إسلام ويب

الأزمة السكانية والحلول الغائبةللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • قد ينزوي الحق في فترة من الفترات كأنه منهزم، وقد ينتفخ الباطل وينتفش كأنه غالب، إلا أن الحقيقة الكبيرة التي يقررها الله: أن الحق غالب ظاهر، وأن الباطل زاهق زائل. وما الأزمة السكانية التي يتغنى بها الغرب اليوم إلا أزمة مفتعلة ينطوي تحتها حقد دفين على العالم الإسلامي، وخوف شديد من زوال سيادتهم في السنوات القادمة كما قرره خبراء الغرب. وقد عقد الغرب المؤتمرات تلو المؤتمرات لإيجاد حل لهذه المشكلة، إلا أن الجمل تمخض فأولد فأراً، فإذا بها حلولاً تنطوي على عداء سافر، وغيظ شديد على العالم الثالث وأما من خالجه خوف من تزايد العدد السكاني، فإن هناك حلولاً تبدد هذا الخوف، وتبعث فيه الطمأنينة.

    1.   

    الصراع بين الحق والباطل

    بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتُها وكلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، وطبتم جميعاً أيها الأحبة الكرام! وطاب ممشاكم وتبوأتم منزلاً من الجنة، وأسأل الله جل وعلا أن يجمعني وإياكم في هذه الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته، ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله! الأزمة السكانية والحلول الغائبة: هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك، فأعيروني القلوب والأسماع، فإن هذا اللقاء في هذه الأيام بالذات من الأهمية بمكان، وسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم في العناصر التالية: أولاً: صراع بين الحق والباطل. ثانياً: أزمة مفتعلة وحقد دفين. ثالثاً: حلول مقترحة. وأخيراً: الحلول الغائبة. فانتبهوا معي جيداً أيها المسلمون الكرام! وأسال الله جل وعلا -بداية- أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:18]. أولاً: الصراع بين الحق والباطل. أيها الأحبة الكرام! إن الصراع بين الحق والباطل.. بين الإيمان والكفر.. بين الفضيلة والرذيلة.. بين الخير والشر صراع دائم مستمر لا تهدأ معاركه، ولا تخبو جذوته، وقد ينزوي الحقُ في فترة من الفترات كأنه منهزم، وقد ينتفخُ الباطلُ وينتفش في تلك الفترة كأنه غالب، ولكن المؤمنين الصادقين لا يخالجهم الشك أبداً في أنه مهما انتفخ الباطل وانتفش، ومهما بدا للعيان أن الحق ضعيف، لا يخالجهم الشك أبداً في هذه الحقيقة الكبيرة التي يقررها الله جل وعلا بذاته، ويؤكدها بصيغة التوكيد، ألا وهى أن الحق غالب ظاهر، وأن الباطل زاهق زائل. يقول الله عز وجل: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [الإسراء:81]، ويقول الله عز وجل: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [الأنبياء:18]. أقول: تلك حقيقة وسنة ثابتة قامت عليها السموات والأرض وقام عليها أمر المعتقدات والدعوات إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ . أيها الحبيب الكريم! أقدم لموضوعنا اليوم عن الأزمة السكانية والحلول الغائبة التي كثر حولها الجدل في أروقة المؤتمرات والقاعات والمجالس طيلة الأيام الماضية، أقدم لهذه الأزمة -على حد تعبيرهم- بهذه المقدمة الموجزة؛ لأننا نشهدُ الآن مرحلةً من أخطر مراحل الصراع بين الحق والباطل، انتفخ في هذه المرحلة الباطلُ وانتفش، بل وعصفت رياح القنوط واليأس بكثير من قلوب شباب الأمة المخلص المتحمس ويتولى كبر هذه المرحلة من مراحل الصراع العالم الغربي الذي تقدم الآن لقيادة البشرية على حين غفلة من أمة القيادة والحق الذي من أجله خلق الله السموات والأرض والجنة والنار، ومن أجله أنزل الله الكتب وأرسل الله الرسل. يتولى كبر هذه المرحلة العالم الغربي الآن، فلقد شهدنا في هذه الأيام القليلة الماضية هذه الضجة الإعلامية، وهذه الأزمة المفتعلة والتي يسمونها بالأزمة السكانية أو الانفجار السكاني. فانتبه معي أيها الحبيب! لتتعرف على حقيقة هذه الأزمة، وعلى حقيقة هذا الحقد الدفين الذي شاء الله عز وجل أن يظهره لكل غافل، وقد غط طيلة السنوات الماضية في السبات والرقاد. إنها أزمة مفتعلة وحقد دفين!

    أزمة مفتعلة وحقد دفين

    لقد أثار الغرب في الأيام الماضية ضجة إعلامية كبيرة عما يسمونه بالأزمة السكانية أو الانفجار السكاني، إذ تشير وثيقة المؤتمر الدولي للسكان والتنمية أنه بحلول عام (2050) يشير الإسقاطُ المنخفض للأمم المتحدة تعداداً سكانياً عالمياً يبلغ (7.8) بليون نسمة، ويشير الإسقاطُ العالي لخبراء الإسكان في الأمم المتحدة تعداداً سكانياً عالمياً يبلغ (12.5) بليون نسمة، وهذا على حد قولهم! يقولون: وهذه كارثة بكل المقاييس، إذ من المستحيل أن تفي الأرض باحتياجات هذه الأفواه الجائعة! يقولون هذا، وقد نسي هذا الإنسان المتبجحُ المغرور أنه لن يستطيع مؤتمر للسكان على ظهر الأرض أن يحدد السكان على ظهر الأرض إلا بالقدر الذي يريد رازق السكان جل جلاله. ونسي الإنسان المغرور أن من يأتي غداً إلى الحياة إنما سيأتي إلى هذه الحياة بأمر الله لا بأمر الهندسة الوراثية التي عبدها الغرب اليوم في الأرض من دون الله جل وعلا. أما هؤلاء المتبجحون الذين جلسوا على الكراسي ليشرعوا وليقترحوا الحلول العاجلة لتلك الأزمة السكانية، -واضحك معي بملء فمك، فقد جلسوا ليناقشوا ويجادلوا فيمن يأتي إلى الحياة غداً ومن لا يأتي، ومن يُخلق ومن لا يخلق، وهم أنفسهم لا يملكون أن يكونوا بين الأحياء أو الأموات، فالكل راحل رغم أنفه وإن طالت به الحياة! كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص:88] جل جلاله! ولابد أن نعلم -أيها الأحبة الكرام- وأن تستقر هذه الحقائق في قلب كل مسلم أن الغرب ما تحرك في هذه الأيام الماضية لحل هذه الأزمة المفتعلة والتي يسمونها بالأزمة السكانية من أجل سواد عيون الدول النامية، أو حرصاً على شعوبها، أو خوفاً على مطعام أهلها، كلا، فإن الغرب لا يزعجه مطلقاً أن تعيش هذه الأفواه أو أن تموت، بل إنه هو الذي يبيدها كل يوم بهذه الأسلحة الفتاكة المدمرة التي أعدت لتبيد البشرية جمعاء. أيها الأحباب! لا يتورع الغرب كل يوم عن أن يبيد العشرات -أو إن شئت فقل: المئات- بأسلحة الدمار التي اخترعها، بل وبحرمان الدول النامية -التي جاء الغرب اليوم ليتغنى بأنه ما جاء إلا لتنمية مواردها الاقتصادية- من هذا الفائض الكبير في موارده الإنتاجية، ويتعمد أن يلقي بهذا الفائض من تلك الموارد في البحر وهو يرى بعينه الآلاف المؤلفة من أبناء هذه الدول يموتون جوعاً ولا يقدم لهم شيئاً؛ لأنه لا يريد لأهل هذه البلاد الإسلامية أن ترفع رءوسها خفاقة عالية، بل تظل دول العالم الثالث -على حد تعبير الغربيين- قصعة مستباحة لهؤلاء المجرمين والموتورين. لابد أن نعلم يقيناً وأن تستقر هذه الحقائق في قلوبنا: أن الغرب الكافر ما تحرك اليوم لحل المشكلة السكانية في دول العالم الثالث -على حد تعبيرهم- إلا خوفاً على مصالحه، وخوفاً من أن يهتز ميزان القوى العالمية، وأن تتحول السيادة بعد ذلك إلى الشرق المسلم، وهذا الكلام لا أقوله تضميداً للجراح، ولا تسكيناً للآلام، ولا من باب الأحلام الوردية، كلا، ولكنها دراساتهم وأبحاثهم التي تأصل هذه الحقائق التي يغفل عنها المسلمون وحكامهم.

    أهداف الأزمة السكانية المفتعلة

    أيها الأحبة! إن هذه الخلفية العلمية التاريخية التي سأذكرها لكم الآن هي التي تبين خطورة هذه الهجمة الشرسة على العالم الإسلامي؛ لشل نسله ولإيقاف نموه: منذ عدة سنوات وخبراء السياسة والاجتماع يحذرون بشدة من مصير نفوذ أوروبا وأمريكا على مستوى العالم إذا ما استمرت معدلات النمو السكاني -على ما هي عليه الآن- دون ضبط أو تعديل، إذ تشير الدراسات لخبراء السكان في الأمم المتحدة -التي تعبد اليوم في الأرض من دون الله عز وجل- ويقرر خبراؤها أنه بعد انتهاء القرن الحادي والعشرين سيكون في مقابل كل فرد أوربي أو أمريكي ثمانية عشر فرداً من أبناء العالم الثالث وهذه كارثة بكل المقاييس. هذا على حد تعبير مسئول كبير في مركز الأبحاث السكانية الدولية في باريس. فرد واحد أوربي أو أمريكي سيقابله ثمانية عشر فرداً من أبناء العالم الثالث -أي: من أبناء الدول الإسلامية- وهذا على حد تعبيرهم كارثة بكل المقاييس. ويؤكد هذه الحقيقة أيضاً المفكر الألماني الشهير باول شمتز إذ يقول: تشير ظاهرة النمو السكاني في أقطار الشرق الإسلامي إلى احتمال وقوع هزة في ميزان القوى في العالم كله. يقول هذا المفكر الألماني: فإن ما لدى الشعوب الإسلامية من خصوبة بشرية تفوق ما لدى الشعوب الأوربية من هذه الخصوبة البشرية، وهذا الكم الهائل في الإنتاج البشري يهيئ الشرق إلى أن ينقل السلطة من الأوربيين إلى الشرق المسلم في مدة لا تتجاوز بضعة عقود. ويؤكد هذه الحقيقة أيضاً: المفوض السابق لشئون اللاجئين بالأمم المتحدة، إذ يقول: إن الزيادة السكانية المضطردة في دول العالم الثالث في الدول الإفريقية بصفة خاصة تشكل تهديداً أمنياً لجميع الدول الأوروبية بصور مباشرة. ويؤكد هذه الحقيقة أيضاً: مركز الدراسات الإستراتيجية في وزارة الدفاع الأمريكية، فلقد أجرى هذا المركز سلسلة من الدراسات طيلة السنوات الماضية، وانتهت هذه الدراسات إلى هذه الحقيقة المزعجة المرعبة لهم، إذ تقول هذه الدراسات: إن الزيادة المضطردة في النمو السكاني لدول العالم الثالث يهدد بصورة مرعبة المصالح الإستراتيجية الأمريكية بصورة مباشرة. ثم تقول الدراسة: فيجب على الولايات المتحدة أن تبذل الآن جهوداً كثيرة لوقف النمو السكاني للعالم الثالث بقدر ما تبذله الولايات المتحدة من جهود في إنتاج الأسلحة الجديدة المتطورة. هل انتبهت أيها المسلم؟! هل رأيت ما ذكرت لك؟! هذه حقائق يقررها هؤلاء أنفسهم!! إن النمو السكاني يهدد بصورة مباشرة مصالح الغربيين، وهذه أبحاثهم وتلك دراساتهم، ومن ثم فهم لا يهدأ لهم بال ولا يقر لهم الآن قرار، ويبذلون كل المحاولات لوقف هذا النمو السكاني في بلاد العالم الإسلامي لا من أجل سواد عيون هذه البلاد، ولا من أجل التنمية لموارد هذه البلاد -فهذه أضحوكة ضحكوا بها على كثير من المسلمين- ولا لمصلحة شعوبنا، ولا حرصاً على عافيتنا -لا ورب الكعبة!- بل ما جاءوا إلا خوفاً من اهتزاز ميزان القوى العالمية لصالح البلدان الإسلامية التي تتمتع الآن بخصوبة بشرية كبيرة. ومن ثم -أيها الأحبة الكرام- جاءت هذه الحملة الإعلامية تحت هذا الغطاء الذي يسمونه بـ(الأمم المتحدة) في هذا المؤتمر وقرر فيه المعونات الكبيرة لتحديد النسل بصورة خاصة في البلاد التي تشكو من كثرة عدد النسل، بل وحتى في البلاد التي تشكو من قلة النسل كسوريا، والعراق، والأردن، ولبنان، والسودان، ولم ينس الغرب هذه البلاد من هذه المعونات لوقف النسل وللحد من النمو السكاني، مع أن هذه الدول تشكو أصلاً من قلة عدد السكان، ومن ثم فهم لا يتورعون الآن من سن أي تشريع وأي قانون يصلون من خلاله لوقف هذا الزحف الهائل للنمو السكاني في بلاد العالم الثالث على حد تعبيرهم. وهذه الخلفية التي ذكرت لابد منها؛ لكي نفهم مراد هذه الصولة وهذا الإعلام الذي يشن من خلاله الآن تلك الحملة على النمو السكاني في بلاد العالم الإسلامي.

    الحلول المقترحة من المؤتمرات الغربية لحل الأزمة

    أيها الأحبة! ومن ثم جاءت الحلول المقترحة -وهي تضحك وتبكي في آن واحد، وهي: أولاً: خرج علينا جراح كبير في لندن يقترح حلاً جذرياً لمشكلة الانفجار السكاني، إذ يقول هذا العبقري الفذ: إنني أقترح حلاً لمشكلة الانفجار السكاني وهو تخليق فيروس عن طريق الهندسة الوراثية يصيب الرجال والنساء بالعقم جميعاً! ثم يقول هذا العبقري: وحتى نهتدي لتخليق هذا الفيروس يجب أن نعلن أنه لا يجوز لأحد أن ينجب إلا بتصريح رسمي من وزارة الصحة، وإذا تعدى واحد من الناس وأنجب بدون صك غفران من وزارة الصحة، يجب أن يعاقب وأن يحرم من التأمين الصحي، وأن تفرض عليه غرامة كبيرة. يقول: فإن تجاوز هذه العقوبات وأنجب بعد ذلك يجب أن يسجن وأن يعامل معاملة الشخصيات الخطرة!! ويخرج علينا عبقري آخر من جامعة (استانفورد) بأمريكا، يقول: إنني أقترح لحل المشكلة السكانية، أن يخلط القمح الذي يصدر إلى دول العالم الثالث بالعقاقير الطبية التي تمنع الحمل. وكأن هذه البلاد في نظر هذا الوقح وأمثاله مزرعة للدواجن أو حظيرة لفئران التجارب سبحان الله العظيم!. واقترح بعض المؤتمرين -إلا أن البعض الآخر قد اعترض على هذا الاقتراح- لحل المشكلة السكانية: الإجهاض، وممن اعترض أبناء الوفود الإسلامية التي شاركت في مثل هذا المؤتمر؛ لأنها قضية محسومة في شريعتنا وفي ديننا، ولست الآن بصدد بيان الحكم الشرعي في تلك المسألة الخطيرة. لكنه الإنسان في غلوائه ضلت بصيرته فجن جنونا ويحي لمنتحر كأن بنفسه من نفسه حقد الحقود دفينا اعتد أسلحة الدمار فما رعت طفلاً ولا امرأة ولا مسكينا واليوم مد يديه للأرحام تو تلعان منها مضغة وجنينا قد صيغ من نور وطين فانبرى للنور يطفئه ولبى الطينا ما أضيع الإنسان مهما قد رقى سبل العلوم إذا أضاع الدينا فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طه:123-127]. أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:97-99]. واقترح المؤتمر اقتراحاً رابعاً وهو: تأخير سن الزواج، ولابد أن نعلم بداهة أن هذا الاقتراح إنما يفتح المجال بمصراعيه للبدائل الأخرى من الجنس الآخر، وليس هذا تعسفاً مني، وإنما قد صرحت الوثيقة للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية بهذا، وهي عندي لمن أراد أن يطالعها، فقد قالت الوثيقة في الفصل الخامس في الصفحة رقم (30): ينبغي على الحكومات أن تتخذ الإجراءات الفعالة للقضاء على جميع أشكال الإكراه والتمييز في السياسات والممارسات التي تتعلق بالزواج أو بأشكال الاقتران الأخرى. اهـ والزواج معروف والحمد لله، لكن أشكال الاقتران الأخرى هي: زواجُ الرجل بالرجل، وزواج المرأة بالمرأة، وهذا يقطع النسل من أقصر طريق، ويؤدي إلى عدم التكاثر الجنسي. هذه بعض المقترحات التي اقترحها المقترحون لوقف نمو سكان العالم الإسلامي، ونسي هؤلاء الذين شاء الله أن يفضحهم على رءوس الأشهاد في الدنيا قبل الآخرة إن لم يتوبوا ويعودوا إلى منهج الله عز وجل، وأن يتعرف العالم على سفاهة عقول القلة المترفة التي تحكم وتقود العالم بأسره الآن، -نسي هؤلاء بعمد مفضوح أن المنجم الحقيقي للتنمية هو الإنسان، وليست المشكلة في الكثافة السكانية، ولا في قلة الموارد، كذبوا ورب الكعبة! إننا نرى الآن دولاً تسقط ثمارها الناضجة من غير فعل الإنسان على الأرض، ولا تجد من يأكلها! ففي بلاد السودان أكثر من سبعين مليون فداناً صالحاً للزراعة -سبحان الله!- ولا تجد هذه الأرض من يزرعها، بل ولا من يأكل ثمارها.. في العراق.. في سوريا.. في الأردن.. في لبنان.. ليست المشكلة في قلة الموارد وليست المشكلة في الكثافة السكانية، ولكن المشكلة في حكام متسلطين، وفي سياسات ديمقراطية مدمرة، وفيروس قاتل يدمر الموارد، ويبدد الطاقات فيما لا جدوى من ورائه ولا طائل منه. إنه التكاسل عن استثمار هذه الموارد واستغلالها! إنه الروتين القاتل! إنه غلق أبواب الإبداع والابتكار أمام هذه الطاقات الإنسانية الهائلة. ليست الكثافة السكانية هي المشكلة، بل إن أرض الله عز وجل واسعة، أمدها الله عز وجل بالخيرات، ولكنه تقاعس الإنسان، بل وإن شئت فقل: ظلم الإنسان، فها نحن نرى فائضاً في الموارد عند بعض الدول الغنية المترفة، ترمي به في البحر في كل عام، ولا تمد يد المعونة والمساعدة للدول الإسلامية التي جاء الغرب اليوم ليتغنى بأنه ما جاء إلا حرصاً على عافية شعوبها وتنمية مواردها. وأمامنا بعض الأمثلة تستحق الدراسة بعناية فائقة: اليابان -مثلاً- كدولة من الدول، يزيد عددُ سكانها عن مائة وعشرين مليوناً، ومع هذا فإن عدد السكان يعيشون على مساحة تقل عن مساحة أرض مصر، وبالرغم من هذا نرى فائضاً في الإنتاج، بل نرى فائضاً يفوق الفائض الأمريكي، بل وأصبحت أمريكا الآن تلوح بالتهديد المباشر -كما في الأيام والأشهر الماضية- لليابان إذا لم تفتح أسواقها أمام المنتجات الأمريكية. اليابان لا تملك البترول، ولا تملك الحديد، ولا تملك الفحم، ومع هذا فهي من أغنى دول العالم اليوم؛ لأنها تملك أغلى كنز ألا وهو الإنسان. استغلت هذا الإنسان استغلالاً علمياً مركزاً منظماً، فوصل الإنسان الياباني إلى ما نراه الآن، حتى أنه من آخر ما وصلوا إليه أنهم صنعوا مصعداً -الأصنصير- بالصوت -يستجيب بالصوت- دون أن تضغط على زر كهربائي أو غيره، فإذا ما جلست فيه تستطيع أن ترسل إشارة صوتية إلى هذا المصعد فينزل إليك في الحال. قالوا: وإذا كان هناك من هو أعلى ينادي ومن هو أسفل ينادي واضطربت الأصوات فحينئذٍ يبرمج هذا المصعد بأن لا ينزل إلا على من نادى عليه أولاً! سبحان ربي العظيم! إنه الإنسان الذي خلقه الله جل جلاله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون:12-14] إنه الإنسان! ومثل هذه التجربة تقال أيضاً عن هونج كونج.. سنغافورة.. كوريا.. عن هذه النمور الأسيوية التي بدأت الآن في الانطلاق. إذاً يا سادة! المشكلة لا تتمثل في كثافة السكان كما ادعى هؤلاء، ولا تتمثل في قلة الموارد التي وهب الله الأرض بها، وإنما تتمثل في سوء التوزيع وسوء الاستغلال في هذه الموارد، وعلى سبيل المثال: ففي مصرنا يعيش أكثر من (97.7) من مجموع السكان في شريط ضيق في وادي الدلتا والنيل ويحتشدون فيه احتشاداً رهيباً، وبقية المساحة التي تصل إلى مليون كيلو متر مربع، والتي يغلب عليها الطابع الصحراوي، إذ تمثل الصحراء من مجموع المساحة الكلية (96%)، وبالرغم من هذا لا يسكن هذه المساحة بأكملها إلا (671) ألف نسمة! والملايين المملينة الأخرى تحتشد إحتشاداً رهيباً في وادي الدلتا والنيل. إنه سوء توزيع وسوء استثمار، ومع هذا فإن هذه المشكلة لا تستلفت الأنظار ولا الانتباه، بقدر ما توجهت الاهتمامات لمشروع الحد من النسل أو تنظيم النسل. أيها الأحبة الكرام! القضية لا تتمثل في كثافة السكان ولا في قلة الموارد، ومن ثم نعرض سريعاً في العنصر الأخير من عناصر هذا اللقاء الحلول المقترحة ينبغي أن تسمع من الإسلاميين، وأسأل الله جل وعلا أن يوفقنا جميعاً إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يتقبل منا وإياكم جميعاً صالح الأعمال.

    1.   

    الحلول الغائبة

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الأحبة! سامحوني على هذه الإطالة المتعمدة بمثل هذه المعلومات، فربما ظن بعض الأحبة أنه لم يكن هناك داعٍ على الإطلاق لأن نخصص جمعة كاملة لمثل هذا الموضوع، ولكنني أخالفه شكلاً وموضوعاً، فإن هذه القضايا لابد أن تستقر في عقولنا وقلوبنا؛ وحتى نستطيع أن نفهم فهماً دقيقاً، وأن نعي وعياً عميقاً حجم هذه المؤامرة الشرسة، وخطورة هذه المرحلة الراهنة من مراحل الصراع. هذا هو البعد الحقيقي والحجم الطبيعي لقضية تحديد النسل، ولابد لكل مسلم أن يعيه وأن يعرفه وأن يلم به إلماماً.

    التيقن أن الرزاق هو الله

    وأخيراً: نقترح نحن هذه الحلول: أولاً: كنا نود أن نقول لتلك الجمهرة من جميع أنحاء العالم أنهم قد نسوا حقيقة كبيرة تسمى بالرزاق ذو القوة المتين. إنها حقيقة تملأ قلب كل موحد، الرزاق الذي تكفل بأرزاق العباد والدواب على ظهر هذه الأرض، وأوجب على نفسه -اختياراً منه سبحانه- رزق كل دابة تدب على سطح الأرض، فقال جل وعلا: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6]. أيها الحبيب الكريم! هذه الدواب التي لا يحصيها علم ولا يلم بها إحصاء بشري رزقها على ربي جل وعلا، أوجب الله على نفسه ذلك اختياراً منه سبحانه. وأنا أقول: إذا كان ربنا يرزق الكفار أينسى من وحدوا العزيز الغفار؟! إنه الرزاق ذو القوة المتين! وانظر معي وتدبر معي هذه اللفتة القرآنية اللطيفة، إذ يقول الله سبحانه وتعالى: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ [الذاريات:22-23]. الرزق في السماء مع أن الأسباب الظاهرة لأرزاقنا في الأرض! ولكن الله جل وعلا يريد أن يلفت القلوب النقية والعقول الذكية إلى وجوب الأخذ بالأسباب في هذه الأرض، والتيقن أن الأسباب وحدها لا تضر ولا تنفع، ولا ترزق ولا تمنع، إلا بأمر مسبب الأسباب جل جلاله. فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ . واسمع إلى هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه: (أنه صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم)، من الذي يطعم هذه الأفواه؟! ليس الشرق الملحد وليس الغرب الكافر يا حكام المسلمين! لا يطعم هذه الأفواه إلا خالقها جل جلاله: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14]. لا تخشوا فقد معونة شرقية ولا معونة غربية، فإن الذي يرزق الشرق الملحد والغرب الكافر هو الله، أفيرزق الله الكفار وينسى من وحدوا العزيز الغفار؟! (يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه). وتدبر معي هذا الحديث المبارك الذي رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري في كتاب التوحيد من حديث أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن يمين الله ملأى لا تغيظها نفقة -أي: لا تنقصها النفقة- سحاء الليل والنهار). ما أنفقه ربكم منذ خلق السموات والأرض لم ينقص ما في يمينه جل وعلا. إذاً: أيها الأحبة! إننا نرفع رءوسنا وإن ضحك العلمانيون بملء أفواههم وقالوا: انظروا لهذا الدرويش الذي جاء يقترح علينا حلاً للمشكلة والأزمة السكانية، ويتمثل اقتراحه وحله في كلمة اسمها: (الرزاق)، بل وربما تأتي الجرائد على صفحاتها الأولى وتحكي قصة هذا الرجل البدائي الذي جاء ليحل هذه الأزمة باسم الرزاق، ومع هذا فإننا نؤمن بهذه الحقيقة بقدر ما يكذب بها العلمانيون . وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ [الذاريات:22-23]، واسمحوا لي أن أكرر عن عمد قصة تلك البنت التقية بنت حاتم الأصم رحمه الله تعالى الذي أراد أن يحج بيت الله الحرام يوماً من الأيام، فجمع أبناءه وقال: إني ذاهب لحج بيت الله، فقال الأولاد: ومن يأتينا بطعامنا وشرابنا؟ فقالت بنت من بناته: يا أبتِ! اذهب لحج بيت الله فإنك لست برازق، وانطلق الرجل، وبعد أيام قليلة انتهى الطعام في بيت حاتم الأصم، وانطلقت الأم لتأنب هذه الفتاة التقية النقية، وسرعان ما عرفت الفتاة الحل والعلاج، فخلت هذه الفتاة بنفسها لترفع شكواها إلى الرزاق ذي القوة المتين، إلى من يسمع دبيب النملة السوداء تحت الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، وفي هذا الوقت كان أمير البلدة يمر على الرعية ليتفقد أحوالهم، وأمام باب حاتم الأصم أحس بعطش شديد، فقال الأمير: ائتوني بكوب من الماء، فدخل شرطي من الشرطة على بيت حاتم الأصم وهو أقرب باب، فأحضروا كوباً نظيفاً وماءً بارداً، فلما شرب الأمير قال: بيت من هذا؟ قالوا: بيت حاتم الأصم ، قال: هذا العبد الصالح؟ قالوا: نعم. قال: الحمد لله الذي سقانا من بيوت الصالحين، أين هو لنسلم عليه؟ فقالوا: ذهب لحج بيت الله الحرام، فقال الأمير: إذاً حق علينا أن نكافئ أهل بيته في غيبته. لقد استجاب الله دعاء الفتاة في الحال أليس ربك هو القائل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]. استجاب الله دعاءها، فأرسل الأمير بكيس مملوء بالذهب وألقاه في بيت حاتم الأصم ، ولكن الرزاق أراد الزيادة، فالتفت الأمير إلى الشرطة من حوله، وقال: من أحبني فليصنع صنيعي، ومن أحبه ومن لم يحبه فسوف يلقي ما معه من مال لعل الله أن يكرمه في أول تشكيل وزاري ليصبح وزيراً، فألقى كل شرطي ما معه من الأموال وامتلأ بيت حاتم بالذهب ودخلت الفتاة التقية النقية تبكي، فدخلت عليها أمها وإخوانها يقولون لها: تعالي! لماذا البكاء؟ لقد امتلأ بيتنا بالذهب وأصبحنا أغنى الناس في البلدة، فنظرت إليهم الفتاة التقية المؤمنة وقالت: لقد نظر إلينا مخلوق نظرة فاغتنينا، فكيف لو نظر الخالق إلينا؟! إنه الرزاق ذو القوة المتين الذي قال وقوله الحق: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

    التقوى

    ثانياً: الإيمانُ والتقوى: فليضحك العلمانيون بملء أفواههم، فإن الإيمان والتقوى من أعظم الأسباب لحل المشكلة السكانية. كيف ذلك؟ اسمع إلى الحق سبحانه: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الأعراف:96] هذه حقيقية أيضاً، وينبغي أن تستقر حقيقة الإيمان في قلوبنا، وأن نحقق التقوى لربنا جل وعلا.

    الاستغفار

    ثالثاً: الاستغفار: ما علاقة الاستغفار بالمشكلة السكانية؟ إنه مفتاح حلها! كيف ذلك؟ اسمع إلى الحق سبحانه وهو يقول حكاية عن نبيه نوح عليه السلام: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ [نوح:10-12] بأموال لا يحتاجون بعدها إلى المرابي الأكبر -صندوق النقد الدولي- ولن تخشوا بعدها قطع معونة شرقية ولا غربية، فاستغفروا ربكم جل في علاه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا [نوح:10]. ما هي النتيجة؟ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا [نوح:11-13]. ما لكم لا توحدون الله حق توحيده؟ ولا تعبدون الله حق عبادته، ولا تجلون الله حق جلاله، ولا تقدرون الله حق قدره سبحانه؟ مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا [نوح:13].

    الاستغلال الأمثل للموارد

    رابعاً: الاستغلال الأمثل للموارد بالعدالة في التوزيع، وبكسر الحاجز الجغرافي والنفسي الذي وضعه الاستعمار بين شعوب العالم الإسلامي؛ لتكون خطوة أولى على طريق التكافل والتكامل، لاسيما ونحن نعيش الآن عصراً يسمى بعصر التكتلات، ولا أريد أن أتوقف طويلاً -أيها الأحبة- ولكن هذا ما ندين الله عز وجل به في هذه المشكلة الخطيرة وهذه الأزمة السكانية الكبيرة التي يعاني منها الغرب ويتغنون بها في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة طيلة الأشهر الماضية. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرد الأمة إليه رداً جميلاً. اللهم رد الأمة إليك رداً جميلاً.. اللهم رد الأمة إليك رداً جميلاً.. اللهم رد الأمة إليك رداً جميلاً.. اللهم خذ بنواصينا إليك! اللهم خذ بنواصينا إليك.. اللهم عجل بالقائد الرباني الذي يحكم الأمة بكتابك وبسنة نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم. اللهم استرنا ولا تفضحنا وأكرمنا ولا تهنا، وكن لنا ولا تكن علينا! اللهم وسع أرزاقنا.. اللهم وسع أرزاقنا.. اللهم ارزقنا الحلال الطيب وبارك لنا فيه، وابعد عنا الحرام وإن كان كثيراً يا أرحم الراحمين. اللهم احصن نساءنا وبارك في أولادنا، واجعلهم قرة عين لنا في الدنيا والآخرة. اللهم بقدرتك ورحمتك أطعم المسلمين الجياع، واكس المسلمين العراة. اللهم أطعم المسلمين الجياع.. اللهم أطعم المسلمين الجياع.. اللهم اكس المسلمين العراة.. اللهم اكس المسلمين العراة.. اللهم احمل المسلمين الحفاة بقدرتك ورحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم استرنا ولا تفضحنا.. وأكرمنا ولا تهنا وكن لنا ولا تكن علينا! اللهم بقدرتك وعظيم رحمتك ارفع عن مصرنا الغلاء والبلاء! اللهم ارفع عن مصر الغلاء والبلاء.. اللهم ارفع عن مصر الغلاء والبلاء والفتن والوباء.. اللهم اجعل مصر واحة للأمن والأمان.. واحة للرخاء والاستقرار.. اللهم وسع أرزاق شعبها.. اللهم وسع أرزاق أهلها.. اللهم وسع أرزاق أهلها.. اللهم! اجعل مصر سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، أنت ولي ذلك والقادر عليه! إلهنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وارفع اللهم مقتك وغضبك عنا.. اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا.. اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا! اللهم إنا ضعاف فقونا.. اللهم اجبر كسر قلوبنا، واغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، وآمن روعاتنا، واكشف همومنا، وأزل غمومنا، وفرج كروبنا، يا غياث المستغيثين! ويا مجيب المضطرين.. يا غياث المستغيثين! ويا مجيب المضطرين.. يا غياث المستغيثين! ويا مجيب المضطرين.. ويا كاشف هم المهمومين! ويا مفرج كرب المكروبين! ويا مفرج كرب المكروبين! يا ودود يا ودود! يا ودود يا ودود! يا ودود يا ودود! يا ذا العرش المجيد! يا فعال لما يرد! يا من ملأ نوره أركان عرشه! يا مغيث المستغيثين! ويا مجيب المضطرين! ويا مفرج كرب المكروبين! يا منقذ الغرقى! ويا منجي الهلكى! ويا سامع كل نجوى! يا عظيم الإحسان! ويا دائم المعروف! إن أردت بالناس فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين ولا مفرطين، ولا مضيعين ولا مبدلين ولا مغيرين! اللهم إنا نعوذ بك من الذنب بعد العطاء.. اللهم إنا نعوذ بك من الذنب بعد العطاء.. اللهم إنا نعوذ بك من الذنب بعد العطاء.. اللهم اقبلنا وتقبل منا، وتب علينا وارحمنا، إنك أنت التواب الرحيم! أحبتي في الله! هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى به في جهنم، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755896809