرابع إلا إن بدأتنا أنت. قال: أسيدهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمين كالجسد الواحد يسعى بذمتهم أدناهم على أعلاهم. وأنا أجزم أن ما بين أيدينا من مجلدات، ومن أشرطة، ودروس علمية ما كانت موجودة بين السلف بهذا الكم الهائل، لكن ما الذي فعلته هذه الأشرطة وهذه المجلدات؟ فالمنهج موجود، لكنه يحتاج إلى رجال يحولون هذا المنهج الرباني والنبوي إلى واقع عملي يتألق في دنيا الناس سمواً وروعة وعظمة وجلالاً، والله لو أن الأمة ذباباً يطن في آذان اليهود لفرقنا آذانهم، والله لو تفلت الأمة على اليهود لأغرقنا اليهود بتفلنا، لكنها الهزيمة النفسية، لكنه البعد عن العقيدة الصحيحة بشمولها وكمالها.

    1.   

    واجب المسلم تجاه القدس

    لن نحرر القدس بالمظاهرات الصاخبة، ولا بحرق الأعلام الأمريكية واليهودية، ولا بحرق الماكتات للزعماء، وإنما نحرر القدس بالعودة إلى دين الله وإلى منهج رسول الله، وبتحويل هذا المنهج الرباني والنبوي في بيوتنا وحياتنا إلى واقع. ولو ظلت الأمة ألف سنة تشكو وتستنكر وتصرخ وتخطب خطباً رنانة فلن تغير من الواقع شيئاً. لذلك أيها الأحبة! أناشد كل مسلم وكل مسلمة أن يبدءوا التصحيح، وما عليك أيها المسلم إلا أن تبذل أنت ودع النتائج إلى الله؛ فالله لا يعجل بعجلة أحد، ولو علم الله أن الأمة تستحق النصرة الآن على اليهود لنصرها، فالله لا يعجل بعجلة أحد، بل لابد أن تبذل الأمة أقصى ما في طوقها، كما قال تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، فما بذلت الأمة شيئاً، وما أعدت الأمة شيئاً، فلابد أن تبذل أنت ولابد أن أبذل أنا، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح الذي رواه ابن سعد في الطبقات بسند صححه شيخنا الألباني : (إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها فليغرسها) فلا تقل: قامت القيامة وهذه فسيلة متى ستنمو ؟ ومتى ستثمر؟ ومن يأكل من ثمرها؟ ليس هذا من شأنك أنت، بل شأني وشأنك أن نغرس لدين الله، وأن نعمل لله جل وعلا، وأن ندع النتائج لله سبحانه وتعالى، قال تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105]. فلماذا لا تربي امرأتك وبناتك وأولادك الآن على عقيدة الولاء والبراء؟ ما زلنا إلى يومنا هذا نرى من المسلمين من يقضي الليل أمام مباراة كرة، واليهود يطحنون إخواننا في فلسطين! كانت الأمة تصرخ بحناجر ملتهبة للأهلي على رويال مدريد واليهود يطحنون إخواننا بالطائرات في فلسطين طحناً! ما زالت الأمة بعيدة ترقص وتغني، ومازالت الأسر المسلمة بعيدة عن العقيدة بجمالها وكمالها. وقد ترى الوالد المسلم إذا رأى ولده ذكياً ألمعياً يقول: الولد هذا أكيد سوف يكون دكتوراً. وإذا رأى الولد يكسر ويمسك المفك يقول: هذا الولد مهندس، إنما إذا طلع أعمى، إذا طلع أعرج يقول لك: يطلع شيخ وخلاص! وكأنه لا ينبغي أن نقدم لله إلا المتردية والنطيحة، حتى صار المثل الأعلى لولدي وولدك لاعب كرة، أو ممثلاً هابطاً ساقطاً، وأصبح الأمر كما قال الشاعر: وراعي الشاة يحمي الذئب عنها فكيف إذا الرعاة لها الذئاب فيا إخوة؛ ما أيسر التنظير وما أسهل الكلام! أسأل الله أن يرزقنا الصدق في الأقوال والأعمال والأحوال، وأن يرد الأمة إلى الإيمان والجهاد رداً جميلاً؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756174182