إسلام ويب

فقه المواريث - كيفية العمل في الرد على الورثةللشيخ : عبد الرحيم الطحان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • التوريث بالرد وارد عند فقهاء الأمة من المذاهب المختلفة بعد أن صار بيت المال غير منتظم، ثم كيفية التوريث به له طرق سهلة، وذلك لأنه قد يكون الرد مع وجود أحد الزوجين أو عدم وجود أحدهما، ولكل حالة كيفية للحل تؤدي إلى الصواب.

    1.   

    كيفية التوريث بالرد

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعن من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين! اللهم زدنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين! سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك! سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك! اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    استمعت لبعض المشايخ ممن يزاول مهنة القضاء، فبحثت معه مسائل الرد فكأنهم في غفلة عنها، يقول: يا شيخ! المسائل قليلة ودرسناها ونسيناها, يعني: هذا ممن له شأن, وأعطيته بعض المسائل في الرد يقول: ما أعلم, يعني: مثلاً أم وأخ لأم, يقول: يوجد رد, لكن كيف سأرد.

    قلت: يا عبد الله ! كما تفعل بالعول، وكان العول واضحاً عنده، المسائل حلها كمثلها, هناك بدلاً من أن تكتب ستة تكتب عشرة، وهنا بدلاً من أن تكتب ستة اكتب ثلاثة, وانتهى.

    فالموضوع أيسر من العول بكثير، وأيسر من شم الهواء وشرب الماء, ستسمعون الآن حتى في كيفية قضاء المسائل وإن كان هنا يوجد جامعة إذا وجد أحد الزوجين, وفي العول لا يوجد، لكن المسألة مضبوطة.

    الورثة الذين سيرد عليهم وهم أصحاب الفروض النسبية، إما أن يكون معهم أحد الزوجين أو لا.

    إذاً: من سيرد عليهم من القرابات الوارثة إما معهم أحد الزوجين أو لا، ولكل حالة ثلاثة أحوال: ‏

    التوريث بالرد إذا لم يكن أحد الزوجين من الورثة

    الحالة الأولى: إذا لم يكن معهم أحد الزوجين فلهم ثلاث حالات:

    الحالة الأولى: إذا كان الوارث المردود عليه فرداً واحداً, كأم أو بنت أو أخت أو أخ لأم، أو بنت ابن, أو جدة, المقصود: فردٌ واحد من الورثة, فله كل المال فرضاً ورداً.

    هذه الحالة الأولى: لا يوجد أحد الزوجين ويوجد معنا فرد واحد وارث، وليس صنفاً, فالصنف يختلف عن الفرد, الصنف جماعة لهم فرض واحد, كأن تقول: خمس بنات, أو ثلاث جدات.

    الحالة الثانية: أن يكون الورثة المردود عليهم صنفاً واحداً, لكن هذا الصنف متعدد، يعني: هو صنف لكن فيه عدد كجدتين .. كخمس بنات .. كأربعة إخوة لأم .. كأربع أخوات لأم .. كخمسة إخوة لأم, وما شاكل هذا، فمسألتهم من عدد رءوسهم، والمال بينهم بالسوية.

    قال الإمام ابن عابدين عليه وعلى أئمتنا رحمة رب العالمين في رد المحتار (6/788) قطعاً للتطويل, يعني: المسألة من عدد رءوسهم قطعاً للتطويل.

    مثلاً: خمس بنات، إذا أردت أن تفرض ستقول: لهن ثلثان المسألة من ثلاثة, ثلثاها اثنان, بقي واحد يرد عليهن، فتعود المسألة إلى اثنين، عندنا اثنان لا ينقسم على خمسة, فتحتاج إلى تصحيح، نضرب خمسة في اثنين للتصحيح بعشرة، لكل بنت سهمان، لكن ستختصرها, ولو اتبعنا الطريقة المذكورة وقسمناها على الرؤوس لاستغنينا عن الاختصار والتصحيح.

    الحالة الثالثة: أن يكون الورثة المردود عليهم أصنافاً متعددين مختلفين, ففروضهم الآن اختلفت, فلا يمكن أن يزيد الأصناف على ثلاثة؛ لأنه لو حصلت الزيادة على ثلاثة أصناف فالمسألة بين أمرين اثنين ولابد، إما عادلة وإما عائلة.

    يعني: إذا وجد أربعة أصناف من أصحاب الفروض فالمسألة إما عادلة وإما عائلة، فإن قال قائل: ما الدليل؟ هاتوا نصاً من الكتاب والسنة؟

    نقول: الدليل هو الاستقراء كما قال الإمام المحقق ابن عابدين عليه وعلى أئمتنا رحمة رب العالمين (6/788): الدليل الاستقراء، لا يوجد مسألة يمكن أن تركبها ولو عن طريق الفرض والظن والتخمين, من أربعة فروض ويكون فيها رد.

    فإذاً: إذا وجد أصناف مختلفون إرثهم مختلف فلا يمكن أن يزيد الأصناف على ثلاثة، ولا يمكن أن ينقصوا عن اثنين؛ إذاً: هم ما بين صنفين وثلاثة أصناف, وهذا الضابط الأول: لا يمكن أن يزيدوا على ثلاثة أصناف, ولا يمكن أن ينقصوا عن صنفين.

    الضابط الثاني لها: لا يمكن أن يحصل رد في هذه الحالة إلا في أصل واحد من أصول المسائل, وهو أصل ستة فقط.

    ووجه ذلك أن أصل اثنين وأصل ثلاثة لا يجتمع فيهما أكثر من صنفين، والفروض الواقعة فيهما نصف ونصف, وثلث وثلثان.

    إذاً: هذان أصلان لا يكون فيهما رد عند اجتماع الورثة، وهما اثنان وثلاثة.

    وأما أربعة وثمانية واثنا عشر وأربعة وعشرون، فلأن هذه الأصول لا يمكن أن تكون إلا إذا وجد أحد الزوجين, ونحن فرضنا في الحالة الأولى أن معنا ورثة من أصحاب الفروض النسبية، أي فليس معهم أحد الزوجين. الربع لا يمكن أن يأخذ إلا إذا وجد أحد الزوجين, وهكذا الثمن, وهكذا اثنا عشر, وهكذا أربعة وعشرون، وعليه هذه الأصول لا يمكن أن يكون فيها رد في بحثنا.

    وأما أصل ثمانية عشر وستة وثلاثون على القول بأنهما أصلان لا مصحان كما تقدم معنا، فلا يمكن أن يقع فيهما الرد أبداً, لوجود عاصب فيهما؛ لأن أصل ثمانية عشر وستة وثلاثين لا يوجد إلا في مبحث الجد والإخوة، وعليه تعين أن يكون الرد في أصل واحد من هذه الأصول التسعة, وهو الستة، والدليل: الاستقراء.

    وكما قلت إخوتي الكرام في وجوب اتباع المذاهب الأربعة: الدليل هو الاستقراء، نقول: انحصر كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام وفهم سلفنا الكرام في أقوال مذاهب أئمتنا العظام, وما خرج عن ذلك فضلال، وهات مسألة في الكتاب والسنة وقال بها سلف الأمة ولا توجد في مذاهب أئمتنا، نحن نقول: الدليل الاستقراء، وأنتم انقضوا هذا بمسألة واحدة حتى نقول: قطعت جهيزة قول كل خطيب.

    فهنا الدليل الاستقراء لا يوجد ردٌ إلا في أصل ستة إذا اجتمع ورثة من أصناف متفاوتين مختلفين متعددين.

    قال في العذب الفائض (2/4): وكان أصل ستة محلاً للرد عند اجتماع أصناف متعددين؛ لأن الفروض كلها موجودة فيه إلا الربع والثمن؛ لأنهما لا يكونان لغير الزوجين، فانحصر الرد في الصنفين والثلاثة في أصل ستة.

    وكيفية الحل في الحالة الثالثة أن تجمع فروضهم من هذا الأصل, فما اجتمع فهو أصل مسألتهم, وأصول مسائلهم لا تخرج عن أربعة أصول, وهي: اثنان وثلاثة وأربعة وخمسة، ولا تزيد على ذلك, فلو زادت سدساً لكمل المال وصارت المسألة عادلة، ولا يرد إلى واحد لأنه يصبح صنفاً واحداً، والمسألة مفروضة في صنفين أو ثلاثة.

    ثم بعد القسمة ننظر بين كل فريق وسهامه كما تقدم معنا في قواعد الفرائض، ولا يخلو الحال من ثلاثة أحوال:

    الحال الأول: أن تنقسم السهام على الرؤوس.

    والحالة الثانية: أن يحصل موافقة بين السهام والرؤوس.

    والحالة الثالثة: أن يحصل المباينة, فنصحح المسألة كما تقدم معنا في قواعد الفرائض، والعلم عند الله.

    وإليكم الأمثلة على هذه الأصول التي هي اثنان وثلاثة وأربعة وخمسة: جد، وأخ لأم، لكل منهما السدس، فالمسألة من ستة لكل واحد واحد فترد إلى اثنين.

    لو قدرنا بدل جدة جدتين, صار عندنا انكسار, لأن الواحد منكسر على اثنين, فنصحح المسألة، بضرب اثنين في اثنين: أربعة، للجدتين اثنان وللأخ لأم اثنان, لكل جدة واحد, والأخ لأم له سهمان.

    نحن الآن نريد إخراج أصل المسألة على حسب الرد، ثم إذا أخرجنا الأصل ووزعنا السهام على الرءوس ننظر بين كل سهم ومستحقه, فإن قسم عليه فالمسألة واضحة, وإذا لم تنقسم صححنا المسألة كما تقدم معنا, إذا معنا أكثر من انكسار كما تقدم معنا ننظر بخطوتين, بعد أن ننظر بين السهام والرءوس ننظر أيضاً في النسب بين الرواجع.

    الحالة الثانية التي نرد فيها على الثلاثة: أم وأخت لأم, الأم لها الثلث؛ لعدم الفرع الوارث والجمع من الإخوة، والأخت لأم لها السدس, المسألة من ستة, الثلث اثنان, والسدس واحد, مجموع السهام ثلاثة, فترد الستة إليها، وهي منقسمة, إن أردت ألا تنقسم اجعل الأخوة لأم مثلاً عشرة, فالأم لها سدس والإخوة لأم ثلث، المسألة من ستة ردت إلى ثلاثة, لكن تحتاج إلى تصحيح.

    الرد إلى أربعة: أخت شقيقة وأخت لأب, للشقيقة النصف وللأخت لأب السدس، المسألة من ستة, النصف ثلاثة والسدس واحد, ردت إلى أربعة.

    الرد إلى خمسة: بنت وبنت ابن وأم، البنت لها النصف، وبنت الابن لها السدس تكملة للثلثين، والأم لها السدس لوجود الفرع الوارث، المسألة من ستة, نصفها ثلاثة, سدسها واحد, سدسها واحد، ردت إلى خمسة.

    إن أردت الانكسار فضع خمس بنات ابن.

    التوريث بالرد إذا كان أحد الزوجين من الورثة

    الحالة الثانية: إن كان مع أصحاب الرد أحد الزوجين فأعطى صاحب الزوجية فرضه كاملاً, وهو نصف أو ربع أو ثمن لا يخرج عن هذا، وما بقي فهو لمن يرد عليهم. وحالاتهم ثلاث كما تقدم شبراً بشبر وذراعاً بذراع وسواءً بسواء، سنعيدها؛ لأن الحال هنا سيختلف فيها.

    الحالة الأولى: أن يوجد مع أحد الزوجين فردٌ واحد ممن يرد عليه, فله ما بقي، وأصل المسألة من فرض صاحب الزوجية, كأن ماتت عن زوج وأم، فالزوج له النصف, والأم لها الباق فرضاً ورداً، المسألة من اثنين, للزوج واحد واحد.

    وهذا أولى من أن تسلك المسلك المعهود في الحل, وهو الزوج له النصف, والأم لها الثلث, المسألة من ستة, نصفها ثلاثة, وثلثها واحد, بقي سهمان نردهما على الأم, المجموع ثلاثة, هذا أولى كما قال الإمام ابن عابدين عليه رحمة الله قطعاً للتطويل.

    الحالة الثانية: أن يكون من يرد عليهم صنفاً واحداً, فكذلك لهم ما بقي, وحالهم كحال العصبة، فإن انقسم عليهم ما بقي فبها ونعمت، وإلا صححنا المسألة.

    كأن مات عن زوجته وخمسة إخوة لأم، الزوجة لها الربع لعدم الفرع الوارث، والإخوة لأم لهم الباقي رداً, ولا نقول لهم الثلث.. إلخ لئلا نطول المسألة, المسألة من أربعة للزوجة واحد, ولهم ثلاثة, منكسرة لا تنقسم على خمسة, وبينهما تباين فنضرب خمسة في أربعة: عشرون, واحد في خمسة: خمسة، للزوجة, وهو الربع, ثلاثة في خمسة: خمسة عشر، لكل واحد ثلاثة.

    الورثة صنف ليسوا فرداً فلهم الباقي, كما هو الحال في التعصيب تماماً، فإن انقسم عليهم فبها ونعمت وإلا صححنا, يعني: الآن لو ترك ثلاثة إخوة لأم صحت من أربعة وما صححنا المسألة, لأن الزوجة لها الربع واحد، والثلاثة منقسمة عليهم.

    الحالة الثالثة: إذا كان المردود عليهم مع أحد الزوجين أصنافاً متعددين، فلهم الباقي كما تقدم معنا, لكن نجعل لهم مسألة أخرى، لن تخرج عن أصل ستة، والدليل الاستقراء.

    ولا يزيد من يرد عليهم على ثلاثة أصناف كما تقدم. وأصول مسائلهم أربعة: إما اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة, لن تخرج عن هذا, فاقسمها عليهم, يعني: أصول مسائلهم اقسمها عليهم, وصححها إن احتاجت إلى تصحيح، ثم انظر بين مسألة الرد التي - كما قلنا- أصلها اثنان .. ثلاثة .. أربعة .. خمسة الرد وبين الباقي من مسألة أحد الزوجين بعد إعطائه فرضه، فإما أن ينقسم الباقي على مسألة الرد وإما أن يوافق وإما أن يباين.

    فإذا انقسم الباقي على مسألة الرد صحت مسألة الرد من مسألة صاحب الزوجية، فهي أصل مسألة الرد.

    وإن وافقت -يعني: الباقي الآن من مسألة صاحب الزوجية وافق مسألة الرد- فسنضرب وفق مسألة الرد في مسألة صاحب الزوجية.

    وإن باينت السهام الباقية من مسألة صاحب الزوجية أصل مسألة الرد نضرب كل مسألة الرد في كل مسألة الزوجية, كما تقدم معنا في المناسخة تماماً، فيخرج معنا جامعة الرد، وهو المطلوب.

    زوجة وأم وأخ لأم، فنبدأ بالزوجة فنجعل لها مسألة.

    الزوجة لها الربع؛ لعدم الفرع الوارث، فمسألتها من أربعة، لها واحد والباقي ثلاثة للأم هؤلاء ماذا نعمل؟ انتبه للحل! باقي المسألة ردية، واحد والأخ لأم فنجعله لهم، ثم نكتب لهم مسألة، الأم لها الثلث؛ لعدم الجمع من الإخوة وعدم فرع وارث، والأخ لأم السدس لأنه انفرد؛ المسألة من ستة, الأم لها الثلث اثنان، والسدس واحد للأخ لأم، نرد المسألة إلى ثلاثة.

    ننظر بين الباقي من مسألة صاحب الزوجية وبين مسألة الرد, الآن معنا الأصل ثلاثة, إما أن تنقسم أو توافق أو تباين. فإذا انقسمت صحت من مسألة صاحب الزوجية المتقدم.

    ثلاثة على ثلاثة منقسم, إذاً: هنا واحد, وهذه الأربعة تنقل إلى هنا, وهي جامعة الرد، فنقول: واحد في واحد وهو لصاحب الزوجية واحد, وللأم اثنان في واحد اثنان, وللأخ لأم واحد في واحد واحد ... الزوجة لها الربع، وهو فرضها ما نقصت ولا زادت، والأم بدلاً من أن تأخذ الثلث أخذت النصف في هذه المسألة، والأخ لأم بدلاً من أن يأخذ السدس أخذ الربع.

    مثال على الموافقة:

    ماتت عن زوج وبنت وثلاث بنات ابن, الزوج له الربع لوجود الفرع الوارث، البنت لها النصف, وبنات الابن السدس، المسألة الآن ستكون معنا من اثني عشر, الربع ثلاثة, والنصف ستة، والسدس اثنان، المجموع أحد عشر فهي ردية, وما دامت ردية نقول: هذا الحل غلط, ونحن كشفنا غلطنا بأنفسنا, ولابد من أن تقع في هذا عدة مرات, وليس مرة, ولعله عدة سنوات. لكن المسألة إذا كنت واعياً تتدارك الأمر, متى ما خرج معك السهام أقل من أصل المسألة تقول: المسألة رد, ولا يجوز أن ندخل أحد الزوجين في مسائل الرد, وعليه نعيد طريقة الحل، إذاً: ماذا نكتب الآن؟ المسألة من أربعة, للزوج واحد والباقي ثلاثة للباقين، نفرض لهم في مسألة مستقلة، فالبنت لها النصف، وبنات الابن السدس تكملة للثلثين, المسألة من ستة ولا يخرج معنا إلا أصل ستة, هذا متفق عليه. فالمسألة هنا ثلاثة, نصفها ثلاثة وسدسها واحد, ردت إلى أربعة، نصحح المسألة ثلاثة في أربعة باثني عشر، للبنت ثلاثة في ثلاثة: تسعة، لبنات الابن واحد في ثلاثة: ثلاثة, لكل واحدة واحد.

    ثم ننظر بين الثلاثة والاثني عشر نجد بينهما موافقة حيث يتفقان في الثلث. نأخذ وفق مسألة أصحاب الرد وهو أربعة نضربه في مسألة الزوجية أربعة في أربعة: ستة عشر, من له في هذه شيء أخذه مضروباً في أربعة, واحد في أربعة أربعة، ثم في مسألة أصحاب الرد نضرب للبنت تسعة في واحد بتسعة, ولبنات الابن ثلاثة في واحد ثلاثة, فالمجموع ستة عشر.

    نشرع في المباينة, وهي آخر المسائل: مات عن زوجة وأخت شقيقة وأخت لأب, الزوجة لها الربع؛ لعدم الفرع الوارث, المسألة من أربعة لها واحد والباقي ثلاثة، ثم مسألة للأختين: الأخت الشقيقة لها النصف, والأخت لأب لها السدس تكملة للثلثين، المسألة من ستة، ترد إلى أربعة, بين الثلاثة والأربعة مباينة, أربعة في أربعة ستة عشر، وواحد في أربعة أربعة للزوجة، ثلاثة في ثلاثة تسعة، واحد في ثلاثة ثلاثة, المجموع ستة عشر.

    إخوتي الكرام! كل ما تقدم معنا صنفان: أريد الآن مسألة فيها ثلاثة أصناف مع أحد الزوجين: مات عن زوجة وبنت وبنت ابن وأم، مسألة الزوجة من ثمانية للزوجة الثمن واحد، والباقي سبعة للباقين.

    ثم مسألة الورثة الباقين: البنت لها النصف, وبنت الابن لها السدس، والأم لها السدس، المسألة من ستة, نصفها ثلاثة, وسدسها واحد, وسدسها واحد, ترد إلى خمسة، بين السبعة والخمسة تباين, خمسة في ثمانية بأربعين، واحد في خمسة خمسة، ثلاثة في سبعة بواحد وعشرين, واحد في سبعة سبعة.

    تنبيه مهم: بقي معنا في الرد أن نعلم أنه يرد على أحد الزوجين بالشروط الثلاثة المتقدمة عند السادة الحنفية المكرمة, وهي: لا يوجد عاصب مطلقاً -سببي أو نسبي- ولا يوجد أحد من أصحاب الفروض النسبية، ولا يوجد أحد من ذوي الأرحام والقرابات. وذوو الأرحام يقدمون على الرد, وسيأتينا عند ذوي الأرحام، يقدم معنا الرد على الزوجين, وعليه إذا وجد أحد الزوجين مع الشروط المتقدمة نرد عليه، وكيفية الرد عليه واضحة, أي: أنه سيأخذ الباقي, فصار الحكم فيه كالحكم في الحالة الأولى من الحالة الأولى مما لو وجد معنا فرض من أصحاب الفروض النسبية وليس هناك أحد الزوجين, وقد قلنا: له كل المال, ولا داعي للتطويل ولا نعطيه فرضه, كأن وجدت بنت فقط لها كل المال، أو جدة لها كل المال، وهنا زوج فقط نعطيه كل المال؛ لأنه لو وجد غيره لما رد عليه.

    وعليه حل المسائل في الرد عندما سنرد على أحد الزوجين سهل يسير، كما لو وجد واحد من أصحاب الفروض النسبية, أي: له كل المال, فلو مات وترك زوجة فلا داعي أن تقول: لها الربع, قل: لها كل المال فرضاً ورداً.

    وتقدم معنا أنه أفتي بهذا عند الحنفية عليهم وعلى أئمتنا رحمة ربنا. والإمام ابن عابدين وعلى أئمتنا رحمة رب العالمين قال: هذا هو المعتمد ويفتي به من شاء في العصور المتأخرة؛ لأجل الخلل الذي حصل في بيت المال, وما ترتب عليه من ضياع وضلال. والعلم عند ذي العزة والجلال.

    بهذا -إخوتي الكرام- نكون قد انتهينا من مبحث الرد، وبعده نشرع في توريث ذوي الأرحام بإذن ذي الجلال والإكرام.

    1.   

    الرد على من يذم اتباع المذاهب الأربعة

    هناك شيخ في بلاد اليمن اسمه مقبل يقول: أنا أبغيك تقرأ في زاد المستقنع وستجد أنه يقسي قلبك، ولو أن إنساناً في سجن وأعطيته زاد المستقنع ليقرأ فيه لخشي على عقله, قال: لأن كل ما في زاد المستقنع أوامر عسكرية.

    ولا شك في خطأ هذا القول.

    ثم قال: لو قلدنا المذاهب الأربعة لقلدنا أبا بكر وعمر .

    ووالله لا تقلدون لا المذاهب الأربعة ولا أبا بكر وعمر , ولا غيرهم، وتدعون بعد ذلك اتباع نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام.

    وأنا أقول لكم وأتحداكم: أن تأتوا بمسألة في المذاهب الأربعة لم تؤخذ من الأدلة الشرعية من كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام والإجماع والقياس، أما بعد ذلك فالناس يتفاوتون في التصحيح والتضعيف والفهم، هذا شيء آخر، فـابن تيمية الذي هو من هو، وبعض من يغلو فيه يقدمه ليس على المذاهب الأربعة بل على الصحابة؛ يقول عن حديث صلاة التسابيح: إنه حديث باطل مكذوب.

    طيب هو عندما نفى صلاة التسابيح بناءً على رد هذا الحديث الذي هو حديث صحيح ثابت ثبوت الشمس في رابعة النهار، يعني: كان ماذا؟ الآن يقول: أنا لا أسلم بثبوته!

    وهكذا في المذاهب الأربعة افرض أنه يوجد حديث, وقالوا: لم يثبت عندنا لوجود علة, فهل يعني أنهم يهملون الحديث؟ فلا يقال إن ابن تيمية ترك الحديث فهو ضال, قال: ما سلمنا بثبوته, أي هذا عنده غير ثابت, إذا كان عندك ثابتاً فاعمل به، أما أنت ما ثبت عندك فستلزم به الأمة من أولها لآخرها؟ هذا هو الضلال المبين، إن ثبت عندك فاعمل به, وما أحد حجر عليك ولا أحد حظر عليك أن تعمل به، لكن اضبط لسانك نحو أمة النبي عليه الصلاة والسلام, ومن قال: إن ابن تيمية ترك هذا الحديث وقال: إنه مكذوب فهو ضال, فهو أضل من الحمار. وهكذا الأمر في أئمتنا الأبرار.

    هذا لابد من وعيه وضبطه, وأنا أعجب يقولون وينزلون على أئمتنا الكرام يقولون: هذه الأحاديث التي ينفيها ابن تيمية , لكن نحن صدرنا يتسع لجميع أئمة الإسلام، نقول: ابن تيمية على العين والرأس، وإذا ما ثبت الحديث عنده كان ماذا؟ وكما قال الإمام الشافعي : لا يحيط بسنة النبي عليه الصلاة والسلام إلا المعصوم, إلا النبي عليه الصلاة والسلام. انتهى.

    فإذا أخطأ ورد انتهينا, الأمر لا يحتاج لتطويل ولا لتعريض, ولا نقول: مبتدع قال ببدعة, الحديث ما ثبت عنده, بلغه لكن يقول: غير ثابت, ويرده والله ليس عن طريق الرواية والبحث في الإسناد, يرده عن طريق أمر عنده كان يفعله الإمام مالك بكثرة, يقول: هذا الحديث يخالف الكيفية المعروفة في الصلوات, ولم يقل به الأئمة المتقدمون. يقول: هذان أمران قادحان في ثبوت الحديث ولو كان من حيث الإسناد ثابتاً كما يقول الإمام مالك , يقول: على خلاف العمل عندنا، فأنا لا يمكن أن أترك عمل المدينة لحديث آحاد؛ لأن عمل المدينة توارثه أتباع التابعين عن التابعين عن الصحابة الطيبين رضي الله عنهم أجمعين؛ فهذه السنة العملية عندي تقدم على السنة الأحادية التي تبغونها؟ هي حجة عنده, أنت ما رأيت هذه الحجة تضبط لسانك, فتقول: هذا الذي عند الإمام مالك هذا وارد، والذي يقرؤه يتصدع رأسه؟ اضبط لسانك, وبعد ذلك كلنا سنئول إلى الله, ويحاسب كل على ما عمل.

    قال: أبغيك تقرأ أوامر عسكرية. إخوتي الكرام! وهذه دعوة الزنادقة في هذه الأيام، كل من قال: إن فقه أئمتنا مبني على آراء فإنه يريد أن يعطي سنداً للساسة والطواغيت في هذه الأيام؛ ليحكموا بالقوانين الوضعية, على أنه إذا حكم بالقوانين الوضعية برأي أبي حنيفة والشافعي وأحمد ومالك في العصور المتقدمة، فلأن يعتنى بالقوانين الوضعية في هذا الوقت من باب أولى، وهذا ما أشار إليه شيخ الإسلام الشيخ مصطفى صبري عليه رحمة الله مراراً، يقول: المقصود من الطعن في مذاهب الأئمة: إعطاء سند للحكام بالحكم بقانون الشيطان. هذا هو المقصود؛ لكن من الذي يعيه، فهل هؤلاء الذين يعيشون في ضلال يدركون هذا؟ أو رتب لهم الماسونية ما رتبوا, وما انتبهوا لما رتب لهم, ووقعوا في شراكهم؟

    حقيقة ينبغي أن نصحح وضعنا, فانتبهوا -إخوتي الكرام- لهذا، ولذلك أفضت في الآثار ليعلم أن الكلام في هذه المسألة من زمن الصحابة، فـأبو بكر رضي الله عنه وزيد بن ثابت لهم قول, علي وعبد الله بن مسعود وعثمان رضي الله عنهم والصحابة لهم قول، والأدلة تحتمل, والكل على هدى, فجاء أئمتنا الأربعة فقال إمامان بهذا القول, وإمامان قالا بهذا القول, فأنت الآن ماذا ستحكم؟ ما بك إلا أن تقول: هذا حق وهذا حق!

    إخوتي الكرام! كما قلت: هذا ما يتعلق بمبحث الرد، وأما توريث ذوي الأرحام فنتدارسه فيما يأتي إن أحيانا ذو الجلال والإكرام.

    اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم اجعل هذا الشهر الكريم أوله لنا رحمة، وأوسطه لنا مغفرة, وآخره عتقاً لنا من النار.

    اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا, اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا, اللهم ارحمهم كما ربونا صغاراً, اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا، اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755969370