إسلام ويب

تفسير سورة الصافات [12 - 40]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ذكر الله في هذه الآيات استكبار الكفار عن الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم واستبعادهم للبعث يوم القيامة، ثم ذكر حالهم يوم القيامة حين يرون ما كانوا ينكرونه، فيتبرأ بعضهم من بعض، ويشترك في العذاب القادة والأتباع، جزاء تكذيبهم وكفرهم وإعراضهم عن قول كلمة التوحيد والإخلاص.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: ( بل عجبت ويسخرون ...)

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الله عز وجل في سورة الصافات: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ * وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ * وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ * وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ * قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ * فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ * وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ * هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [الصافات:12-26].

    يخبرنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات من سورة الصافات عن حال الكفار في الدنيا ويوم القيامة كيف أنهم في الدنيا استكبروا فكان نتيجة هذا الاستكبار الذل والصغار يوم القيامة بين يدي الله الواحد القهار سبحانه وتعالى، لقد كانوا مستكبرين، متعززين، يظنون أنهم جميع منتصر، فلما جاءوا يوم القيامة جاءوا فرادى بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [الصافات:26].

    أي: لقد كانوا في الدنيا ينصر بعضهم بعضاً، وفي الآخرة يتبرأ بعضهم من بعض، ويتهم بعضهم بعضاً، وانظر إلى الآيات كيف قال الله سبحانه؟ وكيف عجب نبيه صلوات الله وسلامه عليه! بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ [الصافات:12] أي: يا محمد عجبت لكفرهم وتكذيبهم مع معرفتهم بالحق الذي جئت به، ومع عدم قدرتهم على الإتيان بشيء من مثل هذا القرآن العظيم الذي جئت به، وهذه قراءة الجمهور كما ذكرنا قبل ذلك وقراءة حمزة والكسائي وخلف بَلْ عَجِبْتُ أي: أن الله عز وجل يعجب حيث يقع فعلهم هذا عنده موقعاً شنيعاً منكراً فيعجب سبحانه من كفر هؤلاء الكفار وفعلهم مع النبي صلى الله عليه وسلم فيجازيهم بما نسمع بعد ذلك.

    وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ [الصافات:13] أي: لا يذكرون الله، ولا يذكرون هذه الآيات، فهم غافلون عما جاءهم من آيات من كتاب الله، وعما يرون أمامهم من معجزات على يد النبي صلوات الله وسلامه عليه، وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ [الصافات:14] أي: هم يسخرون، ويدعون بعضهم بعضاً للسخرية بالنبي صلى الله عليه وسلم، والسين هنا من الاستفعال وهو الاستدعاء يعني: يناجي بعضهم بعضاً تعالوا استهزءوا وتعالوا اسخروا مما يقول هذا الرسول.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وقالوا إن هذا إلا سحر مبين ...)

    قال الله تعالى: وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ [الصافات:15] أي: مهما رأوا من آية ومعجزة من معجزاته عليه الصلاة والسلام قالوا: هذا سحر تخييل، وخداع، واضح بين.

    أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الصافات:16] أي: هو يريد أن يخدعنا ويقول لنا: إذا متنا وكنا تراباً وعظاماً إننا سنعود إلى الحياة من جديد، وكما ذكرنا في الحديث السابق مِتْنَا [الصافات:16]، قراءة نافع وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي وخلف وباقي القراء يقرءونها.

    (مُِتْنَا) فهل نبعث مرة ثانية ونخرج من قبورنا أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ[الصافات:17]، وأين آباؤنا الأولون لقد ذهبوا فلم نراهم خرجوا أمامنا ولا أجدادنا ولا من قبلهم؟ فهل نبعث نحن وهؤلاء؟ فكذبوا بالشيء الذي لم يروه أمامهم وكأنهم يريدون أن يروا إنساناً يحيا أمامهم حتى يصدقوا ببعث يوم القيامة!

    ويوم القيامة غيب، وإحياء الموتى إخبار بغيب يكون بعد ذلك، والمؤمنون الذين يؤمنون بالغيب يؤمنون بالله ولم يروه ويؤمنون بالجنة والنار ولم يروهما، يؤمنون بالموقف بين يدي الله عز وجل يوم القيامة ولم يروا ذلك فإذا جاء هذا الغيب، وصار واقعاً مشاهداً لا ينفع نفساً إيمانها حينئذ.

    قال الله عز وجل آمراً نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ [الصافات:18] أي: تبعثون يوم القيامة، وهذه قراءة الجمهور وقراءة الكسائي (نِعم) كما قدمنا، قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ [الصافات:18] أي: صاغرون أذلة.

    فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ [الصافات:19]، الزجرة: الصيحة وهي النفخة الثانية، لأن النفخة الأولى: ينفخ إسرافيل في الصور فإذا بالخلق كلهم هامدين يميتهم الله سبحانه وتعالى، فينفخ النفخة الثانية فيبعثون من القبور ويقفون بين يدي الله سبحانه فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ [الصافات:19] أي: ما الذي يكون، وينظر بعضهم إلى بعض، وينتظرون ما الذي يحدث لهم في هذا الموقف، ويقولون كما قال سبحانه: وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ [الصافات:20] أي: يا هلاكنا، هذا اليوم يوم الجزاء الذي كذبنا به قبل ذلك، يا ليتنا نموت الآن، يدعون على أنفسهم بالهلاك في هذا اليوم يوم الجزاء والحساب.

    هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ [الصافات:21] أي: الحكم الذي يفصل فيه بين الحق والباطل بين المحقين والمبطلين بين أهل الكفر وأهل الإيمان، فريق في الجنة وفريق في السعير الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ [الصافات:21].

    احْشُرُوا [الصافات:22] أي: اجمعوا الَّذِينَ ظَلَمُوا [الصافات:22] أي: المشركين بالله سبحانه بعضهم إلى بعض وَأَزْوَاجَهُمْ [الصافات:22]، ومن كان مشابهاً لهم فاجمعوا كل مجموعة من هؤلاء على صفة واحدة: المشركون .. القتلة .. السراق .. الفجار، كل مجموعة يشبه بعضهم بعضاً فادفعوهم إلى النار والعياذ بالله.

    والأزواج تطلق على المشاكلين أي المشابهين وتطلق: على الأصناف والأنواع التي بعضها مثل بعض، وكذلك على القرناء، فالإنسان وقرينه من الشياطين يحشران معاً إلى النار، وكذلك الزوج والزوجة إذا كانا يتعاونان على الشر والعياذ بالله.

    قال: وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ [الصافات:22-23]، دلوهم على طريق الجحيم والعياذ بالله، والصراط: الطريق وَقِفُوهُمْ [الصافات:24] أي: بين يدي الله عز وجل إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ [الصافات:24]، سؤال المناقشة، والتبكيت، والتوبيخ، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من نوقش الحساب عذب) أي: الذي يناقشه الله سبحانه الحساب هالك لا محالة، وأما من يعرض عليه حسابه وصحيفة أعماله فالله عز وجل يتغمده برحمته سبحانه، وفرق بين من يناقش ومن يعرض عليه صحيفة العمل.

    مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ [الصافات:25] أي: عجباً لأمركم كنتم تتعجبون في الدنيا، وينصر بعضكم بعضاً، وتقولون نحن جميع منتصر، أين هذا الجمع؟ ولم لا ينصر بعضكم بعضاً؟ أين هذا الذي سيدفع باب النار بمنكبيه حتى يخرج أهل النار منها ويمنع دخول الكفار؟!

    بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [الصافات:26] أي: اضرب عن هذا فيوم القيامة لا يوجد فيه أن ينصر بعضهم بعضاً، أو يدفع بعضهم عن بعض الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67]، كل خليل عدو لخليله يوم القيامة إلا من اتقى الله سبحانه وتعالى.

    فهم اليوم قد استسلموا لهذا الواقع الذي هم فيه واستسلموا لربهم سبحانه واستسلموا لملائكة الله يعذبونهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون)

    قال الله تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ [الصافات:27] أي: في النار والعياذ بالله، يَتَسَاءَلُونَ [الصافات:27] أي: يتلاومون، ويتصايحون ويسب بعضهم بعضاً، ويدعو بعضهم على بعض، وكل إنسان ينسب إلى غيره الذي صنع.

    قال بعضهم لبعض قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ [الصافات:28] أي: قال الأتباع لكبرائهم الذين اتبعوهم في هذه الدنيا: إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ [الصافات:28]، واليمين فيه اليمن والبركة، والشمال كانوا يتشاءمون منه فقالوا: كُنتُمْ تَأْتُونَنَا [الصافات:28] أي: من الجهة التي نحبها عَنِ الْيَمِينِ [الصافات:28]، من طريق الدين فزينتم لنا الدنيا ودفعتمونا عن الدين العظيم، فلم ندر ما هو الدين ولم نتبع النبي صلى الله عليه وسلم.

    واليمين أيضاً تطلق على القوة فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ [الصافات:93] أي: كنتم أقوى منا، وكنا ضعفاء فأتيتمونا من جهة الدين فصرفتمونا عن الدين، وأتيتمونا من جهة القوة فغلبتمونا وقهرتمونا، وأتيتمونا باليمين فأقسمتم لنا وحلفتم أنكم تنصروننا، وأنكم على الحق، وأنه ساحر كاذب، فخدعتمونا في الدنيا، ونهيتمونا عن شريعة ربنا سبحانه وتعالى، وصرفتمونا عن الخير إلى الشر.

    فيرد الكبراء على هؤلاء: قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [الصافات:29] أي: أنتم لم تكونوا مؤمنين أصلاً حتى تزعموا أننا صرفناكم عن الهدى والدين، وأسر الكبراء الندامة في أنفسهم قال تعالى: وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ [يونس:54].

    وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ [الصافات:30] أي: لم تكن معنا حجة ندعوكم إليها وإنما مجرد أن دعوناكم اتبعتمونا، بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ [الصافات:30]، والطاغي: هو الذي جاوز حده، إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ [الحاقة:11] أي: جاوز حده فلم يقدروا على منعه، وكذلك الإنسان الطاغي هو الذي جاوز حده ولم يقدر أحد أن يمنعه عما يقوله، أو يقع فيه من الكفر بالله سبحانه وتعالى.

    فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ [الصافات:31]، (قول ربنا) أي: كلمته. (إنا لذائقون) أي: كنا داخلون في العذاب والعياذ بالله.

    قال تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات:171-173]، فالله سبحانه سبقت كلمته، وحقت كلمته أن على المؤمنين ينصرهم وحَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ [الزمر:71].

    فالله سبحانه وتعالى قضى أن يملأ جهنم من الجنة والناس أجمعين، وقضى سبحانه أن يعذب أهل الكفر وأهل الفجور وأهل المعاصي فقال: لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [هود:119]، فاحتج هؤلاء يوم القيامة وقالوا قدرنا أن حَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ * فَأَغْوَيْنَاكُمْ [الصافات:31-32] أي: صرفناكم عن الرشد إلى الغي، وأضللناكم، وخدعناكم عن الإيمان، إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ [الصافات:32] أي: إنا كنا ضالين فأضللناكم وصرفناكم عن طريق الله سبحانه.

    يقول الله سبحانه: فَإِنَّهُمْ [الصافات:33] أي: الأتباع والمتبوعون، يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ [الصافات:33] أي: العذاب مقسم عليهم فكل إنسان يأخذ نصيبه مما استحق من غضب الله جزاء وفاقاً.

    قال سبحانه: إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ [الصافات:34] أي: إن كل من أجرم وعصى ربه سبحانه وخرج عن طريق الله سبحانه وأشرك به وكفر يستحق هذه العقوبة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ...)

    قال الله تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ [الصافات:35]، إِنَّهُمْ [الصافات:35]، تعليلية أي: إنما استحقوا هذا العذاب العظيم لكونهم كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ [الصافات:35]، أي: كانوا إذا دعوا إلى الله سبحانه وقيل لهم: قولوا لا إله إلا الله فقد قالها النبي صلى الله عليه وسلم للكفار: (قولوا كلمة واحدة تملكون بها العرب والعجم، ويكن لكم في ذلك خير الدنيا والآخرة)، وقالها لعمه أبي طالب : (يا عمي! قل كلمة واحدة، قل لا إله إلا الله)، فاستكبروا وقالوا عنه صلى الله عليه وسلم: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5]، فتعجبوا من كون النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى عبادة الله وحده، واستكبروا وقالوا كما قال الله سبحانه عنهم: وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ [الصافات:36] أي: نحن نصدق هذا الشاعر؟! وهم يعرفون أنه ما نطق بالشعر قط، لكن لما جاء التكذيب قالوا بما يعلمون أنهم يكذبون فيه، فرموه بأنه شاعر، وبأنه مجنون، ورموه بالسحر والكهانة، قال الله سبحانه: بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ [الصافات:37] أي: بل جاءكم بالقرآن العظيم والشريعة العظيمة من عند رب العالمين، وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ [الصافات:37] أي: جاء بما جاء به المرسلون قبله فقد جاءوا بالتوحيد: أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [المؤمنون:32]، فكل أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام قد جاءوا بلا إله إلا الله، ودعوا إليها جميع الخلق، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأت بشيء جديد وإنما جاء بتصديق هؤلاء المرسلين بتوحيد الله سبحانه وتعالى.

    قال سبحانه لهؤلاء الكفار: إِنَّكُمْ لَذَائِقُوا الْعَذَابِ الأَلِيمِ [الصافات:38] أي: إننا سنذيقكم العذاب الأليم الموجع.

    وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الصافات:39]، أي: وإنما جازيناكم على أعمالكم، وتفريطكم، وتقصيركم، وإجرامكم إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ [الصافات:40]، واستثنى الله سبحانه وتعالى عباده المخلصين: المؤمنين الذين أخلصوا لله سبحانه، فجعلهم أهل السعادة، وجعلهم في جنته يوم القيامة.

    نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من عباده المخلصين المقربين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755959137