إسلام ويب

أبواب إقامة الصلوات والسنة فيها [2]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جرى عمل الصحابة على جواز ائتمام المفترض بالمتنفل، كما فعل معاذ بن جبل عليه رضوان الله تعالى، وقد استقر عليه عمل الصحابة عليهم رضوان الله والصدر الأول، وأن الصلاة في ذلك صحيحة، وقد حكى الماوردي رحمه الله إجماع الصحابة عليهم رضوان الله تعالى على ذلك، وإنما طرأ الخلاف في ذلك بعد الصدر الأول. كما أنه لم يعلم خلاف عند العلماء في فضل الصف المقدم على غيره.

    1.   

    باب إذا حضرت الصلاة ووضع العشاء

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    قال المصنف رحمه الله: [ باب إذا حضرت الصلاة ووضع العشاء.

    حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ) .

    حدثنا أزهر بن مروان، قال: حدثنا عبد الوارث، قال: حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ).

    قال: فتعشى ابن عمر ليلةً وهو يسمع الإقامة.

    حدثنا سهل بن أبي سهل، قال: حدثنا سفيان بن عيينة (ح)

    وحدثني علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع؛ جميعاً عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ) ].

    1.   

    باب الجماعة في الليلة المطيرة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الجماعة في الليلة المطيرة.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المليح، قال: ( خرجت في ليلة مطيرة، فلما رجعت استفتحت، فقال أبي: من هذا؟ قلت: أبو المليح، قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية وأصابتنا سماء لم تبل أسافل نعالنا، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا في رحالكم ) .

    حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة المطيرة، أو الليلة الباردة ذات الريح: صلوا في رحالكم ) .

    حدثنا عبد الرحمن بن عبد الوهاب، قال: حدثنا الضحاك بن مخلد، عن عباد بن منصور، قال: سمعت عطاء يحدث عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه قال في يوم جمعة يوم مطر: صلوا في رحالكم ) .

    حدثنا أحمد بن عبدة، قال: حدثنا عباد بن عباد المهلبي، قال: حدثنا عاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل: ( أن ابن عباس رضي الله عنهما أمر المؤذن أن يؤذن يوم الجمعة، وذلك يوم مطير، فقال: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال له: ناد في الناس فليصلوا في بيوتهم، فقال له الناس: ما هذا الذي صنعت؟ قال: قد فعل هذا من هو خير مني، تأمرني أن أحرج الناس من بيوتهم فيأتوني يدوسون الطين إلى ركبهم ) ].

    وهذا من السنن المهجورة، بل إنه أولى من الجمع في المطر، وأن ينادي المؤذن في الصلاة: الصلاة في الرحال، أو: الصلاة في بيوتكم، بدلاً من أن يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فيجعل الصلاة في البيوت أو في الرحال بدلاً من الحيعلتين.

    وهل يذكرها أربع مرات؟ نقول: يذكرها مرتين حتى تتسق مع الأذان، وهو ظاهر الأدلة في ذلك، ونقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه أمر المؤذن بقول: الصلاة في الرحال، في جملة من الأحاديث، وكذلك الصحابة، ولم يثبت عنه أنه جمع في المطر، وإنما هو من عمل الصحابة كـعبد الله بن عمر.

    جاء من حديث صفوان بن سليم عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله أنه جمع في ليلة مطيرة، وهذا إسناد منقطع عن عمر، ولكن نقول: إن الإنسان إذا كان في النداء يقول: الصلاة في الرحال، لكن إذا اجتمع الناس فإنه يجمع، وإذا لم يأت الناس والسماء تمطر فإنه ينادي لهم: أن الصلاة في الرحال، فنقول حينئذ: أنه يفصل فيها على الحال، والصلاة في الرحال أولى من الجمع.

    ولا بأس أن يقول: الصلاة في البيوت، أو الصلاة في الرحال، فكلها سائغة.

    1.   

    باب ما يستر المصلي

    قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يستر المصلي.

    قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا عمر بن عبيد، عن سماك بن حرب، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: ( كنا نصلي والدواب تمر بين أيدينا، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مثل مؤخرة الرحل تكون بين يدي أحدكم، فلا يضره من مر بين يديه ) .

    حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا عبد الله بن رجاء المكي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم تخرج له حربة في السفر، فينصبها فيصلي إليها ) .

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن بشر، عن عبيد الله بن عمر، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، قالت: ( كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير يبسط بالنهار، ويحتجره بالليل يصلي إليه ).

    حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، قال: حدثنا حميد بن الأسود، قال: حدثنا إسماعيل بن أمية (ح)

    وحدثنا عمار بن خالد، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي عمرو بن محمد بن عمرو بن حريث، عن جده حريث بن سليم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يجد فليخط خطاً، ثم لا يضره ما مر بين يديه ) ].

    1.   

    باب المرور بين يدي المصلي

    قال المصنف رحمه الله: [ باب المرور بين يدي المصلي.

    حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد، قال: ( أرسلوني إلى زيد بن خالد أسأله عن المرور بين يدي المصلي، فأخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يقوم أربعين خير له من أن يمر بين يديه )، قال سفيان: فلا أدري أربعين سنةً، أو شهراً، أو صباحاً، أو ساعةً.

    حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد: ( أن زيد بن خالد أرسل إلى أبي جهيم الأنصاري يسأله: ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يمر بين يدي الرجل وهو يصلي؟ فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لو يعلم أحدكم ما له أن يمر بين يدي أخيه وهو يصلي، كان لأن يقف أربعين، قال: لا أدري أربعين عاماً، أو أربعين شهراً، أو أربعين يوماً، خير له من ذلك ) .

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن عمه، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو يعلم أحدكم ما له في أن يمر بين يدي أخيه معترضاً في الصلاة، كان لأن يقيم مائة عام خير له من الخطوة التي خطاها ) ].

    1.   

    باب ما يقطع الصلاة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يقطع الصلاة.

    حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعرفة، فجئت أنا والفضل على أتان، فمررنا على بعض الصف فنزلنا عنها وتركناها ثم دخلنا في الصف ) .

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، عن محمد بن قيس هو قاص عمر بن عبد العزيز، عن أبيه، عن أم سلمة، قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرة أم سلمة، فمر بين يديه عبد الله أو عمر بن أبي سلمة، فقال بيده هكذا فرجع، فمرت زينب بنت أم سلمة، فقال بيده هكذا فمضت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هن أغلب ) .

    حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا قتادة، قال: حدثنا جابر، عن ابن عباس: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض ) .

    حدثنا زيد بن أخزم أبو طالب، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثنا أبي، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار ) .

    حدثنا جميل بن الحسن، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار ) .

    حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يقطع الصلاة إذا لم يكن بين يدي الرجل مثل مؤخرة الرحل: المرأة والحمار والكلب الأسود، قلت: ما بال الأسود من الأحمر؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال: الكلب الأسود شيطان ) ].

    1.   

    باب ادرأ ما استطعت

    قال المصنف رحمه الله: [ باب ادرأ ما استطعت.

    حدثنا أحمد بن عبدة، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا يحيى أبو المعلى، عن الحسن العرني، قال: ( ذكر عند ابن عباس ما يقطع الصلاة، فذكروا الكلب والحمار والمرأة، فقال: ما تقولون في الجدي؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي يوماً فذهب جدي يمر بين يديه، فبادره رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة ) .

    حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها، ولا يدع أحداً يمر بين يديه، فإن جاء أحد يمر فليقاتله فإنه شيطان ) .

    حدثنا هارون بن عبد الله الحمال، والحسن بن داود المنكدري، قالا: حدثنا ابن أبي فديك، عن الضحاك بن عثمان، عن صدقة بن يسار، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين )، وقال المنكدري: فإن معه العزى ].

    1.   

    باب من صلى وبينه وبين القبلة شيء

    قال المصنف رحمه الله: [ باب من صلى وبينه وبين القبلة شيء.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازة ) .

    حدثنا بكر بن خلف، وسويد بن سعيد، قالا: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أمها، قالت: كان فراشها بحيال مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عباد بن العوام، عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، قال: حدثتني ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا بحذائه، وربما أصابني ثوبه إذا سجد ) .

    حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثني أبو المقدام، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى خلف المتحدث والنائم ) ].

    1.   

    باب النهي أن يسبق الإمام بالركوع والسجود

    قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي أن يسبق الإمام بالركوع والسجود.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا ألا نبادر الإمام بالركوع والسجود، وإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا ).

    حدثنا حميد بن مسعدة، وسويد بن سعيد، قالا: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا محمد بن زياد، عن أبي هريرة، قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: ( ألا يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار؟ ) .

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد، عن زياد بن خيثمة، عن أبي إسحاق، عن دارم، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني قد بدنت، فإذا ركعت فاركعوا، وإذا رفعت فارفعوا، وإذا سجدت فاسجدوا، ولا ألفين رجلاً يسبقني إلى الركوع ولا إلى السجود ) .

    حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان، عن ابن عجلان (ح)

    وحدثنا أبو بشر بكر بن خلف، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تبادروني بالركوع ولا بالسجود، فمهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت، ومهما أسبقكم به إذا سجدت تدركوني به إذا رفعت، إني قد بدنت ) ].

    1.   

    باب ما يكره في الصلاة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يكره في الصلاة.

    حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، قال: حدثنا ابن أبي فديك، قال: حدثنا هارون بن هارون بن عبد الله بن الهدير التيمي، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من الجفاء أن يكثر الرجل مسح جبهته قبل الفراغ من صلاته ) .

    حدثنا يحيى بن حكيم، قال: حدثنا أبو قتيبة، قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، وإسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تفقع أصابعك وأنت في الصلاة ) .

    حدثنا أبو سعيد سفيان بن زياد المؤدب، قال: حدثنا محمد بن راشد، عن الحسن بن ذكوان، عن عطاء، عن أبي هريرة، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغطي الرجل فاه في الصلاة ) .

    حدثنا علقمة بن عمرو الدارمي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن كعب بن عجرة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد شبك أصابعه في الصلاة، ففرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه ) .

    حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا حفص بن غياث، عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه ولا يعوي، فإن الشيطان يضحك منه ) .

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا الفضل بن دكين، عن شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( البزاق والمخاط والحيض والنعاس في الصلاة من الشيطان ) ].

    1.   

    باب من أم قوماً وهم له كارهون

    1.   

    باب الاثنان جماعة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الاثنان جماعة.

    حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده عمرو بن جراد، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اثنان فما فوقهما جماعة ) .

    حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا عاصم، عن الشعبي، عن ابن عباس، قال: ( بت عند خالتي ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فأقامني عن يمينه ) .

    حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، قال: حدثنا أبو بكر الحنفي، قال: حدثنا الضحاك بن عثمان، قال: حدثنا شرحبيل، قال: سمعت جابر بن عبد الله، يقول: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب، فجئت فقمت عن يساره، فأقامني عن يمينه ) .

    حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الله بن المختار، عن موسى بن أنس، عن أنس، قال: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من أهله وبي، فأقامني عن يمينه، وصلت المرأة خلفنا ) ].

    1.   

    باب من يستحب أن يلي الإمام

    قال المصنف رحمه الله: [ باب من يستحب أن يلي الإمام.

    حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ) ].

    المقصود بأولي الأحلام: البالغين، والنهى: أصحاب العقول الذين لديهم شيء من العلم والفهم والإدراك، وهذا هو السنة: أن يكون خلف الإمام، وهذا أقوى الأدلة الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام في إبعاد الصغار عن المقام وهو ما خلف الإمام، فيكون حينئذ هو موضع للبالغين وموضع أيضاً لأولي النهى؛ وذلك ليفتحوا على الإمام في حال نسيانه أو سهوه في صلاته فيذكرونه.

    قال: [ حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا حميد، عن أنس، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليأخذوا عنه ).

    حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن أبي الأشهب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً، فقال: تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله ) ].

    1.   

    باب من أحق بالإمامة

    قال المصنف رحمه الله: [ باب من أحق بالإمامة.

    حدثنا بشر بن هلال الصواف، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي، فلما أردنا الانصراف قال لنا: إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما ) ].

    في حال التساوي في القراءة فإنه يقدم الأسن، وإمامة الصغير صحيحة ولا خلاف في ذلك إذا كان مميزاً، وقد نقل غير واحد من العلماء الإجماع على مسألة إمامة الصغير، نقل إجماع الصحابة على ذلك جماعة كـابن حزم الأندلسي وابن قدامة، وكذلك تصح إمامة العبد بلا خلاف، وقد نقل إجماع الصحابة ابن قدامة رحمه الله في كتابه: المغني.

    قال: [ حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن رجاء، قال: سمعت أوس بن ضمعج، قال: سمعت أبا مسعود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، فإن كانت الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سناً، ولا يؤم الرجل في أهله ولا في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذن أو بإذنه ) ].

    1.   

    باب ما يجب على الإمام

    قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يجب على الإمام.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا عبد الحميد بن سليمان أخو فليح، قال: حدثنا أبو حازم، قال: ( كان سهل بن سعد الساعدي يقدّم فتيان قومه يصلون بهم، فقيل له: تفعل ولك من القدم ما لك؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الإمام ضامن، فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء- يعني- فعليه ولا عليهم ) .

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن أم غراب، عن امرأة يقال لها عقيلة، عن سلامة بنت الحر أخت خرشة، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( يأتي على الناس زمان يقومون ساعةً لا يجدون إماماً يصلي بهم ) .

    حدثنا محرز بن سلمة العدني، قال: حدثنا ابن أبي حازم، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي علي الهمداني: ( أنه خرج في سفينة فيها عقبة بن عامر الجهني، فحانت صلاة من الصلوات فأمرناه أن يؤمنا، وقلنا له: إنك أحقنا بذلك، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أم الناس فأصاب فالصلاة له ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئاً فعله ولا عليهم ) ].

    1.   

    باب من أم قوماً فليخفف

    قال المصنف رحمه الله: [ باب من أم قوماً فليخفف.

    حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إسماعيل، عن قيس، عن أبي مسعود، قال: ( أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله! إني لأتأخر في صلاة الغداة من أجل فلان لما يطيل بنا فيها، قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط في موعظة أشد منه غضباً يومئذ: يأيها الناس! إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة ) .

    حدثنا أحمد بن عبدة، وحميد بن مسعدة، قالا: حدثنا حماد بن زيد، قال: أخبرنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجز ويتم الصلاة ) .

    حدثنا محمد بن رمح، قال: أخبرنا الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر: ( قال صلى معاذ بن جبل الأنصاري بأصحابه صلاة العشاء فطول عليهم، فانصرف رجل منا فصلى، فأخبر معاذ عنه فقال: إنه منافق، فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما قال له معاذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتريد أن تكون فتاناً يا معاذ؟ إذا صليت بالناس فاقرأ بـ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1]، و سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا [الشمس:4]، و اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق:1] ) ].

    وهذا الذي عليه عملهم كحال معاذ بن جبل عليه رضوان الله تعالى في مسألة ائتمام المفترض بالمتنفل، وهذه المسألة من المسائل التي استقر عليها عمل الصحابة عليهم رضوان الله والصدر الأول: أن المفترض يأتم بالمتنفل، والمتنفل يأتم بالمفترض، وأن الصلاة في ذلك صحيحة، وقد حكى الماوردي رحمه الله إجماع الصحابة عليهم رضوان الله تعالى على ذلك، وقد طرأ الخلاف بعد الصدر الأول في مسألة ائتمام المفترض بالمتنفل والمتنفل بالمفترض، وكذلك المفترض بمفترض آخر عند اختلاف الفرض، والصواب صحة ذلك كله.

    قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي هند، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، قال: سمعت عثمان بن أبي العاص، يقول: ( كان آخر ما عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم حين أمرني على الطائف، قال لي: يا عثمان! تجاوز في الصلاة واقدر الناس بأضعفهم، فإن فيهم الكبير والصغير والسقيم والبعيد وذا الحاجة ) .

    قال أبو الحسن القطان: حدثنا علي بن إسماعيل، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب، قال: ( حدث عثمان بن أبي العاص: أن آخر ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أممت قوماً فأخف بهم ) ].

    والضعيف هو أميرهم، وكذلك أمير القوم في السفر وفي الرحلة ونحو ذلك، وليس المراد بذلك هو الأمر والنهي أو التقدم، ولكن المراد بذلك أنهم يعتبرون به لأنه أضعف الناس من جهة المسير، فيأتمرون به حتى لا يترك، كذلك من جهة أداء الصلاة يخفف لأضعف الناس وجوداً، بخلاف إذا كان يوجد في المسجد أمة كبيرة من الناس والضعيف الواحد والاثنين، ويجد الضعيف مندوحة له بالتيسير، إما بجلوسه أو اتكائه واعتماده، فلا يقال: إن الأمة كلها تدع السنة لواحد منغمس في جماهير، كالصلاة في الجوامع الكبيرة، أو الصلاة مثلاً في مكة والمدينة، يوجد من الضعفاء وكبار السن ونحو ذلك مما لا ينافي الإطالة، وذلك لإمكانه أن يعتضد أو أن يجلس أو أن يصلي شيئاً ويدع شيئاً حتى لا تفوت السنة، ولكن في الجماعات اليسيرة التي يصلي بها الإنسان في المساجد الراتبة في الأحياء والتي يصلي فيها أهل الحي فإنه يقتدى بالأضعف منهم.

    1.   

    باب الإمام يخفف الصلاة إذا حدث أمر

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الإمام يخفف الصلاة إذا حدث أمر.

    حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم لوجد أمه ببكائه ) .

    حدثنا إسماعيل بن أبي كريمة الحراني، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن عبد الله بن علاثة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأسمع بكاء الصبي فأتجوز في الصلاة ) .

    حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا عمر بن عبد الواحد، وبشر بن أبي بكر، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لأقوم في الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية أن يشق على أمه ) ].

    التجوز في حال سماع صوت الصبي إشفاقاً على أمه وإشفاقاً عليه، هل يعني من ذلك الاكتفاء بالواجب، كقراءة الفاتحة؟ نقول: لا، هو أن يأتي بالواجب وأقل مقدار من السنة، فيقرأ مثلاً بالفاتحة وبشيء من القرآن يسير، وكذلك من جهة التسبيح يأتي بالقدر الواجب وأقل مقدار من السنة، فالواجب في التسبيح واحدة ثم أدنى المقدار في ذلك أن يأتي بثلاث، ولا يزيد على ذلك بالوصول إلى عشر أو نحوها.

    1.   

    باب إقامة الصفوف

    قال المصنف رحمه الله: [ باب إقامة الصفوف.

    حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة السوائي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قال: قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف ) .

    حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة (ح)

    وحدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا أبي، وبشر بن عمر، قالا: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سووا صفوفكم، فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة ) .

    حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا سماك بن حرب، أنه سمع النعمان بن بشير يقول: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي الصف حتى يجعله مثل الرمح أو القدح، قال: فرأى صدر رجل ناتئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سووا صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) ].

    وهذا فيه أن المخالفات اليسيرة تنكر قلوب البعض، ولهذا جعل النبي عليه الصلاة والسلام عدم تسوية الصفوف أمارة أو سبب لاختلاف الوجوه واستنكار بعضها لبعض، والمراد بذلك أن يحمل بعضهم على بعض ويستنكر بعضهم بعضاً من جماعة المسجد الواحد، وذلك أنهم كلما تقاربوا واستووا ولم يتقدم أحدهم على الآخر واستووا في أداء الصلاة، تقاربوا من جهة البواطن، وهذا من عظائم الحكم في أداء الصلاة، فكانت جماعة واحدة يستوي الغني والفقير على صف واحد لا يتقدم أحدهم على الآخر، وكذلك الكبير والصغير يستوون على حد واحد.

    وإذا أصبح الإنسان يؤثر نفسه بشيء من المقام في الصف من غير شيء مشروع فيتقدم أو يتأخر أو يبتعد عمن دونه لفقره أو لضعفه أو لصغره أو نحو ذلك، حمله ذلك إلى شيء من التنكر له والذي ينمو في قلبه، ولهذا جاءت الشريعة بالمساواة في هذا الجانب حتى تتقارب النفوس، ولهذا نقول: كلما تقاربت الأبدان تقاربت النفوس، وإذا تنافرت الأبدان تنافرت النفوس، ولهذا جاء الحث والحض على الاجتماع حتى على الطعام، فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( خير الطعام ما كثرت عليه الأيدي )، يعني: يجتمع الناس عليه، فإنه أقرب إلى الألفة والتواضع والتلاحم، بخلاف انفراد الإنسان عن غيره، فإنه يدعوه إلى شيء من الأنفة والكبر.

    قال: [ حدثنا هشام بن عمار، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف، ومن سد فرجةً رفعه الله بها درجة ) ].

    1.   

    باب فضل الصف المقدم

    قال المصنف رحمه الله: [ باب فضل الصف المقدم.

    حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم، عن خالد بن معدان، عن عرباض بن سارية: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للصف المقدم ثلاثاً، وللثاني مرة ) ].

    لا خلاف عند العلماء في فضل الصف المقدم على غيره، ولكن يختلف العلماء فيما إذا كان الصف الأول ممتد، أي: أطرافه بعيدة عن الإمام، هل الأفضل القرب من الإمام من الصف الثاني، أم الأول ولو كان طرفه بعيداً؟ نقول: إذا كان الطرف بعيداً بحيث لا يسمع الإمام فسماع الإمام ورؤيته في الصف الثاني أفضل من البعيد من الصف الأول.

    واختلف العلماء في بعض صور الصف الأول، فالإنسان الذي يأتي مبكراً ولا يقدر له أن يأتي في الصف الأول، هل هو أفضل أم من يأتي متأخراً ثم يجد فرجةً في الصف الأول؟ يعني: هل الأفضل الصف الأول أم التبكير؟

    صنف بعض العلماء في هذا، ومنهم السيوطي رحمه الله فله رسالة في هذا الباب، سماها: بسط الكف في إتمام الصف. تكلم فيها عن تسوية الصفوف، وفضل الصف الأول، وأقوال العلماء في ذلك، وأورد نحواً من عشرة أقوال في مسألة تفاضل الصف الأول وتفسير العلماء له.

    ومن المعلوم أنه عند الكلام عن الصف الأول ينصرف الذهن إلى الصف البدني الحسي المعروف، وأما التبكير فله خصائصه في الشريعة، ودلت الأدلة عليه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله، ونقول: إن التبكير يؤجر عليه الإنسان، والصف الأول يؤجر عليه الإنسان، وكل واحدة لها أجر، وعليه فأيهما أفضل: التبكير أم الصف الأول؟ نقول: التبكير رباط، وأما الصف الأول فجاء ثوابه في جملة من الأحاديث وهي دون أجر الرباط، لهذا نقول: إن التبكير في ذلك أفضل، وأفضلها أن يجمع الإنسان مع التبكير الصف الأول.

    وأفضل مواضع الصف الأول هو خلف الإمام، وهو ما يسميه السلف: المقام، ولا يسمونه: الروضة، فتسمية الروضة جاءت من المتأخرين، ولهذا جاء عن عبد الله بن عمر أنه كان يفضل المقام، يعني: خلف الإمام.

    والروضة خاصة بمسجد النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء في الحديث، قال: ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة )، وهذا لأن النبي عليه الصلاة والسلام يعلم الناس فيها؛ كما رجح ذلك غير واحد من العلماء كـابن عبد البر رحمه الله، وكذلك ابن القيم في الجواب الكافي، أن المراد بالروضة هو موضع التعليم، وليس المراد بذلك هو استحباب بداء الصلاة فيها.

    فالمقام الذي هو خلف الإمام هو أفضل المواضع، وخلف الإمام قريب من يساره أفضل من خلف الإمام بعيد عن يمينه من الصف الأول، لهذا نقول: إن القرب من الإمام من أي الجهتين أولى من البعد عنه ولو كان يميناً، وذلك أنه لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام نص في فضل الميمنة، إلا ما جاء في حديث البراء في قوله: كنا نحب أن نكون عن يمين النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انفتل ينفتل إليه، أي: يقبل عليهم بوجهه.

    وقيل: إن النبي عليه الصلاة والسلام أقرهم على ذلك، وقيل: إن هذا فعل فعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحبون أن يكونوا عن يمينه، ولهذا نقول: إن القرب من الإمام هو أفضل من البعد عنه ولو كان الإنسان في الصف الأول، لأنه يراه ويسمعه، إذاً: العبرة بالرؤية والسماع والتبكير.

    قال: [ حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر، قالا: حدثنا شعبة، قال: سمعت طلحة بن مصرف يقول: سمعت عبد الرحمن بن عوسجة، يقول: سمعت البراء بن عازب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول ) .

    حدثنا أبو ثور إبراهيم بن خالد، قال: حدثنا أبو قطن، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو يعلمون ما في الصف الأول لكانت قرعة ) .

    حدثنا محمد بن المصفى الحمصي، قال: حدثنا أنس بن عياض، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول ) ].

    1.   

    باب صفوف النساء

    قال المصنف رحمه الله: [ باب صفوف النساء.

    حدثنا أحمد بن عبدة، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، وعن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها، وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ) .

    حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير صفوف الرجال مقدمها، وشرها مؤخرها، وخير صفوف النساء مؤخرها، وشرها مقدمها ) ].

    وذلك بسبب القرب من الرجال، وهذا من الأدلة على منع الاختلاط وحظره، وفي المساجد التي يستدبر فيها الرجال النساء فإن صفوف النساء المتأخرة أفضل من المتقدمة، لكن إذا كانت النساء منفصلات عن الرجال كما هو الحال في كثير من المساجد اليوم، فهل هذا الأمر يبقى على ما هو عليه؟

    نقول: يبقى على ما هو عليه لعموم الدليل، ولأن القرب له أثر، سواءً كان قرباً بدنياً أو قرباً نفسياً، فإن الإنسان لو قرب بدناً ولو بحائل ربما يكون في ذلك شيء من الأثر.

    1.   

    باب الصلاة بين السواري في الصف

    قال المصنف رحمه الله: [ باب الصلاة بين السواري في الصف.

    حدثنا زيد بن أخزم أبو طالب، قال: حدثنا أبو داود، وأبو قتيبة، قالا: حدثنا هارون بن مسلم، عن قتادة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، قال: ( كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونطرد عنها طرداً ) ].

    وذلك لأن السواري تفصل بين الصفوف، ولهذا كانوا ينهون عن ذلك فلا يصلون بينها، فيكون الصف إما قبلها أو بعدها، فإذا احتيج إليه لشدة الزحام في بعض المساجد الجامعة، فإما أنهم يصلون بين السواري أو لا يجدون مكاناً فيصلون متزاحمين بعضهم على أعقاب أو على أكتاف بعض، فماذا يفعلون؟ نقول: يصلون بين السواري؛ لأن هذا أدنى الضررين، والنهي عن الصلاة بين السواري هذا محل اتفاق عند السلف، وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد، كما حكاه ابن حزم الأندلسي في كتابه: المحلى، عن ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وغيرهما.

    ومما ينبه إليه أن الصف لا يلزم أن ينتهي بحائط، ولكن نقول: إن الصفوف في هذا تكون قرب الإمام ما سمع الإمام ورئي، ولو يراه الإنسان مثلاً بطرف عينه أو نحو ذلك فهذا يكفي، وإذا امتد فلا حرج في ذلك.

    وهل الأفضل في ذلك أن تكون الصفوف متقاربة، بحيث يرى المأموم الإمام ولو بطرف عينه فتكثر الصفوف ولو لم تصل إلى أطراف الحائط؟

    نقول: الأولى في ذلك أن تكتمل الصفوف، لكن لا يجب أن تصل إلى أطراف الحيطان، جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام: ( أتموا الصف الأول )، ومراد النبي عليه الصلاة والسلام من هذا حتى لا تبقى فرجات، وحتى لا تختل الصفوف التالية، فيتواكل الناس عن سد فرجات الصفوف الأولى لأنهم يجدون اليسر في الصفوف التالية، ولهذا نقول: الأولى في ذلك أن يتم الإنسان أطراف الصف إلى الحائط، إلا أنه لا يجب لو جاء بصف ثان، ولكن المنهي عنه أن يكون ثمة فرجة في أثناء الصف، هذا المنهي عنه وهو محرم، أما وجود مساحة في بعض الأطراف، ويأتي الإنسان يستأنف صفاً جديداً فهذا لا يقال بتحريمه.

    1.   

    باب صلاة الرجل خلف الصف وحده

    1.   

    باب فضل ميمنة الصف

    قال المصنف رحمه الله: [ باب فضل ميمنة الصف.

    حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا معاوية بن هشام، قال: حدثنا سفيان، عن أسامة بن زيد، عن عثمان بن عروة، عن عروة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف ) .

    حدثني علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن مسعر، عن ثابت بن عبيد، عن ابن البراء بن عازب، عن البراء: قال: ( كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال مسعر- مما نحب أو مما أحب أن نقوم عن يمينه ).

    حدثنا محمد بن أبي الحسين أبو جعفر، قال: حدثنا عمرو بن عثمان الكلابي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي، عن ليث بن أبي سليم، عن نافع، عن ابن عمر قال: ( قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن ميسرة المسجد تعطلت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من عمر ميسرة المسجد كتب له كفلان من الأجر ) ].

    نقف على هذا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755911458