إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (131)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم اتخاذ مكان معين في المسجد للصلاة فيه

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    في بداية لقائنا نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    ====

    السؤال: حياكم الله، أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الهفوف، باعثها الأخ محمد كامل حافظ ، أخونا يسأل مجموعة من الأسئلة وهي طويلة في الواقع لكن ملخصها كما يلي: يسأل أولاً سماحة الشيخ عن شخص اتخذ مكاناً واحداً للصلاة في المسجد؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد: فقد نص جمع من أهل العلم على كراهة اتخاذ مكاناً معين في المسجد لا يصلي إلا فيه، وجاء فيه بعض الأحاديث التي لا تخلو من مقال، فالذي ينبغي للمؤمن أن لا يتخذ مكاناً معيناً في المسجد بل متى جاء يحرص على القرب من الإمام ولا يتخذ مكاناً معيناً، هذا هو الذي ينبغي، ينبغي أن يكون هناك مسابقة ومسارعة إلى الخير، فإذا أمكنه أن يكون خلف الإمام فهذا هو الأفضل، وإذا لم يتيسر ذلك فليسارع، أما أن يتخذ عمود سارية يصلي عندها أو جدار أو محل معين هذا خلاف المشروع، فالمشروع له أن يسابق وأن ينافس في الخير وأن يتقدم، فإن أمكنه الصف الأول صار في الصف الأول، وإن أمكنه القرب من الإمام صار قريب من الإمام، فإن عجز يكون في الصف الثاني.. وهكذا، أما أن يتخذ سارية يصلي عندها أو محل يصلي عنده لا يجاوزه ولو كان هناك ما هو أقرب منه إلى الإمام هذا غلط، خلاف السنة.

    وكذلك إذا كان في الصف الأول مثلاً واتخذ مكاناً في الصف الأول لا يتجاوزه، فهذا أقل أحواله الكراهة.

    1.   

    حكم من صلى بالناس مكشوف الرأس

    السؤال: يسأل أخونا عن إمام يصلي بالناس وليس على رأسه غطاء؟

    الجواب: لا حرج في ذلك؛ لأن الرأس ليس من العورة، إنما السنة أن يصلي بالإزار والرداء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)، فإذا صلى مكشوف الرأس فلا حرج في ذلك، لكن إذا أخذ زينته واستكمل الزينة يكون أفضل، لقول الله سبحانه: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] فإذا استكمل الزينة التي اعتادها في بلاده مع جماعته وكان من عادتهم أنهم يسترون الرءوس فهذا أفضل، أما إذا كان في بلاده ليس من عادتهم هذا بل من عادتهم كشف الرءوس فلا بأس أن يصلي مكشوف الرأس. نعم.

    1.   

    حكم التلحين والتمطيط في الأذان

    السؤال: يلاحظ أن كثيراً من المؤذنين يمططون الأذان ويرجو التوجيه؟

    الجواب: ينبغي للمؤمن في أذانه أن يكون سمحاً غير ممطط ولا متكلف، وهكذا في الإقامة، السنة في ذلك أن لا يلحن فيه وأن يحفظه أيضاً من اللحن لا يلحن ولا يلحن؛ اللحن: كونه يخل بالإعراب كأن يقول: أشهد أن محمداً رسول الله (بفتح اللام)، والمشروع أن يقول: أن محمداً رسول الله؛ لأن رسول الله خبر (أن) مرفوع، فهذا إذا نصب يكون من اللحن وإن كان لا يخل بالمعنى في الحقيقة؛ لأن مقصود المؤذن الإخبار بأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ ولأن بعض أهل اللغة ينصبون المعمولين، لكن هذا لحن عند جمهور أئمة اللغة وعند جمهور العرب، العرب ينصبون الاسم ويرفعون الخبر في (أن). كذلك من اللحن أن يقول مثلاً: (اهدنا الصراط المستقيم)؛ يكسرها، هذا غلط، لأنه مفعول منصوب (الصراط) لكن ما يخل بالمعنى، لا يخل بالمعنى، فلا يضر في الأذان أن يقول مثلاً: حي على الصلاة، أو حي على الصلاة ما يخل بالمعنى، لكن ينبغي له أن يكون فاهماً عربياً لا يلحن في الأذان، وأما التلحين هو تمطيطه كأنه يغني، هذا مكروه لا ينبغي.

    1.   

    التحذير من التكلف في المهور والولائم للأعراس

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة يقول: (ع. ع. ع) أخونا يشكو سماحة الشيخ من بيوت الأفراح ومن المغالاة فيها ولاسيما وأن كثيراً من الناس اتخذها عادة ويشترط لزواج ابنته أن يكون فرحها في البيت الفلاني، وهي تثقل كاهل العريس، ويرجو التوجيه حول هذا الموضوع؟

    الجواب: لا ريب أن السنة عدم التكلف في المهور والولائم من أجل تسهيل زواج الشباب والفتيات، فينبغي لأهل الزوج ولأهل الزوجة عدم التكلف في هذه الأمور، وأن يتواصوا بترك التكلف، وأن يتواصوا أيضاً بقلة المهور تشجيعاً للشباب على الزواج وحرصاً على تزويج الفتيات وعدم بقائهن في البيوت، وقصور الأفراح كذلك مما يثقل كاهل الزوج أو أهل الزوجة في بعض الأحيان، وكذلك كثرة الولائم والتوسع في الوليمة يشق عليهم أيضاً.

    فالمشروع للجميع عدم التكلف لا لأهل الزوج ولا لأهل الزوجة، (خير الصداق أيسره) (خيرهن أقلهن مئونة)، فينبغي للمؤمن أن لا يتكلف في هذه الأمور، ولكن يفعل السنة، النبي عليه السلام قال لـعبد الرحمن بن عوف : (أولم ولو بشاة)، والنبي صلى الله عليه وسلم أولم على زينب بخبز ولحم ودعا الناس إلى الوليمة، فكل من دخل أكل.

    فالمقصود: أن جنس الولائم مشروعة في النكاح لكن ينبغي للمسلمين في هذا عدم التكلف بالاستكثار من الولائم وجعل الطعام الكثير الذي قد يفضي إلى جعله في القمائم والمحلات التي قد ينبغي تنزيه الطعام عنها وبعده عنها وأن يبعث إلى الفقراء والمحاويج.

    المقصود أن كثرة الولائم تفضي إلى أن يلقى الطعام واللحوم في الزبالات والقمائم أو في محلات يرغب عنها مع حاجة الفقراء إلى هذا المال وهذا الطعام الذي دعت الحاجة إلى وضعه في القمامة لعدم علم بعض الناس بالفقراء أو عدم قدرته على الوصول إليهم.

    فالحاصل أن التسامح في هذا وعدم التكلف هو الذي ينبغي لأهل الزوج والزوجة جميعاً، لكن إذا دعت الحاجة إلى قصر؛ لأن ليس عنده بيت يستطيع فيه الزواج فالأمر في هذا واسع، لكن لا ينبغي التكلف ينبغي أن يكون القصر خفيف المئونة، المحل يلتمسون الشيء الخفيف المئونة حتى لا يقع التكلف، وإذا اكتفوا بقصورهم ولم يتكلفوا في دعوة الكثيرين من الناس فالأمر في هذا أوسع وأحسن، والحمد لله.

    المهم إعلان النكاح، فإذا أعلنوه ولو بشاة واحدة أو شاتين في بيوتهم ودعوا بعض الناس الذين يعز عليهم دعوتهم ويحبون دعوتهم في محلاتهم وبيوتهم ولم يتكلفوا فهذا أكمل وأفضل حتى لا يكون هناك مشقة على أحد، وحتى لا تتعطل البنات ولا يتعطل الشباب، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

    1.   

    دعوة للنظر في مسألة بيوت الأفراح ومنعها

    السؤال: الواقع سماحة الشيخ أن الكثير تزوج بدون بيت أفراح وأصبحت بيوت الأفراح مكاناً للتجارة وأصبحت أيضاً جزءاً من المهر أو من مئونة المهر، ولا أدري عن رأي سماحتكم في الدعوة إلى الاستغناء عنها وإغلاقها لكونها أصبحت باباً من أبواب التجارة وأيضاً تشكل عبئاً على أولئك الذين يريدون أن يستروا دينهم؟

    الجواب: على كل حال هي لو عدمت ولم توجد استغنى الناس عنها واستراح الناس من التكلف، لكن إغلاقها الآن بعد وجودها هو محل نظر، يحتاج إلى دراسة من ولاة الأمور وأهل العلم دراسة وافية حتى يرى ما هو الأصلح؛ لأن بعض الناس قد يضطر إلى شيء منها لأسباب كثيرة تحملهم على هذا الشيء، لكثرة أقاربهم ومشقة ترك دعوتهم في الزواج والمناسبة، فيضطرون إلى أن يستأجروا شيئاً من بيوت الأفراح لهذا الغرض؛ لأنهم يعلمون أن إعلان النكاح مطلوب ويريدون دعوة أقاربهم ومن يعز عليهم من جيرانهم وليس عندهم بيوت تصلح لذلك من أجل هذا قد يحتاج إلى هذه القصور، ولو عدمت لاكتفوا بشيء قليل وتعبروا، لكن وجودها صار سبباً للتكلف، والله المستعان. نعم.

    المقدم: ندع هذا الموضوع لعل الله سبحانه وتعالى يفتح عليكم سماحة الشيخ وتناقشونه إن شاء الله ويوجد له الحل، فالكثير يشكو منه.

    الشيخ: نعم، الله المستعان، نسأل الله التيسير، نسأل الله التيسير. نعم.

    1.   

    حكم الذهاب إلى الكهنة والمشعوذين

    السؤال: هنا رسالة من حوطة بني تميم باعثها أخونا عبد الله راشد طالب ، أخونا يقول: أرجو أن تقدموا رسالتي هذه إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، وتساؤلي هو: نسمع كثيراً عن الكهنة والمنجمين، فما صحة ديانة من يذهب إليهم والإيمان بأقاويلهم ذلكم أنهم يأتون بما يثبت الصحيح، فمن ذلك: أنهم يخبرون المرء باسم قريب من أقاربه ويصفون له منزله، وربما وصفوا له ما عنده من المال والأولاد.. ويستمر في سرد ما يقوله أولئك سماحة الشيخ ويرجو التوجيه؟

    الجواب: هذا موجود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقبله وبعده ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان الكهان وعن سؤالهم، قال عليه الصلاة والسلام: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) رواه مسلم في صحيحه، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وسأله بعض الناس عن إتيان الكهان؟ قال: لا تأتوهم، وقال: ليسوا بشيء . قالوا: يا رسول الله! إنهم يصدقوننا في بعض الأحيان، قال: تلك الكلمة يسمعها الجني من السماء -المسترق للسمع- فيقرها في أذن وليه من الإنس -وهو الكاهن والساحر- فيصدق في تلك الكلمة ولكنهم يقرفون ويزيدون عليها مائة كذبة -وفي رواية: أكثر من مائة كذبة-) فيقول الناس: إنه صدق يوم كذا وكذا، فيصدقونه بتلك الكلمة التي سمعت من السماء وتكون وسيلة إلى تصديقه في كذبه الكثير.

    فالكهان لهم أصحاب من الشياطين من الجن، الكاهن هو الذي له رئي، يعني: صاحب من الجن يخبره عن بعض المغيبات وعن بعض ما يقع في البلدان، وهذا معروف في الجاهلية وفي الإسلام وهو الكاهن، وهو الذي له صاحب من الجن يشعره ويخبره عما يلقاه من شياطينه وإخوانه فيقول: جرى كذا، ووقع كذا في البلد الفلانية؛ لأن الجن يتناقلون الأخبار فيما بينهم، والشياطين تتناقل الأخبار فيما بينها، فيخبر بعضهم بعضاً بسرعة هائلة من الشام إلى اليمن من اليمن إلى الشام إلى مصر إلى نجد إلى أمريكا إلى أي مكان، بينهم تناقل للأخبار فلهذا قد يغتر بهم من يسمع صدقهم في بعض المسائل.

    وكذلك قد يعرف الشيطان قريب هذا المبتلى؛ أخوه .. عمه من الشياطين التي بينهم، كل إنسان معه شيطان، كل إنسان منا معه شيطان، معه قرين من الإنس وقرين من الجن، كل واحد من بني آدم، فالشياطين يخبر بعضها بعضاً ويدل بعضها على عورات بعض وقد تخبر عما عندهم من المال، ما عندهم من الأولاد، ما عندهم من الأثاث، كل هذا يقع بين الناس.

    وقد يسترقون السمع فيسمعون بعض ما يقع في السماء بين الملائكة مما يتكلم الله به جل وعلا من أمور أهل الأرض وما يحدث في الأرض، فيتسامعون تلك الكلمة، فإذا سمعوها قروها في أذن أصحابهم من الكهنة والسحرة والمنجمين، فيقول المنجم والساحر والكاهن: سوف يقع كذا سوف يقع كذا، عن تلك الكلمة التي سمعت من السماء، ولا يكتفي بهذا بل يكذب معها الكذب الكثير حتى يروج بضاعته وحتى يأخذ أموال الناس بالباطل، فهي بسبب هذا الكلام الذي ينقله إليهم سوف يجري كذا سوف يقع كذا، إذا صدق في موضع نقل الناس هذا الصدق الذي وافق فيه الخبر الذي وقع في السماء، أو وافق فيه الحوادث التي وقعت في بعض البلدان، فعند هذا الناس يغلب عليهم تصديقهم بسبب هذه الحوادث، فيقولون: صدق في يوم كذا، صدق في كذا، صدق في كذا، والمرضى يتعلقون بخيط العنكبوت ويتشبثون بكل شيء، فلهذا يأتون الكهنة ويأتون المنجمين ويأتون السحرة بسبب ما قد يسمعون عنهم أنهم صدقوا في كذا وصدقوا في كذا.

    فالواجب عدم إتيانهم وعدم سؤالهم وعدم تصديقهم ولو قدر أنهم صدقوا في بعض الشيء، الواجب تركهم بالكلية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيانهم، ونهى عن سؤالهم ونهى عن تصديقهم، فالواجب على المسلمين أن لا يصدقوهم وأن لا يسألوهم وأن لا يأتوهم بالكلية، هذا هو الواجب على الجميع، وأن يسلكوا في علاج المرضى ما شرعه الله من القراءة والدواء المباح ونحو ذلك مما يعرفه الأطباء، فبين الأطباء وبين القراء الذين يرقون المرضى ويعرفون بإسلامهم ودينهم، هذه هي الأسباب الشرعية والوسائل الشرعية، أما إتيان الكهان والمنجمين والرمالين والعرافين وسؤالهم هذا منكر لا يجوز، نسأل الله العافية والسلامة. نعم.

    1.   

    حكم كون الخطيب والإمام واحداً في الجمعة

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من الأخ عبد الله يوسف عبد الله ، أخونا يقول: قرأت في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة رأياً للمالكية في شروط صحة الجمعة التي من صحتها الإمام، وحتى الإمام من شروطه شرطان: أحدهما: أن يكون هو الخطيب، وإذا كان من خطب غير من صلى فالصلاة باطلة إلا أن يكون هنالك عذر منع الإمام، ولم أجد إشارة لهذا الشرط عند الشافعية حيث أنني رأيت في صلاة الجمعة أحداً يخطب وآخر يصلي، فما هي الإجابة؟ هل صحيح أنه يجب أن من يخطب هو الذي يصلي، وإذا كنت مالكياً فكيف تكون صلاتي هل هي باطلة كما ورد في رأي المالكية؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء، ووفقنا في اتباع الرأي الصائب.

    الجواب: المسألة مسألة خلافية بين أهل العلم، والصواب أنه لا يشترط أن يكون الخطيب هو الإمام في الصلاة؛ لأن الخطبة منفصلة ليس لها اتصال بالصلاة، فالصلاة منفصلة والخطبة منفصلة، فالأفضل والسنة أن يتولى الخطابة من يتولى الإمامة فيكون هو الإمام وهو الخطيب يوم الجمعة، وهكذا العيد، لكن لو قدر أن الخطيب لم يتيسر له ذلك بأن أصابه مانع أو حيل بينه وبين ذلك فالصلاة صحيحة، وهكذا لو صلى باختياره ولم يخطب بل استناب من يخطب عنه فلا بأس، الصحيح أنه لا حرج في ذلك؛ لأن هذا منفصل، هذه عبادة مستقلة وهذه عبادة مستقلة، فالذين أجازوا أن يتولى الإمامة غير الخطيب لا حرج في ذلك ولا بأس بذلك قولهم صحيح.

    فالصواب في هذا أنه لا بأس أن يتولى الإمامة غير من تولى الخطبة هذا هو الصواب؛ لأن هذه عبادة مستقلة وهذه عبادة مستقلة، ولكن الأفضل والأولى أن يتولاهما واحد كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده، السنة أن يكون الإمام هو الخطيب، لكن لو عرض عارض ومنع مانع فصلى غير الخطيب فلا بأس.

    1.   

    حكم ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا وقع منه ضرر على الشخص

    السؤال: هنا رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات تقول: (ع.ع) من جمهورية مصر العربية وتقيم في وادي الدواسر، أختنا تقول: إنها كانت تعمل ممرضة في وحدة مدرسية أنكرت منكراً رأته في عملها فكان سبباً لطردها من العمل، وكان سبباً لتعاستها ولمتاعب نفسية، وأصبحت أيضاً تنهى أولادها عن أن ينكروا أي منكر، وترجو التوجيه.

    الجواب: لا شك أن هذا غلط كبير بل الواجب عليها إنكار المنكر ولا يضرها كونها طردت أو استغني عنها فقد أرضت ربها جل وعلا وفعلت ما ينبغي لها والأمور بيد الله سبحانه وتعالى، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) والله يقول في كتابه العظيم سبحانه وتعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة:71] ويقول جل وعلا: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].

    فإذا فعلت ذلك طاعة لله والتماساً لمرضاته فإن العاقبة تكون حميدة، ولا يضرها ما فعله، سوف يغنيها الله عن ذلك وسوف يغنيها عما طردت عنه وما أقيلت منه، فالله هو الرزاق جل وعلا وبيده الخير كله سبحانه وتعالى وهو القائل عز وجل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] وهو القائل سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].

    فعلى المؤمن وعلى المؤمنة تقوى الله جل وعلا، وعلى المدرسة والطبيبة تقوى الله، وعلى كل مؤمن تقوى الله في إنكار المنكر والدعوة إلى الخير بالحكمة والكلام الطيب، وليس لها أن تنهى أولادها عن إنكار المنكر بل توصيهم بإنكار المنكر والأمر بالمعروف ولكن بالحكمة، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن لا بالشدة والعنف والغلظة، ولا بالفعل بل بالقول؛ لأنه لا يستطيع الفعل إلا أولو الأمر ومن فوض له هذا الأمر، أو الإنسان في بيته مع أهله قد يستطيع ذلك بالفعل، أما مع الناس يكفي أن ينكر باللسان ويقول: يا أخي اتق الله هذا لا يجوز هذا منكر، إذا كان يعرف ذلك، إذا كان عنده علم، أما إذا كان ما عنده علم فليس له الإنكار، إنما ينكر من عنده علم أن هذا منكر وأن هذا نهى الله عنه سبحانه وتعالى، نعم.

    1.   

    كيفية التصرف عند تمزق الإحرام

    السؤال: هنا رسالة وصلت إلى البرنامج من أخينا خالد محمد هنيدو أخونا يقول: إذا كان الإنسان محرماً بالحج أو العمرة وتمزق إحرامه بسبب سقوطه على الأرض، فهل يجوز له أن يخيطه أم لا؟

    الجواب: له أن يخيطه وله أن يبدله لا بأس إذا انشق إحرامه أو إزاره أو رداؤه وخاطه لا بأس، وكذلك لو أبدله بغيره لا بأس، المخيط المنهي عنه هو المخيط الذي يحيط بالبدن كالقميص والفلينة وأشباه ذلك، أما مخيط قطعة في قطعة مثل الرداء، قطعتين ثلاث يخيط بعضها في بعض يجعلها رداء أو إزار لا بأس، هذا لا يضر ولا يمنع، الممنوع منه إذا قيل: المخيط، المراد بالمخيط الذي يحيط باليد بالبدن بالرجل كالخف هذا هو الذي ينهى عنه، أما مخيط لا يحيط بالبدن مخيطاً بل قطعة ثوب لا يكون قميصاً ولا يكون مثل القفاز، ولا يكون مثل الخف ولا يكون مثل الفلينة بل هو قطعة يوصل بعضها ببعض، فهذا لا بأس به ولا حرج فيه.

    1.   

    حكم جمع المسافر للصلوات الخمس في آخر اليوم

    السؤال: هل يجوز للمسلم إذا كان مسافراً سفراً طويلاً أن يجمع الصلوات الخمس في آخر اليوم؟

    الجواب: هذا منكر عظيم لا يقوله أحد من أهل العلم، يجمع الصلوات الخمس! هذا منكر عظيم، لا، ليس له ذلك وإنما يجمع بين الظهر والعصر فقط في وقت إحداهما وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، أما الفجر فلا تجمع إلى غيرها، تصلى في وقتها دائماً في السفر والحضر، بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس، أما الظهر والعصر فلا مانع من جمعهما قبل أن تصفر الشمس، يصلي الظهر مع العصر بعد دخول وقت العصر لكن قبل أن تصفر الشمس لا يؤخر، أو يقدم العصر معها في السفر مع الظهر جمع تقديم، وهكذا المغرب والعشاء إما أن يقدم العشاء مع المغرب فيصليهما بعد دخول الوقت أو يؤخر المغرب ويصليها مع العشاء بعد غروب الشفق وقبل نصف الليل، هذا هو المشروع للمسلمين، أما جمع الجميع في آخر النهار هذا لا يجوز. نعم.

    1.   

    شرح حديث: ( اثنتان في الناس هما بهم كفر..)

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من الأخ: صهيب (ن . أ) أخونا يقول: لو تفضلتم بشرح الحديث التالي، يقول صلى الله عليه وسلم: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت) وما معنى الكفر بالذات في هذا الحديث؟

    الجواب: هذا حديث صحيح رواه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت) الطعن في النسب: التنقص لأنساب الناس، فلان فيه كذا فلان فيه كذا، فلان نسبهم فيه كذا فيه كذا يطعن في أنسابهم ويعيبها لشيء في نفسه، أو ترفعاً وتكبراً، هذا لا يجوز، أما إذا كان من باب الخبر: بني تميم صفتهم كذا، قحطان كذا، قريش كذا، بني هاشم كذا، يخبر أنسابهم أنهم قبائل وأنهم كذا وأنهم..، يخبر عن أحوالهم من غير طعن بل يخبر عن أنسابهم وتفاصيلها، فهذا ليس من الطعن في الأنساب، الطعن معناه: العيب والتنقص لهم تكبراً وتعاظماً أو لإظهار عوراتهم والغيبة لهم ونحو ذلك، ليس قصده سوى ذلك.

    والنياحة معناها: رفع الصوت على الميت، كونه ينوح يعني: يرفع صوته، يبكي بصوت واضح ظاهر، هذا ممنوع، والكفر هنا كفر دون كفر، الكفر هنا كفر منكر عند أهل العلم فهو كفر أصغر؛ لأن الكفر كفران، والظلم ظلمان، والشرك شركان؛ أكبر وأصغر، فالشرك الأكبر مثل: دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم، أو للأصنام، أو للأشجار والأحجار، أو للكواكب هذا شرك أكبر، والشرك الأصغر مثل قول: لولا الله وفلان، ما شاء الله وشاء فلان، هذا شرك أصغر، الواجب أن يقول: لولا الله ثم فلان، ما شاء الله ثم شاء فلان، وهكذا الحلف بغير الله كقوله: والنبي أو بالنبي أو وحياتك هذا شرك أصغر، هكذا الرياء اليسير مثل كونه يستغفر يسمع الناس يرائي أو يقرأ يرائي، هذا شرك أصغر.

    والظلم ظلمان: أكبر وأصغر، فدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات وجحد ما حرم الله كالزنا ونحوه يعني: استحلال ما حرم الله وجحد تحريمه، هذا كفر أكبر، وهكذا جحد ما أوجب الله كجحد وجوب الصلاة أو جحد وجوب الزكاة كفر أكبر، وكالذبح لغير الله والعبادة لغير الله كعبادة الكواكب والأموات والأصنام والأشجار هذا كفر أكبر.

    وكفر أصغر مثل: النياحة على الميت، مثل الطعن في الأنساب، مثل التبرؤ من الأنساب، مثل الحلف بغير الله، يقال: كفر دون كفر، هذه تفاصيل الشرك الأكبر والأصغر والظلم الأكبر والأصغر وهكذا الكفر الأصغر والأكبر.

    وهكذا الظلم مثل ظلم الناس في دمائهم وأموالهم هذا ظلم أصغر، والشرك الأكبر يسمى: ظلم أكبر، قال تعالى: وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:254] وقال سبحانه: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82] فسر النبي صلى الله عليه وسلم الظلم هنا بالشرك الأكبر.

    فالكفر كفران والظلم ظلمان والشرك شركان؛ أكبر وأصغر، والذي في حديث : (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت) هذا من الكفر الأصغر. نعم.

    المقدم: سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم والمستمعون على خير.

    الشيخ: نعم.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    من الإذاعة الخارجية سجلها لكم زميلنا عبد الله عريف الحربي .

    شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755804774