اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
لا زلنا نتدارس الباب الثاني من أبواب الطهارة من جامع الإمام أبي عيسى الترمذي عليه وعلى جميع المسلمين رحمات رب العالمين، وقد دار هذا الباب حول فضل الطهور، باب ما جاء في فضل الطهور، وقد روى الإمام الترمذي في هذا الباب حديثاً عن شيخيه: إسحاق بن موسى الأنصاري ، وقتيبة بن سعيد ، عن أبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئةٍ نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، وإذا غسل يديه خرجت كل خطيئةٍ بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب). قال أبو عيسى : هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.
وكنا نتدارس المبحث الرابع من المباحث المتعلقة بهذا الحديث الشريف وهو آخر المباحث، والمبحث الرابع في بيان الروايات التي أشار إليها الإمام الترمذي في آخر كلامه على هذا الحديث، وهي ست روايات أشار إليها الإمام الترمذي بقوله: وفي الباب عن عثمان وثوبان ، وعن الصنابحي ، وعن عمرو بن عبسة ، وعن سلمان ، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم أجمعين.
أما الروايات الثلاث الأولى فقد تقدم الكلام عليها: على رواية عثمان رضي الله عنه ومن أخرجها، وهكذا رواية ثوبان ومن أخرجها، وهكذا رواية الإمام الجليل الصحابي الفاضل الصنابحي .
وختمت الكلام فيما يتعلق بالإمام الصنابحي الصحابي الجليل بأن هناك ثلاثة من الرواة يطلق عليهم هذا اللفظ، فلا بد من التفريق بينهم: الصنابحي الصحابي اسمه عبد الله ، و الصنابحي التابعي أبو عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة ، والصنابح بن الأعسر صحابي أيضاً، وعليه عندنا صحابيان كل منهما يقال له: الصنابحي ، ويقال للصنابحي الثاني: الصنابح بن الأعسر أيضاً، ويقال له: الصنابحي، وتابعي وهو عبد الرحمن بن عسيلة أبو عبد الله فكونوا على علمٍ بذلك، وذكرت أن الإمام البلقيني ألف رسالةً في ذلك وضح فيها هذا الأمر سماها الطريقة الواضحة في بيان الصنابحة كما تقدم معنا هذا.
أما إسلام عمرو بن عبسة فلا محل له في كتاب الطهارة، على كل حال هذا هو الموجود في صحيح مسلم ، إذا كان الكتاب يتعلق بصلاة المسافرين فبين مواقيت الصلاة أو فضل الطهور الذي يتعلق بصلاة الإنسان عندما يصلي لربه، أما إسلام عمرو بن عبسة فهذا محله إما أن يكون في باب الإيمان، وإما في الفضائل، يروي هذا في فضائله ومناقبه، رضي الله عن الصحابة أجمعين.
وقبل أن أذكر لفظ الحديث أنقل ما ورد في طبقات ابن سعد عن هذا الصحابي الجليل وهو أنه لقي رجلاً من سيناء فقال له: أنتم أهل كتاب ونحن أهل أوثان، إذا كان أحدنا في سفر فرأى أربعة أحجار، أخذ ثلاثةً منها ونصب عليها قدره، من أجل أن يطبخ طعامه، ثم اختار أحسنها وهي الرابع ليعبد ويسجد له ويتمسح به، ثم قال له: فإذا رأى غيره أحسن منه، يعني: رأى حجرة أخرى فيها ظرافة وملساء وجمال ترك هذه الحجارة التي كان يعبدها وعبد غيرها، يقول عمرو بن عبسة لهذا اليهودي : فأرشدني إلى دينٍ خيرٍ من هذا الدين الذي نحن عليه، فقال له اليهودي الذي هو من سيناء كما في طبقات ابن سعد : قد أضل زمانٌ يخرج فيه نبيٌ من مكة -قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام- يأتي بأفضل دين، فإذا سمعت به فآمن به، أما اليهودية الموجودة فلا يرتفع قدرها عن الشرك الذي عندكم، كلنا على ضلال، فإذا بعث نبيٌ في مكة -وهو نبينا عليه صلوات الله وسلامه- فيأتي بخير دين وأفضل دين فآمن به، فكان عمرو بن عبسة يقول: لم يكن لي همةٌ منذ أن سمعت كلام هذا اليهودي إلا مكة، فكان يكثر الأسفار إلى مكة، وهو من بلاد نجد من بني سليم، كان يكثر الأسفار إلى مكة حتى سمع ببعثة النبي عليه الصلاة والسلام، فاسمعوا حديثه في صحيح مسلم :
يقول: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء.
وهذا حقيقةً من فضل الله على الإنسان، يعني أن يلقي الله وفي قلبه هذه السكينة وهذه الطمأنينة، وأذكر عندما كنت في بلاد الشام وما أظن أن القلم جرى علي في ذلك الزمان، وذلك الوقت يعني كنت دون الاحتلام لكن ناهزته، وكنت في السنة الأولى الثانوية الشرعية، وكنا ندعى إلى أماكن من أجل العبادة والذكر وما شاكل هذا من سماع حلق العلم، وما أكثر المساجد التي يقام فيها هذا الذكر، وأكثر ما يقام فيها بدع إلا من رحم ربك، فذهبت إلى كثير من المجالس التي فيها رقص في حلق الذكر، ويعلم الله هذا من منته وفضله وحفظه لي لا بجدي ولا بجهدي ولا علم عندي في ذلك الوقت يعني بهذه الأمور، وأنها ضلالات شنعاء قد تكون في حلق الذكر، أذهب المرة الأولى بعد أن أدعى من قبل هؤلاء الإخوة، تتأمل حالهم في بيوت الله، يرقصون نعوذ بالله!! يحولون المساجد إلى مراقص، وكأنها دواب وحمير تدق في بيوت الله، فتعاظمت نفسي هذا وهذا من فضل الله علي.
وهذا العبد الرشيد الصالح يقول: كنت أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجلٍ بمكة يخبر أخباراً، فقعدت على راحلتي، وهذا السماع قلنا: سبقه إخبار من يهودي، قال له: انتبه! سيخرج نبيٌ في مكة على نبينا صلوات الله وسلامه، قال: فقعدت على راحلتي فقدمت عليه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخف جرآء عليه قومه -جمع جريء- وهذا كان في المرحلة السرية، وبقي النبي عليه الصلاة والسلام على هذا قرابة ثلاث سنين مستخفياً يدعو بدعوته سراً، جرآء عليه قومه.
قال: فتلصصت حتى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنت؟ وإنما لم يقل: من؟ لأنه يسأل عن الصفة، ما أنت؟ يعني: ما صفتك؟ وما مهمتك؟ وما وظيفتك؟ وما خبرك؟ ولم يقل: من أنت؟ وهو رجلٌ من بني هاشم معروف، (قال: أنا نبي، قلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله، فقلت: وبأي شيءٍ أرسلك؟ قال: أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء، قلت له: فمن معك على هذا؟ من تبعك؟ قال: حر وعبد)، ما معه إلا هذان: أبو بكر وبلال رضي الله عنهم أجمعين، قال: ومعه يومئذٍ أبو بكرٍ وبلالٍ ممن آمن به، ورابعهم عمرو بن عبسة ؛ فالنبي عليه الصلاة والسلام هو الأول، والثاني أبو بكر ، وبلال الثالث ، وعمرو بن عبسة هو الرابع ، وأسلم في هذه الساعة، (فقلت له: إني متبعك، قال: إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس)، أي: لا يمكن أن تكون معي في هذا الوقت، (تؤمن بي لكن تنصرف إلى ديار قومك)، وسيأتينا أنه آمن كما في روايات المسند، ومستدرك الحاكم وغيره بسندٍ صحيح، والأثر رواه أيضاً ابن سعد في الطبقات، وكما قلت: إسناده صحيح، صححه الحاكم وأقره عليه الذهبي ، انظروه في الجزء الثالث صفحة ستمائة وسبع عشرة، وصححه الحافظ في الإصابة، قال: لقد رأيتني وأنا ربع الإسلام، فأسلمت يعني عندما ذكر له النبي عليه الصلاة والسلام أنه بعث (لصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء، فأسلمت، ثم قلت: أتبعك؟ قال: لا، ولكن الحق بأرض قومك، فإذا ظهرت فأتني)، يعني: إذا ظهر أمري ونصرني الله ومكنني في الأرض فأت، (فقلت: إني متبعك، قال: إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس، ولكن ارجع إلى أهلك، فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني).
أسلم عمرو كما في المسند والمستدرك وطبقات ابن سعد ، ثم عاد إلى قومه، قال: فذهبت إلى أهلي، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكنت في أهلي فجعلت أتخبر الأخبار، وأسأل الناس حين قدم المدينة، حقيقةً صبره قوي رضي الله عنه وأرضاه، ما هاجر إلى النبي عليه الصلاة والسلام إلا في العام السابع للهجرة، يعني بعد بعثته بإحدى وعشرين سنة فترة طويلة، ولو هاجر في الفترة الأولى لكان خيراً له، ولعل عنده مانع من الموانع والعلم عند الله جل وعلا، يقول: حتى قدم علي نفرٌ من أهل يثرب من أهل المدينة، فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا الناس إليه سراعٌ، وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك، فقدمت المدينة فدخلت عليه فقلت: (يا رسول الله! صلى الله عليه وسلم أتعرفني؟ قال: نعم، أنت الذي لقيتني بمكة، أنت ربع الإسلام كيف لا أعرفك؟!)، وقال صلى الله عليه وسلم: ( خير الأصحاب أربعة: أنا و
(قال: أنت الذي لقيتني بمكة؟ قال: فقلت: بلى يا نبي الله! أخبرني عما علمك الله وأجهله؟ أخبرني عن الصلاة؟ قال: صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس: حتى ترتفع، فإنها تطلع بين قرني شيطان)، الأمور المغيبات نذكرها ولا نخوض في تأويلها، الشيطان يحاذي الشمس عندما تطلع من جهتيها، ويسجد الكفار لها وللشيطان وهذا علمه عند الرحمن، (وحينئذٍ يسجد الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودةٌ محضورة تشهدها الملائكة وعباد الله المقربون، حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة، فإنه حينئذٍ تسجر جهنم)، وستأتينا مواقيت الصلاة إن شاء الله، (فإذا أقبل الفيء فصلِّ، فإن الصلاة مشهودةٌ محضورة، حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطانٍ وحينئذٍ يسجد لها الكفار، قال: فقلت: يا نبي الله! صلى الله عليه وسلم فالوضوء حدثني عنه)، وهذا هو محل الشاهد. عندما قال الترمذي : وفي الباب عن عمرو بن عبسة .
(فالوضوء حدثني عنه، قال: ما منكم رجلٌ يقرب وَضوءه -بفتح الواو وهو الماء الذي يتوضأ به- فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه -فمه- وخياشيمه)، فإذا غسل وجهه كما أمر الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، (ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه).
فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو أمامة : يا عمرو بن عبسة ! انظر ما تقول، في مقامٍ واحدٍ يعطى هذا الأجر؟! يعني أن يصلي المسلم في مقامٍ واحد وضوء وصلاة يعطى كل هذا الأجر ويثبت له، وعندما ينصرف ينصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه، أمرٌ غريب، فقال عمرو : يا أبا أمامة ! لقد كبر سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله ولا على رسول الله عليه الصلاة والسلام، لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرةً أو مرتين أو ثلاثاً حتى عد سبع مرات ما حدثت به أبداً، ولكني سمعته أكثر من ذلك، يعني ومتيقن من هذا.
فهذا الحديث هو الذي أشار إليه الإمام الترمذي ، وهو -كما قلت- في المسند وصحيح مسلم ، ورواه ابن سعد في الطبقات أيضاً في صفحة مائتين وخمس عشرة، ورواه الإمام النسائي أيضاً عليهم جميعاً رحمة الله.
نسب حديث سلمان كما قلت إلى كتاب شعب الإيمان للإمام البيهقي ، ولفظه: (إذا توضأ العبد تحاتت عنه ذنوبه كما تتحات ورق هذه الشجرة).
ورواه أيضاً الطبراني في معجمه الكبير والصغير، وفيه أشعث بن أبي أشعث السعداني ، قال الإمام المنذري : لم أقف على ترجمته، وهذا الحديث في فضل الصلاة وتقدم معنا، لكن الحديث الذي هو محل الشاهد رواه الإمام أحمد والنسائي في السنن الكبرى، والطبراني في معجمه الكبير والأوسط، قال المنذري : ورواة أحمد محتج بهم في الصحيح، إلا علي بن زيد -وهو علي بن زيد بن جدعان- مختلفٌ في الاحتجاج به كما قال الذهبي في كتابه الكاشف، وقد أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، والإمام مسلم في صحيحه لكن مقروناً بغيره في المتابعات، وأهل السنن الأربعة، ويقول الإمام الذهبي في الميزان : اختلفوا فيه، هذا في إسناد الإمام أحمد ، ومن عداه محتجٌ بهم في الصحيح.
ولفظ الحديث: عن أبي عثمان قال: كنت مع سلمان رضي الله عنه تحت شجرةٍ، فأخذ غصناً منها يابساً فهزه حتى تحات ورقه، يعني: سقط، ثم قال: يا أبا عثمان ! ألا تسألني: لم أفعل هذا؟ قلت: ولم تفعله؟ قال: هكذا فعل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه تحت شجرةٍ، وأخذ منا غصناً يابساً فهزه حتى تحات ورقه، ثم قال: (يا
ومحل الشاهد في كتاب شعب الإيمان للإمام البيهقي .
إذاً: الحديث رواه الإمام أحمد والنسائي والطبراني عن سلمان ، لكن فيه مع الوضوء صلاة، والعلم عند الله جل وعلا، وهذا يذكرنا بحديث عثمان ، وتقدم معنا أنه نسب إلى الصحيحين وليس خاصاً بفضيلة الوضوء، وإنما وضوء مع الصلاة، ففضيلة الوضوء فقط ثابتة في صحيح مسلم ، ولذلك قلت: كلام الشيخ المباركفوري أن حديث عثمان في الصحيحين فيه عليه مؤاخذةٌ لطيفة، ففضل الوضوء فقط ما ورد إلا في صحيح مسلم كما تقدمت معنا روايات الحديث.
الشيخ المباركفوري في تحفة الأحوذي يقول: لم أقف على رواية عبد الله بن عمرو ، وأنا بحثت أسبوعاً فما وقفت عليها، والرواية تقدمت معنا في حديث ثوبان وهي في سنن ابن ماجه ، ورقم الحديث: مائتان وتسعٌ وسبعون في كتاب الطهارة، باب: المحافظة على الوضوء، وهي كلفظ حديث ثوبان تماماً، (استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن)، وهذه فضيلة للوضوء عظيمة، أي: فضل الطهور، فمن يحافظ عليه فهذا من علامة إيمانه، وتقدم معنا أن حديث ثوبان روي عن عدة أيضاً من الصحابة الكرام، منهم: عبد الله بن عمرو ، والحديث صحيح، لكن رواية عبد الله بن عمرو فيها ليث بن أبي سليم ، وهو صدوق لكنه طرأ عليه الاختلاط في آخر عمره فتغير فترك حديثه، أخرج حديثه الإمام البخاري في صحيحه لكن معلقاً، والإمام مسلم لكن مقروناً بالشواهد والمتابعات، وأخرج حديثه أهل السنن الأربعة، وغالب ظني أنه تقدمت الإشارة إلى هذا العبد الصالح في أول محاضرة الحديث.
إذاً: هذه رواية عبد الله بن عمرو ، وبذلك نكون قد انتهينا من قول الإمام الترمذي : وفي الباب، وليتنا نعثر كما تقدم على كتاب الحافظ ابن حجر اللباب في بيان قول الترمذي: وفي الباب، في تخريج هذه الروايات.
بعض الإخوة الكرام أرسل إلي ورقةً في الموعظة الماضية يقول: خرج شرح لسنن النسائي طبع منه مجلدات من بعض الإخوة في بلاد مصر يخرج هذه الروايات التي يشير إليها الإمام الترمذي بقوله: وفي الباب، فأنا أطلب منه شاكراً سعيه أن يحضر لي الكتاب لأتأمله وأنظر فيه، أما أنا فما عندي علم عنه.
فورد أيضاً في فضل الطهور أحاديث عن أنس ، وعن عباد ، ويقال: عبّاد، وفي التقريب ضبطه الحافظ بكسر العين عِباد وهو صحابي، ويقال: عبّاد، وهو أبو ثعلبة العبدي ، أما في الإصابة فذكر الوجهين: عَبّاد وعِباد، وأما في التقريب فذهب إلى كسر العين فقط، روى عنه ولده ثعلبة بن عِباد بن عَبّاد ، وحديثه في فضل الطهور أخرجه الطبراني وابن السكن وابن شاهين ، والحديث روي أيضاً عن عقبة بن عامر ، وعن عبد الله بن مسعود ، وعن أبي الدرداء ، وعن أبي مالك الأشعري وعن غيرهم من الصحابة الكرام، انظروا مجمع الزوائد الجزء الأول صفحة واحد وعشرين ومائتين، وكتاب الترغيب للإمام المنذري الجزء الأول صفحة مائة وواحد وخمسين، والروايات كثيرةٌ في هذا، منها: رواية أبي أمامة رضي الله عنه وأرضاه، ورواية أبي أمامة ما أشار إليها الإمام الترمذي ، أوليس كذلك؟ هذا ضمن الروايات التي ذكرتها: أنس ، وعِبَاد أو عَبّاد ، وعقبة بن عامر ، وابن مسعود ، وأبو الدرداء ، وأبو مالك الأشعري ، وأبو أمامة الباهلي رضي الله عنهم أجمعين.
أقرأ لكم روايات حديث أبي أمامة في كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري: وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيما رجلٍ قام إلى وضوئه يريد الصلاة ثم غسل كفيه -هو الذي فعل- ثم غسل كفيه نزلت كل خطيئةٍ من كفيه مع أول قطرةٍ، فإذا مضمض واستنشق واستنثر نزلت خطيئته من لسانه وشفتيه مع أول قطرةٍ، فإذا غسل وجهه نزلت كل خطيئةٍ من سمعه وبصره مع أول قطرة، فإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلم من كل ذنب كهيئته يوم ولدته أمه، قال: فإذا قام إلى الصلاة رفع الله درجته، وإن قعد قعد سالماً)، يعني: إذا لم يصل فقد سلم من الذنوب وطهر من العيوب، وإذا قام ليصلي يرفع الله درجته سبحانه وتعالى، رواه أحمد وغيره من طريق عبد الحميد بن بهران عن شهر بن حوشب ، وقد حسنها الترمذي في غير هذا المتن، يعني ما روى هذا الحديث الإمام الترمذي وهو في المسند، لكن هذا الإسناد حسنه الإمام الترمذي في السنن، وهو إسنادٌ حسن في المتابعات لا بأس به.
وفي رواياتٍ له أيضاً قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من توضأ فأسبغ الوضوء غسل يديه ووجهه، ومسح على رأسه وأذنيه وغسل رجليه ثم قام إلى صلاةٍ مفروضة غفر له في ذلك اليوم ما مشت إليه رجله، وقبضت عليه يداه، وسمعت إليه أذناه، ونظرت إليه عيناه، وحدث به نفسه من سوء، قال: والله لقد سمعته من نبي الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصيه)، هذا أبو أمامة الذي كان يعترض على ابن عبسة ، يقول: انظر ما تقول، في المجلس الواحد يعطى الرجل كل هذا؟ أنت الآن تروي ما فيه تلك الدلالة وزيادة رضي الله عنهم أجمعين.
ورواه أيضاً بنحوه من طريقٍ صحيح وزاد فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الوضوء يكفر ما قبله ثم تصير الصلاة نافلةً).
وفي رواية أخرى لـأبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا توضأ الرجل المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه، فإن قعد قعد مغفوراً له)، وإسناد هذه حسن.
وفي أخرى له أيضاً: (إذا توضأ المسلم فغسل يديه كفر عنه ما عملت يداه)، إما أن نقول: كفر الله عنه، وإما أن يبنى الفعل للمجهول وهنا ضبطها بالمبني للمعلوم، لكن هذه الطبعة من شر الطبعات وأسوئها، وكلها مملوءةٌ بالتصحيف والتحريف، (إذا توضأ المسلم فغسل يديه -كما قلت- كُفِّر عنه أو كَفَّر الله عنه ما عملت يداه، فإذا غسل وجهه كفر الله عنه ما نظرت إليه عيناه، وإذا مسح برأسه كفر الله عنه ما سمعت أذناه، فإذا غسل رجليه كفر الله عنه ما مشت إليه قدماه، ثم يقوم إلى الصلاة فهي فضيلة ويصح أن يكون المعنى كفر عنه الوضوء، إذا توضأ المسلم فغسل يديه كفر الوضوء عنه ما عملت يداه، أو كُفر عنه أو كَفّر الله عنه، يعني توجيه صحيح، لكن إذا بني للمجهول وأعيد الفاعل إلى الوضوء فالكلام صحيح، كَفَّر الوضوء، أو كَفّر الله عنه، أو كُفِّر عنه، من ناحية التوجيه سليم )، وإسناد هذه حسنٌ أيضاً.
وفي روايةٍ للطبراني في الكبير: قال أبو أمامة : لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سبع مرات ما حدثت به، كرواية عمرو بن عبسة : لو لم أسمعه إلا سبع مرات ما حدثت به، قال: (إذا توضأ الرجل كما أمر ذهب الإثم من سمعه وبصره ويديه ورجليه)، وإسناده حسنٌ أيضاً.
فهذه الروايات كلها تدل على فضل الطهور.
باب ما جاء في أن (مفتاح الصلاة الطهور).
تقدم معنا الباب الأول: (لا تقبل صلاةٌ بغير طهور)، والباب الثاني: ما جاء في فضل الطهور، والآن سيعيد الترمذي الباب الأول بصيغةٍ أخرى؛ فهناك لا تقبل بغير طهور، وهنا الطهور هو مفتاحها للدخول إليها.
قال الإمام أبو عيسى الترمذي عليه وعلى أئمتنا والمسلمين أجمعين رحمة رب العالمين: حدثنا قتيبة وهناد ومحمود بن غيلان ، إذاً ثلاثة من شيوخه يروي الحديث عنهم في هذه الرواية الأولى، حدثنا قتيبة وهناد ومحمود بن غيلان ، قالوا: حدثنا وكيع عن سفيان ، (ح)، وحدثنا محمد بن بشار الشيخ الرابع للإمام الترمذي بعد أن حول الإسناد من سفيان إلى محمد بن بشار ليلتقي بعد ذلك الإسناد الثاني بـسفيان مرةً أخرى.
قال الترمذي : وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال: حدثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيلٍ ، عن محمد بن الحنفية ، عن عليٍ ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم).
قال أبو عيسى : هذا الحديث أصح شيءٍ في هذا الباب وأحسنه، وعبد الله بن محمد بن عقيل هو صدوقٌ، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، قال أبو عيسى : وسمعت محمد بن إسماعيل -يعني الإمام البخاري - يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل ، قال محمد -يعني الإمام البخاري- عليهم جميعاً رحمة الله: هو مقارب الحديث، بكسر الراء وفتحها، وسيأتينا شرح هذا الاصطلاح وبيان قيمة الراوي إذا وصف بذلك إن شاء الله.
قال أبو عيسى : وفي الباب عن جابر وأبي سعيد .
عندنا في هذا الباب حديثٌ آخر في بعض الطبعات لم يذكر في طبعة الهند التي شرحها الإمام المباركفوري في تحفة الأحوذي.
والحديث الثالث كما سيأتينا، وأشار إليه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير؛ لأن هذه الرواية في سنن الترمذي ، وعليه فمما يؤكد ثبوت هذا الحديث هو أنه يوجد في بعض النسخ المخطوطة ولا يوجد في بعضها، فبعض النسخ حذف منها الحديث الثاني من الباب الثالث، وهو الحديث الرابع على الترتيب.
قال أبو عيسى : وحدثنا أبو بكر محمد بن زنجويه ضبط عندكم زنجويه هذا خطأ وتصحيف وغلط في ضبط الحديث، وسيأتينا توجيه هذا إن شاء الله عندما نتكلم على ترجمة هذا العبد الصالح، هناك ذكر ثلاثةً، ثم أتبعهم في الإسناد الثاني بـمحمد بن بشار ، هنا ذكر واحداً وقال: وغير واحدٍ، تصح قال وقالوا؛ قال بناءً على أنه شيخه الذي ذكره محمد بن زنجويه ، وقالوا الذين معه جميعاً، قال: حدثنا الحسين بن محمد قال: حدثنا سليمان بن قرم ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مفتاح الجنة الصلاة، ومفتاح الصلاة الوضوء)، هناك: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)، وهنا: (مفتاح الجنة الصلاة، ومفتاح الصلاة الوضوء).
وسنتدارس هذين الحديثين كما تقدم معنا على الترتيب.
قوله: حدثنا قتيبة تقدمت معنا ترجمة قتيبة وتقدمت معنا ترجمة هناد .
وكنت أشرت إلى طريقةٍ تفيدكم في المستقبل، لا أعلم هل أحد منكم فعلها أو لا، أو لا تذكرونها على الإطلاق؟
والطريقة هي: قلت: لو أفرد الرواة على حسب حروف المعجم، فمن بدأ اسمه بالهمزة تفرده، ومن يبدأ بالباء أو بالقاف وهكذا، وكلما جاء ذكر راوٍ في السنن تشير إلى رقم الحديث، فتقول: جاء في الحديث الأول وفي الحديث الثاني وفي الحديث الثالث وفي الرابع، وتحصي في نهاية الأمر كم حديثاً روى عنه؟ وأين ورد ذكره وغيره؟ وهذا فعله على مهل لا يأخذ كلفة؛ لأنه في الأسبوع نأخذ حديثاً أو في الأسبوعين حديثين، فضبط هذين من أسهل ما يكون وليس فيه كلفة، وفيه إراحة للإنسان أحياناً إذا لزمه أن يخرج روايات قتيبة أو روايات هناد ، أو روايات غيرهم بعد ذلك من الرواة.
هو محمود بن غيلان العدوي مولاهم، أي: ولاءً، يكنى بـأبي أحمد المروذي ، نزيل بغداد، ثقةٌ من العاشرة، مات سنة تسعٍ وثلاثين عليه رحمات رب العالمين، أي: بعد المائتين وتسعٍ وثلاثين؛ لأننا قلنا: من بعد الثامنة التاسعة فما فوقها بعد المائتين، ثقةٌ من العاشرة، أخرج حديثه أهل الكتب الستة إلا الإمام أبو داود عليه وعلى أئمتنا رحمات ربنا، قال: وحدثنا وكيع ، تقدمت معنا ترجمة وكيع ، وتقدم معنا الوهم الذي تدارسناه في ترجمته، فهو من التاسعة سنة سبعٍ وتسعين، وقلنا: على اصطلاح الحافظ ينبغي أن يكون مائتين وسبعٍ وتسعين، وهو توفي سنة سبعٍ وتسعين ومائة، وكما قلت سابقاً: نوجز في ترجمة رجال الإسناد، إلا إذا كان الإنسان حوله كلام فنطيل الكلام حوله، وما عدا هذا فالإيجاز مطلوب.
محمود بن غيلان من أئمة أهل الخير والصلاح والاستقامة، يقول عنه الإمام أحمد عليه رحمة الله: أعرفه هو صاحب حديثٍ وسنة، حبس من أجل القرآن، أي: من أجل فتنة خلق القرآن التي أحدثها المأمون في هذه الأمة.
إخوتي الكرام! يقول الحافظ في ترجمته: وكان ربما دلس، وهو من أئمة الهدى والصلاح والاستقامة لا شك فيهم، ينعته الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ بأنه شيخ الإسلام وسيد الحفاظ، ويقول في السير: هو شيخ الإسلام وإمام الحفاظ وسيد العلماء العاملين في زمانه، ونقل الذهبي عن شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك أنه قال: كتبت عن ألفٍ ومائة شيخ، ما كتبت عن أفضل من سفيان ، هو أفضل هؤلاء الشيوخ على الإطلاق.
وقال الإمام أحمد شيخ أهل السنة عليهم جميعاً رحمة الله: لم يتقدمه في قلبي أحد، أي: من أئمة الإسلام لا يوجد أحد قبل سفيان في قلبي له هذه المنزلة العظيمة.
وقال الإمام الأوزاعي : لو قيل لي: اختر لهذه الأمة إماماً لما اخترت لهم إلا سفيان الثوري ، وهو أحد الستة الذين نقل عنهم الفقه الإمام الترمذي في جامعه كما تقدم معنا، ينقل فقه سفيان بالإسناد إليه كما تقدم معنا في مزايا جامع الإمام أبي عيسى الترمذي ، فهذا الإمام الذي هو شيخ الإسلام وسيد الحفاظ وسيد العلماء العاملين أيضاً ربما دلس، فما معنى التدليس؟ وما حال تدليس سفيان ؟
التدليس في اصطلاح أئمتنا: تحسين الإسناد وإخفاء المراد، وهو ثلاثة أنواعٍ عند الجهابذة النقاد، وهذا التعريف من عندي، يعني ما أخذته من إمام، لكن الذي ينظر في بيان التدليس يعرفه بهذا، أما من عرفه بأنه تحسين الإسناد لإخفاء عيب فيه، فليس كذلك؛ لأنه ما أدخل تدليس الشيوخ، إذاً: تعريفه: تحسين الإسناد وإخفاء المراد، يعني تخفي مرادك، وقد لا يكون هناك عيب في الإسناد، فعندما يذكر شيخاً بلقبٍ آخر فهذا ليس عيباً في الإسناد، إنما أخفى مراده، لكن عندما لا يسمع من الشيخ ويقول بصيغةٍ تحتمل السماع فهذا عيب حقيقةً؛ لأنه يوجد انقطاع، وسيأتينا إيضاح هذا. إذاً هو كما قلت: تحسين الإسناد، وإخفاء المراد.
وهو ثلاثة أنواعٍ عند الجهابذة النقاد:
والفارق بينهما: أن الإرسال الخفي: تروي عمن عاصرته ولم تسمع منه بصيغةٍ تحتمل السماع، فيقال له: إرسالٌ خفي؛ لأن هذا لما عاصرته كنت كأنك سمعت منه، وهذا لا يعرفه إلا الجهابذة، ما ثبت أن التقيت به ولا رويت هذه الرواية عنه، هذا يعرفه الجهابذة، فهذا إرسالٌ خفي، أما تدليس الإسناد فأنت سمعت منه ورويت عنه، لكن هذه الرواية لم تسمعها منه، فالإرسال الخفي تروي بصيغةٍ تحتمل السماع وتحتمل الواسطة عمن لم تسمع منه أصلاً، وتدليس الإسناد أن تروي عمن سمعت منه ما لم تسمع عنه بصيغةٍ تحتمل السماع، وهذا كان يفعله سفيان الثوري عليه رحمة الله، لكن لا يكثر منه، وستأتينا طبقات المدلسين الخمسة إن شاء الله.
وتدليس التسوية أكثر من كان يفعله بقية بن الوليد غفر الله له ورحمه، وكان أئمتنا يقولون كما قاله أبو مسفر : أحاديث بقية ليست نقية، فكن منها على تقية، كان يدلس شر أنواع التدليس، يأتي للرواية ولا يشترط أن يكون دلس عن شيخه فقط، بل أيضاً شيوخ آخرين، يأتي برواية شيخ ثقة، وشيخ ثقة، وبينهما ضعيف، سواءً كان الشيخ الأول شيخه أو لا، المقصود أنه يحذف ضعيفاً بين ثقتين قد روى أحدهما عن الآخر، وبقية بن الوليد سيأتينا في الطبقة الرابعة من طبقات المدلسين كما قسمهم الحافظ ابن حجر حذام المحدثين.
يقول راجي ربه المقتدر عبد الرحيم بن الحسين الأثري
لأنه مرةً قال لي بعض الإخوة: يقول عبد الرحيم الأثري هذا تدليس، من يعرفه أنه الأثري؟ قلت: يا عبد الله! هو نعت نفسه بذلك، والمدلس يدلس غيره، وكونه يقال له: العراقي أسهل عند طلبة العلم، لكن الأثري ليس من باب التدليس.
نظم الإمام عبد الرحيم الأثري شيخ الحافظ ابن حجر عليهم جميعاً رحمة الله ما يتعلق بالتدليس في ثمانية أبيات ظريفةٍ لطيفةٍ، فانتبهوا لها واحفظوها، وعلى حسب طلب بعض الإخوة إذا تعرضنا لمبحث وجاء فيه شيءٌ من الأبيات رغبوا في ضبطها من أجل حفظها؛ لأنه يوجد تصحيفٌ في طباعة الأبيات، فانتبهوا لها إخوتي الكرام.
يقول عليه رحمة الله:
تدليس الإسناد كمن يسقط من حدثه ويرتقي بعن وأن
إذاً هذه ثلاث صيغ.
وقال يوهم اتصالاً واختلف في أهله فالرد مطلقاً ثقف
نعود للبيت الأول، تدليس الإسناد: أن يسقط من حدثه، فيسقط الراوي عن شيخه، هو كما قلنا روى عن شيخه بنفسه وبواسطة، فحذف الواسطة وذكر الحديث عن شيخه بصيغةٍ تحتمل السماع فقال: عن فلان، تدليس الإسناد كمن يسقط من حدثه، ويرتقي إلى الشيخ بعن وأنّ مشددة وقال، فهذه ثلاث صيغ.
يوهم اتصالاً، يعني: يوهم أنه سمع بنفسه، وأن الرواية متصلة، مع أنه يوجد واسطة.
واختلف في أهله، يعني: في المدلسين، هل نقبل روايتهم أم لا؟ فالرد مطلقاً ثقف، يعني: وجد؛ لأن التدليس جرح، فمن دلس فقد أخفى هذا العيب، وهذا يعتبر جرحاً فيه فنرد روايته، كما لو صدر منه مفسق آخر، وهذا فيه قسوة وشدة، ثم يقول في البيت الثالث:
والأكثرون قبلوا ما صرّحا ثقاتهم بوصله وصححا
هذا هو المعتمد؛ فإذا كان المدلس ثقةً وصرح بالسماع فقال: سمعت، حدثني، أخبرني، نقبل روايته، وإذا لم يصرح يتوقف في روايته ونقول: حكمه حكم الانقطاع حتى يتبين لنا ثبوت السماع، والأكثرون قبلوا ما صرح ثقاتهم بوصله، يعني: صرحّ بالسماع بوصله، وصححا، هذا هو المعتمد عند أئمتنا.
وفي الصحيح عدةً كـ (الأعمش) وكـ (هشيم) بعده وفتش
يعني: عندك في أحاديث الصحيحين من وصفوا بالتدليس، فلو كان التدليس -كما قال من قال في القول الأول: والرد مطلقاً ثقف- جرحاً، فكيف إذاً روي عن هؤلاء في الصحيح؟ إذاً: التدليس ليس بجرح، وهذا مذهبٌ معروفٌ؛ فراوٍ نعرفه أنه مدلس نعامل روايته على حسب ما عرفنا من وصفه وانتهى الأمر، فليس هذا بجرحٍ، وإنما هو أسلوب من أساليب الرواية عند هذا الراوي، فنحن عندما يخبرنا أنه مدلس أو نكشف هذا منه نعامل روايته بهذه المعاملة، إن صرح بالسماع والتحديث والإخبار قبلنا وإلا توقفنا.
وفي الصحيح عدة كـالأعمش ، وهو سليمان بن مهران وحديثه في الكتب الستة، توفي سنة سبعٍ أو ثمانٍ وأربعين ومائةٍ للهجرة عليه رحمة الله، وسيأتينا إذا جاءنا في الإسناد تعريفه، وأنه من الأئمة العلماء الزهاد العباد القراء، حديثه في الصحيحين، وهو مدلس، وكـهشيم بن بشير ، حديثه في الكتب الستة، وهو من الأئمة الثقات الأثبات، توفي سنة ثلاثٍ وثمانين ومائةٍ للهجرة.
وفي الصحيح عدةٌ كـ (الأعمش) وكـ (هشيم ) بعده وفتش
أي: انظر أيضاً في أسانيد رجال الصحيحين فقف على مدلسين كثيرين منهم السفيانان، وقتادة بن دعامة ، وغيرهم.
وذمه شعبة ذو الرسوخ..
من العلماء الراسخين الربانين شعبة بن الحجاج أمير المؤمنين في الحديث، أي: ذم التدليس، وكان يقول -وقد أفرط فيما قال رحمه الله ورضي الله عنه-: لأن أزني أحب إليّ من أن أدلس.
وذمه شعبة ذو الرسوخ ودونه التدليس للشيوخ
أي: دون تدليس الإسناد في الرتبة والمنزلة والخفة.
فتدليس الشيوخ هو:
أن يصف الشيخ بما لا يعرف به وذا بمقصدٍ يختلف
يصف شيخه بما لا يعرف به أمام الناس، وله مقاصد تختلف.
فشره للضعف واستصغاراً وكالخطيب يوهم استكثاراً
فشره، أي: شر هذه المقاصد والأغراض، للضعف، أي: أن الشيخ ضعيف، فكنى عنه لنتوهم أن الإسناد معتبر عندما لم يكشف عن هذا الراوي باسمه لنقف على حقيقة أمره، فقد تلتبس علينا الكنية التي ذكرها بكنية إمامٍ ثقة، ولا يميز الناس بعد ذلك هذه الرواية.
فشره للضعف واستصغاراً، أي: يستصغر شيخه كأن يكون من أقرانه وروى الحديث عنه ولا يريد أن يقول: حدثني فلان باسمه أو أن فلاناً هذا من تلاميذه، فيكنى عنه باسمٍ لا يعرف، يقول: حدثني الحنفي، والحنفي يوجد من هو أكثر منه ومن هو أصغر، فمن هو الحنفي؟ وما عينه؟
والخطيب يدلس من أجل إيهام كثرة الشيوخ.
يقول الشيخ عبد الباقي الأوتاري عليه رحمة الله في شرح الألفية: لو قال العراقي : فشره للضعف واستكباراً لكان أولى؛ لموازنتها لاستكثارا في اللفظ والخط.
فشره للضعف واستكباراً وللخطيب يوهم استكثاراً
أما استصغار واستكبار فخرجت عن البناء، والاستصغار هو الاستكبار؛ لأنك عندما تستصغر شيخك فقد تطاولت عليه، وما عرفت قدره، وتكبرت عليه.
و الشافعي أثبته بمرةِ، يعني: أثبت التدليس واعتبر الراوي مدلساً إذا نقل عنه التدليس مرة واحدة، لو دلس في إسنادٍ واحد فهو مدلس، قلت: وهذا هو النوع الثالث من أنواع التدليس لم يذكره ابن الصلاح في الألفية، وزاده العراقي بإضافته إليه؛ لأنه إذا لم يذكر نسبة الكلام إلى أحد فالقائل به ابن الصلاح ، وبعد ذلك إذا نسبه لأحد من العلماء فالقائل به من سماه أو نسبه إلى نفسه.
والشافعي أثبته بمرةِ قلت وشرها أخو التسوية
أي: تدليس التسوية حذف ضعيفٍ بين ثقتين، ثبت رواية واحدٍ منهما عن الآخر، أو كلٌ منهما عن الآخر، هذا ما يتعلق بأنواع التدليس الثلاثة.
والثاني: من يحتمل تدليسه وإن لم يندر التدليس منه لثقته وإمامته ومنزلته، كـسفيان الثوري ، أو كان لا يدلس إلا عن ثقة، كـسفيان بن عيينة ، فثبت أنه لا يدلس إلا عن ثقة، إن سماه وإن لم يسمه لا يضر، لكن سفيان الثوري أحياناً يحذف ضعيفاً، وشتان بينه وبين ابن عيينة ، لكن أيضاً هما في مرتبة واحدة في الثانية، سفيان يحتمل منه تدليسه لما تقدم من أوصافه من أنه سيد الحفاظ، وشيخ الإسلام، وسيد العلماء العاملين، وله من الكرامات -عليه رحمة رب الأرض والسموات- ما يضيق عنه الحصر، ومثل هذا الإمام المبجل إذا صدر منه هذا التدليس نحتمله منه ولا نقدح فيه.
والأكثرون قبلوا ما صرحا ثقاتهم بوصله وصححا
ومثال هذه الطبقة أبو الزبير المكي، نرجع لترجمته في التقريب هو: محمد بن مسلم بن تدرس بفتح المثناة وسكون الدال، فتح المثناة يعني التاء، وسكون الدال المهملة وضم الراء تَدْرُس، الأسدي مولاهم، أبو الزبير المكي ، صدوقٌ إلا أنه يدلس، تدليسه في المرتبة الثالثة كما وضح الحافظ هناك، من الرابعة، مات سنة ستٍ وعشرين، أي: بعد المائة، ع، أخرج حديثه أهل الكتب الستة الجماعة.
المرتبة الأولى: يحيى بن سعيد الأنصاري ممن تدليسه نادر، وهذا مقبول بالاتفاق.
المرتبة الثانية: سفيان الثوري وسفيان بن عيينة قلنا: قبل أئمتنا ذلك منهم.
المرتبة الثالثة: المعتمد عند أئمتنا لا يقبل حديثه كـأبي الزبير المكي إلا إذا صرح بالسماع أو التحديث أو الإخبار فإذا روى بصيغة عن، أنَّ، قال، نتوقف فيها في المعتمد، وهناك من رد وهناك من قبل.
أما الذين وصفوا بالتدليس في المرتبة الرابعة فباتفاق أئمتنا لا نقبل روايتهم إلا إذا صرحوا بالسماع؛ لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل كـبقية بن الوليد ، قال الحافظ : صدوقٌ كثير التدليس، وقلنا: يدلس تدليس تسوية، خرج حديثه البخاري معلقاً، والإمام مسلم مقروناً، وأهل السنن الأربعة.
والمعتمد في حديث عبد الله بن لهيعة أن ما حدث به بعد الاختلاط يتوقف فيه حتى يشهد له شاهد، ويأتي له متابع ويبين ثبوت هذا، وما كان قبل الاختلاط يقبل، فالأمر فيه يسير، وهو صدوق، ومن روى عنه من أئمتنا قبل الاختلاط كـعبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن وهب عليهم جميعاً رحمة الله فروايتهم عنه مقبولة.
فخلاصة حكم هذا القسم: أن من كان يدلس والضعف فيه يسير، فإذا وثق تقبل روايته، وصار حكمه كحكم من تقدمه، وأما إذا كان الضعف كثيراً فما رددناه من أجل التدليس، بل من أجل الضعف، ولذلك لو صرح بالسماع لا نقبل منه.
الدرجة الرابعة: وصفوا بالتدليس لكن كثر تدليسهم عن المجاهيل والضعفاء، وأفرطوا في التدليس كـبقية، فلا نقبل منهم بالاتفاق إلا إذا صرحوا بالسماع.
والخامسة: فيهم ضعف بسببٍ آخر غير التدليس؛ فلا نقبل منهم وإن صرحوا بالسماع والعلم عند الله جل وعلا، هذا فيما يتعلق بالتدليس.
وعليه تدليس سفيان مقبولٌ محتملٌ لا يخدش في ضبطه ولا عدالته ولا منزلته ولا إمامته، وكما قلت: التدليس مذهب في الرواية، نعرف فقط طريقة الراوي ونعامله على حسب مذهبه، أما أن نقول: هو شرٌ من الزنا، فالحقيقة فيه مبالغة زائدة عن الحد.
سفيان الثوري كان يجهر بالحق ويصدع ولا يبالي بأحد، وما سلم أحد بعد الخلافة الراشدة من جور، لكن كان الحكام يتفاوتون في الجور، فلما آل الأمر إلى أبي جعفر وتقدم معنا دخول عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قاضي أفريقيا على أبي جعفر وقوله له: جئت لأشكو إليك ما في أفريقيا من ظلم فوجدت الظلم من دارك يخرج، فأطرق أبو جعفر رأسه وقال: من لي بأعوان الصدق؟ قال: أما بلغك عن عمر بن عبد العزيز أن الأمير كالسوق يجلب إليها ما ينفق فيها؟ فإذا كنت صالحاً يأتيك الصالحون، وإن كنت رقاصاً يأتيك الرقاصون، والجزاء من جنس العمل، والطيور على أشكالها تقع، وهنا كذلك.
تكلم سفيان عليه رحمة الله على ما يقع في الحياة العامة من فسادٍ ونصح، واغتاظ أبو جعفر واشتاط غضباً، وأرسل من بغداد الجلادين ومعهم الأخشاب، وقال: إذا وصلتم إلى مكة فخذوا سفيان واقتلوه واصلبوه، حتى إذا دخلت إلى مكة أريد أن أراه مصلوباً، سبحان الله على هذا الشطط وهذه الغطرسة وهذا الضلال! شيخ المسلمين وسيد الحفاظ وسيد العلماء العاملين يعامل هكذا، والله لو بصق هذا على الأمير وكان عند الأمير إنصاف لتبرك ببصاق هذا العالم الصالح، ولعل أحداً الآن أن يثير لغطاً ويقول: أنت تقول إذاً بالتبرك بالصالحين، لا إله إلا الله! كم من الأمراء الذين شهدتهم هذه الأمة المرحومة كان يفتخر بتقديم الحذاء للعالم والإمام، الإمام الرازي كان إذا أراد أن يلقي درسه -وهذا ثابتٌ في ترجمته- كان الأمير يحمل نعله، وهذا ثابت لعدد من أئمتنا عليهم جميعاً رحمات ربنا، فلم يحصل لهم منقصة، لكن انظر هنا الغطرسة والظلم: اقتلوه واصلبوه، فبدأت الشرطة تبحث عنه في الحرم، وكان بين سفيان بن عيينة والفضيل بن عياض ، رأسه في حجر الفضيل بن عياض ، ورجلاه في حجر سفيان بن عيينة يسترانه من الشرطة، وفي بعض المواقف هرب وجلس في مجلس النساء في الحرم وقال: هن أرحم، فالنساء غطينه أيضاً بجلابيبهن، لكن في هذا الموقف كان بين سفيان بن عيينة والفضيل بن عياض والشرطة تبحث عنه، فقالا له: قم ولا تشمت بنا، يعني اذهب وتوار واختف، واترك هذا المكان ولا تأتي إليه، الحقيقة أنَّ نكاية الأعداء لا تؤثر في الإنسان، لكن خذلان الأولياء في الحقيقة هو الذي يفري الكبد، يعني أنتم على شاكلته، تقولون: اخرج وتوارى، أين ثقتنا بالله ونصر الله لنا؟ فقام وذهب من بينهما وذهب إلى الكعبة وتعلق بأستارها، وقال: برئت منه، أي: من الله جل وعلا، إن دخل أبو جعفر مكة وأنا حي، يعني: أنت يا سفيان ويا أيها الإمام الراشد الفضيل بن عياض تخافان لم؟ ومقاليد السموات والأرض بيد الله، وإذا أراد أمراً فإنما يقول له: كن فيكون، وأنا أسأل الله أن يجعله خيراً مما قال، وليٌ لله ومن عباد الله من لو أقسم على الله لأبر قسمه، أنا أتحداكم أن أبا جعفر يدخل مكة، قبل أن يصل إلى مكة سيقصم الله ظهره ويريح الأمة منه، ولا يدخل مكة، فكان الأمر كذلك، ما دخل أبو جعفر مكة، فقد مات قبل أن يدخلها وانتهى.
قال الإمام الذهبي في السير: هذه كرامةٌ ثابتةٌ لـسفيان ، وانظروها في ترجمته.
وبعض الناس ما عندهم إلا الغضب والقيل والقال في هذه الأيام، ومرةً بعض الناس -لما كنت في بعض الأماكن- قالوا: الذي يقول هذا زنديق، فقال له بعض السامعين: من تقصد زنديق سفيان الثوري ، أو الذهبي ، أو الناقل؛ أما الناقل فما أصدر القصة ولا هو الذي صححها ولا الذي أثبت، أنا شخصياً أنقل ما في الكتب، فالزندقة إذاً بين الذهبي وبين سفيان الثوري ، يرضيك هذا عن أئمتنا أنهم زنادقة؟! قال: هذه إذا وقعت فيه ما ينكرها، سبحان الله العظيم! لو وجدت تعتبرها زندقة؟ أما تتقي رب العالمين؟! الإمام أحمد يقول: لم يتقدمه في قلبي أحد، تقول: هذا الذي يقول هذا الكلام زنديق؟ نعوذ بالله من عدم معرفة الإنسان قدر نفسه، والذي لا يعرف نفسه لا يعرف ربه، وحقيقةً عندما ينسى الإنسان الله ينسيه نفسه: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ [الحشر:19].
كلام العبد الصالح إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ما ذكرته في مناسبة -حتى هنا- إلا أثار اللاغطون حوله لغطاً، كأن مفهوم السلفية أو التسنن أو السنة عند بعض الناس أمور معينة في أذهانهم، لو خرجت عن عرفهم لقالوا: خرجت عن السلفية، خرجت عن السنة، يعني السنة فقط عرفك، والسلفية فقط ما أنت عليه من اصطلاحات، أما تتقي الله جل وعلا! هذا كلام إمام أهل الناس يقول في ترجمة العبد الصالح صفوان بن سليم : ولا يوجد كتاب من كتب التراجم ترجم فيه لهذا العبد من تهذيب التهذيب، وتذكرة الحفاظ، وسير أعلام النبلاء وغيرها إلا وفيها هذا الكلام، يقول: يستشفى بحديثه، وينزل قطر السماء عند ذكر اسمه، ذكرت هذا في محاضرات جاءت من جملة كلامه في هذا الأمر، قال: هذا كيف يقال؟ قلت: إن كنتم تعترضون على الإمام أحمد ، فحقيقةً ينبغي أن نعيد النظر إذاً في سلفيتنا وفي ديننا الذي جاءنا عن طريق أئمتنا، الكلام الآن ثابت عن هذا العبد الصالح من هذه الكتب، فأين التراجم فيه؟! إذا نحن ذكرنا أولياء الله، ألله يرضى أم يغضب؟ وإذا رضي يرحمنا سبحانه وتعالى إذا أثنينا عليهم، وتحدثنا بمحاسنهم، عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة، أولياء الله نتقرب بحبهم إلى الله جل وعلا، فهل كنا نستغيث بهم أو نعبدهم؟!
فـسفيان الثوري عليه رحمة الله هذه حاله، وأما بقية رجال الإسناد فنتدارسهم في الدرس القادم، ولعلنا نكمل بقية المباحث بعون الله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، اللهم اغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا، اللهم ارحمهم كما ربونا صغاراً، اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا، اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر