وهذا هو مقصد أهل السنة والجماعة الصبر على جور السلطان، وعدم الخروج على ولاة الأمور، ولو فعل المعاصي والظلم، إلا إذا وجد الكفر الصريح مع القدرة والاستطاعة، ومع وجود البديل، أي: إذا كفر كفراً صريحاً واضحاً لا برهان به، كما في الحديث الآخر: (إلا أن ترى كفراً بواحاً عندك من الله برهان) جاز الخروج بشرطين:
الشرط الأول: وجود البديل، فيزال الكافر ويؤتى بدله بمسلم، أما إذا كان يزال الكافر ويؤتى بدله كافر ما حصل المقصود.
الشرط الثاني: القدرة، فإن عجز فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
هذا إذا وجد الكفر، أما المعاصي والظلم والجور فلا يجوز الخروج، فمعتقد أهل السنة والجماعة: أن الخروج من كبائر الذنوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية) والخروج على ولاة الأمور من كبائر الذنوب، ولا يجوز، ولأن الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي يترتب عليه مفسدة أكبر، فمن منكرات ولاة الأمور مثلاً الظلم، كأن يكون ظلم بعض الناس، أو قتل بعض الناس، أو سجن بعض الناس، أو ما أشبه ذلك، ولكن يحصل من الخروج أن تراق الدماء، وتنتهك الأعراض، ويتسلط الأعداء، ويختل الأمن، ويختل الاقتصاد والزراعة والتجارة والدراسة، وتختل أمور الناس كلها، وتأتي فتن تقضي على الأخضر واليابس، فأيهما أعظم؟ فالجور والمعصية مفسدة صغرى، وهذه مفاسد متعدية، فلهذا جاء الإسلام بالمنع.
ولهذا قال المؤلف: نعتقد نحن أهل السنة والجماعة الصبر على السلطان ما داموا يقيمون الصلاة والجمع والأعياد، يعني: ما داموا مؤمنين موحدين.
وقوله: (الأئمة من قريش) يعني: إذا كان اختيار المسلمين يختارون إماماً من قريش؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الأئمة من قريش)، ولما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال هذا الأمر في قريش) وفي لفظ: (ما بقي منه اثنان ما أقاموا الدين) يعني: ما داموا يقيمون الدين، فيكون الأمر فيهم والولاية فيهم ما داوموا على إقامة الدين، أما إذا لم يقيموا الدين فإنه يختار المناسب، وهذا إذا كان باختيار المسلمين، كما اختار الصحابة أبا بكر من قريش، ثم عمر من قريش، ثم عثمان من قريش، ثم علياً من قريش، هذا إذا كان باختيار المسلمين.
أما إذا غلبهم بسيفه وقوته وسلطانه ثبتت له الولاية ولو كان عبداً حبشياً، كما في الحديث: (أمرني خليلي أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف) أي: مقطع اليدين والرجلين فتثبت له الولاية بالقوة والغلبة، فالخلافة تثبت بواحد من ثلاثة أمور:
الاختيار والانتخاب كما في خلافة الصديق وعثمان .
والثاني: بولاية العهد من الخليفة السابق، كما عهد الصديق لـعمر .
والثالث: بالقوة والغلبة.
ولم تثبتت الخلافة بالاختيار والانتخاب إلا في زمن الخلفاء الراشدين، أما بعدهم فكلها بالقوة والغلبة، فخلفاء بني أمية، وخلفاء بني العباس والأتراك والمماليك، كلها بالقوة والغلبة إلى الآن.
فهذا إذا كان باختيار المسلمين يختارون من قريش، أما إذا كان ليس الاختيار لهم وغلبهم بقوته وسيفه وسلطانه ثبتت له الخلافة، ووجب السمع له والطاعة، وحرم الخروج عليه، إلا إذا كفر كفراً صريحاً كما في الحديث الذي في صحيح مسلم قال: (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان) بهذا القيد، أي: كفر موصوف بثلاثة أوصاف: كفر، بواح، عندكم من الله فيه برهان، مع القدرة، ومع وجود البديل.
ومن هنا يتبين أن الخروج على ولاة الأمور من المعاصي، وأن هذا من طريقة أهل البدع والخوراج والمعتزلة، والرافضة هم الذين يخرجون على ولاة الأمور، والخوارج يخرجون على ولاة الأمور بالمعاصي، فإذا عصى عندهم كفر وخلد في النار، ووجب قتله؛ لأنه مخلد في النار، والمعتزلة يرون الخروج على ولاة الأمور بالمعاصي؛ لأن هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والرافضة يخرجون على ولاة الأمور بالمعاصي؛ لأنهم لا يرون الإمامة إلا للإمام المعصوم، والإمام المعصوم عندهم هم الأئمة الاثنا عشر ويزعمون أنه نص عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تصح الإمامة لغيرهم ويجب الخروج عليهم، أما أهل السنة فيخالفون الخوارج والمعتزلة والروافض، يرون الصبر على ولاة الأمور، وعدم الخروج عليهم بالمعاصي.
قال: [ والجهاد معهم ماض إلى يوم القيامة ].
كذلك الجهاد ماض مع ولاة الأمور أبراراً كانوا أو فجاراً إلى يوم القيامة؟
كذلك الصلاة حيث ينادى لها واجب، يجب أن يصلي المسلم خلف ولاة الأمور الجمع والجماعة إذا لم يكن هناك مانع، أما إذا كان لعذر من الأعذار فلا. يعني: سواء كان جائراً أو عادلاً يجب السمع والطاعة وعدم الخذلان.
إذاً: الصواب الذي دلت عليه النصوص: أن الصلاة في الجماعة واجبة، دليل ذلك حديث الأعمى، وقال: (من سمع النداء ولم يجب فلا صلاة له إلا بعذر).
والخروج على السلطان الكافر قد يقال بوجوبه إذا وجدت القدرة والاستطاعة والبديل، لكن هذا صعب التحقق، أما مثل الحكومات العسكرية في الجمهوريات والانقلابات، تذهب الدولة الكافرة وتجيء دولة كافرة أخرى، فهنا لم يحصل المقصود، وليس هناك فرق بين الأولى والثانية؛ كلها كافرة.
قال: [ والتراويح سنة ].
التراويح سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية، فعلها النبي ثلاثة أيام ثم تركها خشية أن تفرض، وكان الناس في بقية حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي زمن أبي بكر وفي صدر من خلافة عمر يصلونها أوزاعاً، ثم جمعهم عمر على إمام واحد، فاستمر الناس على ذلك إلى عهدنا الحاضر، فهي سنة نبوية عمرية.
قال: [ ونشهد أن من ترك الصلاة عمداً فهو كافر ].
يعني: هذا يدل على أنه يكفر تارك الصلاة، يعني: من تركها كسلاً، أما من تركها جاحداً لوجوبها فهذا كافر بإجماع المسلمين وليس فيه خلاف، لكن المراد من تركها كسلاً وتهاوناً، وفيه رد على المرجئة الذين لا يكفرون تارك الصلاة ويقولون: إن من كفر تارك الصلاة فهو من الذين يسارعون في الكفر ويكفرون بغير دليل، والذي دلت عليه النصوص أن ترك الصلاة كسلاً وتهاوناً كفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ترك صلاة العصر حبط عمله)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر).
وبعض المرجئة يقولون: من كفر تارك الصلاة فهو من الثوريين الذين يكفرون الناس بغير دليل.
أي: الشهادة للمحسن بالجنة بغير دليل بدعة، والبراءة من الشيخين من أبي بكر وعمر بدعة، كما تفعل الرافضة، فالشهادة بدعة، والبراءة بدعة، فالشهادة لمعين بغير دليل بأنه في الجنة بدعة، فلا يشهد إلا لمن شهدت له النصوص كالعشرة المبشرين في الجنة، وكذلك أيضاً الحسن والحسين وبلال وعبد الله بن سلام .. وغيرهم ممن شهدت لهم النصوص.
والبراءة من أبي بكر وعمر بدعة كما تقول الشيعة: لا ولاء إلا ببراء، والمعنى: لا يتولى أحد علياً إلا ببراءة من أبي بكر وعمر ، لا ولاء لـعلي إلا بالبراءة من أبي بكر وعمر ، وهذا بدعة وهو قول الرافضة، ومن أبطل الباطل، فأهل السنة يتولون أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً جميعاً، وكلهم يترضون عنهم، ولا يقال: لا ولاء إلا ببراء، ربط هذا بهذا، فلا يتولى أحد علياً حتى يتبرأ من أبي بكر وعمر ! هذا من أبطل الباطل.
لذلك نذر سرائر الناس إلى الله، فالشهيد يسمى شهيداً في أحكام الدنيا، أما في أحكام الآخرة فالله أعلم، ولهذا بوب البخاري فقال: باب: لا يقال: فلان شهيد، يعني: في أحكام الآخرة، ويقال له: شهيد في أحكام الدنيا، فقد يكون شهيداً في أحكام الدنيا وليس شهيداً عند الله، فمن رأيناه قتل في معركة يقاتل في سبيل الله، ولا نعلم عنه إلا الخير نقول: شهيد في أحكام الدنيا، أما في أحكام الآخرة فالله أعلم به.
قال: [ والصلاة على من مات من أهل القبلة سنة ].
أي: كل من مات من أهل القبلة ولا يعلم عنه كفر ولا نفاق يصلى عليه، ومن علم كفره ونفاقه فلا يصلى عليه؛ لقول الله تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة:84] وبهذا القيد: إذا لم يعلم منه الكفر والنفاق؛ لأن الله نص على هذا.
وبعض الشباب لا يصلي بالحرم على أي جنازة عملاً بقول الله عز وجل: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ.. [التوبة:84] الآية، وهذا غلط، وهذا تنطع، فالأصل أن من يقدم من المسلمين فيصلى عليه، حتى تعلم يقيناً أنه ليس بمسلم، فهذا تنطع وحرمان للخير، إذ إن الصلاة فيها أجر عظيم قيراط من الأجر.
قال: [ ولا ننزل أحداً جنةً ولا ناراً حتى يكون الله ينزلهم ].
أي: فلا نشهد لأحد بالجنة أو بالنار إلا لمن شهدت له النصوص.
وهناك قول لبعض العلماء أنه من شهد له بعض أهل الخير فإنه يشهد له، وقال آخرون: لا يشهد إلا للأنبياء، والقول الصواب الذي عليه الجمهور: أنه يشهد لمن شهدت له النصوص خاصة، وأما الحديث الذي قال فيه: (أنتم شهداء الله في الأرض) قيل: إنه خاص بأولئك النفر.
فالمسلم إذا مات يصلى عليه؛ لأنه يتجه إلى القبلة بالصلاة والذبح، إذا لم يعلم منه كفر أو نفاق، بهذا القيد؛ لأن الله قيد وقال: (إنهم كفروا بالله ورسوله) فإذا كان من أهل القبلة ولم يعلم منه كفر ولا نفاق صلينا عليه، أما إذا لم يكن من أهل القبلة فهذا لا يصلى عليه، أو كان من أهل القبلة ولكن علم نفاقه أو كفره فلا يصلى عليه.
وهو مسلم إذا التزم أن يتجه إلى القبلة في الصلاة والذبح، ويلتزم بأحكام الإسلام ظاهراً، يقال: هذا من أهل القبلة، خلاف اليهود والنصارى فليسوا من أهل القبلة، وكذلك المجوس والوثنيون ليسوا من أهل القبلة، ولا يتجهون للصلاة إلى القبلة ولا يلتزمون بأحكام الإسلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا...) الحديث فسموا أهل القبلة.
وإذا لم نعلم إسلامه فأمره إلى الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجرى على المنافقين أحكام الإسلام إذا التزموا، وهم منافقون في الدرك الأسفل من النار، فـعبد الله بن أبي رئيس المنافقين لما مات ودلي في حفرته جاءه النبي صلى الله عليه وسلم واستخرجه من حفرته، وألبسه قميصاً، ونفث فيه من ريقه، وصلى عليه، فلما أراد أن يصلي أخذ عمر بثوبه، وقال: تصلي على منافق؟! فقال النبي (... يا
والمقصود: أن المنافق الذي يلتزم بالأحكام ولا ندري عن نفاقه أمره إلى الله، وتجرى عليه أحكام الإسلام وأمره إلى الله، ويدفن ويصلى عليه، لكن في الآخرة حكمه إلى الله، أما نحن فما لنا إلا الظاهر، أما إذا علمنا نفاقه وكفره فلا يصلى عليه.
كذلك المراء والجدال في دين الله، فلا يجوز للإنسان أن يجادل في الدين، قال تعالى: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [العنكبوت:46]، وقال: وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] والجدال لإظهار الحق وإبطال الباطل مقبول، أما الجدال في الدين لأجل الخصومة، أو لأجل الباطل، أو لأجل الإيذاء والإغواء فلا يجوز.
قال: [ ونعتقد: أن ما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم إلى الله، ونترحم على عائشة ونترضى عنها ].
ما شجر بين الصحابة من خلاف فأمره إلى الله، ونعتقد أنهم ما بين مجتهد مصيب له أجران، وبين مخطئ له أجر، ونعتقد أن الأخبار التي رويت عنهم منها ما هو كذب لا أصل له من الصحة، ومنها ما له أصل ولكن زيد فيه وغير عن وجهه، ومنها ما هو صحيح ثابت؛ فالصحيح الثابت هم ما بين مجتهد مصيب له أجران وما بين مخطئ له أجر، كما حقق ذلك شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية رحمه الله.
وكذلك نترحم على عائشة رضي الله عنها، ونعتقد أنها أم المؤمنين، وأنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة، وأنها صديقة، وأن الله برأها من فوق سبع سماوات، فمن رماها بما برأها الله منه قد كفر بالله العظيم بإجماع المسلمين؛ لأنه مكذب لله، وهي الصديقة بنت الصديق ، وهي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة رضي الله عنها وأرضاها.
قوله: في اللفظ، وهو قول اللفظ في القرآن مخلوق، أو يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، هذا من البدعة؛ لأن القرآن كلام الله، ونزله على رسوله، ولا فرق بين لفظ وبين ملفوظ؛ لأن بعض الناس يشبه ويريد باللفظ الملفوظ، فيقع في المحظور، فهذا من البدع، والقرآن كلام الله منزل غير مخلوق، وهذه التفصيلات من البدع.
كذلك اسم الله، الاسم والمسمى، فمثلاً: اسم (الله) فقوله: اسم الله، الاسم مخلوق، أو ما أشبه ذلك، لأن الاسم قد يطلق على المسمى، والمسمى يطلق على الاسم، فإذا قيل: الله اسم عربي، هذا يريد به الاسم، وإذا قيل: الله فالمراد به المسمى، علم على الذات المقدسة، فالتفريق بين الاسم والمسمى والتفريق بين اللفظ والملفوظ كل هذا من البدع.
قال في الحاشية: [ وأما القول في الاسم أهو المسمى أم غير المسمى؟ فإنه من الحماقات الحادثة التي لا أثر فيها فيتبع، ولا قول من إمام فيستمع، فالقول فيه شين، والصمت عنه زين، وحسب امرئ من العلم به والقول فيه أن ينتهي إلى قول الله عز وجل ثناؤه الصادق وهو قوله: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الإسراء:110]، وقوله تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180].
فإذا قيل: هل الاسم هو المسمى أو غيره؟ فمنهم من قال: هو المسمى، ومنهم من قال: بل الاسم غير المسمى، والصحيح: أن الاسم للمسمى، ولا يطلق بأنه المسمى ولا غيره، بل لابد من التفصيل، فالاسم يراد به المسمى تارة، ويراد به اللفظ الدال عليه تارة أخرى، فإذا قيل: القرآن كلام الرحمن، فإن المراد به هنا: المسمى، وإذا قيل: الرحمن اسم عربي فالاسم هنا للمسمى، ولا يقال غير المسمى لما في لفظ غير من إيهام ].
وأما في اللفظ والملفوظ، قال شيخ الإسلام بعد أن ذكر القائلين: لفظي بالقرآن مخلوق، وأن حقيقة قولهم هو قول الجهمية قال: [ فقابلهم قوم أرادوا تقويم السنة، فوقعوا في البدعة، وردوا باطلاً بباطل، وقابلوا الفاشل بالفاشل، فقالوا: تلاوتنا للقرآن غير مخلوقة، وألفاظنا به غير مخلوقة؛ لأن هذا هو القرآن، إلى أن قال: فأنكر الإمام أحمد أيضاً على من قال: إن تلاوة العبادة وقراءتهم وألفاظهم وأصواتهم غير مخلوقة، وأمر بهجران هؤلاء كما جهم الأولين وبدعهم ].
لأن الإيمان قول وعمل واعتقاد، فالله تعالى خلق الإنسان وخلق عمله فلا يقال: إن العمل غير مخلوق والإنسان مخلوق، والمقصود: أن هذا حكمه مثل ما سبق اللفظ والملفوظ.
قال في الحاشية: [ وهذه المسألة أيضاً شبيهة بالمسألتين السابقتين، وهي: أنه لما ظهرت مقولة اللفظية القائلين: لفظنا بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق، تكلم الناس فيها حينئذ بالإيمان، وقالت طائفة: الإيمان مخلوق، ودخل في ذلك ما تكلم الله به من الإيمان كقول: لا إله إلا الله، فصار مقتضى قولهم: أن نفس هذه الكلمة مخلوقة، ولم يتكلم الله بها.
فبدع الإمام أحمد هؤلاء، قال شيخ الإسلام بعد إيراد هذه المسألة والكلام عليها وهذه الأقوال كلها مبتدعة مخترعة لم يقل السلف شيئاً منها، وكلها باطلة شرعاً وعقلاً، ثم ذكر في نهاية البحث أنه من قال: الإيمان مخلوق أو غير مخلوق، فلابد من الاستفسار منه، وما يريد بالإيمان، فإن أراد بالإيمان شيئاً من صفات الله كقوله: لا إله إلا الله، وإيمانه الذي دل عليه اسم المؤمن فهو غير مخلوق، وإن أراد شيئاً من أفعال العباد وصفاتهم، فالعباد كلهم مخلوقون، وجميع أفعالهم وصفاتهم مخلوقة، ولا يكون للعبد المحدث المخلوق صفة قديمة غير مخلوقة ].
القول برؤية الله في الدنيا قول باطل، وصادر من الصوفية وهو أبطل الباطل، قال الله تعالى عن موسى عليه السلام: قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي [الأعراف:143].
وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه: (واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا) فالقول برؤية الله في الدنيا من أبطل الباطل، ولا يستطيع أحد من الناس رؤية الله، ولما تجلى الله للجبل تدكدك وصعق موسى، وخر موسى صعقاً، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث أبي ذر في صحيح مسلم لما قيل: (هل رأيت ربك؟ قال: نور أنى أراه؟) وفي لفظ: (رأيت نوراً)، وفي حديث أبي موسى الأشعري في صحيح مسلم : (إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور -وفي لفظ: النار- لو كشفه لأحرق سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الشورى:51]، فرؤية الله في الدنيا من أبطل الباطل، وهذا كلام الصوفية، وقد أجمعت الأمة قاطبة على أن الله لا يرى في الدنيا، إلا ما زعمته الصوفية، والصوفية عندهم تخريف، فقد كان بعضهم يقول إذا رأى الصدف: لا ندري لعل ربنا يكون في هذه الصدف! نسأل الله العافية، فقد أجمعت الأمة على أنه لا يراه أحد في الدنيا، وأجمعوا على أنه لم يره أحد في الدنيا، ولم يختلفوا إلا في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأجمعوا على أنه لم يره في الأرض، وإنما اختلفوا في رؤيته ليلة المعراج على قولين، والصواب: أنه لم يره نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لهذه الأحاديث التي سبقت، وإنما رآه بقلبه ولم يره بعين رأسه، وهذا هو الصواب الذي عليه المحققون، والذي تدل عليه النصوص، فكيف يقول هؤلاء الصوفية هذا الكلام؟!
قال في ترجمة عبد الواحد بن زيد : [ أما عبد الواحد بن زيد فهو عبد الواحد بن زيد أبو عبيدة البصري حدث عن الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح من مشايخ الصوفية، صاحب وعظ رمي بالقدر، قال عنه الذهبي : وحديثه من قبيل الواهي عندهم، انتهى، توفي بعد الخمسين ومائة ].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وكان من نسب إليه ذلك القول بعد أن ادعى على الطائفة ابن أخت عبد الواحد بن زيد ، والله أعلم بمحله عند المخلصين، فكيف بابن أخته؟! وليس إذا أحدث الزائغ في نحلته قولاً نسب إلى الجملة، كذلك في الفقهاء والمحدثين ليس من أحدث قولاً في الفقه، وليس فيه حديث يناسب ذلك، ينسب ذلك إلى جملة الفقهاء والمحدثين.
يعني: مقصود ابن خفيف أن ما تكلم به الصوفية هذا لا ينسب إلينا، ونحن برآء منه، فهذا الكلام الذي يقوله لا نطلقه، فالإنسان إذا أتى بقول شاذ، لا ينسب إلى الصوفية، كما أن الفقهاء من تكلم منهم بالقول الشاذ لا ينسب إلى الفقهاء.
قال: [ واعلم أن ألفاظ الصوفية وعلومهم تختلف فيطلقون ألفاظهم على موضوعات لهم، ومرموزات وإشارات تجري فيما بينهم، فمن لم يداخلهم على التحقيق ونازل ما هم عليه رجع عنهم خاسئاً وهو حسير ].
أي: لهم إشارات تعرف في الخفاء، ولهم اصطلاحات وألفاظ خاصة بهم مثل: التحقيق، والإيقاع، والقبض، والبسط، والجمع، كل هذه ألفاظ الصوفية.
قال: [ فمن لم يداخلهم على التحقيق، ونازل ما هم عليه، رجع عنهم خاسئاً وهو حسير، ثم ذكر إطلاقهم لفظ الرؤية بالتقييد، فقال: كثيراً ما يقولون: رأيت الله، وذكر عن جعفر بن محمد قوله لما سئل: هل رأيت الله حين عبدته؟ قال: رأيت الله ثم عبدته. فقال السائل: كيف رأيته؟ فقال: لم تره العيون بتحديد العيان، ولكن رأته القلوب بتحقيق الإيقان، ثم قال: يرى في الآخرة كما أخبر في كتابه وذكره رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا قولنا وقول أئمتنا دون الجهال من أهل الغباوة فينا ].
يعني: النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) قال ذلك في أعظم مجمع.
وقوله: [ فمن زعم أنه يبلغ مع الله إلى درجة يبيح الحق له ما حظر على المؤمنين، إلا المضطر على حال يلزمه إحياء النفس، وإن بلغ العبد ما بلغ من العلم والعبادة فذلك كفر بالله ].
يعني: من زعم أن الله أحل له شيئاً من الدماء أو الأموال أو الأعراض غير ما جاءت به الشريعة إلا المضطر فيما يحيي به نفسه، إذ يأكل المضطر الميتة حتى ينقذ نفسه، وليس له أن يستسلم للموت، يقول: من زعم ذلك فهذا كفر وردة؛ لأنه يزعم أنه في هذه الحالة أخذ عن الله، كما يقول أحد الصوفية: حدثني قلبي عن ربي، وأنه لا يحتاج إلى الرسالة ولا يحتاج إلى جبريل، يقول: يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه جبريل، كما يقول الاتحادية، وهذا كفر وضلال، معناها: لا ألتزم بالشريعة، نسأل الله السلامة والعافية، والله تعالى حرم الدماء والأموال والأعراض في أعظم مجمع، حرمها النبي صلى الله عليه وسلم، وحرمها الله تعالى في القرآن العظيم، فمن زعم أن الله أباح له غير ما كان مضطراً إليه فقد تعدى شرع الله، وتعدى حدود الله، وهو كفر وردة.
قال: [ والقائل بذلك قائل بالإلحاد، وهم المنسلخون من الديانة ].
وهم الصوفية يقول أحدهم: حدثني قلبي عن ربي ولا يلتزم بالشرع، ويقولون: لا حاجة إلى أن يأخذ عن الله مباشرة، أو من المعدن الذي يأخذ منه جبريل، وهذا قول غلاة الصوفية الملاحدة، الذين وصلوا إلى القول بوحدة الوجود.
قال: [ وأن مما نعتقده: ترك إطلاق العشق على الله، وبين أن ذلك لا يجوز لاشتقاقه، ولعدم ورود الشرع به ].
إطلاق العشق على الله هذه من عبارات الصوفية الباطلة، فالله إنما ورد في حقه المحبة والخلة فقط، أما العشق فهذا باطل.
وهذا قول أهل السنة والجماعة: أن الله تعالى لا يحل في أحد من خلقه، كما تقول الحلولية، وهو كفر وضلال، بل هو سبحانه وتعالى بائن من خلقه ومستو على العرش، له الأسماء الحسنى والصفات العلى سبحانه وتعالى، وله الكمال في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وأن القرآن كلامه غير مخلوق -حيث ما تلي وحفظ ودرس- ].
كلام الله حيث ما تلي، إن تلي فهو كلام الله، وإن قرئ فالمقروء كلام الله، وإن سمع فالمسموع كلام الله، وإن حفظ فالمحفوظ كلام الله، وإن كتب فالمكتوب كلام الله، وهو في هذه المواضع كلها حقيقة.
كلام المعتزلة من أبطل الباطل فالخلة: هي نهاية المحبة وكمالها، فأهل السنة يثبتون المحبة لله عز وجل والخلة على ما يليق بجلال الله وعظمته، فالله تعالى له صفة الخلة وله صفة المحبة، والله تعالى اتخذ الخليلين إبراهيم ومحمداً، والخلة: هي تمام المحبة وكمالها، وهي بالنسبة للمخلوق لا يتسع القلب بأكثر من خليل واحد، وسميت خلة؛ لأنها تتخلل شغاف القلب وتصل إلى السويداء، أي: إلى نهاية المحبة وغايتها، ولا يتسع القلب لأكثر من خليل واحد، بخلاف المحبة فإن القلب يتسع لمحبات كثير، ولهذا لما امتلأ قلب نبينا صلى الله عليه وسلم بخلة الله قال: (لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت
إلى أن قال: [والخلة والمحبة صفتان لله هو موصوف بهما، ولا تدخل أوصافه تحت التكييف والتشبيه، وصفات الخلق من المحبة والخلة جائز عليهم الكيف، وأما صفات الله تعالى فمعلومة في العلم وموجودة في التعريف قد انتفى عنهما التشبيه، فالإيمان به واجب، واسم الكيفية عن ذلك ساقط ].
يعني: صفة المخلوق تتكيف وتعلم، أما صفة الخالق لا تتكيف، لكنها تعلم وتثبت، ونعتقد أن له كيفية لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى.
ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم: (أي الكسب أفضل؟ قال: كسب الرجل بيده، وكل بيع مبرور) كسب الرجل بيده مثل الصناعات، فالصناعات كلها مباحة، كالصناعات الحديثة الآن: البناء والدهان والسباك والكهرباء، كل هذه صناعات جديدة، والنجار والحداد والجزار والخياط، كلها الأصل فيها الإباحة، والبيوع كذلك.
قال: [ وأن من قال بتحريم المكاسب فهو ضال مضل مبتدع ].
لأنه أنكر ما دلت عليه السنة، وما دلت عليه النصوص، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282].
قال: [ إذ ليس الفساد والظلم والغش من التجارات والصناعات في شيء، وإنما حرم الله ورسوله الفساد لا الكسب والتجارة، فإن ذلك على أصل الكتاب والسنة جائز إلى يوم القيامة.
وأن مما نعتقده: أن الله لا يأمر بأكل الحلال ثم يعدمهم الوصول إليه من جميع الجهات ].
فالله تعالى أمر بالكسب الحلال، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ )[البقرة:172]، وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا [المائدة:88].
فالله تعالى يأمر بالأكل الحلال، فلابد أن يكون الحلال موجوداً، ولا يمكن أن يأمر الله بشيء يستحيل وجوده، فالحلال موجود والحرام موجود، وكسب الحلال في الصناعات والأجور، فمن حرم الصناعات معناه أنه صادم النصوص.
قال: [ لأن ما طالبهم به موجود إلى يوم القيامة، والمعتقد أن الأرض تخلو من الحلال والناس يتقلبون في الحرام فهو مبتدع ضال، إلا أنه يقل في موضع ويكثر في موضع، لا أنه مفقود من الأرض ].
لا يمكن أن يفقد من الأرض، وجاء في الحديث: (في آخر الزمان من لم يأكل الربا ناله من غباره) لكن هذا لا ينفي وجود الحلال.
فلا نقول: إن هذا مظهره جميل؛ لأنه يكسب مكاسب محرمة، لا نتهمه.
[ جائز أن يؤكل طعامه والمعاملة في تجارته، فليس علينا الكشف عن ماله، فإن سأل سائل على سبيل الاحتياط جاز إلا من داخل الظلمة ].
ولا ينبغي السؤال في مثل هذا، إلا إذا عرف أن هذا الطعام أو هذا الشيء الذي أعطاك إياه مسروق حرام، فهذا لا تأخذه، أو رأيته يتعامل بالربا فأعطاك منه فلا تأخذه، مثل ما فعل الغلام لـأبي بكر ، أتى غلام له وأعطاه الطعام، قال: أتدري ممن هذا؟ تكهن لرجل في الجاهلية وأعطاه ثمن الكهانة، هذا حرام، ولهذا أدخل أبو بكر أصبعه في حلقه حتى قاء ما في بطنه وقال: كدت أن تهلكنا.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه إذا اختلط الحلال بالحرام فلا بأس، إذا كانت له مكاسب من حلال وحرام فتأكل لا بأس، والنبي أكل طعام اليهود وقبل هديتهم وهم يأكلون السحت، وأخبر أنهم يأكلون السحت، يعني: إذا لم تعلم أن هذا الشيء بعينه حرام فلا بأس.
[ ومما نعتقده: أنا إذا رأينا من ظاهره جميل لا نتهمه في مكسبه وماله وطعامه، جائز أن يؤكل طعامه والمعاملة في تجارته، فليس علينا الكشف عن ماله ].
في نسخة المجموع: [ فليس علينا الكشف عما قاله، فإن سأل سائل على سبيل الاحتياط جاز إلا من داخل الظلمة ].
إلا من داخل الظلمة يعني: يتهم في مكسبه، وهذا فيه نظر، مداخل الظلمة إذا كان مكسبه محرماً، فهذا له حكم آخر، وإذا عرف أن هذا المال بعينه محرم فلا يأكله، أو هذا الطعام محرم فلا يأكله.
قال رحمه الله تعالى: [ ومن لا يزغ عن الظلم وأخذ الأموال بالباطل ومعه غير ذلك فالسؤال والتوقي كما سأل الصديق غلامه ].
الظاهر أنه إذا كان معه غير ذلك فالسؤال والتوقي، يعني: كما حصل لـأبي بكر ، يعني: إذا لم تعلم أن هذا الطعام الذي قدمه بعينه مسروقاً أو مأخوذاً ظلماً فإنك تأكل إذا اختلط، مثل بيت المال الآن، فإن بيت المال يختلط فيه الحلال والحرام، ومع ذلك لا بأس في أخذ المرتبات وغيرها، كما قال شيخ الإسلام ، لكن لو كان شيء بعينه تعرف أنه حرام وأنه مسروق، فإذا سرق سلعة من شخص وذهب يبيعها، لا يجوز أن تشتريها؛ لأنك تعرف أن هذا حرام، أما إذا لم تعلم فالإثم عليه.
وقوله: [ ومن لا يزغ عن الظلم وأخذ الأموال بالباطل ومعه غير ذلك فالسؤال والتوقي، كما سأل الصديق غلامه ].
أي: عرف أبو بكر قصة الغلام عندما تكهن لرجل في الجاهلية وأعطاه أجرة الكهانة.
قال: [ فإن كان معه من المال سوى ذلك مما هو خارج عن تلك الأموال فاختلطا، فلا يطلق عليه اسم الحلال ولا الحرام إلا أنه مشتبه، فمن سأل استبرأ لدينه كما فعل الصديق ، وأجاز ابن مسعود وسلمان وقالا: كل منه وعليه التبعة ].
أي: كل منه وعليه الإثم، إذا لم تعلم يكون عليه الإثم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر