وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
أشراط الساعة هي من الإيمان بالغيب، والله جل وعلا ربط الفلاح مع الإيمان بالغيب.
والشرط في اللغة معناه: العلامة، وأشراط الساعة بمعنى: الأمارات التي تسبق قيام الساعة.
وأيضاً من علامات الساعة الصغرى: نطق الرويبضات، قال صلى الله عليه وسلم: (إن بين يدي الساعة سنوناً خداعة يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن الخائن ويخوّن الأمين، وينطق الرويبضة، قالوا: وما الرويبضة؟ قال: الفاسق أو الفويسق يتكلم في أمر العامة) .
وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً لنا علامة من علامات الساعة الصغرى: (إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة).
وأيضاً بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الهمج الرعاع الحفاة العراة يتطاولون في البينان، فبين أن التطاول في البنيان من علامات الساعة.
ومن علامات الساعة أيضاً: زخرفة المساجد، فالآن المساجد مزخرفة ومتسعة جداً وهي خالية وخاوية من العباد، وهذه قد تذكر أنها من علامات الساعة؛ ولذلك جاء في الأثر عن ابن عباس أنه قال: (لنزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى)، فبين ابن عباس أن زخرفة المساجد وتوسيعها من علامات الساعة.
فهذه علامات صغرى وقد مر أكثر هذه العلامات.
إن نزول عيسى ابن مريم وخروج الدجال من إشارات ومقدمات وإرهاصات العلامات الكبرى للساعة.
و الدجال هو شر فتنة يفتتن بها المرء في هذه الحياة، كما ورد في بعض الآثار وإن ضعفها بعض العلماء، لكن نستأنس بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بادروا بالأعمال ستاً: هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنىً مطغياً .. -إلى أن قال-: أو
والحق أن الدجال موجود الآن، وهو مسلسل، كما في الحديث الطويل حديث تميم الذي روته فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحديث تميم الداري يلغز به فيقال: كل الصحابة نالوا الشرف في التحديث عن رسول الله، لكن من الذي نال الشرف بأن حدث عنه رسول الله؟ إنه تميم رضي الله عنه، فالرسول صلى الله عليه وسلم صعد المنبر مبتسماً ثم قال: (إنه قد أسعدني أن
والحديث طويل جداً، وفيه أن الأمواج تلاعبت بـتميم ومن معه فنزلوا على جزيرة فجاءت الجساسة وهي دابة أهلب، أي: كلها شعر القبل كالدبر، فقالت لهم: إن هناك من ينتظر خبركم بالأشواق، فأخذتهم إلى رجل مسلسل ورأسه عند رجله وهو عظيم الخلقة، فقال: من أين أنتم؟ ثم ذكروا مسألة النخيل ومسألة المدينة، فقال: هذا العصر عصر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إن يتبعوه يرشدوا، وهنا يعظ، والشاهد الذي أريده أنه موجود من وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مسلسل بنص حديث تميم الداري، وقال الشيخ ابن عثيمين : إنه ليس بموجود وسيخلق، أو قال: إنه ليس بموجود فقط، وهذا كلام يرد على صاحبه كائناً من كان ويضرب به عرض الحائط؛ لأن الحديث ثبت ولا قول لأحد مع قول النبي صلى الله عليه وسلم.
ما العلم إلا قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه
والظاهر: أن الشيخ اجتهد وله سلف، فـالبخاري أشار إلى حديث الجساسة ولم يخرجه في الصحيح؛ فلذلك الشيخ ابن عثيمين تبنى هذا المذهب وعضد إشارة البخاري بأنها توحي بتضعيف حديث الجساسة، فأخذ بتضعيف حديث الجساسة.
والملاحظ هنا أنها أحكام مناطة بالتصحيح، وهذا الحديث ضعيف عنده فلم يثبت وجود الدجال ، لكنه يؤمن بخروج الدجال عقيدة جازمة، لكنا نقول: قد صح الحديث، وإذا صح الحديث فلا قول لأحد مع قول رسول الله.
أما القائل الذي قال غفر الله لنا وله: إنه ليس هناك شيء اسمه الدجال ، فليته يتراجع ولو هنيهة عن قاعدة التسهيل التي طغت بالأمة الإسلامية الآن، نسأل الله العفو والعافية، لكنه بفضل الله يعتقد خروجه، وعندما سئل: لماذا قلت هذا القول؟ قال: إن الأقمار الصناعية وجدت ولم نر أحداً رأى الدجال.
وهذا طالب علم عندنا أقسم لي بالله أن الأقمار الصناعية كشفت عن منطقة في القاهرة فغابت عنها قرية فلم تصورها ولم تعرف عنها شيئاً، فقرية لم تعرف عنها شيئاً أتعرف عن رجل شيئاً؟ فالمسألة أصلاً مسألة نظر علمي محض يعتريه الصواب ويعتريه الخطأ، فهل أصرح بخلاف حديث النبي صلى الله عليه وسلم الثابت كالجبال الرواسي من أجل هذه النظريات التي لا تنفع ولا تضر، وهي تصيب وتخطئ؟!
ومن هنا نقول: إن الإمام مسلماً كان صاعقة في الحفظ، وهو الذي قال فيه المغاربة: مسلم أعلم من البخاري، وهذا كلام غير صحيح، لكن هم يقدمون صحيح مسلم على صحيح البخاري لحسن ترتيب مسلم لكتابة الصحيح، فهو يجمع كل الأسانيد لحديث واحد من روايات متعددة، وهذا يساعد على من يريد أن يكشف ويحقق تصحيح الإسناد أو تضعيفه من باب المتابعات والشواهد، لكن كان البخاري يهتم في صحيحه بالفقه أولاً؛ فلذلك كان يقطع الأبواب، ولا يهمه الأسانيد إن هي تكاثرت في باب واحد، ومعلوم أن البخاري أصح؛ لأنه أنقى شروطاً في الرجال الذين انتقاهم لصحيحه.
والمقصود: أن هذا الحديث في مسلم، فليس لك أن ترده، إلا أن تكون عالماً نحريراً من العلماء المعتبرين الذين سينتقدون حديث مسلم فنسمع لك ونطيع وننظر ما عندك من العلم، ونعرض كلامك على كلام أهل العلم وأهل الشأن، فإن وافق فعلى الرحب والسعة، وإلا فأنت تعول في كل كتبك على الألباني حتى رسالة الماجستير تعول فيها في التصحيح والتضعيف على الألباني ، فارجع للألباني فأنت مقلد له الآن، لكن لا تلعب بالحديث هكذا؛ لأنك لست من علماء الحديث، بل ارجع للألباني وانظر هل ضعف الحديث أم صححه، لكن أن تجعل مقياس تضعيف حديث في صحيح مسلم بن الحجاج -هذا الإمام الذي حفظ لنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم- هي الأقمار الصناعية فلا، وإذا سألك ربك فلا تدري كيف تجيب، لكني أقول: يغفر الله لنا ولك ويعلمنا وإياك، وما زلنا على جهل نحتاج جميعاً إلى العلم، ولذلك الحافظ ابن حجر سطر كلاماً يكتب بماء الذهب على السطور، يقول: لا يزال العالم عالماً إذا جد في الطلب، أما إن توقف وقال: أنا أنا فقد انتهى الأمر ولن تأخذ منه خيراً، ولن تجد له اجتهاداً بعد ذلك يوافق السنة.
ولذا يجب علينا أن نخالف هؤلاء الذين ردوا حديث الدجال وقالوا: هو غير موجود، ونقول: هو موجود في حديث فاطمة بنت قيس حديث الجساسة في صحيح مسلم .
وقد أتم لنا النبي صلى الله عليه وسلم وصف الدجال واهتم اهتماماً شديداً بمسألة الدجال وقال: (ما من نبي إلا حذر قومه
ونستدل على وجود الدجال بحديث ابن صياد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحسس ابن صياد وكان يختبئ له؛ إذ أنه عندما اختبأ قالت أمه: (يا صاف! هذا محمد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو تركته بين) أي: لو تركته بين لنا أهو الدجال أو ليس هو، وهذا الحديث فيه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشك في وجود الدجال ، ثم أكد وجود الدجال مسلسلاً بحديث تميم الداري .
فإن قلتم: حديث تميم الداري ضعيف ولا يثبت به وجود الدجال ، فهذا حديث ابن صياد وشكوك النبي صلى الله عليه وسلم دليل على وجود الدجال ، مع أن حديث تميم الداري ليس بضعيف بل هو صحيح.
والنبي صلى الله عليه وسلم وصف لنا الدجال وصفاً بديعاً حيث قال: (هو أعور، وربكم ليس بأعور) وأعور بمعنى له عين واحدة والأخرى إما مطموسة أو موجودة معيبة، وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بين عينيه مكتوب ك.ف.ر) والنبي صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يقرأ؛ فلذلك قال صلى الله عليه وسلم: (يقرؤها كل قارئ وغير قارئ) أي: أن كل مؤمن أمي وغير أمي سيقرأ ك.ف.ر أي: كافر، سيقرأ هذا القول.
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم وجوده أنه يعيش بيننا أربعين، يوماً كسنة، ويوماً كشهر، ويوماً كأسبوع، وباقي الأيام كأيامنا هذه، هذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم للدجال.
ومما يفتن به الناس أن يذهب إلى المشرق والمغرب في دقائق معدودة تستدبره الريح.
وأيضاً ينظر إلى السماء فيقول: أمطري، فتمطر، ويذهب إلى الأماكن الخربة فيقول: أخرجي كنوزك، فتخرج الكنوز، وهذه فتنة عارمة، وكل هذه تحصل بإذن الله تعالى؛ والفتنة الأشد أنه سيأتيه رجل هو من أفضل الشباب كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: (أنت الدجال الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأخذه هذا الكافر الظالم ويقول للناس: أيها الناس! لو قتلت هذا الرجل وأحييته لكم تؤمنون بي؟ فيقولون: نعم، فيأخذه فيشقه نصفين جزلتين: جزلة على اليمين، وجزلة على اليسار، ثم يمشي بين الجزلتين، ثم يقول للرجل: تعال، فيقوم الرجل متهللاً فرحاً، فيقول: والله ما ازددت بك إلا بصيرة، أنت الدجال الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وهنا يجدر بنا أن نتأمل إلى الإيمان كيف يتلألأ في القلوب ويجعل المؤمن ثابتاً راسخاً لا يتزعزع مع كل ريح، فهذا الشاب بعدما شقه نصفين قام فقال: أنت الدجال الذي حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما ازددت فيك إلا بصيرة، ثم يضرب بالسيف على رقبته فلا يسلط عليه مرة أخرى، كرامة من الله لهذا الشاب الذي بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أعلى الناس إيماناً في هذا العصر، فيهرب ويهرب من معه، وهذه فتنة ليست بعدها فتنة.
أولاً: بالاستعاذة من هذه الفتنة، فقد أمرنا في كل صلاة بالاستعاذة من فتنة الدجال وفتنة المحيا والممات.
ثانياً: أنه لو ظهر -اللهم لا تظهره في مكاننا ولا زماننا هذا يا رب العالمين- لو ظهر الدجال فلا بد أن يفر الشخص منه فراره من الأسد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سمع عن
فبعدما يعيث الدجال في الأرض فساداً، ويؤمن به اليهود وكثير من النساء، وهذا فيه تحذير للنساء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن أكثر أتباع الدجال هن النساء؛ لأنهن ناقصات عقل ودين، وبعد هذه المفاسد العظيمة، وبعدما يمنع من دخول مكة والمدينة؛ لأن الملائكة تحرسهما، فتحفظ بالملائكة، ثم تهتز المدينة ومكة فتخرجا كل منافق، فينضوون تحت لواء هذا المنافق الأكبر الدجال فيؤمنون به، ثم ينزل عيسى عليه السلام حكماً عدلاً مقسطاً صلى الله عليه وسلم، ينزل على جناح ملك عند المنارة البيضاء عند جامع دمشق، ثم يذهب فيجد المهدي بعد معركة هرمجدون الدموية بين المسلمين والكافرين، إذ يأتي الكفار تحت ثمانين راية تحت كل راية اثنا عشر ألفاً، ويحصل فيها مقتلة عظيمة، ثم يفتح الله على المؤمنين، والمهدي هو من ولد النبي صلى الله عليه وسلم يصف الناس للصلاة ثم ينزل عيسى.
والمهدي اليوم يضرب ويطعن في صميم قلبه، وأجدني مضطراً لذكر الأسماء، فالدكتور عمر عبد الكافي حفظه الله وأمد في عمره وأحسن عمله، فاجأنا بما أصعقنا إذ يقول: ليس هناك شيء اسمه مهدي، فقد ضعف الأحاديث الدالة على المهدي. فأقول: الشيخ ليس معلوماً عنه أنه من المشتغلين بعلم الحديث أو بعلم الفقه حتى يقول: إنه صحح وضعف.
ومعلوم أن ثلاثة أرباع الإخوة الحاضرين مغرمون بسماع الدكتور، وهو رجل يُسمع له جزاه الله خيراً على ما يعمل للدين، لكن أخطاؤه نردها عليه.
وهنا يجدر بنا التنبيه على أنه لا بد من طلبة العلم الذين يتقنون العلم، أما خبر المهدي فهو راسخ كالجبال الرواسي.
وأمتع ما يقرأ من الكتب المعاصرة التي تتكلم عن المهدي كتاب شيخنا المبارك الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم حفظه الله وأمد في عمره وأحسن عمله، ورفع قدره بين الأنبياء والمرسلين والصالحين، وجعله مع الشهداء في الفردوس الأعلى، الذي نزل مؤخراً واسمه: (المهدي) فهذا الكتاب من أنفع ما كتب في هذا الباب، فهو يفيد كل طالب علم متبحر وغير متبحر في هذه المسألة.
والعلماء أو الناس انقسموا في المهدي ثلاثة أقسام:
قسم غلوا، وقسم جفوا، وقسم توسطوا، أما الذين غلوا فينتظرون المهدي منذ ألف عام، وما أكثر ما ينادون في تجمعاتهم: اطلع يا مهدي، يعنون محمد بن العسكري ، اطلع من السرداب، فاعتقدوا دخوله السرداب، وهذا كلام باطل لا دليل عليه.
وأما الذين جفوا فهم الذين قالوا: لا مهدي في هذه العصور، والنبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا أنه من ولد فاطمة .
أما الذين توسطوا فهم أهل السنة والجماعة فقد أثبتوا خروج المهدي ، وبينوا علاماته وأماراته ووصفه وتفصيل أمره بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
يستنبط من هذا الفعل من المهدي عدة أمور:
الأول: أن من أصول أهل السنة والجماعة تقديم الفاضل على المفضول، ولا ينبغي للمفضول أن يتقدم بين يدي الفاضل، أما في هذا الزمان فالمفضول دائماً هو المتصدر والفاضل هو خلف الشمس، وهنا يعلم أن الصحيح الراجح تصدير الفاضل والذي يصدره هو المفضول، فإن عيسى نبي، بل هو من أولي العزم من الرسل؛ فلذلك قدمه المهدي عملاً بقول النبي حيث أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، وفوق كل ذي علم عليم، فلذلك يستحق الإمامة الآن سيدنا عيسى عليه السلام فقدمه المهدي .
الثاني: أن للإمام الراتب إذا دخل فوجد آخر غيره يصلي بالناس أن يؤخره ويدخل هو مكانه، ويستنبط ذلك من عمل المهدي حيث رجع بنفسه من غير أن يرجعه عيسى، بل وضعه في مكانه، وهناك إشارة من فعل أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه تعضد هذه المسألة.
الثالث: شرف هذه الأمة، فالله جل وعلا شرف هذه الأمة بأن جعل أفضل الأنبياء يصليان خلف آحاد الأمة، فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر وصلى خلف عبد الرحمن بن عوف ، وعيسى من أولي العزم من الرسل صلى خلف المهدي قال: (إمامكم منكم تكرمة الله لهذه الأمة).
وكتب الله لعيسى أنه إذا خرج فلا يتنفس نفساً فيصل إلى أحد من الكفار إلا ويموت، وهذه قوة خارقة وهبها الله جل وعلا لعيسى، فنفسه يكون مد بصره، فإذا استنشقه أو شمه كافر فإنه يموت؛ ولذلك يذهب خلف الدجال ، فإذا رآه ذاب كما يذوب الملح في الماء، ثم يقتله عليه السلام ويريح البشرية من هذا الشر العظيم.
قال تعالى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا [النساء:159] ومعنى: (قبل موته) أي: بعد نزول عيسى عليه السلام حكماً عدلاً مقسطاً.
ثم إنهم بعدما ينتهون من قتال أهل الأرض يبتلون بأن يضربوا الرمح أو النبل في السماء فيفتنهم الله جل وعلا بأن ينزل هذا النبل وفيه الدماء، فيقولون: انتهينا من أهل الأرض وقتلنا أهل السماء، نعوذ بالله من الخذلان! فيأمر الله عيسى نبيه أن يأخذ المؤمنين ويذهب بهم إلى جبل الطور، فيدعو عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم أن ينجيهم الله من هذه الفتنة العظيمة؛ لأن الله قد أوحى إليه أنه سيخرج بشر خلقهم الله لا يدان لهم أحد، أي: لا يستطيع أحد على قتالهم ولا أن يجابههم، فيقبل الله دعاء المؤمنين فيقتل هؤلاء، وتأتي طير فتأخذهم إلى البحار حتى لا يضروا بني آدم، ثم يعيش الناس في نعيم ورغد من العيش حتى يأذن الله بخراب هذه الدنيا وقيام القيامة.
وهذه من العلامات الكبرى؛ لأن الشمس إذا طلعت من مغربها فإنه لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر