إسلام ويب

تزيين الجنةللشيخ : أحمد سعيد الفودعي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تتزين الجنة لعشاقها في رمضان؛ كي يجدّوا في وصالها في شهر الخير، وتخبرهم بأن فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون، وقد أخبر الله عباده عن أسباب دخولها كي يسلكوها للوصول إليها.

    1.   

    الجنة دار المتقين

    الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[الأحزاب:70-71].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].

    تقوى الله هي وصيته سبحانه وتعالى للأولين والآخرين: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131] .

    أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأحباب! في مسند الإمام أحمد بسند قال عنه الإمام ابن عبد البر رحمه الله بأنه يحتمل في الفضائل, عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أعطيت أمتي في رمضان خمس خصال لم تعطهن أمة قبلها من الأمم، ومن هذه الخصال: أن الله يزين كل يوم جنته، ويقول لها: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المئونة ويصيروا إليك )، في كل يوم من أيام رمضان يزين المولى دار القرار لعباده المؤمنين الصائمين الذاكرين، ويعد الجنة بأن أهلها وأحبابه صائرون إليها عن قريب، ( يوشك عبادي الصالحون أن يصيروا إليك, وأن يلقوا عنهم المئونة ).

    وفي هذا الحديث حث عظيم على العمل بخصال أهل الجنة في هذه الليالي والأيام، الجنة التي قال عنها نبينا -صلى الله عليه وسلم-: ( ألا هل من مشمر إلى الجنة، فإنها ورب الكعبة ريحانة تهتز، ونور يتلألأ، ونهر مطرد، وزوجة حسناء ).

    الجنة يا كرام! التي تعجب النبي صلى الله عليه وسلم ممن ينام وهو يطلبها، الجنة تتزين في أيام رمضان ولياليه، وتنتظر أولياء الله وأحبابه ليصيروا إليها، إنها تقول بلسان حالها ومقالها: يا رب! قد طابت ثماري، واطردت أنهاري، واشتقت لأوليائي، فعجل إلي بأحبابي.

    الجنة ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "حادي الأرواح" قصة أحد طالبيها, شاب من أبناء العراق, خرج مع رفقة له في سفر إلى مكة, فكانوا إذا نزلوا في مكان وناموا قام يصلي، وإذا أكلوا في نهارهم صام بجوارهم، فاشتدت غرابتهم من حاله وجده في طلب العبادات وكمالها, فسأله أحد رفقائه عند العودة: ما الذي بعثك على كل ما رأيت؟ ما الذي حمل همتك على أن تفعل كل هذا وتكابد الحر وتجاهد النوم؟

    فقال: رؤيا رأيتها في المنام، رأى أنه دخل الجنة، وأنه رأى قصراً، قال: فإذا لبنة من فضة، ولبنة من ذهب، فلما تم البناء إذا أنا بشرفتين إحداهما من زبرجد، والأخرى من الياقوت، وإذا بين الشرفتين امرأة من الحور العين عليها ثوب من فضة يتثنى معها كلما تثنت، فخاطبتني وقالت: جد في طلبي إلى الله، قال: فهذا الجد الذي ترى مني.

    قال أبو سليمان الداراني وهو يعلق على هذه القصة: فهذا جد من طلب حوريةً من الحور العين، فكيف بمن طلب فوق ذلك؟

    لقد قال الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه وهو يخاطب الملائكة الذين صعدوا من عند عباد يقيمون على أعمال صالحة: ( من أين جئتم؟ )، وهو أعلم، ( يقولون: جئناك من عند عباد لك يسبحونك، ويهللونك، ويحمدونك، ويسألونك جنتك، قال: هل رأوا جنتي؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا جنتي؟)، كل هذا الجد وهم لم يروها فكيف لو رأوها؟

    إنه مهما قال القائل أو وصف الواصف، فإنه لن يبلغ حقيقة ما في الجنة، ولن يقرب لك شيئاً منها إلا الأسماء, فإنها كما قال الله عز وجل عنها في الحديث: ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر )، قال عليه الصلاة والسلام: ( ومصداق ذلك في كتاب الله: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:17] ) .

    1.   

    وصف الجنة

    الجنة مهما وصفها الواصف فلن يصل إلى شيء منها، فوصفها كثير، والخبر عنها وافر في كتاب الله وفي أحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن سألت عن أرضها وتربتها فهي المسك والزعفران.

    وإن سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن.

    وإن سألت عن بلاطها فهو المسك الأذفر.

    وإن سألت عن إسمنتها فهو اللؤلؤ والجوهر.

    وإن سألت عن بنائها فلبنة من فضة ولبنة من ذهب.

    وإن سألت عن أشجارها فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب وفضة لا من الحطب والخشب.

    وإن سألت عن ثمارها فأمثال الدلال العظيمة، ألين من الزبد وأحلى من العسل.

    وإن سألت عن ورقها فأحسن ما يكون من رقائق الحلل.

    وإن سألت عن أنهارها فأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى.

    وإن سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون.

    وإن سألت عن شرابهم فالتسنيم والزنجبيل والكافور.

    وإن سألت عن آنيتهم فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير.

    وإن سألت عن سعة أبوابها فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام.

    وإن سألت عن تصفيق الرياح لأشجارها فإنها تستفز بالطرب من يسمعها.

    وإن سألت عن ظلها ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد في ظلها مائة عام لا يقطعها.

    وإن سألت عن سعتها فأدنى أهلها يسير في ملكه وسروره وقصوره وبساتينه مسيرة ألفي عام.

    وإن سألت عن خيامها وقبابها فالخيمة الواحدة من درة مجوفة طولها ستون ميلاً من تلك الخيام.

    وإن سألت عن لباس أهلها فهو الحرير والذهب.

    وإن سألت عن فرشها فبطائنها من إستبرق مفروشة في أعلى الرتب.

    وإن سألت عن وجوه أهلها وحسنهم فعلى صورة القمر.

    وإن سألت عن أسنانهم فأبناء ثلاث وثلاثين على صورة آدم أبي البشر.

    وإن سألت عن سماعهم وغنائهم، فغناء أزواجهم من الحور العين, وأعلى منه سماع أصوات الملائكة والنبيين، وأعلى منهما خطاب رب العالمين.

    وإن سألت عن مطاياهم التي يتزاورون عليها فالنجائب مما شاء الله تسير بهم حيث شاءوا من الجنان.

    وإن سألت عن حليهم وشاراتهم فأساور الذهب واللؤلؤ على الرءوس ملابس التيجان.

    وإن سألت عن غلمانهم وخدمهم فولدان مخلدون كأنهم لؤلؤ مكنون.

    وإن سألت عن عرائسهم وأزواجهم فهن الكواعب الأتراب, اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب، فلا الورد والتفاح ما لبسته منهن الخدود، ولا الرمان ما تضمنته النهود، ولا اللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور، ولا الرقة واللطافة ما دارت عليه الخصور، تجري الشمس في محاسن وجهها إذا برزت، ويضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت، إذا قابلت حبها وزوجها فقل ما تشاء في تقابل النيرين، وإذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبيبين، وإن ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين، يرى وجهه في صحن خدها كما يرى في المرآة التي جلاها صقيلها.

    وإن سألت عن يوم المزيد وزيادة العزيز الحميد ورؤية وجهه المنزه عن التمثيل والتشبيه كما ترى الشمس في الظهيرة والقمر ليلة البدر، فاستمع يوم ينادي المنادي: (يا أهل الجنة! إن ربكم تبارك وتعالى يستزيركم)، أي: يطلب زيارتكم، (فحي على زيارته، فيقولون: سمعاً وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين, فإذا النجائب قد أعدت لهم, فيستوون عليها مسرعين، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح, الذي جعل لهم موعداً, وجمعوا هنالك فلم يغادر الداعي منهم أحداً, أمر الرب تبارك وتعالى بكرسيه فنصب هنالك، ثم نصبت لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب وفضة، وجلس أدناهم على كثبان المسك، وما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا! حتى إذا استقرت بهم مجالسهم، واطمأنت بهم أماكنهم، نادى المنادي: يا أهل الجنة! إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه! فيقولون: وما هو؟ ألم يبيض وجوهنا؟ ويثقل موازيننا؟ ويدخلنا الجنة؟ ويزحزحنا عن النار؟ فبينما هم كذلك إذ سطع لهم نور أشرقت له الجنة, فرفعوا رءوسهم فإذا الجبار جل جلاله, وتقدست أسماؤه, قد أشرف عليهم من فوقهم، وقال: يا أهل الجنة! سلام عليكم.

    فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم: اللهم أنت السلام, ومنك السلام, تباركت يا ذا الجلال والإكرام! فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى يضحك إليهم، ويقول: يا أهل الجنة! فيكون أول ما يسمعون منه: أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني؟ فهذا يوم المزيد.

    فيجتمعون على كلمة واحدة: أن قد رضينا فارض عنا، فيقول: يا أهل الجنة! إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي، هذا يوم المزيد فاسألوني! فيجتمعون على كلمة واحدة: أرنا وجهك ننظر إليه؟ فيكشف لهم الرب جل جلاله الحجب, ويتجلى لهم, فيغشاهم من نوره ما لولا أن الله تعالى قضى ألا يحترقوا لاحترقوا, ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تعالى محاضرة، حتى إنه ليقول: يا فلان! أتذكر يوم فعلت كذا وكذا؟ يذكره ببعض غدراته في الدنيا, فيقول: يا رب! ألم تغفر لي؟ فيقول: بلى يا عبدي! بمغفرتي بلغت منزلتك هذه).

    فيا لذة الأسماع بتلك المحاضرة! ويا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجهه الكريم في الدار الآخرة! ويا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ[القيامة:22-25] .

    فحي على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيم

    ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلم

    هذه الليالي والأيام تطيب ثمار الجنة وتتزين لأولياء الله، والمطلوب من عباد الله الجد في طلبها، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في سنن الترمذي وحسنه الألباني : (ما رأيت مثل النار نام هاربها، ولا رأيت مثل الجنة نام طالبها).

    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه!

    1.   

    أسباب دخول الجنة

    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    أيها الإخوة الكرام! قضى الله سبحانه وتعالى بأن يكون للجنة سبب من الأعمال يدخل به الإنسان تلك الجنان بعد مغفرة الرحمن جل شأنه، وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف:72] ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24].

    هناك خصال ذكرها الله في كتابه من اتصف بها كان من أهل الجنان، قال جل شأنه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[آل عمران:133-134].

    وقال عليه الصلاة والسلام: ( أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام ).

    إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ[الذاريات:15-19].

    ( ألا أخبركم بأهل الجنة! كل ضعيف متضعف )، يعني: لين متواضع، ( ألا أخبركم بأهل النار! كل عتل جواظ مستكبر ).

    الجنة لها أعمال قضى الله سبحانه وتعالى بأن تكون سبباً لبلوغها، فالموفق من جاهد نفسه في أيام الكسب والعمل للاتصاف بصفات أهل الجنة.

    أيها الأحباب! من بركات هذا الشهر أن الصائم له دعوة لا ترد كل يوم وليلة، والجنة تقول كما جاء في الحديث: ( إذا سأل العبد ربه الجنة تقول: يا رب! إن عبدك فلاناً قد سألني فأعطني إياه ).

    قال سبحانه: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ[القمر:54-55]، المتقون بأوصافهم المتفاوتة.

    وقال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ[المؤمنون:1-5].

    وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[المؤمنون:8-11].

    1.   

    إخراج الزكاة ممن وجبت عليه

    أيها المؤمنون! مما يجب التنبه له:

    المبادرة إلى إخراج زكاة المال لمن وجبت عليه الزكاة، فإن الزكاة ركن ركين من أركان الإسلام، ولا يحسبن البخيل بالزكاة أنه يجر إلى نفسه خيراً، ويوفر لنفسه مالاً، بل يجر لنفسه الوبال والدمار، قال الله في كتابه: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [آل عمران:180] ، وقد جاء تفسير هذه الآية في الحديث: (بأن المال يوم القيامة يمثل كشجاع أقرع له زبيبتان), حية عظيمة قد ذهب السم بالشعر على رأسها ولها زبيبتان، يعني: نقطتان سوداوان فوق العيون لمزيد الإيحاش، (له زبيبتان يطوقه ويأخذ بلهزمتيه, ويقول: أنا كنزك، أنا مالك وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [آل عمران:180] .

    وجاء في سورة التوبة وعيد من لون آخر: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:34-35].

    وقد جاء الحديث أيضاً بتفسير هذه الآية, وأنه ( ما من صاحب ذهب ولا فضة )، ومثلها: الأوراق النقدية، ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فكوي بها جنبه وجبينه وظهره )، يحيط به العذاب من جميع جهاته, ويقال له: هذا ما كنزت لنفسك.

    وفي مقابل هذا الوعيد: الوعد بالثواب الجزيل لمن أدى زكاة ماله، قال عليه الصلاة والسلام: ( ثلاث من فعلهن وجد طعم الإيمان -وذكر منها- ومن أدى زكاة ماله طيبةً بها نفسه رافدةً عليه كل عام )، يؤدي الزكاة كل سنة بطيب نفس، ونفسه تثبته على ذلك وتشجعه؛ لأنه جاهدها حتى اطمأنت بالخيرات.

    هذا زمن الفضائل يا كرام! فإن لم يكتسب الإنسان في هذه الساعات والليالي فمتى سيكون الكسب والجد؟

    نسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

    اللهم يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! يا أرحم الراحمين! برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله.

    اللهم يا حي يا قيوم! برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله, ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

    اللهم يا حي يا قيوم! برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله, ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

    اللهم إنا نشكو إليك قسوةً في قلوبنا، وفساداً في أعمالنا، وتسلطاً من أنفسنا، وغلبةً من أهوائنا.

    اللهم يا ذا الجلال والإكرام! يا ذا المن والعطاء، أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

    اللهم خذ بأيدينا ونواصينا وقلوبنا إلى البر والتقوى، ووفقنا من العمل ما ترضى.

    اللهم يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! نسألك رحمةً من عندك نسعد بها في الدارين، يا أرحم الراحمين.

    اللهم إنا نسألك رحمة ًمن عندك نسعد بها في الدارين يا أرحم الراحمين.

    اللهم إنا نسألك رحمةً من عندك نسعد بها في الدارين يا أرحم الراحمين.

    اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقها وجلها، وأولها وآخرها، وسرها وعلانيتها.

    اللهم اغفر لنا جدنا وهزلنا، وخطأنا وعمدنا، وكل ذلك عندنا.

    اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وزدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا.

    اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى.

    اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى.

    اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى.

    رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[البقرة:201].

    اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.

    اللهم اغفر لمن حضر هذه الجمعة ولوالديه, وافتح للموعظة قلبه وأذنيه، أنت ولي ذلك والقادر عليه.

    اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات, إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

    ربنا تقبل صيامنا وصلاتنا، وتجاوز عن ذنوبنا وسيئاتنا.

    اللهم عاملنا بعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين، يا ذا المن والعطاء، يا ذا الجلال والإكرام لا تحرمنا ما عندك من الخير والإحسان بشر ما عندنا من الذنوب والعصيان، يا ذا الجلال والإكرام أصلحنا وأصلح بنا.

    اللهم أصلح نساءنا وبناتنا وشبابنا وولاة أمورنا، اللهم أصلح أحوالنا كلها برحمتك يا أرحم الراحمين.

    ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار.

    اللهم يا ودود يا ودود! يا ذا العرش المجيد! يا فعالاً لما تريد نسألك بعزك الذي لا يرام، وبملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تجعل للمسلمين من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية.

    اللهم أطعم جائعهم، واكس عاريهم، وأمن خائفهم، وآو شريدهم، واشف مريضهم، وارحم ميتهم، يا أرحم الراحمين.

    ربنا دعوناك كما أمرتنا، فاستجب لدعائنا كما وعدتنا.

    اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756488936