إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (821)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم الخلوة بالأجنبية

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج (نور على الدرب)، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلينا من المستمع محمد من ليبيا، أخونا عرضنا له سؤالاً في حلقة مضت، ونعرض بقية أسئلته إن شاء الله تعالى في هذه الحلقة، فيسأل ويقول: ما حكم الخلوة بامرأة أجنبية في سيارة أو مكتب أو دار؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن الخلوة بالمرأة الأجنبية في سيارة أو مكتب أو غيرهما حكمها التحريم بلا شك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم)، متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) متفق على صحته.

    وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)، خرجه الإمام أحمد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بإسناد صحيح، فليس للرجل أن يخلو بالمرأة، لا في مكتب، ولا في سيارة، ولا في غرفة، بل يجب عليه أن يحذر ذلك؛ لأن الشيطان قد يدعو إلى ما لا تحمد عقباه، ولهذا قال: (فإن الشيطان ثالثهما)، هكذا قال صلى الله عليه وسلم، ومن هذا ما قد يقع لبعض الناس يكون له سكرتيرة، يجلس معها في مكتبه، هذا منكر لا يجوز أن يكون للرجل سكرتيرة يخلو بها في مكتبه، أو بيته، أو غير ذلك، بل يكون للرجل سكرتير من الرجال، والمرأة لها سكرتيرة من النساء، فالنساء للنساء والرجال للرجال، أما أن يتخذ سكرتيرة في مكتبه أو في إدارته أو في محل علاجه؛ لكونه طبيباً أو ما أشبه ذلك هذا لا يجوز، وهذا منكر عظيم، ووسيلة للشر العظيم.

    وهكذا الخلوة في السيارة كونه يذهب بها هاهنا وهاهنا ما معه أحد، وسيلة لشر عظيم، قد يغلبه الشيطان ويذهب بها إلى حيث يشاء، وقد يتفق معها في السيارة على ما لا تحمد عقباه، فهذا كله لا يجوز.

    1.   

    أبراج الحظ التي في المجلات وحكم التصديق بما فيها

    السؤال: يقول: أرى في بعض المجلات أنه من ولد في برج كذا فسيكون له ما هو كذا وكذا، أو سيكون عليه ما هو كذا وكذا، ما هو توجيهكم للمسلمين حيال ذلك، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: هذا كله باطل، لا أصل له، بل هو من الطيرة المنكرة والمذمومة، والتشاؤم المنهي عنه، فالحاصل أنه لا خصوصية لبرج كذا أو نجم كذا؛ لأن من ولد في نجم كذا أو برج كذا صار له كذا وكذا، كل هذا باطل.

    1.   

    أوقات إجابة الدعاء

    السؤال: من محافظة قنا في جمهورية مصر العربية رسالة بعث بها المستمع حمادة عبد الرحمن إسماعيل ، يسأل ويقول: هل الدعاء مستجاب في صلاة الفجر؟ وما هي الأدعية التي تنصحوننا أن ندعو بها جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الدعاء في السجود ترجى إجابته في الفجر وغير الفجر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء؛ فقمن أن يستجاب لكم)، يعني: فحري أن يستجاب لكم، وقال عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)، وهكذا في آخر التحيات يقول صلى الله عليه وسلم لما علم ابن مسعود التحيات قال: (ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو)، وفي اللفظ الآخر قال: (ثم ليختر من المسألة ما شاء)، وهذا يعم الصلوات الخمس كلها، لا يخص الفجر، وهكذا الدعاء بين السجدتين.

    المقصود أن المشروع للمؤمن الدعاء في صلاته.. في سجوده.. بين السجدتين.. في آخر التحيات، فيقول بين السجدتين: رب اغفر لي، رب اغفر لي، ويزيد ما شاء الله، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني، وعافني، لكن الواجب مرة، رب اغفر لي، أو اللهم اغفر لي، وما زاد فهو سنة من الدعاء، بين السجدتين، ويدعو في سجوده ما يسر الله له، وفي آخر التحيات كذلك، من الدعاء الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم في السجود: (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره)، هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في السجود وهنا الدعاء العظيم: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني).

    وهكذا: اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم إني أسألك الهدى والسداد، اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، كل هذه دعوات عظيمة، وهكذا: اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي، اللهم قني شح نفسي، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم فقهني في ديني، رب زدني علماً، وهكذا الدعوات الأخرى المناسبة.

    1.   

    حكم اقتطاع الوكيل جزءاً من أرض الورثة طريقاً للسيارة

    السؤال: رسالة مطولة بعث بها المستمع صالح بن محمد بن ظافر الشهري من السرح، أخونا كما قلت: رسالته مطولة ومن صفحتين، ملخص ما في هذه الرسالة يقول: إذا كنت وكيلاً لبعض الورثة، فهل لي أن أقطع جزءاً من أملاكهم طريقاً للسيارة لتصل إلى أملاك جيرانهم؟

    الجواب: ليس لك ذلك إلا بمراجعة المحكمة إذا كانوا قاصرين، أما إذا كانوا مكلفين مرشدين فشاورهم فإذا سمحوا فلا بأس، أما إذا كانوا قاصرين فهذا تراجع فيه محكمة البلاد؛ حتى ترشدك المحكمة إلى ما تراه في هذا المقام.

    1.   

    السنة تقديم الركبتين عند الهوي للسجود

    السؤال: من العراق رسالة بعث بها المستمع حامد يونس إبراهيم من الموصل يقول: عند الركوع هل وضع اليدين أصح من وضع الركبتين أولاً، أو بالعكس جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الأصح والأفضل أن يضع ركبتيه أولاً، كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع ركبتيه ثم يديه صلى الله عليه وسلم، وينهى عن بروك كبروك البعير، والبعير إذا برك يقدم يديه، فالسنة أن تقدم ركبتيك لا يديك، والأحاديث في الحقيقة متفقة لا مختلفة، وهي السجود على الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف، والرفع يرفع رأسه ثم يديه ثم ركبتيه. نعم، هذا هو الأرجح والأفضل.

    1.   

    حكم الاستغاثة بالأموات

    السؤال: هناك جماعة من الناس يستعينون بالأموات والمشايخ، وهناك بعض الإخوة يقولون لهم: إنكم مشركون بهذا العمل، ويقاطعونهم، فما هو توجيهكم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: نعم، الاستعانة بالأموات والاستغاثة بالأموات أو بالأشجار والأحجار أو بالأصنام أو بالجن، أو بالملائكة، كله شرك أكبر، أو بالرسل كله شرك أكبر، كله من الشرك بالله عز وجل، وهكذا المشايخ إذا كانوا أمواتاً، أو غائبين، يعتقد فيهم أنهم ينفعونه ويشفعون له، يدعوهم من دون الله، يستغيث بهم، كل هذا من الشرك الأكبر، وقد أنزل الله في ذلك كتابه العظيم، وبعث به رسله الكرام عليهم الصلاة والسلام، قال عز وجل في كتابه العظيم: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، وقال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117]، وقال جل وعلا: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ [فاطر:13-14]، سمى دعاءهم شركاً، فلا يجوز لمسلم أن يدعو الأموات أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يذبح لهم، يتقرب إليهم بالذبائح، أو يستغيث بهم عند الشدائد، كل هذا من الشرك الأكبر، وهذا عمل كفار قريش وغيرهم، هذه أعمال الكفار عند قبور الأموات، وعند أصنامهم، وأشيائهم التي يعبدونها من دون الله.

    والغائب عنك مثل الميت، فمن يدعو غائباً يعتقد أنه يسمع دعاءه، وإنه له سر يدعوه مثلاً هو في مصر أو في مكة أو في أي مكان يدعوه من بعيد، هذا مثل دعاء الميت شرك أكبر، أما الحاضر الذي يسمع كلامك تقول: يا عبد الله! أعني على كذا، أقرضني كذا، ساعدني على إصلاح السيارة، عاوني على رفع هذا الحجر، على رفع هذا الباب، على رفع هذه الخشبة، لا بأس، إذا كان حاضراً يسمع كلامك، ويقدر على أن يعينك، لا بأس بهذا، كما قال الله في قصة موسى : فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15]؛ لأن موسى يسمع الكلام ويستطيع فلا بأس، وهكذا خوفك من العدو، تغلق الباب أو تهرب من بلد إلى بلد خوفاً من العدو لا بأس، كما قال الله جل وعلا في قصة موسى : فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ [القصص:21]، يعني خرج من مصر خائفاً من حاشية آل فرعون، لما قتل القتيل، فالشيء الذي يفعله الإنسان مع الحاضر أو مع الجماعة الحاضرين أو خوفاً من العدو الحاضر، يتباعد عنه؛ لئلا يعاقبه، ويهرب إلى جهة بعيدة حتى يكون ذلك أسلم له، كل هذا لا بأس به، هذه أمور عادية، وأمور متعلقة بالأسباب، حسية معروفة لا حرج فيها، أما دعاء الأموات والغائبين عنك، والأصنام والأشجار والأحجار هذا هو الشرك الأكبر، هذا عمل المشركين الأولين من عباد اللات والعزى ومناة وعمل قوم نوح، وقوم هود وقوم صالح، وغيرهم من الكفرة، هذه أعمالهم، فالواجب على العاقل أن يميز بين الأمرين، وأن يكون على بصيرة، فإذا قلت لأخيك: يا أخي! ناولني هذه السجادة، أو ناولني هذا الإناء، أو أقرضني كذا، هذا حاضر يسمع كلامك؛ لا بأس بإجماع المسلمين، ولا حرج في ذلك، أو في البناء أو في الحرب، والجهاد تستعين به، تقول: أعطني السلاح، تقدم إلى المحل الفلاني، امش في المحل الفلاني، احرس المحل الفلاني، كل هذا لا بأس به، هذه أمور عادية مشروعة، مأمور بها، ليس صاحبها عابداً لغير الله، بل هي أمور حسية مقدورة يتعامل بها الناس.

    1.   

    الآداب التي يفعلها من رأى رؤيا تسوءه

    السؤال: من المستمع (ض. ع. ض) من الدمام يسأل ويقول: رأيت في المنام أنني أرمي قريبة لي بالتراب والحجارة في وجهها، وقد أزعجتني هذه الرؤيا، فهل لها من تفسير جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: إذا رأيت مثل هذه الرؤيا فاعلم أنها من الشيطان، ولا تحزن، وانفث عن يسارك ثلاث مرات، بريقك تتفل عن اليسار تقول: أعوذ بالله من الشيطان، ومن شر ما رأيت ثلاث مرات، ثم تنقلب على الجنب الآخر، ولا تخبر بها أحداً، فإنها لا تضرك، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل، قال عليه الصلاة والسلام: (الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاث مرات، وليتعوذ بالله من الشيطان، ومن شر ما رأى ثلاث مرات، ثم لينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره، ولا يخبر بها أحداً) هذا هو المشروع يا أخي!، كل رؤيا مكروهة هذا شأنها.

    1.   

    أسباب عدم قبول الأعمال الصالحة وحبوطها

    السؤال: يقول: في إحدى خطب الجمعة قال الخطيب: إن بعض الناس عند الحساب يوم القيامة يؤتى صحيفته وفيها جميع الأعمال الصالحة: من الصلاة والزكاة والصدقة والنوافل والأذكار وغيرها، وفي الأخرى يقال له: إن جميع أعمالك ردت عليك، ولم يقبل الله شيئاً منها، ما هي أسباب عدم قبول الأعمال، وما هي أسباب عدم الإجابة في الدعاء أو موانع الإجابة، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: هذا التعبير من هذا الخطيب فيه نظر؛ لأن الله سبحانه بين أن المؤمن يعطى كتابه بيمينه فيه حسناته، وفيه بيان نجاته، وسعادته ورجحان ميزانه، وأما الكافر فيعطى كتابه بشماله، وفيه بيان سيئاته وأسباب هلاكه، وخفة ميزانه، فمن أعطي كتابه بيمينه فهو سعيد، ومن أعطي كتابه بشماله فهو شقي، ولا يعطى كتابه بيمينه إلا وهو موحد ومستقيم، ولا يعطى كتابه بشماله إلا وهو مشرك حابط الأعمال، والذي يحبط الأعمال هو الشرك بالله، والردة عن الإسلام، قد يكون له أعمال صالحة: من صلاة وصوم وغير ذلك، ثم أشرك وارتد عن الإسلام؛ فتبطل أعماله كلها، كما قال الله سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، لكن من حبط عمله لا يعطى كتابه بيمينه، بل يعطى كتابه بشماله، وفيه بيان بطلان أعماله التي أفسدها بالشرك والكفر بالله عز وجل.

    فالحاصل أن الإنسان قد تكون له أعمال صالحات ثم أفسدها بالشرك والردة فحبطت، قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، قال سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65-66]، وقال تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا [الانشقاق:7-12].

    فالمقصود أن العبد المؤمن يعطى كتابه بيمينه، والكافر يعطى كتابه بشماله ومن وراء ظهره، فالسعيد يعطى كتابه باليمين، والشقي يعطى كتابه بالشمال أو من وراء الظهر، والذي تحبط أعماله لشركه وكفره لا يعطى كتابه بيمينه، وإنما يعطى كتابه بشماله، ويبين له أن أعماله حبطت بسبب شركه وكفره نسأل الله العافية، ولهذا أعطي كتابه بشماله.

    المقدم: جزاكم الله خيراً.

    المقدم: يسأل سماحتكم لو تكرمتم عن أسباب عدم قبول الأعمال؟

    الشيخ: أسباب عدم قبول الأعمال متنوعة، أعظمها وأخطرها: الشرك بالله، وأنواع الكفر بالله فإنها تبطل الأعمال كلها، صاحبها حابط العمل، غير مقبول الدعاء لكفره وشركه نسأل الله العافية، ومنها: كونه يدعو بقلب غافل غير مقبل على الله، غير مستشعر عظمة ربه، وحاجته إلى دعائه، وأنه سميع الدعاء قريب الإجابة، ومنها: أكل الحرام، كونه يتعاطى الكسب الحرام من الربا أو السرقات، أو النهب أو الخيانات، كلها من أسباب عدم الإجابة، ومنها: إصراره على المعاصي من الزنا والسرقة والعقوق، وقطيعة الرحم، كل هذا من أسباب عدم الإجابة. نسأل الله السلامة.

    1.   

    موانع إجابة الدعاء

    السؤال: ويسأل عن الأسباب التي تحول بين المرء وبين إجابة الدعاء؟

    الجواب: كل هذه من أسباب عدم إجابة الدعاء: غفلته وإعراضه ومعاصيه وأكله الحرام، كلها من أسباب عدم الإجابة، أما إذا كفر وأشرك؛ فلا تقبل أعماله ولا دعواته؛ لأن عنده مانعاً وهو الكفر بالله، يمنع صحة العمل وصحة الدعاء نسأل الله العافية، لكن إذا دعا الكافر الرب: اللهم اهدني، قد تقبل دعوته، الكافر إذا دعا صادقاً: اللهم اهدني، اللهم تب علي، اللهم أخرجني مما أنا فيه من الكفر بالله صادقاً؛ قد يجيب الله دعوته ويرحمه ويتوب عليه ويهديه سبحانه وتعالى.

    وهكذا العاصي، لكن المعاصي والكفر بالله من أسباب عدم كونه يدعو وهو مصر على المعاصي من أسباب عدم الإجابة، لكن قد يجود الله عليه ويرحمه إذا صدق في بعض الأحيان في الدعاء، وأقبل على الله، قد يجيب الله دعوته، فيغفر له، ويمن عليه بالتوبة سبحانه وتعالى، لكن لا يصر على المعاصي، إصراره على المعاصي وهو يدعو هذا من أسباب حرمانه من الإجابة، نسأل الله العافية.

    1.   

    علامات قبول الأعمال

    السؤال: كيف يعرف المسلم وهو في الدنيا أن أعماله مقبولة؟

    الجواب: إذا عرف أنه مستقيم على توحيد الله والإخلاص له، وترك المعاصي، والحذر من السيئات فليحسن ظنه بربه، وأن أعماله مقبولة؛ لأنها توفرت الشروط فيها، إذا كانت أعماله عن إخلاص لله، وإيمان به، وعدم رياء وعدم تعاطٍ لأسباب الحرمان، من أكل الحرام، ومن الإقدام على المعاصي والإصرار عليها؛ فيحسن ظنه بربه وأن أعماله مقبولة، عليه أن يحسن ظنه بربه.

    1.   

    أسباب عدم إجابة الدعاء

    السؤال: إذا دعا المسلم بأن يرزقه الله الأولاد والرزق، ولكن دعوته فيما يرى لم تستجب، فهل ذلك ناتج عن عدم قبول الأعمال؟

    الجواب: عدم الإجابة لها أسباب مثل ما تقدم، عدم الإجابة لها أسباب قد يكون لسوء أعماله ومعاصيه، وكثرة شره، وقد يكون لأكله الحرام وتعاطيه الحرام، وقد يكون لأنه يدعو بقلب غافل معرض، وقد تكون لأسباب أخرى، كما صح عن النبي عليه السلام أنه قال: (ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك، قيل: يا رسول الله! إذاً نكثر؟ قال: الله أكثر).

    فالحاصل: أن الإنسان إذا دعا دعوات فقد يكون عدم إجابة من أجل معاصيه، وغفلته وإعراضه، وأكله للحرام، وقد تكون عدم الإجابة؛ لأن الله جل وعلا اختار له أن يعوضه عما طلب بما ينفعه في الجنة والآخرة، وأن تكون له دعوته هذه عوض عنها بشيء ينفعه في الآخرة، وفي جنة المأوى، وقد تكون المسألة فيه مصلحة أخرى وهي أن يصرف عنه شرور أخرى، جعل الله دعوته هذه تصرف عنه شراً لم يكن على باله، صرف الله عنه بسبب دعوته، ويكون ذلك خيراً له بحكمة الله عز وجل، كونه يعطى هذا الولد، أو هذا البيت، أو هذه الزوجة، قد يكون ما صرف الله عنه من الشر بسبب هذه الدعوة أنفع له من هذا الشيء، كما في الحديث.

    1.   

    آداب الدعاء

    السؤال: أخيراً يسأل سماحتكم ويقول: ما هي أفضل الأدعية التي تستجاب؟

    الجواب: أفضلها أن تكون عن إخلاص تام، وإقبال على الله، وأنت على طهارة، مستقبل القبلة، أو في السجود أو في آخر التحيات مع إلحاح وتكرار الدعاء والصدق في ذلك، والرغبة في ذلك، وإحضار القلب؛ فهذا من أعظم الأسباب في إجابة الدعاء.

    1.   

    كيفية التيمم لرفع الجنابة

    السؤال: من ليبيا بني غازي رسالة بعث بها أحد الإخوة المستمعين من هناك يسأل في أحد أسئلته ويقول: أنا (س. ج. ع) من بنغازي، أسأل عن كيفية التيمم من الجنابة إذا عدم الماء أو كان موجوداً ولكن البرد شديد؟

    الجواب: مثل التيمم عند عدم الماء، ومثل التيمم عن الوضوء، من فقد الماء يتيمم عن الجنابة والوضوء، ضرب بالتراب بيديه، فيمسح بهما وجهه وكفيه ضربة واحدة عن الوضوء وعن الغسل، وعن الحيض أيضاً عند عدم الماء يضرب التراب بيديه ضربة واحدة، يمسح بهما وجهه وكفيه ناوياً الوضوء، أو ناوياً غسل الجنابة، أو ناوية المرأة غسل الحيض أو النفاس عند عدم الماء، وهكذا عند عدم وجود الماء لكن مع المرض الذي يمنع من استعمال الماء، أو مع البرد الشديد وليس عنده ما يسخن به الماء، هذا معذور، فالتيمم عن الجنابة والحيض والحدث الأصغر كله واحد، ضربة واحدة، هذا هو الأفضل، يمسح بها وجهه وكفيه، يمسح بأطراف أصابعه وجهه، وبيديه كفيه ظاهرهما وباطنهما، هذا هو التيمم الشرعي، كما قال الله جل وعلا: لَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ [المائدة:6]، فالذي لم يجد الماء يمسح، يضرب التراب بيديه، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، ظاهرهما وباطنهما بنية الوضوء، أو بنية الجنابة، أو بنية الحيض والنفاس من المرأة، وإن ضرب ضربتين: إحداهما لوجهه والثانية لكفيه فلا بأس، لكن الأفضل ضربة واحدة، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمار في الصحيحين، أنه علم عماراً فقال: (إنما يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ضربة واحدة، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك)، لما سأله عن التيمم للجنابة، الضربة الواحدة كافية، وهي السنة، يمسح بأطراف أصابعه وجهه ويعمه، ثم يمسح بكلتا يديه كل واحدة على الأخرى، ظاهرهما وباطنهما.

    المقدم: جزاكم الله خيراً.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نسأل الله ذلك.

    المقدم: اللهم آمين. مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767030492