إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (926)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم الحيل في الشرع

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المسمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من الباكستان، عندنا في باكستان بعض أشياء قد كثر فيها الخلاف والشقاق ومنها: ما يسمى حيلة الإسقاط، تفعل للميت قبل دفنه لإسقاط ما عليه من الواجبات، يعطى مبلغ من المال فيدار في دائرة تتضمن عصبة من الفقراء يأخذه هذا ويهبه لهذا ثم هذا إلى هذا وهكذا إلى أن يتم العمل، ويستدلون لجواز هذه الحيلة: إن الحيل مطلقها جائز صحيح أجازه الكتاب والسنة، ويمثلون لذلك بقصة أيوب عليه السلام في أمر الله عز وجل له بالضرب بالضغث تحلة له عن يمينه وأمثال هذه القصة أشياء أخرى يقولون: فبناءً على هذا: الحيلة إذا فعلت لغرض صحيح من غير أن يحل بها حرام أو يحرم بها حلال فإنها تكون جائزة، وكما في نظائرها من الكتاب والسنة.

    والمرجو من سماحتكم الإفادة عن جميع نواحي هذه المسألة كتاباً وسنة ودراية، مبيناً شأن الاستدلال بالعموميات أو المطلقات على الموارد الخاصة الجزئية كما في هذه المسألة؟ جزاكم الله تعالى خيرا، المتمني لكم عافية دائمة وعيشة راضية وحياة طيبة مباركة، نظام الدين عبد الحنان .

    الجواب: الحيل التي يتوصل بها إلى إسقاط واجب أو فعل محرم محرمة؛ لأن الوسائل لها حكم الغايات، قد حرم الله جل وعلا كل ذريعة إلى محرم وكل ذريعة إلى إسقاط الواجب، فلا يجوز لمسلم أن يفعل حيلة تسقط عنه واجب الزكاة أو واجب الصيام، أو واجب الحج أو غير ذلك، بل يجب عليه أن يأتي الأمور من أبوابها وأن يؤدي ما أوجب الله عليه ويدع ما حرم الله عليه، وأن لا يتحيل في شيء من ذلك، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل) وقد احتال أهل السبت لما حرم الله عليهم الصيد يوم السبت من بني إسرائيل احتالوا فنصبوا الشباك يوم الجمعة وأخذوا الصيود يوم الأحد وقالوا: ما صدنا يوم السبت، فلم يعذرهم الله بذلك، فدل ذلك على أن الحيل التي تسقط الواجبات أو تفضي إلى المحرمات محرمة، أما حيلة جعلها الله حيلة وشرعها حيلة فلا بأس بها كما جعل البيع سبباً لأخذك مال أخيك برضاه والانتفاع به بالبيع الشرعي، وهكذا الهبة الشرعية، وهكذا المواريث، فالأسباب التي شرعها الله وجعلها حيلة لإيصال المرء إلى حاجته لا بأس بها، فكل حيلة شرعها الله وأباحها لعباده فلا بأس، أما حيل يتوصل بها إلى إسقاط الواجب أو إلى المحرم من دون إذن من الشارع فهذا لا يجوز لا في الزكاة ولا في غيرها، والله المستعان.

    1.   

    التحذير من الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ومن الأعمال التي يفعلها الصوفية ظناً منهم أنها طاعة لله

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من الجمهورية العربية السورية وباعثها أخ لنا من هناك يقول محمد جاسم بن حمد الصالح ، أخونا له تسعة أسئلة يرجو في صدر رسالته أن نعرضها جميعاً في حلقة واحدة عسى أن نتمكن من هذا يا أخي! رغم أنه مخالفة لمنهج البرنامج.

    يسأل أولاً سماحة الشيخ ويقول: هناك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم) وعدة أحاديث أخرى من هذا النمط: لا تعظموني، لا تمدحوني، ولكن السؤال هو: يوجد الكثير من الناس الذين ينشئون الزوايا يقومون بالذكر والمديح ويرقصون ويطرقون على الدفوف ويغمى على بعضهم ويضربون أنفسهم بالسيوط ويلقون أنفسهم في النار، ويأكلون الزجاج ويقولون: هذه أعمال تقربنا من الله ورسوله، ولكن هل لهذه الأعمال صلة في الدين؟ مع العلم أن هناك أناساً في الهند والصين واليابان وليسوا مسلمين يقومون بهذه الأعمال، أفيدونا عن هذه المسألة جزاكم الله خيرا.

    الجواب: أما الحديث فهو صحيح رواه البخاري في الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله) ومعناه: لا تزيدوا في مدحي لا تمدحوني بغير الحق، كأن يقال: إنه يعلم الغيب، أو أنه يعبد من دون الله أو أنه ينقذ أقاربه من النار ولو كفروا.. أو ما أشبه ذلك، (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله) ومن الإطراء ما فعله صاحب البردة، حيث قال:

    يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم

    إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم

    فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم

    هذا من أقبح الغلو؛ لأنها كفر أكبر، فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم هو المنقذ يوم القيامة، وأنه لا ملاذ للناس إلا هو عليه الصلاة والسلام، وأنه يعلم الغيب، ويعلم ما في اللوح والقلم، وأن الدنيا الآخرة من جوده كل هذا ضلال، وكفر والعياذ بالله، كذلك من قال في حقه عليه الصلاة والسلام: إنه يدعى ويستغاث به ويتقرب إليه بالذبائح والنذور هذا غلو، وإطراء زائد لا يجوز، بل هذا هو الشرك الأكبر حق الله لا يعطى لغيره حق الله العبادة، لا يعطاها النبي ولا غير النبي عليه الصلاة والسلام.

    وأما هذه الأعمال التي يفعلها الصوفية من الرقص والأغاني وطعن بعضهم بالرماح والسيوف وما أشبه ذلك من أعمالهم الخبيثة، هذه بدع أحدثها الصوفية لا أساس لها بل هي من المنكرات، والواجب تركها ونهيهم عنها وتحذيرهم منها وعدم مجالستهم وعدم اتخاذهم أصحاباً؛ لأنهم افتروا على الله في هذا وكذبوا عليه في زعمهم أن هذا دين وأنه قربة، فليس ضرب الدفوف والأغاني واستعمال ضرب السيوف أو الخناجر أو السكاكين أو الأشعار المخالفة للشرع ليست قربة لله ولا طاعة لله، بل هذا منكر ولا يجوز أن يتعاطاها المسلم، إلا الدف في العرس للنساء خاصة من باب الفرح تضربه النساء، أو الجواري في الأعياد؛ لأنهن صغار، فلهن فرحة كما جاء في حديث عائشة في قصة الجاريتين اللتين ضربتا الدف في بيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد، هذا لا بأس به مستثنى، وأما إذا تعاطاه العباد أو الرجال بالموسيقى والأغاني هذا منكر وفعل الصوفية كله منكر هذا الذي ذكره السائل.

    فالواجب الحذر من ذلك، ولهذا بسبب طاعتهم للشيطان وتمكن الشيطان منهم يسقطون في هذه الألعاب ويغشى عليهم ويزين لهم الشيطان أن هذا من القرب والطاعات، وهذا من طاعة الشيطان وعبادة الشيطان، نسأل الله العافية نسأل الله لنا ولهم الهداية.

    1.   

    حكم رفع الرايات بأسماء الأقطاب والأولياء وضرب الدفوف في مناسبات خاصة

    السؤال: يقول أخونا أيضاً: يقوم مثل هؤلاء الناس أيضاً أثناء الأعياد برفع أعلام ملونة أي أقمشة مرقعة من مختلف الألوان، ويكتبون عليها آيات قرآنية وأسماء كثيرة منها القطب والغوث الأعظم الجبار العالم أحمد الرفاعي ، أحمد البدوي ، عبد القادر الجيلاني ، ويرفع هؤلاء الناس هذه الأعلام بأعمدة وهم يطرقون الدفوف ويمشون في الشوارع ويضربون أنفسهم بالسيوف، ولكن الأمر الغريب من ذلك أن هذه الأعلام تتحرك كما تريد أي أنها تطير في الهواء، ما حكم الإسلام في ذلك؟ وما هو مدى الضرر لتشويه الدين الإسلامي؟

    الجواب: كل هذا منكر مثلما تقدم يجب منعهم، يجب على ولاة الأمور منعهم من ذلك، وهذا من تلبيس الشيطان تعينهم الشياطين على هذه الأفعال القبيحة المنكرة، هذه التي يفعلونها من ضرب الدفوف تسمية هؤلاء الذين يزعمونهم الأقطاب وأنهم كبار، وكذلك ما يفعلوه من طعن أنفسهم بالرماح وبالسكاكين أو الخناجر أو غير ذلك كله منكر، ولا يجوز لأحد أن يتعاطى هذه الأمور بل يجب على ولاة الأمور أن يمنعوهم من هذه الأشياء وأن يبصروهم بدين الله وأن يلزموهم بالحق، فالشيخ عبد القادر الجيلاني وأحمد البدوي وأحمد الرفاعي وغيرهم لا يجوز أن يعبدوا من دون الله، ولا يغلى فيهم ولا يدعوا من دون الله، ولا يستغاث بهم فهم من جنس غيرهم عباد مخلوقون مربوبون لله عز وجل لا يجوز أن يعبدوا من دون الله ولا يستغاث بهم ولا يذبح لهم ولا ينذر لهم، ولا يجعل لهم بيارق تكتب فيها أسماؤهم لتعظيمهم وعبادتهم من دون الله ودعوة الناس إلى الغلو فيهم، كل هذا من عمل ضعفاء البصيرة ضعفاء العقول من الصوفية التي صارت أعمالها تنادي عليها بأنهم أشباه مجانين، نسأل الله السلامة.

    1.   

    مفهوم حديث: (صلوا كما رأيتموني أصلي)

    السؤال: يقول أخونا هناك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (صلوا كما رأيتموني أصلي) أي: أنه أمر من الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نصلي مثله، علماً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينوع بالفعل، هل نحن ملزمون بتنويع الفعل؟

    الجواب: هذا الحديث صحيح رواه البخاري في الصحيح من حديث مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فعلينا أن نصلي كما صلى فيما حافظ عليه واستقام عليه، نصلي كما صلى وننوع كما نوع عليه الصلاة والسلام، أما ما يفعله تارة ويدعه تارة، هذا يدل على عدم الوجوب وأنه مستحب وليس بواجب أما ما حافظ عليه واستمر عليه كالركوع والسجود والقراءة.. ونحو ذلك فهذا كله فرض، لابد من قراءة الفاتحة، ولابد من الركوع والسجود، ولابد من تسبيح في الركوع والسجود، ولابد من التشهد التحيات إلى غير هذا مما هو معروف.

    والسنة للمؤمن أن يصلي كما صلى؛ فيطول القراءة في الفجر وفي الظهر، ويخففها في العصر وفي المغرب، ويطيلها بعض الأحيان في المغرب ويتوسط في العشاء فيقرأ من أوساط المفصل، ويقرأ سورة السجدة والإنسان في فجر الجمعة، ويقرأ في صلاة الجمعة بسبح والغاشية، وبالجمعة والمنافقين، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه سنة؛ لأنه فعل هذا وفعل هذا عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يتأسى به في أفعاله وأقواله عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    حكم من يلتزم مذهباً معيناً في الصلاة والعبادة

    السؤال: هناك أشخاص يقولون: أنا أصلي على المذهب الشافعي أو الحنفي أو المالكي، علماً بأن هناك اختلافاً بين هذه المذاهب في الصلاة من حيث الأوضاع أو القراءة وما شابه ذلك، ما حكم الشرع في ذلك؟

    الجواب: الواجب على المؤمن أن يتحرى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأقواله، وأن يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، ولا يتقيد بشافعي أو حنبلي أو مالكي أو حنفي ، لا بل يعتني بأفعال النبي صلى وسنته وينظر كلام أهل العلم إذا كان طالب علم، ويسأل أهل العلم عما أشكل عليه، حتى يصلى كما صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم لا كما قال المذهب الفلاني والمذهب الفلاني، كل مذهب قد يخطئ، قد يكون فيه بعض الأغلاط لكن إذا سأل طالب العلم أهل العلم أرشدوه، وإن كان يستطيع النظر نظر في كتب أهل العلم وأدلتهم حتى يعلم ما كان موافقاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وما يخالف ذلك، فيفعل ما يوافق فعله صلى الله عليه وسلم وقوله ويدع ما يخالف ذلك، والله المستعان.

    1.   

    الكلام على التمذهب واللامذهبية والسلفية

    السؤال: أخونا يسأل ويقول: هل الإنسان ملزم باتباع مذهب معين، وهناك كتاب عنوانه: (اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية) هل اللامذهبية بدعة؟ وكتاب آخر عنوانه: ( السلفية مرحلة متميزة مباركة ولكنها ليست مذهباً إسلامي) ما هو رأيكم فيما سبق؟ جزاكم الله خيرا، والكتابان اللذين ذكرتهما لعالم كبير.

    الجواب: المذهبية ليست لازمة، ومن قال: إنه يلزم الناس أن يتمذهبوا بمذهب أحمد أو مالك أو الشافعي فقوله غير صحيح، المذاهب جديدة حدثت بعد الصحابة وبعد التابعين، فليست لازمة لأحد، إنما هي أقوال علماء اشتهروا ودونت أقوالهم فاشتهرت هذه المذاهب، فـأحمد رحمه الله ومالك رحمه الله والشافعي رحمه الله وأبو حنيفة رحمه الله علماء من جنس الثوري من جنس الأوزاعي من جنس إسحاق بن راهويه فكما أنه لا يلزمنا أن نأخذ أقوال الثوري أو ابن عيينة أو إسحاق أو الأوزاعي أو غيرهم، فكهذا لا يلزمنا أن نأخذ قول أحمد أو مالك أو الشافعي أو أبي حنيفة ، ولكن ننظر في مسائل الخلاف فما وافق الحق من أقوالهم أخذناه وما خالفه تركناه، وما أجمع عليه العلماء وجب الأخذ به، ولم يكن هناك عذر في مخالفته، ما أجمعوا عليه وجب الأخذ به والتمسك به، وما اختلفوا فيه وجب عرضه على الكتاب والسنة كما قال الله عز وجل: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59]، فما وافق الكتاب والسنة أخذناه، وما خالفهما تركناه.

    وقول من قال: اللامذهبية.. هذا إن أراد أنه لا يجب التمذهب وليس بلازم فهو صحيح، وإن أراد أنه لا يجوز أن ينتسب فليس بصحيح، يجوز أن يتنسب الإنسان إلى أن يكون شافعياً أو حنبلياً أو مالكياً أو حنفياً ؛ لأنه نشأ على ذلك، وتعلم على مشايخهم.. ونحو ذلك؛ لا بأس أن ينتسب، الانتساب لا يضر، إنما المهم أن لا يقلد ويتعصب بل متى ظهر الحق أخذ به ولو في غير مذهبه، لا يجوز التعصب والتقليد الأعمى.

    فإذا أراد من قال اللامذهبية مراده يعني: أن لا تعصب ولا تقليد أعمى فهذا صحيح، أما إن أراد أنه لا يجوز الانتساب إلى هذه المذاهب هذا مخالف لما عليه أهل العلم ولا وجه له، إنما المنكر التعصب لزيد أو عمرو ولو قال خطأً، والتقليد الأعمى الذي ليس معه نظر ولا تفكير في الأدلة هذا هو الممنوع، وأما كونه ينتسب لمذهب لكنه يخالفه فيما خالف الحق ويأخذ بالحق مع من كان هذا صواب.

    وأما السلفية فالمعنى فيها سلوك مسلك السلف في أسماء الله وصفاته، والإيمان بها وإمرارها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، والأخذ بالدليل وعدم التقليد الأعمى والتعصب هذا مراد السلفية فالسلفية، هي طريق النبي صلى الله عليه وسلم وطريق أصحابه، هي الطريقة المحمدية، إذا صار أهلها عندهم علم وعندهم بصيرة؛ لأنه قد يدعي السلفية من هو جاهل، فالاعتبار بمن أتقن علم السنة وعرف علم السنة واتبع ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، هذا هو السلفي الذي يعتني بما عليه السلف الصالح ويسير على نهجهم، فيأخذ بالدليل ويؤمن بآيات الله وأسمائه وصفاته، ويسير على نهج السلف في إثبات أسماء الله وصفاته، على الوجه اللائق بالله ويقول: إن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، ويقول: إنه يرى يوم القيامة وفي الجنة يراه المؤمنون، كل هذا حق، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

    فالسلفي هو الذي ينتسب إلى سلف الأمة، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، فإن كان فاهماً وملتزماً بما عليه السلف فهو صادق، وإن كان يقوله باللسان ولكنه لا يمثله بالعمل يكون كاذباً في قوله، فلابد من الصدق.

    1.   

    حكم العيش في منزل تكثر فيه الفتن وينفق عليه ربه من أموال حرام

    السؤال: يقول أخونا: لي صديق مؤمن بالله الحق، ويعيش مع عائلة يكسب رب أسرتها المال الحرام، أي: من القمار والاختلاس من الناس، علماً أن هذه العائلة كما يقال: متطورة، أي: في إظهار المفاتن والتزين خارج المنزل، وقد وجه هذا الشخص النصائح الكثيرة الكثيرة إلى والده وإخوته، ولكن دون جدوى وهو طالب في مدرسة مختلطة من الشبان والبنات، في الصف والمقعد، والبنات يظهرن المفاتن والمغريات أمام الشباب كلهم، ماذا يفعل أيترك البيت وليس له مورد؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.

    الجواب: الواجب على الناصح وهذا الشاب أن يتقي الله وأن يغادر البيت ويبتعد عن أسباب الفتنة، وسوف يجعل الله له فرجاً ومخرجاً، إما بالسكن مع الطلبة إذا كان هناك سكن، أو بأسباب أخرى، يقول الله سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] ، ويقول سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].

    فعليه أن يتقي الله وأن يبتعد عن أسباب الفتنة، وكذلك المدرسة التي يدرس فيها لا يدرس فيها إذا كان مختلطة يلتمس عملاً يقوم بحاله ولا يدرس في هذه المدرسة، بل يدرس على العلماء في المساجد أو في مدارس أهلية، ليس فيها اختلاط، وليس طلب العلم عذراً له في أن يجلس مع النساء والبنات ويختلط بهن، هذا مرض لقلبه ومرض لدينه، ومن أسباب هلاكه، فلا يجوز أن يجلس معهن في مقاعد الدراسة، ولا يبقى مع أهله ما داموا على الفساد والشر.

    أما النصيحة فيبذلها ويجتهد في النصيحة ويتابع النصيحة لعله يستجاب له، ولكن لا يجلس معهم ما دام أكلهم حرام وأعمالهم خبيثة فلا يجلس معهم؛ لأن الأكل ليس بسليم والأسرة غير سليمة، والاختلاط بهم فيه ما فيه من الشر.

    فالواجب أن يغادر المحل هذا ويحذر ولا مانع من الزيارة التي يريد بها النصيحة لوالديه وإخوته وأقاربه، أما الأكل والسكن فلينتقل إلى محل آخر يسلم فيه على دينه، وسوف يعينه الله ويسهل أمره كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2]، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

    المقدم: اللهم آمين جزاكم الله خيرا.

    شيخ عبد العزيز ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم دائماً على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: اللهم آمين.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لمتابعتكم مستمعي الكرام! وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718711

    عدد مرات الحفظ

    764965906