إسلام ويب

شرح لمعة الاعتقاد [12]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • مما يتعلق بالإيمان باليوم الآخر: الإيمان بأشراط الساعة، أي: علاماتها التي تكون قبل قيامها، وهي تنقسم إلى: صغرى وكبرى، فالصغرى تظهر قبل قيام الساعة بوقت طويل، وقد ظهر كثير منها، وأما الكبرى فلا تظهر إلا قرب قيام الساعة، وهي: خروج الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها.

    1.   

    الإيمان بأشراط الساعة

    قال الموفق رحمه الله: [ومن ذلك أشراط الساعة] .

    التسمية بأشراط الساعة ثابتة في كلام الله سبحانه وتعالى ، وقد قسم أهل العلم أشراط الساعة إلى: كبرى وصغرى وهذا تقسيم واسع، ولكنه ليس بالضرورة أن يكون تقسيماً مقصوداً لذاته، فإنه قد يتعذر على كثيرين التمييز بين العلامات الصغرى من العلامات الكبرى، فإذا اعتبروا ذلك بالزمان أشكل، وإذا اعتبروا ذلك بالماهية أشكل ربطه... إلخ.

    فإذا قلت: إن هذه الآيات منها ما هو آيات كبرى، ومنها ما هو آيات دون ذلك، فهذا لا بأس به، وأما التزام التعيين بأن المتقدم هي العلامات الصغرى والمتأخر هي العلامات الكبرى، فهذا ليس صحيحاً، فإنها لا تقاس بالزمان، والنبي صلى الله عليه وسلم بعث بين يدي الساعة كما ثبت عنه ذلك في الصحيح، قال: (بعثت أنا والساعة كهاتين)، وفي لفظ الترمذي : (بعثت أنا والساعة نستبق، كادت أن تسبقني فسبقتها).

    الإيمان بخروج الدجال

    قال الموفق رحمه الله: [مثل خروج الدجال] .

    الدجال: هو كافر من الكفار من ولد آدم، وليس كما يزعم بعض أهل البدع أنه مخلوق مختص، بل هو من ولد آدم جعل الله له هذا المعنى الذي يصير إليه من فتنة الناس.

    وقد أشكل أمر الدجال في ابتداء الأمر على جملة من الصحابة، واطرد هذا الإشكال على كثير من أهل العلم بخصوص ابن صياد ، وقد كان رجلاً من اليهود، حتى أن عمر بن الخطاب ظن أنه هو الدجال، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم كذاباً وأفاكاً، والذي عليه الجمهور وهو الصواب: أن ابن صياد لم يكن هو الدجال المراد بآخر الزمان، وإنما كان منافقاً كذاباً، وقد أظهر الإسلام -كما في حديث أبي سعيد الخدري في الصحيح- ولكن لم يكن صادق الديانة، بل كان من المنافقين وعلى دين أهل الكتاب.

    الإيمان بنزول عيسى عليه السلام

    قال الموفق رحمه الله: [ونزول عيسى بن مريم عليه السلام فيقتله] .

    عيسى عليه الصلاة والسلام هو من أولي العزم من الرسل، رفعه الله إليه ولم يمت، بل رفع إلى السماء الثانية؛ ولهذا لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم رأى عيسى في السماء الثانية ومعه يحيى بن زكريا، ولهذا قال: أو قال: (رأيت ابني الخالة: عيسى ويحيى). وهذه هي عقيدة المسلمين في عيسى عليه السلام ، خلافاً لعقيدة اليهود والنصارى.

    هذا النبي الكريم ينزل آخر الزمان بعد خروج الدجال، فيقتل الدجال ويحكم في المسلمين بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم وسنته، ولقد جاءت قصة نزول عيسى في الصحاح، وفي صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان في سياق طويل ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه الدجال، وأنه يخرج ويمكث في الأرض أربعين يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، وأنه أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية... إلى آخر ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الدجال.

    فينزل عيسى عليه الصلاة والسلام فيتبع الدجال فيقتله في فلسطين، وكان نزول عيسى عليه الصلاة والسلام في دمشق كما في حديث النواس بن سمعان قال: (فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهربتين، واضعاً يديه على أجنحة ملكين، كأن رأسه يقطر ماءً، إذا طأطأ رأسه تحدر منه جمان كاللؤلؤ)وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صفة موسى وعيسى فيما جاء عنه في الصحيحين وغيرهما.

    الإيمان بخروج يأجوج ومأجوج

    قال الموفق رحمه الله: [وخروج يأجوج ومأجوج] .

    قيل: إنهم ليسوا من بني آدم، وهذا قول ضعيف، والذي عليه الجمهور أنهم من بني آدم، وهم من أمم الكفر كثيرو النسل، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين عن أبي سعيد : (يقول الله: يا آدم! أخرج بعث النار. قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة، فاشتد ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقالوا: أينا ذلك الرجل؟! قال: أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج ألفاً ومنكم رجل).

    وقد اشتغل بعض المتأخرين في تعيينهم، فبعضهم ذكر أنهم أهل الصين، وهذا من التكلف، فليس المقصود أن يعينوا بمقام أو بزمان معين، إنما الذي ينبغي أن يعرف أنهم قوم من بني آدم من الكفار، وهم موجودون، والدليل على وجودهم ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وأشار إلى السبابة وحلقها).

    لكن إذا قيل: هؤلاء قوم كثر فأين هم الآن؟

    قيل: لا يلزم أنهم قبل ميعاد خروجهم على هذا الحد من الكثرة، فإن خروجهم في آخر الزمان، ولربما أنه في آخر الزمان يهلك كثير من الناس ويكثر هؤلاء القوم ويكثر نسلهم، ثم يكون خروجهم.

    وإذا قال قائل: نحن الآن في آخر الزمان وليسوا هم الأكثر، إلا إذا فسرناهم بأجناس الكفار من النصارى في أوروبا وأمريكا، كما ذهب إلى ذلك بعض المعاصرين؛ فهذا أيضاً ليس بصحيح، وأقل ما يقال فيه: إنه قول بلا علم، فإن هؤلاء الكفار من النصارى واليهود لا يظهر من النصوص أنهم هم الذين يرادون بذلك.

    وإذا قيل: هم في آخر الزمان، فأين هم وأين كثرتهم؟

    قيل: وما يدريك أنك في آخر الزمان الذي معناه أنك بين يدي سنوات على قيام الساعة أو على خروجهم، أما إذا أريد بآخر الزمان، أن هذا الأمة في آخر الزمان فنبيها يقول: (بعثت أنا والساعة نستبق) فالنبي عليه الصلاة والسلام كان في آخر الزمان، أي في أيام الله التي قضاها لعباده في هذه الأرض قبل اليوم الآخر الذي يجمع فيه الناس.

    ولذلك لا يصح أن يقال: إن الفتن بين أيدينا، وانتظروا خروج الدجال، وانتظروا خروج يأجوج ومأجوج.. وليس المقصود أن نقول: إنها بعيدة، وإنما المقصود أن يقال: الله أعلم، ولا يجوز أن يظن أن الأمور بين يديه، كما لا يجوز أن يظن عكسه، إنما الذي يجب أن يقال: الله أعلم.

    وقد يقع هذا حتى من بعض أهل العلم، ففي القرن التاسع قال بعضهم: إن بين يديهم المهدي، وظنوا أن المهدي هو الذي يختم القرن العاشر، وأن الأمة لن تتجاوز القرن العاشر، ثم سلفت الأمة بعدهم ما يقارب الخمسة قرون.

    وأحياناً يصنف بعضهم كتاباً في مثل هذه المسألة الغيبية، مثل من يستدل بحديث ابن عمر الثابت في البخاري وغيره لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أوتي أهل التوراة التوراة، فعملوا إلى نصف النهار، ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل، فعملوا إلى صلاة العصر، ثم أوتينا القرآن إلى غروب الشمس) فبدءوا يقارنون: كم مدة اليهود، وكم مدة النصارى، وكم ما بين العصر وغروب الشمس؟ فتحصل من هذا أن هذه الأمة بقي عليها كذا من السنوات... هذا كله من السفسطة والجهل والتعدي على أحكام الله، والساعة لا يعلم موعدها إلا الله سبحانه وتعالى.

    إذاً.. هذه الأمور لا ينبغي أن يتقدم فيها بين يدي الله ورسوله.. هذه جهة.

    الجهة الثانية: ما الفائدة من هذه الفروضات؟ فمن يسأل عن المهدي: ما الذي هل سيأتي بجديد؟

    هذه المسائل ليس عند الناس إلا قال الله، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذا الكتاب محفوظ بحفظ الله له، وكذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أصلها لا بد أنها محفوظة.

    فإذاً: الناس ليسوا محتاجين إلى أن ينتظروا أحداً قادماً، وهذه الأمة لم يرد لها الله ولا حتى غيرها من الأمم أنها تنتظر موعوداً، بل انتظار الموعود من البدع التي أدخلت على المسلمين عند بعض طوائفهم، فجاءوا ببدعة الانتظار لبعض أوليائهم وأئمتهم.

    الإيمان بخروج الدابة

    قال الموفق رحمه الله: [وخروج الدابة] .

    هي دابة خلقها الله تعالى، وهي من أمارات الساعة الكبرى، تكتب في جبين من أدركته: إما مسلماً أو مؤمناً وإما كافراً، فالناس يهربون منها فيصيرون إليها، ولم يذكر لها النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا الاختصاص.

    الإيمان بطلوع الشمس من مغربها

    قال الموفق رحمه الله: [وطلوع الشمس من مغربها وأشباه ذلك مما صح به النقل] .

    الشمس تطلع من مشرقها، وإذا جاء ميعادها خرجت من مغربها، وحينئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756016009