بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته أيها الإخوة الكرام، وأيتها الأخوات الفاضلات!
وأسأل الله عز وجل الذي جمعني بكم جميعاً في هذه اللحظات الطيبة على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة، وإمام النبيين، وسيد المرسلين، في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
لقد أحسن الله عز وجل لنبينا صلى الله عليه وسلم الخَلْق والخُلُق، بل وأكمل له المحاسن خَلْقاً وخُلُقاً.
فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم -كما ذكرت قبل ذلك- عجيبة من عجائب الكون، وآية من آيات الله تبارك وتعالى، كان أحسن الناس وجهاً، وكان إذا سر وسعد استنار وجهه كأنه فلقة قمر!
بل كان صلى الله عليه وسلم إذا غضب يحمر وجهه، حتى تشعر وكأنك قد فقأت في وجهه حب الرمان، صلى الله عليه وسلم.
كان أبيض مليحاً كأنما صيغ من فضه، كانت لحية الحبيب صلى الله عليه وسلم تملأ صدره، كان كث اللحية، وكان واسع الصدر عظيم المنكبين، وكان صلى الله عليه وسلم إذا تكلم كأن النور يخرج من بين ثناياه صلى الله عليه وسلم.
يقول
علي رضوان الله عليه، وهو الذي تربى في حجره: (
والله لم أر قبله ولا بعده أحسن منه)، عليه الصلاة والسلام، وانظر إلى ما يقول سيدنا
البراء بن عازب ، والحديث في الصحيحين: (
ما رأيت من ذي لمة -اللمة: بكسر اللام وتشديد الميم، هو الشعر الذي يجاوز شحمة الأذنين- في حُلة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ويقول
أبو هريرة رضوان الله عليه -والحديث في مسند أحمد وسنن الترمذي بسند صحيح -: (
والله ما رأيت أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه) أتمنى أن نعيش في هذه اللحظات مع النبي عليه الصلاة والسلام، وفي لفظ: (
إذا نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن الشمس طالعة)، الله!
وانظر إلى التعبير الجميل، والوصف البديع الذي يصف به سيدنا
أنس خادم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصفه وصف محب لحبيبه، والحديث في الصحيحين، ماذا قال؟ قال: (
خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين -أي: أنه كان مع النبي عليه الصلاة والسلام ليلاً ونهار، إلا في الأوقات الخاصة به عليه الصلاة والسلام- فما قال لي: أف قط، وما قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء تركته: لم تركته؟ وما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله، وما شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من ريح رسول الله)، بأبي هو وأمي وروحي!
كان عرق النبي صلى الله عليه وسلم أطيب من المسك
نعم كان عرق الحبيب صلى الله عليه وسلم أطيب من المسك، روى
مسلم في صحيحه، و
أحمد في مسنده وغيرهم: (
عن أم سليم رضوان الله عليها أن النبي عليه الصلاة والسلام كان عندها في وقت الظهيرة يوماً، وكان الجو شديد الحر، فعرق رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ فجاءت
أم سليم رضي الله عنها بقارورة (زجاجة)، لتسلت العرق في هذه الزجاجة، فاستيقظ النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: ما تصنعين يا
أم سليم ؟! قالت: عرقك أطيب طيبنا يا رسول الله!).
وتعال انظر إلى
أم معبد رضوان الله عليها، التي شرفت وكرمت بأن دخل الحبيب صلى الله عليه وسلم خيمتها يوم الهجرة، وهي لا تعرف رسول الله عليه الصلاة والسلام، ودخل الخيمة، وكانت لا تملك شيئاً إلا الشاة التي كانت لا تحمل لبناً؛ لأنه لم ينز عليها الفحل بعد، ولما سألها
الصديق رضوان الله عليه هل من طعام أو شراب؟ قالت: والله! لا أملك إلا هذه الشاة التي لم يسر اللبن في ضرعها بعد، ومسح النبي صلى الله عليه وسلم على ظهر هذه الشاة، وسال اللبن، وتحرك الضرع بهذا اللبن الغزير الوفير؛ فتعجبت هذه المرأة من هذه البركات التي حلت عليها وعلى خيمتها!!.. من هذه الإشراقات والأنوار الربانية التي حلت بدخول سيد البشرية في خيمتها!! فلما انصرف النبي عليه الصلاة والسلام ورجع زوجها؛ وجد أن الأمر فيه شيء، وأن الوضع متغير.
يا أخي! لو دخل
مصعب بن عمير رضوان الله عليه شارعاً من الشوارع وطريقاً من الطرقات، كان أهل الطريق يعرفون أن
مصعبا قد دخله لطيبه وريحه، فما ظنك بطيب الطيب صلى الله عليه وسلم!!
ونحن قد قلنا: إن عرقه أطيب من الطيب عليه الصلاة والسلام، فلما عاد زوج
أم معبد سألها، فقصت عليه، قال: لعله الرجل الذي خرج في مكة -وهو لا يعرفه- صفيه لي يا
أم معبد!
وانظر إلى المرأة العربية البدوية، تصف الحبيب صلى الله عليه وسلم وصفاً عجيباً، فتقول ببساطة: (رجل ظاهر الوضاءة، مليح الوجه، حسن الخلق، إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم علاه البهاء -عليه الصلاة والسلام- أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً) تعبير عجيب؛ غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً!
قال الشاعر:
أغر عليه للنبوة خاتم من نور يلوح ويشهدُ
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهدُ
وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمدُ
صلى الله عليه وسلم.
لا أريد أن أطيل النفس في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنحتاج إلى لقاءات ولقاءات.
رحمة النبي صلى الله عليه وسلم
صفة النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب السماوية السابقة
كان خلقه القرآن
كان النبي صلى الله عليه وسلم قرآناً متحركاً في دنيا الناس كما قالت الفقيهة الحَصان الرزان الصديقة بنت الصديق
عائشة رضوان الله عليها وهي تصف الحبيب صلى الله عليه وسلم هذا الوصف البليغ العجيب حين قالت: (
كان خلقه القرآن).
نعم، لقد كان الحبيب قرآناً متحركاً بين الناس، وهذا هو السر الحقيقي الذي جعل القلوب تتعلق به، وتشتاق إليه، وتهفو إليه، وتحن إليه، بل وتحترمه مع أنها قلوب أعدائه، فقلوب الأعداء أجلته وأحبته وأكرمته، لماذا؟ لأنه كان قرآناً متحركاً بين الناس، كان إذا أمر فهو أول من يأتمر، وكان إذا نهى فهو أول من ينتهي، وكان إذا حد فهو أول من يقف عند حدود الله تبارك وتعالى.
لما أمر بالعبادة قام متعبداً خاشعاً خاضعاً بين يدي الله حتى تورمت قدماه، فلما سئل عن ذلك قال: (
أفلا أكون عبداً شكوراً؟!).
ولما أمر بالبذل؛ أنفق كل ما يملك، حتى جاءه رجل ليسأله الصدقة؛ فأعطاه الحبيب غنماً بين جبلين، فعاد هذا الرجل إلى قومه ليقول: (
يا قوم! أسلموا؛ فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر).
أمرهم بالجهاد وبذل النفس؛ فكان في مقدمة الصفوف، لا يجبن ولا يتأخر، بل كان إذا اشتد الوطيس وحميت المعارك، وفر الشجعان، وصمتت الألسنة الطويلة، وخطبت السيوف والرماح على منابر الرقاب؛ قام الحبيب ينادي بأعلى صوته ويقول: (
أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب) صلى الله عليه وسلم.
من هنا تعلقت به القلوب؛ لأنه كان قرآناً متحركاً في دنيا الناس.
مداخلة: طيب، كلنا نرى الناس هذا الوقت فيهم بعض القسوة، والدعوة لهذا فن وخلق وأسلوب، فليتك تكلمنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلقه في الدعوة.
الشيخ: ما شاء الله، جميل، أود في البداية أن أقول: ليس كل من ينشغل بالدعوة إلى الله عز وجل يتصف بمثل ما تفضلت به، ولكنني أتفق مع حضرتك تماماً في أن بعض إخواننا ممن يتحركون لدين الله ولدعوة الله لا يعرفون شيئاً عن خلق صاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم، في كيفية وفن الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.
نعم أخي الحبيب، وجزاك الله خيراً؛ لأننا في أمس الحاجة الآن إلى أن يتربى شبابنا، وإلى أن يتعلم دعاتنا من سيد الدعاة، وإمام التقاة، وسيد النبيين والمرسلين صلى الله عليه وسلم.
أيها الأفاضل! إننا لا نتعامل في دنيا البشر مع ملائكة بررة، ولا مع شياطين مردة، ولا مع أحجار صلدة، إنما نتعامل مع بشر، وفيهم الخير والشر .. فيهم الحلال والحرام .. فيهم الحق والباطل .. فيهم الإقدام والإحجام .. فيهم الطاعة والمعصية.
فيجب علينا أن نعلم يقيناً أن لهذه النفوس البشرية مفاتيح محددة، يجب علينا أن نمسك بها؛ حتى نستطيع أن نسبر أعماق هذه النفوس البشرية؛ لنصل إليها من أقصر طريق، وأفضل وأقصر طريق لنصل من خلاله إلى قلوب الناس هو طريق محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ينطلق من منطلقات ثابتة حددها له ربه تبارك وتعالى، إن المنهج الدعوي منهج توقيفي، ليس برغبتك ولا برغبتي، منهج الدعوة إلى الله عز وجل منهج توقيفي له ضوابط، وله أصول.
صحيح قد تختلف وسيلة الدعوة من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان؛ قد تختلف من دعوة إلى الله بالأشرطة .. بالكتيبات.. بأي وسيلة من الوسائل، لكن المنهج توقيفي، لا يجوز لأي داعية -أياً كان- أن يختار لنفسه المنهج الذي يريد.
قصة: صلِّ يا حمار!
والله الذي لا إله غيره، لقد رأيت -وأنا في طريقي إلى مسجد من المساجد- رجلين التقى كل منهما بالآخر، ويبدو أن أحدهما كان على سفر، فتعانقا وتصافحا في ساحة المسجد، في المكان الذي يتوضأ فيه الناس.
فقد دخل الرجلان بيت الله للصلاة، وبعد ذلك وقفا وتكلما: كيف الحال؟ وأنت فعلت ماذا .. وطال الوقوف، وإذ بأحد الإخوة أراد أن يذكر الرجلين بالدخول إلى المسجد حينما سمع المؤذن يقيم الصلاة، فوجدت هذا الرجل، ودخلت بقدر الله في هذا التوقيت، وإذ بهذا الأخ يقول للرجلين: صلّ يا حمار أنت وهو؛ فاقتربت منه، وأسكته آخذاً بكتفه وقلت له: لن يصليا، قال: كيف يا شيخ؟ قلت: لن يصليا يا أخي، قال: كيف لن يصليا؟ قلت له: هل فرض ربنا الصلاة على الحمير؟! الحمير لا تصلي؛ فاستحيا، قال: معذرة، قلت: اعتذر لهما يا أخي، لا تعتذر لي!!
هذه ليست طريقة دعوة إطلاقاً، نحن بذلك نخسر! أهل الباطل يتفننون في جذب القلوب إلى باطلهم، فيجب على أهل الحق أن يوصلوا الحق الذي معهم إلى القلوب بالحق.. بالحكمة.. بالرحمة.. بالتواضع.. بالأدب؛ هذه أخلاق سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم.
الزم هذا المفتاح تدخل به إلى البشرية!
مداخلة: معناه أن النفس البشرية مختلفة.
الشيخ: نعم، مختلفة، وهل تعرف ما المفتاح؟ حكمة، رحمة، تواضع، أدب، لا ينبغي على الإطلاق أن أخاطبك ولسان حالي يقول: أنا التقي وأنت الشقي، أنا الطائع وأنت المذنب، أنا المطيع وأنت العاصي، أنا العالم وأنت الجاهل!
لا،
كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا [النساء:94]، تذكر: إن كنت عالماً فمن الذي علمك؟
يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17].
قصة الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد
هيا بنا نرجع لصاحب المنهج، لخلق الحبيب صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، بالله عليك ماذا نفعل الآن لو دخل علينا رجل مسجدنا الذي نصلي فيه، وعلى مرأى ومسمع من الحضور قام هذا الرجل في جانب من جوانب المسجد، وتبوَّل -أعزكم الله-؟!!
مداخلة: سنقوم عليه كلنا.
الشيخ: أنا أتصور أنه لن يخرج من المسجد إلا محمولاً على نقَّالة، بل والله يا أخي أنا لا أبالغ إن قلت لك: لو فعل هذه الفعلة طفل لضرب!
لكن انظر إلى خلق الحبيب.. انظر إلى المنهج الدعوي، رجل أعرابي ليس له في (الأتيكيت) ولا يفهم في هذه المسائل، أراد أن يبول، وهو في المسجد النبوي، ولاحظ: أن المسجد ما كان خالياً، فسيدنا النبي موجود فيه وجالس مع أصحابه.
فقام هذا الأعرابي في طائفة -جانب من جوانب- المسجد، ووقف ليتبول، فقال الصحابة: مه! مه! ماذا تفعل؟ فيرد عليهم صاحب الخلق، والرحمة المهداة، الذي قال الله في حقه:
بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، يقول لهم: (
دعوه لا تزرموه) يا ألله (لا تزرموه) يعني: لا تقطعوا عليه بولته، دعوه يكمل تبوله، الله أكبر!
وتبول الرجل، ورسول الله جالس، وإذ بصاحب الخلق الكريم ينادي عليه بعدما انتهى: تعال، لكن هل شتمه، نهره، ضربه، جرح مشاعره؟ لا والله:
فهل استهزأ به، سخر منه، تهكم عليه؟ لا والله! فانظر ماذا قال صلى الله عليه وسلم.
قال: (إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا)، اسمعوا كيف الأدب؟! كيف التواضع والرحمة والحكمة والخلق؟ (
إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا، إنما جعلت للصلاة، ولذكر الله، ولقراءة القرآن).
وأمر النبي صحابياً من أصحابه، فأتى بدلو من الماء وصبه النبي صلى الله عليه وسلم على الموضع الذي تبول فيه هذا الأعرابي؛ فأزال النجاسة بالماء الطاهر، وانتهت القضية.
أريد من حضرتك أن تتصور حجم الأذى والضرر لو أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصحابة يوقفون هذا الأعرابي، فلو تركهم لفزع الأعرابي وقام؛ ونجس جلَّ المسجد، ولربما تعرض لشيء من الضرر والأذى، لكنه صلى الله عليه وسلم بحلمه ورفقه وأدبه وحكمته ورحمته وتواضعه قال: (لا تزرموه)؛ فتركز البول في موطن واحد، فكان من اليسير أن يطهر هذا المكان.
وهذا في رواية صحيح البخاري، والحديث في الصحيحين، وجاءت رواية أخرى في كتاب الأدب في صحيح البخاري، أن هذا الأعرابي تأثر بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام، وبهذا الحلم والرفق، فأول ما دخل الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يدعو الله عز وجل، فقال: (اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً).
تأثر بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً ).
طيب! فهل تركه رسول الله؟ لا، علمه درساً آخر وبأدب -يعلمه ثانية وثالثة- فماذا قال له عليه الصلاة والسلام؟ (
لقد تحجرت واسعاً!) أنت تضيق ما وسعه ربنا، لماذا؟ ربنا يقول:
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف:156]، لماذا تضيق رحمة الله عز وجل؟! لماذا تقصر الرحمة على النبي صلى الله عليه وسلم وعليك؟! (لقد تحجرت واسعاً) أي: ضيقت ما وسع الله تبارك وتعالى.
انظر إلى هذا الخلق! هذه دروس عظيمة نستطيع أن نخرج بها من هذا الحديث الواحد!!
قصة الذي تكلم أثناء الصلاة
لكن يجب علينا أن نتحرك كما تحرك سيد الدعاة، وإمام النبيين وسيد المرسلين، يجب علينا أن نتحرك بين الناس لنبدد جهلهم، ولنحول الشرك إلى توحيد، والمعصية إلى طاعة، والجهل إلى علم، والفجور إلى تقوى، والشر إلى الخير، والباطل إلى الحق، والحرام إلى حلال، ولكن بالحكمة والرحمة.
الرحمة
الحكمة
فهذه هي الأصول الدعوية للمنهج، وقال الله عز وجل لسيد الدعاة صلى الله عليه وسلم:
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ [النحل:125]، فلو سألنا سائل: ما هي هذه الحكمة، فالحكمة يدعيها كل أحد؟
فنقول: يقول
ابن القيم رحمه الله في تعريفها: الحكمة هي: قول ما ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، على الوجه الذي ينبغي.
وفي لفظ: فعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي- على الوجه الذي ينبغي)، وقال تعالى:
يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [البقرة:269]، فالحكمة: هي فعل ما ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، وأركانها: العلم والحلم والأناة -عدم العجلة- وآفاتها وأضدادها ومعاول هدمها: الطيش والعجلة والجهل.
فالحكمة نعمة، ومن أعظم عطاءات الله لمن تحرك في الدعوة إلى الله، فيجب أن نتحلى بها، فرب العزة يقول لسيد الدعاة:
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ [النحل:125]، (ادع) فعل أمر، متى تشتد، متى تلين، متى ترفع صوتك، متى تخفض صوتك، متى يعبس وجهك، متى تبتسم، لا بد أن تعطي لكل موقف ما يحتاج إليه، وهذا كله لا يتأتي إلا بالعلم، والعودة إلى منهج سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم للتعرف عليه، لا من أجل الثقافة الذهنية الباردة، ولا من أجل الاستمتاع السالب، فكثير من أحبابنا وأخواتنا الآن عندما يستمعون لخلق النبي العظيم عليه الصلاة والسلام يقول: ياسلام! ياسلام؟ وبعد ذلك نخرج ... كان يا ما كان على عهد النبي عليه الصلاة والسلام، كأننا نحكي قصة
أبي زيد الهلالي مثلاً، لهذا يجب علينا أن نحوله في حياتنا إلى واقع.. إلى منهج.. إلى عمل.
الموعظة والجدال بالتي هي أحسن