بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
أما بعد:
إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء، أسأل الله أن يسددنا ويوفقنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وممن يقولون بالحق وبه يعدلون.
وأذكركم ونفسي أن هذه الليلة ليلة الجمعة يستحب فيها الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد صح عنه في الحديث أنه قال: ( لا يصلي علي عبد صلاة إلا كتب الله له بها عشر حسنات، ومحى عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات، ورد عليه مثلها ).
أذكركم بأن يوم الجمعة يوم عظيم، ينبغي أن يغتنم في طاعة رب العالمين، خاصة التبكير إلى صلاة الجمعة، وقد صح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها أجر صيام سنة وقيامها، وذلك على الله يسير ).
السؤال: هل يجوز أن يتزوج الشاب من فتاة حملت منه بالزنا وينسب الطفل له؟
الجواب: أقول: الزنا من كبائر الذنوب والموبقات العظام التي قرنها ربنا بالشرك به جل جلاله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وقد قال سبحانه: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70].
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قيل: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قيل: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك ).
فالإنسان إذا وقع في الزنا ثم تاب تاب الله عليه، وكذلك الفتاة إذا تابت تاب الله عليها، فإذا حصل حمل فهذا حمل من سفاح.
السؤال: هل يعقد على هذه الفتاة التي حملت من الزنا؟
الجواب: عند جمهور العلماء العقد على الحامل يقع باطلاً، لكن الشافعية والحنفية رحمهم الله يصححون هذا العقد إذا كان من يعقد عليها هو الذي زنى بها.
وأما نسبة الولد إليه، فعند الأربعة لا ينسب إليه، لكن بعض أهل العلم يرى بأن قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( الولد للفراش وللعاهر الحجر )، يكون عند التنازع وعند الاختلاف، أما إذا كان الولد ما ادعاه أحد سوى هذا الذي زنى بتلك المرأة، فإنه ينسب إليه؛ لأنه ولده في الواقع وفي الحقيقة فيكون ولده شرعاً.
ولو نظرنا إلى هذه المسألة من حيث المفاسد المترتبة على خروج هذا الطفل إلى الدنيا لقيطاً، لا يعرف له أب أبداً، لوجدنا أن الأخذ بهذا القول ندرأ به كثيراً من المفاسد المعاصرة، وأسأل الله أن يصلح أحوالنا، وأن يتوب علينا وأن يعفو عنا.
السؤال: أسأل عن الفرق بين الرشوة وأجر العمل أو الخدمة التي قدمها لي الشخص؟
الجواب: إذا كان هذا الشخص قد استأجرته من أجل أن يبني لك حائطاً، أو من أجل أن يدهن لك بيتاً، أو يركب لك باباً فهذه أجرة، أما إذا كان مستأجراً من قبل الدولة في عمل ما، ثم بعد ذلك باشر ما يمليه عليه العقد المبرم بينه وبين الدولة فما ينبغي لك أن تعطيه شيئاً، وإلا كانت هذه رشوة، وهذا المعنى قرره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ( من ولي لنا عملاً ورزقناه رزقاً كان ما أخذ بعد ذلك غلولاً يأتي به يوم القيامة ).
السؤال: ما هو الحديث الذي نهى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور؟
الجواب: ليس حديثاً واحداً، وإنما ثبت: ( أن نبينا صلى الله عليه وسلم نهى عن تجصيص القبور، ونهى عن الجلوس عليها والكتابة عليها )، وثبت أن نبينا عليه الصلاة والسلام قال: ( لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج )، يعني: حتى لو كان البناء مسجداً فهو ممنوع ومنهي عنه.
السؤال: أسأل عن مال الإرث الذي لم يقسم قسمة شرعية لمدة خمسة عشر عاماً؟
الجواب: لا ينبغي، إذا مات الميت وانتقل إلى جوار ربه وقد ترك مالاً، فينبغي أن يقسم هذا المال على ما شرع الله، قطعاً للتنازع ومنعاً للخلاف، وأحياناً الناس يؤجلون القسمة خاصة إذا كانت الأم موجودة، فإنها تقول: لا، بيت أبيكم لا يقسم، مال أبيكم لا يوزع، يبقى الأمر هكذا، فيسكت الناس لا عن رضاً، وإنما تحاشياً لغضب الأم، ثم بعد ذلك يبدءون في التنازع بأن هذا صرف كذا وهذا فعل كذا وهذا أخذ كذا، ولو أننا التزمنا شرع الله فقسمنا التركة وفق ما تمليه الشريعة من الأيام الأولى لكان في ذلك حماية للأسرة من التصدع.
السؤال: ما حكم الشرع في شراء الكفن وثوب الحداد لأرملة متوفى من غير ماله؟
الجواب: لا مانع إن شاء الله، إذا طابت نفس بعض الأرحام أو بعض الجيران بأن يبذل الكفن لهذا الميت أو أن يشتري ثياباً تلبسها المرأة الحاد، فلا مانع من هذا إن شاء الله.
السؤال: الوالدة أدركها شهر رمضان وقد وصلت إلى مرحلة الخرف، فهل يجب على أبنائها الإطعام عنها؟
الجواب: اللهم لا، ليس على أبنائها إطعام؛ لأن التكليف قد ارتفع عن هذه الأم التي بلغت من الكبر عتياً، حتى غاب عقلها، ونسأل الله أن يحسن لنا ولها الختام.
السؤال: أفتوني في شخص سألني عن بيت رجل يعرف بالكهانة ولم أرشده؟
الجواب: جزاك الله خيراً أنك ما أرشدته؛ لأن الله قال: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2]، فالإنسان إذا عرف عنه الدجل والشعوذة والكهانة، أو عرف عنه فعل المنكرات، وأن الذين يغشون بيته ويأتون إليه إنما يشاركونه فيما يأتي من المنكرات فإننا لا نرشدهم ولا ندلهم ولا نعينهم.
السؤال: ما هو تفسير قوله تعالى: يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً [النساء:120-121]؟
الجواب: هذه الآية وردت في سياق التحذير من الشيطان الرجيم، الذي هو أعدى أعداء بني آدم، فإن الله عز وجل قال: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَرِيداً * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً * وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً [النساء:117-121].
يبين ربنا جل جلاله بأن الشيطان الخبيث في الدنيا كان يعد الناس المواعيد العاطلة ويمنيهم الأماني الباطلة، كما قال ربنا: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:268]، فالشيطان يعد الناس ويسوف لهم في التوبة، ويمد لهم حبال الأمل، ما زلت يا فلان صغيراً، ما زلت شاباً، ما زلت طريراً، ما زلت غنياً، وما يزال بالعبد يؤخره عن العبادة والتوبة والإنابة يوماً بعد يوم حتى يفجأه الموت وحين ذلك يتبرأ منه الشيطان، كما قال ربنا: كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ [الحشر:16].
السؤال: ما هو علاج أماني الشيطان والنفس؟
الجواب: العلاج بأن تحارب الشيطان وتجاهده، فإن الجهاد على أربعة أنواع:
الأول: جهاد النفس.
الثاني: جهاد الشيطان.
الثالث: جهاد الكفار.
الرابع: جهاد المنافقين.
وجهاد النفس على أربع درجات:
الدرجة الأولى: جهادها على تعلم ما أمرت به من دين الله.
الدرجة الثانية: جهادها على العمل بما علمت.
الدرجة الثالثة: الصبر في هذا الطريق.
الدرجة الرابعة: التواصي بالحق.
ثم جهاد الشيطان على مرتبتين:
المرتبة الأولى: جهاده فيما يلقي من الشبهات.
المرتبة الثانية: جهاده فيما يثير من الشهوات.
ثم جهاد الكفار والمنافقين كل واحد منهم على أربع درجات:
الدرجة الأولى: جهادهم باللسان فتفنيد شبهاتهم ودحض مفترياتهم.
الدرجة الثانية: جهادهم بالمال، وذلك بإنفاق المال في سبيل الله إعلاءً لكلمته ونشراً لدينه.
الدرجة الثالثة: جهادهم بالسنان كما قال ربنا: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ [التوبة:14].
الدرجة الرابعة: جهادهم بالقلب ببغض ما هم عليه من الكفر والنفاق.
السؤال: ما حكم صيام الحائض جهلاً؟ وهل السلام عليها باليد يبطل الوضوء؟
الجواب: اللهم لا، السلام على الحائض في يدها لا يبطل الوضوء؛ لأن الحائض ليست بنجسة، والمؤمن لا ينجس ذكراً كان أو أنثى، وإنما الحائض قام بها سبب كتبه الله على بنات آدم، وهذا السبب الذي قام بها يمنعها من الصلاة والصيام والطواف بالبيت، ومس المصحف، ودخول المسجد، والمكث فيه، ويمنع كذلك طلاقها، ويمنعها من الاعتداد بالأيام إذا طلقت في حيضتها ولا تحسب تلك الأيام من عدتها، ويمنع كذلك من جماعها.
لكن بعد ذلك الحائض تؤاكل وتشارب وتضاجع، ( والرسول صلى الله عليه وسلم يقول لـعائشة : ناوليني الخمرة -وهو في المسجد- قالت: يا رسول الله إني حائض ، قال لها: حيضتك ليست في يدك )، ( وكان يأمرها صلى الله عليه وسلم فتتزر فيباشرها وهي حائض )، ولو صامت الحائض جهلاً فإنها تقضي هذه الأيام.
السؤال: أسأل عن آخر من توفي من الصحابة؟
الجواب: آخر من توفي من الصحابة رضي الله عنهم، جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام السلمي فإنه قد طال عمره حتى ذهب بصره، وكان من آخر الصحابة موتاً.
وكذلك ممن طال عمره من الصحابة أبو حمزة أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه وأرضاه، فإنه قد أسن حتى بلغ بعد المائة عاماً، يعني: عاش مائة سنة وسنة رضي الله عنه وأرضاه. وهناك أيضاً بعض الصحابة طالت أعمارهم.
السؤال: ما حكم الشرع في اقتتال المسلمين فيما بينهم؟
الجواب: قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ).
السؤال: هل يجوز أن أنتفع بباقي مصاريفي أم أرجعه إلى والدي؟
الجواب: انتفع بها فإن الوالد ما أعطاكها إلا وقد طابت نفسه، ولو علم أنك قد ادخرت بعضها فإن ذلك يدخل السرور عليه.
السؤال: ما حكم مصافحة أم زوجة الأب؟
الجواب: أم زوجة الأب فهي محرم بالنسبة لأبيك؛ لأن الله عز وجل قال: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23]، وزوجة الأب بالنسبة لك محرم؛ لأن الله قال: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً [النساء:22].
أما بالنسبة لك بأم زوجة الأب ليست محرماً، لكنها لو كانت عجوزاً قد انقطع عنها إرب الرجال وهذا هو الغالب من حالها، فإن بعض أهل العلم يرخص في مصافحتها.
السؤال: هل يجوز الحج من مال الصندوق؟
الجواب: إذا كان كثير من أهل العلم قد أفتوا بجواز الصندوق أو الختة، كما يسميها الناس، فلا بأس أن تحج بمال الصندوق.
السؤال: ما حكم الشك في ترك غسل جزء من الجسم عند الغسل من الجنابة أو غيرها؟
الجواب: ما شككت فيه فاغسله، اللهم إلا إذا كان هذا الشك يعاودك وقد تحول إلى وسواس فأهمله ولا تحفل به.
السؤال: ما هي الشروط التي يجب أن تتوافر في الرجل الذي يريد أن يتزوج بأخرى؟
الجواب: ليس ثمة شرط إلا ما بينه ربنا في كتابه وهو العدل، وإذا أنس من نفسه أنه لن يعدل فلا يحل له أن يتزوج، قال الله عز وجل: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا [النساء:3]. فهذا هو الشرط الذي بينه ربنا في كتابه.
السؤال: أنا في الجامعة، ولدينا تقديم (سمنارات) إجباري، وصديقتي تقول لي: إن صوت المرأة عورة، ماذا نفعل؟
الجواب: صوت المرأة ليس بعورة، وإنما الممنوع أن تخضع بالقول، فصوت المرأة ليس بعورة؛ لأن النساء كن يكلمن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليهن ذلك، وقد قال الله عز وجل: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32].
السؤال: لدي صديقة نويت ألا أدخل بيتهم لأمور لم تعجبني، وإذا دخلت فهل علي شيء؟
الجواب: إذا كانت هذه النية في القلب فلا حرج إن شاء الله في أن تدخلي، فالنوايا تتغير، أما إذا كنت قد أقسمتِ يميناً بألا تدخلي بيتهم فادخلي إن بدا لك الخير في ذلك وكفري عن يمينك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من حلف على يمين فرأى غيرها أتقى لله منها، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ).
السؤال: هل يجوز للرجل أن يبقى مع زوجته الثانية سبعة أشهر والأولى شهرين بحجة أن تبقى مع أولادها للدراسة، وهي غير راضية ومتضررة نفسياً؟
الجواب: لا يجوز؛ لأن الله عز وجل قد ألزم من تزوج بأكثر من واحدة أن يعدل بينهن في النفقة والمبيت، فيجب على الرجل أن يبيت مع هذه مثلما يبيت مع تلك، قال علماؤنا: سواء في ذلك الشابة والعجوز، والجميلة والشوهاء، وذات الولد والعاقر، والصحيحة والمريضة، بل يجب أن يعدل بين هؤلاء جميعاً، يعني: لا ينفع أن يقول: والله هذه عجوز وهذه ما زالت شابة فأنا أبيت مع هذه أكثر من هذه، أو يقول: هذه عندها أولاد وهذه ما عندها أولاد فأبيت مع ذات الأولاد أكثر من هذه، أو يقول هذه كذا.. لا. بل يجب عليه أن يعدل بين الزوجات بصرف النظر عن الحالة التي عليها إحداهن.
المتصل: أنا وزوجتي سنذهب للحج هذا العام، ونريد أن نبدأ بالمدينة أولاً، ثم نرجع إلى مكة فهل علينا بأس؟ وهل يجب عليّ هدي واحد، أم أهدي عني وعن زوجتي بهديين؟
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: أريد معنى الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: ( آخر الزمان تفترق أمتي إلى اثنتين وسبعين فرقة ... )
السؤال الثاني: ما هي جمعية أنصار السنة المحمدية؟
السؤال الثالث: ما هي السرورية؟
الشيخ: شكراً لك، وتسمع الإجابة عن أسئلتك.
المتصل: صليت الصبح في جماعة، وبعد الساعة التاسعة ذكرت أني على جنابة، فهل أعيد هذه الصلاة؟
الشيخ: طيب شكراً. وتسمع الإجابة.
المتصل: امرأة متزوجة كانت جالسة مع زوجها، فأخبرها بأنه قبل سبعة أيام كان عنده نية أن يطلقها، ولكنه لم ينطق بالطلاق، فذهبت إلى أهلها وبعد فترة أراد إرجاعها، وأنكر أنه كان يريد طلاقها فما الحكم؟
المتصل: حصلت مشكلة بيني وبين زوجي في رمضان بسبب العيال، وبسبب الإيجار، وبسبب الأكل والشراب، فحصل الطلاق، والمشكلة أني كلما أتكلم معه، وأقول له: ننسى الموضوع هذا، ونعيش مطمئنين ونرجع إلى الشقة يقول: لا، أنا أكرهك، وما أريدك، وكلمات كثيرة من الكلام الفاحش، وقد حصل هذا الكلام أكثر من مرة، ثم ألزمه أهله بردي فاستجبت، ولكنه لا يزال على كلامه الفاحش، وأنا أصبر من أجل الأولاد، فبماذا تنصحني؟
المتصل: عندي ولد مصاب بمرض السرطان، وأريد أن أعرف بعض الأدعية حتى أدعو له؟
الجواب: طيب أبشر إن شاء الله، الله يشفيه ويعافيه.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: ما المقصود بالشجرة الملعونة في القرآن؟
السؤال الثاني: أريد تفسير الآية مائة وستة من سورة آل عمران، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ [آل عمران:106]؟
الشيخ: تسمع الإجابة عن أسئلتك إن شاء الله.
الشيخ: أخونا النور من جبرة قال: بأنه إن شاء الله ينوي الذهاب إلى الحج ومعه زوجته، وسيبتدئ بالمدينة، فأسأل الله عز وجل أن ييسر للحجيج وأن يهون عليهم سفرهم، وأن يطوي عنهم بعده، وأن يردهم سالمين غانمين، وأن يغفر لهم الذنوب، ولو أن الحاج بدأ بالمدينة أو ختم بها فلا بأس إن شاء الله وكله جائز.
وأذكر إخواننا وأخواتنا بأن المدينة المنورة يستحب فيها زيارة مسجدين وثلاثة قبور.
أما المسجدان: فالمسجد النبوي المبارك الذي أسس على التقوى من أول يوم، وعلى زائر المدينة أن يكثر من الصلاة فيه، فإن الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه من المساجد.
ثم المسجد الثاني: مسجد قباء، وقد أسس على التقوى من أول يوم كذلك، والصلاة فيه بأجر عمرة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان له أجر عمرة ).
وأما القبور الثلاثة: فأولها وأعظمها القبر المبارك الذي ضم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه: الصديق أبا بكر و الفاروق عمر رضوان الله عليهما.
والمقبرة الثانية: مقبرة بقيع الغرقد، التي ضمت نحواً من عشرة آلاف من الصحابة الكرام عليهم من الله الرضوان، وعلى رأسهم السيد الجليل عثمان بن عفان ، وكذلك من العشرة المبشرين الذين دفنوا في بقيع الغرقد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل و عبد الرحمن بن عوف رضوان الله على الجميع، وكذلك سعد بن أبي وقاص ، ودفن فيها أمهات المؤمنين كلهن سوى خديجة و ميمونة ، ودفن فيها بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم الأربع: زينب و رقية و أم كلثوم و فاطمة ، ودفن فيها إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعد ذلك المقبرة الثالثة: مقبرة شهداء أحد التي ضمت نحواً من سبعين من الأخيار، وعلى رأسهم أسد الله وأسد رسوله أبو عمارة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.
بعد ذلك لو ذهبت إلى مكة معتمراً ثم تحللت من إحرامك، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة أحرمت بالحج فقد وجب عليك هدي وعلى زوجتك هدي، وكذلك لو أنك خرجت من المدينة ناوياً أن تقرن الحج والعمرة في عمل واحد فأنت قارن ويلزمك هدي وكذلك زوجتك، فيجب على كل واحد منكما شاة أو سبع بدنة أو بقرة، بمعنى أنه يمكن لسبعة أشخاص أن يشتركوا في بدنة، أو لسبعة أن يشتركوا في بقرة، وأسأل الله أن يتقبل من الجميع.
السؤال: أخونا حمد علي حمد يسأل عن حال ومعنى حديث: ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة )؟
الجواب: هذا الحديث صححه جمع من أهل العلم، وقالوا: بأن المقصود به رءوس فرق الضلال التي خالفت في المعتقد، مثال ذلك: الخوارج الذين كفروا مرتكب الكبيرة وقالوا بخلوده في النار، وأنكروا حد الرجم من القرآن، وقال بعضهم بجواز الجمع بين الأختين، وكذلك القدرية مجوس هذه الأمة، وكذلك الجبرية الذين نسبوا الظلم إلى الله عز وجل، وكذلك المعتزلة الذين قدموا العقل على النقل فقالوا: بالمنزلة بين المنزلتين، وأنكروا الميزان وحشروا عقولهم في الغيبيات، فأفضى بهم ذلك إلى ضلال عظيم.
ومن الخطأ بمكان تطبيق هذا الحديث على الجماعات العاملة في الدعوة إلى الإسلام على اختلاف أسمائها، وهي لم تختلف في قضايا المعتقد التي وقع عليها الإجماع، فنحن نعرف أن بعض قضايا المعتقد قد حصل فيها خلاف، مثلاً: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة المعراج حصلت أو ما حصلت، كلامه صلى الله عليه وسلم مع ربه حصل أو لم يحصل، قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( وكلتا يديه يمين ) ، وفي الرواية الأخرى إثبات الشمال، تجد بعض العلماء يقولون: المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: (كلتا يديه يمين) أي: من اليمن، أي: كلتا يديه جل جلاله تفيض على العباد بالخير والبركة والرحمة سبحانه وتعالى، فهذه القضايا مما يسوغ فيها الاختلاف.
وكذلك الاختلاف في بعض أنواع الشفاعات، فمثلاً: أجمعوا على الشفاعة العظمى وأجمعوا على شفاعته صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر، أعني بذلك: أهل السنة، وأجمعوا على شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أن يدخل أهل الجنة الجنة، لكن بعد ذلك شفاعته صلى الله عليه وسلم في أن ترفع درجات أقوام في الجنة، فهناك بعض الشفاعات قد حصل فيها الاختلاف.
أقول: من الخطأ أن يطبق هذا الحديث ويسقط حكمه على الجماعات العاملة في الساحة الإسلامية الدعوية، والتي تختلف أسماؤها ولربما تختلف تخصصاتها.
السؤال: ما حال جماعة أنصار السنة المحمدية؟
الجواب: هي جماعة عالمية لها وجود في مصر، ولها وجود في بلاد الشام، ولها وجود في شبه القارة الهندية، ولها وجود كذلك في هذه البلاد السودان، وقد عنيت هذه الجماعة بالدعوة إلى سلامة المعتقد وإلى تصحيح النية والعمل، وعنيت بالدعوة إلى السنة وعملت على نشرها، وعنيت كذلك بالتحذير من البدع والخرافات والدعوة إلى أن يعود المعتقد صافياً كما جاء به الأنبياء والمرسلون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ونسأل الله أن يسددهم ويوفقهم.
السؤال: ما هي السرورية؟
الجواب: لا أعلم جماعة بهذا الاسم، لكن بعض الناس قد ينسب إلى أحد علماء الشام وهو الشيخ الفاضل محمد سرور بن نايف زين العابدين ، ينسبون إليه بعض الناس ممن يدعون إلى قضايا المعتقد، كوجوب الحكم بما أنزل الله عز وجل، وكذلك ينكرون المنكرات التي فشت وطمت وعمت من تغليب القوانين الوضعية الوضيعة، التي ألفها دهاقنة البشر، واستبدالها بالقوانين الإلهية التي نزلت من الرب العليم الخبير جل جلاله، ونحو ذلك من القضايا.
وأنا أريد أن أقول كلمة: هذا البرنامج ليس لتقييم الجماعات، ولا لبيان محاسنها ومساوئها وسلبياتها وإيجابياتها، وإنما هذا البرنامج برنامج دعوي علمي معني بالإجابة على أسئلة السائلين فيما يهم جمهور المسلمين، وإلا لو لقي أحدنا ربه وهو لم يسمع بأنصار السنة، ولا بالسرورية، ولا بالإخوان المسلمين، ولا بجماعة التبليغ، ولا بغيرها من الجماعات لقي الله مسلماً موحداً، فقد سلم وبرئ والحمد لله رب العالمين.
وفي القبر يا أيها السائل! ستسأل أسئلة ثلاثة: ( من ربك؟ وما دينك؟ وما تقول في الذي بعث فيكم؟ )، ولن يقال لك: ما جماعتك؟ ما حزبك؟ ما جنسك؟ ما وطنك؟ ما لونك؟ هذه كلها أسئلة لن تسأل عنها في القبر، ولن تسأل عنها يوم القيامة، فيوم القيامة تسأل سؤالين: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟
ولذلك أنا أقول: بأنني أجبت أخانا، لكن لن أجيب على مثل هذه الأسئلة في مستقبل الأيام؛ لأن حفظ وقت البرنامج مع كثرة الأسئلة أهم، وها أنتم ترون في كل ليلة قد ينقضي وقت البرنامج وينتهي أمده ولم نجب على أسئلة بعض الناس، وفيها مهمات الأمور التي لا يسع المسلم جهلها.
السؤال: أخونا مصطفى من بحري يسأل أنه صلى الصبح ثم اكتشف في الساعة التاسعة بأنه كان على جنابة فهل يعيد الصلاة؟
الجواب: لا بأس ولا إثم عليك؛ لأنك ما تعمدت، وقد قال الله عز وجل: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]، ومطلوب منك أن تغتسل ثم تعيد الصلاة، كما فعل السيد الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صلى بالناس صلاة الصبح، وبعد ذلك نظر في ثيابه فوجد أثر مني فقال: (ما أراني إلا احتلمت، وما أراني إلا صليت بأصحابي جنباً، ثم اغتسل وأعاد الصلاة بعدما ارتفع الضحى).
السؤال: مريم من سنار تسأل أن امرأة نوى زوجها أن يطلقها ثم أنكر ذلك فيما بعد، فما هو الحكم؟
الجواب: إذا كان الأمر مجرد نية أو مجرد وعيد أو تهديد بأنني سأطلقك فليس هذا طلاقاً، أما إذا كان قد تلفظ بالطلاق بصيغة الماضي كقوله: طلقتك، أو بصيغة الخبر كقوله: أنتِ طالق، فهذا الذي ينبغي أن يستنطق فيه الزوج والقول قوله مع اليمين.
السؤال: أختنا نجاة من الكدرو تسأل بأن خلافاً حصل بينها وبين زوجها في رمضان بسبب المصاريف والأولاد وبعد ذلك طلقها وقال لها: أنا كرهتك، ولا أريدك، وألزمه أهله بأن يعيدها وهي أيضاً جزاها الله خيراً قالت له: نرجع وننسى ما مضى من أجل الأولاد وما أشبه ذلك، فتريد نصيحة في ذلك؟
الجواب: أوجه رسالة إلى الأزواج جميعاً؛ أعني الرجال والنساء، أقول لهم: الضائقة المعيشية يعاني منها الجميع، وغلاء الأسعار أمر مشاهد معلوم، هذا الأمر قد ينعكس أحياناً على الحياة الزوجية؛ لأن الزوجة تطالب بضرورات الحياة وحاجياتها، فيما يتعلق بالغذاء والكساء والدواء وأجرة الماء والكهرباء، وما إلى ذلك من ضرورات الحياة وحاجياتها، فينبغي لنا معشر الأزواج أن نبذل لهن ما في الوسع والطاقة، كما قال ربنا: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7] ، وما لا نملكه يكون منا رد جميل، يعني: إما بذل جزيل وإما رد جميل.
وأقول للزوجات: اتقين الله عز وجل ولا تضيقن على أزواجكن ولا تكثرن من اللوم والتقريع والتعنيف والتوبيخ فإن هذا يوغر صدر الزوج ويسبب نفرته؛ لأنه مسكين حيلته قليلة، ربما يكون موظفاً، وربما يكون عاملاً، وربما يكون حرفياً ودخله محدود، ثم بعد ذلك المرأة تطالب وتطالب وتطالب، طيب من أين يأتي بهذا ؟ إما أن يسرق، وإما أن ينهب، وإما أن يختلس وهذا شر في الدنيا والآخرة.
ولذلك نقول: لكن أسوة في زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اللائي كان يمر عليهن الهلال والهلال والهلال، وما يوقد في بيوتهن نار، وما لهن من طعام إلا الأسودان )، كما قالت عائشة رضي الله عنها ( ولكن كان لنا جيران من الأنصار جزاهم الله خيراً، يحلبون منائحهم ويبعثون بلبنها فيشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسقينا ).
فلا بد من التعاون، هناك ضائقة، وهناك غلاء، وهناك شدة وعسر، والناس في ذلك متفاوتون، وهذه سنة ربنا جل جلاله، فينبغي للأزواج ألا يغضبوا ويزمجروا ويهددوا ويسارعوا إلى الطلاق، وينبغي للزوجات كذلك ألا يثربن على أزواجهن ويضيقن الخناق عليهم، ويكثرن من المطالب، وينشرن المعايب، فهذا لا يجوز، بل ليستر بعضنا بعضاً وينصح بعضنا بعضاً.
ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرفع عنا البلاء والغلاء والوباء.
السؤال: أخونا الصادق يشكو أنه ابتلي بمرض ولده بالسرطان ويريد توجيهاً وإرشاداً؟
الجواب: يا أيها الصادق ! أسأل الله أن يعظم أجرك، وأن يجبر كسرك، وأن يشفي ولدك، وأن يجعل ما أصابكم خيراً لكم في الدنيا والآخرة، وأرشدك إلى الإكثار من الدعاء، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم أخبرنا : ( أن دعوة الوالد لولده لا ترد )، وعليك أن تكثر من الاستغفار، ( فمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً )، وأكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم تكفى همك ويقضى دينك ، ثم بعد ذلك أمل في الله خيراً، فـ ( ما أنزل الله داءً إلا أنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله ).
السؤال: أم حسان تسأل عن الشجرة الملعونة في القرآن؟
الجواب: هي شجرة الزقوم.
السؤال: ما هو تفسير قوله تعالى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران:106]؟
الجواب: قال ابن عباس وغيره: تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة، يبين ربنا جل جلاله أن الناس يوم القيامة ليسوا سواء، فبعضهم يلقى ربه بوجوه مسفرة ضاحكة مستبشرة، وبعضهم يلقى ربه بوجوه عليها غبرة ترهقها قترة، وكما قال سبحانه: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ [القيامة:22-25].
فالناس على حسب أعمالهم يوم القيامة، منهم من يأتي ربه بوجه مشرق، وقد سعى نوره بين يديه وعن يمينه، ومنهم من يأتي ربه جل جلاله بوجه أسود مظلم، قد علته كآبة جزاء ما اقترفت يداه، أسأل الله عز وجل أن يبيض وجوهنا يوم تبيض وجوه، وأن يثقل موازيننا بالحسنات وأن يثبت أقدامنا على الصراط، وأن يرزقنا جوار محمد صلى الله عليه وسلم في جنة عرضها السموات والأرض.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: أعمل في استخراج الذهب، وفي كل خمسة عشر يوماً يجتمع لنا كمية منه، فمرة تكون الكمية خمسمائة جرام ومرة مائة جرام ومرة خمسين جراماً، أريد أن أعرف نصاب الزكاة في هذه الكميات؟
السؤال الثاني: أنا تاجر ذهب وأقوم بجمع كمية في الخزنة، مثلاً: كيلو، فأتصل ليل الخميس بتاجر في الخرطوم وأقول له: سعر الذهب اليوم مائة وخمسة وأربعون وعندي لك كيلو في الخزنة، لكن لا أستطيع أن أعطيه لك إلا يوم الإثنين القادم، مع أن السعر قد يتغير من يوم الخميس إلى يوم الإثنين، فهل هذا البيع حلال أم حرام؟
السؤال الثالث: الناس الذين يأتون لي بالذهب من الخلاء، ننظفه من الأحجار ونفصله عن باقي الوسخ، فعند بيعه لي نقدر نسبة الذهب تقديراً دون أن نعلم نسبته الحقيقية، فما حكم هذا الشراء والبيع؟
الشيخ: شكراً لك يا جمال ! أحسن الله إليك، ما شاء الله جمال أسئلته واضحة وسريعة، وتسمع الإجابة عنها.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أسأل عن الصلاة بالنسبة للمسبوق إذا سجد الإمام للسهو، فماذا يفعل؟
السؤال الثاني: أريد الطريقة لتوزيع الورث في مال رجل توفي عن زوجته وأبيه وأمه؟
الشيخ: تسمع الإجابة عنها.
السؤال: في إحدى القنوات الفضائية تم استضافة أحد الصحفيين للتعليق على خطبة الجمعة الماضية في المسجد، وأخبروه بأن الشيخ عبد الحي يوسف ربط غلاء الأسعار بالفساد، فاستنكر أن يربط غلاء الأسعار بالفساد، وقال: لو كان الأمر كذلك فالغرب كله فساد، ومع ذلك يعيشون في رغد من العيش، فما ردك على هذا الصحفي؟
الشيخ: شكراً، وجزاك الله خيراً.
السؤال: أخونا جمال من الحاج يوسف يقول: بأنه يذهب إلى الأماكن التي فيها التبر والذهب الخام فيأتون به وكل خمسة عشر يوماً يجتمع عندهم قدر معين فيسأل عن الزكاة؟
الجواب: بالنسبة لزكاة الذهب الخام هي كزكاة عروض التجارة، لا تكون إلا عند حلول الحول يعني: ليس هو ركازاً، وإنما الركاز هو دفن الجاهلية، ما كان مدفوناً من الزمان الأول من زمن الفراعنة، ومن كان مثلهم فهذا هو الركاز الذي قال فيه خير الناس عليه الصلاة والسلام: ( وفي الركاز الخمس ).
أما بالنسبة للتبر أو الذهب الخام، فهذا لا يعد ركازاً، وإنما يزكى زكاة عروض التجارة.
السؤال: أجمع في الخزنة مثلاً كيلو من الذهب وأتصل بأحد التجار وأقول له: اليوم الخميس عندنا كيلو من الذهب وسعره مائة وخمسة وأربعون جنيهاً، ولكن آتيك به يوم الإثنين، فما حكم هذا البيع؟
الجواب: بالنسبة للذهب لا بد فيه من التقابض لأجل أن يصح بيعه، بمعنى: أن تبذل الذهب وتقبض الثمن لا يصح فيه النسيئة -أي: التأجيل- التأجيل يصح في السلع الأخرى سوى الذهب والفضة، أما الذهب والفضة فلكونهما ثمنين للأشياء فإنه لا يصح فيهما إلا التقابض، وفي حال اتحاد الجنس لا بد من تقابض وتماثل، وإذا اختلف الجنس فلا يشترط التماثل، لكن لا بد من التقابض.
فإذا كان الأمر كذلك فيكون التسليم يوم الإثنين وقبض الثمن يوم الإثنين، فليس هناك معنى للاتفاق على السعر من الآن، فلربما إذا جاء يوم الإثنين يكون الذهب بمائتين ولربما يكون بمائة فالاتفاق على مائة وخمسة وأربعين من يوم الخميس قد يجحف بالمشتري، وقد يجحف بالبائع؛ ولذلك نقول لك: ما يصح هذا قطعاً للتنازع، وإنما إذا أتيت بالثمن وأتى هو بالمثمن، أو أتيت أنت بالذهب وأتى هو بالنقود، ففي هذه الحالة تتفقان على السعر.
السؤال: يكون هناك كتلة من زئبق وتراب ووسخ وشيء من ذهب فنبيعه هكذا فهل يصح هذا البيع؟
الجواب: ما يصح هذا؛ لأن الغرر حاصل وموجود، ما أدرانا ما هي نسبة الذهب في هذا المبيع لو قيس إلى الزئبق والتراب والوسخ الذي علق به، فلا بد من أن يتميز الذهب عن غيره؛ لكن لا يصح أن تبيعه بسعر الذهب وفيه تراب وزئبق وغير ذلك.
السؤال: ماذا يصنع المسبوق لو سجد الإمام للسهو؟
الجواب: المسبوق لا يخلو من حالتين:
إما أن يكون قد أدرك مع الإمام ركعة أو لم يدرك مع الإمام ركعة، يعني: جاء مثلاً في التشهد الأخير، فمثل هذا الذي لم يدرك مع الإمام ركعة لا يسجد مع الإمام لا قبلية ولا بعدية؛ لأنه ليس له حكم المأموم أصلاً.
وأما بالنسبة لمن أدرك مع الإمام ركعة فأكثر، فمثل هذا يسجد مع الإمام السجود القبلي دون البعدي، يسجد مع الإمام إذا سجد سجوداً قبلياً، أما السجود البعدي فلا يأتي به إلا بعدما يسلم هو.
السؤال: كيف يقسم ميراث من مات وترك زوجة وأباً وأماً؟
الجواب: للزوجة الربع فرضاً، وللأم الثلث فرضاً، وما بقي فللأب، بمعنى: أن المسألة تكون من اثني عشر، فللزوجة ثلاثة أسهم، وللأم أربعة أسهم، وتبقى خمسة أسهم تكون للأب.
الشيخ: أما أخونا أسامة ختم من بور سودان، فقد ذكر بأن خطبة الجمعة في الأسبوع الذي مضى قد تناولت قضية غلاء الأسعار، وأن السبب في ذلك الفساد، وهذا الفساد يشمل الحاكم والمحكوم، وقد سيقت الأدلة على ذلك من القرآن، كقول ربنا جل جلاله: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41] ، وقول ربنا جلا جلاله: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30]، وقوله جل جلاله: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [يونس:44]، وقول ربنا جل جلاله: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأعراف:96]، ونحو ذلك من النصوص القطعية والواضحة في دلالتها.
أقول له: نعم، بعض الناس ينكر هذا؛ لأنه متعلق بالأسباب المادية، ويظن بأن مثل هذا الحديث إنما يراد به طرح المسئولية مثلاً عن طائفة وهي طائفة الحكام وتشتيت الأمر وتخدير أو دغدغة الأحاسيس ونحو ذلك، لكن لا يصح إلا الصحيح، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ [الرعد:17]، القرآن الكريم يبين قوانين إلهية وسنناً ربانية قام عليها هذا الكون، أن تقوى الله عز وجل والاستقامة على أمره يصحبها سعة العيش ورغد الحياة، كما قال ربنا: وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً [الجن:16]، وكما قال ربنا: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، وبالمقابل المعاصي شر في الدنيا والآخرة.
أما قضية أن الغرب كله فساد وهم في عيش رغيد، فأقول: أولاً: لا نسلم بهذا، ففي الغرب فساد أخلاقي لكن بالمقابل يغلب على الناس في تعاملهم صدق الحديث، وأداء الأمانة، والمسئول مخصصاته معروفة ونفقاته معروفة، ويحاسب لو ظهر عليه ثراء، ويستقيل إذا حصل منه تقصير، ونحو ذلك من قيم هي من أساس ديننا وهم يعملون بها، نعم عندهم فساد في نواحي أخلاقية فيما يتعلق بالأخلاق الجنسية، فيما يتعلق بتناول المسكرات وما إلى ذلك، لكن بالمقابل عندهم جوانب مشرقة.
والإنسان العاقل يعلم بأن من سنن الله عز وجل كما قال في القرآن: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ [الأنعام:42-44].
وما هو موجود في البلاد الغربية من رغد العيش ليس معناه أن القوم مرتاحون، بل فيهم من الأمراض النفسية والعلل النفسية، وفيهم من الضنك ونكد العيش وكثرة الانتحار وتقطع الأواصر وضعف العلاقات، وما إلى ذلك شيء كثير؛ ولذلك لا ينبغي للإنسان أن يقتصر نظره على جانب من الصورة دون آخر، بل المسلم نظرته كلية.
أسأل الله عز وجل أن يهدينا جميعاً إلى سواء السبيل، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، والحمد لله في البدء والختام، وصلى الله وسلم وبارك على خير الأنام وعلى آله وصحبه الأعلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر