إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (335)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    درجة حديث: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس)

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات وقعت في نهايتها تقول: أخت من جمهورية مصر العربية، تسأل جمعاً من الأسئلة، من بينها سؤال يقول: هل هذا حديث صحيح: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فالحديث المذكور نص أهل العلم على أنه غير صحيح فليس بمعتمد، ولكن معناه في الجملة لا بأس به، وفي التخير لنسب الإنسان وذريته النساء الطيبات والأصول المعروفة بالخير هذا معروف من أدلة أخرى، كما قال في الحديث الصحيح عليه الصلاة والسلام: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) وكون المؤمن يتخير الناس الطيبين في دينهم وأخلاقهم وسمعتهم هذا أمر مطلوب، ولا سيما المرأة أيضاً تكون من النساء الطيبات المعروفات بالديانة والخلق الكريم.

    1.   

    شرح حديث: (من خاف أدلج)

    السؤال: ما معنى الحديث الشريف: (من خاف أدلج

    الجواب: الحديث رواه الترمذي بإسناد حسن عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة) ومعنى (من خاف) يعني: من خاف أن يدرك في الطريق وأن يلحقه قطاع الطريق أدلج في السير، يعني: سار بالدلجة بغاية النشاط والقوة حتى يقطع السير بسرعة، وحتى يسلم من خطر قطاع الطريق، والدلجة: السير في أول الليل، وقيل: في آخره؛ لأن السير في أول الليل وفي آخره يكون فيه نشاط وقوة على السير، وفي الحديث الآخر: (استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) فالمعنى: أن المؤمن يأخذ نصيبه من الطريق بقوة ونشاط، وذلك بالجد في طاعة الله والحذر من معاصي الله، فمن خاف النار وخاف غضب الله جد في الطلب واستقام واستمر ولم يرجع القهقرى ولم يكسل، بل يستمر في طاعة الله وترك معاصيه حتى يلقى ربه سبحانه وتعالى، كما أن الخائف في السفر يدلج في السير، يعني: يجتهد في ليله ونهاره، يمشي في الليل والنهار في الأوقات المناسبة حتى يقطع السير وحتى يبتعد عن شر قطاع الطريق، ثم قال: (ومن أدلج بلغ المنزل) يعني: من سار بالجد بصبر ونشاط وصبر على تعب السير بلغ المنزل بإذن الله في وقت أسرع ممن تساهل وتباطأ، ثم بين أن سلعة الله غالية فهي جديرة بأن يعمل المؤمن ويجتهد ويصبر ويواصل السير حتى يدرك هذه السلعة العظيمة وهي الجنة، وقد جعل الله جل وعلا ثمنها النفس إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة:111] فالنفس أغلى شيء عند الإنسان، فاشتراها سبحانه بالجنة، فالجنة هي الثمن العظيم لمن جد واجتهد وصبر وصابر، فقد باع نفسه على الله وسلمها لله في جهادها في طاعته واستعمالها في مرضاته، وكفها عن محارمه، يرجو أن يحصل له الثمن وهو الجنة، وهذا الثمن عند مليء وفي عظيم جواد كريم سبحانه وتعالى.

    1.   

    حكم الخطبة دون رؤية الخاطب للمخطوبة

    السؤال: تسأل أختنا من جمهورية مصر العربية سؤالاً ثالثاً، فتقول: شاب مؤمن ملتزم، خطب فتاة هي الأخرى ملتزمة، ولكن دون أن يراها، فهل هذه الخطبة صحيحة؟ وهل هذا الشاب يعد مخالفاً للسنة؟

    الجواب: كونه يراها أفضل، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يراها إذا أمكن له ذلك، وقال لبعض الصحابة: (اذهب فانظر إليها)، وقال: (إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل، فإن ذلك أقرب إلى أن يؤدم بينهما) يعني: إلى أن يلتئم النكاح بينهما والحب بينهما، فالمقصود أنه إذا تيسر له النظر إليها فذلك مستحب، وهو أقرب إلى الاجتماع والوئام وحصول المودة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل، فإن ذلك أقرب إلى أن يؤدم بينهما) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فأنت -يا عبد الله- يشرع لك أن تنظر إلى خطيبتك، فإذا تيسر ذلك برضا أهلها أو بطريقة أخرى، فإن لم يرضوا إذا كان ذلك على وجه ليس فيه خلوة ولا تعاطي ما حرم الله بأن يجلس لها في محل عند الجيران أو غيرهم حتى يراها على وجه يمكنه من الرغبة فيها أو عدم ذلك.

    وجابر رضي الله عنه خطب امرأة فجعل يتخبأ لها بين النخل حتى رأى منها ما دعاه إلى نكاحها فالمقصود أن رؤيته لها أمر مطلوب، وإذا تيسر باختيارها واختيار أهلها كان أكمل من دون خلوة، يزورهم ويرونه إياها بحضور أمها أو أبيها أو عمها أو نحو ذلك حتى لا تكون خلوة، وإن نظر إليها من جهة أخرى ليس فيها علمهم فلا بأس بذلك إذا كان على وجه ليس فيه محذور شرعاً.

    1.   

    عدة وميراث المرأة غير المدخول بها إذا مات زوجها

    السؤال: امرأة عقد عليها رجل ولم يدخل بها، ثم مات الرجل، هل على هذه المرأة عدة؟ وهل لها ميراث؟

    الجواب: نعم، إذا عقد عليها فعليها العدة إذا مات ولها الميراث، وقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث معقل بن يسار ، وقد قضى في ذلك ابن مسعود فلما بلغه أن قضيته وافقت قضاء النبي صلى الله عليه وسلم فرح بذلك، فإذا عقد الرجل على امرأة ثم مات فإنها ترثه، وتعتد عليه أربعة أشهر وعشراً، وتحاد عليه، وهذا بخلاف الطلاق، أما إذا طلقها قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها فإنه لا عدة عليها، كما قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49] فالمطلقة قبل الدخول والخلوة ليس عليها عدة، ولكن إذا مات عنها بعد العقد فإن عليها العدة، وهذا من المواضع التي خالف فيها الموت الطلاق، ففي هذا ترث وتعتد وتحاد، وإن كان لم يدخل بها ولم يخل بها، وأما في الطلاق فإنها لا تعتد منه ولها أن تتزوج متى شاءت من حين الطلاق.

    1.   

    حكم كشف المرأة وجهها أمام غلام لم يبلغ الحلم

    السؤال: هل يجوز كشف وجه المرأة أمام غلام في سن العاشرة؟

    الجواب: لا يجب الحجاب إلا إذا بلغ الرجل، ولهذا قال تعالى: وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا [النور:59] فدل على أنه لا يحتجب عنهم إلا بعد البلوغ، وقبل ذلك لا يجب الاستئذان دائماً؛ لأنه لا يحتجب عنهم حتى يبلغوا الحلم، وابن عشر في الغالب ليس ممن يحتلم، وقد يحتلم إذا كمل العشر، ولكن الغالب أنه صغير، فإذا احتجبت عنه احتياطاً لأنه مراهق فهذا حسن، وإلا فلا يلزمها إلا إذا علم أنه كمل الخامسة عشرة أو احتلم بإنزال المني عن شهوة أو بإنبات الشعر الذي حول الفرج شعر خشن، قال جل وعلا في غير البالغين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النور:58].

    فالمقصود أنهم إذا كانوا دون البلوغ فالاستئذان يكون في هذه الأوقات الثلاثة: قبل صلاة الفجر وحين الظهيرة وبعد صلاة العشاء، للآية الكريمة، وهكذا المملوك يستأذن في هذه الأوقات الثلاثة بخلاف من بلغ الحلم غير المماليك فإنه يستأذن في جميع الأوقات؛ لقوله تعالى: وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [النور:59] يعني: حتى يتسنى للمرأة الحجاب عنهم، والتحرز من نظرهم إليها، وإذا كان مراهقاً فالتحجب من باب الاحتياط؛ لأنه قد يكون بلغ وهي لا تعلم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) فإذا احتجبت المرأة عن المراهق في الغطاء كان ذلك أحوط لها وأولى، ولكنه لا يجب حتى يبلغ الحلم.

    1.   

    محارم المرأة من جهة زوجها

    السؤال: رسالة من تبوك بعث بها مستمع من هناك المرسل (أ. ح. ش) يقول: هل عيال الأخ محرم لزوجة عمهم؟ وهل لها أن تقابلهم وهي متحجبة؟

    الجواب: ليس أولاد الأخ محرماً لزوجة عمهم، بل الأخ نفسه ليس محرماً، أخو الزوج وعم الزوج وأبناء أخيه كلهم ليسوا محارم، كلهم أجناب ليس لها أن تخلو بواحد منهم، وليس لها أن تكشف لهم، بل عليها أن تحتجب عنهم؛ لأنهم ليسوا محارم، الأخ والعم والخال وابن الأخ كل هؤلاء ليسوا محارم كابن العم وابن الخال، وإنما المحارم من الأصهار: أبو الزوج، وجد الزوج، وابن الزوج، وابن بنت الزوج، وابن ابنه، هؤلاء هم المحارم، وأما أخوه وعمه وخاله وابن أخيه ونحوهم فهؤلاء ليسوا محارم.

    1.   

    حكم من رمى الجمرات ثاني أيام التشريق قبل الزوال

    السؤال: حجيت مرة ونظراً لزحمة المرجم في اليوم الثاني من أيام التشريق وزحمة الحرم عند طواف الوداع رجمت في تمام الساعة الحادية عشرة إلا ربع صباحاً، وذلك في يوم التعجيل، هل هذا الرجم صحيح، حيث أنني عندما ذبحت أضحيتي نويتها للجبر عن الخطأ في النسك حيث أنني أحرمت بحجة فقط؟ وإذا كان الرجم غير صحيح فماذا علي؟

    الجواب: الرجم قبل الزوال ليس بصحيح في غير يوم العيد، أما يوم العيد فلا بأس، وأما الرجم في أيام التشريق قبل الزوال فإنه لا يجزئ؛ لأنه خلاف الشرع، والرسول صلى الله عليه وسلم رمى بعد الزوال وقال: (خذوا عني مناسككم) وهكذا أصحابه رموا بعد الزوال، والعبادات توقيفية ليست بالرأي، فمن رمى قبل الزوال فرميه غير صحيح وعليه دم عما ترك من الواجب، وإذا كنت ذبحت الذبيحة ناوياً بها عما عليك من الواجب الذي لا تفهمه أجزأت عن هذا الرمي، إذا كنت ناوياً بذلك أنها عما عليك، وليس عليك إلا هذا الرمي، ما حصل منك شيء يوجب الدم إلا هذا، فإن الذبيحة التي نويتها عن النقص الذي عليك تجزئ عن هذا، إلا إن كان عليك أشياء أخرى، فكل شيء يجب فيه ما يجب فيه، إذا كان عليك ترك واجب آخر فإنها لا تجزئ هذه الذبيحة إلا عن واحد فقط، فلو كنت مثلاً تركت المبيت في منى أيام منى أو تركت المبيت في مزدلفة، هذان واجبان عليك عنهما عن كل واحد دم. فالحاصل أن الذبيحة التي ذبحتها إنما تجزئ عن واحد مما تركت من الواجبات.

    1.   

    حكم اقتناء واستعمال الأواني المطلية بالذهب أو الفضة

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع محمد أحمد عسيري من محايل عسير، ضمنها أربعة أسئلة، في أحد أسئلته يقول: ما حكم اقتناء الأواني المطلية بطلاء الذهب، أو الأواني التي يعتقد أنها مصنوعة من فضة؟ وهل يجوز الشرب فيها أم لا؟ وهل يجوز اقتناء الأواني المطلية بماء الذهب في البيت لمجرد الزينة؟

    الجواب: الأواني من الذهب والفضة لا يجوز اقتناؤها ولا الشرب فيها ولا الأكل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة، قال: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا -يعني: الكفرة- ولكم في الآخرة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (الذي يشرب أو يأكل في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم).

    فلا يجوز اقتناء الأواني من الذهب والفضة، ولا المطلي المموه بشيء من ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك كما سمعت في الحديث الصحيح المتفق عليه، أن النبي عليه السلام قال: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا -يعني: الكفار- ولكم في الآخرة)، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) رواه مسلم في الصحيح، والمموه من جنس الذهب الصرف والفضة الصرف، والمطلي كذلك، كلها ممنوعة، حتى ولو للزينة؛ لأنها وسيلة إلى الشرب فيها والأكل فيها، ولو أنها وضعت للزينة، فالواجب ترك ذلك، وهكذا لو كانت من الملاعق أو الأكواب الشاي أو القهوة تمنع؛ لأنها أواني. فلا يجوز اتخاذ شيء من الأواني صغيرة أو كبيرة من الذهب والفضة، ولا الشيء المطلي بهما، سواء في ذلك أواني الشرب أو الأكل، سواء كانت أواني صغيرة كالملاعق والأكواب للشاي والقهوة أو كبيرة، لا فرق في ذلك لعموم الأدلة.

    1.   

    حكم امرأة أفطرت رمضان بسبب عذر شرعي وأطعمت ولم تقض الصوم

    السؤال: امرأة كانت لا تعلم أن على المرضع والنفساء قضاء الأيام التي أفطرتها في رمضان، وقال لها بعض الناس: إن عليها أن تطعم عن كل يوم أفطرته مسكيناً، وقد فعلت ذلك، فهل يكفي هذا الإطعام، أم لابد من قضاء الأيام التي أفطرتها؟ وهل إطعامها الذي أطعمته يكفي، أم تطعم مرة أخرى؟ علماً بأن هذا الإطعام مرت عليه سنوات كثيرة.

    الجواب: إذا أفطرت الحامل أو المرضع وهكذا المريضة فإنها تقضي بعد ذلك، تقضي المريضة إذا شفيت، وتقضي الحامل إذا وضعت واستطاعت القضاء بعد ذلك، وتقضي المرضع كذلك، كلهن يقضين ولا يجزئ عنهن الإطعام، وإذا تأخر القضاء بغير عذر وجب القضاء والإطعام، أما إذا كان التأخير للعذر لأنها حامل، ولأن الرضاع يمنعها من ذلك أو المرض، فالإطعام لا يجب، ولكن يجب القضاء فقط؛ لأنها معذورة في التأخير، فليس عليها إلا القضاء إذا شفيت المريضة وفطمت المرضعة أو قويت على الصيام وإن لم تفطم، وولدت الحامل وقويت على القضاء فإن كلاً منهن يقضي، وليس عليه إطعام لأنه معذور، لكن من تأخر قضاؤها بدون عذر فعليها مع القضاء الإطعام، ويجزئها الإطعام الذي أخرجته تحسب أن هذا هو الواجب عليها لفتوى بعض الناس، يجزئها الإطعام عما يجب عليها من الإطعام إذا كانت تأخرت في القضاء؛ لأنها أخرجت الإطعام عن تأخيرها وعن إفطارها.

    1.   

    كيفية صلاة الجنازة واشتراط الطهار لها

    السؤال: ما هي كيفية الصلاة على الميت بالتفصيل؟ وهل يشترط فيها الطهارة؟

    الجواب: نعم؛ صلاة الميت لابد لها من الطهارة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام سماها صلاة فهي صلاة فيها افتتاح بالتكبير وفيها تسليم، فهي صلاة تجب لها الطهارة، تجب فيها قراءة الفاتحة، والدعاء للميت أيضاً، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ومن صلى بغير طهارة لم تصح صلاته.

    والمشروع فيها: أن يكبر أولاً، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر ثانياً ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مثلما يصلي في الصلاة الإبراهيمية المعروفة: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد). ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت يقول: (اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، ثم يقول: اللهم اغفر لفلان، اللهم اغفر له وارحمه، أو اللهم اغفر لها -إن كانت امرأة- وارحمها، وإن سماهما باسمهما فحسن، اللهم اغفر لفلان بن فلان، اللهم اغفر لفلانة بنت فلان، اللهم اغفر لها وارحمها وعافها واعف عنها، وأكرم نزلها، ووسع مدخلها، واغسلها بالماء والثلج والبرد، ونقها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدلها داراً خيراً من دارها، وأهلاً خيراً من أهلها، وأدخلها الجنة وأعذها من عذاب القبر ومن عذاب النار، وافسح لها في قبرها ونور لها فيه).

    وإن كان الرجل ميتاً وله زوجة تقول: زوجة خير من زوجته، والمرأة كذلك زوجاً خيراً من زوجها إذا كان لها زوج، وإذا مات زوجها.. زوج خيراً من زوجها، وإذا كانت الميتة امرأة ولها زوج قيل فيها كذلك، وهو يعرف أن لها زوجاً يقول: اللهم أبدله زوجة خيراً منها، وإن زاد وقال: اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، أنت أهل الجود والفضل، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده واغفر لنا وله، كل هذا حسن، وكله مشروع، وإن زاد بعض الدعوات كذلك، ثم يكبر الرابعة ويسكت قليلاً ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه، هذا هو المشروع في صلاة الجنازة، أربع تكبيرات يرفع يده مع كل تكبيرة، هذا هو الأفضل، ويقرأ بعد الأولى الفاتحة، والأفضل عدم الاستفتاح، وإن استفتح فلا حرج، ويقرأ مع الفاتحة سورة قصيرة أو بعض الآيات كما ثبت عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مثلما يصلي في الصلاة كما تقدم، ثم يكبر الثالثة، ويقول ما تقدم: اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا هذا عام، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم اغفر له إن كان الميت ذكراً، أو اللهم اغفر لها، أو يريد الميت اللهم اغفر له أو يريد الجنازة يقول: اللهم اغفر لها، كله جائز، وإذا عرفه قال: اللهم اغفر لفلان، أو عرفها وقال: اللهم اغفر لفلانة، كله طيب وحسن، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، اللهم أدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، وافسح له في قبره ونور له فيه، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته أنت أهل الجود والفضل، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده واغفر لنا وله، هذا كله مشروع، ويكفي بعضه، ثم يكبر الرابعة قائلاً: الله أكبر، ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه بعدما يسكت قليلاً، هذا هو المشروع في صلاة الجنازة، والمشروع أن يرفع يديه مع كل تكبيرة، هذا هو الأفضل.

    1.   

    أفضل كتب الفقه التي يمكن الاعتماد عليها

    السؤال: أخيراً يسأل ويقول: ما هي أفضل كتب الفقه التي يمكن الاعتماد عليها؟

    الجواب: كتب الفقه كثيرة، ولكن من أحسنها: المغني لـموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة، فهو كتاب جيد مفيد، يذكر فيه الخلاف والأدلة، وشرح المهذب للنووي وتتمته، والفروع لـابن مفلح في المذهب الحنبلي، والإقناع والمنتهى في المذهب الحنبلي، والروض المربع في المذهب الحنبلي وحاشيته للشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله، وفي كتب أخرى في المذاهب الأخرى؛ كالمدونة في مذهب مالك رحمه الله، ومثل فتح القدير في المذهب الحنفي، كل هذه كتب مفيدة، لكن ينبغي للمؤمن أن يعتني بالدليل ويحرص على الكتب التي فيها الدليل، وبيان الراجح من الخلاف، وإذا كان طالب علم لا يستطيع أن يفهم هذه الأمور فيسأل أهل العلم عما أشكل عليه، ويحفظ الكتب المختصرة مثل: عمدة الأحكام في الحديث، ومثل بلوغ المرام حتى يستعين بذلك على معرفة الدليل، ومتن الزاد للحجاوي من الحنابلة، أو متن الدليل أو العمدة للموفق في الفقه، أو ما أشبهها من الكتب المختصرة من كتب المذاهب الأخرى، حتى يستعين بها على معرفة المسائل الفقهية ومراجعة أدلتها.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755931228