إسلام ويب

نداءات الرحمن لأهل الإيمان 103للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • التوبة النصوح بشر الله عز وجل صاحبها بتكفير السيئات، وأن يكون مع النبي والذين آمنوا في يوم لا يخزيهم الله فيه، ويمنحهم نوراً يمشون به على الصراط، حتى يدخلوا جنة عرضها الأرض والسماوات، تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً.

    1.   

    تابع وجوب التوبة النصوح من كل ذنب على الفور رجاء مغفرة الذنوب ودخول الجنة

    الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان، اللهم اجعلنا منهم، واحشرنا في زمرتهم، وارض عنا كما رضيت عنهم. آمين.

    ما زلنا مع النداء الأخير وهو النداء التسعون، ولم يبق منه إلا القليل مع الخاتمة.

    التوبة واجبة على الفور

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم: [ كانت تلك بعض المحبوبات والمكروهات ] إذ تقدم لنا بيان المحبوبات وهي عشر، والمكروهات وهي عشر كذلك [ فإذا تركت محبوباً منها، أو فعلت مكروهاً منها فبادر بالتوبة على الفور، وهي فعل ما تركت ] من تلك المحبوبات [ وترك ما فعلت ] وأتيت من تلك المكروهات [ وأنت تستغفر الله ونادم أشد الندم على ما تركت من محبوب لله، أو على ما فعلت من مكروه لله ].

    والتوبة على الفور مسألة إجماعية، فقد أجمعت أمة الإسلام على أن التوبة تكون على الفور، فلا يسمح للمؤمن أن يقول: لا أتوب إلا بعد أن أتزوج، أو حتى أعود من سفري، أو حتى أفرغ من بناء بيتي، أو حتى أرحل من بيتي. فلا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يغشيا كبيرة من كبائر الذنوب ثم يؤجلا التوبة؛ لأن التوبة تجب على الفور، مثلها: مثل سائر في الطريق فزلت قدمه، فهو لن ينتظر ساعة أو ساعتين، أو ليلة ثم ينهض ويقوم، بل إنه ينهض على الفور، فالتوبة تجب على الفور، فلا يحل تأخيرها أبداً، قال الله عز وجل: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [النساء:17].

    هنا لطيفة: وهي أن العبد إذا استمر على الذنب ولم يتركه يخشى أن يصبح طبعاً من طباعه، وغريزة من غرائزه، ويعجز عن تركه مرة أخرى، ومثال ذلك: المخدرات كالتدخين والأفيون وما إلى ذلك، فإذا استمر العبد على تلك المعصية يصعب عليه جداً أن يتخلى عنها، وكذا من اعتاد أكل الرطب بعد طلوع الشمس عاماً بعد عام فمن الصعب عليه تركه، وقد يتألم إن لم يأكل رطباً، فنحن مأمورون بالتوبة لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [التحريم:8]. فلنقل: لبيك اللهم لبيك! تُوبُوا إِلَى اللَّهِ [التحريم:8]، أي: ارجعوا إليه بترك المكروه الذي كرهه أو بفعل الواجب الذي تركتموه وقد أحبه.

    شروط التوبة

    لا شك أن شروط التوبة هي:

    أولاً: الإقلاع عن المعصية على الفور وتركها والابتعاد عنها، فإن كان تاركاً لواجب فعليه أن يفعله، وإن كان مرتكباً لمنهي فعليه أن يبتعد عنه ويتركه. هذا هو ما يسميه أهل العلم بالإقلاع، يقال: أقلع عن الشيء أي: انفصل عنه بسرعة بدون تراخي.

    ثانياً: الاستغفار، وهي أن تلهج بكلمة: أستغفر الله، أو غفرانك ربي، أو اللهم اغفر لي، بحيث لا تفارقه.

    ثالثاً: العزم الأكيد على أن لا يعود لذلك الذنب، فإن عاد مرة أخرى فلا بد من عزم قلبي وتصميم أن لا يعود لهذا الذنب، سواء كان هذا الذنب تركاً لواجب أو فعلاً لمحرم.

    رابعاً: الندم الممض، وهو أن يشعر التائب بألم نفسي يبقى أياماً في نفسه، حتى ينمحي أثر ذلك الذنب ويزول من النفس. والناس يعرفون الندم في أمور الدنيا، فالتاجر الذي فاتته صفقة تجارية يشعر بالندم، وكذا من مات له حبيب.

    فالتوبة النصوح التي أمر الله بها هي التي لا يعاود التائب فيها الذنب أبداً، كما لا يعود اللبن إلى الضرع، فلو حلبنا من شاة لبناً فليس بالإمكان -بل من المستحيل- أن نرده إلى ضرعها.

    فإذا أردت أن تسمو وترتقي إلى منازل الأبرار فقل كلما ذكرت ذنباً قد اقترفته: أستغفر الله وأتوب إليه، ولو بعد خمسين أو سبعين سنة.

    وقد جاء في سورة (ق) قول الله تعالى: لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ [ق:32]. والأواب هو: الرجاع، الذي كلما أذنب ذنباً أحدث له توبة فرجع، والحفيظ: هو الحافظ شديد الحفظ، الذي لا ينسى أبداً، وكلما ذكر ذنبه استغفر الله.

    وهذا فيما إذا كان الذنب بينك وبين الله، كأن تكون تركت واجباً أو فعلت محرماً فتوبتك كافية، وأما إذا كان بينك وبين أخيك فتحلل منه، أي: اطلب منه العفو، فإن كان مالاً فلا بد من رده إن كنت قادراً على أدائه، وإن لم ترده فإنك لم تتب، ولا تصح التوبة إلى الله من دون إرجاعه إن كنت قادراً على إرجاعه، ولا يصح الاستغفار والندم وفي جيبك مال أخيك الذي اختلسته منه أو اغتصبته، أو سرقته أو غششته، أو أخذته بحيلة من حيلك. وإن كان الذنب في عرض أخيك كأن اغتبته أو شتمته، أو عيرته فلا بد وأن تطلب العفو والسماح منه، والتحلل من الذنب، فتقول له مثلاً: أي أخي! لقد قلت فيك باطلاً، وقد تبت إلى الله واستغفرته، فسامحني، فإن عفا وسامح نجوت، وإن لم فسر إليه وأعطه حقه حتى تخلص.

    وإن كنت قد آذيته في جسمه كأن تكون قد ضربته فأعطه خدك وقل له: اضربني كما ضربتك، كما فعل الصحابي الجليل حينما وضع خده على الأرض وقال لأخيه: لتطأن على خدي. فهذه هي التوبة التي شرعها الله لتطهير قلوبنا وتزكية نفوسنا.

    فالخلاصة: أن التوبة هي الرجوع إلى الله بفعل ما تركناه من واجبات، أو بترك ما ارتكبنا من محرمات كثرت أو قلت، فنحن مأمورون بأمر الله في آخر نداء لله في كتابه بهذا، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8].

    ثمار التوبة النصوح

    قال: [ وأبشر بعد ذلك بما بشرك الله تعالى به في قوله: عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [التحريم:8]. واعلم أن عَسَى [التحريم:8] من الله تفيد تحقيق المرجو وتأكيده ] بخلاف عسى من فلان العاجز، فتقول: عسى أن يعطيك حقك، عسى أن يسامحك.. فعسى هنا ليست واجبة، فقد يعجز ولا يتحقق المرجو، أما في حق الله تعالى فهي واجبة؛ فإذا قال: عسى الله أن يفعل فأبشر.

    [ فأبشر بالجنة بعد تكفير السيئات ] في يوم عظيم هو يوم القيامة [ في يوم لا يخزي فيه الله النبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه، بأن لا يذلهم ولا يعذبهم، ويعطيهم نوراً يمشون فيه ] وعليه [ حتى يجتازوا الصراط ويدخلوا الجنة دار السلام.

    وسلام عليهم وعلى كل المرسلين، وأهل الجنة أجمعين.

    والحمد لله رب العالمين ].

    1.   

    خاتمة النداءات

    [ الخاتمة ] أي: خاتمة هذه النداءات.

    [ بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وبعد: ففي يوم الإثنين 21/ رجب / 1414هـ، وفي الروضة النبوية الشريفة ] واخترنا الروضة لأنها موطن استجابة [ وفقني الله تعالى لأبيض هذه الخاتمة بيض الله وجهي ووجه كل مؤمن ومؤمنة يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، راجياً بذلك من الله تعالى أن ينفعني وينفع كل مؤمن ومؤمنة يقرأ هذه النداءات الرحمانية، أو يستمع إليها ] إذا كان لا يتقن القراءة [ ويجيب من دعاه وهو الله وليه ومولاه فإن أمره بأمر قام به، وإن نهاه عن شيء انتهى عنه، وإن رغبه في خير رغب فيه، وإن حذره من شر حذره، وإن بشره بخير سر بالبشرى وحمد الله وشكر، وإن أنذره خاف وتاب واستغفر، إذ هذا شأن المؤمن الصادق الإيمان، والمسلم الحسن الإسلام المهيأ بفضل الله للجنة دار السلام.

    هذا ولا يفوتني أن أرغب كل مؤمن ومؤمنة في قراءة هذه النداءات الرحمانية، وحفظها وإجابة الداعي الرحمن فيها نداء بعد نداء، ولا أحسب أن مؤمناً يجد في تحصيلها حفظاً وفهماً وعملاً يبقى في ظلام الجهل أبداً، بل سيرقى إلى أفضل مستوى علمي يرفع الله تعالى إليه من يشاء من عباده المؤمنين به وبلقائه ].

    سبب فرقة المسلمين وضعفهم وانحرافهم وعلاج ذلك

    قال: [ وهنا أذكر منبهاً لافتاً النظر إلى أن ما يشكوه المسلمون من فرقة وضعف وانحراف ] وانصراف [ بل وضياع وخسران مرده إلى الجهل بالله تعالى، وبمحابه ومساخطه ] ومكارهه [ وما عنده لأوليائه ] من نعيم مقيم [ وما لديه لأعدائه ] من العذاب الأليم [ وأن الطريق إلى الخروج من هذه المظاهر المؤلمة المحزنة ] والخلاص منها [ التي تعيشها أمة الإسلام منذ قرون عدة هو العلم ] بالله، وبمحابه وبمكارهه، وبما عنده لأوليائه، وبما لديه لأعدائه [ واليقين فيه، وأن كيفية الحصول على العلم المطلوب هو أن يتعهد أهل كل حي من أحياء المدن ] الإسلامية [ وأهل كل قرية من القرى ] الإيمانية [ بأن يجتمعوا كل ليلة من المغرب إلى العشاء في مسجدهم الجامع لهم يدرسون كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وذلك طوال العام لا يتخلف رجل منهم ولا امرأة ولا ولد إلا معذور عذراً حقيقياً ] كمرض أو خوف، فلا سبيل ولا طريق للخلاص مما فيه العالم الإسلامي إلا هذا، أحبوا ذلك أم كرهوا. ولن تنتهي الحزبية والفرقة والمذهبية والتفاوت والآلام والبغض والحسد والكبر إلا بهذا الطريق، ومن أراد أن يشير إلى واقعنا أشار إليه.

    فإذا اجتمع أهل القرية كلهم في بيت ربهم من المغرب إلى العشاء يتعلمون الكتاب والحكمة ويزكون أنفسهم يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام لم يبق فيهم فرقة ولا خلاف، ولا صراع ولا حسد، ولا بغض ولا كبر ولا تعالٍ، ولا يبقى بينهم من يموت جوعاً أو يمشي عارياً أو لا يجد له مأوى. فهذه سنة الله، وسنن الله لا تتبدل.

    وليس هناك قانون يفرض على أمة الإسلام أن تكمل وتسعد إلا قانون الإسلام، أحببنا أم كرهنا.

    وقد عرفنا أن أمة العرب كانت أمة جهل وضلال ووثنية وقبلية وصراع ودماء، وما إن اجتمع هؤلاء العرب بين يدي رسول الله يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم خمساً وعشرين سنة إلا وسادوا العالم، وانتشر نور الإسلام في أنحاء المعمورة. ومن طلب برهاناً ودليلاً فعليه أن يذهب إلى قرية فيجمع أهلها على الكتاب والسنة، وسيرى النتائج الطيبة بعد عام. وأما المذاهب والمبادئ والحزبيات والطرق والأنظمة فمستحيل أن يتحقق خيراً.

    قال: [ إنهم لا يمضي عليهم طويل زمن إلا وهم علماء ربانيون أولياء لله تعالى صالحون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، مع العلم أن هذا الطلب للعلم والهدى والاستقامة والرضا والحب والولاء والمودة لا يكلفهم من الجهد شيئاً ولا من المال قليلاً ولا كثيراً ] فالمسلمون حينما يذهبون إلى بيوت الله للصلاة وينزلون في بيت الرب يستغفرونه ويتعلمون الهدى لا يكلفهم ذلك جهداً كبيراً شاقاً لا يطاق [ وأمر آخر ألفت النظر إليه وهو أن العالم البشري كله إذا دقت الساعة السادسة مساء أوقف دولاب العمل وذهب إلى الراحة والترويح على النفس، أليس المؤمنون أولى بهذه الراحة؟ راحة السعادة الكاملة، التي هي الجلوس في بيوت الله لاستمطار رحمته، وتلقي الهدى والعلم من كتابه وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم؟ ] فلا طريق لأن تجتمع كلمة المسلمين وتتحد حقيقتهم فيما بينهم أطهاراً أتقياء أحبة أولياء إلا باجتماعهم في بيت ربهم يتعلمون الكتاب والحكمة على نهج رسول الله وأصحابه، فقد كان أكثر الصحابة لا يعرفون الباء من الألف، ولا يعرفون كتابة ولا قراءة، ومع ذلك لم تر الدنيا أفضل منهم في العدل والرحمة، والإخاء والولاء، والطهر والصفاء والكرم، فضلاً عن الشجاعة والموت في سبيل الله، فقد تعلموا بين يدي الرسول الكتاب والحكمة والتزكية كما أمره الله.

    التعريف بكتاب (المسجد وبيت المسلم) وسبب تأليفه

    قال: [ وقد وفقني ربي سبحانه وتعالى فكتبت في هذا الأمر كتاباً سميته (كتاب المسجد وبيت المسلم) ] لو أراد الله بنا خيراً لدرس طلبة العلم هذا الكتاب ونقلوه إلى مساجد الأحياء، واجتمعوا عليه، ولكن ما زال حكم الله نافذاً، فما زلنا أهل الفرقة والخلاف، والغفلة والنسيان والإعراض. ونحن نشكوا هذا لربنا.

    فلو درسنا في كل يوم آية وحديثاً فعلى مدار السنة سنحفظ ونفهم ثلاثمائة وستون آية وكذا ثلاثمائة وستون حديثاً، فلا يصبح فينا جاهل وجاهلة، ولا ظالم وظالمة، ولا فاسد وفاسدة، فسنة الله لا تتبدل، فمن تعلم الكتاب والحكمة كيف لا يفسد [ ودرسته سنة كاملة بالمسجد النبوي مبيناً كيفية تدريسه؛ رجاء أن تفيق أمة الإسلام من نومها الطويل وغفلتها الطويلة العريضة ] وكان الزوار والحجاج والمعتمرون يشهدون هذا، وكان المفروض أن الكل يدرسون هذا الكتاب، فهو مشروح ومبين وسهل، وليس فيه شرك أو باطل أو دعوى إلى ظلم وفتنة، وليس فيه إلا قال الله وقال رسوله. وقد يحفظ العبد الآية في ربع ساعة، أو يحفظ حديثاً مكوناً من عشر كلمات أو أقل على الفور، فإذا حفظ أهل القرية آيات الله وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم لا يبقى فيهم جاهل أو جاهلة، وإذا انتفى الجهل حصل العلم، فكانت الاستقامة على منهج الله، ولن يضر أهل القرية جوع ولا فقر، ولا مرض ولا خوف ولا حزن؛ لأنهم أولياء الله، يتلذذون بالفقر إن افتقروا، ويتلذذون بالمرض والألم، ويجدون في ذلك انشراح صدورهم وطيب نفوسهم، وقد قال الله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]. وقد رأينا الرجل منهم يدفن أطفاله واحداً بعد الآخر وهو يبتسم، والناس يبكون؛ لأن العبد إذا وصل إلى الله لم يقطعه خوف ولا فقر ولا بلاء، بل إنه يتلذذ بما يمتحنه الله به.

    التعريف بكتاب (نداءات الرحمن لأهل الإيمان) وسبب تأليفه

    قال: [ ومن فضل الله تعالى أن وفقني أيضاً لكتابة هذه الرسالة (نداءات الرحمن لأهل الإيمان) رجاء أن يضعها كل مؤمن قريباً من وسادة نومه فيقرأ كل ليلة قبل نومه نداء من نداءات الرحمن فيها ويعمل به حتى يصبح عالماً ربانياً ذا دين وبصيرة فيه ] فلو وضع أصحاب الفنادق هذا الكتاب عند كل سرير كما يفعل النصارى في فنادقهم، فإنهم يضعون صورة من الإنجيل عند كل سرير. فهذه الأمة قد هبطت، ولا سبيل إلى رفعها إلا بالعودة إلى الكتاب والسنة، وذلك في المساجد، ولو كان أحد أصحاب الفنادق ملازماً لهذا الدرس سنة كاملة، يتلقى الكتاب والحكمة، فلا يحتاج إلى أن نذكره، ولكان طلب هذا الكتاب، ووضعه عند كل سرير، ولكنه لم يحضر منهم أحد، ولم يتعلموا أو يفهموا، ولذلك فهم لا يعرفون. بل إن الحلقة مهجورة من طلبة العلم.

    ولو كنا مقبلين على دار السلام بحق لما وجدت مكاناً فارغاً في هذا المسجد؛ لسماع هذه الدروس، ولكنه لا يحضر هذه الدروس إلا الأغراب والفقراء والبهاليل، ولذلك فلن نرتفع ولن نتآخى، ولن نتحاب ولن يوالي بعضنا بعضاً، ولن تطهر بيوتنا وتصفو من ظلمات التلفاز والباطل، والصياح والعهر إلا بسماع هذه الدروس.

    وبعض الناس لما يسمع هذا الكلام يضحك ويسخر ويستهزئ بنا، ويصفنا بصفات لا وجود لها في عالم الغيب والشهادة، ولكنها تمليها عليهم الشياطين.

    التعريف بكتاب (منهاج المسلم) وسبب تأليفه

    قال: [ وأيضاً قبل هذا وأداء لواجب الدعوة والنصح لكل مؤمن ومؤمنة قد ألفت كتاب (منهاج المسلم) ] وسبب تأليفه: هو جمع المسلمين على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وترك التعصب لأحد المذاهب الأربعة: الحنفي أو المالكي أو الشافعي أو الحنبلي، وإن كان الحنابلة أرق الناس وأميلهم إلى السنة، فلا حنفية ولا مالكية، ولا شافعية ولا أباضية، ولا زيدية ولا رافضية، وإنما كتاب الله وسنة رسوله، ومع ذلك لم نجد تشجيعاً أو مساعدة من علمائنا ولو بكلمة.

    ولما كانت النية صالحة وكان القصد خالصاً لله نفع الله بهذا الكتاب، وأصبح يقرؤه الشافعي والمالكي، والحنبلي والأباضي والزيدي؛ لأن المؤمن لا يستطيع أن يرد كلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

    وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغة الفرنسية، فانتشر عند الفرنسيين، ثم ترجم في لبنان إلى اللغة الإنجليزية، وسيصل إلى أمريكا وبريطانيا، والهند والصين إن شاء الله [ وهو كتاب شامل جامع للعقيدة المنجية من النار، والآداب الرفيعة، والأخلاق الفاضلة السامية، والعبادات والأحكام الشرعية، كل ذلك رجاء أن تجتمع عليه أمة الإسلام فتنتهي بذلك الفرقة المذهبية والطائفية ].

    التعريف برسالة (الدولة الإسلامية)

    قال: [ وعلى إثره وضعت دستوراً إسلامياً آملاً أن يضاف في الطباعة إلى كتاب (منهاج المسلم)، فيتم به نظام الدولة الإسلامية ديناً ودنيا شرعاً وقانوناً ] وعندما استقلت الأقاليم من الاستعمار البريطاني أو الفرنسي أو غيرهما كانوا لا يعرفون الإسلام، ولذلك لم يستطيعوا أن يكونوا حكومة إسلامية، فكتبنا الدستور الإسلامي في ورقات، فلو طبقه أهل إقليم لسادوا، وكانوا أفضل الناس، وهذا لا يكلفهم شيئاً إلا أن يؤمنوا بالله، ويتخلوا عن أوساخ الدنيا، والتبعية الذيلية للشرق والغرب، وبذلك سيكونون حكومة ربانية إسلامية.

    وحكام المسلمين لا يحكمون شرع الله، بل أصبحوا يكرهون الإسلام والمسلمين، ولو قرءوا رسالة (الدولة الإسلامية) هذه قراءة بجد في اجتماع خاص بهم لعادوا إلى الإسلام، إذ ليس فيها صعوبة ولا مستحيل ولا تكليف، بل إقبال على الله فقط ].

    التعريف بكتاب (عقيدة المؤمن) وسبب تأليفه

    قال: [ ثم وضعت كتاب (عقيدة المؤمن) ] للقضاء على التعصب لبعض الفرق الإسلامية كالماتريدية والأشعرية والسلفية، وجمع الناس إلى عقيدة المؤمن الحق عقيدة الكتاب والسنة [ على ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ] وذلك [ من أجل إنهاء الفرقة في العقيدة وما طرأ عليها من إفراط وتفريط كاد يطفئ نورها، ويعطل إمدادها الروحي للمؤمن بالله ورسوله في هذه الحياة ].

    دعاء لحكام المسلمين بأن يكونوا أمة إسلامية واحدة ديناً ودولة

    قال: [ وأخيراً: فإني وأنا في روضة الحبيب صلى الله عليه وسلم وهي روضة من رياض الجنة بالمسجد النبوي الشريف أدعو الله تعالى أن يجمع حكام المسلمين في هذه الروضة الطاهرة تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، أن يجمعهم في يوم من الأيام فيها ويبايعوا أصلحهم لإمامة المسلمين فتصبح أمة الإسلام أمة واحدة ديناً ودولة ] وهذا ليس بمستحيل، فلو أفاق حكام المسلمين من سكرتهم، وقالوا: آمنا بالله، وبايعوا إماماً واحداً لأصبحت أمة الإسلام أمة واحدة، وهذا ليس مستحيلاً، فقد أصبح العالم بلداً واحداً، فقد حان وقت إعلان أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله [ ويعهدون إلى خلاصة علماء الشريعة أن يضعوا لهم دستوراً قرآنياً مستسقى من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تحكم به أمة الإسلام في سائر بلادها التي أصبحت ولايات تابعة لإمام المسلمين بالمدينة المنورة ].

    نصيحة للمؤمنين أن يسعوا لتحقيق وحدة المسلمين

    قال: [ وختاماً: أدعو كل مؤمن ومؤمنة أن يسأل الله تعالى تحقيق هذا الأمل وهو: وحدة المسلمين في دينهم ودنياهم؛ ليعزوا ويكلموا وينقذ الله تعالى بهم البشرية الضائعة والمدفوعة إلى الشر والشرك والخبث والفساد، لينتهي أمرها إلى الخلود في عذاب النار كما هو حكم العزيز الجبار: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].

    سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك.

    وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756693487