السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أيها الإخوة الكرام: هذه الحلقة الثانية من محاضرة: مصارع العشاق.
وهذا مساء السبت السادس والعشرين من شهر ذي الحجة لعام ألف وأربعمائة واثني عشرة هجرية.
اللهم يا أرحم الراحمين، ويا أكرم المعطين، ويا كنف المستضعفين، ويا مؤمَّن الخائفين، نسألك رحمة منك لا تبقي بؤساً، وغنىً منك لا يبقي فقراً، ونصرة منك لا تبقي ذلة، وقوة منك لا تبقي ضعفاً.
اللهم تب علينا توبة نصوحاً، وافتح علينا من فتوحاتك فتوحاً، اللهم جنبنا الزلل فلا نسقط، وألزمنا السداد فلا نغلط، اللهم سلمنا من النكبات، واحفظنا من العثرات. اللهم ثبت أقدامنا، وارفع أعلامنا، وسدد سهامنا.
اللهم إنَّا نسألك الروح والريحان، والأمن والإيمان، والرضا والرضوان.
اللهم من كادنا وكاد المسلمين فأرنا فيه العجائب، وزلزله بالمصائب، وامحقه بالنوائب.
اللهم إنا نسألك لين الكلمة، وحسن الفعال، وصدق المقال. اللهم أذهب عنا الأهواء والأدواء، واللأواء والبأساء والضراء.
اللهم ألبسنا حلالاً، وأطعمنا طيباً، واجعل عملنا صالحاً متقبلاً. اللهم ألف بين قلوبنا، ووحد بين شعوبنا، وأزل أسباب الفتن ووقود المحن. اللهم اجعل راية الحق عالية، وراية الباطل واهية، يا أرحم الراحمين.
مواصلة لمصارع العشاق:
انتماء أهل السنة إلى حزب الله، والعبد وما ملك لسيده، إذا قلت ما اسم أهل السنة، فقل: هم الذين ليس لهم اسم إلا أهل السنة، شيخ أهل السنة محمد عليه الصلاة والسلام، وبيوتهم المساجد، وكتبهم القرآن ودواوين السنة.. ماذا يريدون؟
يريدون وجهه سُبحَانَهُ وَتَعَالى.. مواعيد الدروس عند أهل السنة بالغدو والآصال. لهم علامات منها: حب الصحابة، فلا يلعنون الصحابة، ويلعنون من يلعن الصحابة، ولا يبغضون الصحابة، ويبغضون من يبغض الصحابة، ويترضون عنهم جميعاً، رضي الله عن الصحابة، وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10].
ومن عقائدهم: عدم تكفير أهل الكبائر ما لم يستحلوها، وزيادة الإيمان ونقصانه، فالإيمان يزيد عندهم بالطاعة وينقص بالمعصية، والقدر عندهم خيره وشره من الله، والأعمال عندهم من الإيمان، والعبد له مشيئة تحت مشيئة الواحد الأحد: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الإنسان:30].
أهل السنة هم رواد الجنة:
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا |
ولا يستطيع الفاعلون فعالهم ولو حاولوا في النازلات وأجملوا |
يقول مالك بن الحداد المالكي: دفنت سعادة الإسلام في أكفان عمر. وصدق! فإن الإسلام لا زال جريحاً بعد جرح عمر، فالله المستعان!
وفي دفتر الوحي: أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [الأحقاف:16].
وفي الأثر: دخل سالم بن عبد الله بن عمر المسجد الحرام وطاف مع الطائفين، حذاؤه بيده، لحيته تقطر ماء، عليه لباس وعمامة لا تساوي ثلاثة عشر درهماً، لكنه من أكبر أولياء الله، والولاية ليست باللباس أو الحذاء ولا بضخامة القصر أو بكثرة الكنبات والسيارات، طاف بين الحجاج كأي مسكين، فرآه الخليفة هشام بن عبد الملك، ومع الخليفة حرسه وضباطه وقواده وجيوشه، فالتفت إلى سالم، فلما رآه دنا وقبل رأسه وقال: ألك إلي حاجة؟ فاحمر وجه سالم غضباً، وقال: أفي بيت الله الواحد الأحد تقول هذا الكلام؟! أما تستحي؟! فتركه هشام، فلما انتهى تصدى له الخليفة خارج الحرم وقال: ألك حاجة؟ قال: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ قال: لا. من حوائج الدنيا. قال: والله ما سألت حوائج الدنيا ممن يملكها فكيف أسألها منك!! فاختلع يده من يده.
فقدَّم سالم الجواب، وفحوى الخطاب، لأن جده عمر بن الخطاب.
يا بن الذين سما كسرى لجمعهم فجللوا وجهه قاراً بذي قار |
يا دوحة الصدق والفاروق رائدها تلك السلالة لا أوباش ديار |
رضاك رضاك يا مولاي عني فهل يرضيك أن قدمت نفسي |
ذبحت الروح فيك وكل ذبح لغير هداك مقرون بنحس |
أهل بيعة الرضوان ضيوف الرحمن، لكن الكافر ما علم بسر: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى [التوبة:111] (ومن صلى الفجر فهو في حماية الله وذمته، فالله الله لا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من طلبه أدركه، ومن أدركه كبه على وجهه في النار).
أردنا منك صلاة الليل فتركت الصبح، حرصك على النوم الطويل أوقعك في الخطأ الوبيل!
فما أطال النوم عمراً وما قصر في الأعمار طول السهر |
وما أحب الله من قلبه رهن بأيام الهوى والوتر |
من لم ينر بالذكر ليل الدجى تجيش بالظلمة تلك الحفر |
{بشر المشائين في الظلم بالنور التام يوم القيامة} وهذا من كلامه صلى الله عليه وسلم فيما يروى عنه.
[[قيل قال: خلوا بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره سبحانه
صلى أسيد بن حضير أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فدنا الحرس، وتحرك الفرس.. دنا الحرس من السماء -الملائكة- وتحرك فرسه، فأخبر الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال: {تلك الملائكة تنـزلت للقرآن، ولو بقيت تقرأ لأصبح يراها الناس لا تتوارى منهم} وقال تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [غافر:7].
نحن ندعي أننا أمة الخلافة، ولا يحضر لصلاة الفجر إلا صف واحد، إذن فلو بدأ قتال الكفار، لما وجدنا ولا صفاً.
من خان حي على الصلاة يخون حي على الكفاح |
هاتوا من المليار مليوناً صحاحاً من صحاح |
وزع عليه الصلاة والسلام الغنائم، فأعطى مسلمة الفتح وترك أبطال الفتح، فجرى همس العتاب بالأصحاب، فخلى الأنصار بالمختار عليه الصلاة والسلام، فبين لهم سر المسألة وقال: {أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتعودون بالرسول صلى الله عليه وسلم؟ فوالذي نفسي بيده لما تعودون به خير مما يعود به الناس} وصدق المعصوم عليه الصلاة والسلام، فإنه نصيب الأنصار من الغنائم، ونصيب أولئك البهائم:
خذوا الشياه والجمال والبقر فقد أخذنا عنكم خير البشر |
يا قسمة ترفع رأس مجدنا حزنا اليواقيت وقد حازوا البعر |
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً * كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً [الإسراء:18-21] الأبرار يأتون إلى مسجده عليه الصلاة والسلام من بني سلمة، ويتخلف الظَلَمة عن صلاة العتمة، فقام منذراً وصاح محذراً: {والذي نفسي بيده! لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم أخالف إلى أناس لا يشهدون الصلاة معنا فأحرق عليهم بيوتهم بالنار}
أشعل بيوت الناكثين بأهلها واقلب وجوه السود صوب النار |
يتخلفون عن الصلاة دناءة ألهاك يا سهران ضرب الطار |
بلال يناديك من أعلى المنارة، وأنت نائم في العمارة، لو أطعت بلالاً لدخلت في مسمى الرجال: رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ [النور:37] كان المنافقون يتخلفون عن صلاة العشاء والفجر، لأنه لم يكن في المدينة كهرباء في ذاك العصر، فلما أضاءت الكهرباء ظهر الوباء.
أشعل النمرود الفتيل، وسُعر النار في الأصيل ورمى فيها بالخليل، فأطفأها حسبنا الله ونعم الوكيل.
الأعداء سطروا لكم، فخذوا حذركم، إن الناس قد جمعوا لكم، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
أبرمت خيوط الفتنة، ونسجت حبال المحنة، ونقض عهد الهدنة، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
اتفق المنافقون، واجتمع المارقون، وقلَّ الصادقون، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
سألتك لا تكلني للأعادي فقد أسكنت حبك في فؤادي |
فزودني من التوفيق زاداً عطاؤك يا إلهي خير زاد |
كسل عن الصلوات، واستهزاء بالدين في الخلوات.
انقضاض على الأعراض، وسماع الآيات في إعراض.
الدين عندهم ثانوي، لأن الجد معنوي.
الله! كم من صرح للإسلام هدموه، وكم من طريق للهدي ردموه. يظنون كل إشارة إليهم، ويحسبون كل صيحة عليهم.
كم زلزلهم الوحي وأنذرهم، هم العدو فاحذرهم، إن يقولوا تسمع لقولهم، لكن العلامات عليهم ومن حولهم.
سهامهم في نحور العلماء مسددة، كأنهم خشب مسندة. رفعت مع الباطل أعلامهم وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم.
عثرت بـعبد الله بن أبي بغلة التوفيق، فسقط في الطريق، ما طهرته صلاة الإمام، لأنه غارق في الإجرام، أراد المعصوم له مدداً فنـزلت: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً [التوبة:84].
خاف عمر على نفسه من النفاق، قيل له: سبحان الله يا شيخ! أنت الفاروق باتفاق.
أصبحت منهم الدنيا كالجيفة، فتستروا لأنه مات حذيفة.
أنت مني وتدعي حمل حبي كل يوم تعطي اليمين الغموسا |
وَلِّ عني عرفت فيك أموراً حربة في القفا ووجهاً عبوساً |
ابك مثل النساء مجداً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال |
المرأة درة مصونة، وياقوتة مكنونة.. أرادوا أن تنـزع الجلباب وتخلع الحجاب.. أرادوا لها حياة فوضوية، والله يقول: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ [الأحزاب:33].
يريد المصلحون لها منهجاً قويماً، ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً.
يا فتاة الدين قومي للدعي ردي عليه |
حين نادى يا بنة الإسلام خدرك مزقيه |
يا خسيس الطبع نص كل نذل يدعيه |
ومنها: أنهم بدمائهم أجود منا بدراهمنا، ويكفي أن يصب الواحد منهم دمه في المعركة إذا سمع كلمة من المعلم عليه الصلاة والسلام.
ومنها: أن من عصى من أولئك يأتي إلى الموت نشيطاً ليطهر نفسه، ولو كان في ذلك ذهاب رأسه، فقل لي بربك: أي إقدام هو إقدام ماعز والمرأة التي زنت، في طلب التطهير من سيد البشرية عليه الصلاة والسلام؟
ومنها: أن علم الصحابة للعمل، وثقافتهم لما يحتاجون إليه، بينما أصبح العلم عندنا سرفاً، والفكر خيالاً، والثقافة موضة.
ومنها: أن الصحابة يعيشون على الكفاية، ومن زاد منهم ماله قدمه لمآله، والمتأخرون أصبح جمع المال عندهم مهنة، والسعي وراء الحطام حرفة، فاشتغلوا بفضول العيش عن أصول العمل.
ومنها: أن الصحابة قاموا بأعمال القلوب خير قيام.. من الخوف والرجاء والرغبة والرهبة والخشية والمحبة ونحوها، مع قيامهم بأعمال الجوارح، بينما الخلف يهتمون بالظاهر أكثر من الباطن، فلذلك وقع الخلل في الأعمال والأقوال؛ لأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب.
اشكر لمن شرفك بصعود المنبر سبحانه، وعرف الناس به في كلماتك ولا تعرف الناس بنفسك؛ لأنه سبحانه أعرف المعارف وأنت نكرة من النكرات، ولولا أنك تعظمه ما عظمك الناس، وما دام أنه ستر معايبك عن الحضور، فانشر مدائحه سبحانه في الجمهور.. الله يستحق المدح ويحبه، ولذلك مدح نفسه بأشرف المدائح، ونزه نفسه عن القبائح سبحانه!
كلما بالغت في مدح المخلوق؛ قال الناس: هذا غير صدوق، وكلما أكثرت في مدح الخالق؛ قالت القلوب: حياك الله يا صادق.
إذا لم تصاحب الصحابة الأخيار فاقرأ الأخبار:
فاتني أن أرى الديار بطرفي فلعلي أرى الديار بسمعي |
قراءة سير الصحابة حسنة من الحسنات، يظهر للقارئ في أخبارهم سمو حياتهم، وجلال قدرهم، يخلو ابن المبارك الزاهد العابد بنفسه، يُغلق عليه الباب، فقال له التابعون: اجلس معنا. قال: أنتم تغتابون الناس، وأنا أجلس مع أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام.
ما في الخيام أخو وجد نطارحه حديث نجد ولا خل نجاريه |
حضرت أبا بكر الصديق الوفاة، ليلقى بعدها ربَّاً طالما أحبه، ووحده، وتقرب إليه، وجاهد من أجله، ليلقى رباً طالما أحب فيه البعيد وأخر فيه القريب.. هاجر من أجله، وحارب من أجله ورضي برضاه وغضب لغضبه، رباً أعطى لوجهه النفس والنفيس والغالي والرخيص، سكب لمرضاته الدمع والدم، وأتعب لدينه الروح والبدن، رباً ملك حبه على أبي بكر كل لحظه ولفظه.
كأن رقيباً منك يرعى جوارحي وآخر يرعى مسمعي وجناني |
رباً كان حبه في عروق أبي بكر وعرقه، من أخمصه إلى مفرقة.
رباً صلى له أبو بكر، وصام، وزكى، وحج.
رباً سهر له في الليالي وجاهد له في النهار.
رباً كان أبو بكر يرعى حقوقه دائماً وأبداً.
رباً وقف أبو بكر في الخلافة ليرضي ربه إلى آخر قطرة من دمه.
فسبحان الله! والله إنه صاحب كل خير، فاضت روح أبي بكر الصديق وكانت أمنيته أن يلقى الله.
ومن لقاء الله قد أحبا كان له الله أشد حبا |
وعكسه الكاره فالله اسأل رحمته فضلاً ولا تتكل |
فكانت الثروة بغلة، والتركة كفناً، والبقية ثوبين كفن بهما، وهو خليفة المسلمين ثنتان وعشرون دولة.
فماذا قدمنا نحن؟ وماذا فعلنا؟ ماذا بذلنا؟ ماذا حصلنا؟ أي جهد فعلناه؟ أي دمع سكبناه؟ أي دم أسلناه؟ أي مال قدمناه؟
لا شيء!!
ننام عن الفجر وقد قام الصديق الدجى، ولا نبكي في الخوف والصديق يبكي في الرجاء.. نحن نجر المطارف يوم مطارف أبي بكر تجر بسيوف الغزاة في بدر وأحد.
قليل في اتباع خير من كثير في ابتداع.. الفرائض الخمس مع ركعتي الضحى، والوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ومداومة الذكر والكف عن الذنوب، هذا منهج الراشدين مع ما تيسر من كتاب رب العالمين.
السلف كلامهم قليل لكنه كله درر، والخلف كثر كلامهم وأسهب منطقهم، ولكن سقط وخزف ولا ثواب.
عطاياه صلى الله عليه وسلم يتألف بها الأرواح وليست دليلاً -لمن أخذها- على الصلاح.
يقول صلى الله عليه وسلم: {إني لأعطي أقواماً وغيرهم أحب إلي منهم، خشية أن يكبهم الله على وجوههم في النار، وأدع آخرين لما جعل الله في قلوبهم من الخير والإيمان منهم
سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24]
هو الإقدام في سبل المعالي وطعن بالرماح وبالعوالي |
فصبراً في مجال الموت حتى يكون الدين دين الله عالي |
ختاماً: انتهت مصارع العشاق، وكان المقصود منها طرحاً جديداً في قالب أدبي أخاذ، فنحن أمة الإبداع وقرآننا سر البلاغة والإعجاز، وقصدت من هذا الفن إراحة النفوس من الرتابة، وإقالتها من النمط الواحد، فالنفس ملولة، والأذن مجاجة، وتنويع الطرح وتصريف الكلام أدعى للقبول، وكلما تعددت أساليب الحق فُهم، وكلما تنوعت قوالب الصدق عُلم، وتبارك القائل في كتابه: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً [الكهف:54] شكراً لمشاعركم النبيلة، وأخلاقكم الجميلة، ومبادئكم الأصيلة.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
الجواب: إذا كان ولا بد من قراءة الجرائد فأرى أن جريدة الحياة هي الأقرب.
الجواب: إذا كان ولا بد فليسمع إلى إذاعة لندن، فهي أقل الإذاعات كذباً.
الجواب: مجلة المجتمع، مجلة الدعوة، مجلة الإصلاح، مجلة الفرقان، مجلة البيان، مجلة الجهاد، مجلة البنيان المرصوص.
الجواب: على كل حال لعله -إن شاء الله- إذا كثر المصطافون يكون هناك محاضرة أو دورس مخصصة لهم فلا نتعجل.
لكن أحسن السائل إذ وضع هذا السؤال ونستطيع أن نقدم لهم الكثير، منها:
حسن الخلق، وكرم الاستقبال لهم، حتى نقدم صورة طيبة عنا وعن بلدنا، ومنها: الدعوة بالتي هي أحسن، ونحن -والحمد لله- لا نضايق الناس ولا نضربهم، والذي زعم أننا ضربنا أحداً، فليستغفر وليتب إلى ربه، فإنا سمعنا أن بعض الناس يقول: هؤلاء يضربون الناس، ونحن ما سمعنا بأحد فعل ذلك إلا إنسان رفع عنه القلم، فممنوع أن تضربوا أحداً، إنما البسمة والبشاشة، وسلوا من عاد من المصطافين إنما ينقلون التحيات والثناء العجيب والدعاء.
ومنها: الشريط الإسلامي، فكلما رأيتم محتاجاً لشريط تعطوه إياه أو كتيباً إسلامياً.
ومنها: الدعوة، أن تذهب بنفسك إلى أماكن الاصطياف وتدعو إلى سبيل الله، وتنفق من بضاعتك، كما فعل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تقل هذا بدعة، فإن هذا من السنة.
الجواب: رجائي ألا تتركوا السنة الراتبة، لأنها خط الدفاع الثاني، بل قال بعضهم: خط الدفاع الأول هو الآداب، والثاني هو الثغرات، والثالث الفرائض، قال ابن المبارك فيما يروى عنه: من ترك الآداب عاقبه الله بترك السنن، ومن ترك السنن عاقبه الله بترك الفرائض، ومن ترك الفرائض ابتلاه الله بالكفر.
فرجائي من إخوتي أن يصلوا السنن الرواتب، وهي عشر عند أهل السنة والجماعة، لا تترك أبداً إلا في السفر، ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، عشر ركعات مع الوتر هذه طريق الجنة.
وإذا رأيت الرجل يترك السنن الرواتب ويتهاون بها؛ فاعلم أنه قد تمر عليه فترة، يترك بعض الصلوات، نعوذ بالله من الخذلان.
وبعض الأئمة من حرصه على اتباع السنة، لا يسنن في المسجد بل يذهب في بيته، فيراه العامة، أو الذين ليس عندهم فقه، فيظنون أن الله قد أنزل عليه وحياً بترك السنة الراتبة، فلا يصلون السنة الراتبة، وقد وجد أن بعضهم يترك السنة فيقال لهم: لماذا؟ قالوا: الإمام ما يسنن.
فرجائي من هؤلاء أن يسننوا في المسجد للمصلحة، ولو أن السنة صلاتها في البيت، ولكن المصلحة هنا أعظم، وكان الشافعي يتنفل في المسجد، فقيل له: لماذا؟ قال: ليراني العامة.
هم إذا رأونا خرجنا من المساجد ظنوا أنها ليست سنة.
الجواب: سيكون له حديث مستقل إن شاء الله قريباً، وذلك في محاضرة مستقلة بإذن الله تعالى وهي قريبة قريبة، وقد بدأ هذا اللاقط ينتشر، وأنا أحذركم منه، والرجاء التوقف عن شراء هذا لما يجلبه من آثار على البيت المسلم، وعلى الدين والناشئة ويكفينا ما عندنا، لكن هناك -إن شاء الله- بعض الأطروحات، وستكون هناك أشرطة في هذا كشريط البث المباشر، وكتاب البث المباشر، للدكتور ناصر العمر، ومحاضرة للدكتور محمد عبده يماني، في البث المباشر طيبة وفيها فائدة.
لكن أيها الإخوة: أنقذوا أنفسكم، وبيوتكم، وجيلكم، وأطفالكم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].
الجواب: أنتم تسمعون الآن ماذا يقع، وما أصبح الأمر خفية، وأسأل الله أن ينصر الحق، والمد السني الآن هو مع برهان الدين رباني وحكمتيار، والشيخ سياف ويونس خالص.
أما ما يسمى صبغة الله مجددي، فحقيقة أنا أعرفه عن كثب، وقد جلست معه ساعتين، وقرأته وعرفته، وقرأت له بعض المقابلات، فجلست معه في واشنطن ساعتين كاملتين بعد العشاء، وطرحنا عليه بعض القضايا، وتبين لي أن الرجل على طريقة غلاة الصوفية، يعني الباطنية، وهو ليس على منهج أهل السنة، وهذه أقولها حقيقة حتى يعرف الجيل من هو، ونحن أمام فئات من الناس وألوف من المثقفين يريدون أن يعرفوا قضاياهم، والأشخاص، والأعلام، والأطروحات.
وهو يلمز في الخفاء عن الوهابية، ويسمينا نحن الوهابية، وينتقدنا ويلمزنا، وله ميل إلى الرافضة، والرجل لا يرجى منه خير.
وأسأل الله عز وجل أن يبدل المسلمين خيراً منه.
الجواب: نعم بقي ثلاثة أيام أو أربعة وينصرم هذا العام، فنسأل الله أن ينهيه بذنب مغفور، وبعيب مستور، وبتجارة لن تبور، وأن يقبلنا فيمن قبل.. وفيه مسائل:
أولاً: لم تقدم الأمة للعالم الإسلامي شيئاً، لا دعوة ولا علماً فيما نرى، ولا اكتشافاً، ولا صناعة أو اختراعاً ولم تقدم لهم جديداً، فهي تستورد ولا تورد.
الأمر الثاني: قدمت دماءها، في البوسنة والهرسك والجزائر وتونس وأفغانستان، وفي بورما والفلبين، فأسأل الله أن يحسب لنا وللمسلمين أجر هذه الدماء، فقد أصبحت دماء المسلمين رخيصة ودماء الكفار غالية.
الثالث: علينا أن نراجع حسابنا من أخطائنا التي مرت بنا في العام المنصرم، أن نرجع إلى صحفنا في كلماتنا وأعمالنا وتصرفاتنا العامة والخاصة، في لقاءاتنا وإجراءاتنا، هل أصبنا أم أخطأنا؛ لأن الحياة تجارب، فالواجب أن نستقبل هذا العام بنشاط وتوبة نصوح عسى أن الله عز وجل أن يتوب علينا: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
وأقول للطلبة الذين يمتحنون الآن: تذكروا الامتحان الأكبر بين يدي علام الغيوب، فإن هذا الامتحان بعده دور ثانٍ، ومن رسب فما قامت الدنيا وما قعدت، الأمر سهل، وله مخرج ومنفذ وله عمل وطريق، لكن من رسب هناك فنار تلظى، نعوذ بالله من النار، فليتذكر العبد وليعد للسؤال جواباً.
الجواب: أولاً: أشكر للمحاضر الذي قدم المحاضرة، وأسأل الله أن ينفع بجهوده، وأشكر الأخ المعقب فإنه دليل على أنه طالب علم، وأنه يستطيع أن يأخذ ويعطي في المسائل، ويقدم ويتكلم، والذي يتكلم بخير مهما كان؛ أفضل ممن يتكلم بالباطل، أو ممن يسكت عن الحق.
الأمر الثاني: الصحيح أن الفخذ عورة، والدليل حديث جرهد: {يا
بل ذكر البخاري في الصحيح قال: حديث أنس، أسند، وحديث جرهد أحوط. والمقصود أن حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكشفت فخذه، وهو سائر إلى خيبر، قال عنه البخاري هذا أصح، لكن حديث جرهد أحوط، وعلى المسلم على الأقل أن يحتاط، والصحيح أن حديث جرهد أحوط.
الأمر الثاني: أن قول الأخ أن حديث: {عورة الرجل من السرة إلى الركبة} ليست بحديث خطأ بل هو حديث، رواه أنس، وهو في مستدرك الحاكم بسند صحيح وصححه الألباني وغيره من العلماء، ولحديث جرهد شواهد كثيرة أوصلها بعضهم إلى خمسة شواهد.
الأمر الثالث: أنه إذا أتانا القول والفعل قدمنا القول، وهي قاعدة أصولية ذكرها بعض أهل العلم عند هذا الحديث وغيره، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {يا
الأمر الرابع: أنه أفتى كثير من أهل العلم كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز وغيره بأن الفخذ عورة، فرجائي من الأخ أن يراجع هذا، وبإمكانه أن يجلس معي أو مع أي طالب علم، فعلى الرحب والسعة.
الجواب: سبق أن قدمت أنا وفضيلة الشيخ سعيد بن مسفر برنامجاً من عشر فقرات، يصلح أن يقدمه طلبة المتوسط أو الثانوي في أي زواج. وهو: آيات من القرآن، وأحاديث نبوية مختارة، وقصيدة شعرية، (واخترت لك) ومقطع فكاهي، وقصيدة نبطية هادفة، ولعبة رياضية، ثم مجلة النادي، وترجمة لصحابي أو لعلم، ونحو هذه الفقرات، فمن أراد هذه وجدها أو يستلمها مني الآن، والرجاء أن تكون الزواجات إسلامية، لأن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يبارك فيها، وإذا بُني الأساس على خير بارك فيه: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [التوبة:109].
الجواب: كثير من الناس يخاف على رزقه وعلى مستقبل تجارته، فأقول له مسائل:
المسألة الأولى: أنت كنت في بطن أمك لا ترى ولا تبصر، أعمى أصم أبكم أخرس ورزقك الواحد الأحد، هيأ لك لبناً وتكفل برزقك وأنت لا تبصر، فبعد أن أبصرت وسمعت ومشيت تخاف!
المسألة الثانية: ضمان من الواحد الأحد، يقول: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6] فاعلم أن الذي رزق الحوت في البحر، والذي رزق الدودة في الطين، والذي رزق العصفور في وكره، قادر على أن يرزقك.. يقول ابن الجوزي رأى أحدهم عصفوراً يذهب إلى رأس نخلة، فتلفت إليه فوجد حية عمياء هناك، فكان العصفور يأتيها بخبز ولحم، فإذا اقترب منها وصوص وصفر لها ففتحت فمها وأخذت رزقها. فمن الذي سخر لها العصفور؟ ذلكم هو الله: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الروم:40].
المسألة الثالثة: الإنسان لا يموت إلا بأجل، وبعض الناس يظن أنه سيموت جوعاً، وقد يكتب الله عليه أن يموت جوعاً، لكنه لا يأخذ إلا ما قدر الله له ما قضاه سبحانه، فلا يتنكد على القضاء والقدر.
الجواب: على كل حال من كان منكم له قدرة من الإخوة الذين يجيدون اللغة الإنجليزية فليتفضل إلى مكتب الجاليات، أو يدعو بنفسه هذه الجاليات الذين قدموا من البلاد، ويهدي لهم الأشرطة، ويحاول أن يتمثل قول الرسول عليه الصلاة والسلام: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم}.
الجواب: سأله أسئلة منها:
ما أول ما يأكل أهل الجنة؟ -أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوا الجنة- وأول علامات الساعة، ولماذا يشبه المولود أباه أو أمه؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم وقال: {أول ما يأكل أهل الجنة زيادة كبد الحوت، وأول علامات الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما لماذا يشبه المولود أباه أو أمه؟ فلأن ماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رقيق، فإذا علا ماء الرجل أشبه المولود أباه، وإذا علا ماء المرأة أشبه المولود أمه} فهذا كلامه صلى الله عليه وسلم، فشهد له بالصدق.
الجواب: نقول لك: حياك الله وبياك وأهلاً وسهلاً، وهنيئاً لك هذه التوبة، وهذا أحسن يوم مر عليك منذ ولدتك أمك، فهنئ نفسك بذلك، وأسأل الله أن يثبت قلبك، وقلوب الحاضرين والسامعين والمسلمين أجمعين، وأن ينـزل عليك السكينة، وأن يهديك سواء السبيل.
الجواب: مر هذا كثيراً، وهناك بعض الأشرطة تعالج هذا الموضوع، وأنا أحيلك إلى رسالة ابن رجب اسمها: الخشوع في الصلاة.
الجواب: العادة السرية محرمة عند أهل العلم، وهي مسألة سيئة وقع فيها كثير من الناس، وقد أفتى شيخ الإسلام أنها محرمة والواجب اجتنابها، وفيها من الأضرار العلمية والدينية والبدنية وإخلال بالذاكرة ما الله به عليم، فالواجب اجتنابها والتوبة منها.
الجواب: هذا ليس بحديث صحيح، ولا أعلم أنه أثر لأحد الصحابة، ولكن ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [[إذا ذكر الصالحون فحي هلاً بـ
الجواب: نعم وزيادة، عسى الله أن يفتح عليهم، وأن يمنحهم النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، وأن يثبت كلامهم، وأن يسدد أقلامهم، وأن يعصمهم من الغش، وأن يرزقهم الثبات، وأن يوفقنا وإياهم إلى كل خير؛ لأنه -أحياناً- بعض الناس رادارات تلقط يميناً ويساراً، وأهل السنة يرون تحريم لقط رادار المسلم من أخيه يوم الامتحان، وعدم الالتفات إليه، فإن هذا من أسباب بخس العلم وقلة البركة، والتقوى في ذلك أن يحاسب الإنسان نفسه، وأن يتقي الله تعالى، ولو كتب قليلاً، ورسب لكان أحسن له من أن يغش وينجح، لأن شيئاً أسس على فساد لا خير فيه.
وأنا أخبر الإخوة الشباب بأمور:
الأمر الأول: رجائي من الإخوة الطلاب ألا يسهروا الليل، لأني رأيت بعض الشباب يسهرون إلى الفجر ويواصلون إلى فترة الامتحان، وهذا مرهق للذهن وللبدن، ولعله يعود عليهم بالكسل في الامتحان، فالأحسن أن يناموا مبكراً ويستغلوا أوقات الجد، فإنهم لو استغلوا الأوقات الحية لنجحوا بإذن الله، مثل صلاة العصر أرى بعضهم يتمشى مع زميله، فإذا جاء بعد صلاة العشاء سهر معه.
الأمر الثاني: أن بعضهم يجتمع مع بعض في المسجد، ويأخذون ثلاجة شاي وثلاجة قهوة ويتحدثون، ثلاث كلمات من خارج الدروس وكلمة من المنهج، حتى يأتي الفجر.
الأمر الثالث: بعضهم -سبحان الله- عنده فطنة وذكاء، يجلس حتى وقت الأذان في المسجد ليذاكر، فإذا قرب الأذان أخذ كتبه وخرج، وكأن وراءه شيء، يا أخي! هذه هي نتيجة الدراسة، وهذه هي الثمرة والمكسب.
الأمر الرابع: أن بعضهم يلح على الله عز وجل في أيام الامتحان، ويقرب منه، ويقول: أعاهدك يارب وأعطيك عهداً في الذمة، أني إذا نجحت أن أصلي الصلوات الخمس في جماعة، ولا أسمع الغناء، ولا أنظر إلى الفيديوهات، لكن أرجوك أن تنجحني هذه المرة، فإذا نجح ترك المسجد، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65].
الأمر الخامس: لا تتسخط، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، ولا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان} فمثلاً: لو رسب الطالب بعد ما جد واجتهد فليقل: قدر الله وما شاء فعل، ولا يتسخط، وبعضهم يقرأ النتيجة ثم يسخط على الله، أعوذ بالله! يقول: ينجح فلان وأنا لا، وأنا صليت! ويتمنن على الله: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ [الحجرات:17] فلا تمنوا بصلاتكم، ولا بصيامكم، ولا قيامكم، فالمنة لله وحده.
الأمر السادس: كثرة الاستغفار قبل الامتحان، فإذا جلست قبل الامتحان فعليك بكثرة الاستغفار، ورجائي من الأساتذة، وأن يقربوا أسلوب الأسئلة، ولا أقول: يسهلونها فهم أبصر، لكن يقربونها بأسلوب جميل، ويستفتحوا باسم الله، فإن رسول الله يقول: {إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته} فما دام أنها مسألة فليحد الشفرة، أي: حد السؤال، واطرح الطالب على جنبه الأيمن مستقبلاً القبلة وليس على جنبه الأيسر.
الجواب: لا أرى في ذلك بأساً، لكن إذا أشغلت الإنسان عن الذكر والصلاة والقرآن حرمت، أما إذا كانت في غير ذلك فله ذلك، فإن في صحيح البخاري أن الرسول عليه الصلاة والسلام دخل على أبي عمير وهو أخو أنس، ومعه طائر يلعب به فمات، فقال له صلى الله عليه وسلم: {يا
لأن بعض الناس أدنى شيء يعطله عن الصلاة، بل أحياناً يتعطل بأمر ليس فيه حاجة، وبعضهم تجده وأنت ذاهب إلى المسجد يتحدث مع زميله وتخرج من المسجد وهو لم يصل، فتقول: يا أخي! فيقول: كنت مشغولاً مع فلان، وكنت أتحدث معه، وهذا لأن القلب بارد ولأنه لم يأخذ الكتاب بقوة.
الجواب: نعم. نجد في صلاة الفجر من يأتينا بثياب النوم، وهو لو قابل أناساً من البشر، لقابلهم بثياب جميلة، فالبعض يتجمل للبشر أكثر مما يتجمل لرب البشر، والله يقول: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف:31] فرجائي من الإخوة أن يلبسوا ثيابهم وأن يتطيبوا ويستاكوا عندما يأتون لصلاة الفجر.
أما أن يأتي أحدهم مكشوف الرأس ليس على رأسه عمامة ولا طاقية، ويصلي في طرف الصف، نصف الصلاة وهو نعسان ونصفها يتمطط، وهذا نقص في الصلاة -صراحة- وهذه لا تقبل من العباد. فلو دعاك أحد الناس من الوجهاء، فقابلته في ثوب نوم مكشوف الرأس، لقالوا: هذا لا يستحي. فالله أولى بالتجمل، وهو سبحانه جميل يحب الجمال، فأرجو الانتباه لذلك، فالثياب الشفافة إذا كشفت العورة يحرم الصلاة فيها، فالواجب الاستتار بما ستر الله عز وجل.
وبعض الثياب -حتى ثياب الرجال- شفافة وتبدي السراويل القصيرة، فمن الأحسن أن يرتدي ثوباً ساتراً سميكاً أو يلبس سروالاً طويلاً، والسراويل الطويلة أجمل وأحسن.
الجواب: الدهر لا ينفع ولا يضر، ولا يشفي ولا يميت، ولا يسب الدهر، فإن الدهر هو الله، يقلب الليل والنهار كيف يشاء، وهناك فرقة الدهرية، وهي فرقة منحرفة، تنسب كل شيء إلى الدهر، وقد لام الناس القائل الذي يقول:
لحا الله هذا الدهر إني رأيته بصيراً بما ساء ابن آدم مولعا |
وهذا كذب، ويقول المتنبي في أبيات له:
قبحاً لوجهك يا زمان |
فالزمان لا يضر ولا ينفع ولا يقدم شيئاً، وهناك أبيات كثيرة يشتكون فيها من الليالي والأيام، فالمفرِّق والمغيِّر والمبدل هو الله، فسبحان الذي يبدل ولا يتبدل ويغير ولا يتغير!
الجواب: على كل حال قد تحدثت في محاضرات عن جماعة التبليغ، وقلت: فيهم خير كثير، فتحدثت عن تحملهم ولينهم وقد بلغوا أماكن ما بلغها غيرهم من الدعاة، وهدى الله على أيديهم أناساً لولا الله ثم هؤلاء ما هُدي أولئك، لكن الملاحظ أمور منها:
أن بعض البدع موجودة، لكنها في بعض الناس الذين هم في المناطق النائية، وهي قلة العلم الشرعي، وقد قلت هذا جهاراً وسراً مع بعضهم، ورأيي أن طالب العلم الواثق من نفسه وعقيدته وعلمه أن يخرج معهم، ويستفيد من حلمهم ورقتهم وتواضعهم عسى الله أن ينفع بهم، ورأيي أن عليهم أن يهتموا بالعلوم الشرعية، وأن يكون لهم كتاب في الأحكام، فعندهم كتاب رياض الصالحين، وكتاب حياة الصحابة للكاندهلوي فرأيي أن يدخلوا معهم بلوغ المرام والمنتقى للمجد ابن تيمية وكتب الأحكام، إلى غير ذلك، ورأيي أن يدرسوا كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكتاب معارج القبول للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمهم الله جميعاً.
الجواب: أعوذ بالله وأستغفره.
أولاً: أسأل الله أن يمن عليك بالتوبة، وأبشر بالتوبة ولا تقل هذا الكلام ولا تعتقده، فإنه سوء ظن بالله، وأنا أقدم لك كلام المصطفى وليس بكلامي، يقول صلى الله عليه وسلم فيما يروي عنه أحمد والترمذي: {قال الله عز وجل: يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا بن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم أتيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة}.
أتيناك بالفقر يا ذا الغنى وأنت الذي لم تزل محسناً |
لقد عاد بالخير من خيركم وفي الخير بالخير عودتنا |
فما أحد في الغنى مثلكم وفي الفقر لا أحد مثلنا |
فأسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وأن يتولانا وإياك فيمن تولى.
الجواب: الأخ يقصد أن تقام دروس لنعرف الناس بها، ولعله أن يكون في ذلك دروس بإذن الله، وهي عشر خصال: كقص الشارب، وإعفاء اللحية، وتقليم الأظافر، والسواك، والاستنجاء، وحلق العانة والإبطين وغيرها، وسوف يكون لها كلام إن شاء الله.
وعلى كل حال أشكر هذا الأخ الكريم، وخصال الفطرة تدل على قرب العبد من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وهي علامة كمال الظاهر، قال ابن عباس: [[هي الخصال التي ابتلى الله بها إبراهيم عليه السلام]] ووالله إن العبد يفرح إذا رأى رجلاً عليه خصال الفطرة، فقد كان الإمام أحمد لا يقوم للخلفاء، ولا للملوك، ولا للوزراء، ولا للأغنياء، لكن عندما رأى شيخاً كبيراً مسناًعجوزاً صبغ لحيته، وخضبها بالحناء -لأن الصبغ بالسواد منهي عنه- فقام الإمام أحمد يعانقه، وأحبه وأكرمه وقال: إني أرى الرجل يقيم شيئاً من السنة فيحبه قلبي.
ولذلك انظر الآن لبعض الشباب الذين هداهم الله عز وجل، تجد بعضهم في العشرين أو الخامسة والعشرين هداهم الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فتجد خصال الفطرة عليهم.. إعفاء اللحية.. قص الشارب.. الطيب.. السواك.. لماذا؟ بسبب اتباع المعلم صاحب المنهج والشرع، النبي الجليل المعصوم عليه الصلاة والسلام، وأبشره -إن شاء الله- أن ينجو بنجاة ذاك، ولله الحمد.
وأزف لكم بشرى طالما اعتملت في صدري، وصدري منبلج وصدور إخواني المسلمين، وهي: إقبال هؤلاء الشباب على الله عز وجل ولله الحمد، قبل سبع أو ثمان سنوات كانوا يذكرون في المجالس أن في الحي الفلاني أو الحارة الفلانيه شاباً مهتدياً أطلق لحيته، والآن أجلس يوم الجمعة هنا قبل أن أقوم إلى الخطبة والمؤذن يؤذن، فأنظر إلى الصفوف وإذا كل الناس قد أطلقوا لحاهم وقصوا شواربهم، وأصبحوا من أهل السنة، فلله الحمد والمنة.
وبعض الناس يقولون: إن هؤلاء يتسترون بالدين! كيف يتسترون بالدين ونحن نعلم أن أكثر ما يعذب في العالم هم المتدينون، وأكثر من ينال من أعراضهم هم المتدينون، وأكثر من يسب هم المتدينون، وأكثر من يسجن هم المتدينون، وأكثر من يقتل هم المتدينون؟! فهل أتى هؤلاء إلى مكمن الخوف ليستتروا؟! لا..
ومن كان ضعيف البصيرة والبصر والإيمان فهو يبتعد عن الدين حتى يحلق لحيته ويطول ثوبه، حتى قلنا لبعضهم فقال: والله إني أخاف من علامات الاستفهام. سبحان الله! علامات الاستفهام أن يقولوا إنك تتبع محمداً صلى الله عليه وسلم، أو إنك متطرف.. هل تعلمون إنساناً أكمل، وأجل، وأفضل، وأبجل، وأعظم، وأرحم من محمد صلى الله عليه وسلم؟
ليس هناك خير إلا باتباعه، وإن لم تتبعه فهو الخزي والعار والدمار في الدنيا والآخرة، وأنت إما أن تتبعه وإما أن تتبع الشرق والغرب.. فلا يا أخي! هذا شرف لك، واحمد الله على ذلك، وإذا أوذيت في سبيل الله فمحمد صلى الله عليه وسلم أوذي وعودي، إبراهيم، وموسى، وعيسى، والعلماء، والصالحون، وما زادهم إلا إيماناًوتسليماً وصبراًوجلداً، فاصبر على ذلك ولو استهزأ بك المستهزئون، فإن الله تعالى يعوضك أن تضحك في الجنة وتسخر من أولئك وهم في النار والعياذ بالله.
على كل حال هذه خواطر، والدرس المقبل -إن شاء الله- سوف يكون عن موضوعات عصرية وأطروحات جديدة، عسى الله أن ينفع بها، وأسأل الله لي ولكم السداد والهداية والرشد والتوفيق.
الجواب: أنا صراحة ما أعددت كتاباً في ذهني في هذا الأسبوع، لكن بالإمكان أن نشير إلى كتاب ينفع، هناك كتاب صغير أهدي لكم عنوانه، وهو كتاب: فضل علم السلف على علم الخلف، لـابن رجب الحنبلي.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر