إسلام ويب

التوحيدللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بدأ المؤلف بطرح طرق إثبات التوحيد عند أهل السنة والجماعة، ثم ذكر أسباب عدم إدراك التوحيد الخالص، وعرض بعض خرافات الصوفية الذين أشركوا مع الله تبارك وتعالى.

    وبين أن القرآن بقصصه وأحكامه وأمثاله توحيد لله عز وجل، وقد تحدى الله جميع البشر بأن يخلقوا كخلقه.

    واستعرض أساليب القرآن في تعليم التوحيد للناس، وطريقة القرآن في عرض الآيات، وبين أثر المسلمين في الساحة، وأن ضعفهم وقوتهم أمام عدوهم بحسب توحيدهم لله تعالى، وأن قوة الكفر ليست أمام الموحدين إلا كما قال الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ)[العنكبوت:41].

    1.   

    أهمية التوحيد

    الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أمَّا بَعْد:

    فعنوان هذه المحاضرة "التوحيد"، ونحن بحاجة إلى أن نتكلم عن التوحيد دائماً، ونسمع الحديث دائماً, وقد تطور الشرك في هذا العصر؛ فجدير بالمؤمن أن يطور أساليب عرض التوحيد للناس, فيتكلم لهم دائماً عن هذه القضايا كما تكلم القرآن.

    طرق إثبات التوحيد عند أهل السنة والجماعة

    ويثبت التوحيد عند أهل السنة بثلاث طرق: الفطرة, وآيات الله الكونية, وآيات الله الشرعية.

    أما الفطرة: فالله فطر الناس على التوحيد, فكل مولود يولد على الإسلام, وكل مولود يقع رأسه على الأرض من بطن أمه إنما يقع على لا إله إلا الله, قال تعالى: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ [الروم:30] فالإنسان أخذ الله عليه الميثاق؛ أن يكون موحداً مسلماً مؤمناً؛ فيسقط من بطن أمه على هذا التوحيد.

    ولدتك أمك يابن آدم باكياً     والناس حولك يضحكون سرورا

    فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا     في يوم موتك ضاحكاً مسرورا

    فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه, فيبدأ الشرك بعد الميلاد, وتبدأ الدراسات الشركية والتأثير الوثني على الإنسان وهو في الأصل موحد بعد أن تأتي به أمه.

    وسوف أستعرض -إن شاء الله- معكم آيات القرآن عن التوحيد، بخلاف التبويب الذي يسلكه بعض المؤلفين، لنرى كيف عرض القرآن التوحيد.

    الطريق الثاني من عرض التوحيد: طريق الآيات الكونية.

    وفي كل شيء له آية      تدل على أنه الواحد

    السموات.. الأرض.. الجبال.. الوهاد.. الماء.. الهواء.. الضياء كلها تدل على الله, وتشهد أن لا إله إلا الله, وتلقنك درساً من دروس العقيدة التي لا تنساها، قال تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ [الغاشية:17-20] ما لهم لا ينظرون؟!

    وما لهم لا يؤمنون؟! وما لهم لا يتدبرون؟!

    كل الكائنات تدل على الله, والله جعلها دليلاً أصلياً في القرآن، وسوف أستعرضها معكم.

    الطريق الثالث: طريق الآيات الشرعية في القرآن الكريم، فيعرض سُبحَانَهُ وَتَعَالَى التوحيد في القرآن، بل القرآن كله توحيد, حتى القصص والأمثال والأحكام تختم بالتوحيد أو تبدأ بالتوحيد.

    وإنما طرقت هذا الموضوع وقد يقول قائل: أتتحدث عن التوحيد وليس أمامك إلا موحد؟!

    فأقول: إن غبش التصورات في العالم الإسلامي أوجب على الداعية والمتكلم وطالب العلم أن يكرر هذا الموضوع وأن يوضحه للناس.

    أسباب عدم إدراك التوحيد الخالص

    والمسلمون اليوم مليار، لكن قليل منهم من يعرف التوحيد, فهم يصلون ويصومون ويزكون ويحجون ويعتمرون, ولكن في تصوراتهم غبش, ولا يعرفون التوحيد الخالص, فإن الناس أحد ثلاثة أشخاص:

    1- إما مسلم معه هوية، ولكنه مغزو في فطرته وعقله من الغرب والشرق, فهو ممسوخ, قد يصلي لكن لا يتصور هذا التوحيد.. التوكل.. الخوف.. الرجاء.. الرغبة.. الرهبة.. فهو غربي من داخله، وفي ظاهره مسلم يتكلم بلا إله إلا الله لكنها في قلبه ميتة، ما تصور أثرها، ولا عرف مقدارها، وما أدرك منزلتها.

    2- أو رجل جاهل في البادية يصلي ويصوم، لكن أدنى ذرة تقدح في توحيده, يذهب إلى الكاهن أو الساحر أو المشعوذ، يقول عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: {من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد} أي: خرج من الملة, وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من أتى كاهناً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً}.

    وأنا أعرف -وقد رأيت- أن هذا الشرك في القرى والبوادي متأصل منتشر، ومع ذلك يدعون أنهم موحدون ويصلون ويصومون، فما ينفعهم ذلك.

    3- أو شيخ من مشايخ الصوفية الطرقية، الذين وقفوا للناس في الزوايا بالمرصاد, فهم أعداء التوحيد, معهم عمائم مكورة، ومسابح طويلة، ورقع مرقعة, ويقولون: أنتم تتعلمون من عبد الرزاق، وتقولون حدثنا عبد الرزاق، ونحن نأخذ علمنا مباشرة من الرزاق: حدثني قلبي عن ربي وذلك كذب! كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً [الكهف:5].

    وهم أشبه بأحبار ورهبان بني إسرائيل، صدوا عن منهج الله, لا يعرفون التوحيد؛ يجعل أحدهم يده مثل الحجر الأسود، فيمد يده للجماهير يقبلونه ويقدسونه ويتمسحون به، ويأخذون ماءً من آثار وضوئه, ويقولون: شافِ مرضانا، ويعبدونهم ليقربوهم من الله زلفى, مثل اللات والعزى وهبل ومناة الثالثة الأخرى تماماً، فيصدون الجماهير عن منهج الله.

    وأنا أعرف أن في المسجد من ينقل هذا الكلام, وأنا في هذا اليوم وأنا صائم أحمله أمانة أن ينقل هذا الكلام إلى مشايخ الطرقية وإلى الصوفية ليخبرهم أنهم على ضلال, إن لم يخلصوا توحيد الباري سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

    من أدلة التوحيد في القرآن

    لكن اسمحوا لي أن أستعرض أدلة القرآن، وفيها ما يقرب من مائة آية صحيحة في هذا المبدأ, ولو أن بعض العلماء يقول: ثلاثة أرباع القرآن توحيد, وبعضهم يقول: كل القرآن توحيد, وهذا صحيح.

    قال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:1-4].

    يا محمد! قل للناس.. يا محمد! قل للبشرية: الله أحد, كيف تدرك العقول أن الله أحد ولا تعبد أحداً غيره؟ لأن الجاهلية القديمة تعبد الأصنام والأوثان، والمانوية تعبد الليل والنهار, وبعضهم الضياء والظلمة, وبعضهم النار والنور, فأتى صلى الله عليه وسلم يقول: الله أحد, فمبدؤه: الله أحد.

    وعلَّمها أصحابه، ولقنها صلى الله عليه وسلم بلالاً في قلبه، فيسحبونه في الرمضاء، فيقول: أحد أحد, ويضربونه فيقول: أحد أحد.

    فمتى نعرف نحن هذه الجملة؟

    إنها هي التي إذا ملكناها دمرت كل شيء بإذن ربها، فنكون على عقيدة خالصة.

    قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] فليس له شريك, والجاهلية العصرية العلمانية الآن تتخذ إلهاً من دون الله، فهم لا يعبدون الأصنام والأوثان, لكن لهم أصناماً وأوثاناً أخرى, ولهم أسياد يعبدونهم, ولهم أوثان من البشر, ولهم شركيات أعظم من شركيات الجاهلية, فالعلم عند العلمانية طاغوت مثل الصنم، يعبد من دون الله, لأنهم فصلوا العلم عن الإيمان.

    والرسول عليه الصلاة والسلام أتى بالعلم والإيمان كما في الصحيحين: {مثل ما بعثني الله من الهدى والعلم كمثل الغيث} والله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْأِيمَانَ [الروم:56].

    قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:1-2] الذي تصمد إليه الكائنات: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:2-4] فهذه السورة ردت على ثلاث طوائف, على اليهود والنصارى والمشركين, وهذه السورة تعدل ثلث القرآن، وهي حبيبة إلى قلوب الموحدين يحبونها ويفهمونها.

    وبعض الناس من المسلمين مشرك، تجده يقرأ قل هو الله أحد ولا يفهمها, فغلاة الصوفية، وأهل البدع المنحرفين الضالين يقرءونها ولا يفهمون معناها.

    وأحد الصحابة كان -كما في الصحيح- يقرؤها في كل ركعة, فشكوه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قال: سلوه: ما له يقرؤها؟ قال: لأن فيها صفة الرحمن وأنا أحب الرحمن, قال عليه الصلاة والسلام: {حبك إياها أدخلك الجنة} وهذه السورة حبيبة عند المؤمنين، قال سبحانه عن الكفار وعن مفترياتهم وأطروحاتهم: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً [ص:5].و

    في سنن أبي داود أن حصين بن عبيد وفد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم -والحديث صحيح- فقال: {كم تعبد يا حصين؟ قال: أعبد سبعة, قال: أين هم؟ قال: ستة في الأرض وواحد في السماء، قال: من لرغبك ولرهبك؟ قال: الذي في السماء, قال: فاترك التي في الأرض واعبد الذي في السماء} سبحانه!! هو الذي ينفع ويضر, ولا يكشف السوء والبلوى إلا هو, يعرفها الإنسان حتى المشرك إذا أتته الأزمات, قال تعالى: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ [يونس:22].

    الذين يذهبون إلى قبر أحمد البدوي وزينب، وإلى قبر عبد القادر الجيلاني، وإلى ضريح إقبال محمد علي جنة وأمثالهم في العالم الإسلامي ويتوسلون، هؤلاء مشركون, قالوا: ما نعبدهم إلا حباً، وقبر الحسين، الذي يطوفون به.. هذا من الشرك الذي لا يختلف فيه, ولا نقول ذلك من أنفسنا لكن من مفهوم الكتاب والسنة أنه شرك, فالجاهل يعرف أن الصنم لا ينفعه ولا يضره، قالوا: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.

    والكفار يقولون لما قال عليه الصلاة والسلام: {قولوا لا إله إلا الله تفلحوا} قالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً [ص:5].

    ويقول سبحانه: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ [الأنبياء:22] ولو كان في الدنيا وفي المعمورة إله آخر مع الله لفسدت, لأن هذا يأمر بشيء وهذا يخالفه, وهذا ينهى عن شيء وهذا يخالفه, فالفطر تقول: لا يستوي إلهان اثنان في العالم, بل لا بد من انفراد إله واحد وهو الله، وهو السر الذي تكلم عنه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كلٌ يقول: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه [الأعراف:59].

    يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ [التوبة:31] قال عدي بن حاتم والحديث صحيح: {يا رسول الله! ما نعبدهم -يقول: لا نسجد لهم ولا نصلي- قال: أليس يحلون الحرام فتحلونه ويحرمون الحلال فتحرمونه؟ قال: بلى. قال: فتلك عبادتهم}.

    إذا اتخذ الإنسان شيخاً، يدله على التحريم والتحليل بدون دليل، ويتقرب إليه، ويقبل يديه من باب التقديس على أنه ينفع ويضر ويشافي ويعافي, بل بعضهم أجلس معه في الحرم هنا وأسألهم عن مشايخهم, وكيف نفعهم وتأثيرهم في العالم؟

    بعضهم يقول: أسباب نصر المجاهدين بركة الشيخ, والشيخ في زاوية بينه وبين الجهاد ألفي كيلو متر, وبعضهم يقول: إذا دعا الشيخ أو إذا مسحنا يد الشيخ نزل المطر, وكانت ابنتي مريضة فمسها الشيخ فتشافت بلا علاج, وهذا أكبر شرك في العالم, وهذا يُضحك منه الخواجات الحمر ويقولوا: انظروا إلى الإسلام!! وهناك فيلم في أمريكا يعرض الخرافات الصوفية ويقول: انظر إلى الإسلام, فنقول: الإسلام بريء من هذا، وهذا ليس من الإسلام.

    أهذا الإسلام؟!

    أهذا الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم؟!

    نبرأ إلى الله.. اللهم إنا نبرأ إليك من هذه الطرق والشركيات والخرافات التي شتتت العالم الإسلامي.

    ويقول سبحانه في دليل الإلزام في القرآن في سورة الطور: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور:35] وهذا إلزام لأنه ما ترك لك منفذاً فألزمك بهذا المنفذ.

    فالاحتمالات: أم خلقوا من غير شيء؟ لا.

    أم هم الخالقون؟ لا.

    بقي احتمال ثالث أن الله خلقهم, وهذا الإلزام عجيب، وهي طريقة منطقية يسلكونها, يقولون: أنت لست قائماً ولا ماشياً، فما هو الاحتمال الثالث؟ هو أنك جالس.

    أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور:35] فلا خلقوا أنفسهم، ولا خلقوا من غير شيء, فيبقى احتمال ثالث عند العقلاء، وهو أن الله هو الذي خلقهم سبحانه.

    ويقول الله عن سر من أسرار التوحيد اتصف به وهو خاصية له سبحانه: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ [الفرقان:58] سبحانه! كل ما سواه يموت إلا هو, وقال: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً [مريم:93] وقال: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26] لكنه اختص بأنه الحي الذي لا يموت, وبعض أهل العلم يقول: الاسم الأعظم هو الحي القيوم, فهو لا يشترك معه أحد فيه, لأن حياته دائمة سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وقدرته مستمرة: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ [الفرقان:58] وعرف بمفهوم المخالفة من الآية أن من اتخذ من دون الله إلهاً آخر، فإنما اتخذ ميتاً يفنى.

    1.   

    طريقة القرآن في عرض آيات التوحيد

    وأنا قلت لكم في بداية المحاضرة: لا أعتمد على التقسيم المنطقي أو تقسيم بعض المؤلفين في كتبهم، بل أعرض التوحيد عرضاً على طريقة القرآن, فالقرآن مرة يُحدثك عن آيات الله في الكون وهو يتكلم لك في التوحيد, ومرة في الحدائق، ومرة في البساتين، ومرة في خلق الناس، ومرة في الحيوانات, وهو يريد أن يحدثك عن التوحيد.

    ويقول الله سبحانه: هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [لقمان:11] وهذا يسمى عند المفكرين العصريين: تحدٍ سافر.

    هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [لقمان:11] اخرج وانظر في الناس، والفواكه، والخضروات، والأحياء، والمخلوقات.

    هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [لقمان:11] أروني خلق الأصنام.. وأروني خلق الأوثان.. وأروني خلق الطرقية.. وأروني خلق العلمانية.. والشيوعية الكافرة, أروني ماذا خلقوا في الكون ولو ذبابة أو بعوضة, فعلم من ذلك أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى انفرد بالخلق.

    وقال سبحانه: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا [النمل:60] فمن تطوير أساليب تعليم التوحيد أن تأخذ طلبتك من الفصل، وتدخل بهم الحديقة والبستان، وتكلمهم عن التوحيد وأنت في البستان, ولا يكفي فقط أن تشير بالطباشير على السبورة، وهذه قد تكون نافعة في جانب، لكن اخرج بهم, وحدثهم عن الزهور والطل والندى والماء والشجر والحجر.

    قل للطبيب تخطفته يد الردى     من يا طبيب بطبه أرداكا

    قل للمريض نجا وعوفي بعدما     عجزت فنون الطب من عافاكا

    والنحل قل للنحل يا طير البوا     دي ما الذي بالشهد قد حلاكا

    وإذا ترى الثعبان ينفث سمه     فاسأله من ذا بالسموم حشاكا

    واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو     تحيا وهذا السم يملأ فاكا

    فالحمد لله الكريم لذاته     حمداً وليس لواحد إلاكا

    طريقة القرآن عرض الآيات للناس، وهذه نسيها التعليم والإعلام, فالتعليم الإسلامي نسي هذه الطريقة, وهو أن يؤتى بالشباب والناشئة فيربطون بالكون على أنه آية من خلق الله، ويردهم إلى معرفة الله, فينشأ الشاب متفكراً في آيات الله عز وجل.

    يقول الله عز وجل: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65-66] يقول الرازي في هذه الآية: الخطاب موجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم, فالله يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] كيف وهو الذي أتى بالتوحيد؟!

    كيف وهو الذي علَّم العقيدة الصحيحة؟!

    كيف وهو الذي أجرى دمه ودموعه وحمل السيف ليرفع لا إله إلا الله؟!

    ونشرت دين الله يا علم الهدى     ورفعته حتى استقام هناكا

    قال من باب "إياك أعني واسمعي يا جارة" فما دام أنك إذا فعلت ذلك عُذبت وكنت من الخاسرين, فكيف بالأمة؟ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65-66].

    يا أيها الإخوة! العقيدة في كل البلاد الإسلامية قد تفهم وتحفظ, لكننا نحفظها ونفهمها كما يحفظ الإنسان المسألة الحسابية أو المعادلة الرياضية, نحفظ قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] ونحفظ كتب العقيدة وفيها: يضحك ربنا ضحكاً يليق بجلاله.

    وفيها: الله يطلع على الكائنات وخائنة الأعين وما تخفي الصدور.

    وفيها: الله يعلم الغيب وأخفى، والسر وأخفى, لكن انظر إلى توحيد هذا الحافظ في حياته، ينظر إلى المرأة، ويشرب الكأس، ويتعامل بالربا، ويزني، ويعق والديه، ويقطع رحمه, فأين أثر التوحيد؟! أمن أجل أنه يحفظ كذا ويقول: هذا توحيد أهل السنة والجماعة يعتبر موحداً؟!

    إن التوحيد اعتقاد، وعمل، ونطق, فإذا نقص أحد هذه الأركان الثلاثة نقص بحسبه, ولما لم يتربَّ الناس على التوحيد والإيمان بقوة أتت هذه المخالفات حتى من رجل قد يحفظ القرآن كله والسنة كلها.

    ويقول سبحانه وهو يتكلم عن التخلية والتحلية, التخلية من الشرك والتحلية بالتوحيد, وأسلوب القرآن التخلية أولاً، فهو ينسف الساحة من الأوثان، ويدمرها تماماً، ثم يأتي بتقرير التوحيد، قال تعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً [الفرقان:3].

    وهذه تنطبق على من اتخذ من دون الله إلهاً آخر ولو كان صنماً أو شيخاً أو جهة أو لعبة أو حكومة أو كياناً أو مسئولية أو دائرة.

    فهذه من لمسات التوحيد على القلوب التي يشهدها الإنسان، والتي عرضها القرآن عرضاً كثيراً في غضون آياته، قال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ [الأنعام:17] يجدها المريض، والمبتلى والذي أصيب بكارثة، حتى إن الإنسان يجد قوة التوحيد في بعض الأزمات التي تمر به, وقد رأينا من بعض الشباب أنه ما عرف التوحيد الخالص إلا يوم أصبح على السرير الأبيض في المستشفى, أو أصابه حادث انقلاب بسيارة, أو أصابته كارثة, أو أصابه مرض عضال فالتجأ إلى الله.

    وقد عرضتُ قبل ثلاث محاضرات قول الشاعر المجرم لأحد السلاطين وهو يمدحه:

    ما شئت لا ما شاءت الأقدار      فاحكم فأنت الواحد القهار

    فعلمه الله من هو الواحد القهار, ومن هو الذي ينفع ويضر، فأصابه مرض مؤلم فأخذ يعوي على فراشه كالكلب، ويقول:

    أبعين مفتقر إليك نظرتني     وأهنتني وقذفتني من حالقِ

    لستَ الملوم أنا الملوم لأنني      علقت آمالي بغير الخالق

    لا إله إلا الله..!

    سبحان من يعفو ونهفو دائماً      ولم يزل مهما هفا العبد عفا

    يُعطي الذي يخطي ولا يمنعه      جلاله عن العطا لذي الخطا

    وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ [الأنعام:17] هذه الأحداث التي تمر بالإنسان إن لم تزده توحيداً فما صلح, وأنتم تعرفون قصة أهل "الله يتجلى في عصر العلم " لما أبحروا، وكانوا أمريكان، ورسبت بهم السفينة، وانقطعت الاتصالات؛ فالتجئوا إلى الله, كل الفطر تعرف الله, وأنقذهم الله فأسلموا, ويقول سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62] هكذا العرض القوي الصادق, وهذه هي الأساليب القوية المؤثرة في الناس: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62] المضطر الذي يبلغ بحاجته إلى من يعينه، وفي حاجة من الضرورة الماسة ما بعدها ضرورة, فمن الذي يجيب المضطر؟

    إنه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، ويتخلى المشركون عن الأوثان والآلهة التي اتخذها الناس وقت الحاجة، ويلتجئ القلب إلى الله ويتخلص من غير الله، فالله يقول: من الذي يجيب المضطر إذا دعاه؟ من الذي يكشف السوء؟ من الذي يجعلكم خلفاء في الأرض؟ أإله مع الله؟ قليلاً ما تذكرون.

    إذاً: أنتم ما عندكم ذكر ولا فكر.

    ويقول سبحانه وهو يعرض آيات التوحيد في الكون: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ [ق:9-11].

    وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً [ق:9].

    انظر إلى نزول الماء يعلمك ويلقنك دروساً من التوحيد.

    وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ [ق:9-10] لله دره من أسلوب! قال: باسقات، ولم يقل: طويلات, لها طلع ولم يقل: ثمر، قال: نضيد ولم يقل جيد أو طيب، باسقات.. طلع.. نضيد، وهي أساليب منتقاة؛ لأن القرآن لا يأخذ الأساليب المبتذلة في السوق.

    قال الله: فمن ينـزل ذلك؟ إنه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى, والنخل فيها مدرسة، والنحل كذلك وكل الكائنات.

    والعجيب أن الحيوانات تعرف أن الباري هو الله، إلا الإنسان إذا ارتكست فطرته, الهدهد يلقي محاضرة عن التوحيد على سليمان, قال: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [النمل:22-24] لماذا يسجدون للشمس من دون الله؟

    قالوا: عرف الهدهد الله، فألقى محاضرة على من عرَّف بالله، وهو سليمان عليه السلام.

    ويقول سبحانه: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] والظالم هو الذي يضع الشيء في غير موضعه, فالله أمر كل مسلم ألا يدعو إلا الله, وألا يستجير إلا بالله, وألا يستغيث إلا به, وفي الحديث الصحيح عند الترمذي وأحمد: (وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك, رفعت الأقلام وجفت الصحف).

    أمة مسلمة عددها مليار، تقول: لا إله إلا الله، لكن تعال في الطواف تر تمائم معلقة، وحروزاً ومسبحة طولها متران، يقول: هذه فيها ذكر وهو ذكر غير شرعي, من صلاة التراويح إلى صلاة القيام وهو يقول: حي حي حي...!! كأنه يطرد غنماً, أو: هو هو هو...!! وهذا نباح كلاب, أو: يا لطيف.. يا لطيف.. يا لطيف, ودعاء الاسم المجرد لا يكفي، مثلاً: يطرق عليك طارق: يا محمد يا محمد, من علمهم هذا؟

    إنهم أولئك الذين جهلوا رسالة الرسول عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    التوحيد وأثر المسلمين في الساحة

    فلذلك انظر إلى أثر المسلمين في الساحة، ينهزمون أمام الأعداء, وما كان للموحدين لو كان هناك موحدون أن ينهزموا أمام إسرائيل.

    فأطفأت شهب الميراج أنجمنا      وشمسنا وتحدت نارها الخطب

    إذا تبدت لنا الميراج تقصفنا      سعت لتسقطها الصيحات والخطب

    شجباً ونكراً وتنديداً بغارتها      الله كم نددوا يوماً وكم شجبوا

    خالد بن الوليد مع ثلاثين ألفاً أو ما يقارب ذلك, والروم مائتان وثمانون ألفاً فسحقهم؛ لأن خالداً يعرف لا إله إلا الله, ويعرف التوحيد الخالص، ويتصل بالله مباشرة, أن يكون: هذا علماني، وهذا فيه ملعقتان من الشيوعية، وهذا مسلوخ من أصله كأنه فرنسي, وهذا لا يعرف من التوحيد شيئاً, وهذا جاهل لا يعرف شيئاً, وهذا طرقي صوفي لا يعرف التوحيد الخالص، والنسبة التي تعرف التوحيد قليلة جداً.

    أقولها والوثائق موجودة والأدلة والبراهين.

    وهذا إبراهيم عليه السلام شيخ التوحيد, أستاذ المدرسة الخالدة في فن التوحيد, لا يعرف التوحيد مثله ومثل رسولنا عليه الصلاة والسلام, وهو أشبه الناس به حتى في الصورة الظاهرة يقول: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ [الشعراء:78] وهو يتحدى الأصنام, تحداها بالقول والفعل, تحداها بالقول ثم أخذ الفأس فكسرها: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:78-80] ولا يفعل هذه الأمور إلا الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى, والناس يقولون هذا, تقول: من خلق السموات؟ قال: الله. وتقول: من خلق الأرض؟ قال: الله, لكن إذا مرض ابنه إذا به يذهب به إلى المشعوذ والكاهن والساحر وقال: ابني، أو يا شيخ امسح عليه مسحة، أو انظر إليه نظرة.

    ذهب بعض المبتدعة إلى بعض البلاد الإسلامية فأخذوا يتبركون بالشيخ، ويمسحون بشدة, فلما كثر الزحام أخذوا من بعيد يقولون: الله أكبر.. ويمسحون ويسلمون..! أهذا هو التوحيد؟ أهؤلاء محسوبون على المسلمين؟

    إن هؤلاء لم يصلهم التوحيد, عندهم أحكام الحيض والغسل من الجنابة وصلاة الجمعة, لكن التوحيد الخالص لم يصل, وما عرفوه تماماً، وهي مسئوليتكم أنتم يا سفراء المسلمين ويا دعاة المسلمين!

    ويقول سبحانه: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً [الإسراء:56] فلا يملك كشف الضر إلا الله، فيتحداهم الله سبحانه، يقول: ادعوا الهيئات، وادعوا المشايخ، وأهل الزوايا، والاتجاهات والأطروحات في الساحة, ادعوا أذناب استالين ولينين وماركس أن يكشفوا عنكم الضر, لا يستطيعون.

    ويقول سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الأعراف:194] فهم أمثالكم تماماً, فادعوهم إن كنتم صادقين في الأزمات ليكشفوا عنكم الضر, وهذه علامة فارقة بين الله عز وجل القادر وبين ما دونه.

    وقال سبحانه: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف:45] يقول بعض المفسرين، وصحح ذلك ابن كثير: إن الرسول عليه الصلاة والسلام صلَّى بالأنبياء يوم أسرى الله به.

    أسرى بك الله ليلاً إذ ملائكه     والرسل في المسجد الأقصى على قدم

    لما خطرت به التفوا بسيدهم      كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم

    كنت الإمام لهم والجمع محتفل      أعظم بمثلك من هاد ومؤتمم

    فصلّى بهم عليه الصلاة والسلام والتفت؛ لأن الله قال له: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا [الزخرف:45] يقول بعض المفسرين وليس كل المفسرين: إذا اجتمعت بهم فاسألهم هل جعل الله من دونه آلهة تعبد؟

    فلما سلّم عليه الصلاة والسلام ورأى وجوه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام رأى ضياء التوحيد والإيمان يشع, فاستحيا أن يسألهم؛ لأن الأمر ظاهر, ومعلوم بالضرورة، فسكت عليه الصلاة والسلام, فهذا قول بعض المفسرين.

    وقال سبحانه: فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ [الشعراء:213] وقال: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص:88].

    سمعت أستاذاً في العقيدة بيض الله وجهه -لا يزال حياً- يقول في شريط له وهو يتكلم عن الشيوعيين والحداثيين في الساحة: يا حداثيون.. يا شيوعيون.. أنتم ما تخافون من آلهتكم لأنهم أصبحوا رماداً، أصبح الواحد منهم حماراً منتناً كـاستالين ولينين وماركس وانتهوا, لكن نحن إذا حللنا أو رحلنا خفنا من الله الحي: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص:88] عبدوا الذوات والأشخاص والأصنام وفنت، وبقي الله حي لا يموت سُبحَانَهُ وَتَعَالى.

    وقال سبحانه: الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ [الأعراف:158] وهذه من صفاته سُبحَانَهُ وَتَعَالى, فالأمور المشتركة قليلاً ما يتحدث عنها في القرآن, مثل: العليم يأتي صفة، لكن الإنسان له علم يليق به ولله علم, فلو كان موسى عليه السلام يوم قال له فرعون: من ربكما يا موسى؟ قال: ربي عليم, قال: وأنا عليم, لذلك ما أتى بها موسى, لأن الأمور المشتركة ما يجادل بها, وإذا قال: من ربكما؟ قال: حكيم, قال: وأنا حكيم, وإذا قال: من ربكما؟ قال: الحي, قال: وأنا حي, لكان نازعه بالحجة, ولكان أمسكه بتلابيب ثيابه، ولكان الناس سلموا لفرعون, لكن قال موسى -حتى يقول الزمخشري: لله دره من جواب!-: قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه:50] وقد مرَّ شرح هذا فيما سبق في (سورة العصر منهج حياة).

    ويقول سبحانه: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ [الروم:40] الله هو الذي خلقكم، وهذا انفراد لله عز وجل: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ [الروم:40] وأنا أعرف أن الكثير من الناس يقولون: هذا أمر معلوم, لكنني أقول: إن هذا لن يكون معلوماً على الحقيقة حتى يعمل به، ويدخل في كياننا وحياتنا ومعاملاتنا وليلنا ونهارنا, وقال سبحانه: هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ [الروم:40] هل تجدون أحداً يفعل ذلك؟

    هل تذكرون لنا اسماً واحداً يفعل مثل هذه الأمور؟ لا.. لا.

    وانظر إلى عرض القرآن للتوحيد فإنه عرض جميل, وعرض التوحيد بالعصا لا يصلح, الشباب الناشئة في الابتدائية، إذا عرض لهم التوحيد بالعصا والهراوة لا يفهمون.

    صحيح أنه يلقنها ويحفظها حرفياً، وتبقى معلوماته عن التوحيد بذهنه، لكنه لا يعيشها في واقعه, ولا يتأثر بها, ولا ينشأ مؤمناً؛ ولذلك وجد من شبابنا من يحفظ القرآن ولا يصلي, ومن يحفظ القرآن ويتناول المخدرات, لأن الإيمان لم يصل إلى قلبه, والتوحيد ليس مجرد تلقين, لكن طريقة القرآن إحياء التوحيد بعرض جميل، يقول سبحانه: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً * وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً * وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً * وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً * وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً [النبأ:6-14] ما أجمل هذه الصور! كل كلمة تحتاج إلى محاضرة, إنها صور يشاهدها الإنسان في الكون, إن الفلاح في المزرعة وداخل البستان, والناظر إلى الحدائق الغنَّاء يشاهد آثار الله وآثار التوحيد في الكون.

    يقول سبحانه: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النمل:65].

    بعض الناس اليوم يدَّعي علم الغيب عليه لعنة الله, ويستخدم الجن، فيضل الناس بهذه الفرية الكبيرة الكاذبة, فيذهبون إليه لأنه بزعمهم يعلم الغيب, والله يقول: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النمل:65] فلا يعلم الغيب إلا الله, ومن ادعى أنه يعلم الغيب فهو كاذب, والله يطلع بعض رسله على بعض الغيب منه سُبحَانَهُ وَتَعَالى, أما من ادَّعى علم الغيب فقد كذب واستخدم الجن لذلك، وهو منحرف عن شريعة التوحيد وملة لا إله إلا الله.

    1.   

    التوحيد والإعلام

    يقول سبحانه عن الآلهة والذوات والشخصيات والكيانات: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت:41] هذه التصورات والكيانات، الكتلة الشرقية والكتلة الغربية، والمعسكر الشرقي والمعسكر الغربي، والقوتان العُظميان التي يزخرف إعلام المسلمين قوتها ويضلل بقوتها, وهو مسئول وحده عن تضخيمها في أذهان الناس، حتى عند بعض العامة أن أمريكا أو روسيا قوة لا تُغلب، قال تعالى: يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام:112] ثم يقول سبحانه: وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ [الأنعام:113].

    فهذه الزخرفة الإعلامية هي نقض للتوحيد صراحة, يصفون الكافر أنه لا يتقهقر، وأنه اكتشف كل شيء، وأن بيده كل شيء, فينشأ الناشئة يرون أن هذه القوة ما بعدها قوة، والله سُبحَانَهُ وَتَعَالى يقول: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ [العنكبوت:41] فهم مساكين!!

    هذه القوة يمكن أن يهلكها الله في لحظة.. سان فرانسيسكو التي زلزلت قبل ما يقرب من سنة في ثوان معدودة سجل جهاز رختر خمس درجات أو أربع درجات، وخسف بجزء من المدينة, عندهم إنذار مبكر، كمبيوتر، قوى نووية، أجهزة متطورة، ولكن كما قال الله: أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ [الأعراف:98] فما علموا..!

    يقولون: هذه سوء في القشرة الأرضية, نعم في القشرة الأرضية، لكن من الذي كسرها؟ من الذي أجراها؟

    من الذي سلَّط عليها هذا الحدث؟

    ما أضعفهم! يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى عن الريح: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا [الأحقاف:25] أرسلها على الكفار، فزلزلتهم من أماكنهم يوم حاربوا هوداً عليه الصلاة والسلام, فالقوة بيد الله.

    1.   

    التوحيد الخالص

    ويقول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى عن التوحيد: أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ [الزمر:3] ويقول: مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [الأعراف:29] ويقول عليه الصلاة والسلام: (يقول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: من عمل علملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) ولا يقبل الله عز وجل إلا أن يكون الدين له خالصاً, والرياء من الشرك, وفي الصحيحين: (من راءى راءى الله به، ومن سمع سمع الله به). وفي الصحيح: أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة: عالم -أو قارئ- وجواد وشجاع, كلهم فعلوا ليقال: عالم, وليقال: جواد, وليقال: شجاع, فيقول الله: خذوهم إلى النار فتسعر بهم النار، والعياذ بالله.

    ويقول سبحانه: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً [الفرقان:43] ويقول: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:44].

    يعجبني كاتب مسلم عصري كتب في هذه الآية: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الفرقان:43] قال: من أحب لعبة الكرة حتى سيطرت على حبه وقعت عليه هذه الآية, إي والله! بعضهم يعيش مع الكرة ليلاً ونهاراً, يراها في المنام، وهو لا يعطي الدين عشر ما يعطي هذه اللعبة, تشجيعاً وحباً وميلاً، ويوالي عليها ويعادي ويحب ويبغض ويعطي ويمنع، حتى يجعل لون سيارته لون الفريق الذي يشجع وبدلته وبطاقته والميدالية التي يحمل, فأي ولاء هذا..؟!!

    أيعني هذا خالص التوحيد؟!

    والله عز وجل يقول: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162] أي: ليلي ونهاري.. حبي وبغضي.. عطائي ومنعي, لكن يأتي مشجع كرة ثم يستميت هذه الاستماتة في تشجيع كرته، ونقول: موحد خالص!! وكل وقته للكرة!!

    سمعت من بعض الدعاة أن رجلاً كان هلالياً وامرأته نصراوية, فغلب فريقه فريقها فتشاكس معها فطلقها, أهؤلاء موحدون خالصون؟!! أهؤلاء تأثروا بدعوته عليه الصلاة والسلام في حياتهم؟

    بل بعضهم يقاتل على فريقه ويغضب له ويرضى ويحب ويبغض, فلا إله إلا الله ما أبعد هؤلاء عن خالص التوحيد..!!

    أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الفرقان:43] لعبة من اللعب، أو كيان من الكيانات، أو عشق من العشق، كلها تناقض التوحيد.

    ويقول سبحانه عن لقمان وهو يوصي ابنه أول وصية -ووصيته عجيبة توحيد وعبادات وسلوك-: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].

    (لما أنزل الله عز وجل قوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام:82] شكى الصحابة، وقالوا: يا رسول الله! أينا لم يظلم نفسه؟! قال: إنه ليس ما تعنون -أي: ليست الذنوب- ولكن أما سمعتم قول الله عز وجل: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم ) [لقمان:13]) فأعظم ظلم في الدنيا الشرك, وهو أن تصرف شيئاً لغير الله عز وجل من عبادتك وذكرك واتجاهك وحبك ورغبتك ورهبتك.

    وقال سبحانه: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72].

    ركب صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين - ورديفه معاذ- فقال: (يا معاذ! هل تدري ما حق الله على العباد؟ قال: الله ورسوله أعلم, فلما مشى قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً, ثم قال: يا معاذ! هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قال: الله ورسوله أعلم, قال: حقهم ألا يعذبهم) أي: لا يدخلهم النار, إذا أخلصوا التوحيد وقاموا بمقتضيات التوحيد وشروط التوحيد، فهذه نجاة لهم من النار, أما المشرك فلن يدخل الجنة, قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] وأما من يشرك فلا غفران له.

    لكن عصاة من أولي التوحيد      قد يدخلونها بلا تخليد

    فأهل الذنوب عند أهل السنة قد يدخلون النار.

    إن الذي يذهب لينهى الناس عن المعاصي -عن معصية الربا أو الزنا أو الغناء وأمثالها- ثم لا يأتي بالإيمان والتوحيد يخفق تماماً، ولا يصلح له الحال, ولا يكون له نتيجة.

    وغفر الله لمن كتب لي رسالة بالأمس، وأشار إلى هذه القضية الكبرى وقد أصاب, تقبل الله منا ومنه، يقول: الحديث في القضايا الجزئية كثير، لكن مسألة التوحيد التي نراها والتي انقصمت لها ظهورنا في الحرم, حيث إن هناك شركيات نراها ونسمعها، وهي مسئوليتكم أنتم يا دعاة الإسلام ويا حماة العقيدة!!

    ومن القضايا أيضاً أن عرض القرآن للتوحيد غير العرض الذي يعرض في بعض المؤلفات العصرية, فهو عرض معه حياة وجمال وروعة, فهو يتكلم عن خرير الماء وهو معك في التوحيد, عن الزهر وشذاه, وعن تغريد الطيور, وعن البساتين والحدائق, وهو يتحدث لك عن التوحيد.

    قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:1-4].

    اللهم إنه ليس معنا أعمال صالحة وإننا مقصرون وما معنا إلا (لا إله إلا الله محمد رسول الله) اللهم فأنقذ بها أجسامنا ولحومنا من النار, اللهم أسعدنا بها في الدنيا, اللهم رد المسلمين إلى التوحيد الخالص يا رب العالمين.

    سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718653

    عدد مرات الحفظ

    754298248