إسلام ويب

شرح كتاب التوحيد [8]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • وصف الله عز وجل نبيه ومن اتبعه بأنهم يدعون إلى الله وإلى توحيده، وذكر أن الدعوة هي سبيلهم ومن انتهج نهجهم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم طيلة حياته إلى التوحيد، وبعث أصحابه إلى أصقاع الأرض بهذه الدعوة؛ فهذا معاذ يوصيه صلى الله عليه وسلم عند بعثه إلى أهل ا

    1.   

    شرح حديث: (فليكن أول ما تدعوهم إليه ...)

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد:

    [عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: ( إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ).

    وفي رواية: ( إلى أن يوحدوا الله, فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ). أخرجاه.

    ولهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ( لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه. فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها, فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب ؟ فقيل: هو يشتكي عينيه. فأرسلوا إليه, فأتي به، فبصق في عينيه ودعا له، فبرئ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، قال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) ].

    تقدم لنا ما يتعلق بالآية.

    ثم قال المؤلف رحمه الله: (عن ابن عباس : أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً ). يعني: أرسل معاذاً إلى اليمن, وذلك في السنة العاشرة قبل حجة الوداع, وأرسل أيضاً بـأبي موسى إلى اليمن معلماً وداعياً.

    قال له: ( إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب ). هم اليهود والنصارى؛ لأنهم كانوا في اليمن أكثر من مشركي العرب.

    ( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا اله إلا الله ). شهادة: يجوز فيها النصب، ويجوز فيها الرفع, إما أن تكون نصباً فهي خبر لكان, أو رفعاً تكون اسماً لكان. فليكن أولُ أو أولَ... شهادة أن لا اله إلا الله.

    وفي رواية: ( إلى أن يوحدوا الله, فإن هم أطاعوك ). يعني: استجابوا.

    ( فأعلمهم أن الله افترض عليه خمس صلوات في كل يوم وليله, فإن هم أطاعوك ). أي: استجابوا.

    ( فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم, فإن هم أطاعوك ), أي: استجابوا.

    ( فإياك وكرائم أموالهم ). إياك: كلمة تحذير, يعني: احذر كرائم أموالهم. و(كرائم) منصوب على التحذير. والكرائم: هي جمع كريمة, وهي: خيار المال.

    ( واتق دعوة المظلوم ). يعني: اجعل بينك وبين دعوة المظلوم وقاية, وذلك بالعدل وترك الظلم.

    ( فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ). أي: لا تحجب, بل ترفع إلى الله عز وجل, ويستجيب الله عز وجل لها.

    المهم هذا الحديث اشتمل على مسائل كثيرة, ويعنينا من هذه المسائل ما ترجم له المؤلف رحمه الله تعالى, وهو باب الدعاء إلى التوحيد, وشهادة أن لا اله إلا الله. وهو توحيد الألوهية. وهذا الحديث نص في ذلك, فإن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل معاذاً إلى اليمن, وأمره أول ما يبدأ به من دعوته هو الدعوة إلى التوحيد. ( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا اله إلا الله ). وهذا هو التوحيد.

    وكما تقدم لنا أن التوحيد هو أول واجب، وهذا ما عليه سلف هذه الأمة؛ خلافاً لما يذكره المبتدعة من أن أول واجب هو النظر أو القصد إلى النظر... إلى آخره.

    1.   

    شرح حديث: (لأعطين الراية غداً ...)

    قال رحمه الله: (ولهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسول صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر). سهل بن سعد الأنصاري الخزرجي , صحابي جليل, توفي سنة ثمان وثمانين للهجرة.

    وقوله: (لهما). يعني: البخاري ومسلم .

    و(يوم خيبر): غزوة خيبر، حصلت في السنة السابعة من الهجرة.

    (قال يوم خيبر: ( لأعطين الراية غداً ) ). الراية: هي علم الجيش الذي يرجع إليه عند القتال والكر والفر, فالراية هي: علم الجيش.

    ( رجلاً يحب الله ورسوله, ويحبه الله ورسوله ). هذه منقبة عظيمة لـعلي رضي الله تعالى عنه.

    وفي هذا إثبات صفة المحبة لله عز وجل.

    ( يفتح الله على يديه ). وهذه أيضاً آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم.

    ( فبات الناس يدوكون ليلتهم ). يعني: يخوضون كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى.

    ( أيهم يعطاها ). لأن هذه منقبة عظيمة, أنه يحب الله ورسوله, وأن الله يحبه, ورسوله يحبه، لا شك أن هذه منقبة، وأن الله عز وجل يفتح على يديه أيضاً، وهذه لا شك أنها منقبة عظيمة.

    ( فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ). يعني: ذهبوا إليه مبكرين, كلهم يطمع أن يكون ممن يعطى هذه الراية؛ لكي تحصل له هذه المنقبة العظيمة.

    ( كلهم يرجو أن يعطاها ). وفي هذا فضيلة الصحابة رضي الله تعالى عنهم, وأن هممهم كانت عالية لما في الدار الآخرة، فبادروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يريد أن يأخذ هذه الراية, ويذهب للقتال، وهذه لا شك أنها همة عالية, ونظرة إلى الدار الآخرة, وتعلق القلب بالله عز وجل ونصرة دينه.

    قال: ( فقال: أين علي بن أبي طالب ؟ فقالوا: هو يشتكي عينيه ). يعني: يتألم من عينيه؛ لأن عينيه قد أصيبت بالرمد.

    ( فأرسلوا إليه, فأتي به ). ويظهر والله أعلم أنه كان لا يكاد يبصر من الوجع؛ لأنه أتي به, ويظهر من الحديث أنه قد أتي به يقاد.

    ( فبصق ). يعني: تفل النبي عليه الصلاة والسلام ( في عينيه ). وهذه آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم. ( ودعا له فبرئ كأن لم يكن به وجع, فأعطاه الراية, ثم قال: انفذ على رسلك ). يعني: امض لوجهك.

    وقوله: ( على رسلك ), يعني: على رفقك من غير عجلة ( حتى تنزل بساحتهم ). يعني: في فناء حصونهم. والساحة: الفناء الذي يكون خارج الحصن.

    ( وادعهم إلى الإسلام ). الإسلام هو: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك.

    ( وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه ). فالإسلام ترتب عليه حقوق، من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والصوم... ونحو ذلك.

    ( فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ). حمر النعم هي: الإبل التي هي أنفس الإبل. وحمر النعم هي أنفس أموال العرب.

    هذا الحديث تضمن مسائل كثيرة, والذي يعنينا منه هو الشاهد لما ترجم به المؤلف, وهو الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله, فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثم ادعهم إلى الإسلام ). وهذا هو الدعاء إلى لا إله إلا الله؛ لأن الإسلام كما تقدم هو: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك.

    1.   

    علاقة باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله بما قبله

    قال رحمه الله تعالى: [ باب تفسير التوحيد, وشهادة أن لا اله إلا الله ].

    هذا العطف -يعني: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا اله إلا الله- من قبيل الترادف؛ لأن التوحيد هو شهادة أن لا اله إلا الله، فأراد المؤلف رحمه الله تعالى بهذا الباب أن يذكر الأدلة الدالة على تفسير التوحيد، ما هو التوحيد؟ وأن التوحيد هو: إفراد الله بالعبادة, لكن ما هو الدليل على هذا التفسير؟

    والمؤلف رحمه الله لما ذكر الدعاء إلى التوحيد ذكر تفسير التوحيد, والمناسبة هنا ظاهرة, لكي يكون الداعي على بصيرة بما يدعو إليه. ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125]. فلكي يكون على بصيرة وعلم بما يدعو إليه ذكر المؤلف رحمه الله معنى التوحيد بعد أن ذكر ما يتعلق بالدعوة إليه.

    قال: (وقول الله تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ [الإسراء:57]). فالضمير في قوله: (يَدْعُونَ) يعود إلى الكفار، والكفار يدعون الملائكة والأنبياء والصالحين.

    ( يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ [الإسراء:57] ).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755978925