أما بعد:
عباد الله: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله رحمكم الله: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة:282].
عباد الله: إن في تاريخ العظماء لخبرا، وإن في سير العلماء لعبرا، وإن في أحوال النبلاء لمدّكرا، وأمتنا الإسلامية أمة أمجادٍ وحضارة، وتاريخ وأصالة، وقد ازدان سجلها الحافل عبر التاريخ بكوكبة من الأئمة العظام، والعلماء الأفذاذ الكرام، مثلوا عقد جيدها وتاج رأسها، ودري كواكبها، كانوا في الفضل شموساً ساطعة، وفي العلم نجوماً لامعة، فعدوا بحقٍ أنوار هدى، ومصابيح دجى، وشموعاً تضيء بمنهجها المتلألئ، وعلمها المشرق الوضاء غياهب الظُلَم، وتبددها أنوار العلوم والحكم.
إخوة الإيمان: في تاريخ الإسلام علماء ربانيون، وأعلامٌ عاملون، وأئمة مهديون، هم من منة الله على هذه الأمة، قاموا بالإسلام وللإسلام، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون به أهل العمى، ويرشدون به من ضل منهم إلى الهدى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائه قد هدوه، يقتبسون من نور الوحي، ويسبرون على مشكاة النبوة، عقيدة وعلماً وعملاً ومنهجاً ودعوة، فكم نفع الله بهم البلاد، وكم هدى بهم من العباد.
وإن ارتباط الأجيال اللاحقة والناشئة المعاصرة بسلفهم من العلماء الأفذاذ، ينتفعون بسيرتهم ويسيرون على منهجهم، ويقتبسون من نور علمهم وفضلهم، لهو من أهم الأمور التي ينبغي أن نعني بها، لا سيما العلماء وطلاب العلم والدعاة إلى الله، ورجال الحسبة والإصلاح، كيف ونحن نعيش في أعقاب الزمن حيث كثرت الفتن، وطمت المحن، واستحكمت الأزمات، وعمت الخلافات، وتباينت المشكلات والمعضلات، ولا مخلص منها إلا الاعتصام بالكتاب والسنة، والسير على منهج علماء سلف هذه الأمة رحمهم الله الذين يعدون أمثلة حية ونماذج فريدة، تمثل التطبيق الحي السليم، والمنهج العملي الصحيح للإسلام، عقيدة وسلوكاً.
ولهذا قال بعض أهل العلم: سير الرجال أحب إلينا من كثيرٍ من الفقه، غير ألا عصمة لأحدٍ من سائر الناس، والتعصب للرجال مذموم وخير الهدي هدي من لا ينطق عن الهوى: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:4].
قال عنه الإمام الشافعي رحمه الله: خرجت من العراق فما خلفت فيها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أتقى لله منه.
وقال عنه الإمام الذهبي رحمه الله: عالم العصر، وزاهد الدهر، ومحدث الدنيا، وعَلَمُ السنة، وباذل نفسه في المحنة، قَلَ أن ترى العيون مثله، كان رأساً في العلم والعمل، والتمسك بالأثر، ذا عقلٍ رزين، وصدقٍ متين، وإخلاصٍ مكين، انتهت إليه الإمامة في الفقه والحديث والإخلاص والورع، وهو أجل من أنه يمدح بكلمي أو أن أفوه بذكره بفمي.
أتدرون -يا رعاكم الله- من تعطرون أسماعكم بذكر سيرته؟!
إنه إمام أهل السنة الإمام الفذ والعالم الجهبذ، الإمام المفضل، والعالم المبجل، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله، من عرفته الدنيا، وذاع ذكره، وشاع صيته في الآفاق، إماماً عالماً فقيهاً محدثاً مجاهداً صابراً لا يخاف في الله لومة لائم، يتحمل المحن في سبيل الله، والذب عن سنة رسول الله، ويقارع الباطل بحكمة نادرة، لا تزعزعه الأهواء، ولا تميد به العواصف، حتى عد قمة عصره وما بعد عصره، وأجمع على جلالته وقدره، إلا عند من لم يعبأ بهم.
قال عنه يحيى بن معين : أراد الناس منا أن نكون مثل أحمد لا والله ما نقوى على ما يقوى عليه أحمد ولا على طريقة أحمد .
أما الدراية فهو ابن بجدتها والصيد في جوف الفرى، ملتزماً بفقه السنة، والعناية بالدليل والأثر، والأخذ بفتاوى الصحابة رضي الله عنهم.
رحل في طلب العلم إلى كثيرٍ من البلدان، حتى قال عنه ابن كثير : لقد طاف في البلاد والآفاق ليسمع من المشايخ، وكانت له همة عالية في الطلب والتحصيل، فما ترك لحظة من لحظات شبابه وكهولته، إلا حرص فيها على سماع حديث، أو تصحيح رواية، وما قصته في سماعه من عبد الرزاق بن همام الصنعاني في مكة وسفره معه إلى بلاده، مع بعد الشقة وانقطاع النفقة، إلا دليلٌ على علو الهمة ومضاء العزيمة، حتى عد حافظ زمانه.
قال ابن المديني : ليس في أصحابنا أحفظ منه.
وقيل لـأبي زرعة من رأيت من المشايخ المحدثين أحفظ؟ قال: أحمد بن حنبل ، حزرت كتبه في اليوم الذي مات فيه، فبلغت اثني عشر جملاً وأكثر، كلها يحفظها عن ظهر قلب.
ومع هذا العلم الجم، فقد خاف الإمام على نفسه البروز والشهرة والتصدر، فلم يجلس للتدريس إلا بعد الأربعين من عمره، كما قال ابن الجوزي رحمه الله، وما ذاك إلا مراعاة لسن النضج والاستيثاق من العلم.
وكان من شدة ورعه رحمه الله أنه لا يحدث إلا في كتاب خشية الزلل، مع قوة حافظته وشدة عارضته، ولا يسمح بتدوين فتاواه، ولا يرى تأليف الكتب تقوىً وورعاً منه عليه رحمة الله، قيل إنه لسعة علمه أجاب عن ستين ألف مسألة بقال الله وقال رسوله وفتاوى الصحابة رضي الله عنهم.
يقول علي بن المديني : لقد أعز الإسلام برجلين، بـأبي بكر يوم الفتنة، وبـأحمد بن حنبل يوم المحنة.
ولم يكن الإمام بمعزلٍ عن الأمة والمجتمع، بل كان عالماً عاملاً، مصلحاً مجاهداً، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، لكنه مع ذلك يلتزم مسالك الرفق والحكمة، ملتزمٌ بالطاعة، موافقٌ للجماعة، بعيدٌ النظر في الإصلاح.
يقول ابن عمه حنبل بن إسحاق بن حنبل رحمه الله فيما أخرجه الخلال في كتاب السنة : اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله -يعني الإمام أحمد رحمه الله- وقالوا له : يا أبا عبد الله إن الأمر قد تفاقم وفشى -يعنون إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك- ولا نرضى بإمارته وسلطانه، فناظرهم في ذلك وقال عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، لا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح ضَرٌ ويُستراح من فاجر، وقال: ليس هذا صواباً -أي: نزع اليد من الطاعة- هذا خلاف الآثار.
وفي ذلك عبرة على مدى التاريخ أن سلطان العلم، لا بد له من منهجٍ سليمٍ يتخذ مع سلطان الحكم، تحقيقاً للمصالح ودرأً للمفاسد، وتجنيباً للأمة غوائل الشرور وعاليات الفتن.
الله أكبر! ما أعظم العلم! وما أهم الفقه! وما أجل مكانة العالم إذا ثبت على السنة! لم تستمله العواطف، ونظر بعين الحكمة في مصالح الأمة.
أمة الإسلام: ولقد ضرب الإمام أروع الأمثلة في الثبات على المبدأ والصبر أمام الفتن، لقد أوذي وسجن، وضرب وأهين؛ فلم تلين له قناة، وبذل مهجته في سبيل الله، ولم يتزحزح عن حقٍ يراه ولو كلفه حياته، وهذه دروسٌ للعلماء والدعاة في كل زمانٍ ومكان.
لقد سخر بالأهوال التي حاطت به، والمخاطر التي حفت به، والمؤامرات التي أحيكت ضده، وهزأ بالسياط التي تلهب ظهره، ولم يبالي بالحديد الذي كبل فيه، والسجن الذي أودع به، وبالتالي ثبت أمام المغريات، كل ذلك هين ما دام في سبيل الله، وصيانة كتابه من عبث العابثين، وحفظه من اعتقادات المخالفين.
قال ابنه عبد الله : كان أبي أحرص الناس على الوحدة، لم يره أحدٌ إلا في المسجد، أو حضور جنازة أو عيادة مريض، وكان يكره المشي في الأسواق، ولا يدع أحداً يتبعه، وتلك والله مقامات العظماء، ومناهج العلماء الأتقياء.
فاتقوا الله عباد الله! اتقوا الله يا علماء الإسلام! اتقوا الله يا دعاة الإسلام! ويا طلاب العلم ويا أرباب الإصلاح! وليت الأمة اليوم وليت شبابها يتوجهون بعقولهم إلى علماء سلفهم؛ ليتذكروا القدوة الصالحة، والأسوة الحسنة حتى تحيي في أنفسهم سيرة سلفهم الصالح رحمهم الله، وسيرتهم خير طريقٍ لسعادة الدنيا والآخرة، وضمانة من الفتن، وبعدٌ عن المحن والله المستعان، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً [الأحزاب:23-24]. نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة سيد المرسلين، وبسير سلفنا الصالحين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه إنه كان للأوابين غفوراً.
أما بعد:-
فاتقوا الله عباد الله! وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [البقرة:281]. واعلموا -رحمكم الله- أن الأمة إذا لم تعتز بماضيها، وسير علمائها، والاستفادة من تاريخها؛ ضيعت حاضرها ومستقلبها، واضطربت مكانتها، وتخبط أجيالها، وسير سلفنا الصالح رحمهم الله شموعٌ على طريق العلم والدعوة والإصلاح، بهم يستفاد تصحيح المسار وتوجيه المسيرة، وتوازن الخطى.
ولقد ضل أقوامٌ زهدوا بسير سلفهم، والتفتوا يمنة ويسرة، يخبطون في شتى المذاهب، ويتذبذبون بين جديد المشارب: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً [النساء:83].
أيها الإخوة في الله: وحينما نقلب صفحة أخرى من حياة هذا الإمام نرى العجب العجاب، إنه الجانب الأسري، وتربية الأولاد، فلم تشغله هموم العلم والدعوة والإصلاح والجهاد عن أسرته وحسن العشرة لأهله وزوجه، يقول الإمام أحمد رحمه الله: تزوجت أم صالح فأقامت معي ثلاثين سنة فما اختلفت أنا وهي في كلمة واحدة .
أيها الإخوة في الله: وثمة صفحة أخرى من سجل هذا الإمام الخالد، هي إنصافه للمخالف، وسلامة صدره للمسلمين، وتقديره لأهل العلم وإن اختلف معهم، ولما عتب عليه بعضهم وأرادوا إثارة الخلاف بينه وبين الشافعي قال: مه! ما رأت عيناي مثل الشافعي ، وقال: إني لأدعُ الله للشافعي في صلاتي منذ أربعين سنة.
بعدها مرض بالحمّى، يقول ابنه عبد الله لما حضرت أبي الوفاة، جلست عنده فجعل يغشى عليه ثم يفيق ثم يفتح عينيه ويقول بيده: لا بعد، لا بعد، لا بعد، ثلاث مرات، ففعل هذا مرة ثانية وثالثة، فلما كانت الثالثة قلت له: يا أبتِ! إنك قلت كذا وكذا.
فقال: ما تدري، هذا إبليس قائم حذائي عاضٌّ على أنامله يقول: فتني يا أحمد ! وأنا أقول: لا بعد حتى أموت.
قال صالح فجعل أبي يحرك لسانه بالشهادة حتى توفي رحمه الله وله سبعٌ وسبعون سنة وأيام، وقد شهدت جنازته كما تقول كتب السير جمعاً لم يُشهد مثله، حتى قيل أن غير المسلمين أسلموا ذلك اليوم، وكان رحمه الله يقول: قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم الجنائز، وأوصى رحمه الله عند موته لأهله وذريته وللمسلمين خيراً.
تلك صفحاتٌ ناصعة، وذلك غيضٌ من فيض لا يوفيه حقه، وكم من معانٍ يعجز اللسان عن تصويرها، وحياة الإمام كلها معانٍ ومواقف، وحسبه إنه إمام السنة في علمه وعمله ودعوته وجهاده، وأنه حربٌ على الجهل والانحراف والبدعة، وقد خلف للأمة تراثاً علمياً، ومذهباً فقيهاً، له من المزايا والخصائص ما ليس لغيره، فرحمه الله رحمة واسعة، ورفع منزلته في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
وثمة تنبيه أخير: وهو أنه ليس الحديث عن عالم حطاً من مكانة غيره من العلماء فـأبو حنيفة رحمه الله ومالك والشافعي رحمهم الله وسائر الأئمة لهم حظهم الوافر في خدمة الإسلام وأهله، فرحمهم الله ورضي عنهم.
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير الورى، على النبي المصطفى والحبيب المجتبى، كما أمركم بذلك ربكم جلَّ وعلا فقال عز من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا بتوفيقك، وأيده بتأييدك، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك، وهيئ له البطانة الصالحة يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم وفق ولاة المسلمين للحكم بشريعتك واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم يا سميع الدعاء!
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم عجل بنصرهم يا قوي يا عزيز.
اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر