إسلام ويب

العزوبة والعنوسةللشيخ : سعود الشريم

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن دين الإسلام دين يشمل جميع جوانب الحياة، ويناسب كل زمان ومكان، وهو دين يسعى إلى أن يجعل العباد سعداء في الدنيا والآخرة، فهو يعالج مشاكل الناس، ومن هذه المشاكل مشكلة العزوبة والعنوسة التي انتشرت في كل البلدان بسبب غلاء المهور، وقلة الدين مما أدى إلى تغيب العفاف وانتشار أسباب الفساد وغيرها من المظاهر.

    1.   

    الإسلام منهج حياة

    الحمد لله الذي لا إله إلا هو، المتوحد بالجلال لكمال الجمال تعظيماً وتكبيراً، المتفرد بتصريف الأحوال على التفصيل والإجمال تقديراً وتدبيراً، المتعالي بعظمته ومجده، الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، سبحانه لا يحاط بشيء من علمه إلا بما شاء: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255] لا تواري منه سماء سماءً، ولا أرض أرضاً، ولا جبل ما في وعره، ولا بحر ما في قعره: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19].

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله إلى جميع الثقلين الإنس والجن بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه الأتقياء الطيبين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون.

    أما بعد:

    فإن الوصية المبذولة لي ولكم -عباد الله- هي تقوى الله سبحانه في سركم وعلنكم، في الغيب والشهادة، في الغضب وفي الرضا: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27] الذين تدفعهم تقواهم إلى تقديم مرضاة ربهم على رضاء خلقه وعبيده: إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49].

    أيها الناس: لقد أشرق الإسلام بتعاليمه وآدابه السمحة؛ فأقر كل شيء وجد في الأخلاق الأصيلة، وغسلها مما علق بها إبان قرون من الأوضار الدخيلة والعلوق المرذل، لقد بعث الباري جل وعلا مصطفاه وخليله صلوات الله وسلامه عليه؛ لحفظ مصالح الخلق ومقاصدهم، وسد كل ذريعة تخدش دينهم أو تهز كيانهم، ولأجل هذا الأس شرع الله الجهاد لحفظ الدين، والقصاص لحفظ النفس، وحد المسكر لحفظ العقل، وحد الزنا لحفظ العرض، وحد السرقة لحفظ المال، وعقد الزوجية لحفظ النسب.

    إن الله سبحانه خلق الناس طراً من أبوين اثنين؛ ليجعل من هذه الرحم ملتقى تتشابك عنده صلات بني آدم وتستوثق عراهم: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ [النحل:72] لقد فطر الله الناس على حب غريزتين كل منهما مكملة للأخرى، أولاهما: غريزة لبقاء ذاته، وأخراهما: غريزة لبقاء نوعه. فبالأولى يسوقه لذع الجوع وفورة العقل إلى تحصيل الطعام والشراب، دفعاً بالري والشبع لما قد يكون قشة قصمه.

    وبالثانية: تسوقه نار الشهوة المتأججة إلى تحصين فرجه ليحفظ بالحلال نسله وعرضه، وكما يأكل المرء باسم الله كذلك يباشر زوجه باسم الله، وبانضمام النية الصالحة إلى هذه الأعمال المعتادة وهي شهوات فإنها تكون عبادات متقبلة.

    إن الإنسان الذكر نصف الوحدة، ما يبلغ يوماً تمامه إلا إذا انضم إليه نصف آخر، يلقى به ربه على أحسن حال من الطهر والعفاف، وفي كثرة نسله من هذا الصنف الآخر مصلحة خاصة وعامة، يساعدان على تكثير سواد الأمة واتساع بيضتها، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ) رواه أبو داود والنسائي وفي المثل المضروب: إنما العزة للكاثر. ولا تزال هذه حقيقة قائمة لم يطرأ عليها ما ينقضها.

    أيها المسلمون: صح عند البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها حديث مفاده أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: نحو هو نكاح الناس الشرعي، ونحو يسمى نكاح الاستبضاع: وهو أن يرسل الرجل امرأته إلى من يطأها؛ لأجل أن يؤثر ذلك في نجابة الولد، والنحو الثالث: أن يجتمع الرهط على امرأة واحدة كل منهم يطأها فإذا حملت جمعتهم ونسبت الولد لمن تشاء منهم فلا يستطيع أن يمتنع، والنحو الرابع: نكاح البغايا اللاتي ينصبن الرايات على أبوابهن فإذا حملت ووضعت دعوا لها القافة وهم الذين يشبهون الناس ثم يلحقون الولد بالذي يرونه فلا يستطيع أن يمتنع.

    فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم هدم نكاح الجاهلية إلا نكاح الناس اليوم.

    1.   

    مشكلة الزواج

    إن في البلاد المسلمة اليوم مشكلات عويصة، من أعظمها وأعمقها أثراً في حياة الأمة المسلمة؛ مشكلة الزواج، والتي تتلخص في كلمات: هي أن في المسلمين آلافاً مؤلفة من البنات في سن الزواج لا يجدن الخاطب، وألوفاً أخرى مشاكلةً من الشباب لا يجدون البنات، أو لا يريدون الزواج، أو يصعب عليهم تحصيلهن على وجه السهولة واليسر.

    وهذه المشكلة الظاهرة إن لم يتنبه إليها عقلاء المسلمين ممثلين في القيادات والعلماء، والدعاة والتربويون، وأصحاب الكلمة السيالة والمسموعة، ويتفتحوا لها طرق العلاج بالحلال، وهي ميسورة لراغب، والعقاقير دانية لمن أراد قطفها، لا ينقصها إلا يد تمتد إليها فتأخذها لتجرعها المريض، ولكن أين تلك اليد؟! غير أني ما قصدت اليد العضباء أو الشلاء، وحينها لن يجد الشباب والشابات للوصول إلى حاجاتهم الغريزية إلا سلوك الطرق الملتوية في نحو ما ذكرت عائشة رضي الله عنها أو يزيد؛ لأن الفساد الخلقي سبب في قلة الزواج، وقلة الزواج شوكة من طلع الفساد الخلقي.

    إن الوقفة من ضرار الشهوة مع حياة العزوبة للرجل والعنوسة للمرأة مشكلة جد خطيرة، فهي إذا استفحلت نغصت العيش، ولم ينفع معها ملك ولا مال، وبدت سنونها كالعلقم يتجرع العازب مرها ويقاسي ضرها، ومن طلب إشباع غريزته من طرق غير ما أباح الله كان كمن يطلب وسط القبر من العظام والرميم الغادة الحسناء، أو بعبارة أخرى خضراء الدمن، وقد يكون مثل هذا التفكير في الطلب شبه واقع مشاهد في دنيا الناس، لأن المضطر إلى الرحل لن يدع ركوب الأسنة، ولكن الذي لا ينبغي أن يكون واقعاً مشاهداً أن يحس الفتى والفتاة بهذا كله، ثم يضطرهما واقع المجتمع بأسلوبه على مختلف المحاور إلى البقاء على العزوبة والصرف عن الزواج، والولوغ في حمأة الشهوة واسترقاق الجسد، من حيث يشعر المجتمع أو لا يشعر، ولن يخرج المجتمع بأي وجه كان عن مغبة ما قيل:

    إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة     وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

    وهذه هي المشكلة وهي مكمن الداء.

    ولربما كانت بعض المجتمعات تقول للشاب والشابة من خلال ممارساتها الطليقة بلسان مقالها تارة وبلسان حالها تارات أخرى: اختر إحدى ثلاث -كلها شر- ولكن إياك إياك أن تفكر في رابعها الذي هو وحده الخير ألا هو الزواج، وهذه الثلاث يرعاكم الله:

    الأولى: إما أن ينطوي الشاب والشابة على نفسيهما، وعلى أوهام الشهوة والتفكير فيها وتغذيتها بما يرى من حبائل الشيطان حين يترك الحبل على الغارب، متمثلة له في غير ما سبيل، فيراها في السوق تارة على لسان حال امرأة متبرجة قد كشفت عن وجهها أو عينيها فأبرزت الحسن وسترت القبيح، وبثت مفاتنها لينزلق بها كل متلفت يترقب، فلا يلبث أن ينفجر من شرارة تخرج من عين امرأة تنسف به عقله ودينه.

    أو في الأقطار الساحلية تارة أخرى على لسان حال أجساد عارية قد بدت سوءتها وكأن البيوت قد عريت عن مياه تغسل بها الأجساد.

    أو في المكتبات ودور النشر الثقافي إذ زعموا على لسان جرائد مصورة ودوريات رمزاً للقحاة، أسلم ما فيها أنها غير سليمة.

    أو في المدرسة والأزقة على لسان أصحابه الفساق المستهترين الذين أضحوا فريسة لكل لاق، وكذا لسان المدرسين والمعلمين الذين سلبت من نفوسهم أمانة الكلمة وحمل التربية والإرشاد، وألسنة الحال كثيرة كثيرة لا تعد، حتى تؤدي بهم الحال إلى الانهيار بالخلق والدين، ولسان حالهم يقول:

    ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له     إياك إياك أن تبتل بالماء

    الثانية: وإما أن يلجأ الفتى والفتاة إلى طرق سرية خفية؛ لإبراز قلة الشهوة وملأ الأرجاء بمثيراتها مما يستفزها لو هدأت، ويجوعها لو شبعت، والتي حرمها جمهور أهل العلم عملاً بقوله جل وعلا: فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المعارج:31].

    الثالثة: وإما الاغتراف من حمأة اللذة المحرمة بلا مكيال، والولوغ في مستنقعها وسلوك سبل الضلال؛ لتبذل فيها الصحة والشباب في لذة عارضة ومتعة عابرة، ثم هو لا يرتوي بل كلما واصل واحدة زاده الوصال نهماً، كشارب الماء المالح لا يزداد شرباً إلا ازداد عطشاً، وقديماً قيل في مثل هذا: وداوني بالتي كانت هي الداء.

    بمثل هذا وأمثاله -أيها المسلمون- ينهار بناء الأخلاق، ويبور سوق الزواج، وينقطع نسل الأمة في هذا المنعطف الخطير، حتى يكون الرجل الواحد قيماً على أربعين امرأة.

    1.   

    أسباب مشكلة الزواج

    لقد توصل جملة من الباحثين في مشاكل الزواج إلى أسباب كثيرة هي في الحقيقة سد منيع في طريق من يريدون الزواج، وهم وإن اختلفوا في عد تلك الأسباب ما بين مقل منها ومكثر؛ إلا إن أهمها لا يخرج عن أسباب ثلاثة:

    المغالاة في المهور

    السبب الأول: تلكم العادات الشنيعة التي تخرب بيوتات البنات والخطاب، وليس فيها نفع لأحد ألبتة، وإنما هو التفاخر والتكاثر وفيضان كئوس ممتلئة في التبذير والترف، أو في الطمع والجشع، حينما لا يزوج الولي موليته إلا بيعاً من خلال عرضها بالمال الوافر، أو بإكراهها على الزواج من غير الكفء إذا كان مليئاً يفري المال فرياً؛ مما يسبب تراجع بعض الفتيات والإحساس بالغمط وبطر الحق من قبل الآباء الجشعين؛ فتكثر العنوسة وبالتالي تصبح الفتاة عرضة للفتن ما ظهر منها وما بطن، فيقعون فيما حذر الله منه بقوله: وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [النور:33].

    جاء في الصحيح أن جارية قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، وأنا له كارهة. فقال لها: إن شئت أمضيت أمر أبيك وإن شئت فسختيه. فقالت: أمضي أمر أبي ولكن فعلت ذلك ليعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء } تعني: ليس لهم إكراه بناتهم بالتزويج ممن يكرهن.

    إنه عندما يصل المجتمع المسلم إلى درجة الرشد السوي فإنه لا يستطيع أن ينظر بعين الرضا إلى ممارسات في التنافس غير البريء في غلاء المهور وعش الآفات، ومن أبا إلا ركوب رأسه فلا جرم أن الله ينزع بالسلطان ما لا ينزع بالقرآن.

    جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {إني تزوجت امرأة من الأنصار. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: على كم تزوجتها؟ قال: على أربع أواق -أي: مائة وستين درهماً- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: على أربع أواق؟! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك ... الحديث } رواه مسلم في صحيحه .

    قلة الدين وانتشار الفساد بين الشباب

    وسبب ثان من أسباب تلك الظاهرة: يتمثل في قلة الدين، وتغيب العفاف، وانتشار أسباب الفساد بين أروقة الشباب والشابات، من خلال التوسع في الأقمار المرئية المشينة والتي تبث كل قبيح من القول أو رديء من الفعل، ولا يعدم مروجوها من أن يجدوا رجع صداها في المريدين والمريدات والمراهقين والمراهقات غير مصدقين ما يرونه من فوضى وإباحية،لا سيما وقد اعتادوا في بلادهم جو المحاصرة وقطع الشهوات إلى حد ما، فيرون من خلالها إقرار الاختلاط بين الجنسين، والرضا بالخدين والخدينة، وبث المشاهد الدالة على كيفية فساد الخائنة من زوجها بالتضليل عليه، أو بإشاعة طرق الإجهاض والتخلص من السيوبة؛ حتى تكشف سوءة من سوءات الفكر، وعورة من عورات الضمائر الكامنة، يحرص العقلاء من بني آدم عادة على سترها كما يسترون عورات البدن.

    ثم لا تسألوا بعد ذلك عن قيام النفوس الضعيفة في المشاهدين والمشاهدات بالدعوة إلى الإفساد، وفصل النفوس عن القيم والأخلاق بزعم الحرية التي تهدف إلى إعلاء الشهوة، وعبادة الجسد، وفتح الطريق للمرء؛ ليكشف عن كل نزواته وأهوائه، وليكون تحرره كاملاً عن كل ما يتصل بالمبادئ والمثل والقيم التي قررها الإسلام؛ ليعيش الفتيان والفتيات خصوصاً على أعراض الناس يسترقون النظرة، ويستلذون اللحظة، ويستمرئون التسول الغريزي والسطو المقنن على الأخلاق والدين: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً [النساء:9].

    بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة.

    أقول ما سمعتم، إن صواباً فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، واستغفروا الله إنه كان غفاراً.

    الأفكار الخاطئة عن الزواج

    الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه.

    أما بعد:

    اتقوا الله معاشر المسلمين! ثم اعلموا أن ثمة سبب ثالث من أسباب تلك الظاهرة.

    السبب الثالث: وهو ما يردده بعض أرباب الأفكار اللقيطة، من الذين يبثون سمومهم عبر زوايا متعددة، يقررون من خلالها أن التبكير في الزواج عمل غير صالح، وضرب من ضروب التغرير بالمراهقين، وأنه لا ينبغي أن يغامر شاب ما بعملية الزواج قبل التزود الكافي من التجارب، وفي ذلك يقول قائلهم: لا قبل لي بهذا المعنى الذي يسمونه الزواج، فما هو إلا بيت ثقله على شيئين: على الأرض وعلى نفسي، وأطفال يلزمونني عمل الأيدي الكثيرة من حيث لا أملك إلا يدين اثنتين، وأتحمل منهم رهقاً شديداً، ومن ثم سيصبحون عالة على المجتمع، ومن ذا الذي تعرض عليه الحياة سلامها وأشواقها في مثل رسالة غرام ثم يدع ذلك كله ويتزوجها. فكأنه بذلك يسألها غضبها وخصامها في نحو قضية من قضايا المحاكم، كل ورقة فيها تلد ورقة.

    ولا غرو -أيها المسلمون- أن يكون لهذا الصدى آذان صاغية من فتيات وفتيان، يكونون من خلالها قناعات واهية كبيت العنكبوت أو هي أوهى، حتى يقف بهم الأمر إلى أن يكون الواحد منهم خواراً جباناً لا يستطيع أن يحمل أثقالاً مع أثقاله، ويستوطن العجز والخمول؛ فلا يكون إلا قاعد الهمة رخو العزيمة، وكل شاب أو شابة يردد مثل هذه الترهات فهو حادثة ترتدف الحوادث وتستلزمها، ولا يأتي السوء إلا بمثله أو بأسوأ منه، فيشهد العزاب والعوانس على نفوسهم أنهم مبلوون بالعافية، مستعبدون بالحرية، مجانين بالعقل المزعوم، مغلوبون بالقوة، أشقياء بسعادتهم الموهومة، وما علم هؤلاء وأمثالهم أنه بالنكاح يلتئم الشمل، ويلم الشعث، وتسكن النفس، وتتم به نعمة الله على الولود ويحصل الولد، ومن رغب عن النكاح من دون ما سبب فقد ترهب، وعنده ينقطع نسل من بني آدم، يقول الله جل وعلا: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [النور:32].قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: [[أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح؛ ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى ]].

    اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

    اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!

    اللهم إنك أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء.. أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدم ولا بلاء ولا غرق، اللهم لتحيي به البلاد وتسقي به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد.

    سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756230192