إسلام ويب

سلسلة لطائف المعارف [ويسألونك عن الروح]للشيخ : صالح بن عواد المغامسي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لله سبحانه وتعالى في خلقه أسرار، لا يستطيع المخلوق بعقله القاصر معرفة كثير منها، ومن أعظمها الروح، فقد اختلف الناس في كنهها اختلافاً كبيراً، وقد حسم الله سبحانه وتعالى الأمر فيها، بأن رد علمها إليه سبحانه. والوقوف في المغيبات على النصوص الشرعية سلامة وأمان؛ لأن طائفة من الناس رامت معرفة كنه بعض المغيبات بإعمال العقول، فضلت في وديان من الانحراف لا آخر لها، ولو حصرت إعمال العقل في إطاره، وآمنت بالنقل فيما وراء ذلك لاهتدت.

    1.   

    سبب نزول قوله تعالى: (ويسألونك عن الروح)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شعار ودثار ولواء أهل التقوى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره، واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فيا أيها الإخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات!

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    هذا لقاء متجدد مع برنامج لطائف المعارف، وقد تبين مما سلف أن كل حلقة تحمل عنواناً نأخذ من خلاله بنظرة موسوعية ما يمكن أن نلتقطه من هنا وهناك، من وقفات إيمانية أو تاريخية أو معرفية أو غير ذلك مما يتسنى ويفتح الله في الحديث عنه.

    لقاؤنا اليوم يحمل عنوان قول الله جل وعلا: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ [الإسراء:85]، هذه الآية ذكر أهل العلم من المفسرين أن سبب نزولها هو ما حكاه عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وأرضاه بقوله: (مر صلوات الله وسلامه عليه على نفر من يهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح. فقال بعضهم: لا تسألوه -فأجمعوا أمرهم أن يسألوه- فقالوا: يا أبا القاسم..)، وهم لا ينادونه بلفظ النبوة؛ لأنهم -أبعدهم الله- لا يقرون بنبوته، فقالوا: (ما الروح؟ فاتكأ صلى الله عليه وسلم على عسيب نخل، قال ابن مسعود : فعلمت أنه يوحى إليه ثم تلا: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85]).

    ومعنى قول الله جل وعلا: مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء:85]، أي: من العلم الذي اختص الله جل وعلا به نفسه، فلم يكل هذا العلم أو الأمر لأحد لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل، هذا معنى قول الله تعالى: مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء:85].

    فإن سألت ما معنى الروح؟

    فالجواب: الروح مخلوق من مخلوقات الله، أودعها الله جل وعلا الجسد، فالبروح والجسد تدب الحياة.

    1.   

    أطوار الروح مع الجسد

    ثبت علمياً وشرعياً أي: نقلاً وعقلاً واستقراء أن الروح لها أطوار مع الجسد كالتالي:

    الطور الأول: أن الأرواح خلقت قبل الأجساد، فأبونا آدم -عليه السلام- خلق جسداً قبل أن يخلق روحاً، فقد خلق آدم عبر مراحل ثلاث بيناها في لقاءات سبقت، وهي الترابية والطينية والفخارية، ثم نفخ الله جل وعلا فيه من روحه، وإضافة الروح هنا إلى رب العزة والجلال إنما هي إضافة تشريف.

    أما بني آدم فقد كان خلق أرواحهم مقدماً على خلق أجسادهم؛ ولهذا مسح الله جل وعلا على ظهر أبينا آدم وأخرج من ظهره كل نسمة كائنة إلى يوم القيامة، قال الله جل وعلا: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [الأعراف:172-173]، فهذا عالم الذر، أو عالم الأرواح الأول، والذي جاء فيه الحديث الذي عند الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لما مسح على ظهر آدم أخرج من ظهره كل نسمة كائنة إلى يوم القيامة، فرأى في عيني أحدهم وبيصاً من نور قال: يا رب! من هذا؟ فقال الله جل وعلا له: هذا رجل من ذريتك يكون في آخر الزمان، يقال له: داود..)، إلى آخر الحديث. الذي يعنينا أن هذا هو الطور الأول في خلق الأرواح.

    الطور الثاني: خلق الله جل وعلا أجساداً من نطفة من ماء مهين، وكذلك كتب الله جل وعلا أن يخلق بنو آدم، ثم يكون ذلك الملك الذي يوكل إليه نفخ الروح في الجسد، فإذا التأم الروح مع الجسد دبت الحياة، فتشعر الأم وهي حامل بأن الحياة تدب في جنينها الذي في بطنها، وأنه يتحرك، وهذا لا يكون إلا بعد أربعة أشهر من الحمل، كما ثبت بذلك الحديث الصحيح، وهو أيضاً ثابت طبياً، وسواء ثبت طبياً أم لم يثبت، فقد أخبر بذلك المعصوم صلوات الله وسلامه عليه.

    وتأمل -أيها المبارك- عناية الله جل وعلا بالروح، فالروح ينفخها في الأجساد ملك، وكذلك يأتي ملك إذا كتب الله الموت فينزع الروح.

    المقصود: أن هذا طور من أطوار علاقة الروح بالجسد، والمرء يوم ذاك جنين في بطن أمه.

    الطور الثالث: إذا كتب الله لذلك الجنين أن يبقى ويحيا، فيخرج بعد فترة حمل، وغالبها تسعة أشهر، فإذا خرج نجم من ذلك التواصل والتوافق بين الروح والجسد طوراً ثالثاً، خلاف الطور الذي كان وهو جنين في بطن أمه.

    وفي هذا الطور لا يعقل المولود ولا يدري شيئاً، ويمضي معه الطور حتى يصل إلى مرحلة البلوغ، فإذا وصل مرحلة البلوغ ذكراً كان أو أنثى جرى عليه قلم التكليف.

    والروح إذا دبت في الجسد وهي داخله فالأفضل أن يطلق عليها نفس، قال ربنا جل وعلا: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:7-8]، وقد أخبر الله جل وعلا أن هذه النفس تطالب يوم القيامة بإظهار الحجج، وتجادل عن نفسها كما قال الله: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا [النحل:111]، فأخبر الله جل وعلا أن النفوس تجادل عن نفسها يوم القيامة.

    إذاً: فما دام الإنسان حياً والروح متصلة بالجسد فتسمى نفساً، فإذا فارقت الجسد وفارقت النفس الحياة، فلا تسمى حينئذٍ نفساً، أي: عند فراق الروح الجسد لا تسمى الروح نفساً، وإنما تسمى روحاً، ومن الأدلة على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم (لما توفي عثمان بن مظعون رضي الله تعالى عنه وأرضاه -وهو أول من دفن من المهاجرين في البقيع- أغمض النبي صلى الله عليه وسلم عيني عثمان وقال: إن الروح إذا صعد تبعه البصر)، فسماها روحاً؛ لأنها خرجت من الجسد.

    الطور الرابع: ما بعد الموت، وما الموت؟ الموت: أن تفارق الروح الجسد، فإذا فارقت الجسد انطلقت أو ذهبت إلى طور آخر غير الطور الذي كانت في اتصال بالبدن، فيكون هناك طور آخر، وهو المعروف بحياة البرزخ، قال الله تبارك وتعالى عنه: وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:100]، والبرزخ دائماً -أيها المبارك- يكون فاصلاً بين شيئين، قال الله جل وعلا: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ [الرحمن:19-20]، أي: فاصل بينهما.

    أتسمعون عن وادي محسر؟ هو واد ما بين مزدلفة ومنى، وهو برزخ ما بين منى ومزدلفة، أي: فاصل بينهما.

    المقصود من هذا: أن حياة البرزخ تكون علاقة الروح بالجسد علاقة شبه كلية، لكننا لا نعرف كنهها؛ لأننا لم نصل إليها، والأموات الذين سبقونا إلى ربنا فوصلوا إليها لم يعودوا حتى يخبرونا، وما بين أيدينا من النقل الصحيح هو المعتمد الوحيد في هذا الباب، كقول الله جل وعلا: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق:19-21] إلى أن قال ربنا: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق:22]، فأهل القبور يعيشون حياة حق، ويطلعون على أمور حق، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بعضها، كإخباره صلى الله عليه وسلم عمن يكذبون، وعمن تتثاقل رءوسهم عن الصلاة، وعمن يأكلون الربا، وغيرهم ممن ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم، إما رآهم في رؤيا أو مر عليهم في رحلة الإسراء والمعراج.

    والمقصود من هذا كله: أن هناك طوراً من أطوار حياة الروح يتعلق بفترة البرزخ.

    1.   

    حالة اتصال الروح بالجسد بعد الموت

    ثم بعد ذلك يأمر الله ملكاً -يقال له إسرافيل- أن ينفخ النفخة الأخرى -أي: الثانية- فتعود الأرواح وتخرج من مستقرها، وأين مستقرها؟ أرواح المؤمنين إجمالاً في عليين، قال ربنا: كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ [المطففين:18-21]، وأخبر قبلها أن كتاب الفجار في سجين، فأرواح الكفار في سجين وأرواح المؤمنين في عليين، فتخرج الأرواح كافرة ومؤمنة من مستقرها ثم تعود إلى الأجساد، فإذا اتصلت الروح بالجسد دبت فيه الحياة، فإذا دبت في الجسد الحياة مسح أهل القبور عن أعينهم الموت، كما يمسح أهل الدنيا اليوم عن أعينهم النوم، قال الله جل وعلا -وهو أصدق القائلين-: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:51-53].

    الغاية من هذا: أن الناس يخرجون إلى أرض المحشر على أرض بيضاء نقية، لم يعص الله جل وعلا فيها طرفة عين، ثم يكون الحساب، يسر الله حسابي وحسابكم.

    فإذا انصرف أهل الموقف فريقين -كما قال الله جل وعلا: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7]، وأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار -عياذاً بالله منها- يؤتى بالموت على صورة كبش أملح، كبداية الخلود.

    فهذا هو الاتصال بين الروح والجسد، والناس في الدار الآخرة سواء أهل الجنة أو أهل النار إنما هم نتاج الاتصال الكامل للروح مع الجسد : (فيؤتى بالموت على صورة كبش أملح، ثم ينادى: يا أهل الجنة!) فيطلعون فزعين؛ لأنهم ذاقوا نعيمها فيخشون أن يقال لهم: اخرجوا منها، فإذا أبصروا ونظروا قيل لهم: (أتعرفون هذا؟ قالوا: نعم هذا الموت، ثم يقال: يا أهل النار!) فيطلعون فرحين لعلهم يخرجون منها فيقال لهم: (أتعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، فينادي: أن يا أهل الجنة! خلود بلا موت، وأن يا أهل النار! خلود بلا موت)، فلو أن أحداً مات حسرة لمات أهل النار حسرة، ولو أن أحداً مات فرحاً لمات أهل الجنة فرحاً، قال الله جل وعلا في محكم تنزيله: وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ [مريم:39-40].

    1.   

    تصوير حالة اتصال الروح بالبدن وانفصالها عنه

    هذه الروح قد شغلت الناس قديماً وحديثاً في البحث عن كنهها، رغم أن الله جل وعلا قد قال من قبل: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء:85].

    و ابن سينا الطبيب المسلم الفيلسوف المعروف -وله بعض الشطحات لكن ليس هذا مجال الحكم عليه- ابن سينا يقول -وهو يتكلم عن الروح في نظرة فلسفية-:

    هبطت إليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزز وتمنع

    وصلت على كره إليك وربما كرهت فراقك وهي ذات تفجع

    أي: أنها أتتك أولاً وأنت لم تخترها، فالأجساد لا تختار الأرواح، وإنما الأمر بقدر الله، وسيأتي عليها يوم تفارق الجسد، ومعلوم أن الروح لا تختص بجزء من البدن، فليست في الأظافر، ولا في القلب، ولا في القدمين، ولا في غيرهما، بل هي منتشرة في الجسد كله، كما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

    فإذا أخرجت كأنها تخرج من الجسد كله، ولهذا قال ابن سينا :

    كرهت فراقك وهي ذات تفجع

    أي: تريد ألا تخرج، والله جل وعلا أبلغ من هذا كله في تصويره لقضية خروج الروح، قال الله جل وعلا في خواتيم سورة الواقعة: فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ [الواقعة:83]، ما التي بلغت الحلقوم؟ الروح، وَأَنْتُمْ [الواقعة:84] من أنتم؟ من حول الميت، حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ [الواقعة:84]، أي: تنظرون إلى الميت، وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ [الواقعة:85]، هذا قرب الله إلى الميت بملائكته، وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ [الواقعة:85]، أي: لا تبصرون الملائكة وهي تقبض روح الميت، يقول ربنا: فَلَوْلا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ [الواقعة:86]، أي: تزعمون أنه لا جزاء ولا ثواب ولا عقاب، فَلَوْلا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ [الواقعة:86]، أي: كما تقولون، تَرْجِعُونَهَا [الواقعة:87]، أي: ارجعوا الروح، فهذا أيسر لكم من نفي الحساب، إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الواقعة:87]، ولم يأت بعد الآية تعقيب؛ لأنهم غير صادقين، ولا يمكن لهم أن يرجعوا الروح.

    هذا ما حرره ابن سينا وقد عقبنا بالآية؛ لنبين أن كلام الله جل وعلا هو الفيصل في كل أمر.

    أحمد شوقي -رحمه الله- اشتهر بالمعارضات، فعارض القصيدة العينية التي قالها ابن سينا ، قائلاً:

    ضمي قناعك يا سعاد أو ارفعي هذي المحاسن ما خلقن لبرقع

    هذه المقصود منها التكلم عن الروح، ثم أغرق في نظرة فلسفية، لكنها تفيء إلى متكأ إسلامي أكثر مما كان يتكئ عليه ابن سينا في نظرته.

    الذي يعنينا أن الروح والجسد شغلا الناس، لكنهما متصلان مع بعضهما، وقد بينا الأطوار التي تمر بها حالة الروح مع حالة الجسد، وأخبر الله جل وعلا أن هناك ملائكة يقبضون الأرواح، ونبينا صلى الله عليه وسلم أخبر -كما مر معنا- أن ملكاً ينفخ الروح في الجسد، ويؤمر بأربع كلمات: بكتابة الرزق والأجل والعمل، وهل هو شقي أو سعيد، وهذا الملك هذه هي مهمته، والله يقول على لسان ملائكته: وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ [الصافات:164]

    ، فكل ملك له صبغة ووظيفة معينة، فهناك ملائكة تقبض الأرواح، كما أن ملكاً أودعها ملك يقبضها، والله ذكره مفرداً فقال سبحانه: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [السجدة:11] وذكره مع أعوانه، فقال جل وعلا: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ [الأنعام:61].

    ختم الله لي ولكم بخير، ورزقني وإياكم الخاتمة الحسنة، والحياة الطيبة، وقبل ذلك العمر المديد المعمور بالعمل الصالح.

    وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756288318