إسلام ويب

الصحبة يا رسول اللهللشيخ : سعود الشريم

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الناظر في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ليرى أن أعجب موقف في حياته عليه الصلاة والسلام هو يوم أن هاجر المصطفى من مكة إلى المدينة، وما لقيه من اضطهاد خلال تلك الأيام، وإن في ذلك لدروساً وعبراً.

    1.   

    نظرة في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    أيها المسلمون! اتقوا الله حق التقوى، وراقبوه في السر والنجوى، فبتقوى الله عز وجل تجتمع الكلمة، وتتم النعمة، وتتجلى الحكمة.

    أيها المسلمون! إن في دنيا الناس ذكريات لا يُمل حديثها، ولا تُسأم سيرتها، بل قد تحلو أو تعلو إذا أعيدت وتكررت، كما يحلو مذاق الشهد وهو يكرر، ومن الذكريات التي لا يُمل حديثها ولا تُسأم سيرتها: حياة محمد صلى الله عليه وسلم، إمام البشرية، وسيد ولد آدم، فهي من الذكريات الغوالي التي تتجدد آثارها وعظاتها كلما سلك المرء سبيله إلى الاعتبار والادكار.

    والعبد المؤمن إذا غشي معالم سيرته صلى الله عليه وسلم فهو كعابد يغشى في مصلاه، ومن حسن حظ المؤمن أنه ما قلب سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يوماً فأخطأ دمع العين مجراه.

    وفي أيام محمد الجليلة النبيلة أيام خوالد، ما تزال تتطوى على الأيام وتتألق في غرة الزمان، ولعل من أصدعها وأروعها يوم الهجرة الذي تهب علينا نسمات ذكراه في كل عام من أعوام الزمن، ومن شواهد عظم حادث الهجرة أنه يزداد بهاءً وسناءً كلما تناوله العرض والبحث، كالذهب الإبريز كلما عرضته على النار لتمحصه؛ ازداد إشراقاً وصفاءً.

    وهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت فاتحة الأمل، وبارقة النصر، وطريقة العودة له ولأصحابه إلى مكة فاتحين ظافرين، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ [القصص:85] أي: إلى مكة .

    عباد الله: إننا هنا نعرض لمحات من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي يشهد فيه المسلمون نكبات وويلات تعصر قلوبهم، وتمزق صدورهم، وأمتهم وعقيدتهم وحرماتهم ومقدساتهم؛ تستصرخ ولا مجيب، وتطالب المسلمين بتضحيات وفداء وبذل.

    والهجرة النبوية تعطينا في هذا المجال قدوة وأسوة، ففيها تتجلى دروس ودروس من التضحية والفداء والبذل، فهذا رأس الأمة وإمام الملة صلوات الله وسلامه عليه يتحمل العبء الثقيل في سبيل الدعوة إلى الله، وإعلاء كلمته، ويشتاط المجرمون من أعدائه في مقاومته، والتطاول عليه بالسخرية والاستهزاء، ثم بالكذب والافتراء، ثم بحيلة الوعد والإغراء، ثم بتسليط الغوغاء والسفهاء، ثم بالتآمر الدنيء ينتهي إلى الإجماع على اغتياله بلا ارعواء قال تعالى: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30].

    تجهز النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة

    أيها المسلمون: لما رأى المشركون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجهزوا وخرجوا بالذراري والأطفال وساروا بهم إلى المدينة ؛ خافوا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ولحوقه بهم، فاشتد عليهم أمره ولم يبق بـمكة من المسلمين إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي رضي الله عنهما، ومن اعتقله المشركون كرهاً، فلما كانت ليلة همَّ المشركون بالفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءه جبريل بالوحي من عند ربه تبارك وتعالى فأخبره بذلك، وأمره ألا ينام في مضجعه تلك الليلة {وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر نصف النهار في ساعة لم يكن يأتيه فيها فقال له: اخرج من عندك، فقال: إنما هم أهلك يا رسول الله! فقال: إن الله أذن لي في الخروج. فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: الصحبة يا رسول الله؟ قال: نعم. فقال أبو بكر : فخذ بأبي وأمي إحدى راحلتي هاتين. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: آخذها بالثمن }.

    وأمر علياً أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، واجتمع أولئك النفر من قريش يتطلعون من صير الباب ويرصدونه ويأتمرون أيهم يكون أشقاها، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ حفنة من البطحاء، فجعل يذروه على رءوسهم وهم لا يرونه، وهو يتلو: وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [يس:9].

    خروجه إلى غار ثور

    ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر ، فخرجا من خوخة في داره ليلاً، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى غار ثور فدخلاه، وضرب العنكبوت على بابه، وجدت قريش في طلبهما، وأخذوا معهم القافة حتى انتهوا إلى باب الغار فوقفوا عليه، فقال أبو بكر : {يا رسول الله! لو أن أحدهم نظر إلى ما تحت قدميه لأبصرنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما }.

    قريش تعلن الجائزة الكبرى

    ولما يئس المشركون من الظفر بهما جعلوا لمن جاء بهم دية كل واحد منهما، فجد الناس في الطلب، فلما مروا بـحي مدلج بصر بهم سراقة بن مالك فركب جواده وسار في طلبهم، فلما قرب منهم سمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت يدا فرسه في الأرض، ثم قال سراقة : ادع الله لي ولكما علي أن أرد الناس عنكما، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق، ورجع يقول للناس: قد كفيتكم ما هاهنا.

    ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره ذلك بخيمة أم معبد فقالا عندها، ورأت من آيات نبوته في الشاة وحلبها لبناً كثيراً في سنة مجدبة ما بهر العقول صلوات الله وسلامه عليه.

    استقبال الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم

    وكان قد بلغ الأنصار مخرجه صلى الله عليه وسلم من مكة وقصده المدينة ، فكانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة ينتظرونه أول النهار، فإذا اشتد حر الشمس رجعوا على عادتهم إلى منازلهم، فلما كان يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول على رأس ثلاث عشرة سنة من النبوة، خرجوا على عادتهم فلما حمي حر الشمس رجعوا وصعد رجل من اليهود على حصن من حصون المدينة لبعض شأنه، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه فصرخ بأعلى صوته: يا بني قيلة! هذا صاحبكم قد جاء، هذا جدكم الذي تنتظرونه. فبادر الأنصار إلى السلاح ليتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت الرجة والتكبير وكبر المسلمون فرحاً بقدومه، وخرجوا للقائه فتلقوه، وحيوه بتحية النبوة فأحدقوا به مطيفين حوله والسكينة تغشاه، وجاء المسلمون يسلمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم لم يره بعد، وكان بعضهم أو أكثرهم يظنه أبا بكر لكثرة شيبه، فلما اشتد الحر؛ قام أبو بكر رضي الله تعالى عنه بثوب يظلل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتحقق الناس حينئذٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    بذلك كله -أيها المسلمون- يتضح موقف هو من أعظم المواقف التي وقفها رسول الله صلى الله عليه وسلم ضد العدوان؛ فغير به مجرى الأحداث، وضيع على خصومه فرصة الانتقام، وأحبط مسعاهم، وبلبل أفكارهم، وأسفر عن مبلغ تأييد الله له وحمايته من كيد الكائدين وطيش الظلمة الجاحدين.

    1.   

    فوائد وعبر من هجرة المصطفى

    أيها الناس! بمثل هذه السيرة العطرة تتجلى الخواطر؛ لتنهل منها دروساً عظيمة الدلالة، دقيقة المغزى، بعيدة الأثر في نفوس الكرام من أبناء الملة، ومن واجب المسلمين أن يحسنوا الانتفاع بها عن طريق التذكر المفضي إلى العمل بها إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37] ومهما تتبارى القرائح، وتتحبر الأقلام مسطرة فوائد الهجرة؛ فستظل جميعاً كأن لم تبرح مكانها، ولم تحرك بالقول لسانها، وقد يعجز عن حصرها كثير من الناس، قال شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب المجدد لما اندرس من معالم الإسلام رحمه الله تعالى قال في حادث الهجرة: وفيها من الفوائد والعبر ما لا يعرفه أكثر من قرأها. انتهى كلامه رحمه الله.

    البذل من أجل العقيدة والدين

    ولعل من أبرز الدروس المستقاة من حادث الهجرة أن صاحب الدين القويم والعقيدة الصحيحة ينبغي أن لا يساوم فيها أو يحيد عنها، بل إنه يجاهد من أجلها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وإنه ليستهين بالشدائد والمصاعب التي تعترض طريقه عن يمين وشمال؛ ولكنه في الوقت نفسه لا يصبر على الذل يناله، ولا يرضى بالخدش يلحق دعوته وعقيدته.

    شرف الصحبة والصداقة

    ويلوح لنا في حادث الهجرة خاطر آخر، يتعلق بالصداقة والصحبة، فالإنسان في هذه الحياة لا يستطيع أن يعيش وحيداً منفرداً، بل لا بد له من الصديق الذي يلاقيه ويناجيه ويواسيه، يشاركه مسرته، ويشاطره مساءته، وقد تجلت هذه الصداقة والصحبة في تلك الرابطة العميقة التي ربطت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أبي بكر رضي الله تعالى عنه.

    ولقد أصبحت علاقات الكثيرين من الناس في هذا العصر تقوم لغرض أو لعرض إلا من رحم الله، وتنهض على رياء أو نفاق، والأمة المسلمة اليوم أحوج ما تكون إلى عصبة أهل الخير، تتصادق في الله، وتتناصر على تأييد الحق وتتعاون على البر والتقوى قال تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67].

    نصر الله لمن نصر دينه

    وخاطر ثالث يتجلى من ذكر هذه الحادثة: وهو أن الله ينصر من ينصره، ويعين من يلجأ إليه ويعتصم به ويلوذ بحماه، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن المخلص الموقن بما عند الله، حين تنقطع به الأسباب وحين يخذله الناس، وبعض الأغرار الجهلاء يرون مثل ذلك فراراً وانكساراً، ولكنه في الحقيقة كان عزاً من الله وانتصاراً إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ [التوبة:40] وبم نصره الله؟

    نصره بأضعف جنده قال تعالى: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31] نصره بنسيج العنكبوت وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت:41].

    تربية الشباب على الدين

    وخاطر رابع: يشير إلى أن الشباب إذا نبتوا في بيئة الصلاح والتقوى؛ نشئوا على العمل الصالح، والسعي الحميد والتصرف المجيد.

    والشباب المسلمون إذا رضعوا رحيق التربية الدينية الكريمة؛ كان لهم في مواطن البطولة والمجد أخبار وذكريات، فـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يتردد في أن ينام على فراش الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يعلم أن سيوف المشركين تستعد للانقضاض على النائم فوق هذا الفراش، ويتغطى ببردته في الليلة التي اجتمع فيها شياطين الكفر والغدر ليفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويا لها من نومة تحيطها المخاوف والأهوال، ولكن فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:64].

    تذكر إخواننا المشردين

    أيها المسلمون: هكذا تعطينا الهجرة اليوم ما يعظنا في حاضرنا وينفعنا في أولانا وأخرانا، وهناك اليوم في أرجاء المعمورة إخوان لنا مهاجرون مسلمون، أرغموا على ترك ديارهم وأوطانهم بعد أن فعل بهم الكفرة الأفاعيل، وبعد أن تربصوا بهم الدوائر، ووقفوا لدعوة النور في كل مرصد، يقطعون عليها الطريق ويعذبون أهلها العذاب الشديد، لا لشيء إلا لأنهم قالوا: ربنا الله؛ فهاجروا كرهاً وأخرجوا كرهاً، فهم يهاجرون من وطن لآخر؛ إقامة لدين مضطهد وحق مسلوب، في فلسطين ، وفي البوسنة والهرسك ، وفي كشمير وإرتريا وغيرها من بلاد المسلمين.

    فاتقوا الله أيها المسلمون: وقفوا وقفة المهاجر بنفسه وإن لم يهاجر بحسه، فلنهاجر إلى الله بقلوبنا وعقولنا وأعمالنا، ولنلجأ إليه ليكون ناصرنا ومؤيدنا قال تعالى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [آل عمران:160].

    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    تعظيم عمر للهجرة ومخالفته للمشركين

    الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على طريقه إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين!

    أما بعد:

    فيا أيها الناس: لقد كان ابتداء التاريخ الإسلامي الهجري منذ عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، حيث جمع الناس إبان خلافته فاستشارهم من أين يبدأ التاريخ؟ فقال بعضهم: يبدأ من مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: يبدأ من بعثته، وقال بعضهم: يبدأ من هجرته، وقال آخرون: يبدأ من وفاته. ولكنه رضي الله عنه رجح أن يبدأ من الهجرة؛ لأن الله فرق بها بين الحق والباطل، فجعل مبتدأ تاريخ السنين من الهجرة، ثم تشاوروا من أي شهر يبدءون السنة فقال بعضهم: من ربيع الأول لأنه الشهر الذي قدم فيه النبي صلى الله عليه وسلم مهاجراً إلى المدينة ، واتفق رأي عمر وعثمان وعلي رضي اللهم تعالى عنهم على ترجيح البداءة بالمحرم لأنه شهر الله الحرام ويلي ذي الحجة الذي به تمام أركان الإسلام وهو الحج.

    فعلينا جميعاً -أيها المسلمون- أن نأخذ بالتاريخ الهجري؛ فأعداء الله حريصون على أن يمسخوا الأمة المسلمة في كل شئونها حتى في تسمية الشهور والأعوام، وإن استبدال تاريخ الكفار بالتاريخ الهجري عدول عن الطريق السوي والمسلك القويم وتشبه بالكفرة والمشركين، والمشاكلة في الأمور الظاهرة؛ توجب مشابهة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخطير، والمشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن؛ فتكون محرمة كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

    هذا وصلوا -رحمكم الله- على خير البرية وأزكى البشرية محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بجودك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين!

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

    اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.

    اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم!

    اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.

    ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

    عباد الله: اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروا نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756196276