أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقاء جديد من لقاءات هذا البرنامج.
أيها الإخوة المستمعون يسرنا أن نكون في هذه الحلقة مع صاحب السماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: والرسالة الأولى في حلقة هذه الليلة مقدمة من السائل (ح. ص. الأحمدي) من المدينة المنورة الحرة الغربية، يقول في رسالته التي تشتمل على عدة أسئلة: لقد صلى بنا يوماً من الأيام إمام المسجد صلاة العصر خمس ركعات، فنبهناه ولكنه لم يرجع، فهل يجوز لنا متابعته أم الجلوس ثم السلام معه؟ وهل على من تابعه عالماً بأنه صلى خمساً إعادة أم لا، أفيدونا بارك الله فيكم؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد شرع الله عز وجل للمسلمين إذا سها إمامهم أن ينبهوه، وقد سها النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أوقات وعلى أنواع من السهو، فنبهه المسلمون ورجع إلى تنبيههم عليه الصلاة والسلام، وبيّن أحكام السهو في عدة أحاديث، ومنها: (أنه صلى الله عليه وسلم سها ذات يوم، فقام إلى الخامسة في صلاة الظهر أو العصر فلم ينبه، فلما سلم من الخامسة توشوش الناس فيما بينهم، فسألهم، قالوا: أحدث في الصلاة شيء يا رسول الله؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا، يعني: صليت خمساً، فثنى رجليه واستقبل القبلة، وسجد سجدتي السهو عليه الصلاة والسلام، ثم سلم، ثم قال: لو حدث في الصلاة شيء لأنبأتكم به، ولكني بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني) فبيّن عليه الصلاة والسلام أنه يصيبه النسيان والسهو كما يصيب غيره من البشر، وأن الواجب على المأمومين التنبيه، فالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يقع منهم السهو، ولكنهم لا يقرون على ذلك، فإما أن يأتي الوحي من السماء بتنبيههم على ما قد وقع من الخطأ، وإما أن ينبههم الناس على ذلك، فيعلم السهو وتفعل أحكامه، وفي هذه القصة أنه نبهه المسلمون بعدما صلى الخامسة، فسجد للسهو سجدتين، ثم سلم عليه الصلاة والسلام، ولم يقل لهم: أعيدوا صلاتكم، أو يقل لهم: أخطأتم فيما فعلتم؛ لأنهم ظنوا أن الصلاة غيرت وأنها زيد فيها؛ فلهذا قاموا فصلوا معه الخامسة ظانين أن الصلاة زيد فيها، فلما نبههم عليه الصلاة والسلام على أنه لم يحدث شيء تبين أنه ساهٍ عليه الصلاة والسلام في ذلك، وأخبرهم أن عليهم التنبيه.. أن ينبهوا إمامهم إذا سها.
فالواجب على المأمومين إذا سها الإمام أن ينبهوه، فيقولوا: سبحان الله.. سبحان الله، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال ولتصفق النساء) فالرجل يقول: سبحان الله.. سبحان الله، حتى ينتبه الإمام، والمرأة تصفق بيديها بيد على يد حتى ينتبه الإمام.
وإذا قام إلى خامسة ولم يرجع بالتنبيه فإن المأمومين لا يقومون معه.. يجلسون، فإذا سلم سلموا معه؛ لأنهم غير معذورين، أما هو قد يكون معذوراً، قد يعتقد أنه مصيب فلهذا لم يرجع، وهو إذا اعتقد أنه مصيب لا يرجع.. يستمر ويكمل، لكن المأموم إن كان يعتقد أنه مصيب جلس وانتظر حتى يسلم مع إمامه، وإن كان ليس عنده علم فإنه يقوم مع الإمام ويتابع الإمام، هذا هو الأصل.
ومن قام مع الإمام وتابعه من أجل سهوه، أو لجهله بالحكم الشرعي.. ما يعلم الحكم الشرعي؛ فصلاته صحيحة ولو زاد؛ لأنه إما جاهل وإما ساهي فلا شيء عليه، وأما العالم بالحكم الشرعي والعالم بالسهو فإنه لا يتابع الإمام، بل يجلس وينتظر حتى يسلم مع إمامه، هذا هو الحكم الشرعي في هذه المسألة.
بعض الناس ما يعرف الأحكام يقوم ولو درى أنه ساهي يحسب أنه يلزمه، فيقوم يتابع الإمام، فهذا مادام قام جهلاً منه فإن صلاته صحيحة وليس عليه شيء، ولكن في المرة الأخرى إذا وقع هذا لا يقوم، متى عرف الحكم الشرعي لا يقوم بل يجلس وينتظر، يقرأ التحيات ويكملها ويدعو ربه، يشتغل بالدعاء حتى يسلم إمامه فيسلم معه.
ومثل هذا لو سلم عن نقص فإنه ينبه أيضاً، مثلاً في الرباعية كالظهر أو العصر أو العشاء سلم من ثلاث فإنه إذا جلس ينبه، فإن أجاب وقام فالحمد لله، وإلا فالذي يعلم أنه ناقص يقوم ينوي الانفراد ويكمل صلاته لنفسه، وأما الإمام فالواجب عليه أنه ينتبه، فيجيبهم ويقوم، فإذا جلس في الثالثة وهي أربع.. جلس في الثالثة ونبهوه يقوم، لكن لو اعتقد أنه مصيب، وأنهم مخطئون هم فإنه لا يقوم بل يكمل صلاته ويسلم، والذين معه يسلمون معه إذا كان ما عندهم ضبط، أما من عنده ضبط وأنه يعلم أن الإمام ناقص فإنه يقوم يكمل صلاة الأربع، ويكون هذا معذور وهذا معذور، الإمام معذوراً في اعتقاده صواب نفسه، والمأموم الذي يعلم أنه ناقص معذور حيث قام وكمل صلاته والحمد لله، مثل الزيادة سواء.
الجواب: جميع مشتقات الدخان كلها محرمة، والدخان أضراره عظيمة، قد ألف فيه جمع من العلماء والأطباء، وبينوا أضراره الكثيرة، وهو من أسباب أمراض كثيرة من السرطان وغيره، وهو من أسباب موت السكتة، ومضاره كثيرة، حتى قال بعض الأطباء: إنها تربو على مضار الخمر، فالواجب تركه بجميع مشتقاته، فالشمة والشيشة وغير ذلك مما يستعمله المدخنون كله ممنوع، فبيعه حرام، وشراؤه حرام، واستعماله حرام، شمة وغيرها، فالواجب على المسلم أن يحذره ويحذره غيره.
الجواب: الكاتب عليه أن يفعل المشروع، إذا كتب رسالة أو دعوة إلى وليمة أو غير ذلك يفعل المشروع من التسمية، وإذا ذكر آية من القرآن لها مناسبة فلا بأس، وعلى من كتب إليه أن يحترم ذلك، وأن لا يطرحها في محل القمامة، ولا في محل يستهان بها، فإذا استهان بها هو فهو الآثم، وأما الكاتب فلا يأثم، وكان النبي يكتب في الرسائل عليه الصلاة والسلام بسم الله الرحمن الرحيم، وربما كتب بعض الآيات، فالذي يكتب يستعمل ما هو المشروع من التسمية، وذكر بعض الآيات عند الحاجة والأحاديث، والذي يهين هذا الكتاب أو هذه الرسالة هو الآثم، فعليه أن يحفظها أو يحرقها أو يدفنها، أما أن يلقيها في الزبالات، أو يهينها الصبيان أو ما أشبه ذلك، أو يتخذها لحفظ بعض الحاجات أو ما أشبه ذلك فهذا لا يجوز، وهكذا ما يفعل بعض الناس من جهة الجرائد والصحف يتخذها سفرة للطعام أو ملفاً لحاجاته التي يذهب بها إلى البيت، كل هذا لا يجوز؛ لأن هذا إهانة لها، قد يكون فيها آيات، ويكون فيها أحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا يجوز هذا العمل، بل هذه الصحف التي يحصل عليها إما أن يحفظها عنده في مكتبته أو في أي مكان، أو يحرقها، أو يدفنها في محل طيب، وهكذا المصحف إذا تقطع ولم يبق صالحاً للاستعمال فإنه يدفن في أرض طيبة، أو يحرق كما حرق عثمان المصاحف التي استغني عنها، وكثير من الناس ليس عنده عناية بهذا الأمر، فينبغي التنبه لهذا، فالصحف والرسائل التي ليس لها حاجة إما أن تدفن في أرض طيبة وإما أن تحرق، وأما أن تتخذ ملاف للحاجات أو سفر للطعام أو تلقى في النفايات كل هذا منكر لا يجوز، والله المستعان.
الجواب: كثير من الناس يدعي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو إما كاذب، وإما أنه لم يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم، وظن أنه الرسول وليس هو الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي) فمن رآه في صورته عليه الصلاة والسلام فقد رآه، وهو صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق، لكن هذه المرائي تعرض على ما علم من الشرع، فإن وافقت ما علم من الشرع فهي حق، وإلا فهي تلبيس على صاحبها.. ملبس على صاحبها فهو لم ير الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما خيل له، وظن أنه الرسول وليس هو الرسول، فقد يراه بعض الناس في صورة شاب أمرد، أو في صورة شيبة قد ابيض شعره، أو في صورة إنسان قصير، أو في صورة إنسان طويل، أو في صورة إنسان أسود اللون، أو في صور أخرى، وهذا ليس هو الرسول صلى الله عليه وسلم، الرسول ربعة من الرجال، أبيض اللون من مشرب بحمرة عليه الصلاة والسلام، من أجمل الرجال عليه الصلاة والسلام، شعره أسود ليس فيه إلا بياض قليل.. شعرات قليلة من الشيب، وليس عليه مثل لباسنا غترة وما أشبهه، فقد كان يلبس العمامة عليه الصلاة والسلام، يلبس القميص والإزار والرداء عليه الصلاة والسلام، فلابد في الرائي أن يكون رآه على صورته المعروفة وإلا فهو ما رآه؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي) ما قال: (لا يتمثل بي) قال: (في صورتي) فدل ذلك على أنه إذا رآه الإنسان في غير صورته فليس هو النبي عليه الصلاة والسلام.
ثم إذا رأى رؤيا لابد أن تعرض على ما جاء به الشرع، إن كانت تتعلق بالأحكام والعبادات تعرض على الشرع، فإن خالفت الشرع فليست من النبي عليه الصلاة والسلام، وأما ما يتعلق بالحروب أو يتعلق بأمور الناس إذا رأى أن الرسول قال له كذا أو قال له كذا أو شيء لا يتعلق بالعبادات والأحكام، فهذا قد يكون رآه وقد لا يكون رآه، وقد يكون رآه ولكن هذه الرؤيا لها معنى لم يفهمه الرائي، أو لم يفهمه المعبر، فتعبير الرؤيا يختلف، والناس فيه على أقسام، منهم من يعلم التأويل، ومنهم من لا يعلم التأويل، منهم من يخطئ كثيراً في التأويل، فلا ينبغي للعاقل أن يجزم بالتأويل إلا على بصيرة، بعد عرضها على أهل العلم والبصيرة الذين قد عرفوا التأويل للرؤيا وعبروها، وكانوا معروفين بها.. مشهوداً لهم بهذا الشيء، وإلا فليمسك ولا يعجل في الأمور، ولا يؤولها بغير ما يؤولها به العلماء العارفون بهذا الشيء.
فالحاصل أن هذا محل نظر ومحل تفصيل، ينبغي للرائي أن لا يعجل في تفسير رؤياه بما لا يعلم، وأن لا يعرضها إلا على أهل العلم والبصيرة، ثم قوله: (خجلان) ليس من لغة النبي صلى الله عليه وسلم، هذه من لغة العصر، فهذا دليل على أنه ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما رأى غيره، ثم هو صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، والوحي قد انقطع، فهو لا يعلم الغيب في حياته، إنما يعلم ما أوحى الله إليه وبينه له سبحانه وتعالى، وما لم يأت به الوحي لا يعلمه عليه الصلاة والسلام من أمور الغيب، فهو لا يعلم بشأن الحرب التي بين العراق وبين إيران، والوحي قد انقطع بوفاته عليه الصلاة والسلام، هذا من الدلائل على أن هذه الرؤيا مكذوبة، وليست من النبي صلى الله عليه وسلم بل هي من بعض الشياطين الذين تراءوا للرجل القائل، أو أنه كاذب في رؤياه ولم ير شيئاً، والله المستعان.
الجواب: هذا زنديق وليس بمؤمن، بل مثل هذا من أولياء الشيطان، فأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى، قال الله سبحانه: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63] هكذا في سورة يونس، هذه صفة أولياء الله؛ أهل الإيمان والتقوى في الظاهر والباطن، وقال عز وجل: وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ [الأنفال:34]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إنما أوليائي المؤمنون) فأولياء الله وأولياء رسوله صلى الله عليه وسلم هم المؤمنون هم أهل التقوى، فالذي يتظاهر بعدم الصلاة وبعدم الصوم وبسب الله ورسوله هذا ليس من أولياء الله، بل هو من أولياء الشيطان، والواجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل، يجب على ولاة الأمور إذا عرفوا مثل هذا أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لأن تارك الصلاة كافر، وأما ساب الله ورسوله فهذا يقتل ومن غير استتابة عند جمع من أهل العلم؛ لأن جريمته عظيمة، وقال قوم: يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
فالحاصل أن هذا الرجل وأشباهه ليسوا من أولياء الله، ولكنهم من أولياء الشيطان، والذين يناصرونه ويذبون عنه ويقولون: إنه في الظاهر هكذا، ولكنه في الباطن مؤمن، هؤلاء من جنسه، هؤلاء خبثاء من أولياء الشيطان، وهم أنصار الشر والفساد، وهذا من شأن بعض الصوفية المخذولين، فيجب التنبه لهذا، وقد قال العلماء رحمة الله عليهم علماء أهل السنة قالوا فيمن يدعى له الولاية: لو طار في الهواء أو مشى على الماء فلا يعتبر من أولياء الله حتى ينظر في أعماله، وحتى يوزن بميزان الشريعة، فإن استقام أمره في ميزان الشريعة، وعلم أنه مستقيم على طاعة الله ورسوله، كاف عن محارم الله ورسوله، فهذا هو المؤمن وهو الولي، وإن رئي منه ما يدل على فسقه واقترافه المحارم أو تضييعه الواجبات؛ فهذا دليل على أنه من أولياء الشيطان وليس من أولياء الله كما نص على هذا الشافعي وأحمد وغيرهما من أهل العلم.
فالحاصل أن مثل هذا من أولياء الشيطان، والواجب على من عرف ذلك أن يرفع بأمره إلى ولاة الأمور حتى يعامل بما يجب من استتابته وقتله إن لم يتب، أو قتله مطلقاً إذا كان يسب الله ورسوله، فإن جمعاً من أهل العلم يرون أنه يقتل من غير استتابة، نسأل الله العافية.
الجواب: ميراثه لابنتيه، للبنتين الثلثان، وأما بنت عمه فليس لها، بنت العم ليست من الورثة بل من ذوي الأرحام، فإذا مات إنسان عن بنتيه وعن بنات عمه أو بنات عمته فلبنتيه الثلثان، والباقي للعصبة.. العاصب ولو بعيداً، يعطى للعاصب كابن عمه وأخيه وابن أخيه لأبيه أو لأبيه وأمه، هؤلاء هم العصبة؛ إخوته وأعمامه من أبيه وأمه أو من أبيه فقط، كل هؤلاء عصبة، وهكذا أبناء العم وإن بعدوا هم عصبة يأخذون الباقي بعد البنتين، وأما بنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة وابن الخال وابن الخالة وابن العمة هؤلاء ليسوا من الورثة، هؤلاء كلهم من ذوي الأرحام عند أهل العلم، فإن لم يوجد له عصبة ليس له إلا بنتان فقط، وليس له عصبة، ليس له قبيلة، فإن المال يكون للبنتين كله، يأخذونه فرضاً ورداً، يقسم بينهما نصفين المال كله، إلا إذا كان عليه دين يبدأ بالدين، فيوفى، وبعد الدين المال للبنتين، أو كان أوصى بشيء بالثلث أو بالربع أو بالخمس تنفذ الوصية، تنزع الوصية أولاً ثم الباقي للورثة، وأما بنت العمة وبنت العم، بنت الخال وبنت الخالة هؤلاء لا إرث لهم، بل هم من ذوي الأرحام.
الجواب: ليس للعمة ميراث من ابن أخيها، ولا من ابن أختها، العمة لا ترث، والخالة لا ترث، وإنما ميراثه لعصبته، إذا مات وله عصبة كابن أخيه لأبيه، أو لأبيه وأمه، أو عمه الشقيق أو عمه لأب أو بني عمه، هؤلاء هم العصبة، أما ابن أخيه لأم لا يرث؛ لأنه لأم ليس من العصبة، وهكذا أخوه من الأم ليس بعصبة، لكن له فرض، أخوه من الأم له السدس إذا وجد، وأما ابن أخيه لأم ليس من العصبة، فالحاصل أن العمة ليست من العصبة ولا ترث من ابن أخيها، بل ميراثه للعصبة، للرجال من بني عمه أو بني أخيه لأبيه وأمه أو بني أخيه لأبيه أو عمه لأبيه وأمه أو عمه لأبيه أو بني أعمامه لأبيه وأمه، أو بني أعمامه لأبيه، هؤلاء هم العصبة.
المقدم: يعني: هذه المرأة الآن لا ترث من ابن أخيها؟
الشيخ: أبداً ما ترث.
المقدم: هو ذكر بأنه قطيع يعني ماله عقب؟
الشيخ: ولو العصبة يكفي.
الجواب: إذا كانت الزاوية بمثابة المسجد ولكنها زاوية صغيرة يعني: مسجد صغير، فيصلى فيها إذا كان ما هناك مسجد يغني عنها، فإن كان هناك مسجد يغني عنها كبير فيصلى مع الجماعة في المسجد الكبير الذي فيه الإمام وفيه المؤذن، وإذا كانت الحارة ليس فيها إلا هذه الزاوية أو المسجد الصغير صلوا فيها جماعة، وأذنوا فيها وأقاموا، وعين لها إمام إذا تيسر لها إمام، وإلا صلى بهم من حضر من أهل الاستقامة الذين يصلحون للإمامة، يصلي بهم خيرهم وأفضلهم إذا كان ليس لها إمام راتب، ويؤذن فيها من تيسر منهم إذا لم يكن لها مؤذن راتب.
فالحاصل أن الزاوية بمثابة المسجد الصغير، يسمون المساجد الصغيرة زوايا في كثير من البلدان، فهذه الزوايا التي هي المساجد الصغيرة يصلى فيها عند الحاجة إليها، وإذا كانت الحارة والحي فيه مساجد أكبر وأوسع فيصلى مع الكثرة وتهجر هذه الزوايا، إذا كان هناك مساجد كبيرة تغني عنها، أما إذا دعت الحاجة إليها فيصلى فيها والحمد لله.
الجواب: جلسة الاستراحة مستحبة وليست لازمة، صلاتكم صحيحة، وصلاتهم صحيحة والحمد لله، الرسول صلى الله عليه وسلم فعلها كما روى ذلك مالك بن الحويرث في صحيح البخاري (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من وتر في صلاته، -يعني: من الأولى أو الثالثة- جلس بعد السجدة الثانية قليلاً، ثم نهض عليه الصلاة والسلام، يقول: لم ينهض حتى يستوي قاعداً) يعني: قعدة خفيفة، يقال لها: جلسة الاستراحة، وهكذا رواها أبو حميد الساعدي الأنصاري، فهي مستحبة وسنة، وقال قوم من أهل العلم: إنها تستحب في حق الكبار والمرضى، لأنه: يشق عليهم القيام بسرعة، وظاهر الحديث أنها مستحبة للجميع؛ لأن الراوي ذكرها من صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنها مستحبة، وإذا كان الإمام لا يجلسها والمأموم وغالب المأمومين فلا بأس أن تجلسها أنت ثم تنهض، ولا يضرك ذلك ولا يضرهم، صلاتكم صحيحة جميعاً كلكم، وإنما الأفضل الإتيان بها تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام، ومن لم يأت بها فلا حرج عليه، والحمد لله.
الجواب: هذا من عمل بعض الصوفية المخرفين، وهذا لا أصل له في الشرع، بل هذا من الخرافات التي أحدثها بعض أهل التصوف، جعلوا خليفة وجعلوا ابنه يقوم مقامه وهكذا، كل هذا لا أصل له، واتخاذ بعض الناس للبركة لا أصل له، ولا يجوز اتخاذ أحد للتبرك به، بل هذا من المنكرات ومن وسائل الشرك الأكبر، فإن البركة من الله عز وجل، هو الذي يأتي بها سبحانه وتعالى، ولا تطلب البركة من غيره، فطلبها من زيد أو من عمرو أن يعطيك البركة هذا لا أصل له، بل هذا من الشرك، إذا طلبها منه واعتقد أنه يبارك في الناس وأنه يعطي البركة هو، هذا شرك أكبر نعوذ بالله، وأما إن ظن أن خدمته أو طاعته فيها بركة؛ لأنه من الصالحين ومن الأخيار، فيرجو بهذا الثواب إذا أطاعه أو ساعده في شيء، فهذا يختلف، إن كان المطاع عالماً من علماء المسلمين، أو من العباد والأخيار الذين هم معروفون بالاستقامة على طاعة الله ورسوله فساعده لله بأن قضى حاجته، بأن زاره لله يسلم عليه؛ لأنه من أهل الصلاح، يزوره لله فقط، لا لطلب البركة أو يعوده إذا مرض، هذا شأن المسلمين، هذا مستحب من باب التزاور، ومن باب عيادة المرضى، من باب زيارة الإخوة في الله، هذا حق، أما لطلب البركة فلا يجوز؛ لأنه لا أصل لهذا، وإنما هذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم، هو الذي جعله الله مباركاً فلا بأس أن يقصد لطلب البركة من مائه.. من عرقه.. من شعره، الله جعل فيه بركة عليه الصلاة والسلام، ولما حلق رأسه في حجة الوداع وزعه بين الصحابة، وكان يعطي لهم وضوءه، فيتبركون بوضوئه لما جعل الله فيه من البركة، هذا خاص به صلى الله عليه وسلم وليس لغيره، فينبغي لأهل الإسلام أن يعرفوا هذا، وأن يحذروا هذه الخرافات التي فعلها أصحاب التصوف، وهذه الخلافات التي جعلوها بأن هذا خليفة هذا كله لا أصل لها، ولا ينبغي أن يتخذ هذا الشيء، ولا أن يعطى هدايا ونذور بهذا المعنى، أما إذا أعطى أخاه الفقير مساعدة هدية؛ لأنه يحبه في الله، أو لأنه فقير فهذا لا بأس به، أما لاعتقاد البركة، أو أنه خليفة الشيخ الفلاني، خليفة التيجاني، أو فلان الشاذلي، أو فلان كذا، فهذه لا أصل لها، هذه باطلة، وهذه أمور منكرة، ووسيلة للشرك نعوذ بالله.
المقدم: جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم، بهذا أيها الإخوة المستمعون! نأتي إلى نهاية هذه الحلقة، فنشكر لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز إجاباته، ونشكر لكم حسن متابعتكم، وإلى أن نلتقي بكم على خير نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر