إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (165)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    عدد مرات رفع اليدين في الصلاة

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    في بداية لقائنا نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من عدن وباعثها إخواننا: ناصر محمد صائل ، ومحمد عبد الله عبد الرحمن العبادي ، إخوتنا لهم ما يقرب من اثني عشر سؤالاً، نختار بعضاً منها في هذه الحلقة.

    السؤال الأول يقول: عندما تقوم في الصلاة كم مرة ترفع يديك؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المشروع للمؤمن في الصلاة أن يرفع يديه في أربعة مواضع، في الرباعية والثلاثية، الأول: عند الإحرام، فيرفع يديه مع التكبير إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم تارة كذا وتارة كذا.

    الموضع الثاني: عند الركوع، يرفع يديه عند قوله: (الله أكبر) حيال منكبيه أو حيال أذنيه.

    الموضع الثالث: عند رفعه من الركوع، فيرفع يديه عند قوله: سمع الله لمن حمده، إذا كان إماماً أو منفرداً، ويرفع المأموم عند قوله: ربنا ولك الحمد.

    والموضع الرابع: إذا قام من التشهد الأول في الرباعية كالظهر والعصر والعشاء أو الثلاثية كالمغرب، إذا قام من الثالثة بعد التشهد الأول، إذا قام إلى الثالثة يقول: (الله أكبر) رافعاً يديه.

    كل هذه ثبتت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عمر ، ومن حديث علي رضي الله عنه، وبعضها من حديث مالك بن الحويرث ومن أحاديث أخرى.

    1.   

    حكم ضم اليدين بعد الرفع من الركوع

    السؤال: في الركوع عندما تقول: سمع الله لمن حمده، هل ترفع يديك وتقول: ربنا ولك الحمد، وتضع يديك فوق الصدر، أي: تعيدهما إلى مكانهما السابق اليدين، نرجو الإفادة؟

    الجواب: نعم، مثل ما تقدم، هذا الموضع الثالث، عند الرفع من الركوع يرفع يديه إذا كان مأموماً، يقول: ربنا ولك الحمد، وإن كان إماماً أو منفرداً قال: سمع الله لمن حمده، ثم قال بعدها: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، يقول هذا الإمام والمأموم والمنفرد، لكن الإمام والمنفرد يختصان بقولهما: سمع الله لمن حمده، أما ربنا ولك الحمد.. إلى آخره هذا مشترك، والمأموم يقول ذلك عند الرفع من الركوع، يقول: ربنا ولك الحمد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد)، نعم، ويضع يديه على صدره، إذا رفع من الركوع يعيدهما إلى مكانهما الأول، هذا هو الأفضل والأرجح، يعيدهما إلى مكانهما الأول واضعاً لهما على صدره حتى يخر ساجداً كما كان كذلك قبل الركوع، ومن قال: إنه يرسلهما بعد الركوع فقد خالف السنة.

    1.   

    حكم جلسة الاستراحة

    السؤال: يسأل إخوتنا أيضاً ويقولون: الطمأنينة برهة بعد السجدة الثانية عند القيام إلى الركعة الثانية أو الرابعة هل هي ضرورة من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: هذه جلسة تسمى جلسة الاستراحة بعد الأولى وبعد الثالثة، بعد الأولى في كل صلاة، وبعد الثالثة في الرباعية، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الأولى من السجدة الثانية في الأولى ومن السجدة الثانية في الثالثة جلس قليلاً كجلوسه بين السجدتين ثم نهض، هذا هو الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم وربما ترك ذلك، فدل ذلك على أنها مستحبة وسنة وليست واجبة، وليس فيها ذكر ولا دعاء، بل جلسة خفيفة ثم ينهض إلى الثانية وإلى الرابعة.

    1.   

    حكم تحريك السبابة في التشهد

    السؤال: السؤال الأخير الذي نعرضه في هذه الحلقة: في التشهد الأخير للصلاة تظل أصبع السبابة تتحرك حتى نسلم، هل هذا ورد عن سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: الوارد في السبابة أنها واقفة، يشير بها إشارة واقفة وقوفاً فيه انحناء، هذا هو السنة كما جاءت به الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عمر ومن حديث وائل بن حجر ومن أحاديث أخرى، أما الحركة فقد ورد في بعض الروايات عند الدعاء، وبعض أهل العلم قال: إن المراد بالحركة الإشارة وأنها لا تخالف، كما قاله البيهقي قال: لعل الحركة هي إشارة، فلا تخالف بين الروايتين، والإشارة هي بنصب الإصبع السبابة نصباً غير كامل إشارة للتوحيد، إشارة إلى أن الله سبحانه هو الواحد في ذاته وفي أسمائه وصفاته، وفي استحقاقه العبادة جل وعلا.

    وورد في بعض الروايات أنه ربما حركها عند الدعاء، فإذا حركها عند الدعاء فلا بأس.

    1.   

    مشروعية زواج ابن العم من بنت العم إذا لم يكن هناك رضاع

    السؤال: الرسالة التالية من اليمن الشمالي وأخونا مقيم في جدة كما يقول، يقول: أنا والدتي أرضعت بنت أخي الأولى وأخي له عدة أولاد، وبعد هذه البنت لم يرضعوا من جدتهم، وأردت أن أزوج ابني بنت أخي التي لم ترضع من جدتها، فالتي رضعت من جدتها هي بنت الأولى، فهل هذا جائز أو لا؟

    الجواب: نعم، أما التي رضعت من جدتها فلا؛ لأنها حينئذ إذا كانت جدتها من أمها تكون خالة لأولاد خالاتها، وإن كانت أم أبيها تكون عمة لأولاد إخوتها، لكن من سواها من البنات اللاتي لم يرضعن من الجدة لا حرج في زواج أبناء عمها لها أو أبناء خالها لها.

    1.   

    نصيحة للأشقاء عندما يكون بينهم خلاف

    السؤال: الأخت (ن.ض) السبيعي من مكة المكرمة كتبت كتابة مطولة عن خلاف ناشئ بينها وبين أخيها، فأرجو من فضيلتكم أن تتوجهوا بنصيحة للأشقاء عندما يكون بينهم خلاف؟

    الجواب: نعم، المشروع للأقارب وللإخوة في الله عند وجود ما يسبب الشحناء والنزاع أن يتقوا الله، وأن يجتهدوا في حل المشكلات بينهم بالطرق الشرعية، وأن يجتهدوا في السماح والعفو عن حق كل واحد منهم على أخيه، حتى تجتمع القلوب وحتى تتم المودة، وحتى يحصل التعاون على الخير، هكذا ينبغي لكل مؤمن ولكل مؤمنة، يقول الله سبحانه: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237]، ويقول عز وجل: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً).

    فالتسامح والعفو عن بعض الحق من صفة الكرام، ومن أخلاق الأفاضل والكرماء والأدباء، والراغبين فيما عند الله سبحانه وتعالى.

    ولا يجوز التهاجر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا تناجشوا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً)، (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يكذبه ولا يخذله) الحديث.

    فالتهاجر أمر ممنوع لما يفضي إليه من الشر، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا هجرة فوق ثلاث) وفي الحديث الآخر: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).

    فالمسائل التي تقع بين الإخوة وبين الأسرة وبين الجيران يجب أن تحل بالطرق التي يرضاها الله عز وجل، فإن كانت بأسباب كلمة استسمح صاحبها -من قالها فيه- من كذبة أو سبة أو غيبة أو نحو ذلك، وإن كانت الشحناء بسبب مال في ذمة أحدهم للآخر اجتهد في أداء المال وقضاء الدين، أو سامحوه بعضه، أو تحملوه فيما بينهم، وتقاسموه وأوفوا عنه، كل هذا من شيم الكرام.

    وإن كان هناك شيء آخر كذلك سعوا في إزالته أو السماح عنه، أو تسديده إن كان مالاً، فالحاصل أنه ينبغي للأسر والجيران والأصحاب ألا يطيعوا الشيطان في إثارة الشحناء بينهم، وفي غرس جذورها وفي استمرارها بل عليهم أن يحاربوه بكل ما استطاعوا من قوة حتى تعود المياه إلى مجاريها، وحتى تعود القلوب إلى حالها، وحتى تسود المودة بين الجميع، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

    1.   

    حكم التشاؤم عند اجتماع أحد العيدين مع الجمعة

    السؤال: من جمهورية السودان الديمقراطية، هذه رسالة باعثها أخونا: أحمد إسحاق شرف الدين ، أخونا يسأل ويقول: هنالك عدة تناقضات وتشاؤم في يوم الجمعة عندما تقع يوم عيد، ما هو السبب في هذه التشاؤمات والتردد مع أن كل الأيام هي أيام الله، أرجو إفادتي؟

    الجواب: هذه الأشياء التي أشرت إليها إنما تكون عن جهل وقلة بصيرة، ولا أعلم فيما بلغني عن البلدان التي بلغنا عنها سير، أهلها أنهم يتشاءمون بالجمعة، الجمعة يوم فاضل يوم محبوب للمسلمين، فيه اجتماعهم وإذا صادف يوم العيد صار عيد مع عيد، فكيف يكون التشاؤم؟ هذا شيء غريب، فإذا كان وقع عند السائل في بلاده فهذا يدل على جهل من الذين وقع منهم، وقلة بصيرة، فيوم الجمعة يوم عيد، فإذا صادف يوم عيد الفطر أو يوم عيد الأضحى فقد اجتمع عيدان، فالمطلوب الفرح بهما والسرور بهما، وعمل ما شرعه الله فيهما.

    أما التشاؤم بذلك هذا شيء منكر لا وجه له ولا سبب له، فهما يومان عظيمان فاضلان اجتمعا، فيهما خير عظيم، وفيهما اجتماع على طاعة الله وعبادته، وسماع الخطبة، فأي وجه لهذا التشاؤم؟ لا وجه لذلك، بل هو أمر باطل وأمر منكر لا وجه له.

    1.   

    حكم تعليق الصور المرسومة باليد على الجدران

    السؤال: في جدران غرفتي من الداخل توجد بعض اللوحات المرسومة باليد، وهي مختلفة الأشكال، في ذات يوم نظر إليها أحد الشيوخ فقال لي: أنزلهن جميعاً، فقلت: ما السبب؟ قال: اسأل من هو أدرى مني، ولكن أعرف أنها تقلل الرحمة من المنزل، أرجو إفادتي أفادكم الله؟

    الجواب: هذا شيء فيه تفصيل: إن كانت اللوحات هذه فيها صور فقد صدق من قال لك: أنزلها، فالصور لا تعلق ولا يجوز تعليقها، وقد أزالها النبي صلى الله عليه وسلم من جدران الكعبة، لما دخل الكعبة عام الفتح فوجد فيها صوراً في الجدران محاها بالماء عليه الصلاة والسلام ومسحها بثوب حتى أزالها، وكسر الأصنام التي حول الكعبة، ولما جاء من سفر في بعض الأحيان ورأى عند عائشة ستراً على بعض حجرها هتكه وغضب، وقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم).

    فقوله صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يدل على تحريم بقاء الستور واللوحات التي فيها الصور، بل يجب أن تزال.

    أما إن كانت الألواح ما فيها إلا آيات أو أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيحة أو أشعار طيبة، فلا حرج في ذلك.

    القول الصواب: أنه لا حرج في ذلك، أن يعلق لوحاً فيه آيات أو أحاديث صحيحة أو كلمات طيبة من باب التذكير للداخل، ومن باب التذكير للجلساء ليستفيدوا ليس هناك قصد سوى هذا فلا بأس.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين)

    السؤال: أخ سوداني أيضاً يقول عوض الله جبران عثمان ، أخونا يسأل عن تفسير قوله تعالى: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [التوبة:1]؟

    الجواب: هذه الآية نزلت في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد عاهد بعض المشركين إلى مدد معلومة، وبعضهم بينه وبينه عهد مطلق، وبعضهم لا عهد له، فأنزل الله هذه الآية فيها البراءة من المشركين، وفيها نبذ العهود إليهم؛ ولهذا قال سبحانه: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ [التوبة:1-2] الآية.

    فالله جل وعلا أمره أن يتبرأ منهم، ومن كان له عهد فهو إلى مدته، ومن كان عهده مطلقاً أو لا عهد له جعل الله له أربعة أشهر، وبعث الصديق رضي الله عنه وعلياً رضي الله عنه ومن معهما في عام تسع من الهجرة ينادون في الموسم: من كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على مدته، ومن لم يكن له عهد أو له عهد مطلق فله أربعة أشهر، بعدها يكون حرباً للرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن يدخل في الإسلام.

    فهذا هو معنى الآية عند أهل العلم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إلا الذين عاهدتم من المشركين ...)

    السؤال: أيضاً يسأل عن تفسير الآية الرابعة من السورة الكريمة: إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [التوبة:4]؟

    الجواب: على ظاهرها، الذي له عهد أمره الله أن يتم عهدهم لهم، ما لم يغيروا وينقضوا العهد أو يظاهروا أعداء المسلمين، فإن ظاهروهم وجب قتالهم، وإذا نقضوا العهد كذلك؛ ولهذا لما ساعدت قريش بني بكر على خزاعة انتقض عهد قريش وبنو بكر، وحاربهم النبي صلى الله عليه وسلم، غزا مكة وفتحها عام ثمانية للهجرة لنقضهم العهد؛ لأن خزاعة كانت في حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده، وكانت بنو بكر في عهد قريش وحلفهم، فهددت بنو بكر خزاعة، يعني: تعدت عليهم وأتوهم بغتة، هجموا عليهم بغتة فجأة وقاتلوهم، وهم في حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستنجدوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وطلبوا منه أن ينصرهم ووعدهم النصر، وكانت قريش قد ساعدتهم بالمال والسلاح؛ فلهذا غزاهم النبي صلى الله عليه وسلم وفتح الله عليه مكة لنقضهم العهد، وكان قد عاهدهم عشر سنين، فلما نقضوا العهد بمساعدتهم لبني بكر انتقض عهدهم، وغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم وفتح الله عليه.

    1.   

    شرح حديث: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ...)

    السؤال: أيضاً يرجو شرح هذا الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم بحق الإسلام وحسابهم على الله

    الجواب: هذا الحديث الصحيح قد رواه الشيخان: البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل) وهذا على ظاهره.

    فإن من أتى بالشهادتين وهو لا يأتي بها قبل ذلك، وأقام الصلاة وآتى الزكاة فإنه يعتبر مسلماً حرام الدم والمال إلا بحق الإسلام، إلا ما يوجبه الإسلام عليه بعد ذلك، كأن يزني فيقام عليه حد الزنا، إن كان بكراً بالجلد والتغريب، وإن كان ثيباً بالرجم الذي ينهي حياته، وهكذا بقية أمور الإسلام يطالب بها، هذا الذي أسلم وشهد هذه الشهادة وأقام الصلاة وآتى الزكاة، فيطالب بحقوق الإسلام وهو معصوم، معصوم الدم والمال إلا أن يأتي بناقض من نواقض الإسلام.

    وهكذا قوله في الحديث الآخر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) هذا الحديث مثل ذاك الحديث، من أتى بالتوحيد والإيمان بالرسالة فقد دخل في الإسلام ثم يطالب بحق الإسلام، يطالب بالصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك، فإن أدى ما أوجب الله عليه فهو مسلم حقاً، وإن امتنع من شيء أخذ بحق الله فيه، وأجبر وألزم بحقوق الله التي أوجبها على عباده.

    وهذا هو الواجب على جميع من دخل في الإسلام أن يلتزم بحق الإسلام، فإن لم يلتزم أخذ بحق الإسلام. نعم.

    1.   

    شرح حديث: (الدين النصيحة)

    السؤال: أخونا كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة كتبه بالمعنى، أرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بشرح ذلكم الحديث أيضاً، حسب طلبه؟

    الجواب: هذا حديث عظيم، رواه مسلم في الصحيح من حديث تميم الداري وله شواهد عند غير مسلم ، يقول صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم) فهو حديث عظيم يدل على أن الدين هو النصيحة، وذلك يدل على عظم شأنها؛ لأنه جعلها الدين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة) فيدل هذا الحديث على أن النصيحة هي الدين، وهي الإخلاص في الشيء والصدق فيه حتى يؤدى كما أوجب الله.

    فالدين هو النصيحة في جميع ما أوجب الله، وفي ترك ما حرم الله، وهذا عام يعم حق الله وحق الرسول وحق القرآن وحق الأئمة وحق العامة.

    والنصيحة كما تقدم هي الإخلاص في الشيء والعناية به، والحرص على أن يؤدى كاملاً تاماًَ لا غش فيه ولا خيانة، يقال في لغة العرب: ذهب ناصح، يعني: ليس فيه غش، ويقولون أيضاً: عسل ناصح، يعني: ليس فيه غش، فهكذا يجب أن يكون المؤمن في أعماله ناصحاً لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، هكذا.

    فالنصيحة لله سبحانه توحيده والإخلاص له وخلوص العبادة له جل وعلا من صلاة وصوم وحج وجهاد وغير ذلك، يعني: أن يعمل في غاية من الإخلاص لله، لا يعبد معه سواه، بل يعبده وحده، وينصح في هذه العبادة ويكملها.

    وهكذا ينصح في أداء ما فرض، وترك ما حرم الله عليه يؤديه كاملاً؛ لعلمه بأنه حق الله، وأن الله أوجبه عليه، فهو يخلص في ذلك ويعتني بذلك.

    وهكذا في حق القرآن يتدبره ويتعقله ويعمل بما فيه من الأوامر وينتهي عن النواهي، هو كتاب الله العظيم وحبله المتين.

    فالواجب العناية بالنصح لكتاب الله، وذلك بحفظ الأوامر وترك النواهي والوقوف عند الحدود حتى لا تخل بشيء من أوامر الله في القرآن وحتى لا تركب شيئاً من محارم الله، مع الإيمان بأنه كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، هذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة، كلام الله منه نزل على رسوله عليه الصلاة والسلام كما قال عز وجل: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ [الشعراء:193-194].

    المؤمن يؤمن بهذا، وهكذا المؤمنة، ويعتقد أنه كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، خلافاً للجهمية ومن سار في ركابهم من المبتدعة.

    وهكذا النصح للرسول صلى الله عليه وسلم بطاعة أوامره وترك نواهيه، والإيمان بأنه رسول الله حقاً، والدفاع عن سنته والذب عنها، كل هذا من النصح للرسول صلى الله عليه وسلم، كونه يعتني بأحاديثه ويعرف صحيحها من سقيمها، ويذب عنها ويمتثلها ويقف عند الحدود التي حدتها السنة، كل هذا من النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم.

    ومن زاد على ذلك من أدائه الواجبات وتركه المحارم كان كمالاً للنصيحة وتماماً لها.

    فالحاصل أنه بعنايته بما أمر الله به ورسوله، وبما دل عليه كتاب الله من الحقوق، يكون قد نصح لله ولكتابه ولرسوله، بأداء فرائض الله وترك محارم الله، والوقوف عند حدود الله، والإكثار من الثناء عليه وذكره سبحانه وتعالى وخشيته جل وعلا، كل هذا من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله.

    المقدم: سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير وفي صحة وعافية.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد. من الإذاعة الخارجية سجلها لكم زميلنا مطر محمد الغامدي ، شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767294051