وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد.
فها نحن مع خاتمة الآيات من سورة القمر، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ * وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ * إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:47-55].
وقوله تعالى: يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ [القمر:48] بينا أن الناس في عرصات القيامة حين يحكم الله على شخص بالعذاب يسحب في عرصات القيامة بحبل من حديد في عنقه فيجر على الأرض إلى جهنم، وفي داخل جهنم كذلك يسحبون, يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ [القمر:48]، ويقال لهم استهزاء بهم وإهانة لهم: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [القمر:48], تفضلوا ذوقوا عذاب سقر، وسقر هي الدركة السادسة من دركات النار.
دائماً نضرب المثل فنقول: مهندس معماري أراد أن يبني عمارة أو فلة من الفلل, يجلس على كرسيه والطاولة أمامه بين يديه، ويأخذ القلم ويرسم في ورقة عمارة بخمسين طابقاً بأبوابها، نوافذها، سلالمها, كل ما فيها يرسمه ويعطيه للقادرين على التنفيذ فينفذونه بالحرف الواحد كما هو مكتوب، هذا موجود عندنا أو لا؟ وهل تشكون فيه؟
فالرب تبارك وتعالى قبل أن يخلق السماوات والأرضين وما فيهما خلق قلماً وقال: يا قلم! اكتب، فقال: ماذا أكتب؟ قال: اكتب كل ما هو كائن إلى يوم القيامة، فكل الأحداث الموجودة كتبها، ولا تقل: عجباً وأنت مع المهندس ما تعجبت، ثم بعد ذلك يخلق الله تعالى ما في ذلك الكتاب بالدقيقة باللحظة في الزمان في المكان، في الكمية في العدد في الصورة كما هو، لا يمكن أن يحدث حادث في الكون غير مسبوق في كتاب المقادير, والله! لا يوجد، لا بد أنه مكتوب في كتاب المقادير، بذلك قضى الله وقدر، قضى: حكم., وقدر الكمية والكيفية والزمان والمكان.
صنف يقال لهم: الجبرية, يقولون: ما نفعله مجبورون عليه فلا تلومونا، يقتل أمه ويقول: أنا مجبور, قدر الله علي، وعلى هذا فقيسوا، يقول: نحن مجبورون، لعنهم الله، وقد انتهى هذا النوع.
القسم الثاني: القدرية، يفعل ما يشاء ويقول: بقدرتي، ليس هذا مما كتب ربي, أنا بقدرتي أصوم وأصلي وأحج وأعمل وأعمل.
الصنف الثالث: وهم أهل السنة والجماعة الذين كانوا على عهد رسول الله وأصحابه، وأولادهم وأحفادهم، أهل السنة والجماعة يقولون: ما من حدث يحدث إلا وكتبه الله، فأنت حين تقوم تصلي كتب الله ذلك لك، ويثيبك عليه، وحين تقدم على جريمة تفعلها كتبها الله عليك ويجزيك بها.
فإن قلت: كيف نؤاخذ إذاً؟
فالجواب: المؤاخذة على أنه لما خلقك وبلغت سن التكليف وهبك عقلك وإرادتك وفهمك وعلمك، وحرم عليك الكذب، وتوعدك بالعذاب إن كذبت، فإن كذبت استوجبت العذاب، وإن كان ذلك مكتوباً في القدر وأنك ستكذب, لكن ما كذبت إلا بإرادتك وقدرتك، ما أكرهك أحد على الكذب، أما المكره فالله تعالى يقول فيه: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106].
أما من يقول: لا أصلي, فالقدر مكتوب ألا نصلي، أليس مأموراً بالصلاة؟ أما أنزل الله كتابه، أما بعث رسوله، أما خلق الجنة لذلك، أما خلق النار لذلك؟ فكيف يقول: لا أصلي؟ فإن صلى أثيب على صلاته, وإن تركها عوقب على ترك الصلاة.
فنعوذ بالله من الجبرية، نعوذ بالله من القدرية, وقد وجدوا في القرون الأولى وانتهوا، ونحن مع المؤمنين بالقضاء والقدر، فقد كتب الله لك الجنة وكتب أسبابها, وهي أنك تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله باختيارك بدون إكراه، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتفعل ما أمر الله بفعله باختيارك وبإرادتك، وتترك ما حرم الله باختيارك وإرادتك, فتدخل الجنة, فيتم ما قدره وكتبه باختيارك أنت وبإرادتك.
وكتب الله تعالى أن فلاناً من أهل النار، وعلم الله أنه سيبعث إليه الرسول ويأمره فلا يستجيب، وينهاه فما يستجيب، يدعوه فما يستجيب, ويكون مصراً على فسقه وفجوره، وبذلك يدخل النار, فقولوا: آمنا بالله وبقضائه وقدره، آمنا بقدر الله.
فاجتماعنا هذا بإرادتنا وباختيارنا, ونثاب عليه, وهو مكتوب في القضاء والقدر، واجتماع أهل الباطل وفسقهم وفجورهم هل أكرهوا عليه؟ أليس هو باختيار أنفسهم رغبة في الباطل والشر والمنكر؟ فعلوه فاستوجبوا النار، وهذا مكتوب في القضاء والقدر.
هكذا يقول تعالى: إِنَّا [القمر:49] أي: رب العزة والجلال والكمال, كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49] بانتظام.
وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ [القمر:50] وتقع بسرعة كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [القمر:50] ما تتأخر عن اللحظة، هذا هو الله جل جلاله، هذا هو رب العالمين، هذا هو أرحم الراحمين، هذا هو خالق الخلق أجمعين، هذا مولانا، هذا سيدنا، هذا إلهنا, به ننطق وبه نأكل ونشرب، وبه نجيء ونمشي, هو لا إله غيره ولا رب سواه, هذه مظاهر جلاله وكماله, وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ [القمر:50] أي: مرة واحدة، قال تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] ما هو بمرتين فيقول: كن فما يكون, ثم يقول: كن فيكون.
لم لا نتذكر هذا حتى لا نعصي الله ولا نخرج عن طاعته؟
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ [القمر:51] أمثالكم في كفركم وباطلكم وفسقكم وفجوركم, أهلكناهم، فكيف لا نهلككم أنتم؟ من يحفظكم، من ينجيكم منا إذا أردنا إهلاككم؟ ألا فتوبوا إلى الله، اشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأقيموا الصلاة واعبدوا الله.
هكذا يقول تعالى مذكراً قريشاً: وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:51].
أما اليوم فالذي ينكر هذا أحمق ومجنون، الآن مكتبة كاملة فيها ألف كتاب في ورقة على قدر الكف، فقولوا: آمنا بالله، سبحان الله!
والله! إنا لنقترب من يوم القيامة، سيأتي يوم لا يبقى فيه للكفر معنى, بم تكفر؟ كيف تكفر؟
وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ [القمر:52] هؤلاء المشركون الكافرون فِي الزُّبُرِ [القمر:52], أي: مكتوب في كتب تحفظ لهم وتعرض عليهم يوم القيامة.
فالسابقون قالوا: آمنا بالله، أخبر الله بهذا، والآن انكشف هذا الستار وأصبح عشرات الآلاف من الكتب تسجل في ورقة واحدة.
وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ [القمر:52-53] من الأحداث والأعمال مُسْتَطَرٌ [القمر:53] مسجل في كتاب المقادير، فحركتي هذه -والله- مكتوبة، وسواكك في يدك مكتوب.
ثم السؤال: من هم المتقون؟ هل هم بنو هاشم، اليهود، النصارى، السود, البيض, من هم المتقون؟
يجب أن نعرف هذا, فمن هم المتقون الذين أخبر تعالى عنهم بأنهم في جنات ونهر؟
المتقي من الرجال والمتقية من النساء من اتقى عذاب الله وسخطه، بم يتقى عذاب الله وسخطه؟ بحصون عالية؟ بأموال طائلة، بجيوش جرارة، بالسحر، بم يتقى سخط الله وعقابه وغضبه؟
الجواب: والله! ما يتقى الله إلا بالإيمان والطاعة فقط، أن يؤمن بما أمر الله أن يؤمن به, وأركان الإيمان ستة، ثم طاعة الله بفعل ما يأمر بفعله وبترك ما يأمر بتركه, تلكم التقوى، بهذا تتقي الله عز وجل.
لو قيل لك يا عبد الله: بم يتقى عذاب الله وسخطه وعذابه؟ فقل: يتقى بالإيمان به وبطاعته، آمن وأطع فأنت متق عذاب الله وسخطه، فكل مؤمن تقي هو لله ولي, أبيض أو أسود, عربياً أو عجمياً, كل ذلك شيء واحد، كل مؤمن تقي هو لله ولي، والمتقون هم ورثة الجنة: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:72].
فمن منكم يقول: أنا أريد أن أكون تقياً؟
أقول لك يا عبد الله: آمن وحقق إيمانك، أركان الإيمان ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وأن تكون مستعداً لأن تؤمن بكل ما أخبر الله به فتصدق الله وتؤمن به، وأن تؤمن بكل ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصدقه، وبذلك تكون المؤمن.
الطاعة: هي فعل ما يحب الله وترك ما يكره الله، الله يحب ويكره، فاعرف محابه وافعلها، اعرف مكارهه واتركها تكن تقياً ولياً، ومن هنا فطلب العلم فريضة، يجب أن تسأل العلماء عن محاب الله، ما هي الأشياء التي يحبها الله، ما هي الأفعال التي يحبها الله، ما هي الأقوال التي يحبها الله، ما هي الهيئات التي يحبها الله, يجب أن تعرف ذلك لتفعله، ثم تسأل العلماء: ما الذي يكره الله, ما هي مكارهه, بينوا لنا، فتحفظ كل المحرمات والمكروهات وتتركها، وبذلك تتحقق ولاية الله لك، أما الجاهل فما يصبح ولياً أبداً ولن يكون لله ولياً، فجاهل ما يعرف محاب الله كيف يفعلها؟ وما يعرف مكاره الله كيف يتركها؟
فلا بد أن يعرف كل ما يحب الله من الاعتقاد والقول والعمل والصفة، وأن يعرف ما يكره الله من ذلك ويجتنب المكروه ويبتعد عنه، ويفعل ذلك المحبوب ويجاهد نفسه حتى يكمله ويفرغ منه.
معشر المستمعين! هذه الكلمة -والله- تزن الدنيا بما فيها، والله! إنها لتعدل الدنيا بما فيها.
فالمتقون هم الذين آمنوا وأطاعوا الله ورسوله، هم المؤمنون المتقون، آمنوا بالله رباً لا رب غيره ولا إله سواه، وآمنوا بملائكته وكتبه ورسله وبالقضاء والقدر، آمنوا إيماناً صادقاً لا شك فيه ولا ريب, لو يحرق أو يصلب لا ينكر ذلك ولا يكذب.
ثم بعد ذلك عرفوا محاب الله من الاعتقادات والأقوال والأفعال والصفات وفعلوها، وجاهدوا أنفسهم ودنياهم وشياطينهم وأهواءهم, وفعلوا ما يحب الله وإن كانت النفس تكرهه، وعرفوا ما يكره الله من الأقوال والأفعال والاعتقادات المحرمة والباطلة، فتجنبوها وكرهوها، وبذلك أصبحوا أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؛ إذ قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62] من هم يا رب أولياؤك؟ قال: الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ [يونس:63-64], والبشرى: الرؤيا الصالحة يراها ولي الله أو ترى له قبل أن يموت.
فهل عرفتم أن طلب العلم فريضة أو لا؟ وقد قلت لكم: لا تستطيعون يا معشر البشر أن تعلموا نساءكم وأطفالكم وأولادكم وإخوانكم إلا إذا كنتم تجتمعون كل ليلة من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء في بيوت ربكم في مدنكم وفي قراكم، وذلك كل ليلة وطول العام، هذا نظام حياتنا، نتعلم الكتاب والسنة بالسماع والحفظ, فوالله! ما يبقى جاهل ولا جاهلة، ومن ثم فلا فاسق ولا فاسقة، وبدون هذا لن يتم العلم ولن يكون.
فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ [القمر:55] ما فيه لهو ولا باطل ولا كذب, مجلس رباني، عند من؟ عِنْدَ مَلِيكٍ [القمر:55], ذي دولة وسلطان، ذي ملك, وهو الله, و(مليك) أفضل من (ملك)، وهو ذو السلطان والقوة والقدرة, عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:55] فاللهم اجعلنا منهم.. اللهم اجعلنا ووالدينا والمؤمنين منهم يا رب العالمين.
[ هداية الآيات:
من هداية الآيات:
أولاً: بيان مصير المجرمين, والتخويف والتحذير من الإجرام الموبق للإنسان ].
من هداية الآيات: بيان مصير المجرمين, ومن هم المجرمون؟ هم الذين أجرموا على أنفسهم فأفسدوها وعفنوها، وأنتنوها، وأبلسوها؛ وذلك بترك محاب الله التي تطهر بها وتزكو، وبفعل ما حرم الله من تلك المحارم التي تخبث النفس وتدسيها.
[ ثانياً: تقرير عقيدة القضاء والقدر ].
من هداية الآيات التي تدارسناها: تقرير عقيدة القضاء والقدر، والناس في ذلك على ثلاثة أصناف: جبرية -والعياذ بالله تعالى- يفعلون كل منكر ويقولون: نحن مجبورون! وقدرية يقولون: نفعل نحن بقدرتنا لا بقدرة ربنا!
ومؤمنون ربانيون صادقون يقولون: نفعل ما نفعل بقدر الله حيث كتبه, وبقدرتنا نحن، ونثاب على ذلك ونعاقب عليه.
[ ثالثاً: تقرير أن أعمال العباد مدونة في كتب الكرام الكاتبين لا يترك منها شيء ].
من هداية الآيات: تقرير أن أعمالنا وأفعالنا وأقوالنا من الصباح إلى المساء طول العمر مدونة موجودة في كتاب، ويعرض علينا يوم القيامة، وقد قلت لكم: كان المؤمنون يؤمنون بهذا, ما يقول: كيف بمائة سنة تجمع لي في كتاب؟ أي كتاب هذا؟ والآن انكشفت هذه الحقيقة, والله! ما كشفها إلا الله تعالى، لتتجلى هذه الحقائق، وإنا لنقترب من الساعة.
[ رابعاً: تقرير أن كل صغيرة وكبيرة من أحداث الكون هي في كتاب المقادير اللوح المحفوظ ].
تقرير أن كل صغيرة وكبيرة من أحداث الكون في الأرض والسماء, كل ذلك مكتوب في كتاب المقادير قبل أن يخلق الله الخلق.
[ خامساً: بيان مصير المتقين مع الترغيب في التقوى؛ إذ هي ملاك الأمر وجماع الخير ].
من هداية الآيات: بيان مصير المتقين، مصيرهم في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، فاللهم اجعلنا منهم، وهم المتقون العالمون بمحاب الله الفاعلون لها، العارفون مكاره الله والتاركون لها.
[ سابعاً: ذكر الجوار الكريم, وهو مجاورة الله رب العالمين في الملكوت الأعلى في دار السلام ].
من هداية الآيات: ذكر جوار الله تعالى يوم القيامة في الجنة، فالمؤمنون الصادقون سوف يكونون جيراناً لله تعالى، يسكنهم في جنته وهو فوقهم.
والآن نسمع الآيات مرة أخرى:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ * وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ * إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:47-55].
الجواب: هذا القول باطل باطل باطل، لا يحل لك أن تنظر إلى امرأة في صورتها ولا في جسمها إلا من ضرورة تقتضي ذلك.
ثم هذه الصورة إذا كانت عندك في بيتك فالملائكة ما يدخلون بيتك، إن الملائكة لا يدخلون بيتاً فيه كلب ولا صورة، فكيف بهذه الصورة تنظر فيها أنت وتقول: ما فيها بأس؟! فإذا كانت الصورة في مجلة أو جريدة فأهنها واجعلها تحت الأرض أو تحت الفراش، لا تقدسها ولا ترفعها، ومن طهر بيته من ذلك فهو خير له.
الجواب: هؤلاء المستهزئون فاسقون كافرون إذا كان حقاً ما تقول، فكيف تسخر وتستهزئ بولي الله؟! أعوذ بالله منك، فالمؤمن ما يستهزئ بأي كائن, وكيف يستهزئ ويسخر؟ لا سيما أولياء الله, كيف يستهزئ بهم ويسخر منهم؟ ما آمن، ما هو بمؤمن أبداً، لو آمن لما فعل هذا.
الجواب: نعم عليه كفارة, فيقال له: أطعم عشرة مساكين، وإذا ما كان عندك النقود فصم ثلاثة أيام.
الجواب: اعلموا أنه لا يحل أبداً إلى يوم القيامة أن ندفن ميتاً في مسجد, والله! لا يحل ولا يجوز أن ندفن ميتاً في مسجد، هذا أولاً.
ثانياً: لا يجوز أبداً أن نبني مسجداً على قبر، فإن كانت حاجة فإننا ننبش القبر وننقل عظامه ثم نبني المسجد، لا يحل أبداً أن نبني مسجداً على قبر، ولا أن ندفن ميتاً في مسجد.
ولكن عم الجهل وانتشر الفساد في العالم ووجدت مساجد فيها قبور، فنقول: إذا ما كان هناك مسجد إلا هذا فصل في هذا ولا حرج، ولكن لا تصل لا فوق القبر ولا تجعله أمامك، صل في جانب من المسجد ولا حرج، وصلاتك صحيحة.
وأما نبش القبر لنقل العظام؛ فإذا كان هذا النبش يحدث فتنة وحرباً فتسيل الدماء؛ فلا يجوز، ليتركوه كما هو، فإن وافق الحاكم والمسئولون وقالوا: ننبش هذا القبر فلهم ذلك، يخرجون عظامه ولا بأس.
الجواب: لا يجوز.. لا يجوز.. لا يجوز، لا يحل أن تودع مالك في بنك ربوي، وإن أودعته للضرورة فلا يحل لك أن تأخذ فلساً واحداً أبداً، وإن أعطاك مليوناً فقل: أنا مسلم لا يحل لي هذا، ولا تأخذه.
الجواب: اجتهدوا في أن تتعلموا فقط، وما دمتم مجتهدين في التعلم فصلاتكم صحيحة، أما من تعلم فلا يحل له أن يخرج حرفاً من غير مخرجه أبداً، لكن أثناء التعلم لا حرج، فمن لم يجد من يعلمه فلا حرج عليه، يقرأ بما يستطيع ويصلي.
الجواب: احرقها، أو ادفنها في التراب.
وقد يقال: لو استفاد منها وسجل عليها محاضرات أو قرآناً؛ لأنه يمكن أن يسجل عليها؛ فهل يصح ذلك؟
فنقول: إذا كان يسجل عليها ما هو حق وبيان فلا بأس, فذلك أحسن من حرقها ودفنها.
الجواب: لا يعيد, إلا إذا أحس بانتعاش ذكره وبلذة فنعم يجب أن يغتسل، وأما ما دام أن هذا باق في الذكر فلا يضره.
الجواب: إذا أخبر بهذا رسول الله قلنا به، وإذا ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم فلا نقول بدون علم، وقد بينا ووضحنا وكتبنا رسالة في ذلك ونشرناها، ورددنا على من يقول: لا تحرك أصبعك ولا تشر به إلا عند: أشهد أن لا إله إلا الله، فقلنا: السنة أن تحركه من قولك: التحيات لله, تشير بأصبعك وأنت بين يدي ربك تتكلم معه تؤكد كلامك, فتقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.. حتى تفرغ من كلامك مع ربك وأنت تشير، هذه هي السنة النبوية.
الجواب: أما شرط ألا يتزوج عليها الزوج؛ فعلى هذا الزوج ألا يقبل هذا الشرط, لا يعقد عليها، يقول لها: أعقد عليك عقداً عاماً, أما بهذا الشرط فما أقبل، حتى تسكت هي وتنقطع.
وأما الشرط الثاني: فأن تشترط عليه أن تطلق نفسها، وهذا كله باطل.. باطل.. باطل، ما هو من الإسلام في شيء، ليس هذا من دين الله.
الجواب: الزيارة الحقة المشروعة زيارة المسجد النبوي الشريف، تأتيه من الصين أو من الأمريكان، بالطائرة أو في البحر، أو ماشياً على رجليك, وهي عبادة عظيمة وأجر كبير, أي: زيارة المسجد النبوي، هذا أولاً.
فإذا فرغت من المسجد النبوي وتشرفت بالسلام على رسول الله وصاحبيه؛ فحينئذ بقيت زيارات مستحبة ما هي بواجبة ولا سنة:
منها: زيارة البقيع لتسلم على أهل البقيع، وتدعو لهم بالمغفرة والرحمة.
ومنها: زيارة مسجد قباء للصلاة فيه لا لزيارته, بل لصلاة ركعتين فيه ليكون لك أجر عمرة إن شاء الله تعالى.
ثالثاً: زيارة الشهداء في أحد؛ إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورهم ويسلم عليهم، فتأتي شهداء أحد وتسلم عليهم وتدعو لهم, هذه هي المقامات التي تزار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر