والثلث فرض اثنين: ولدي الأم فأكثر, يستوي فيه ذكرهم وأنثاهم, والأم حيث لا ولد ولا ولد ابن، ولا عدد من الإخوة والأخوات.
لكن لها ثلث الباقي في العمريتين؛ وهما أبوان وزوجٌ أو زوجة.
والسدس فرض سبعة: الأم مع الولد أو ولد الابن، أو عدد من الإخوة والأخوات, والجدة فأكثر مع تحاذ، وبنت الابن فأكثر مع بنت الصلب، وأخت فأكثر مع أخت لأبوين, والواحد من ولد الأم , والأب مع الولد أو ولد الابن, والجد كذلك].
ولأن الأخت تأخذ النصف، وتأخذ الثلث مع أخيها، فالبنت كذلك بطريق الأولى، أي أنها إذا كانت تأخذ النصف وحدها؛ فإن كانتا اثنتين تغير إرثهما وورثتا الثلثين، فتكون كلمة (فوق اثنتين) معناها: اثنتين فما فوق.
وذهب بعض الظاهرية إلى أن فرض الثنتين من البنات النصف، وما فوق الثنتين الثلثان.
ولكن هذا خلاف إجماع الأئمة، فقد ذكر أن سعد بن الربيع رضي الله عنه قتل في غزوة أحد، وكان له أخ، وله ابنتان، وله زوجة، فأخذ أخوه جميع المال وقال: الإناث ليس لهن مال، فجاءت امرأته تشتكي وتقول: إنه خلف ابنتين، وإنهما لا ينكحان إلا إذا كان لهما مال، فأنزل الله آية الفرائض، فدعاه فقال: (أعط بنتي
ذكروا أنهن يأخذن الثلثين بشرطين: شرط وجودي، وشرط عدمي.
الشرط الوجودي: أن يكن اثنتين فأكثر، ولو وصلن إلى عشر أو عشرين، فلا يزيد سهمهن على الثلثين.
الشرط الثاني: عدم المعصب الذي هو أخوهن، فإنه ينقلهن من الفرض إلى التعصيب.
فلو مات ميت وله عشر بنات، وله عم، فالعشر البنات يأخذن الثلثين، والباقي للعم، فإن كان مع البنات أخوهن أخذوا المال كله واقتسموه تعصيباً، للذكر مثل حظ الأنثيين، فتكون القسمة من اثني عشر؛ البنات لهن عشرة أسهم، وهو له سهمان، أي أنه في هذه الحال نقلهن من الفرض إلى التعصيب؛ وأخذوا جميع المال، وسقط العم، وحصل لهن خمسة أسداس المال، ولأخيهن السدس، وقبل وجوده ما كان لهن إلا الثلثان، ولهذا فإنه يسمى: أخاً مباركاً.
وقال العلماء: إن أولاد البنين كأولاد الصلب، فلذلك فإن ابن الابن إذا لم يوجد غيره ورث المال كله كما يرثه الابن، فالابن إذا لم يكن إلا واحداً أخذ المال كله، فإن مات قبل أبيه وكان له ابن، فابن الابن يرث المال كله إذا لم يكن غيره؛ فكذلك بنت الابن تقوم مقام البنت إذا لم يكن هناك بنت، فتأخذ النصف.
فإذا كن بنتي ابن أو أكثر من اثنتين ورثن الثلثين؛ لأنهن يقمن مقام بنات الصلب.
فبنات الابن يرثن الثلثين بثلاثة شروط:
أن يكن اثنتين فأكثر، وعدم المعصب، وعدم الفرع الوارث الذي أعلى منهن، فإذا كانت واحدة فليس لها إلا النصف، كما أن البنت ليس لها إلا النصف، وإذا كان معهن أخوهن عصبهن، فيأخذن المال معه، كما أن الابن يعصب أخواته، كذلك ابن الابن يعصب أخواته، وابن الابن أيضاً يعصب بنات عمه اللاتي في درجته.
إذا كان لزيد مثلاً ابنان، مات أحدهما وله ثلاث بنات، ومات الثاني وله بنت وابن، ثم مات الجد، فبنات الأول يرثن من جدهن، ويقلن: هذا أبو والدنا، وبنت الثاني وابنه يرثون أيضاً، فابن الابن هذا يعصب أخته ويعصب بنات عمه اللاتي في درجته، فيأخذون المال كله تعصيباً، أي: يقتسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين، فبنات عمه لهن ثلاثة أسهم، وهو وأخته لهما ثلاثة، له سهمان ولأخته سهم، هذا معنى كون المعصب ينقلهن من الفرض -الثلثين- إلى التعصيب، وهو أخذ ما بقي بعد أهل الفروض.
فلو فرضنا أن هناك زوجاً، فإن الزوج يأخذ الربع؛ لوجود الفرع الوارث، والباقي يأخذه ابن الابن وأخته وبنات عمه تعصيباً.
وإذا كان مع بنات الابن بنت صلب، فإن بنت الصلب تأخذ نصفها كاملاً، ويبقى السدس من الثلثين فتأخذه بنات الابن ولو كن عشراً، ويسمى السدس تكملة الثلثين، فلا يرثن الثلثين إلا مع عدم الفرع الوارث الذي أعلى منهن.
عرفت أن الفرع الوارث هم الأولاد وأولاد البنين، فبنت الابن وبنات الابن من الفرع الوارث؛ لأنهم متفرعون عن الميت، وحيث إنهم متفرعون عنه فإنهم فرع, وقيدوه بالوارث احترازاً من الفرع الذي لا يرث؛ كبنت البنت، وبنت بنت الابن، فهي فرع غير وارث؛ لأنها تدلي بأنثى.
ثم عرفنا أن بنات الابن يأخذن الثلثين بثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكن اثنتين فأكثر.
الشرط الثاني: عدم المعصب؛ وهو أخوهن.
الشرط الثالث: عدم الفرع الوارث الذي أعلى منهن، فإن كان معهن ابن الصلب سقطن، وإن كان معهن بنت أخذت البنت النصف والباقي لبنت الابن أو بنات الابن، وإن كان معهن بنتان أخذ البنتان الثلثين وسقطت بنت أو بنات الابن.
أن يكن اثنتين فأكثر، وعدم المعصب، وعدم الأصل الوارث من الذكور، وعدم الفرع الوارث.
فالواحدة من الأخوات ترث النصف، ولا يرثن الثلثين إلا إذا كن اثنتين فأكثر.
وإذا كان معهن أخوهن نقلهن إلى التعصيب ليرثن معه المال كله تعصيباً، لقوله تعالى: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:176] .
وإذا كان هناك فرع وارث؛ وهو الأبناء أو البنات، أو بنات الابن، أو أبناء الابن، فلا يرث الأخوات الثلثين، بل إما أن يرثن تعصيباً مع الغير، وإما أن يسقطن، فالابن يسقطهن، والبنات يأخذن معهن الثلث تعصيباً، والبنت إذا أخذت نصفها أخذت الأخوات الباقي تعصيباً.
والأصل الوارث هو الأب والجد، وقيدوه بالذكور، فإن كان أب أسقط الأخوات؛ لأنهن يدلين به، يعني: هو واسطتهن، فمن أدلى بواسطة سقط بها.
وإن كان جداً ففيه خلاف سيأتي إن شاء الله، فلا يرثن الثلثين مع الأب، ولا مع الجد، ولا مع الابن، ولا مع البنت، ولا مع ابن الابن، ولا بنت الابن، فلا يرث الشقائق الثلثين إلا عند عدم هؤلاء.
الشروط المذكورة في الأخوات الشقائق، وزيادة الشرط الخامس، وهو: عدم الأشقاء والشقائق، فإذا كان معهن شقيقة أخذت النصف، وبقي السدس تكملة الثلثين للأخوات من الأب، وإن كن شقيقتين أخذن الثلثين وسقط الأخوات لأب، وإن كان أخ شقيق، أسقط جميع أولاد الأب، ذكوراً وإناثاً، هؤلاء أصحاب الثلثين.
فولد الأم هم الإخوة من الأم، واحدهم له السدس، والاثنان لهما الثلث، وكذلك إن زادوا فلا يزيد فرضهم على الثلث، وقد ذكر في القرآن في قوله تعالى: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12] ويستوي ذكرهم وأنثاهم، فيأخذون الثلث بهذه الشروط:
الشرط الأول: عدم الفرع الوارث؛ وهو ألا يكون للميت ابن ولا بنت، ولا ابن ابن، ولا بنت ابن، هؤلاء كلهم يسقطون الأخ من الأم والإخوة من الأم، واحداً كان أو عدداً، فإن لم يكن له إلا بنت أو بنت ابن فإنها تسقط الإخوة من الأم.
وكذلك إذا كثروا؛ فلو كان له عشرة أبناء سقط الإخوة من الأم.
الشرط الثاني: عدم الأصل الوارث من الذكور؛ وهم الأب والجد، هذا هو الأصل الوارث، فالأب يسقطهم، والجد يسقطهم ولو كان بعيداً، فمعناه: أن الإخوة من الأم لا يرثون الثلث إلا بهذه الشروط: عدم الفرع الوارث، وعدم الأصل الوارث من الذكور.
والشرط الثالث: أن يكونوا اثنين فأكثر.
ولهم أربع خصائص:
أولاً: أنهم يدلون بأنثى ويرثون.
ثانياً: أنهم يحجبون من أدلوا به حجب نقصان.
ثالثاً: أن ذكرهم كأنثاهم.
رابعاً: أنهم ذكرهم لا يعصب أنثاهم.
هذه خصائصهم.
كل من أدلى بأنثى لا يرث، إلا الإخوة من الأم يدلون بأنثى ويرثون، فمثلاً: أولاد الأخت لا يرثون من خالهم، ولا من خالتهم؛ لأنهم يدلون بأنثى، وكذلك أولاد البنت لا يرثون من جدهم أو من جدتهم؛ لأنهم يدلون بأنثى، وكذلك أولاد بنت الابن، وحتى الجد أبو الأم؛ لأنه يدلي بالأم، فكل من أدلى بأنثى لا يرث، إلا الإخوة من الأم، يدلون بأنثى ويرثون.
كذلك يضرون أمهم: فإذا مات امرؤ وله أم، وأخوان من أم، وعم؛ فالأم ليس لها إلا السدس، والأخوان لهما ثلث، والبقية للعم، فحجبوا الأم؛ لأنها مع عدمهم كانت تأخذ الثلث، فمع وجودهم ما حصلت إلا على السدس، فهم يحجبون من أدلوا به حجب نقصان.
كذلك لما كانوا يرثون بالرحم المجردة استوى ذكرهم وأنثاهم، فإن قوله تعالى: فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12]، دليل على أنهم لا يزيدون عن الثلث، والشركة تقتضي المساواة، أي: هم شركاء، ذكرهم كأنثاهم، فهؤلاء من أهل الثلث.
عدم الفرع الوارث، وعدم الجمع من الإخوة، وأن لا تكون المسألة إحدى العمريتين؛ هذه شروط أخذ الأم للثلث.
قال الله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11] يعني: إذا لم يرثه إلا أبواه فلأمه الثلث والباقي للأب لأنه إذا ذكر نصيب وارث، وسكت عن الباقي، فهو للوارث الثاني، ففي هذه الحال لأمه الثلث إذا لم يكن له ولد، ولم يرثه إلا أبواه، هذا شرط:
الولد يعم الذكر والأنثى من الأولاد وأولاد البنين، ويعم الواحد والعدد، فلو كان له بنت أو بنت ابن، فلا ترث الأم إلا السدس؛ لأن له ولداً.
الشرط الثاني: عدم الجمع من الإخوة، لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11] فجعل الله الإخوة يحجبون الأم إلى السدس، كما أن الأولاد يحجبونها إلى السدس، هذا نص: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11].
إذا لم يكن له إلا أم وله إخوة، أعطيت الأم السدس، والبقية للإخوة، وكلمة إخوة تعم الإخوة من الأم، فلذلك قالوا: يحجبها الإخوة من الأم إذا كانوا اثنين أو أكثر، ويحجبها من الإخوة الأشقاء اثنان فأكثر، ومن الإخوة من الأب اثنان فأكثر، وكذلك الأخوات شقائق كن أو لأب أو لأم، أو كانوا متفرقين، فيحجبونها إلى السدس.
ففي أخوين شقيقين وأم؛ للأم السدس، وفي أختين شقيقتين وأم لها السدس، وكذلك مع أخوان لأب لها السدس، أو أختان لأب، أو أختان لأم، أو أخوان لأم، أو أخ شقيق وأخت لأم، أو أخ شقيق وأخت لأب، أو أخت لأب وأخت لأم، فاثنان من الإخوة ذكوراً وإناثاً، لأب أو لأبوين أو لأم، يحجبونها إلى السدس.
ثم هاهنا مسألة فيها خلاف: وهي إذا كان الإخوة محجوبين، فهل يحجبونها أم لا؟
إذا كانوا محجوبين بالجد على القول بأنه يحجبهم، أو محجوبين بالأب:
مثاله: مات شخص وله أبوان، وأخوان، ففي هذه الحال: الجمهور على أنهم ساقطون ويحجبون، فيضرون الأم ولا ينتفعون، فيكون للأم السدس، وخمسة الأسداس للأب، هذا مثال من يحجب ولا يرث، ولكنه حجب نقصان؛ فمنعوا الأم من أوفر حظيها، ولم ينتفعوا، بل صار النفع للأب.
وذهب بعض العلماء إلى أنهم لا يحجبون في هذه الحال، ويختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فيقول: إذا كانوا لا ينتفعون فكيف يضرون؟! إذ العادة أن الحاجب إنما يحجب غيره إذا كان ينتفع بذلك الحجب، وهذا هو الأصل؛ أن الأولاد يحجبون الأبوين لأجل أن يزيد لهم المال، ويحجبون الزوجين حجب نقصان؛ لأجل أن يزيد لهم المال، ويحجبون الإخوة حجب حرمان؛ لأجل أن يزيد لهم المال، فما فائدة الإخوة من هذا الحجب، وكيف يحجبون وهم لا يرثون؟
فيرى شيخ الإسلام أنهم لا يرثون في هذه الحال، ولا يحجبون الأم، بل الأم لها الثلث كاملاً، ولكن ما تجرأ العلماء على أن يعطوها الثلث وهناك إخوة؛ للنص الصريح: فَلأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11] فـشيخ الإسلام يقدر: فإن كان له إخوة يرثون فلأمه السدس، كما إذا كان له ولد وارثون فلأمه السدس.
فرأى عمر بن الخطاب أنها تعطى ثلث الباقي بعد الزوج، ففي هذه الحال يكون لها سدس، وللأب مثلها مرتين، وللزوج النصف، وهذا يسمى ثلث الباقي تأدباً مع القرآن، إذا أخذ الزوج النصف ثلاثة من ستة بقي عندنا ثلاثة أسهم، للأم ثلث الثلاثة واحد وللأب مثلاها.
فهذه إحدى العمريتين.
الثانية: زوجة وأبوان، فالزوجة لها الربع ويبقى ثلاثة، فللأم ثلث الباقي وللأب الباقي.
الباقي بعد الزوجة ثلاثة أرباع، فتأخذ الأم ثلث الباقي وهو في الحقيقة ربع، وسميناه ثلث الباقي تأدباً مع القرآن، ويأخذ الأب الباقي.
هذا هو قول عمر رضي الله عنه، فقد اشتهر أنه أفتى في هاتين المسألتين، وتبعه الصحابة وأجمعوا على ذلك، وسميتا بالعمريتين نسبة إلى عمر لأنه الذي أفتى بذلك، كأنه رأى أن الأم عادة ما تأخذ نصف الأب، كما أن البنت تأخذ نصف الابن، وكما أن الزوجة تأخذ نصف ما يأخذه الزوج، فلذلك قالوا نعطيها في هذا نصف الأب.
وكأنهم جعلوا معنى قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ [النساء:11]، أي لم يرثه إلا أبواه فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [النساء:11] أي: في هذه الحال، فأما إذا كان هناك ورثة غير الأبوين كزوج أو زوجة فإنها لا تأخذ الثلث وإنما تأخذ مثل نصف الأب. هذا رأيهم.
وذهب الظاهرية إلى أنها تأخذ الثلث كاملاً في العمريتين، وقالوا: إن العادة أنها تأخذ فرضها كاملاً، وذلك للعمل بالحديث: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر)، فعندنا الزوج يأخذ النصف فرضاً، والأم فرضها الثلث، وما بقي هو سدس، فيأخذه أولى رجل وهو الأب.
هكذا ذكروا، ولكن الجمهور على ما أفتى به عمر .
كذلك العدد من الإخوة والأخوات: فالجمع من الإخوة يمنعون الأم من الثلث وترث معهم السدس، قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11]، وكلمة (إخوة) تصدق على اثنين، فإذا مات وله أخوان وأم فللأم السدس والباقي للأخوين، وإذا كان له أختان وأم، فللأم السدس وللأختين شقيقتين أو لأب الثلثان والباقي للعاصب.
فالمقصود أنه يحجبها الجمع من الإخوة، وهم اثنان، أخوان لأب، أو أخوان لأم، أو أخوان لأبوين، أو أختان من أي جهة، أو أخ وأخت، فيحجبونها فلا ترث معهم إلا السدس.
الجدة ترث السدس بشرط واحد وهو عدم الأم، فلا يمنعها إلا الأم، لأنها تسقطها، وإذا كان عندنا جدتان اشتركن في السدس، وإذا كن ثلاث جدات متحاذيات اشتركن في السدس. يقول الناظم:
والسدس فرض جدة في النسب واحدة كانت لأم أو أب
وإن تساوى نسب الجدات وكن كلهن وارثات
فالسدس بينهن بالسويه في القسمة العادلة الشرعية
فإذا كان عندك أم أم وأم أب فهما مستويتان، أم الأب في الدرجة الثانية وأم الأم في الدرجة الثانية، فيشتركان في السدس، فإن كن ثلاث فلا يتحاذين إلا إذا كن في الدرجة الثالثة أم أم أم، وأم أم أب، وأم أب أب.
أعني أم أم أم كلهن إناث، وأم أم أب أنثيان وأب، وأم أب أب، فيتحاذين ثلاثاً، فيشتركن في السدس.
ذكروا أن الجدة أم الأم جاءت إلى أبي بكر تطلب ميراثها فشهد بعض الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم ورّثها السدس، ثم جاءت الجدة الثانية أم الأب إلى عمر فقال: هو ذاك السدس، أيكن انفردت فهو لها، وإن اجتمعتما فبينكما.
ويتحاذى ثلاث جدات، أعني: أم أم أم، وأم أم أب، وأم أب أب، فيرثن السدس بشرط عدم الأم.
فبنت الابن أو بنتا الابن يشتركن في السدس الذي هو تكملة الثلثين.
إذا مات الميت وله بنت وخمس بنات ابن، فالبنت لها النصف
لقوله تعالى: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء:11]، والخمس بنات الابن لهن السدس تكملة الثلثين يشتركن فيه.
الأخت من الأب مع الأخت الشقيقة مثل بنت الابن مع بنت الصلب سواء، فإذا كان عندك أخت شقيقة، وخمس أخوات من أب أو واحدة، فالشقيقة لها النصف ثلاثة من ستة، والأخت أو الأخوات من الأب لهن السدس تكملة الثلثين؛ لأن الله جعل للأخت النصف وجعل للأختين الثلثين، فالقريبة القوية التي هي الشقيقة تأخذ النصف، والبقية يأخذن السدس تكملة الثلثين؛ مثل بنت الابن مع بنت الصلب.
ولد الأم يعم الذكور والإناث، فالواحد يأخذ السدس لقوله تعالى: وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [النساء:12]، فالأخ من الأم أو الأخت من الأم سيأخذ السدس، يقول الناظم:
وولد الأم ينال السدسا والشرط في إفراده لا ينسى
أي: أن يكون واحداً، سواء كان ذكراً أم أنثى.
إذا مات ميت وله أب وبنت فللأب السدس فرضاً وللبنت النصف فرضاً، ويبقى عندنا ثلث يأخذه الأب تعصيباً؛ لأنه أولى رجل ذَكر، فهو صاحب فرض وصاحب تعصيب.
كذلك إذا بقي أقل: فلو كان عندك مثلاً زوجة وبنتان وأب، فالزوجة لها الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين، والبنتان لهما الثلثان ستة عشر، والأب له السدس أربعة، ويبقى عندك واحد من أربعة وعشرين يأخذه الأب تعصيباً، فيجمع بين الفرض والتعصيب.
فإذا كان الولد ذكوراً، فالتعصيب للولد، وكذلك ولد الابن واحداً كان أو عدداً، فإذا مات ميت عن أبيه وابنه فالسدس للأب وخمسة الأسداس للابن.
وكذلك ابن ابن أو ابن ابن ابن وإن نزل، فليس للأب إلا السدس مع الابن أو ابن الابن وإن نزل.
والجد مثل الأب عند فقده في حوز ما يصيبه ومده
إلا إذا كان هناك إخوة لكونهم في القرب وهو أسوه
أو أبوان معهما زوج ورث فالأم للثلث مع الجد ترث
ثم قال في باب آخر:
ونبتدئ الآن بما أردنا في الجد والإخوة إذ وعدنا
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر