إسلام ويب

هشيم المعاكساتللشيخ : عبد الله بن علي الجعيثن

  •  التفريغ النصي الكامل
  • مرحلة الشباب مرحلة خطيرة، ومنعطف غير مأمون المخاطر، لكمال القوة، وتأجج الشهوة؛ خاصة مع البعد عن تعاليم الدين، ومتابعة وسائل الإعلام. وقد انتشرت بين الشباب والشابات ظاهرة المعاكسات والمكالمات، والتي تنتهي في الغالب إلى ما لا يحمد عقباه؛ خاصة من جهة الفتاة، وهذا الأمر أقض مضاجع الدعاة وأقلق الغيورين من الناس، لذا حاول الشيخ في هذه المادة علاج هذه المشكلة بذكر مساوئ المعاكسات، والتدليل بقصص منقولة من الواقع. كما عالجها بالحث على التدين، والتذكير بالعواقب الدنيوية والأخروية، كما وجه سائر أولياء أمور الشباب إلى القيام بواجباتهم تجاه ذلك..

    1.   

    الذئاب البشرية واقتناص الفريسة

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأصلي وأسلم على عبده ونبيه وصفيه من خلقه محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    أما بعد:

    قالت وهي تذرف دموع الندم: كانت البداية مكالمة هاتفية عفوية، تطورت إلى قصة حبٍ وهمية, أوهمني أنه يحبني وسيتقدم لخطبتي، طلب رؤيتي فرفضت، هددني بالهجر بقطع العلاقة فضعفت، أرسلت له صورتي مع رسالة وردية معطرة، توالت الرسائل، طلب مني أن أخرج معه، رفضت بشدة، هددني بالصور، بالرسائل المعطرة، بصوتي في الهاتف، وقد كان يسجله، خرجت معه على أن أعود في أسرع وقتٍ ممكن، لقد عدت ولكن.. عدت وأنا أحمل العار، قلت له: الزواج .. الفضيحة ..!!

    قال لي بكل احتقار وسخرية: إني لا أتزوج فاجرة.

    إن المعاكس ذئبٌ     يغري الفتاة بحيله

    يقول هيا تعالي     إلى الحياة الجميله

    قالت أخاف بأني     أغوى لدرب الرذيله

    قال الخبيث بمكرٍ     لا تقلقي يا كحيله

    إنا إذا ما التقينا     أمامنا ألف حيله

    لكل بنت أمامنا ألف حيلة..

    متى يجيء خطيب     في ذي الحياة المليله

    لكل بنت صديق     وكل خلٍ خليله

    ألا ترين فلانه     ألا ترين الزميله

    وإن أردت سبيلاً     فالعرس خير وسيله

    وانقادت الشاة طوعاً     والذئب حرَّك ذيله

    يا قبح فحش أتته     ويا فعال وبيله

    حتى إذا الوغد أروى     من الفتاة غليله

    قال اللئيم وداعاً     ففي البنات بديله

    قالت ألمَّا وقعنا     أين الوعود الطويله

    قال الخبيث وأبـدى     أنياب مكر وحيله

    كيف الوثوق بغرٍ     وكيف أرضى سبيله

    من خانت العرض يوماً     عهودها مستحيله

    بكت عذاباً وقهراً     على المخازي الوبيله

    عار ونار وخزي     كذا حياة ذليله

    من طاوع الذئب يوماً     أورده الموت غيله

    حديث اليوم لا كالأحاديث! إنه حديث ذو شجون، حديث عن موضوع كم دمعت بسببه من عين، وكم تهدم بسببه من بيت، وكم حصل من جرّائه من انتهاك عرض، وكم ترتب عليه من فرقة وطلاق بين زوجين متحابين متآلفين، كم من فتاة من جرائه حملت العار، وكم من بنت بسببه بقيت حبيسة الجدران لا تقبل خاطباً، تمر بها السنون تلو السنين وهي ترفض الزواج؛ خشية الفضيحة وانكشاف الأمر، وكم امتلأت دور الرعاية الاجتماعية من الأولاد غير الشرعيين من جراء ذلك الأمر، إنه المعاكسات الهاتفية، وما أدراك ما المعاكسات الهاتفية؟!!

    ذئب يتسلل إلى منزل على حين غفلة من أهله، فيعوي فيه حتى يخرج فريسته، فيفترسها ثم يقذفها تاركاً إياها تئن بجراحها.

    شاب يمسك دليل الهاتف متنقلاً من رقمٍ إلى رقم، يقتحم البيوت على أهلها، باحثاً عن فريسة يقضي معها وطره.

    استدراج للفتاة بمعسول القول ولين الكلام، فتسترسل المسكينة الغافلة من باب تزجية الفراغ من غير تفكير بالعواطف.

    تهديد بعد ذلك بالفضيحة وبتبليغ الأهل بما دار من حديثٍ عبر الشريط المسجل، إلا إذا وافقت على إرسال الصورة.

    زيادة في التمكن، واستمراراً بالتهديد والضغوط حتى يتمكن الفاجر من إخراج فريسته من حضيرتها فتقع الكارثة، وتتم فصول الجريمة.

    ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، (فكاميرا الفيديو) قد تابعت المأساة، وربما لا يكفي حصول الجريمة من شخصٍ واحد، بل لا بد من إخراج الأصحاب وبقية الذئاب.

    قال بكر بن عبد الله أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء: المعاكسة كنت أظنها مرضاً تخطَّاه الزمن، وإذا بالشكوى تتوالى من فعلات السفهاء, في تتبع محارم المسلمين في عقر دورهن، فيستجروهن بالمكالمة والمعاكسة السافلة، ومن السفلة من يتصل على البيوت مستغلاً غيبة الراعي؛ ليتخذها فرصةً علَّه يجد من يستدرجه إلى سفالته، وهذا نوع من الخلوة أو سبيل لها وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء) أي: الأجنبيات عنكم، فهذا وايم الله حرام حرام، وإثم وجناح، وفاعله حريٌ بالعقوبة. انتهى كلامه..

    أيها الإخوة والأخوات! حينما نتحدث عن المعاكسات فلسنا نعني كل بنات المسلمين ولا أبناء المسلمين، فالخير كثير، والصالحون والصالحات كثر، والذين نجوا من شراك المعاكسات هُم الأكثرون بحمد لله، لكن مع ذلك إنها الحقيقة المرة أن نعترف ونقر أن المعاكسات أصبحت حقيقة واقعة، وظاهرة اجتماعية خطيرة تهدد كل بيت.

    1.   

    الأسباب الإجمالية للمعاكسات

    ولو أردنا أن نعرج على الأسباب الإجمالية العامة للمعاكسات لأمكننا أن نحصرها إجمالاً في الأمور التالية وإن كنا سنورد بعضاً منها مع العلاج في ثنايا المحاضرة:

    أولاً: ضعف الوازع الديني ونقص الإيمان.

    ثانياً: فقدان الرقابة والمتابعة للمراهقين من الجنسين من قبل أولياء أمورهم.

    ثالثاً: إهمال التربية الجادة من قبل الأهل على الأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن.

    رابعاً: الفراغ.

    خامساً: أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة؛ كالصحف والمجلات، والأجهزة المرئية التي تثير الغرائز، وتصور مثل هذه الأعمال على أنها بطولات، وأن المعاكسات طريق الزواج.. و.. و.. إلى آخره.

    سادساً: أصدقاء وصديقات السوء.

    سابعاً: التأخر في الزواج.

    ثامناً: خروج المرأة بلا محرم إلى الأسواق والأماكن العامة مع التبرج والتهتك.

    تاسعاً: إهمال التوعية بمخاطر المعاكسات من قبل الأهل, ومن قبل الخطباء، وطلبة العلم، والمتصدين للتوعية، والتوجيه, وإهمال ذلك من قبل أجهزة الإعلام، فقلما يعرج على مثل هذا الأمر وعلى بيان خطورته.

    عاشراً: الجهل بعواقب هذا السلوك، وما يؤدي إليه من نتائج وخيمة.

    الحادي عشر: تقديم العاطفة على العقل.

    الثاني عشر: حب اكتشاف المجهول، والرغبة في فعل الممنوع؛ وذلك بالمغامرات الحمقاء، التي منها مكالمة الغرباء عن طريق الهاتف.

    الثالث عشر: المعاملة السيئة التي تتلقاها الزوجة من زوجها، أو الفتاة من والديها، والقسوة والاحتقار فيتم إشباع الجوع العاطفي إلى الحنان والمودة عن طريق المعاكسات.

    الرابع عشر: ضعف وازع الحياء، وقلة الغيرة لدى الكثيرين.

    الخامس عشر: المشكلات العائلية وما تؤدي إليه من قلق يحمل بعض الأبناء والبنات إلى أن يخرج من هذا المأزق بالتحدث مع غريب يتسلى به، أو يفضي إليه بالمشكلة.

    السابع عشر: الفوضى العائلية في استخدام الهاتف، ومن ذلك تولي الصغار الإجابة والحديث مع المتصل؛ فتكشف الأسرار, وتهتك الأستار, وتبدأ مسارب الشيطان.

    الثامن عشر: تعدد نقاط أجهزة الهاتف في المنزل بحيث توجد في كل غرفة وبين يدي كل مراهق ومراهقة.

    التاسع عشر: التسيب في توزيع أرقام الهاتف، فكل فرد من أفراد الأسرة يعطيه لزميله، وكل بنت لزميلتها، وقد يكون للزميل أخت ضائعة، وقد يكون للزميلة أخ فاجر.

    العشرون: إتاحة الفرصة للفتاة أن ترد على الهاتف مع وجود رجل أو امرأة كبيرة.

    تلك أسباب إجمالية لحصول المعاكسات الهاتفية، وكما أشرت سنورد شيئاً منها مع علاجه في ثنايا المحاضرة إن شاء الله.

    1.   

    أساليب المعاكسين من الجنسين

    يسلك المعاكسون من ذكور وإناث طرائق شتى في إرسال شباك صيدهم نحو ما يريدون اصطياده، وتلك نماذج من هذا الباب:

    فمن ذلك: أن يتصل المعاكس عشوائياً ثم يدعي الخطأ ويقدم الاعتذار اللبق والتأسف، وهو يريد بذلك التأثير على قلب الفتاة التي يؤثر عليها الصوت الرخيم، ولطافة الاعتذار، وليونة القول، ثم يكرر ذلك ويدعي تشابه الرقم مثلاً.

    الاتصال بدعوى المعاناة من مشكلة، والرغبة بالمشاورة والمشاركة في حلها، ويذكر من الأوضاع الكاذبة ما يستدر العطف والحنان والشفقة، ثم تبدأ القصة بهذه الطريقة.

    الاتصال بدعوى أنكم اتصلتم على جهاز النداء.

    الاتصال والصبر على الكلمات الجارحة امتصاصاً للغضب، ثم بعد ذلك يبدي الاعتذار والعتاب.

    قد يبدي المتصل الرغبة في (السواليف) وتزجية الفراغ، وأنها مكالمة واحدة، فتظهر الفتاة نوعاً من التنازل ظانة أن الأمر سينتهي عند هذا الحد, وعند هذه المكالمة، وتنسى أن خطوات الشيطان لا تقف عند حد، فيستدرجها الشاب ثم يسجل كلامها، ثم يطلب الصور، ثم موعد فلقاء.

    ربما يظهر الشاب إعجابه بمنطقها، وخفة دمها، وكمال عقلها، وأنها تناسبه زوجةً، فربما تنخدع المسكينة، وتبادله الإعجاب، فتطلب منه التقدم إلى أهلها، فيطلب منها صوراً ليتعرف على شكلها وشعرها.. إلى آخره، ثم يطلب اللقاء بها ليتم التعارف أكثر، وفي حال رفضها يتم تهديدها بالصور وبالتسجيل حتى تكتمل فصول المأساة.

    1.   

    آثار المعاكسات

    للمعاكسات آثار سيئة جداً على الشاب والشابة، والمجتمع، والمسلمين ككل، أوجزها فيما يلي:

    أولاً: إثارة الغرائز والشهوات.

    ثانياً: هتك الأعراض.

    ثالثاً: زوال الحياء.

    رابعاً: حصول الأولاد غير الشرعيين.

    خامساً: لحوق العار بأسر المعاكسين.

    سادساً: العنوسة لعزوف الخطَّاب عمن ثبت معاكستها، وفشل الزواج في حال حصوله.

    السابع: الجناية على بقية بنات الأسرة؛ حيث يرغب عنهن بسبب السمعة التي لحقت بأسرتهن من جرَّاء أختهن المعاكسة.

    ثامناً: حصول الطلاق من جرَّاء ذلك.

    تاسعاً: الشكوك والريب بين الزوجين، وبين الأهل والأبناء والآباء.

    1.   

    رسائل إلى من يهمه الأمر

    الرسالة الأولى: رسالة إلى الشباب من الجنسين:

    المعاكسة معصية عاقبتها وخيمة

    الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك:2] أتدري أيها الشاب! أتدرين أيتها الشابة! ما الغاية من الوجود على هذه الأرض؟!

    إن الله تعالى قد حدد الغاية بقوله: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] هل سأل الواحد منكم نفسه: ما الغاية التي وجد من أجلها؟ أهي الأكل والشرب؟ أهي الاستمتاع واللذة ثم الموت؟ أهي مكابدة الهموم والغموم في هذه الدار؟

    كلا. إن الغاية هي الاختبار والامتحان، إنها تحقيق العبودية لله رب العالمين، ومقتضى الابتلاء والاختبار أن يمتحن الإنسان في فرائض يطالب بفعلها، وأن يمتحن بشهوات وأهواء يطالب بالصبر عن إمضائها، وأن يمتحن ويختبر بمصائب وشدائد يطالب بالصبر عليها.

    إذاً: الاختبار يتم بالصبر على فعل المأمور، وبالصبر على ترك المحظور، وبالصبر على القدر المكروه.

    إن هذه الشهوات المتأججة في النفوس ما هي إلا لون من ألوان الاختبار الذي ابتلانا الله تعالى به في هذه الدار، قال الله عز وجل: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:2-3] , وقال سبحانه وتعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35].

    فليسأل الشاب أو الشابة نفسه: هل سلوكه هذا يحقق الغاية التي خلق من أجلها، أم أنه ينافي ذلك تماماً؟

    أيها الشاب والشابة! لا خيرة بعد قضاء الله وحكمه، نحن محكومون بالشرع قال الله عز وجل: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً [الأحزاب:36] متى ما حكم الله بالأمر فلا خيرة لك أمام هذا الأمر.

    فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] فليوطن المرء نفسه رجلاً أو امرأة، شاباً أو شابة، على تلقي أحكام الله الشرعية بالقبول والانقياد والاستسلام، وعدم المخالفة والاعتراض، ولا يحتج بفساد الزمان ولا بكثرة الفتن، فإن حُكم الله لا يتغير في عهد النبوة ولا في أزمنة الفتنة والشهوات والأهواء، إنما الذي يختلف فيه الأمر هو تعاظم الأجر بتعاظم المجاهدة، ولئن كان الأمر في مثل هذا الزمان يحتاج إلى مجاهدة أعظم فإن الله لا يضيع هذه المجاهدة, بل يضاعف الأجر بتعاظم هذه المجاهدة، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من ورائكم أيام الصبر؛ القابض على دينه كالقابض على الجمر للصابر فيهن أجر خمسين، قالوا: يا رسول الله! أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بل منكم).

    فأبشر يا من تصابر! أبشر يا من تجاهد! أبشري يا من صبرتِ عما حرم الله مع شدة نوازع الرغبة والشهوة, أبشري فإن الله لا يضيع هذه المجاهدة, بل يضاعف الأجر بحسب عظم المجاهدة.

    الشرع نظَّم العلاقة بين الرجل والمرأة, وجعل الزواج أو ملك اليمين هو الطريق الوحيد لإشباع الرغبات بين الطرفين، وتحصيل الاستمتاع بين الجنسين، فليس ثمة طريق غير هذا الطريق، فكل استمتاع في غير هذا الطريق فهو مرفوض في شريعة الله.

    أيها الشاب وأيتها الشابة! أولستما تستخفيان من الناس في حال المعاكسة؟! أولستما تردعان حينما تسمعان حساً؛ خشيةً من أن يكون الوالد أو الوالدة؟! اسمعا إلى قول الله عز وجل: يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً [النساء:108].

    فإن خفيتما على أعين الناس, فإنكما لا تخفيان على رب الناس، الذي: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19].

    الله مطلع بسمعه وبصره وعلمه على خفايا الأمور، يعلم ويرى ويسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16] .. أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [المجادلة:7].

    قال الشاعر:

    وإذا خلوت بريبة في ظلمة     والنفس داعية إلى العصيان

    فاستحي من نظر الإله وقل لها     إن الذي خلق الظلام يراني

    وقال غيره:

    إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل     خلوت ولكن قل: عليَّ رقيب

    ولا تحسبن الله يغفل ساعة     ولا أن ما تخفي عليه يغيب

    إن ذات الجوارح التي تمارس بها المعصية -أيها الفتى والفتاة- ستكون شاهدة عليك أمام الله يوم القيامة، فهي رفيقة وشهيدة: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يس:65] .. حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [فصلت:20-21].

    أيها الشاب والشابة! يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، والأذنان تزنيان وزناهما الاستماع، واللسان يزني وزناه الكلام، والقلب يهوى ويتمنى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) إنك تزني بلسانك حينما تعاكس فتاة أجنبية، إنك تزني بسمعك حينما تستمع إلى صوت امرأة أجنبية سماع استمتاع من غير حاجة، وأنتِ كذلك أيتها الفتاة.

    الصبر عن المعاكسة رعاية للنعمة وجزاؤه الجنة

    النطق نعمة, والصحة نعمة, والفراغ نعمة, والعقل نعمة, والهاتف نعمة, كلها قد كُفِرت بالمعاكسات والكلام المحرم.

    أرأيت أيها المعاكس أرأيت أيتها المعاكسة: لو كنت مصابة بمرض السرطان أتجدين فرصةً للحديث مع أجنبيٍ لا يمت لكِ بصلة، ليس من محارمك.

    أرأيت أيها المعاكس لو كنت أصمَّ لا تسمع أتستطيع أن تعاكس؟!!

    أرأيت لو كنت أخرس لا تتكلم هل تستطيع المعاكسة؟!!

    أرأيت لو كنت فاقداً عقلك أتستطيع ذلك؟!!

    فهلا شكرت هذه النعم باستعمالها فيما يرضي المنعم، واجتنبت ما يسخطه كي لا تسلب منك هذه النعم.

    أيها المعاكس والمعاكسة! أولستما تخافان من المساءلة ومن الوقوع في يد العدالة؟! فلئن أفلتما منها في الدنيا فلن تفلتا منها في الآخرة، فسيقف المرء أمام الله بمفرده قال الله عز وجل: وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً [مريم:95] قال عليه الصلاة والسلام: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، والنار تلقاء وجهه) وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به) فماذا عساكما تجيبان؟!! (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات) هكذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم، فالشهوات طريق مفضٍ إلى النيران، أعاذني الله وإياكم منها، والصبر على المكاره هو طريق الجنان، وحلاوة المبادئ مرارة العواقب.

    أيها الفتى والفتاة! السعادة بيد من؟ ويمنحها لمن؟

    لعل مرد كثير من المعاكسات الهاتفية إلى البحث عن طرد الهم واجتلاب السعادة، والواقع أنها زيادة في الشقاء والهم، ومباعدة بين المرء والسعادة؛ ذلك أن المعاكسة حرب لمن بيده السعادة، لمن بيده راحة النفوس، وهو سبحانه لا يمنحها إلا لمن يتقرب إليه بما يرضيه لا لمن يبارزه بالمعاصي ويتبع هواه، قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97].

    وقال سبحانه: فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً [الطلاق:2-3].

    وفي المقابل: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124] وقال سبحانه: إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ [الانفطار:13-14] قال ابن القيم : الأبرار في نعيم في دار الدنيا وفي القبر وفي الدار الآخرة، والفجّار في جحيم في الدنيا وفي القبر وفي الدار الآخرة.

    تأخر الزواج ليس مبرراً للوقوع في الخطأ، فلله الحكمة البالغة في كل ما يقضيه ويقدره، والزواج مقدر على العبد في اللوح المحفوظ، وعلى المرء الاستعفاف وانتظار الفرج قال الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:33] فلا ترتكب أيها الفتى, ولا ترتكبي أيتها الفتاة الخطأ بحجة تأخر الزواج، ومقتضى الرضا بقضاء الله وقدره أن ينتظر الإنسان ويستعد حتى يغنيه الله من فضله.

    أيها المعاكسان من الجنسين! إني أسألكما بالله هل تحسان طعم الإيمان؟! هل تجدان لذة الطاعة؟!

    ألا تشعران بقسوة القلب وشرود الذهن؟! إنها عقوبة عاجلة، فإن أعظم عقوبة يضرب بها القلب هو قسوة القلب، فلا يلين لذكر، ولا يتعظ بموعظة، ولا يلتذ بطاعة، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا أذنب العبد نكت فيه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع صقل قلبه، فإن عاد زادت الظلمة, حتى تعلو قلبه فذلكم الران الذي قال الله عنه: كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14]).

    رأيت الذنوب تميت القلـوب     وقد يورث الذل إدمانها

    وترك الذنوب حياة القلـوب     وخير لنفسك عصيانها

    ولئن كان الكلام -وإن كان مباحاً- سبباً في قسوة القلب، فإن الكلام المحرم أعظم من ذلك بكثير، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله؛ فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد القلوب من الله القلب القاسي).

    أيها الفتى والفتاة! الصوم يقوي الإيمان والإرادة، ويكسر حدة الشهوة، ولذا أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم عند تعذر الزواج، فاحرصا على كثرة الصوم, ولا سيما في الأوقات الفاضلة كصيام الإثنين والخميس، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والأولى أن تكون في الأيام البيض؛ وهي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.

    أيها الفتيان والفتيات! الجزاء من جنس العمل, ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه, قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد في مسنده : (إنك لن تدع شيئاً لله إلا أبدلك الله فيه ما هو خير لك منه) فمن ترك ما تشتهيه نفسه من الحرام عوضه الله تعالى من الحلال ما تقرُّ به عينه، وملأ قلبه من الإيمان واليقين ولذة الطاعة ما يعوضه عما تركه لله عز وجل.

    الحث على شغل الوقت بالنافع

    أيها الفتى والفتاة! الفراغ صاحب الدور الأكبر في هذه الخطيئة فاملأه في النافع المفيد في الدين والدنيا، والمرء حارث همَّام، إما أن يكون حارثاً همَّاماً بالخير، وإما أن يكون حارثاً همَّاماً بالشر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) فكن بارك الله فيك وكوني بارك الله فيكِ ممن أعتق نفسه ولم يوبقها.

    قال أحد السلف: الوقت سيف إن قطعته وإلا قطعك، ونفسك إن شغلتها بالحق وإلا شغلتك بالباطل.

    إن الشباب والفراغ والجـدة     مفسدة للمرء أي مفسده

    فاملئا أوقاتكما بما ينفعكما وبما يشغلكما عما حرم الله عزَّ وجل، ومما يملأ به الفراغ القراءة في الكتب النافعة ككتب العقيدة والتفسير والفقه والأدب والسيرة، وكذلك سماع الأشرطة النافعة، وكذلك نوافل العبادات، تلك العبادات التي هي سبب في انشراح الصدر ونعيم القلب، وسبب في حفظ الله تعالى للعبد، أولم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري يقول الله عز وجل: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه).

    إن هذه التطوعات والنوافل سبب في حفظ الله تعالى للسمع والبصر واللسان وسائر الجوارح، فمن أكثر من التطوعات كان الله معه في كل جارحة من جوارحه وفي كل عضو من أعضائه وفي كل عمل من أعماله حافظاً ومسدداً ومعيناً وميسراً.

    أيها المعاكسان! لذة المعصية ساعة ثم تنقضي فتعقبها الحسرات والندامات والعقوبات:

    تفنى اللذاذات ممن نال صفوتها     من الحرام ويبقى الإثم والعار

    تبقى عواقب سوء في مغبتهـا     لا خير في لذة من بعدها النار

    كم بقي من لذة المعاكسات السابقة؟! كم بقي من لذة اللقاءات الخفية؟! كم بقي من لذة النظرات الخائنة؟! كم وكم وكم..؟ ذهبت تلك اللذات وبقيت الحسرات والندامات، ثبت الإثم، ثبتت العقوبة وذهبت اللذة.

    المعاكسة شرارة من نار، والنار من طبيعتها الإحراق والتمدد والانتشار، فلا يستهان بشيء منها فهي البوابة الأولى للزنا، وهتك الأعراض، وكم من حال بدأت تسلية وتزجية للفراغ, وترويحاً عن النفس، وكانت النهاية هتك العرض والفضيحة والعار:

    كل الحوادث مبدأها من النظر     ومعظم النار من مستصغر الشرر

    كم نظرة فتكت في قلـب صاحبهـا     فتك السهام بلا قوس ولا وتر

    والمرء ما دام ذا عينٍ يقلبها     في أعين الغيد موقوف على الخطر

    يسر مقلته ما ضر مهجته     لا مرحباً بسرور عاد بالضرر

    نظرة فابتسامة فسلام     فكلام فموعد فلقاء

    إنها خطوات الشيطان: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [النور:21].

    إن الخاتمة هتك العرض، إن الخاتمة هي الزنا وهو من شر الذنوب ومن كبائر الذنوب، قرنه الله تعالى مع الشرك بقوله: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ [الفرقان:69-70] فقرنه الله تعالى مع الشرك، وقال سبحانه وتعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] وفي الصحيحين في قصة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فأتينا على مثل التنور فإذا به لغط وأصوات، فاطلعنا فيه فإذا هم رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا -أي: رفعوا أصواتهم مختلطة- ثم قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن هؤلاء هم الزناة والزواني) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما .

    جلساء السوء سبب للمعاكسات فاحذرهم

    جلساء السوء هم البوابة الأولى في الوقوع في شراك المعاكسات، والصاحب ساحب: (والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) :

    عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه     فكل قرين بالمقارن يقتدي

    إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم     ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي

    قال عثمان رضي الله عنه: [ودت الزانية لو زنت النساء كلهن].

    فالجليس السوء من الجنسين هو الذي يحث صاحبه على الشر ويراقبه فيه ويحسنه له.

    في دراسة أجرتها إحدى الأخوات واسمها أم مروان وفي إجابة لأحد الأسئلة: كيف كانت البداية للمعاكسات؟ ومن المشجع عليها؟

    اتضح أن صديقات السوء هن السبب الأول.

    اتصلت إحدى النساء على أحد طلبة العلم تشكو إليها قريبة لها في سن الرابعة عشر من عمرها تدمن المعاكسات، فاتصل بها يناصحها، وبعد سؤالها عن عدد الذين تعاكسهم ذكرت له في الحال ومن طرف الذاكرة تسعة أشخاص بأسمائهم، وأرقام هواتفهم، ولما سألها: من أين تجدين هذه الأرقام؟

    قالت: من الزميلات.

    فاحرص أيها الشاب والشابة على مصاحبة أهل الخير، وعلى حضور مجالس الذكر وأماكن الدروس.

    اجتنبا المثيرات والمهيجات ومواطن الفتنة, وأعظمها أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة التي تثير الغريزة، وتؤجج الشهوة، وتشجع على الرذيلة، وتصور العلاقات بين الجنسين على أنه أمر مألوف لا ضير فيه، وتصور الحب قبل الزواج على أنه طريق التوفيق فيه.

    إن المثيرات والمهيجات بمثابة النار (للبنزين والغاز) إن (البنزين والغاز) متى ما بقي بعيداً عن النار فإنه يبقى هادئاً ساكناً لا خطر منه، فمتى ما قرب من النار اشتعل وتأجج، وصعب إطفاؤه، وهكذا الغرائز والشهوات المستكنة في النفوس تبقى ساكنة هادئة مستقرة متى ما بقيت بعيدة عما يثيرها ويهيجها، فإذا قربت من المثيرات والمهيجات ثارت وهاجت وماجت وصعب إطفاؤها.

    أيها الشباب والشابات! الموت يأتي بغتة:

    وكم من صحيح مات من غير علة     وكم من عليل عاش حيناً من الدهر

    وكم من فتى يمسي زيصبح ضاحكاً وقد     نسجت أكفانه وهو لا يدري

    كم من عليل قد تخطاه الردى     فمضى     ومات طبيبه والعوَّدُ

    بل كم من إنسان مات وهو في حال جريمته وفعلته الشنيعة، هذه فتاة خرجت دون علم أهلها مع حبيبها المزعوم الموهوم، فأصابهما حادث مروري فظيع يقول من شاهد الحادث: إن دماءها كانت تسيل على (مريولها) وكتبها بجوارها في السيارة وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، أما صاحبها فقد تقطعت أشلاؤه ومات قبلها.

    ذكرت هذه القصة صاحبة كتاب: دموع ساخنة من فتاة عائدة في الصفحة (59).

    أفلا يخشى المعاكس والمعاكسة أن تقبض روحه وهو على تلك الحال، أن تقبض روحه وهو متلبس بالجريمة، أولا يخشى المرء من اختطاف الموت له قبل حصول التوبة؟! إنها أنفاس معدودة يتنفس الإنسان في اليوم والليلة أربعاً وعشرين ألف مرة، متى ما تم عدد الأنفاس قبضت روح الإنسان, سواء كان على حال صحة أو سقم، شباب أو هرم، غنىً أو فقر، شقاء أو سعادة.

    1.   

    رسالة إلى الفتاة

    لا تخضعي بالقول فتُلحقي العار بأهلك وبنفسك

    لا تخضعي بالقول فإنه مدعاة إلى حدوث نوازع الشر وثوران الفتن قال الله تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32] فلا تليني القول لأحدٍ من الرجال، ولا تسترسلي معه في الحديث سواء عبر الهاتف أو غيره، تذكري أن المعاكس سبعٌ وهل يؤمن السبع على فريسته؟! وهل تصح منه العهود والمواثيق؟!

    لا تتساهلي بالحديث مع الرجل الأجنبي بدعوى التسلية وتزجية الفراغ، فإن هذه خطوة لها ما وراءها، قد لا تنتهي إلا بهتك العرض، لا تتساهلي أيتها الفتاة بالحديث مع الرجل الأجنبي ولا تتيحي الفرصة لكلماته المعسولة أن تصل إلى أذنيك ثم إلى قلبك حيث ينفخ فيها الشيطان ويزينها لكِ، فالحل الأمثل إقفال السماعة في وجه المعاكس دون أي كلام معه ودون أي استماع إليه، واعلمي أن رفعك السماعة بعد إغلاقها في وجه المعاكس مباشرة يعطيه ارتياحاً وطمعاً في استعداده للمكالمة، فالحل هو الإغلاق وعدم رفعها بعد ذلك.

    تذكري أيتها المعاكسة أنكِ جانية في حق نفسك، وجانية في حق أهلك، وجانية في حق مجتمعكِ، وجانية في حق زوجك، أما جنايتك في حق نفسك فإنك أوردتيها المتاعب والمهالك، وأركستيها بالأوحال والآثام، وتسببت في شقائها وقلة توفيقها في الدنيا والآخرة، ومن ذلك الفشل في الزواج.

    وأما جنايتك في حق الأهل فقد تكونين سبباً في تلطيخ سمعتهم، وتنكيس رءوسهم، كم من أبٍ نكس رأسه بسبب ابنته؟! وكم من أمٍ بكت وسهرت الليالي من الكمد والقهر من جراء صنيع إحدى بناتها؟! وكم من فتيات حُرِمن الزواج من جرّاء الفضيحة التي لحقت الأسرة من جرّاء صنيع إحدى بناتها، فعرف الخطّاب ذلك, فعزف الخطّاب عن التقدم إليهن بسبب ذلك!

    أما جنايتك في حق المجتمع فأنت السبب في وقوع الفساد ونشره، ولولا وجود الاستجابة من أمثالك ما حصل من الشباب ما حصل، بل وكم حصل من الأولاد غير الشرعيين من جراء هذا العبث.

    وأما جنايتك في حق الزوج فإن الزوج إنما بذل ما بذل من مال يريد زوجة صالحة عفيفة طاهرة يعف بها نفسه، وتكون أماً لأولاده، فحينما يصطدم بواقعك تكون النتيجة والحل هو الطلاق، وليس غير الطلاق.

    فهلاّ أبقيت على نفسك وأهلك ومجتمعك وزوجك.

    قصيدة شعرية تصور مأساة فتاة سببها المعاكسات

    تذكري أيتها المعاكسة نذالة المعاكس، وأنه يعدك فريسة يقضي وطره منك, ثم يتركك فريسة للهموم ويعدَّك من سقط المتاع، ويتحول ذلك الشاب اللطيف المشاعر رقيق الكلمات إلى وحشٍ كاسر، فضٍ غليظ قاسٍ، واسمعي إلى قول ذلك الشاعر وهو يصور مأساة فتاةٍ خدعها لص الليل ثم لفظها ورمى بها:

    ورفعت حاجبك الكثيف بدهشةٍ ولعنتني

    وصرخت في وجهي كأنك لم تكن أحببتني

    وهتفت هيا اخرجي وبساعديك دفعتني

    قد أغضبتك زيارتي يا نذل قد أدهشتني

    وذهبت في جنح الظلام أخطُّ دربي أدمعا

    وألوك ذكرى حبنا والدرب أصغى مسمعا

    وأمد في لهف الغريق إلى إلهي أذرعا

    حبلى أنا واليأس يأكل مهجتي والأضلعا

    والليل يلقي فوق وجهي من سوادٍ رقعاً

    وغداً إذا كبر الجنين وضاق فستاني عليه

    ورأيت عيناً من أبي مرتابةً ترنو إليّه

    ماذا أقول إذا سئلت بأي أعذار شقيّه

    سيموت من غمٍ أبي وأموت من عاري ضحيَّه

    يا ليتني مازلت بيضاء السريرة والطويّه

    كلفافة التبغ التي أحرقتها أحرقتني

    وقذفت بي فوق الرصيف ودست قلبي دستني

    أعطيتك الغالي لديَّ وأنت ما أنصفتني

    العار يثقل خطوتي يا ذئب قد حطمتني

    يا ليتني ما كنت أنثى ترتمي يا ليتني

    تذكري أيتها المعاكسة! ثقة الوالدين بكِ فوبخي نفسكِ على ذلك، وليخطر في قلبك هذا الخطاب في داخل نفسك:

    والديَّ وإخوتي يا من أعطيتموني الثقة لقد خدعتكم, ولم أكن أهلاً لتلك الثقة!

    آهٍ يا والدي! لو تعلم أن ابنتك التي طالما نظرت إليها, وحملتها على يديك صغيرة بريئة, قد كبرت وخانتك في نفسها.

    آهٍ يا أمي الحبيبة الشريفة! كيف لو علمت حال ابنتك ومن تحادث؟ هأنا أخدعكم وتظنون أني بريئة صادقة كما يخدعني هذا الذئب وأظنه صادقاً.

    حينئذٍ تذكري أيتها الفتاة تلك الخيانة من قبلك وذلك الظن الحسن من والديك فحققي ظنه فيك.

    بنت الإسلام! تذكري كم من فتاة تزوجت فاكتشف زوجها تاريخها السابق، وسجلها الحافل بالمعاكسات فخلَّى سبيلها في الحال، وتركها فريسة الهموم والغموم!

    قصص واقعية لذئاب بشرية خدعوا الفتيات

    أيتها الفتاة! لا تنخدعي بطلبه الخروج معك, فهي خطوة لها ما بعدها، فقد تنخدع بعض المغفلات الغافلات بطلب الذئب الخروج معه، ومواعيده لها بأن القضية لا تعدو الكلام والسؤال عن الحال، وتنسى أن ذلك بحد ذاته جريمة كبرى، وأن هذا الكلام أيضاً لا يمكن أن يصح واقعاً؛ فإنه: (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما).

    واسمعي إلى هذه القصة:

    مع تكرار الاتصالات أبدت التجاوب معه، فكثرت المكالمات بينهما حتى طلب مقابلتها، فوافقت بشرط: أن تكون المقابلة خمس دقائق وداخل السيارة فقط، وألا يتعدى الكلام السؤال عن الصحة إلى آخره، تقابلا بالفعل وتكرر ذلك وأحست الفتاة بالأمان, فصارت تخرج معه لتتجول معه بالسيارة فقط، فكان إذا أنزلها والدها أو السائق لدى باب الجامعة انتظرت صاحبها فتذهب معه حتى الساعة الحادية عشرة والنصف ثم تعود.

    وفي يوم من الأيام أدخلها بيت أخته التي كانت تعمل في الصباح, ثم خدعها بإعطائها حبة مخدرة فلم تفق تلك الفتاة إلا وقد سلبها ذلك المجرم أغلى ما تملك حيث هتك عرضها، ويكرر المجرم صنيعه معها وتستجيب له بحجة أنه وعدها بأن يتزوجها في أقرب فرصة، ثم تنقطع أخباره عنها بعد ذلك وهي تحاول الاتصال به دون جدوى، ومرت الأيام ويتململ الرحم عن جنين من تلك النطفة الحرام، ويعلم الوالد الغافل المفرط فيضربها ضرباً مبرحاً ويخص البطن بالضرب, ثم يحاول الوالد بهذا المجرم أن يستر على ابنته فيتزوجها, وهو ينكر معرفته بها أصلاً، ويرفض الزواج بها، ويخرج الجنين إلى الدنيا ويسلم لدار الرعاية الاجتماعية, وتبقى الفتاة بمصابها شقية، هي قصة واقعية ملخصة من كتاب: أمي أين أبي ؟! تأليف منصور بن محمد العنبري .

    حب زائف! لا تصدقي فتاة الإسلام مزاعم ذلك العابث من دعوى الحب، كيف يصح ذلك وهو يمسك سماعة الهاتف ويعبث بأرقامها واحداً تلو الآخر، لا يهمه من تكون الفريسة، ولا يعنيه أي صيد يصيد سهمه، وما مثله إلا مثل من يطلق سهمه على مجموعة من الطيور ولا يبالي على أيها سقط سهمه، المهم أن يحصِّل شيئاً من ذلك الصيد.

    قبض على شاب متزوج بامرأتين, وعنده في مفكراته الشخصية ما يربو على مائتي رقم هاتف لفتيات من فتيات المسلمين، وقد ضبط بحوزته أشرطة مكالمات مسجلة لأكثر من عشرين فتاة من بين المائتين، وكل واحدة منهن يظهر لها أنه يحبها حباً بريئاً، وتظن هي أنه هو فارس أحلامها, فإذا نال منها ما نال أخذ يهددها ويتوعدها، حتى لقد قام بتسجيل مكالمة مع امرأة متزوجة وأخذ يهددها بذلك ويقول: إن لم تلبي مطلبي فسأتصل بزوجك وأسمعه تسجيل مكالمتك. ذكر ذلك الشيخ سليمان الدويش في خطبة له.

    وذكر أحد الشباب أنه كان يقول لفتياته الثمان اللاتي يعاكسهن: إنه أول مرة يستخدم سماعة الهاتف للمعاكسة، ويقسم لهن بذلك. وهذه القصة ذكرت في شريط (المعاكسون): إصدار دار البلاغ.

    لا تصدقي أيتها الفتاة ما يدعيه الأعداء وأدعياء التقدم أن الحب قبل الزواج شرف وفضيلة، أو طريق آمن إلى الزواج الناجح، كلا! بل هو طريق محفوف بالمخاطر نتيجته الفشل، والواقع شاهد بذلك، فكم قرأت وكم سمعت عن نتائج ذلك السلوك، وقبل ذلك هو محرم شرعاً، وهو ممنوع ديانةً، فبنيان أُسِّسَ على جرفٍ هار لا بد أن ينهار.

    المعاكسات ليست طريقاً إلى الزواج

    أتصدقين أن رجلاً يتزوج عن طريق المعاكسات؟! إن دعوى المعاكس رغبته في الزواج ما هي إلا خديعة يتوصل من خلالها إلى أغراضه, فهو وإن كان يعطيك معسول القول ما هو إلا منافق صاحب غرض، باطنه الازدراء والاحتقار لكِ، فكيف تظنين أن يرضى بك زوجة؟! ولو كان صادقاً لأتى البيوت من أبوابها.

    سُئل أحد المعاكسين: هل ترغب في الزواج ممن تعاكسها بالهاتف؟

    فأجاب: لا! ولا بالعائلة التي هي منها؛ لأنها خانت ربها ودينها وأهلها, فكيف آمن ألا تخون زوجها؟!

    اعلمي أيتها الفتاة أن الشاب يطبق كل فصول المسرحية التي يراها عبر الشاشة، أو على صفحات الجريدة والمجلة، سوى الفصل الأخير منها وهو الزواج.

    ذكر أحد المشايخ أنه وقف على قصة مفادها: أن امرأة عبث بعرضها ذئب من ذئاب البشر عندما تعرف عليها ابتداءً بمكالمة عابثة، وهي تحاول الآن أن يتزوجها ذلك العابث ولو ليلة واحدة فقط ثم يطلقها؛ حتى لا يفتضح أمرها بافتضاض بكارتها وهو يرفض ذلك بشدة.

    وكم من فتاة تبكي وتتوسل إلى صديقها المزعوم بعد أن عبث بها أن يتزوجها ويستر عليها, وهو معرض يضحك عليها.

    أيتها الفتاة المعاكسة! أتظنين أن المعاكس وإن كان فاسقاً يرضى بفتاة تنساق وراء مكالمة عابثة، وتتحدث مع رجل لا تعرفه بحديث العشق والغرام؟! إن الخطَّاب جميعاً وإن تعددت مشاربهم, واختلفت مطالبهم في شروط من يتزوج بها بحسب اختلاف طباعهم، وأخلاقهم وتغيرهم, إلا أن ثمة شرطاً واحداً مشتركاً وهو العفة، لا يرضى بالتغاضي عنه، ولا يرضى بالتنازل عنه أحد.

    ولو فرض أنه خدع بك الكفء وتزوجك فإنه سرعان ما يكتشف أمرك, فيولي هارباً منك، فكم من فتاة تزوجت وتجملت لزوجها، فأعجبه شكلها وراقه مرآها، لكنه بعد ذلك خلَّى سبيلها؛ بعد اطلاعه على باطنٍ يشوه ذلك الظاهر, فآثر أن يعيش عازباً ولا يبقى مع مثلها.

    أيتها الفتاة! أتظنين أن ذلك الحمل الوديع الذي يفضي لك بالحب، ويسر لك بكلمات الغرام، أتظنيه يحفظ ذلك السر؟!

    كلا، إنه يروي تفاصيل مغامراته مع أصحابه وجلسائه، ويسمعهم بالصوت المسجل تفاصيل ما يجري معك، فكفاك انخداعاً.

    1.   

    إنذارات للفتيات

    أيتها الفتاة! أبالعرض تخاطرين؟ هل فكرت أيتها المعاكسة بأي شيء تخاطرين بسلوك هذا الطريق؟!

    إنك تخاطرين بأغلى ما تملكين، وأشرف ما يجب أن تكوني عليه تحافظين، إنه العرض والشرف، فهل خطر ذلك ببالك حينما وضعت قدمك على هذا الطريق؟!

    شبح العار يلاحقك حتى بعد التوبة، قد يتوب الشاب العابث من جريمته بعد انتهاك العرض, فيغفر له المجتمع زلته، بل وربما يثني عليه المجتمع باستقامته وصلاحه بعد أن كان كذا وكذا..، لكن أنت أيتها الفتاة المسكينة العار يلاحقك حتى بعد التوبة، نظرات المجتمع تغشاك من كل جانب، الشكوك والريب تحوم حولك حتى بعد التوبة، والحديث عنك لا يتوقف فقد كانت وكانت وكانت، بل الشامتون ربما يقولون وأنت في أطباق الثرى: لقد كانت وكانت، أفلا يدعوك ذلك كله إلى الحذر وأخذ الحيطة، والوقاية خير من العلاج.

    جمالك في حيائك، لئن كان جمال المرأة يتناول جوانب شتى فإنه يقف على رأسها الحياء، فإن الحياء روح جمال المرأة، وبقية صفاتها لا تعدو أن تكون جسداً لذلك الروح، فإذا زال الحياء فما قيمة ذلك الجسد.

    ولا شك أن الحديث إلى الرجال في غير ما حاجه فضلاً عن حديث الريبة ذلك من أعظم مصادر القضاء على الحياء:

    فلا والله ما في العيش خير     ولا الدنيا إذا ذهب الحياء

    يعيش المرء ما استحيا بخيرٍ     ويبقى العود ما بقي اللحاء

    أيتها الفتاة المعاكسة! اعتبري بمصير غيرك من الفتيات ممن وقعن في شراك ذئاب البشر، ويقاسين ما ترتب على ذلك من فضائح وويلات, ووقعن في تلك الأوحال وهن عاجزات عن الخروج من ذلك المأزق، وكم من فتاة أصبحت حبيسة الجدران تتحرق أسىً ولهفة ترفض الزواج ممن يتقدم إليها؛ خشية انكشاف أمرها، بينما من هن أصغر منها سناً أصبحن أمهات لأولاد ومربيات أجيال.

    أيتها الفتاة المعاكسة! كيف بك في اللحظات الأخيرة إذا خرس اللسان الذي به تحدثت، ويبست الأعين المغشاة بالأصباغ لتوزع النظرات الجائعة، وتجمدت الأطراف التي بها إلى قرص الهاتف سارعتِ: وَالْتَفَّتْ السَّاقُ بِالسَّاقِ [القيامة:29] وهي الأرجل التي بها إلى مكان اللقاء خرجت، إنها ساعة الاحتضار التي ليس بينك وبينها إلا توقف الأنفاس وأن يقال: فلانة ماتت!

    صوني عرضك وحياءك، وإياك والتبرج والسفور، لا تكوني خرَّاجة ولاّجة: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33].

    الحث على القدوة والاطلاع في المراجع

    يا حفيدة الصالحات! يا حفيدة عائشة وأسماء وأم سلمة ! يا حفيدة المجاهدات العاملات! أكثري من مطالعة سيرهن وأخبارهن وصبرهن وجهادهن؛ فإن ذلك له أعظم الأثر في استقامة سلوكك وحسن عبادتك.

    ومن الكتب المؤلفة في هذا الباب: نساء الصحابة لـعبد العزيز الشناوي ، صور من حياة الصحابيات لـعبد الرحمن الباشا ، نساء حول الرسول لـمحمود الاستانبولي ، مواقف نسائية مشرقة لـنجيب العامر ، المرأة في العهد النبوي للدكتور عصمة الدين كركر ، نساء أهل البيت لـأحمد خليل الجمعة ، نساء من التاريخ لـأحمد خليل الجمعة ، نساء عصر التابعين لـأحمد خليل الجمعة .

    ومن الأشرطة المسجلة في ذلك: صور مشرقة على المرأة للعمر ، نماذج من سير الصحابيات لـعمر العيد، صور من حياة الصالحات لـعبد العزيز المقبل، صور من حياة الصالحات لمحاضرنا في الليلة السابقة عبد الرحمن الشمسان.

    تحذير المتدينة من الاسترسال في نصح العابثين

    أيتها الفتاة! لا تنخدعي بالتزامك، ولا بوجود الحواجز المنيعة بينك وبين المخاطب، واضربي صفحاً عن الحديث مع الرجال.

    قد تثق بعض الأخوات الملتزمات بما لديها من تقوى واستقامة, فتتصدى لمناصحة بعض أولئك الذين يعاكسون، فتضعف في النهاية وتسقط، والقصص في ذلك كثيرة، منها:

    قصة فتاة ملتزمة متزوجة، أكثر عليها عابثٌ الاتصال فتصدت لمناصحته، فأظهر لها التأثر والاستجابة للنصح، واستزادها من النصح، فتوالت منها النصائح منخدعة بدعوى تأثره بالنصيحة، حتى ضعفت هي ووقع حبه في قلبها، فتم موعد اللقاء والخروج معه بعد خروج زوجها إلى العمل، وتقف بعد خروج زوجها منتظرة ذلك العابث، وأثناء استعدادها للركوب يحضر الزوج فيرى المأساة فيطلقها في الحال، وهكذا تهدم البنيان بسبب ثقة عمياء في غير محلها مع لاهٍ عابث.

    فالأصل أن تحدث المرأة مع الرجل محدود بقدر الحاجة من غير خضوع بالقول، فمتى تجاوز ذلك أدى إلى الفتنة، والشيطان يأتي كل فرد بما يناسبه؛ قد يأتي الفتاة الملتزمة عن طريق الديانة وطلب العلم، فمثلاً: ربما تكثر الفتاة الملتزمة على طلبة العلم بدعوى السؤال والاستفتاء ومناقشة مسائل العلم، وتطيل في ذلك وتشقق الحديث مما قد يفسد قلبها وقلب المتصل عليه، ربما وجدت من جرَّاء ذلك استمتاعاً مريباً لكنها تؤول صنيعها بأنها تخاطب طالب علم، وبأنها تبحث مسائل علمية في قضايا شرعية، فالأولى الاقتصار على قدر الحاجة، وعدم الاستطراد والتوسع والاستغناء عن محادثة الرجال بقدر المستطاع.

    يا أمة الله! يا من انخدعت بهذا الطريق! تريثي ملياً وقلبي النظر، سلي نفسك: هل هذا النهج صحيح؟! هل هذا النهج هو طريق الكرامة والعزة والفضيلة، أم أنه طريق الرذيلة والضعف والمهانة؟!

    حينئذٍ قدمي داعي العقل على داعي العاطفة، ونداء الإيمان على وسواس الشيطان، وإلا فالندم حيث لا ينفع الندم.

    فتاة الفطرة والشرع! اعلمي أن الإكثار من المعاكسات الهاتفية يسبب الإدمان، وحينئذٍ يصعب الانفكاك منه حتى بعد الزواج، فكم من امرأة أدمنت على ذلك رغم تزوجها من الرجل المناسب لها، وكم حصل من مآسٍ وشكوك وريب ومشكلات وطلاق وتشتت أطفال من جرَّاء ذلك، هلا أقصرتِ عن ذلك قبل التوغل فيه؟!

    يا سليلة المجد! أنت والله أعز وأغلى من أن تتكلمي مع فاجر، وأن يخدعك غادر، كيف وأنت صانعة الأجيال وابنة الأبطال وموضع الآمال، ماذا تظنين أن يكون ذلك المعاكس، وعلى أي سلوك هو، وما وزنه الاجتماعي، وأي شهادة علمية يحملها؟! إن هذا المعاكس على النقيض مما تظنين فيه، وما يوحي به إليك ويضحك به عليك.

    إن من يمارسون هذه الفعلة من الشباب هم سفلة الشباب, الذين أضاعوا حق ربهم، وحق والديهم، وحق مجتمعهم، بعد أن أضاعوا أنفسهم، فأصبحوا لا يعرفون للحياة معنى، ولا يسعون لتحقيق هدف، فنظرتهم قريبة ونظرهم قاصر، فهل يليق بك وأنت العفيفة ابنة العفيفة المثقفة الواعية أن تكون عواطفك ألعوبة لمثل هذا الصنف من الشباب؟!

    يا ابنة الطهر والعفاف! إعفاف النفس مقدم على أي أمر آخر سواه، فلا تترددي في القبول بالزواج متى تقدم الخاطب الكفء، ولا تتعللي بدراسة أو تدريس أو صغر سن أو غير ذلك من الاعتبارات، ألم تسمعي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي وحسنه.

    فكم حصل بسبب تأخير الزواج من مآسٍ ومصائب، لئن كان الزواج مطلوباً في كل وقت فإنه مطلوب في هذا الزمان أكثر من أي وقتٍ مضى، في وقت اشتدت فيه الفتن، وتعاظمت فيه الشرور، وانتشرت فيه فتنة الشهوات على وجه الخصوص.

    دعوة للفتاة المذنبة إلى التوبة

    يا من وقعت في الوحل وارتكست في العفن إن طريق التوبة مفتوح، ورحمة الله واسعة، فما عليك إلا الندم وإعلان الرجعة وستتلقاكِ الرحمة وتُمحى عنك الزلة، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135] إنها صفة من صفات المتقين الذين يدخلون الجنة التي عرضها السماوات والأرض، قد يذنبون، قد يقعون في الفاحشة، لكنهم يذكرون ربهم، ويعودون إلى رشدهم، ويستغفرون الله عز وجل مما بدر منهم، ولا يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون.

    وقال الله سبحانه وتعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:110] ويقول سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] بل لما ذكر الله تعالى شر الذنوب وأعظمها وأخطرها وهو الشرك بالله عز وجل وقتل النفس بغير حق والزنا قال: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان:68-69] ثم استثنى وقال: إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70].

    إن التوبة تجب ما قبلها، وإن التوبة مع العمل الصالح تجعل جبال السيئات جبالاً من الحسنات, فتنظرين إلى خلفك وإلى ما وراءك من أخطاء وذنوب وقد تحولت إلى حسنات بفضل الله ورحمته.

    1.   

    أريد أن أتوب ولكن

    قد تتورط الفتاة بحديث عاطفي مع شاب، وتسترسل معه في كلام هابط، ويتم ضبط ذلك من قبله بالتسجيل، وربما بادلته الصورة والرسائل، بل وربما خرجت معه ومارست معه الخطيئة، وتم تصوير ذلك عبر أجهزة التصوير والفيديو، فيا ترى إذا وصل الأمر إلى هذه الدرجة؛ هل أصبحت أيتها الفتاة أسيرة حقاً لا يمكنك التخلص من شراكه؟ وهل بإمكانك التوبة والخلاص مما أنت فيه؟

    الجواب: نعم، إنك لست أسيرة، فالتوبة ممكنة، والخلاص يسير بإذن الله عز وجل، وليس من الحكمة ولا من العقل أن تستسلمي للتهديد، وتعالجي الزلة بزلة أخرى، والخطأ بخطأ أكبر منه.

    واعلمي أنك في الاسترسال في ذلك واقعة في سخط الله وعذابه، وأنه لا بد أن يهتك الله سترك متى ما أصررت على ذلك الذنب، ولكن الحل يكمن فيما يلي:

    التوبة الصادقة والرفض الكامل لمطالب ذلك الذئب، وعدم الاقتراف بوعيده وتهديده؛ وذلك لعدة أمور:

    أولاً: أن التوبة الصادقة تستلزم احتمال كل ما يترتب عليها من مصاعب، ولا خيار للمرء مهما كانت النتائج، فإذا بليت بذنب كبُر أم صغر فأنت مطالبة بالتوبة، ولا يسوغ لك وجود صور أو تسجيل أن تتمادي بالخطأ، بل يجب التوبة وأن تتحملي كل ما يترتب على ذلك من أمور، فلا تصح التوبة إلا بذلك.

    ثانياً: أن التوبة من التقوى، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً [الطلاق:2] .. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4] فصاحب التوبة معانٌ من الله عز وجل، وسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً من كل عسير، فالتائب سنده الله والعابث سنده الشيطان: اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222] ومقتضى ذلك أن يعين ويكون مع من فعل ذلك، والله الكريم المنان حيي ستير يحب الستر كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله حييٌ ستير يحب الحياء والستر) رواه أبو داود و النسائي .

    وإذا كان الأمر كذلك فأبشري بأنك إذا تبت إلى الله عز وجل أنه سيجعل لك من أمرك فرجاً ومن ضيقك مخرجاً.

    وثالثاً: أن هذا المهدد الذي يهدد بنشر الصور أو التسجيل أمام الأهل والأقارب, إنما يتوعد ويهدد بقصد الضغط لتحصيل مآربه, لا بقصد تنفيذ ما يهدد به، فإذا تحقق له أنك معرضة عنه غير مكترثة به فإنه سيتخلى عنك؛ وذلك أنه لا مصلحة له في تنفيذ هذا التهديد من جهة، ومن جهة أخرى فهو يعلم أن الفضيحة مشتركة، وكما يقال: (كلنا في الهوى سواء) فهو يخشى الفضيحة والعقوبة على نفسه من قبل أهل الفتاة ومن قبل الجهات المسئولة، فهو إذاً طرف في الجريمة وليس أجنبياً عنها فكيف يتولى نشر الفضيحة.

    ثم على فرضٍ بعيد وهو أن هذا المجرم حقق ما هدد به؛ فإن المفسدة الحاصلة من ذلك أقل بكثير من الاسترسال معه في الخطأ والزيادة معه في الذنب، فشتان بين انكشاف الأمر في بدايته ثم معالجته، وبين الفضيحة الكبرى بظهور الطامات الكبار, والمزالق العظام, والإصرار على الذنب.

    وعذر الأهل لك مع اعتذارك من أول الطريق أو وسط الطريق أيسر من عذرهم لك بعد وقوع المكروه، وتكرار الذنب.

    ثم هبي أن أهلك زجروك أو ضربوك؛ فكان ماذا بعد أن تسلمي من شرور ذلك المجرم؟

    وإذا كان المرء مغفوراً له الشرك إذا تاب منه بل وتبدل سيئاته حسنات فما وقعت فيه دون ذلك بكثير.

    إن عليك أيتها الفتاة حال تهديده إبلاغ الأهل، وخصوصاً من هو كبير في السن راجح في العقل غير متسرعٍ؛ ليكون سنداً لك في هذا الأمر، يعينك على الخلاص منه إما مباشرة أو بالاستعانة برجال الهيئة إذا لزم الأمر, فهم أقدر على معالجة مثل ذلك، مع كونهم أحرص الناس على الستر والصيانة وعدم إشهار الأمور.

    وإليك قصة فتاة سلمت بفضل حسن معالجتها لهذا الأمر:

    هذه فتاة استدرجها شاب بالحديث عبر الهاتف، وصارت تتحدث معه في أمور يستحيا من ذكرها، تقدم إليها بعد أشهر أحد الخطاب فوافقت عليه، لكن ذلك المعاكس صار يهددها بالفضيحة أمام الخاطب بما عنده من تسجيل للمكالمات التي تمت بينها وبينه، فوقعت في حرج، ثم هداها الله تعالى لعرض الأمر على أخيها، تألم أخوها لذلك ووعظها بالحسنى وهدَّأ من روعها، ثم اتصل بعد ذلك بالجهات المختصة التي بدورها قبضت على ذلك الشاب التائه، وصادرت منه الأشرطة وأتلفتها، وهكذا تصرفت تلك الفتاة بحكمة وعقل حيث استعانت بأخيها وأطفأت النار قبل أن تنتشر وتستفحل. وهذه القصة بتصرف من كتاب: (قصتي مع الهاتف) للحميدي .

    1.   

    رسالة تخاطب ضمير الفتى

    ننتقل من الفتاة إلى الفتى! أيها الشاب المعاكس! أترضى هذا الصنيع لأمك؟! أترضاه لأختك؟! أترضاه لمحارمك؟! ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) والجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان:

    يا قاطعاً سبل الرجال وهاتكـاً     سبل المودة عشت غير مكرم

    من يزن في بيت بألفي درهـم     في بيته يزنى بربع الدرهم

    إن الزنا دين فإن أقرضته     كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

    لو كنت حراً من سلالة ماجدٍ     ما كنت هتاكاً لحرمة مسلم

    قبض على شابٍ مع فتاة غرر بها وفعل بها الفاحشة، وبعد أكثر من ستة أشهر عثر على شاب آخر مع فتاة، فلما استدعي وليها إذا هو الشاب الأول نفسه.

    من يزن في بيت بألفي درهـم     في بيته يزنى بربع الدرهم

    إن الزنا دين فإن أقرضته     كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

    وهذه القصة ذكرها صاحب كتاب: الهاربات من الأسواق في الصفحة (83).

    أيها الشاب! تذكر أن فتنة النساء هي أعظم الفتن فكن منها على حذر، وابتعد عن كل سبب يقاربك منها من مشاهدة أفلام ونظر واستماع أو اجتماع أو غير ذلك، أولم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء).

    اجتنب النظر إلى الحرام، اجتنب الاستماع إلى الحرام.

    أيها الشاب المعاكس! لا تستدرج فتاةً مؤمنة غافلة إلى ما حرم الله، وتذكر -أيها الشاب!- كم من بيت هدمته؟

    كم من بنت جعلتها حبيسة الجدران بعد أن ذبحت عفتها؟

    كم فرقت بين امرأة وزوجها؟

    ألا تخشى دعوات المظلومين التي ليس بينها وبين الله حجاب ممن هتكت أستارهم، وهدمت عليهم بيوتهم، وأدمعت عيونهم، وحطمت قلوبهم؟

    اتق الله! وإن كان عندك صور أو رسائل أو تسجيل فاتق الله وبادر إلى إتلافها، ولا تجعل للشيطان عليك سبيلاً، واقطع الطريق حتى لا يؤزك إلى معاودة الذنب وتكراره، دع تهديد المسكينة في صورها ورسائلها، ولا تجعل غلطتها مسوغاً للاستمرار في الخطأ ومزاولة الذنب، فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.

    أيها الشاب المعاكس! لئن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اطلع على بيت من غير إذنٍ فقد حلَّ أن يفقئوا عينه) وتلك عقوبة دنيوية دون الأخروية، فكيف بمن يتسلق عليهم بيوتهم، ويعيث في وسطها من غير أذنهم، ويفسد عليهم محارمهم؟! ماذا تكون عقوبته؟!

    أما لك في عفة الصديق أسـوة     أما لك في صاحب الغار قدوة؟!

    أما تحب أن يظلك الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: -وذكر منهم- وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله).

    1.   

    رسالة إلى أولياء الأمور

    جاء دور أولياء أمور الفتيان والفتيات فنقول: إن الأسرة هي التربة التي ينشأ من خلالها الشاب والشابة، وهي المحضن الذي يتربى فيه، والغالب أن سلوك الولد والبنت انعكاس للتربية التي تلقاها في منزله سلباً أو إيجاباً.

    إنه حسب ما لوحظ من حالات كثيرة حصلت فيها المعاكسات وجد أن إهمال التربية الإيمانية وضعف الرقابة البيتية له الدور الأكبر في حصول هذه المعاكسات.

    إن الوالدين مسئوليتهما عظيمة نحو أولادهم، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، الرجل راعٍ في أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) وفي لفظ: (ولم يحطها بنصحه إلا حرّم الله عليه الجنة) قال ابن القيم رحمه الله: قال بعض أهل العلم: إن الله يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده، فإنه كما أن للأب على ابنه حقاً فللابن على أبيه حق، قال ابن القيم : فوصية الآباء بأبنائهم سابقة على وصية الأولاد بآبائهم.

    فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدىً فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء, وإهمالهم لهم, وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، وأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: يا أبتِ إنك عققتني صغيراً فعققتك كبيراً، وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً.

    1.   

    عوامل ومقومات التربية الجادة

    تتمثل التربية في عدة مقومات منها:

    التربية الإيمانية على محبة الله

    أولاً: التربية الإيمانية على محبة الله، والخوف من الله، والاستسلام والانقياد لأحكام الله الشرعية والقدرية، وامتثال أمر الله واجتناب نهيه.

    ومن ذلك: تربية الفتاة على الحشمة والحجاب، والبعد عن الاختلاط بالرجال، والحياء، لا على أن ذلك تقاليد وعادات اجتماعية، بل على أنها سنن وأوامر إلهية، على أن ذلك هو تشريع الرب سبحانه الذي يعلم ما يصلح العباد وما يضرهم.

    إن من الخطأ أن تربى الفتاة على أن الحجاب وعلى أن الحياء إنما هما نهج اجتماعي وليسا أمراً شرعياً، فمتى أتيحت لها الفرصة بالتمرد على عادات المجتمع تمردت وتفسخت وتحللت.

    ومن الخطأ ما يقع من بعض الناس من تربية الصغيرات على قلة الحياء؛ من إلباسهن الملابس القصيرة والأكمام القصيرة ولبس (البنطلون) وغير ذلك من الأشياء التي تنشأ عليها الفتاة فتكبر وتكبر هذه الأشياء معها، ثم تألفها ولا تستنكرها ولا تستبشعها، ويزول منها الحياء تدريجياً حتى تصل إلى ما وصلت إليه.

    إزالة الأشواك من طريق هدايتهم

    ثانياً: إزالة الأشواك من طريق هدايتهم.

    ويقف على ذلك تطهير المنزل من أجهزة اللهو والفساد المسموعة والمرئية, والتي تصور المعاكسات على أنها من ألوان الحب العفيف والترفيه البريء، وتشجع على التعارف واللقاء والحب قبل الزواج، وأن ذلك طريق الزواج الناجح، وتثير مكامن الشهوة في النفوس، وتؤجج الغرائز في القلوب.

    وكذلك تطهير المنزل من المجلات الساقطة وكتب الروايات الهابطة.

    إن هذه الأجهزة مع الأسف الشديد من أكبر أدوات الهدم والتدمير، وكيف يرجى صلاح الأبناء والبنات مع وجودها، وكيف يقذف بهم في بحر الشهوات ويقال: لا تبتلوا به.

    ألقاه في اليم مكتوفاً وقال لـه     إياك إياك أن تبتل بالماء

    كيف يتم البنيان ومن يهدم أكثر ممن يبني:

    متى يبلغ البنيان يوماً تمامه     إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

    ولو ألف بانٍ خلفهم هادم كفى     فكيف ببانٍ خلفه ألف هادم

    كم دمرت هذه الأجهزة من أخلاق؟ وكم عبثت بالقلوب وأفسدتها؟ فيجب تطهيرها من تلك الأجهزة.

    إن إبقاء الأجهزة التي تنشر الفساد, وتشيع الرذيلة وتؤجج الشهوات, إن إبقاءها -والله الذي لا إله إلا غيره- من الغش للرعية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) وفي لفظ: (ولم يحطها بنصحه) هل من النصح أن توجد ما يؤجج الغرائز ويثير الشهوات وينقل تقاليد أقوام لا خلاق لهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر؟! أهذا من النصيحة؟!!

    إن العار والشنار والذنب يلحقك حتى بعد موتك فأنت السبب في ذلك.

    توفير الكتيبات والأشرطة النافعة التي تملأ فراغ الأبناء والبنات

    ثالثاً: توفير الكتيبات والأشرطة النافعة التي تملأ فراغ الأبناء والبنات وتكون عوناً لهم على استقامة دينهم وسلوكهم.

    إن وجود مكتبة مقروءة ومسموعة في كل منزل أصبح اليوم ضرورة، وفي المقابل تطهير المنازل من أضدادها من الروايات الهابطة والأشرطة الماجنة.

    تعليم الأبناء والبنات خطورة المعاكسات وعواقبها الوخيمة

    رابعاً: تعليم الأبناء والبنات خطورة المعاكسات وعواقبها الوخيمة، وتحذيرهم منذ صغرهم من ذلك، وإرشادهم إلى كيفية التعامل مع المعاكس بإقفال السماعة في وجهه تلقائياً.

    وليعلم الأهل أنهم إن لم يبينوا هذه الأمور لأبنائهم فسوف يتلقونها من غيرهم على الطريق التي تضل بهم، قال حذيفة رضي الله عنه: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه).

    عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه

    ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه

    فلا بد من بيان الشر، لا بد من التعريف به، لا بد من التحذير من مسالكه وطرائقه.

    الإشباع النفسي من الحنان للأبناء والبنات

    خامساً: لا بد من الإشباع النفسي من الحنان والمداعبة للأبناء والبنات في حدود الحشمة والأدب, والبعد عن الفظاظة والصلف والغلظة، فإنه لوحظ أن من أكبر أسباب المعاكسات فقدان هذا الإشباع النفسي, فتبحث الفتاة عنه أو الفتى عن طريق جهات أخرى، فإذا كان هذا في حق الأولاد فالأمر نفسه يجب أن يكون مع الزوجة، فكم من زوجة تشكو إغفال زوجها لها وقلة اكتراثه بها، وأنها لم تجد منه من الحنان والاهتمام ما يملأ قلبها ويروي مشاعرها، وربما تلجأ إلى ملءِْ هذا الفراغ العاطفي عن طريق غيره ثم تقع الكارثة.

    الحرص على عدم خروج الفتاة إلى الأماكن العامة إلا بمحرم

    سادساً: الحرص على عدم خروج الفتاة إلى الأسواق أو الأماكن العامة إلا بمحرم:

    فقد لوحظ أن عدداً من حالات المعاكسات مرجعه خروج المرأة بلا محرم، وربما تتعطر وتتجمل وتنتقب فتوزع النظرات فتلاحقها النظرات الجائعة، ثم يلقي الشاب ورقة فيها رقم هاتفه, إما في حقيبتها أو على الأرض، فتلتقطها المغفلة ثم تتصل لأنه لا يعرفها زعمت، ثم يستدرجها إلى ما وراء ذلك:

    ومن رعى غنماً في أرض مسبعةٍ     ونام عنها تولى رعيها الأسد

    الرقابة العامة والمتابعة المستمرة للأبناء والبنات

    سابعاً: الرقابة التامة والمتابعة المستمرة للأبناء والبنات منذ حداثة أسنانهم، واليقظة والحذر.

    إن من المصائب المتكررة ألا يطلع الأهل على أوضاع بناتهم وأبنائهم إلا في آخر فصول المأساة, حيث يقع الفأس على الرأس، أين أنت أيها الأب عن الفتاة يوم أن كانت في بداية المعاكسات؟ وأين أنت أيتها الأم عن ابنتك يوم أن كانت تخرج إلى الأسواق، وقبل أن يحصل منها ما حصل؟!

    إنه يجب علينا الرقابة على أبنائنا، نعم الرقابة، ومن يكن رقيباً إن لم يكن الأب أو الأم رقيباً على أبنائه؟! فراقِبْ تحركاته، راقب ذهابه ومجيئه، راقب أوراقه، راقب أشرطته، راقب جميع شئونه، ومع ذلك نحذرك من سوء الظن والوسواس الذي يخرج بالمرء عن حد الاعتدال، ويورث البغضاء والشقاق, فإن المطلوب اليقظة والاحتياط لا الشك والارتياب.

    تعليم أهل البيت أدب استعمال الهاتف

    ثامناً: تعليم أهل البيت أدب استعمال الهاتف استقبالاً ورداً:

    ومن ذلك: ألا تكون الفتاة هي أول من يبادر إلى إجابة الهاتف مع وجود رجال أو نساء كبيرات في السن، وتربيتهن على ذلك منذ الصغر، فربِّ الفتاة من صغرها على أنها لا ترد على الهاتف إلا في حال عدم وجود أحد يقوم بذلك الأمر.

    ومن ذلك: ألا تتحدث بخضوع في القول فيطمع الذي في قلبه مرض، بل تقول قولاً معروفاً، وأن يكون كلامها بمقدار الحاجة.

    ومن ذلك ألا يرد الأطفال غير المميزين على الهاتف، لما يترتب على ذلك من نشر للأسرار وهتك للأستار من قبلهم.

    وضع الهاتف في المنزل في أماكن تجمع الأهل

    تاسعاً: وضع نقاط الهاتف في المنزل في الأماكن المطلوبة وأماكن تجمع أهل البيت، وعدم توزيع النقاط على كل غرفة من غرف البيت كما يصنعه أكثر الناس اليوم، وليس ذلك الصنيع من باب إساءة الظن بأهل البيت، ولكنه من باب الاحتياط، والبعد عن الفتنة، وقطع الطريق على الشيطان حتى لا يتسلل إلى النفوس عند الانفراد والخلوة.

    عدم ترك الفتاة لوحدها في المنزل

    العاشر: لا تترك الفتاة لوحدها في المنزل، ولتكن أمها قريبة منها، ولا تكن الأم خرَّاجة ولاّجة، فإنه لوحظ أن عدداً من حالات المعاكسات إنما حصلت بسبب تفرد الفتاة في منزلها دون وجود أحد من أهل بيتها، تخرج الأم إلى السوق أو إلى الجيران, وتبقي البنت فريدة ليس معها من يلحظها فيتفرد بها الشيطان (إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية) فمن الخطأ أن تبقى الفتاة منفردة في منزلها، وعلى الأم أن تبقى قريبة منها.

    الاستفادة من خدمة إظهار رقم المتصل

    الحادي عشر: عند الإزعاج يستفاد من خدمة إظهار رقم المتصل التي أصبحت بحمد الله حقيقة ماثلة.

    تعليم الأبناء أن الاعتراف بالخطأ خير من السكوت عليه

    الثاني عشر: أن يعلم الأبناء والبنات أن الاعتراف بالخطأ خير من السكوت عليه والتمادي فيه، فقد تكون الفتاة متورطة مع شاب في خطأ وهو يهددها بالفضيحة إن لم تستمر معه، فحينما يربى الأبناء والبنات على الاعتراف بالخطأ، وتفتح لهم الصدور؛ يسلم بإذن الله عز وجل من التمادي في الوقوع في الأوحال، فعلى الأمهات على وجه الخصوص أن يكن قريبات من بناتهن، ويصارحنهن لا سيما إذا لاحظت تغيراً في طباع ابنتها أو شروداً أو قلقاً.

    المبادرة بتزويج الفتاة متى ما تقدم إليها الكفء

    الثالث عشر: المبادرة بتزويج الفتاة متى ما تقدم إليها الكفء، وعدم تأخير زواجها تحت أي ظرفٍ من الظروف، فلا يجوز عضل الفتاة وحبسها عن الزواج، وقد لوحظ أن كثيراً من حالات الانحراف لدى الفتيات سببه تأخير الزواج، وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض).

    كم من فتاة تدعو على والدها الذي حرمها الزواج والذرية، حتى قالت إحدى العوانس اللاتي رفض والدها تزويجها بعد أن أصابها الهمّ والمرض الذي نقلت على إثره إلى المستشفى, وتوفيت على إثره، تقول لوالدها وهي في سكرات الموت: اقترب مني يا أبي، فاقترب منها، فقالت له: قل: آمين، فقال: آمين، فقالت له: قل: آمين، فقال: آمين، فقالت له: قل: آمين، فقال: آمين، فقالت: حرَمك الله من الجنة كما حرمتني من الزواج. ثم توفيت رحمها الله. وهذه القصة مذكورة في كتاب: اعترافات عانس .. قصص واقعية لضحايا العنوسة لـمبارك الرزي في الصفحة الرابعة عشرة.

    وقد قالت لي إحدى الفتيات وهي تستشيرني في أمرها عبر الهاتف من جراء تأخير والدها لزواجها، قالت لي: والله إني أحياناً أبكي بكاء شديداً وأدعو من غير شعورٍ على والدي أن يحرمه من الجنة كما حرمني الزواج.

    1.   

    واجب المعلمات نحو الطالبات

    أيتها المعلمات! إن عليكن واجباً يتمثل في معالجة هذه القضية التي نحن بصددها يتمثل بـ:

    أولاً: التربية الإيمانية للطالبات من خلال الدروس والمحاضرات والكلمات.

    ثانياً: توضيح خطورة هذا الصنيع والآثار الخطيرة المترتبة عليه.

    ثالثاً: تبيين كيفية التعامل مع المعاكس، وماذا تصنع من تورطت في هذا العفن.

    رابعاً: متابعة وملاحقة ما قد يحصل من تبادل أرقام هواتف الشباب، ومحاسبة من يقع ذلك منها، فقد لوحظ أن عدداً من حالات المعاكسات إنما تحصل عليها الطالبة من زميلاتها في المدرسة، وقد قالت إحدى المدرسات في إحدى مدن المملكة في إحدى المدارس الثانوية: إنها ضبطت طالبة عندها في المدرسة وقد أتت (بألبوم) معها فيه العديد من الصور لعدد من الشباب، وفي خلف الصورة رقم هاتفه وهي تعرضه على زميلاتها، فإذا أعجبها شخص أخذت صورته ورقم هاتفه في خلفه.

    خامساً: المتابعة الخاصة لمن يستراب في سلوكها والعناية برعايتها.

    أيتها الملتزمات الفضليات! يا من عافاهن الله تعالى من ذلك المرض! يا من وفقهن لسلوك طريق الهداية! إن عليكن واجباً تجاه أخواتكن اللاتي ضللن الطريق، إنه يتمثل في القدوة الحسنة، والمعاملة الحسنة الطيبة، والابتسامة الحلوة، والصبر على الجفاء، الكلمة الطيبة، النصيحة المؤثرة الملفوظة والمكتوبة، إهداء الشريط والكتاب المناسب.

    1.   

    كتب تعالج مشاكل المعاكسات

    وأخيراً: كتب في الموضوع:

    العبث المدمر لـعبد الله السالم ، ضحية معاكسة لـسالم العجمي ، حتى لا تذبل الزهرة لـخالد الصقعبي ، بداية النهاية لـعبد اللطيف الغامدي ، دموع ساخنة من فتاة عائدة لـأم عبد الرحمن بنت عبد الله ، مكالمة المساء لـمها الجدعان ، حصائد معاكسة للشيخ صالح الميان ، قصتي مع الهاتف لـمحمد الحميدي ، المعاكسات الهاتفية من التسلية إلى الزنا لـعصام الشريف ، تحذير الفتيات حول فتى الأحلام لـسعاد فرج .

    وأخيراً نسأل الله تعالى أن يصلح نياتنا وذرياتنا.

    اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبداً ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا.

    اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر.

    اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم حصن فروجنا، اللهم يا حي يا قيوم ارزق شباب المسلمين زوجات صالحات مباركات، اللهم زوج بنات المسلمين لأزواج أكفاء صالحين، اللهم قهم شر الشيطان وشركه برحمتك يا أرحم الراحمين.

    اللهم من كان مهتدياً فزده هداية وثباتاً وصلاحاً، ومن كان ضالاً فرده إليك رداً جميلاً.

    وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755896618