إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (103)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم من نذر أن يذبح ويصوم ويزور مكة ولم يستطع لعجزه

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    في بداية لقائنا نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: شيخ عبد العزيز أولى رسائل هذه الحلقة وصلت إلى البرنامج من الأخ عيسى حسن غازي من جدة أو عازب: أخونا يقول: أبعث لفضيلتكم برسالة هذه والتي أرجو التكرم بعرض ما فيها من أسئلة واستفسارات لأحد أصحاب الفضيلة العلماء الأجلاء أعزهم الله.

    إنني شاب أبلغ من العمر السادسة والعشرين عاماً، قدر الله علي بحصول غمامة من غمامات الدهر التي تعترض كل شاب وكل مسلم، متزوج ولي ثلاثة من الأبناء يعيشون تحت كنف رعايتي بعد الله، ووالدتي طاعنة في السن، وقد حجبتني الأقدار الإلهية عن رؤيتهم ما يقارب من سنة وستة أشهر، أنذرت لله أنه عند عودتي لمنزلي وأطفالي الذين أصبحوا فترة غيابي تحت برارة المتصدقين أن أصوم لله تعالى ستة أيام حمداً وشكراً لله، وأذبح اثنتين من الذبائح لله تعالى، وأزور مكة والمدينة أنا ووالدي، وأقوم بحمل والدتي على أكتافي أطوف بها وأسعى، وعندما انجلت تلك الغمامة ولسوء حالتي المادية وحالة أسرتي قمت بذبح ذبيحة واحدة ولم أستطع إحضار الأخرى، كذلك لم أستطع الذهاب بأسرتي ووالدتي لمكة والمدينة وفاءً بنذري وذلك لسوء حالتي المادية، حتى الصيام لم أستطع القيام به، وخوفاً من وقوعي في الذنب والوزر بعثت برسالتي هذه عسى ولعلي أجد أبسط الطرق التي تجعلني أتقرب إلى الله وأوفي بها ما أنذرت، علماً أنني شاب محافظ على أداء الفرائض والنوافل حتى الليل والضحى. أبتهل إلى العلي القدير أن يوفقكم للإجابة رعاكم الله؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فالحمد لله الذي يسر لك الاجتماع بوالديك وأولادك، ونسأله جل وعلا أن يصلح حالكم جميعاً، وأن يعينك على ما يحبه ويرضاه.

    أما النذر فالواجب عليك هو الوفاء به حسب الطاقة، وقد مدح الله المؤمنين الموفين بالنذر في قوله جل وعلا : يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان:7] وقال النبي عليه الصلاة والسلام : (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)خرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها.

    فعليك أن تؤدي الذبيحة الثانية عند القدرة لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] متى استطعت وتيسر لك ما تشتري به الذبيحة الثانية فافعل واذبحها وتصدق بها على الفقراء إلا أن تكون نويت أن تأكلها مع أهلك أنت على نيتك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).

    أما إن كنت نذرت الذبح ولم تقصد أن تأكلها مع أهلك فإنك تعطيها الفقراء.

    وعليك أن تصوم متى تيسر لك ذلك ستة أيام؛ لأنها طاعة لله، فعليك أن تصومها متى استطعت ولو متفرقة، إلا إن كنت نويت أن تصومها متتابعة فأنت على نيتك، فالأعمال بالنيات، إن كنت نويتها متتابعة صمها متتابعة وفاءً بنذرك ونيتك، أما إن كنت لم تنو التتابع فإنك تصومها ولو متفرقة ولا حرج في ذلك.

    وعليك أيضاً أن تحج بوالديك، تذهب بوالديك إلى مكة وإلى المدينة كما نذرت، إن كنت أردت العمرة فالعمرة، وإن كنت أردت حجاً فحجا، على حسب نيتك في ذهابك إلى مكة كنت أردت بهم عمرة العمرة تكفي، فإن كنت أردت حجاً فعليك أن تحج بهم متى استطعت لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ويقول سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]وعليك أن تذهب بهم إلى المدينة أيضاً؛ لأن شد الرحال إلى المدينة للصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم سنة وقربة، وإذا زرت المدينة تسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه هذا هو الأفضل لك، فإن زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه لمن كان في المدينة مشروع، مشروعة، إنما الذي ينهى عنه شد الرحل من أجل الزيارة فقط، أما شد الرحل للمسجد والزيارة داخلة في ذلك فلا بأس، فتسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضي الله عنهما، أما النساء فلا يزرن القبور، ولكن أنت وأبوك ومن معكم من الرجال.

    أما النساء فلا يزرن القبور ولكن يصلين في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ويصلين عليه في محلهن في المسجد وفي البيوت وفي الطريق صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه.

    ويشرع لكم -أيها الرجال- أيضا أنت ومن معك من الرجال زيارة البقيع وزيارة الشهداء، كل هذا مشروع للرجال زيارة القبور، ويستحب لك أيضاً ومن معك من النساء والرجال زيارة مسجد قباء والصلاة فيه؛ لأنه مسجد فاضل تستحب الزيارة لمن كان في المدينة.

    أما حملك لأمك أو لأبويك أن تحج بهما وتحملهما فلا، ليس عليك ذلك ولكن تطوف أمك بنفسها، ويطوف أبوك بنفسه، ويسعى كل منهما بنفسه، أو في عربانة إن كان يشق عليه ذلك فالحمد لله الأمر واسع، أما حملهما فليس عليك حملهما بل تكفر عن نذرك هذا بكفارة يمين عن حملهما، عليك كفارة يمين عن حملهما وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة تعطي كل واحد نصف صاع من التمر أو البر أو الأرز، أو تكسو كل واحد كسوة تجزئه في الصلاة كالقميص أو إزار ورداء ويكفي، وليس عليك حملهما بل يطوفان بأنفسهما ويسعيان بأنفسهما، وإذا عجزا يطاف بهما ويسعى بهما والحمد لله.

    ونسأل الله أن يعينك على الوفاء وأن يتقبل منا ومنك، ونوصيك بعدم النذر، نوصيك في المستقبل أن لا تنذر، لأن الرسول عليه السلام قال : (لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل)فنوصيك في المستقبل أن لا تنذر أبداً ولو حصل لك نعم تشكر الله وتطيع الله وتحمده ولكن لا حاجه إلى النذر.

    وقلت في كلامك: (ولكن حجبتني الأقدار)، فالأفضل أن تقول في مثل هذا: ولكن قدر الله كذا كذا؛ لأن الأقدار ليس تصرف، التصرف لله وحده، فتقول في مثل: هذا قدر الله علي كذا، قدر الله كذا، إني لا أستطيع كذا.. أني أتأخر عن أولادي كذا، تعبر بنسبة الأمر إلى الله سبحانه وتعالى، قدر الله علي كذا أو أراد الله كذا، هذا هو المشروع.

    رزقنا الله وإياك العلم النافع والعمل الصالح.

    1.   

    نصيحة لمن يشكو من سوء حالته الاقتصادية

    السؤال: سماحة الشيخ! يكثر الشكوى من حالته الاقتصادية كما يقول؟

    الجواب: الحمد لله، عليك -يا أخي- أن تصبر وأن تأخذ بالأسباب، والحمد لله ربما يكون هذا خيراً لك، جاء في بعض الآثار الإلهية يقول الرب عز وجل: (إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك) فعليك أن تأخذ بالأسباب والله جل وعلا مسبب الأسباب، فعليك أن تسعى في طلب الرزق بأي عمل مباح تفعله من تجارة وبيع وشراء، أو العمل عند من يتيسر عنده العمل المباح، أو الوظيفة إذا تيسرت المباحة، الحمد لله تفعل الأسباب وتستعين بالله وتطلبه الرزق من عنده جل وعلا، ولا مانع أن تأخذ الزكاة من أهل الزكاة إذا عجزت ولم يتيسر لك ما يقوم بحالك، لا بأس أن تأخذ الزكاة، ولا مانع من صرف الزكاة فيك عند عجزك عما يقوم بحالك، والله المستعان وهو ولي التوفيق سبحانه.

    المقدم: بارك الله فيكم، إذاً ما نذر من النذر الذبائح والحالة هذه تسقط عليه وحالته الاقتصادية سماحة الشيخ؟

    الجواب: لا، تبقى ديناً معلقاً كسائر الديون.

    المقدم: وإذا لم يستطع فلا محذور؟

    الشيخ: لا شيء عليه، إذا مات ولم يستطع، إن يسر الله في التركة شيء أوفى عنه الورثة، وإن كان ما وراه تركة سقطت.

    1.   

    دفع التعارض بين حديث: (القضاة ثلاثة ...) وحديث: (إذا حكم الحاكم ...)

    السؤال: الرسالة التالية باعثها أحد الإخوة يقول: إني غانم إبراهيم محمد شريف من العراق الموصل، كيف نوفق بين الحديثين التاليين : قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار) رواه أبو داود ، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناه: (المجتهد إذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر واحد) وفقوا بين الحديثين؛ لأن في ذلك عندي إشكال وفقكم الله؟

    الجواب: ليس بينهما -بحمد الله- تعارض، بل المعنى واضح، فالحديث الأول فيمن قضى للناس على جهل ما عنده علم يقضي للناس على غير علم فهذا متوعد بالنار، وهكذا الذي يعلم الحق ولكن يجور من أجل الهوى لمحبته لشخص أو لرشوة أو لأشباه ذلك فيجور في الحكم هذان في النار؛ لأن الأول: ما عنده علم ما عنده آلة يقضي بها جاهل فليس له القضاء، والثاني: تعمد الجور والظلم فهو في النار.

    أما الأول فهو الذي عرف الحق وقضى به فهذا في الجنة.

    أما حديث الاجتهاد وهو حديث عمرو بن العاص وما جاء في معناه وهو في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر)هذا في العالم الذي يعرف الأحكام الشرعية ليس بجاهل، ولكن قد تخفى عليه بعض الأمور وتشتبه عليه بعض الأمور فيجتهد ويتحرى الحق وينظر في الأدلة من القرآن والسنة، ويتحرى الحكم الشرعي فلا يقدر أنه يصيبه، فهذا له أجر الاجتهاد ويفوته أجر الصواب؛ لأنه عالم صالح للقضاء ولكن في بعض المسائل قد يغلط بعد الاجتهاد والتحري والنية الصالحة، فهذا يعطى أجر الاجتهاد ويفوته أجر الصواب.

    الثاني: اجتهد وطلب الحق واعتنى بالأدلة وليس له قصد سيئ، بل هو مجتهد طالب للحق فوفق له واهتدى له وحكم بالحق فهذا له أجران أجر الإصابة وأجر الاجتهاد، فليس بين الحديثين تعارض، الأول في الجاهل الذي ما عنده علم، والثاني في الذي عنده علم وهو صالح للقضاء ولكن قد تشتبه عليه بعض الأمور في بعض المسائل فيجتهد ويتحرى وينظر في الأدلة ثم يحكم بما ظهر له أنه الصواب، ولكن قد يظهر له أنه الصواب ولا يوفق في الصواب ما يكون هو الصواب.

    1.   

    حكم إعادة صلاة الظهر عقب صلاة الجمعة

    السؤال: كثيرون سماحة الشيخ هم الذين يسألون عن إعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة ومن بينهم صاحب هذه الرسالة يقول: ما حكم إعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة هل هي واجبة أم مندوبة؟ لأنه عندنا الإمام يقوم بإعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة ويقول: خوفاً من قبول صلاة الجمعة وذلك لعدم توفر جميع أركان الجمعة، أفيدونا أفادكم الله.

    الجواب: إعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة أمر محدث لم يكن في عهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد التابعين لهم بإحسان، والجمعة تكفي عن الظهر وهي فرض الوقت، فلا يجوز أن يجمع بينهما، الله فرض علينا خمس صلوات في يوم الجمعة وفي غير يوم الجمعة، في يوم الجمعة خمس: الفجر والجمعة والعصر والمغرب والعشاء خمس فروض، فإذا صلى ظهراً بعد الجمعة فقد زاد سادسة، فلا وجه لذلك فهي بدعة، ونرجو ممن يتعاطى هذا من أهل العلم أن يعيدوا النظر وأن يتبصروا في الأدلة ومتى أعادوا النظر وفقهم الله للبصيرة في هذا، أرجو من إخواني أهل العلم الذين يفعلونها أن يعيدوا النظر، الرسول عليه السلام يقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) يعني: فهو مردود، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها.

    فالواجب على أهل العلم الذين يعيدونها أن يتقوا الله وأن يتركوا هذه الإعادة فإنها بدعة لا وجه لها، ومتى صليت الجمعة أجزأت عن الظهر، وإذا كان عندهم شك في الجمعات ولهم النظر في الموضوع ليس إلى غيرهم فلينظروا، فالجمعة التي لا حاجة إليها تلغى، والجمعة التي لها حاجة تبقى، أما مجرد الظنون والشكوك والأوهام فلا وجه لها، الأصل أن هذه الجمعة إنما أقيمت للحاجة إليها، إما للتباعد وإما لكون الجمعة الموجودة أو إما لكون المسجد الموجود يضيق بالناس ولا يسعهم أو لأسباب أخرى اقتضاها الشرع.

    فالأصل أن هذه الجمعات مجزئة هذا هو الأصل فلا يجوز ظن السوء وحمل الناس على أنهم صلوا جمعة غير صحيحة؛ هذا سوء ظن لا وجه له بل يجب حمل الناس على أحسن المحامل وأن هذه الجمعة إنما أقيمت للحاجة إليها فلا حاجة إلى صلاة الظهر بعدها، والرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: (وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) يقول صلى الله عليه وسلم: (أما بعد) -يقول في خطبة الجمعة كما روى مسلم في الصحيح- (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)، فليس للعالم ولا لغير العالم أن يحدث في دين الله ما ليس منه، ولكن الخطر على العالم أكثر لأنه يقتدى به، والواجب أن ينظر وأن يتأمل حتى يحكم فيما فعل على بصيرة ولا شك أن هذه بدعة لا وجه لها، فالواجب تركها على العالم وغير العالم. نعم.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، من أين تسرب هذا الشك سماحة الشيخ؟

    الشيخ: لأن هناك خلافاً بين العلماء في إقامة الجمعة الثانية والثالثة والرابعة، بعض أهل العلم يقول: لابد في المدينة من جمعة واحدة ولا حاجة إلى جمعات وهذا قول خاطئ؛ لأن المدن تختلف فليس كل مدينة يكفيها جمعة واحدة، بعض المدن بين أطرافها مسافات طويلة والمسجد لا يسع من حوله من الناس ولا يسع من بعد عنه ولا يستطيعون المجيء إليه، فلهذا قرر العلماء رحمة الله عليهم إقامة جمعات في بلاد واحدة، اتسعت البلد وتباعدت أطرافها وكثر سكانها يكون في كل حي منها جمعة يكفي أهله، هذا هو الواجب وهذا الذي قد تقرر عند أهل العلم، فإذا وجدت الأسباب كالتباعد أو ضيق المسجد أو صارت البلد فيها قبيلتان أو قبائل بينهم تشاحن ما يستطيعون أن يجتمعوا في مسجد واحد يخشى أن يقع بينهم فتنة جعل لكل قبيلة مسجد يخصهم دفعاً للفتن، هذا كله من الأسباب.

    1.   

    ضرورة اهتمام خطيب الجمعة بقضايا المجتمع

    السؤال: سماحة الشيخ! إذا لوحظ على خطبة الجمعة أنها لم تؤد وظيفتها التي كانت معروفة من ذي قبل، وإنما

    تحولت الخطب إلى أشياء وأشياء لا تمت إلى حاجة الناس الحقيقية بصلة؟

    الجواب: ينصحون، ينصح القائمون عليها الخطباء يوجهون من أهل العلم ومن المسئولين عن الجمعة حتى يخطبوا خطباً تفيد المجتمع فيما يتعلق بوعظهم وتذكيرهم وتنبيههم على ما قد يقع من الأمور المنكرة في المجتمع الذي هم فيه هكذا ينبهون.

    المقدم: لكن إذا كانوا محمولين على نوعية معينة من الخطب؟

    الشيخ: لابد أن يعالجوا الموضوع حتى مع من حملهم، لابد أن يعالجوا الموضوع لأنه في الغالب لا تخلو من وعظ حتى ولو حملوا، لا تخلو من وعظ يحصل به -إن شاء الله- الإجزاء، لكن المطلوب أن يتحروا حاجة المجتمع وما يقع فيه من شرور حتى ينبهوا المجتمع على ما قد يقع فيه من أخطاء ليستقيم وينتبه فيؤدي ما أوجب الله ويدع ما حرم الله.

    فإذا كان الخطباء قد عين لهم أشياء فينبغي أن يدرسوها مع المسئولين وأن يقترحوا ما يرونه أصلح وأنفع، والغالب أنما يعين لهم الذي يجزي؛ لأنه لا يخلو من وعظ وتذكير إما بالجنة أو بالنار أو بيوم القيامة أو بما يرضي الله من الأعمال الصالحات كالمحافظة على الصلوات، وكأداء الزكاة، وكصوم رمضان، وما أشبه ذلك مما يحصل به التذكير، لكن المطلوب من الخطباء فوق ذلك أن يجمعوا بين هذا وبين غيره مما يحتاجه المجتمع.

    1.   

    السن المعتبر في تزويج المرأة

    السؤال: هنا سؤال يسأله أخونا ويقول: ما هو السن الشرعي الذي يجوز للمرأة أن تتزوج فيه هل هو محدد أم لا؟

    الجواب: ليس للسن الذي تتزوج فيه المرأة حد بالنسبة إلى أبيها، أبوها له أن يزوجها وإن كانت صغيرة كما زوج الصديق رضي الله عنه عائشة وهي بنت ست سنين أو سبع سنين، إذا رأى المصلحة في ذلك، إذا رأى أن الخاطب كفء لها وأنه يغتنم ولا ينبغي أن يؤجل بل يغتنم فلا بأس، والأب ينظر في مصالح أولاده.

    أما الأولياء الآخرون فليس لهم أن يزوجوا إلا بعد بلوغها سناً تكون أهلاً للاستئذان؛ لأنهم مأمورون بأن يستأذنوها، أما الأب فله أن يزوجها بغير إذنها إذا كانت دون التسع السنين اقتداءً بما فعله الصديق وأقره النبي صلى الله عليه وسلم عليه، قالوا: هذا يدل على أن البنت ولو كانت صغيرة يزوجها أبوها خاصة بغير إذنها ولو كانت غير أهل للإذن كبنت الخمس وأربع إذا رأى المصلحة في ذلك لا لأجل المال بل لأجل المصلحة مصلحة البنت كما زوج الصديق عائشة لأجل مصلحة عائشة فمن يدرك النبي عليه الصلاة والسلام ومن يحصل النبي عليه الصلاة والسلام، فلهذا بادر إلى تزويجه عليه الصلاة والسلام، فإذا خطب منه الرجل الصالح من أهل الخير من أهل العلم والفضل والاستقامة وخشي أن يفوت هذا الرجل الصالح فعقد له عليها فلا بأس، لكن ليس له أن يقربها بالجماع حتى تكون أهلاً لذلك، ليس للزوج أن يتصل بها حتى تكون أهلاً للجماع يحرم عليه ما يضرها.

    أما الأولياء الآخرون فليس لهم أن يزوجوا إلا عند بلوغها التسع، فإذا بلغت تسعاً زوجوها بإذنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: أن تسكت).

    وهكذا الأب إذا بلغت تسعاً يستأذنها أيضاً، أما ما دون التسع فلا يلزم الأب استئذانها، لأنها ليست من أهل الإذن، أما إذا بلغت تسعاً فأكثر فإن أباها يستأذنها ولا يجبرها أيضاً هذا الصواب، ليس له جبر البنت البالغة تسعاً فأكثر، وإنما يزوج من دونها بغير إذنها للمصلحة المصلحة الشرعية للبنت كما تقدم، أما بقية الأولياء كأخيها وعمها وابن عمها ونحو ذلك فليس لهم أن يزوجوا إلا بعد بلوغ التسع وإلا بالإذن أيضاً، لابد من أمرين: بلوغ التسع حتى تكون أهلاً كما قالت عائشة رضي الله عنها : (إذا بلغت الجارية تسعاً فهي امرأة) ولأن التسع مقاربة، فلا مانع من التزويج بالإذن، تستأذن وإذنها سكوتها، إذا سكتت كفى، هذا في حق البكر، فالسن حينئذ فيها تفصيل، ففي حق الأب ليس لها حد محدود إذا رأى المصلحة ولكن ليس له أن يزوج إلا بإذن بعد بلوغها التسع، والأولياء إنما يزوجوا بعد بلوغ التسع حتى يستأذنوا حتى يتمكنوا من الاستئذان؛ إذ من دونها ليس محل إذن، فلهذا حدد لهم هذا ليستأذنوا لتكون محلاً للإذن حتى لا تجبر.

    1.   

    مقدار نصاب زكاة النقود وحكم أخذ من ملك النصاب للزكاة

    السؤال: أخونا يقول: ما هو نصاب الزكاة بالنسبة للعملة العراقية الدينار؟ وهل تجب الزكاة على الشخص الذي تدفع له الزكاة في نفس الوقت؟

    الجواب: أما النصاب فقد وضحه النبي صلى الله عليه وسلم، فالذهب نصابه عشرون مثقالاً، ومقدار ذلك بالغرام اثنان وتسعون غرام، وبالجنيه السعودي والفرنجي إحدى عشر جنيه وثلاثة أسباع الجنيه، يعني: إحدى عشر ونصف، الكسر اليسير لا يضر، إحدى عشرة جنيهاً وثلاثة أسباع هي إحدى عشرة جنيه ونصف؛ لأنه أوضح للحاسب، فهذا هو النصاب بالنسبة إلى الذهب، وبالفضة نصابها مائة وأربعون مثقالاً من الفضة، فما يقوم مقام ذلك من الدولار الأمريكي أو الدينار العراقي أو غير ذلك ما يقوم مقام هذا ويساوي هذا هو النصاب، ما يساوي مثلاً مائة وأربعين مثقالاً من الفضة أو يساوي إحدى عشرة جنيه من الذهب إحدى عشر ونصف من الذهب هذا يسمى نصاباً، ويجب فيه ربع العشر في المائة اثنان ونصف، في المائتين خمسة، في الألف خمسة وعشرون ربع العشر، وإذا أحب أن يزكي ما عنده ولا ينظر إلى النصاب فالأمر في هذا واسع؛ لأن النصاب قليل، يعني: أقل نصاب هو شيء قليل، فإذا كان عند الإنسان أموال زكاها؛ لأن النصاب قليل جداً مقدار عشرين مثقالاً من الذهب أو مائة وأربعين مثقال من الفضة مقدارها ستة وخمسين ريالاً من السعودي، ستة وخمسون ريالاً من الفضة من العملة السعودية وهذا شيء قليل فلا يحتاج الإنسان إلى التكلف من جهة النصاب يزكي ما عنده والحمد لله؛ لأنه في الغالب قد بلغ النصاب، ويا أهل المئات والألوف قد بلغ النصاب عندكم، إنما قد يشتبه على أهل الدنانير القليلة، إذا كان عندهم شيء قليل فهؤلاء ينظرون في قيمتها بالنسبة إلى الجنيه الفرنجي والسعودي المعروف بالنسبة إلى عشرين مثقالاً من الذهب ماذا تساوي، فإذا كان ما عنده يساوي عشرين مثقالاً من الذهب وجب فيه الزكاة.

    أو يساوي مائة وأربعين مثقالاً من الفضة وجب فيه الزكاة، ويعرفون هذا بالنظر إلى أهل الذهب والفضة إذا راجعوهم أهل الذهب والفضة -الصيارفة- إذا راجعوه وسألوه عن قيمة عشرين مثقالاً من الذهب عن قيمة مائة وأربعين مثقالاً من الفضة عرفوا ذلك، ولا حاجة إلى التكلف إذا زكى ما عنده فالحمد لله. نعم.

    المقدم: بارك الله فيكم، إذاً: لو قيل أيضاً لأخينا هذا: عليه أن يزكي ربع العشر دائماً؟

    الشيخ: يكفي ولا يحتاج تكلف يسأل.

    وإذا كان عليه زكاة وهو فقير يعطى إذا كان مثلاً إنسان عنده ألف دينار قلنا: عليك خمسة وعشرون زكاة، ربع العشر، ولكن هذا الألف الذي يتسبب فيه، يعمل فيه ما يكفيه، عنده عائلة ما يكفيه، هذا لو صرف هذا المال ما بقي عنده شيء، فهو يعمل في هذا المال في حاجات في بيع وشراء في سلع، فهو يعطى من الزكاة ما يقوم بحاله وتبقى هذه الجنيهات التي عنده أو الدولارات التي عنده يتسبب فيها حتى يستعين بها على حاجات البيت، فيعطى لأنه فقير ويزكي ما عنده من هذا المال الذي بلغ النصاب، فعنده ألف دينار مثلاً يزكيه خمسة وعشرين كل سنة إذا كان في حاجات يبيعها في الدكان أو في مبسط بقالة أو شيء يزكي هذا الشيء ويعطى من الزكاة ما يكمل حاجته؛ لأنها ربح الألف الدينار أو ألف دولار أو ألف جنيه إسترليني أو نحوه ربحها وما يحصل فيها قد لا يقوم بحاله ولا يكفيه في حاجات البيت فيعطى من الزكاة ما يسد حاجته، ولا يقال: عليك أن تنفق هذا وتبقى معطلاً، لا، يتجر في هذا ويتسبب في هذا المال الذي بيديه حتى يستعين بربحه في حاجات البيت ويعطى من الزكاة ما يقوم بحاله، وهكذا لو كان عنده قلنا: مثلاً مائة دينار وزكى منها اثنين ونص، المائة الباقية ما تساوي شيء بالنسبة إلى حاجته فيعطى ما يسد حاجته من إخوانه من زكاة إخوانه المسلمين ولا بأس هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم.

    نعم، ذهب بعض أهل العلم إلى أن من زكى لا يعطى، وهذا قول ضعيف، الصواب: أنه يعطى إذا كان فقيراً ولو وجبت عليه الزكاة في مال عنده. نعم.

    المقدم: بارك الله فيكم، نؤجل رسالة أخينا سعيد يوسف محمود من بيشة سبت العلايا إلى الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد الله سبحانه على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير وعافية.

    الشيخ: إن شاء الله.

    المقدم: مستمعي الكرام كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وسجلها لكم من الإذاعة الخارجية أخونا فهد العثمان .

    شكراً لكم جميعاً، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756195890