إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب القبلة - باب المصلي يكون بينه وبين الإمام سترة - باب الصلاة في الثوب الواحد

شرح سنن النسائي - كتاب القبلة - باب المصلي يكون بينه وبين الإمام سترة - باب الصلاة في الثوب الواحد للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أحب الأعمال إلى الله الدائمة وإن كانت قليلة، فعلى الإنسان أن لا يكلف نفسه فوق طاقتها، بل يحرص على الاستمرار في العمل وإن قل؛ فالشارع لم يقصد المشقة في الأعمال، بل يسر على المكلفين، ومن ذلك أنه أجاز الصلاة في الثوب الواحد بشرط أن يكون ساتراً للعورة.

    1.   

    باب المصلي يكون بينه وبين الإمام سترة

    شرح حديث: (... فصلوا بصلاته وبينه وبينهم الحصيرة ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [المصلي يكون بينه وبين الإمام سترة.

    أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث ، عن ابن عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت: ( كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيرة يبسطها بالنهار ويحتجرها بالليل فيصلي فيها، ففطن له الناس فصلوا بصلاته وبينه وبينهم الحصيرة، فقال: اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله عز وجل لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله عز وجل أدومه وإن قل، ثم ترك مصلاه ذلك، فما عاد له حتى قبضه الله عز وجل، وكان إذا عمل عملاً أثبته )].

    يقول النسائي رحمه الله: باب المصلي يكون بينه وبين الإمام سترة. والمقصود من هذه الترجمة بيان جواز أن يكون بين الإمام والمأمومين ما يفعل كنصب حصيرة وما شابهها، وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيرة يبسطها بالنهار ويحتجرها بالليل فيصلي فيها، ففطن الناس فصلوا بصلاته وبينه وبينهم الحصيرة )، يعني: أنهم صلوا مؤتمين بالنبي وبينهم وبينه حصيرة، فلم ينههم عن الاقتداء به بهذه الصورة، ولكنه نهاهم عن التكلف في فعل ما لا يطاق فقال: ( اكلفوا من العمل ما تطيقون )، يعني: افعلوا ما تطيقون، وأتوا من العمل ما تطيقون، وكون الإنسان يعمل الشيء الذي يطيقه ويداوم عليه أولى له من أن يقدم على شيء ويكثر منه في وقت من الأوقات ثم يهمله في بقية الأوقات، فإنه كما يقولون: قليل تداوم عليه خير من كثير تنقطع عنه، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ( اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا ).

    وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يمل حتى تملوا)، ليس المقصود منه أن الله تعالى يمل إذا مل الناس، فإن الله تعالى لا يوصف بالملل، ولكنه لا يمل وإن حصل منهم الملل، وهنا نفى صفة الملل عنه عز وجل: (إن الله لا يمل)، فأرشدهم إلى أن يفعلوا ما يطيقون، وأن إكثارهم من العمل مطلوب ولا بأس به، ولكن إذا كان هذا العمل يؤدي إلى انقطاع ويؤدي إلى حصول مشقة -يعني: يجعل الإنسان يكسل ولا يستمر- فإن غيره خير منه، والذي هو خير منه العمل الذي يداوم عليه ولو كان قليلاً، ولهذا أرشد عليه الصلاة والسلام بعد ذلك إلى قوله: ( وإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل )، فما يداوم عليه الإنسان وإن كان قليلاً فهو يجعله على صلة بالله عز وجل دائماً، بخلاف الإنسان الذي ينشط في بعض الأوقات، ثم يهمل في كثير من الأوقات، فالإنسان الذي ينشط في بعض الأوقات ويهمل قد يأتيه الموت في حال إهماله، والإنسان الذي يداوم على شيء فأي وقت يأتيه الموت فإنه يأتيه وهو على حالة حسنة، ويأتيه وهو مستمر على شيء.

    ثم إن القليل الدائم يكون كثيراً، بخلاف الكثير الذي يكون في وقت من الأوقات ثم يحصل الملل فيترك الإنسان القليل والكثير، ويضيع الإنسان القليل والكثير، بل الإنسان يحرص على أن يكون له عمل دائم وإن كان قليلاً، ولا يكون همه أن يكثر من العمل في وقت من الأوقات ثم يهمل ويغفل في أوقات كثيرة، وقد ذكر عن بعض السلف أنه قيل له: إن أناساً يجتهدون في رمضان، وإذا خرج رمضان تركوا، فقال: بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان! نعم رمضان موسم من مواسم الآخرة، ويشتغل فيه بالعبادة، ويزاد في صلاة التراويح، وفيه تهجد في العشر الأواخر، وانتظار ليلة القدر، ولكن لا يعني هذا أن الإنسان يكون من بعد رمضان ليس له علاقة بالعبادة، ولا يشتغل بالنوافل، بل على الإنسان أن يكون له نوافل يداوم عليها ويستمر عليها ولو كانت قليلة، فإن القليل مع الدوام يكون كثيراً، والكثير مع الإهمال والتضييع يتلاشى ويضمحل، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ( فإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ).

    ثم أيضاً هذا يدل على إثبات صفة المحبة لله عز وجل، وأن الله تعالى يحب ما شاء من الأعمال، ومن شاء من الأشخاص، فهو من صفاته المحبة، وهي صفة كغيرها من الصفات تثبت لله عز وجل على ما يليق به، دون أن تؤول ودون أن تصرف عما تدل عليه إلى معان أخرى لا تدل عليها، فالصفات كلها من باب واحد، كل ما ثبت في الكتاب والسنة يثبت على ما يليق بالله عز وجل، من غير تشبيه ولا تكييف، ومن غير تحريف ولا تأويل، وإنما إثبات لا تعطيل معه ولا تأويل، ومع الإثبات لا تشبيه ولا تكييف، بل على ما يليق بالباري سبحانه وتعالى، فهذا هو شأن الصفات جميعاً، وكلها من باب واحد، فيقال في الصفات ما يقال في الذات، فكما تثبت لله عز وجل الذات ولا يعلم كنهها، فتثبت كل الصفات التي جاءت في الكتاب والسنة ولا يعلم كنهها، فالصفات كلها من باب واحد، يقال في بعضها ما يقال في البعض الآخر، ويقال فيها ما يقال في الذات.

    ولا يتكلف الاشتغال بتأويلها وتفسيرها بأمور لا تدل عليها، بحجة أن الإثبات يقتضي التشبيه، أبداً، لا تلازم بين الإثبات والتشبيه، فهناك إثبات مع تنزيه، وهناك إثبات مع تشبيه، والإثبات مع التشبيه هو الباطل الذي لا شك فيه، والإثبات مع التنزيه هو الحق الذي لا ريب فيه، والله تعالى جمع بين الإثبات والتنزيه في قوله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، فهو سميع بصير ليس كمثله شيء، ولا يلزم من إثبات الصفة المشابهة للمخلوق، أبداً؛ لأن بعض الناس يتصور أنه لو أثبت للزمت المماثلة والمشابهة؛ لأنه ما تصور الإثبات إلا على ما هو مشاهد من المخلوقين، وما تصور الصفة إلا على ما هو مشاهد، وهذا من أكبر الغلط، وهذا من أبطل الباطل، فتصور التشبيه أدى إلى التعطيل، ولكن الإنسان إذا أثبت ما أثبته الله لنفسه على ما يليق بكماله وجلاله، دون تشبيه له بخلقه، ودون تعطيل لصفاته، ودون تأويل لها إذا أثبت هذا فهو إثبات مع التنزيه، والإثبات مع التنزيه ذكره الله عز وجل بقوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، فأثبت السمع والبصر، ونفى المشابهة، فهو سميع بصير ليس كمثله شيء، له سمع لا كسمعنا، وبصر لا كأبصارنا، ووجه لا كوجوهنا، ويدان لا كأيدينا، فكل ما ثبت في الكتاب والسنة نثبته، ولكن مع نفي المشابهة، ونفي التكييف، ونفي التعطيل، ونفي التأويل. هذا هو الواجب، وهذا هو الذي سار عليه سلف هذه الأمة من الصحابة ومن بعدهم، وهم خير القرون، وهم السباقون إلى كل خير، والحريصون على كل خير، رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

    قال: ( ثم ترك مصلاه ذلك فما عاد له ).

    يعني: ذلك المكان الذي يحتجر فيه، ووضع فيه الحصير الذي يعتبر حاجزاً ما عاد إليه حتى لا يتابعه الناس في ذلك، فينالهم بذلك مشقة.

    قال: ( وكان إذا عمل عملاً أثبته )، كان عليه الصلاة والسلام إذا عمل عملاً يداوم عليه ولا يتركه، وإذا فاته قضاه، كما حصل في الاعتكاف؛ فإنه اعتكف في العشر الأواخر من رمضان، ثم ترك الاعتكاف مرة، ولكنه قضى ذلك في شوال، ولما فاتته ركعتان بعد الظهر لكونه شغل في يوم من الأيام حتى جاء وقت العصر قام وقضاها بعد الصلاة، ثم داوم على ذلك؛ لأنه كان إذا عمل شيئاً أثبته عليه الصلاة والسلام.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... فصلوا بصلاته وبينه وبينهم الحصيرة ...)

    قوله: [ (أخبرنا قتيبة ) ].

    هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وهو ثقة ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا الليث].

    هو الليث بن سعد المصري ، المحدث الفقيه، فقيه مصر ومحدثها، والمكثر من الحديث، وكذلك مشهور بالفقه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [ عن ابن عجلان ].

    وهو محمد بن عجلان المدني ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم ، وأصحاب السنن الأربعة.

    [ عن سعيد المقبري ].

    وهو سعيد بن أبي سعيد ، واسم أبيه كيسان ، وهو مشهور بـأبي سعيد ، ولهذا يقال له: سعيد بن أبي سعيد ، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي سلمة ].

    وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، من التابعين المحدثين الفقهاء، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع، يعني: كما ذكرت مراراً: ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب .

    وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عائشة ]، أم المؤمنين رضي الله عنها، وقد مر ذكرها في الإسناد الذي قبل هذا.

    1.   

    باب الصلاة في الثوب الواحد

    شرح حديث: (إن سائلاً سأل رسول الله عن الصلاة في الثوب الواحد فقال: أولكلكم ثوبان)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة في الثوب الواحد.

    أخبرنا قتيبة بن سعيد ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ( إن سائلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد؟ فقال: أولكلكم ثوبان؟ ).

    عقد النسائي رحمه الله كتاب القبلة، وأورد فيه أحاديث فيها الاستقبال، وفيها الشيء يكون في قبلة الإنسان وأمام الإنسان، ثم إنه لما فرغ منها أتى بعدها بأحاديث لا تتعلق بالقبلة، ولكنها تتعلق بستر العورة، وتتعلق باللباس في الصلاة، وهي ليست داخلة في القبلة، ولا دخل لها في القبلة، ولكنها تتعلق بشرط من شروط الصلاة الذي هو ستر العورة، كما أن القبلة واستقبال القبلة شرط من شروط الصلاة، فكذلك ستر العورة، وكون الإنسان يصلي وهو مستور العورة، ويكون لابساً ما يستر عورته، فأورد أحاديث تتعلق باللباس، سواء كان ذلك اللباس يتعلق بالجسد كله، أو يتعلق ببعض الجسد، كالخفين والنعلين؛ لأن هذا كله يعتبر من اللباس.

    وأورد فيه الترجمة، وهي الصلاة في الثوب الواحد، يعني: أن ذلك سائغ، فالإنسان يصلي في ثوب، ولكن ذلك الثوب يجب أن يكون ساتراً ولا يكون شفافاً، ولا يكون غير ساتر، بل يكون ساتراً للعورة وكافياً لها، فـالنسائي أورد فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل يصلي الرجل في الثوب الواحد؟ قال: أولكلكم ثوبان؟ )، فيه إنكار على هذا السؤال، يعني: أنه لا إشكال ولا ريب في أن الإنسان يصلي في ثوب واحد، وما كل أحد يستطيع أن يصلي في ثوبين، وأن يكون على جسده ثوبان وهو يصلي، ولهذا فإن مثل هذا السؤال لا وجه له؛ لأن هذا هو الواقع، وهذا هو الذي يحصل للناس، ولكن كون الإنسان يصلي وعليه ثوبان لا شك أنه أولى من ناحية كمال الستر، وكمال التحرز من انكشاف العورة، ومن بدو العورة، ولكن لا ينبغي أن يكون هناك تردد في الثوب الواحد، فلا يتردد فيه، ولا مانع منه، ولهذا قال: (أولكلكم ثوبان؟)، ليس كل أحد يستطيع أن يصلي في ثوبين، بل يكفي الصلاة في ثوب واحد، ولهذا أجاب بهذا السؤال الذي فيه إنكار، ودلالة على أن ليس كل أحد يستطيع أن يملك ثوبين، وأن تكون صلاته في ثوبين، بل الصلاة في ثوب واحد هو الغالب عليهم في ذلك الزمان، إذاً: الصلاة في الثوب الواحد سائغة ولا بأس بها، ولكن لا يكون شفافاً، ولا يكون مبدياً للعورة.

    والمراد بالثوب ليس القميص المخيط الذي له أكمام وله جيب، وإنما القطعة من القماش يقال لها: ثوب، والذي في حديث عائشة الذي مر أولاً، يعني: قطعة من القماش.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن سائلاً سأل رسول الله عن الصلاة في الثوب الواحد فقال: أولكلكم ثوبان)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.

    [عن مالك].

    وهو ابن أنس ، إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن شهاب].

    وهو الزهري : محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث ، أحد المحدثين المكثرين، وأحد الفقهاء المشهورين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن سعيد بن المسيب].

    وهو أحد الثقات في عصر التابعين، وهو أحد الفقهاء السبعة في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين مر ذكرهم قريباً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي هريرة رضي الله عنه].

    صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الملازم له، والمكثر من رواية حديثه، وهو أكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً، وهو أكثر السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث.

    شرح حديث عمر بن أبي سلمة: (أنه رأى رسول الله يصلي في ثوب واحد...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة ، عن مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة : ( أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد في بيت أم سلمة ، واضعاً طرفيه على عاتقيه ) ].

    هنا أورد النسائي حديث عمر بن أبي سلمة الذي هو ربيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وابن زوجته أم سلمة رضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين، والذي فيه: (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة -يعني: في بيت أمه- يصلي في ثوب واحد، واضعاً طرفيه على عاتقيه)، يعني: ملتفاً به، وواضعاً أطرافه على عاتقيه، وهو -كما قلت- عبارة عن قطعة قماش لفه على نفسه ووضع أطرافه على عاتقيه، فهو دال على ما ترجم له المصنف من الصلاة في الثوب الواحد، فهذا من فعله، وذاك من قوله لما سأله الرجل: (هل يصلي الرجل في الثوب الواحد؟ قال: أولكلكم ثوبان؟)، يعني: ما كل يستطيع أن يملك ثوبين، فالحديثان دالان على الصلاة في الثوب الواحد، الأول من قوله صلى الله عليه وسلم، والثاني من فعله.

    تراجم رجال إسناد حديث عمر بن أبي سلمة: (أنه رأى رسول الله يصلي في ثوب واحد...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة عن مالك].

    وهو مثل الإسناد الذي قبل هذا.

    [عن هشام].

    وهو ابن عروة بن الزبير ، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبيه].

    هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو أحد الفقهاء السبعة الذين تكرر ذكرهم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، يروي كثيراً عن خالته عائشة .

    [عن عمر].

    هو عمر بن أبي سلمة ربيب الرسول عليه الصلاة والسلام؛ ابن زوجته أم سلمة رضي الله تعالى عنها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    الرد على من يصفون الإمام ابن حجر بأنه مبتدع

    السؤال: بعض طلبة العلم هداهم الله يحكمون على ابن حجر بأنه مبتدع، ويقولون بترك الترحم عليه للزجر؟

    الجواب: هؤلاء الذين يتكلمون في ابن حجر ، ويقولون: لا يترحم عليه، وكذلك أيضاً قد ينصحون بعدم استعمال كتبه، هؤلاء ضارون لأنفسهم، وحارمون لأنفسهم، وهم قطاع الطريق إلى العلم النافع، وإلى الخير الكثير، فهم يضرون أنفسهم، ويسعون إلى الإضرار بغيرهم، فهؤلاء الواجب عليهم أن يتنبهوا لما وقعوا فيه من البلاء، وكل مسلم يترحم عليه، وأهل لأن يدعى له بالرحمة والمغفرة، ولكن هذا من الجفاء في حق العلماء الذين لهم جهود عظيمة، ولهم علم عظيم، وخلفوا كتباً عظيمة لا يستغني عنها طالب العلم.

    ومن المعلوم أن ابن حجر رحمه الله منذ زمنه وإلى يومنا هذا العلماء يعولون على كتبه، ويستفيدون من كتبه، وكتابه بلوغ المرام يحفظه طلاب العلم الكبار، الذين ليسوا مثل هؤلاء الذين نبتوا وصاروا يهرفون بما لا يعرفون، ويتكلمون بما لا ينبغي أن يتكلموا به، وكتابه بلوغ المرام يحفظه طلاب العلم فيما مضى وحتى الآن، وهو كتاب لا يستغني عنه أحد، وكذلك كتابه فتح الباري كتاب واسع، وكتاب عظيم، فيه العلم العظيم، ففيه العلم الواسع، ففيه الفقه، وفيه الحديث، وفيه المصطلح، وفيه الكلام في الرجال، وفيه خدمة صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب وخير كتاب بعد كتاب الله عز وجل، ولم يخدم هذا الكتاب أحد مثلما خدمه ابن حجر العسقلاني رحمه الله، فالواجب على أولئك أن يتنبهوا لما وقعوا فيه من البلاء، وإذا كان حصل منه خطأ في بعض المسائل في العقيدة فلا يسوغ أن يحكم عليه بالابتداع، فما زال العلماء منذ زمانه إلى هذا الزمان يستفيدون من كتبه، وقل أن ترى كتاباً ألف بعده إلا وهو يعزو إليه، أحياناً يقول: الحافظ ، وأحياناً يقول: الحافظ ابن حجر ، حتى صار الحافظ علماً عليه ولقباً عليه، فعندما يقولون: قال الحافظ ، يقصدون بذلك ابن حجر .

    فهذا الرجل عمل أعمالاً عظيمة، ولا يزال الناس من قديم الزمان يستفيدون من علمه ويترحمون عليه، وأما هؤلاء فإنهم يسعون إلى الإضرار بأنفسهم، وأيضاً يعملون إلى الإضرار بالآخرين، وإلى أن يوقعوا الآخرين فيما وقعوا فيه من البلاء، ومن الإقدام على أمر منكر، فلو كان كل إنسان يخطئ لا يستفاد من علمه لقضي على كثير من الكتب، وتخلص منها، ولكن هذا الفعل هو شأن النوابت الذين لا علم لهم، ولا معرفة لهم، وعلماء الأمة منذ زمن ابن حجر وحتى الآن يعنون بكتب ابن حجر ، ويستفيدون من كتب ابن حجر ، ولا يستغنون عن كتب ابن حجر ، ولهذا ينبغي لمن سمع كلام مثل هؤلاء أن ينصحهم، وأن يحذرهم من مغبة ما هم فيه، وهؤلاء الذين يتكلمون في ابن حجر لابد وأن ينتقلوا بعد ذلك إلى غير ابن حجر ، يعني: المسألة خطوة خطوة، فيكون هذا بداية الشر وبداية البلاء لهؤلاء المساكين.

    فالواجب عليهم أن يحذروا، وأن يعرفوا أنهم ابتلوا بلاء عظيماً، وعليهم أن يسألوا الله عز وجل أن يخلصهم منه.

    والشخص إذا أخطأ في مسائل في العقيدة أو في غيرها لا يحال بين الناس وبين كتبه النافعة التي خدمت السنة، وخدمت أهل السنة، وإن كان عنده خطأ فهذا الخطأ مغمور في صوابه الكثير وعلمه العظيم، والإنسان يتنبه ولا يتابعه على خطئه، والخير الكثير الذي فيه يأخذه منه ويتابعه عليه، ويستفيد منه.

    حكم وصف الله عز وجل بأنه شخص

    السؤال: هل يجوز إثبات صفة الشخص لله سبحانه؟

    الجواب: الواجب أنه لا يثبت لله عز وجل إلا ما أثبته لنفسه، وكلمة شخص ما نعلم ثبوتها، جاءت في الحديث: ( لا شخص أغير من الله )، يعني: لا أحد أغير من الله، هذا هو المقصود بها، فإطلاق الشخص عليه وأن من صفاته الشخص ما هناك ما يدل عليه، والحديث الصحيح الذي ورد: ( لا شخص أغير من الله )، يعني: لا أحد أغير من الله؛ لأن هذا نفي، وتثبت صفة الغيرة من هذا الحديث لله عز وجل، ولكن كلمة (شخص) التي في الحديث إنما المقصود بها لا أحد أغير من الله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755813415