أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب (منهاج المسلم)؛ ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها: عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعباداتٍ وأحكاماً، وها نحن مع الأحكام، وقد انتهى بنا الدرس إلى المادة الثانية في المضاربة، وهذه علوم قل من يعلمها من غير طلبة العلم [المادة الثانية: في المضاربة] فما هي المضاربة؟
[والخسارة إن كانت فمن رأس المال فقط] وإن حصلت خسارة ولم يستفد التاجر في تجارته وخسر كانت على رأس المال فقط، أما العامل فلا خسارة عليه، فقد خسر وقته وجهده وطاقته [إذ العامل يكفيه خسارة جهده، فلم يكفيه خسارة جهده، فلمَ يكلف خسارة أخرى؟]
إذاً: المضاربة أو القراض: هي أن يعطي أحد لآخر مالاً معلوماً -محدداً- يتجر فيه. يقول له: خذ هذا المال واتجر، على أن يكون الربح بينهما على ما اشترطاه، على النصف أو الثلث أو الربع، حسب الاشتراط، والخسارة إن كانت فتكون من رأس المال فقط؛ والعامل خسارته وقته الذي ضاع منه وجهده الذي بذله، فلم يكلف إذاً خسارة أخرى بعد خسارة جهده وطاقته.
الجواب: [المضاربة مشروعة بإجماع الصحابة] الصحابة كلهم مئات وآلاف لم يختلفوا في هذه القضية، فهي جائزة [والأئمة -الأربعة- على جوازها، وقد كانت معمولاً بها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرها].
وإليكم ما رواه مالك في هذه القضية في الموطأ: أن ابني عمر بن الخطاب وهما عبد الله وعبيد الله -وقد كان ولدان لـعمر : عبد الله المشهور وعبيد الله - مرا بـأبي موسى الأشعري الصاحب الجليل بالبصرة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فأعطاهما مالاً ليوصلاه إلى عمر الخليفة. قال: هذا أوصلاه إلى عمر رضي الله عنه، ثم أشار عليهما بأن يأخذا به بضاعة يتجران فيها، من باب الإحسان، ثم إذا باعاها دفعا رأس المال إلى عمر ، والربح لهما، ففعلا، واشتروا البضاعة للتجارة واتجرا فيها، لكن عمر منعهما من الربح. قال: ردا المال كاملاً إلي. فقال له عبيد الله : لو جعلته قراضاً أليس فيه هذا؟ بعد أن قال له: لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه. فأخذ عمر رأس المال ونصف الربح وأعطاهما نصف الربح الباقي. أي: أخذ رأس المال وقسم معهم الربح على نصفين. وهذا رواه مالك في الموطأ.
ومعنى هذا: مشروعية المضاربة بين المسلمين؛ فلا ينكرها ذو دين وعلم.
وكذلك المسلم الممنوع من التصرف -لسفهٍ- من المحكمة أو من والده فإنه لا يعطى.
فإذا قال لك كافر يهودي أو نصراني، خذ هذا المليار واتجر به والربح بيننا، جاز لك أن تأخذ منه، أما أن تعطيه أنت لكافر يتجر به فلا؛ إذ قد يبيع بالحرام ويخلط بالحرام [إذ المسلم لا يخشى معه الربا، ولا المال الحرام] فالمسلم الحق لا يخشى معه الربا أبداً ولا المال الحرام، ولا يغش ولا خدع ولا يكذب.
فهذه البضاعة أو هذه التجارة بين مسلمين جائزي التصرف، ولا بأس أن تكون بين مسلم وكافر إذا كان رأس المال من الكافر والعمل من المسلم؛ لأن المسلم لا يخشى معه الربا ولا الحرام، والكافر عندما تعطيه مالاً سيبيع ويشتري بالحرام كالخمر والربا.
[أما إن قالا: الربح بيننا فهو مناصفة بينهما] كأن يقول له: خذ يا بني هذه العشرة آلاف اتجر بها في هذه الأيام والربح بيننا، فإذا قال: بيننا، فهو أنصاف ليس فيه جدال، أما إذا قال: الربح لك نصفه أو ربعه فله ذلك، فإذا لم يعيناه ولكن قالا: مناصفة بيننا، فالربح بينهما مناصفة.
فإن اختلفا المتجر وصاحب المال في الجزء المشروط هل هو الربع أو النصف مثلاً، يقبل قول رب المال مع يمينه، فالقاضي يصدق رب المال يقول: نعم. ثلث، ولكن احلف بالله أنك واعدته بالثلث.
عندما ينتهي العمل، وينتهي العقد يقتسمان الربح الموجود، وإذا ما أرادا أن يقتسما قبل انتهاء العقد فلا بأس، يجوز.
فلا يقسم الربح ما دام العقد باقياً ثابتاً لم ينحل، اللهم إلا إذا رضي الطرفان بالقسمة واتفقا عليها، كأن يقولا: لا بأس أن نقتسم والعمل ما زال جارياً.
إذاً: رأس المال يجبر -دائماً- كسره من الربح الذي حصل، فلا يستحق العامل من الربح شيئاً إلا بعد جبر رأس المال، حتى يكمل رأس المال كما هو، والفائدة هي التي تقسم بينهما، هذا ما لم يقسم الربح، أما إن قسمنا الربح وأخذت ربحي نصفي أو نصفك ثم اتجرنا مرة ثانية في غنم أو في كتان مثلاً فخسرنا من رأس المال شيئاً فالخسارة من رأس المال، وليس على العامل جبره مما ربح في التجارة التي سبقت.
نكتفي بهذا القدر، والله تعالى أسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.
الجواب: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن من قرأها في فراشه كل ليلة تحاجّ له الملكين في القبر)، أي: من واظب عليها بقراءتها كل ليلة في فراشه -على شرط ألا يكون جنباً- فإنها تحاج له في القبر الملكين منكر ونكير، وأي فائدة أعظم من هذه؟! فلهذا أطلب من السامع أن يتخذ هذا الورد كل ليلة عندما يأوي إلى فراشه وأن يواظب على ذلك، فإذا انتقل إلى المقبرة وجدها إلى جنبه ترد عنه قول منكر ونكير والحمد لله.
وأنا أفضح نفسي: فأنا أقرؤها كل ليلة من سنوات، ولكن الشيطان يجعلني أسرع فيها إسراعاً عجباً، وأنا أندهش لذلك، فبدل التأني والتأمل أسرع والعياذ بالله.
الجواب: عليه أن يرفع دعواه إلى المسئولين وإلى القاضي، وإلى شيخ البلدة حتى يردوا حقه، وهذا الذي يمنع حق العامل آثم آثم آثم، هذا ذنب عظيم، فلا يصح أبداً أن تستأجره ثم لا تعطيه أجرته، والله لا يجوز بالإجماع، إذا لم يكن عندي قدرة على هذا فلا أستعمله.
الجواب: له ذلك، له ذلك، له ذلك، فهذا الربح بينهما، فالمؤسسة أخذت النصف أو أكثر، وأعطته قدراً، فلو اتفق معها على النصف تعطيه النصف؛ لأنه قال لهم: خذوا هذا المال واتجروا فيه واعملوا، والربح بيننا أنصاف، فيجعلون له النصف، فإن لم يرضوا حينئذٍ لا يضع عندهم، فإن قالوا: لا، أثلاثاً كان أثلاثاً، وهكذا، هذه هي المضاربة.
الجواب: نقول: لهذا سبب؛ فقد يكون يريد الأجر فيمشي خطوات: مائة أو مائتين أو ثلاثمائة خطوة، فأجره أعظم من مسجد الحي، أو يرى أن هناك إماماً قراءته تُبكي أو تشرح الصدر فأرادها، أو أراد هناك مجلس علم ليجلس فيه، وإذا لم يوجد من هذا شيء فلا إثم عليه.
الجواب: هذا السؤال باطل باطل باطل، والصحيح أن أقول: هل ركعتا الفجر -رتيبة الفجر- واجبة أم سنة؟
الجواب: سنة، ليست بواجبة، ورغب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: ( رتيبة الفجر خير من الدنيا وما فيها )، فالركعتان قبل صلاة الصبح خير من الدنيا وما فيها، ومن لم يصلهما قبل الصلاة يصليهما بعد الصلاة مباشرة أو في الضحى، أما صلاة الصبح فهي فريضة الله على المسلمين لا يشك فيها مؤمن.
الجواب: المضاربة: أنت تفتح مصنعاً أو متجراً وتقول لإخوانك: من أراد أن يتجر في مالي فليتقدم ونعطيه من الربح نصفه أو ثلثه، فهو يتجر بذلك المال أو يصنع به صناعة أو يبني به بناية والفائدة موزعة على أصحاب المال كما اتفقوا.
أما الربا البنكي: فقط أن تضع المال بالبنك وهو يعطيه لآخرين بفوائد، فتعطيه مائة ألف -مثلاً- إلى ستة أشهر بمائة وعشرة آلاف، هذا هو الربا؛ بخلاف المضاربة، فصاحب البنك تأتي عنده وتقول له: أقرضني مائة ألف إلى سنة، فيعطيك حالاً ويزيد عليك عشرة آلاف، هذا هو الربا، بخلاف صاحب التجارة؛ فإن ربحت التجارة أعطاك وإن لم تربح فلا شيء عليه.
الجواب: (75%) من الصحابة والأئمة على أن طلاق الحائض يقع، فطلاق الحائض يقع كطلاق غير الحائض.
الجواب: إذا كان الذي عنده المال يعدك بأنه إذا حال الحول عليه يزكي الأموال التي عنده فهو الذي يقوم بهذا، وإذا لم يعدك فالمال مالك أنت من تزكيه، فتسأله كم عندنا في هذه السنة فيقول لك: عندك ألف أو عشرة آلاف فتزكيها. لابد من زكاتها.
مداخلة: وإذا كان خسر يا شيخ؟
الشيخ: هو يسأل هل عندي مال؟ يا فلان عندنا شيء؟ فإذا قال له: عندك كذا.. فعندما يعرف أن عنده يزكيه، أما إذا قال له: مالك خسر فلا شيء عليه.
الجواب: الصحيح أن الليالي كلها على حد سواء؛ آخر الليل ينزل الرحمن عز وجل إلى السماء الدنيا ويقول: ( هل من سائل فأعطيه )، تلك الساعة -وهي الثلث الأخير من الليل- يستجاب فيها الدعاء، سواء ليلة الجمعة أو ليلة الأحد أو السبت.
الجواب: إن ترك لهم النفقة وترك من يحميهم ويحرسهم فلا شيء عليه، وإن كان لم يترك لهم النفقة ولم يترك لهم من يحميهم أو يحفظهم فلا يحل له ذلك، لا يحل، لا يحل.
الجواب: أخلص الشيء يخلصه إخلاصاً إذا نقاه وجعله خاصاً، الإخلاص: أن لا ترى عند العبادة إلا الله، فلا تشرك فيها أحداً غيره، لا في حسن القراءة، ولا في إطالة الركوع، ولا في السجود، ولا في الصيام، ولا في القيام .. فالعبادة كلها تخلصها لله، فإن أنت أشركت مع الله آخر ما أخلصت، فالإخلاص في العبادة أن تخلصها لله كاملة فلا يبقى فيها شريك أبداً لا بالعشر ولا بالثلث ولا بكلمة حتى، هذا هو الإخلاص: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5]، فالعبادات كلها لا نريد بها إلا وجه الله، لا نلتفت فيها يميناً ولا شمالاً لأي أحد، ولا نؤديها إلا لوجه الله، سواء كانت صدقة أو صياماً أو جهاداً أو صلاة أو غير ذلك.
الجواب: إذا كان يزور ويدعي أنه صائم فيا ويله! هلك! أما إذا كان يقول: أنا لست بصائم ولكن هل تسمحون لي أن آكل معكم؟ فإذا سمحوا له أكل، أما إذا كان يحتال بدعوى أنه صائم وهو غير صائم ليأكل ويشرب فلا يجوز، لا يجوز، لا يجوز.
نكتفي بهذا القدر، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر