عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].
معاشر المؤمنين! يقول الله جل وعلا في كتابه: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36].
أيها الإخوة في الله! إن المتأمل لهذه الآية وهذه الحقيقة القرآنية التي لا تتبدل ولا تتغير، يجد مصداقها برهاناً عملياً في واقع العصور والأزمان، فالكفار منذ سالف التاريخ والعصر لا زالوا ينفقون أموالهم وما يملكون؛ ليصدوا عباد الله عن دينهم، حسداً وبغضاً وحقداً، وصدق الله حيث يقول: مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ [البقرة:105] ويقول تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة:109].
فيا معاشر الأحبة! لا شك أنكم تعلمون وتزدادون علماً بما تقرءون وتسمعون، مما يحيكه أعداء الإسلام ضد المسلمين، وكتاب ربهم وسنة نبيهم، وأقلياتهم في مختلف البلدان في هذا الزمان, مما يحيكونه ويدبرونه من المؤامرات التي دافعها الحقد والكراهية، فهم لا زالوا ينفقون وما زالوا يسخرون، وحسبكم أن تعلموا أن كل تركةٍ لا وارث لها فإنها تصرف للمجلس الأعلى للكنائس؛ لكي تسخر في خدمة تنصير المسلمين وإخراجهم عن دينهم، وأن الفوائد البنكية في بنوك أوروبا وفي البنوك الغربية العالمية وغيرها ما لم يأخذها أصحابها فإنها -أيضاً- توجه إلى المجلس الأعلى للكنائس الذي يمون الكنيسة في العالم ويضمن نفقات قسسها ورهبانها وصلبانها وشياطينها، وأن هناك أموالاً تفرض في ميزانيات الدول النصرانية تسخر لخدمة الكنيسة في كل بقاع المعمورة.
فيا أيها الأحبة! والله لو علمتم واطلعتم على ما يملكه الفاتيكان أو ما يملكه المجلس الأعلى للكنائس من أموالٍ طائلة لوقفت شعور رءوسكم من حجم تلك الملايين العظيمة التي سخرت لهذا المجال، سخرت لعقيدةٍ محرفة ولكتاب ملفق، ولعقيدةٍ منسوخة، ولحقدٍ مستمر، ولبغضاء دامية، كل ذلك مسخرٌ، فما يقابل ذلك من جهود المسلمين؟ وما الذي يفعله المسلمون في مقابلة صد عدوان أولئك الكفرة الفجرة؟!
فأما الطرق السافرة؛ فهي الحرب العسكرية، والعداوة العقدية والمواجهة.
وأما الطرق المستترة؛ فهي تشجيعهم لطرق الصوفية وللمبادئ المنحرفة التي تتسمى باسم الإسلام، وهي في حقيقتها تنخر في كيانه وتهدم بمعاولها أساسه، ولذلك لا تعجبوا أن تجدوا من الطرق التي تنسب بهتاناً وزوراً إلى الإسلام والمسلمين تنشط في دول اليهود وفي دول الكفر ولا تجد من يعارضها أو يعاندها!! لماذا؟! لأنها طرقٌ تسمت بالإسلام لكنها تحمل في داخلها وفي طياتها هدماً وتدميراً للإسلام.
أرأيتم القاديانية هي بدعةٌ أول ما ظهرت، ومحنةٌ كافرةٌ أول ما انتشرت، قادها الفاجر المسمى: المرزا غلام أحمد القادياني، ذلك الذي ادعى -فيما ادعى به- شيئاً من المبادئ التي جاء بها الإسلام ثم كشف عن باطله؛ فادعى إبطال الجهاد، ثم ادعى قرب رفعة المنزلة إلى أن قال بنبوته، إن هذه المحنة التي اجمع المسلمون في العالم على تكفير منتحليها وأصحابها، لمحنةٌ كافرةٌ تنشط في إسرائيل، وتنشط في كثيرٍ من الدول التي تعادي الإسلام والمسلمين، ومثلها البابية، ومثلها البهائية، ومثلها كثيرٌ من الطرق التي يتزعمها غلاة الصوفية، وتجدون أربابها وأقطابها وأوسادها في بلدانٍ يجد المسلمون فيها ضيقاً وعنتاً وتشديداً عليهم، أما دهاقنة الصوفية وغلاتها المنحرفون فلا يجدون أدنى أذى، لماذا يؤذى أولئك المعتدلون ويترك أولئك المنحرفون؟!
الجواب واضح: لأن أولئك الذين فهموا الإسلام على حقيقته، وأدركوا الدين على حقيقته، يمثلون خطراً على تلك الدول والحكومات الكافرة، وأما أولئك الذين فهموا الإسلام فهماً تقليدياً متقوقعاً وطرقاً صوفية، ومسابح وانكشاف، وإلهامات وتخريفات، أولئك لا يمثلون أدنى خطر، بل إن من أعظم معتقدات أولئك المنحرفين ومبادئهم: البعد عن الخوض في أمور السياسة، والبعد عن الخوض في أمور الحياة وفصل أمور الدين عن واقع الحياة.
فيا أيها الأحبة! افهموا جيداً من هم الذين يعملون للإسلام على الساحة، ومن هم أولئك الذين ينتسبون إليه والإسلام منهم براء، المسلمون في هذا الزمان جاوزوا المليار.. جاوزوا الألف مليون! ولكن يصدق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كيف بكم إذا تداعت عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أومن قلةٍ نحن يا رسول الله؟ قال: لا. أنتم يومئذٍ كثير).
ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانظروا تعداد المسلمين اليوم في العالم، إنهم كثير، لكنهم غثاء كغثاء السيل، يقول صلى الله عليه وسلم: (يصيبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت، وينزع الله المهابة من صدور أعدائكم) نعم. فلم يعد المسلمون يهابون كما كانوا يهابون من قبل؛ لأنهم انشغلوا بالدنيا وتركوا أمر الله وراءهم ظهريا إلا ما شاء الله منهم وقليلٌ ما هم.
أما أولئك المؤمنون فمع إخلاصهم وبتوفيق الله لهم يوفقهم الله جل وعلا إلى ما يسرهم وينفعهم ويمكن لهم الغلبة، إن يكن منكم مائة يغلبوا مائتين، فالله جل وعلا قد جعل ميزان القوة ليس بالعدد ولا بالتعداد ولكنه بما يكمن في قلوب الرجال من الإخلاص لله والولاء لدينه ولكتابه ولسنة نبيه، والإخلاص لأئمة المسلمين وعامتهم.
فيا عباد الله! بعد هذا كله ليسأل كل واحدٍ منكم نفسه: هل أنت منتسبٌ إلى الإسلام؟ لا شك بأن الجواب: نعم، إذا كنت منتسباً حقاً فماذا قدمت للإسلام؟ وماذا حقق الله على يديك لدين الله؟ إن كل واحدٍ منكم لمسئول فيما قدم للإسلام وأين موقعه من الإسلام؟ موقعنا: أن وجدت في أرض مسلمة ثم تقلبت في أنواع الأكل والشراب والمسكن واللباس ثم انتهت حياتك وانقضى الأمر بعد مماتك، ثم فارقت الدنيا كمن لا يعرف له شيء، ولم تذكر له منقبة، ولم يشهد التاريخ ولم تشهد الأرض ولم تشهد الناس له بفعلٍ يشهد له به عند الله، أو يشهد له به في خدمة الإسلام والمسلمين.
أيها الأحبة! قد يقول البعض: وما حيلة العاجز؟ وماذا نفعل ونحن لا نقدر؟ الجواب مراراً وتكراراً تسمعونه في الإذاعات وفي المجلات وفي الخطب والندوات، أن كل واحدٍ يقدر على أن يبذل لدينه مهما كان بذله قليلاً أو يسيراً، وبالمناسبة فإن الحديث يجر إلى أولئك الذين ينطلقون قرب الإجازة الصيفية في جولاتٍ وسياحاتٍ وانتقال وسفر، كل واحدٍ منا ومن أولئك ملزمٌ ومسئولٌ أن يجعل في طريقه وفي ذهابه وإيابه وفي حله وسفره وترحاله، مسئولٌ أن يقدم وأن يبذل شيئاً للإسلام والمسلمين.
أتدرون كيف يفقه الغرب دينكم؟ إنهم يظنونه ضريحاً وقبراً قد سجيت عليه ألوان الزخارف والسجاجيد، ويطوف حوله من يطوف، ثم محاريب نصبت، ومسابح بين الأصابع تقلب، وهز للرءوس، ورقص شرقي، وموسيقى هافته، هكذا يظنون دين الإسلام.
وذات مرةٍ عرض في أحد التلفزيونات الأوروبية على رأس عيد السنة عرضٌ للأديان، فعرضوا شيئاً عن النصرانية ، وشيئاً عن بعض الأديان الأخرى، فلما جاء العرض على الإسلام أتدرون بمن جيء؟ جيء بعازفٍ بما يسمى بالقيثارة وجيء بأناسٍ يهزون رءوسهم، وسجاجيد نحو المحاريب وجهت، ومسابح تقلب في الأصابع، وهزٌ للرءوس، هكذا يفهم كثيرٌ منهم دين الإسلام، والله إنهم لا يعرفون جوانب العدل في الحياة الاجتماعية، ولا يعرفون جوانب الإيثار، وجوانب الكفالة، وجوانب الإرفاق، وجوانب التعامل بالأمر بالمعروف ونفع الناس، يجهلون ذلك كله ولو أيقنوا وعلموا حقيقة هذا في دين الإسلام لتجدد الأمر لهم، لكن ويا للأسف إن كثيراً من الأوروبيين لا يعرفون عن أبناء المسلمين إلا من يسألهم عن أجمل حانة وأعتق بارة، وأطيب مكانٍ للهو والخلاعة، يسألونهم عن هذا، فيعرفون أن بعض أبناء المسلمين أو أن جل أبناء المسلمين على هذه الشاكلة وعلى هذا المنوال.
قال: لما حضر المؤتمر وعلى مدى ثلاثة أيامٍ من البحوث التي ناقشت أطروحة المؤتمر، دعي ذلك الطبيب المسلم لكي يستمع أولئك الأوروبيون والغربيون منه كلاماً، فلما قام متحدثاً إليهم قال: لقد أجاد المؤتمرون وأفادوا ببيان دور هذه المادة التي ركبها الله وخلقها في جسم الإنسان، وإني أسألكم معاشر الأطباء والاستشاريين، إني أسألكم: إذا كان هذا دور الكالسيوم في جسم الإنسان، فما دور الإنسان في الحياة؟ فأخذوا يسألون أنفسهم: ما دور الإنسان في الحياة؟ أهو دور الأكل والشرب والنكاح والنوم، هذا دورٌ تشارك البهائم فيه بني الإنسان، ثم بدأ يشرح أن للإنسان دوراً مميزاً مستقلاً، فمازال يأخذ لبهم ويأخذ قلوبهم بأسلوبه العبق وعباراته الرقيقة، فلما انتهى تجمهر حوله أربعون من أولئك، وانفض الاجتماع بإسلام ستة من الأطباء وإسلام طبيبتين.
فيا أيها الأحبة! ليس الأمر منحصراً على من يسافر طبيباً، أو من يسافر مهندساً، لكن الأمر يتضح إذا خرج كل واحدٍ منا في أي مهمةٍ كانت له في داخل بلاده وخارجها ثم رأى أولئك الذين لا يفهمون في الإسلام، ورأوا صدقاً في المعاملة ووفاءً في الأمانة ولطفاً ودعوةً بالحكمة واللين والموعظة، بعد ذلك يستجيبون ويتهيئون ويستقبلون.
فيا عباد الله! لو أن من ذهب إلى بريطانيا أو إلى فرنسا أو إلى أي دولة من الدول حمل معه مجموعة من الكتب باللغة الإنجليزية، كم تشهد الصالة الدولية سفراً ورحلات مستمرة، لو أن كل مسافرٍ حمل في جعبته وفي حقيبته كيلو أو اثنين أو ثلاثة من الرسائل التي توضح دين الإسلام وتبين حقيقته فأعطاها لمن يقابله إما في الطائرة وإما في مكانٍ آخر وإما في فندقه وإما في أي جهةٍ ينزل بها، بعد مدةٍ وليست بالطويلة سيشهد أولئك دعوةً صريحة وقوةً ناطقةً تصحح مفاهيم الإسلام لدى الأمة الغربية ونرد هذا الهجوم بمثله، والله إنكم لتعجبون عجباً عظيماً يوم أن تكشفوا أدق الوسائل واتفه المناسبات التي يستغلها المنصرون لكي يعرضوا دينهم على أبناء المسلمين.
حدثني شابٌ حضر الدورة الأولمبية الأخيرة في سيئول وجاءني بهدية، وجاء مع الهدية بمناظر جميلة من سيئول فقال: لا تبهتك المناظر ولكن انظر إلى ما بقلب الصورة، فلما طلبتها وجدت نصوصاً من الإنجيل معربة مطبوعةً باللغة العربية: هكذا يدعوكم المسيح، وهكذا أحب الله العالم، وهكذا خلص المسيح أصحاب الخطيئة، بمختلف العبارات التي يريدون من خلالها أن يلقي المسلم عن نفسه وعن كاهله شعوره بالذنب والمعصية، ليظن أن المسيح هو المخلص من شؤم الخطيئة ثم يفعل ما بدا له ويحيل الذنب والخطيئة على المسيح، كما هو معتقد النصارى فيما يفعلون ويتركون.
أيها الأحبة في الله: هذا اقتراحٌ أول ولو أن كل مسافرٍ عمل به، ولو أن كل من سافر وانتقل وخالط أولئك دعاهم إلى الإسلام لكنا نشهد دعوةً ودخولاً في دين الإسلام أفواجاً.
وإننا لنشكر الله جل وعلا ثم نشكر الذين يقدمون برامج نافعة في القناة الثانية لدعوة الناس إلى الإسلام، كما ندعو أولئك القائمين عليها أن يجتهدوا مادامت هذه القناة والشاشة باللغة الإنجليزية التي يفقهها كثيرٌ من دول العالم، ونحثهم أن يركزوا البث فيها على ما ينفع دعوة الناس والإسلام، وعلى ما يشرح الدين الصحيح والعقيدة السليمة التي تهدي الناس إلى دين الله، وندعو الله أن يمن عليهم بأن لا يضعوا فيها إلا ما يرضي الله ورسوله حتى لا نكون من الذين ينفقون فيما يضر أنفسهم أو أبناءهم نسأل الله ألا نكون من أولئك.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنبٍ؛ إنه هو الغفور الرحيم.
عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ في الدين ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار عياذاً بالله من ذلك.
إن عاملاً يأتي إلى بلاد المسلمين ثم يخرج ولا يستوفي حقوقه، يعود إلى بلاده ساباً شاتماً مبغضاً لاعناً للمسلمين أجمعين، لا يسب ذلك الذي عامله بالخيانة ولا يشتم ذلك الذي أخلف معه الأمانة، وإنما يظن أن هذا ديدن المسلمين أجمعين، وهذا طبع المسلمين أجمعين في بلادٍ أتى إليها وقدم إليها.
فيا عباد الله! ادفعوا القالة والسوء عن أنفسكم، واتقوا الله جل وعلا فإن الظلم ظلمات، حتى ولو كان الظلم على كافر، واتقوا دعوة المظلوم ولو كان كافراً، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب، إن من صدق في معاملة عماله وقام بالوفاء والأمانة معهم، ثم بعد ذلك دعاهم إلى الإسلام وتلطف في دعوتهم سيجد استجابةً عظيمة، وإن مكتب الجاليات في القصيم ومكتب الجاليات في الرياض ومكتب الجاليات التابع لرئاسة دراسات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ليشهد أفواجاً -بحمد الله- يدخلون في دين الإسلام بعد أن يجدوا من يعرض عليهم الإسلام عرضاً ليناً رقيقاً لطيفاً، يدخلون في دين الله سبحانه وتعالى.
فلو أن كل واحدٍ منا مع حرصنا على ألا نستقدم إلا المسلمين، ولكن لو أن كل واحدٍ منا احتك أو رأى كافراً في عمله أو استقدمه في أعمالٍ لا يتقنها إلا أمثالهم، أو وجده في أي مناسبة، فأخذ عنوانه وأرسل إليه كتيباً بلغته التي يفقهها ويعلمها، وأرسل له شريطاً وأرسل مع الشريط شيئاً مما يلطف القلب، فإن هذا مما يهيئ أولئك ومما يجعلهم يستعدون ليدخلوا في دين الإسلام، فينبغي أن نستغل الفرص وينبغي أن نستغل المناسبات.
واعلموا أن الوسيلة ميسرة، فاتصالك بمكتب رابطة العالم الإسلامي بـالرياض ، أو اتصالك بمركز الجاليات في الرئاسة العامة للبحوث، أو اتصالك بالندوة العالمية للشباب الإسلامي، أو بغيرها من المؤسسات التي جعلتها هذه الدولة وفقها الله وجعلها مرفوعة بالإسلام، وجعل الإسلام مرفوعاً بها، هي ولله الحمد موجودةٌ ومكاتبها متفرقة في مدن المملكة لو اتصلت بأي جهةٍ من هذه وأخذت منهم أشرطةً وكتيبات ونشرت باللغة التي يفقهها ذلك الذي عرفته أو لقيته أو علمت مكانه سواءً كان عاملاً أو مهندساً، أو صغيراً أو كبيراً، ثم قدمتها له واجتهدت في ذلك، انظر كيف يهدي الله على يديك رجلاً واحداً، يكون ذلك خيرٌ لك من حمر النعم، وإن كل واحدٍ ليسأل نفسه: كم بلغت من العمر؟ هل أسلم على يدي كافر؟ هل اهتدى على يدي ضال؟ هل بلغت دعوة الله إلى من كان يجهلها أو لا يعرفها؟
ومن المؤسف أن نطرق الرءوس وأن نجيب بلا، فيا خيبة الأمة إن كان الأعداء يصلون إليها فلا يسمعون منهم كلام الله! ويا عجب الحال إذا كان الأعداء يبثون أفكارهم، ويبثون دعواتهم ومبادئهم وعقائدهم، يبثونها إلى المسلمين غزواً في عقر دارهم، وما غزي قومٌ في عقر دارهم إلا ذلوا!!
أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم هداةً مهتدين، وأسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم مباركين أينما كنا، وأن يهدي على أيدينا كفاراً إلى الإسلام، وأن يهدي على أيدينا ضلالاً إلى الالتزام.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر