أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نستضيف فيه سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مرحباً بسماحة الشيخ، سماحة الشيخ! هذه أسئلة كثيرة وردتنا من المستمعين نختار منها أو نأخذ منها على حسب ترتيب الوصول للإذاعة، أسئلة السادة: فهد عبد الوهاب الخميس من الزلفي وسليم محمد الزهراني والمرسلة (ج. ص) من جدة والمرسل (ح. ع. ف) من حائل ويسأل عن الطلاق، وحمد مسعود فضل السيد من السودان، وسليمان القناص من بريدة، والمرسل (م. س. ع) يسأل عن اللقطة من الحرم.
====
السؤال: ونبدأ يا سماحة الشيخ برسالة المستمع فهد عبد الوهاب الخميس من الزلفي، يقول: إلى فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حفظكم الله، آمين: إنسان صلى جماعة فلما خرج من المسجد وجد معه منديل فيه دم من بشرته فقذفه ورجع يعيد الصلاة فوجد جماعةً فصلى معهم، هل إذا حصل مثل هذا عليه إعادة الصلاة أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً، ولكم منا جزيل الشكر، ونرجو لكم التوفيق إن شاء الله تعالى.
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
إذا صلى الإنسان رجلاً كان أو امرأة، ثم بعد الفراغ وجد في منديله دماً، أو في ثوبه دماً، أو في سراويله دماً، أو غير ذلك من النجاسات، فإن الصواب: أنه لا يعيد الصلاة، صلاته تجزئ وتصح، هذا هو الصواب من أقوال العلماء، أنه لا إعادة عليه وصلاته صحيحة، وإن كان قد علم ذلك سابقاً ثم نسيه حتى صلى، كذلك صلاته صحيحة، وعليه أن يبادر بغسل ذلك، وتنظيف ثوبه من ذلك، والحجة في ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى وعليه نعلان فأخبره جبرائيل أن فيهما أذى، فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، فدل ذلك على أنه لو كملها ما عاد، فالمقصود أن من كان في ثوبه نجاسة ما علم بها حتى فرغ، أو في سراويله، أو في إزاره، أو في عمامته، أو في منديله، أو في خفه ونعله ولم يعلم حتى فرغ فصلاته صحيحة، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم، ولا إعادة عليه. نعم.
لكن هنا شيء آخر قد يظنه بعض الناس مثل هذا، وهو إذا صلى يحسب أنه متوضئ، أو يحسب أنه قد تطهر من الجنابة، ثم بان أن عليه جنابة، أو أنه ما توضأ هذا يعيد بإجماع المسلمين، هذا عليه أن يعيد؛ لأنه صلى بغير طهارة بالحدث، هذا ما هو من جنس النجاسة، هذا إذا صلى مثلاً يحسب أنه على وضوء، أو يحسب أنه قد اغتسل من الجنابة، ثم لما صلى ذكر أن عليه جنابة، أو أنه ما توضأ أنه محدث، هذا عليه أن يتوضأ وأن يغتسل من الجنابة إذا كان عليه جنابة ثم يعيد صلاته، وإن كان إمام لا يعيد المأمومون، إذا ما درى إلا بعد الصلاة يعيد هو، أما المأمومون فلا يعيدون إذا كان ما انتبه إلا بعد الصلاة، هذه مسألة قد تخفى على بعض الناس، وقد تشتبه بمسألة النجاسة والحكم يختلف.
الجواب: هذا ليس بنذر، إذا قال: إن حصل لي كذا وكذا فعليكم علي كذا وكذا، هذا ليس بنذر، هذا وعد، النذر: أن يقول: صدقة لوجه الله، أو نذر لله علي إذا شفاني الله أو حصل لي كذا وكذا أن أفعل كذا وكذا، أن أصوم كذا، أن أتصدق بكذا، هذا النذر، أما قوله: إن حصل لي كذا أعطيتكم كذا، أو ذبحت لكم ذبيحة، هذا وعد وليس بنذر، فإن ذبح لهم فلا بأس، وإن ترك فلا بأس، لا يلزمه ذلك، وإن تيسر وذبح لهم فهذا حسن، وأما إذا نذر قال: صدقة لوجه الله علي، أو نذر لله علي أن أفعل كذا وكذا إذا حصل كذا وكذا، فإنه يوفي بنذره نذر الطاعة، إذا كان للفقراء والمساكين، أو صلاة أو صوماً شرعياً فلا بأس، أما لواحد معين، نذر لله علي، أو صدقة لوجه الله علي إن شفاني الله أن أعطي فلاناً كذا، أو أكسوه وهو فقير يستحق ذلك فإنه يوفي.
الجواب: ليس للمرأة أن تأخذ من شعر حاجبيها أو وجهها شيئاً؛ لأن أهل العلم باللغة العربية قالوا: إن النمص الذي لعن الرسول صلى الله عليه وسلم صاحبه هو الأخذ من الحاجبين أو من شعر الوجه، ونتف ذلك أو أخذه بالمنماص وهو المنقاش فليس لها أن تأخذ من حاجبيها، وليس لها أن تأخذ من شعر وجهها، بل عليها أن تدع ذلك، وتحذر ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من اللعن؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة، قال العلماء: والنمص: أخذ شعر الوجه أو أخذ شعر الحاجبين، فليس لها أن تفعل ذلك، وعليها أن تتقي الله في ذلك، لكن لو نبت لها لحية، أو شارب، أو شعر خلاف العادة، يعني: يشينها، فلا بأس أن تأخذه وتزيله، أما الشيء العادي الذي ما فيه استنكار هذا يترك، وهكذا الحاجبان لا يتعرض لهما.
الجواب: لا حرج في أن كون المرأة تذهب للخياط، أو يذهب وليها فيعطيه ملابس لها بمقاييس يقيس عليها، إما ملابس أو خيوط يقيس عليها لا بأس في ذلك، إنما المحذور كونها تذهب بنفسها يقيس عليها يلمسها أو يخلو بها هذا منكر ما يجوز، كونه يخلو بها أو يقيس عليها بيده يلمسها بيده هذا منكر، أما تعطيه الثوب يقيس عليه أو خيوط يقيس عليها فلا بأس، وإذا تيسر خياطات كافيات فالنساء أولى بكل حال.
الجواب: هذه المسألة تحتاج إلى نظر، والعادة فيها أننا نحيل المرأة والرجل وولي المرأة إلى الحاكم حتى يأخذ كلام الجميع، وبعد ذلك تكون الفتوى، والخلاصة أن الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة يعتبر طلقةً واحدة، لكن هذا فيه التفصيل من جهة الغضب الشديد، ومن جهة حال المرأة، فإذا صدقته له حال، وإذا أنكرت كلامه له حال، فالذي أرى لهذا السائل أن يكتب إلينا فيما وقع منه، أو يحضر بنفسه ونحن نحيله لرئيس المحاكم في حائل حتى يأخذ كلام المرأة وكلام وليها وكلامه، ومن الآن ننصحه أن يذهب إلى الحاكم وأن يكتب كلامه وكلام زوجته عند الحاكم وكلام وليها ويحضر عندنا إن شاء الله، أو يرسله في البريد ويأتيه الجواب إن شاء الله.
الجواب: أما تقبيله اليد فذهب جمع من أهل العلم إلى كراهته، ولا سيما إذا كان عادةً، أما إذا فعل بعض الأحيان عند بعض اللقاءات فلا حرج في ذلك مع الرجل الصالح، مع الأمير الصالح، مع الوالد، أو شبه ذلك، لا حرج في ذلك، لكن اعتياده يكره، وبعض أهل العلم حرم ذلك إذا كان معتاداً دائماً عند اللقاء، أما فعله بعض الأحيان فلا حرج في ذلك، أما السجود على اليد، كونه يسجد على اليد يضع جبهته على اليد، فهذا السجود محرم، ويسميه بعض أهل العلم السجدة الصغرى، هذا لا يجوز، كونه يضع جبهته على يد إنسان سجوداً عليها، لكن تقبيلها بفمه إذا كان غير معتاد إنما نادر أو قليل فلا بأس؛ لأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قبل بعض الصحابة يده وقدمه، وفعله بعض الصحابة، فالأمر في هذا سهل إذا كان قليلاً، أما اعتياده دائماً فيكره أو يحرم، وأما الانحناء فهو لا يجوز، كونه ينحني كالراكع، هذا لا يجوز؛ لأن الركوع عبادة ولا يجوز أن ينحني، أما إذا كان انحناؤه ليس من أجل التعظيم، انحنى له لأنه قصير والمسلم طويل فانحنى له حتى يصافحه، لا لأجل التعظيم؛ بل لأجل أن المسلم عليه قصير، أو مقعد، أو جالس، فلا بأس بهذا، أما أن ينحني لتعظيمه فهذا لا يجوز، ويخشى أن يكون من الشرك إذا قصد تعظيمه بذلك، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل قيل: (يا رسول الله! ألقى الرجل فهل أنحني له؟ قال: لا، قال: فهل ألتزمه وأقبله؟ قال: لا، قال: فهل آخذ بيده وأصافحه؟ قال: نعم)، وإن كان في سنده ضعف لكن ينبغي العمل به؛ لأن الشواهد الكثيرة تشهد له في المعنى، والأدلة كذلك تدل على أن الانحناء والركوع للناس لا يجوز.
فالحاصل أنه لا يجوز الانحناء أبداً لأي شخص، لا للملوك ولا لغير الملوك، ولكن إذا كان الانحناء لا لأجل التعظيم بل لأجل أن المسلم عليه قصير، أو مقعد، أو جالس، فانحنى ليسلم عليه فلا بأس بذلك.
الجواب: نعم إذا دخل المسجد وأتى الصف يقول: السلام عليكم، قبل أن يبدأ بالصلاة، السلام عليكم، أي: على الحاضرين ولو كانوا يصلون، والمصلي يرد بالإشارة، يشير بيده كالمصافح، يرد بالإشارة كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يكبر لتحية المسجد يصلي تحية المسجد.
في الحقيقة أننا اهتمينا بهذا الموضوع؛ لأن كثرة الجلود الآن تباع في الأسواق وهي مختلفة لأنواع من السباع وغيرها.
الجواب: فيها خلاف كثير بين أهل العلم، أعني: جلود السباع، جلود الثعلب والذئب والنمر فيها خلاف بين أهل العلم كثيراً، والذي ينبغي ألا يقتنى وألا يستعمل؛ لأنها جاءت أحاديث تدل على النهي عن جلود السباع وعن افتراشها وعن ركوبها، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الدباغ طهارة.. ذكاةً، فدل ذلك على أن الدباغ إنما يكون لما يطهر بالذكاة كمأكول اللحم من الإبل والبقر والغنم ونحو ذلك، فهذه جلودها طيبة ولو ميتة إذا دبغت، أما السباع فهي نجسة ولو ذبحت، فلا يؤثر فيها الدباغ، فالذي ينبغي للمؤمن ألا يستعمل جلود السباع لا الثعلب ولا غيره، وهذا هو أرجح الأقوال لأهل العلم وهو أحوطها للمؤمن.
الجواب: إن كان يعرف أهلها أرسلها إليهم واستبيحهم واستحلهم، وإن كنت أيها السائل لا تعرف أهلها فإن عليك أن تتصدق بها على الفقراء والمساكين بالنية عن صاحبها، والله يغفر لنا ولك مع التوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى وعدم العودة إلى مثل ذلك، وكان الواجب عليك أن تعرفها ذاك الوقت، وتنادي عليها: من له النقود.. من له النقود.. من له النقود؟ ثم إذا لم تجدها سلمتها للمسئولين بمكة عن اللقطات، أما الآن وقد طال الأمد فعليك أن تتصدق بها عن صاحبها مع التوبة والاستغفار، وصاحبها ينتفع بها، ويؤجر عليها، ولا شك أن هذا هو الطريق الآن إلى براءة ذمتك.
المقدم: أحسنتم أثابكم الله.
إلى هنا أيها السادة! ونأتي على نهاية لقائنا هذا الذي استعرضنا فيه أسئلة السادة: فهد عبد الوهاب الخميس من الزلفي، وسليم محمد الزهراني ، والمرسلة (ج. ص) من جدة، وتسأل عن أخذ شعر الحاجبين، والمرسل (ح. ع .ف) من حائل ويسأل عن الطلاق، وحمد مسعود فضل السيد من السودان، وسليمان القناص من بريدة، والمرسل (م. س. ع) ويسأل عن اللقطة من الحرم.
استعرضنا هذه الأسئلة والاستفسارات على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحة الشيخ عبد العزيز ، وشكراً لكم أيها السادة! وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر