إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [141]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يبدأ الشيخ مطلع كل لقاء بتفسير بعض الآيات من كتاب الله عز وجل، وفي هذا اللقاء فسر آيات من سورة الذاريات من قوله تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) إلى قوله تعالى: (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ). ثم ختم لقاءه بالإجابة عن الأسئلة التي وردت إليه.

    1.   

    تفسير آيات من سورة الذاريات

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء الحادي والأربعون بعد المائة من لقاءات الباب المفتوح، الذي يتم كل يوم خميس، وهذا هو يوم الخميس الثالث من شهر رجب عام 1417هـ لنبدأ هذا اللقاء بما هو العادة بتفسير آية من كتاب الله عز وجل.

    تفسير قوله تعالى: (إن المتقين في جنات وعيون)

    قال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الذاريات:15] فهذه الجملة خبرية، مؤكدة (بإن) إِنَّ الْمُتَّقِينَ [الذاريات:15] والمتقون: هم الذين اتقوا عذاب الله عز وجل بطاعته -بامتثال أمره واجتناب نهيه- فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الذاريات:15] جنات جمع جنة، وجمعت باعتبار أنواعها وأصنافها، وقد جاءت في القرآن مفردة مثل قوله: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا [الزخرف:72] وجاءت -أيضاً- مجموعة فهي مفردة باعتبار الجنس، ومجموعة باعتبار النوع، و(عيون): جمع عين وهي: الأنهار الجارية، وقد ذكر الله تعالى أنها أربعة أنواع: أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً [محمد:15].

    تفسير قوله تعالى: (آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين)

    قال تعالى: آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ [الذاريات:16] قوله: آخذين: هذه حال من الضمير المستتر بالخبر، أي: حال كونهم آخذين ما آتاهم ربهم، أي: ما أعطاهم من النعيم، وهذه الآية كالآية التي في سورة الطور: فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ [الطور:18] أي: ما أعطاهم الله من النعيم في هذه الجنات، ثم بين السبب الذي وصلوا به إلى هذا فقال: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ [الذاريات:16].

    كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ : أي: في الدنيا مُحْسِنِينَ أي: قائمين بطاعة الله على الوجه الذي يرضاه الله عز وجل -وقد سبق- بل وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) هذا الإحسان في العبادة، أما الإحسان في معاملته للخلق، فإن أجمع ما يقال فيه، ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام: (من كان يحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم والآخر، وليأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه)، هذا هو الإحسان إلى الناس: أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، من حسن خلق وطلاقة الوجه، وكف الأذى، وبذل الندى، إلى غير ذلك مما هو معروف، فهؤلاء المحسنون في عبادة الله، محسنون إلى عباد الله، كانوا قبل ذلك، أي: قبل أن يأخذوا ما آتاهم الله من النعيم محسنين.

    تفسير قوله تعالى: (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون)

    ثم فصل نوعاً من هذا الإحسان فقال: كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ [الذاريات:17] (ما) قيل: إنها زائدة في اللفظ، لكنها ليست زائدة في المعنى، وأن التقدير: كانوا قليلاً يهجعون، أي: لا ينامون إلا قليلاً، وماذا يصنعون في هذه اليقظة؟ يصنعون ما ذكره الله في سورة المزمل: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ [المزمل:20].

    هم لا يسهرون على اللهو واللغو أو يستيقظون على مثله، ولكنهم يقل نومهم للتفرغ لطاعة الله عز وجل.

    تفسير قوله تعالى: (وبالأسحار هم يستغفرون)

    قال تعالى: وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:18] (الأسحار) جمع سحر وهو آخر الليل، (هم يستغفرون) الله، أي: يسألون الله المغفرة، وهذا من حسن عملهم وعدم إعجابهم بأنفسهم، وكونهم يشعرون بأنهم وإن اجتهدوا فهم مقصرون فيستغفرون الله بعد فعل الطاعة، جبراً لما حصل فيها من خلل، وأنتم تعلمون أنه يشرع في نهاية العبادات أن يستغفر الإنسان ربه مما قد يكون فيها من خلل، فبعد الصلاة يستغفر الإنسان ربه ثلاثاً، وبعد الحج قال الله تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:198-199].

    فهم يسألون المغفرة بعد تهجدهم وقيامهم وسهرهم في طاعة الله، خوفاً من أن يكون هناك تقصير وهذا مما يدل على معرفتهم بأنفسهم وأنهم يرون أنفسهم مقصرين، خلافاً لما يفعله بعض الناس اليوم إذا تعبد لله بأدنى عبادة شمخ بنفسه وأدل على الله تعالى بها، وظن أنه من عباد الله الصالحين، صحيح أن الإنسان ينبغي أن يرجو ربه إذا أنعم عليه بالطاعة أن الله يقبلها، لكن كونه يرى أنه قد أتم كل شيء، هذا يخشى عليه أن يحبط عمله وهو لا يشعر.

    تفسير قوله تعالى: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)

    قال تعالى: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات:19] في أموالهم كلها، سواء الأموال الزكوية أو غير الزكوية فيها حق للسائل والمحروم، إذا أتاهم سائل أعطوه، إذا رأوا محروماً -أي: ممنوعاً من الرزق وهو الفقير- أعطوه، فمالهم قد أعدوه لما يرضي الله عز وجل من السؤال والمحرومين، وغير ذلك من الإنفاق، المهم من الإنفاق المشروع، إذاً هم يقومون بطاعة الله، تهجد في الليل واستغفار وبذل للمال، لكن من غير سرف ولا مخيلة.

    ونقتصر على هذا؛ حتى نتفرغ للأسئلة ؛ ولأنه سنبدأ في آيات جديدة ليست من الموضوع الذي نحن بصدده.

    1.   

    الأسئلة

    معنى قوله تعالى: (وبالأسحار هم يستغفرون)

    السؤال: قوله: وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:18] هل هو في صلب الصلاة أو من بعد انتهائهم من الصلاة ؟

    الجواب: بعد انتهائهم من الصلاة، هكذا قال أهل العلم، أن بعد الانتهاء من الصلاة يخشون أن يكون فيها نقص فيستغفرون الله.

    الدليل على أن السكان الأصليين لهم حقوق أكثر من الوافدين

    السؤال: هل هناك في الشريعة الإسلامية أدلة تقوي قول الذين يقولون: إنه ينبغي أن يكون المسلمون الذين يعيشون في مكان ما، هم من المستوطنين فيه منذ زمن، أو أنهم سكان أصليون تعطى لهم حقوق أكثر من المسلمين الوافدين، هل هناك أدلة على ذلك، وما حكم من يفعل ذلك؟

    الجواب: ليس هناك إلا حديث معاذ بن جبل : (أعلمهم أن الله كتب عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) فبدأ بفقرائهم؛ لأنهم أحق من غيرهم، لكونهم من الجيران، ولتعلق نفوسهم بأموال الأغنياء عندهم، هذا ما أعلمه في هذه المسألة.

    دعاء ضعيف يقال قبل النوم

    السؤال: هذه المرأة تسأل عن دعاء قبل النوم تقول: إنها سمعته في التلفاز قبل صلاة الجمعة، ويقال: إنه ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ونص هذا الدعاء: من قرأ الفاتحة أربع مرات كأنه تصدق بأربعة آلاف درهم، ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير كأنه طاف بالكعبة، ومن قال: أستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، وسبحان الله العظيم عشر مرات ضمن الله له الجنة، فهل هذا الدعاء صحيح أم لا؟

    الجواب: ليس بصحيح وليتها تبين لنا الحلقة التي ذكر فيها هذا الدعاء في تلفاز المملكة؛ لأننا لا نأخذ من الإذاعة ومن تلفاز المملكة ما ليس بصحيح، فهذا الحديث ليس له أصل ولا تعمل به، وأريد أن تحدد لي الحلقة ومن هو المتكلم.

    المعاشرة بين الزوجين تكون بالمعروف

    السؤال: هذه امرأة تذكر أنها متزوجة وذكرت أن لها كثيراً من الأولاد، وتقول: زوجها تزوج قبلي وبعدي وأن عمرها فوق الأربعين وتقول: زوجي سيئ المعاملة وأخلاقه شرسة، ويعاملني أسوء المعاملة، يقصر في حقوقي، ولا يلبي لي أي طلب، ولو كان تافهاً، وإذا أتى إلى فراشي يقول لي: إني أجامعك ليس محبة فيك وإنما خوفاً من الله، وتقول: إني كرهته واشمأزت نفسي منه، وإذا أتى يريدني دفعته، وحتى الأكل لا يريدني أن أخالطه فيه فهل عليّ إثم في ذلك، وهل هو عليه إثم فيما يفعل أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: لا شك أن الواجب على الزوجين أن يعاشر كل منهما الآخر بالمعروف لقوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] وما وصفت عن زوجها ليس من العشرة بالمعروف ولها أن تمنعه حقه عليها، كما أنه منع حقها عليه، ولكني أشير عليها بالصبر والاحتساب وانتظار الفرج من الله عز وجل، وكل شيء له مدة، هذا ما أراه بالنسبة له، أما إذا أرادت أن تحقق وأن تأخذ حقها منه، فكما قلت: من ضيع حق زوجته فلها أن تضيع من حقه بقدر ما ضيع من حقها؛ لأن الله قال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].

    حكم دفع إيجار مبنى الجمعية الخيرية من الزكاة

    السؤال: الجمعية الخيرية تجمع أموال زكاة وتوزعها على الفقراء والمساكين وهي الآن في بناية لي فهل لها أن تدفع إيجار المبنى من أموال الزكاة؟

    الجواب: أموال الزكاة لا يجوز أن يدفع منها، ثم الواجب على هذه الجمعية أن تفعل كما فعل غيرها أن تجعل بنداً خاصاً للزكاة، وبنداً للصدقات، وبنداً للأعمال الخيرية العامة، المهم أنها لابد أن تميز الزكاة عن غيرها .

    السائل: ما وجدنا يا شيخ! من أموال الصدقات أو التبرعات الأخرى ما يفي سداد الإيجار؟

    الشيخ: إذا لم تجد تطلب من شخص معين أجرة هذا المكان.

    السائل: والعاملين في الجمعية هل يعطون من أموال الزكاة؟

    الشيخ: العاملين إذا كانوا منصوبين من قبل الدولة.

    السائل: لكن من الجمعية محاسب راتبه ما يكفيه؟

    الشيخ: لا يمكن إلا من جهة الدولة؛ لأن العاملين عليها هم العاملين من قبل الدولة، من قبل ولي الأمر، ولهذا جاء حرف الجر عليها، ولم يقل فيها، إشارة إلى أنه لابد أن تكون لهم ولاية، ولا ولاية لهم إلا إذا أنابهم ولي الأمر منابهم.

    السائل: يا شيخ! هو محاسب في الجمعية وراتبه لا يكفي؟

    الشيخ: الجمعية تبين لي من كلامك أنها ضعيفة، وأن اعتمادها الأصلي على الزكوات، إذاً تترك المجال لغيرها، الزكوات الآن جعلت لها مورد معين، ومصدر معين، ومصرف معين.

    حكم قضاء ما على المدمن للمخدرات لصاحب المخدرات

    السؤال: هناك شاب كان مسرفاً على نفسه، وكان يستعمل المخدرات فهو مديون الآن لأصحاب المخدرات، هل يسددهم قيمة ما أخذه من المخدرات أم لا؟

    الجواب: أنا أرى أنه بارك الله فيك! يُعطي قيمة ما أخذ منهم إلى بيت المال، ولا يردها عليهم، وأما كونه لا يردها عليهم ؛ لأنه ثمن شيء محرم، وأما كونه يعود إلى بيت المال، لئلا يجمع بين العوض والمعوض، لو قلنا: لا تعطيه، بمعنى أنه أخذ العوض سابقاً من هذه المخدرات نسأل الله العافية وأمسك قيمتها، فنقول: القيمة التي اشتريتها لابد أن تعطيها بيت المال، وأما هم فلا يستحقون شيئاً؛ لأنهم أصل كسبهم مال حرام.

    السائل: إذا تصدق به يا شيخ؟!

    الشيخ: لا ينفع، لأنه إذا ردوه إلى بيت المال وقال لهم القاضي تصدقوا به، لا بأس.

    حكم تزوير بعض الأوراق للهروب من الضرائب

    السؤال: هناك بعض دور النشر يُطلب منها كتب خصوصاً الكتب الإسلامية ترسل إلى موزعين مسلمين يوزعونها بشكل تجاري -طبعاً- في بلاد الكفر للأقليات المسلمة الموجودة في بلاد الكفر، ولكن حين دخول هذه البضاعة التي هي الكتب يفرض عليها ضرائب عالية جداً إذا عُلم أنها للتجارة، فيطلب الموزعون من دار النشر أن ترسل فاتورة أخرى مكتوب عليها أقل من القيمة التجارية الأولى -قيمة الثمن الأصلي- بحد معين الذي هو أدنى من الحد الذي تفرض عليه الضرائب وبالتالي يتجنبون دفع ضرائب كبيرة على تلك البضاعة، فيسألون هل هذا يجوز إرسال الفاتورة الثانية التي هي ليست حقيقية إنما لتعرض لأصحاب الجمارك في تلك الديار، حتى لا يدفعوا الضرائب الباهضة عليهم؟

    الجواب: هل سيعاملون الزبائن بمقتضى السعر المخفض؟ لا. السعر هذا الذي على الفاتورة الثانية لا يتعدى اثنين بالمائة من القيمة الحقيقية- أي: لا بأس ما في مانع، غاية ما فيه أنهم أسروا ثمناً وأعلنوا ثمناً دفعاً للظلم عن أنفسهم ولا بأس بذلك.

    حكم العباءة إذا لم تكن مطرزة وكانت ضيقة وشفافة

    السؤال: هناك عباءة لها أكمام تشابه ما تسمى بالفرنسية ولا يكون فيها تطريز، وبعضهم يقول: هذه ليست فرنسية، وتكون بعض الأحيان ضيقة، بالإضافة إلى نقاب يكون عليها غطاء، لكن لون البشرة يكون واضحاً من خلف الغطاء، ما رأي فضيلتكم؟

    الجواب: أرى أنه يجب أن يكون غطاء الوجه غطاءً صفيقاً يستر الوجه، لا بد من هذا، أما مسألة العباءة فإذا كانت لا تصف حجم البدن فلا بأس بها، على أنني أكره كل جديد من هذا النوع؛ لأن النساء إذا كانت تتلقف كل موضة تأتي فسوف تتوسع، فاليوم يمكن يصلون عباءات واسعة وفضفاضة، وبعدئذ تكون ضيقة، ثم بعد مدة ليست بعيدة، تترك العباءة نهائياً، ولا أدري ماذا سيكون، ولهذا أرى أنه يجب على الرجال الذين هم أولياء النساء، أن يلاحظوا هذه المسألة وألا يترك العنان للنساء تشتري ما شاءت وتلبس ما شاءت، فالمهم أن غطاء الوجه لابد أن يكون صفيقاً، كل غطاء يتبين فيه لون البشرة فإنه ليس بغطاء في الحقيقة، وبالنسبة للعباءة فلا شك أن العباءة الأولى التي ليس لها أكمام والتي تستر المرأة كلها ولا يتبين منها شيء هي خير من هذه، لكن التحريم يحتاج إلى شيء بين، أي: يحتاج إلى دليل واضح.

    حكم الدعاء على شخص بأن يهلكه الله

    السؤال: إذا دعا شخص وقال: اللهم إن كان في سابق علمك إن هذا الشخص من أهل النار، اللهم أهلكه واقتله ولا تبقه، وإن كان في سابق علمك أنه من أهل الجنة اللهم أبقه؟

    الجواب: هذا غلط عظيم، ولا يجوز الدعاء بهذا، بل الواجب أن تدعو لإخوانك بالهداية، وكونه في سابق علم الله، لا تعترض عليه أنت؛ لأن الله تعالى إذا دعوت له بالهداية، فإن كان الله قد قدر أنه غير مهتدي فإنه سيبقى غير مهتدي، وإن كان قد قدر أنه سيهتدي صرت أنت من سبب الخير، من أسباب هدايته؛ لأن الله يجيب دعوة الداع إذا دعاه.

    فأما هذا الدعاء الذي ذكرت فهو دعاء بدعي، ما كان الرسول يقول به ولا السلف وفيه نوع من الاعتراض على القضاء والقدر.

    حديث: (أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك)

    السؤال: مجموعة أشخاص أودعوا مالاً عند شخص، فأتوا يطلبون منه هذا المال، فأنكر، فقاموا وتحيلوا عليه حيلة من أجل أن يستخلصون مالهم -كيف؟- أرسلهم يأتون بجهاز، ويشترون له حاجة، ويقولون: الجهاز حصلناه مثلاً بخمسمائة ريال وهو في الحقيقة بمائة أو حصلوا عليه هدية وأعطوه من أجل أن يحصلوا على هذا المال.

    الجواب: المهم سأعطيك حديثاً عن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (أد الأمانة إلى من أتمنك ولا تخن من خانك).

    فإذا كان قد جحد حقهم ولم يمكن إقامة البينة عليه عند القاضي، فإنهم سيجدونه في وقت يكون أنفع لهم من الحياة الدنيا، وأما التحيل فلا يجوز.

    نعم. لو تحيلوا عليه أن يقر، مثل أن يعدوه يقولون: أنت إذا أقررت ربما نعفو عنك، أو ما أشبه ذلك، لا يعدونه وعداً جازماً، ربما نعفو عنك أو ربما تتسهل أمورك، أو ما أشبه ذلك فإذا أقر فحينئذٍ يلزم الحق.

    ترك الحلف بالطلاق وكفارة الأيمان

    السؤال: قريب لي كان بينه وبين زوجته مشاكل كبيرة، فعند نصحي له؛ لأنه قريب لي بعد ما نصحته قال لي: تعرف الباب؟ قلت: نعم. أعرف الباب، يعني: المقصود طردني من البيت، ونحن في بيت أبيه ليس بيته هو، أنا سكت وكأن لم يكن شيئاً، ولكن بعد فترة من الزمان تبين لي من ثانٍ أنه قال لي: إني لم أفهم قصده ولم أفهم من كلامه شيء، فقلت لهذا الشخص وأنا في حالة غضب: أنا أتيت أنصحه وبالأخير يرد علي بالكلام هذا، وأنا ساكت أريد الأجر من الله سبحانه وتعالى، فالغضب هذا حلفت بالطلاق وأنا ندمان عليه قلت لعيالي: أنا لا أدخل بيته هو، ما هو بيت أبيه، إلا أن هذه المشكلة بينه وبين زوجته انتهت ورجع إلى زوجته، وأنا ندمان على هذا الفعل حتى أنه قريب لي، لا بد في يوم من الأيام أني أدخل بيته؟

    الجواب: أولاً: بارك الله فيك! أنصحك ألا تحلف بالطلاق -قلتها بغير قصد- (من كان حالفاً - كما قال النبي صلى الله عليه وسلم- فليحلف بالله أو ليصمت)، وأما حل مشكلتك التي وقعت فيها الآن، فمع التوبة أخرج كفارة يمين، بأن تطعم عشرة مساكين عشرة كيلو من الرز، لكل مسكين كيلو ونرجو من الله أن يعفو عنك.

    السلم وشروطه

    السؤال: عندنا نوع من المعاملة المالية تشبه السلم، يأتي التاجر أو صاحب المال فيعطي الفلاح مبلغاً مثلاً ألف ريال ويقول له: إذا حصدت البر أو الأرز أعطني به براً، لكنه إذا جاء يشتري منه يشتري بسعر يوم الحصاد؛ لأنه لو اشترى بسعر يوم الدفع يكون فيه ظلم على صاحب المال ؛ لأنه سيكون في هذا الوقت السلعة غالية جداً، فإذا جاء الحصاد وراجت السلعة رخص ثمنها ثم هم في الغالب لا يحدد كم بهذا الألف لا يحدد الكمية المضبوطة التي يشتري منه فهل هذا صحيح؟

    الجواب: هذا سلم وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من أسلم في شيء فليسم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) فلابد أن يعين الأجل وأن يعين الكيل والوزن والنوع والوصف رديء أو جيد، ولابد أن يكون تقدير الثمن وقت الإسلاف، يجوز بسعره بأقل أو أكثر المهم أن يتفقوا على القيمة في ذلك الوقت.

    السائل: المخالفة الوحيدة هنا عدم الاتفاق على الكيل؟

    الشيخ: لا، الكيل على قدر القيمة، لابد أن يقدروا القيمة، في وقت دفع المال يقدرون القيمة بما شاء، حتى لو فرضنا أن الصاع يساوي عشرة وقدره بإحدى عشر، أو باثني عشر، أو بثلاثة عشر، أو بستة، أو سبعة هم أحرار.

    السائل: هذا في الغالب التاجر يقول: أنا لا أشتري بسعر اليوم؟

    الشيخ: بكم تشتري؟

    السائل: يريد أن يشتري بسعر الحصاد؟

    الشيخ: سعر الحصاد مجهول.

    السائل: يتغير يوماً بعد يوم.

    الشيخ: لا يجوز، هم إذا قدروا الثمن التاجر يحتاط لنفسه ويرفعه قليلاً، وقد ينزله قليلاً، وبدل ما يكون الصاع بعشرة يقول: بثمانية، أيضاً يجب أن يعلم أن النقد ما هو مثل المؤجل، لابد أن يكون أنقص من السعر الآجل.

    التفصيل فيمن دخل المسجد والإمام ساجد أو في التشهد

    السؤال: في دخول المسجد وإدراك الإمام ساجداً سواء في الركعة الأولى أو في الركعة الأخيرة، البعض ينتظر حتى يرفع الإمام، والبعض يسجد، ويحصل بعض النقاش من الجماعة ؟

    الجواب: إذا كان يخشى أن تكون هذه الركعة الأخيرة فلينتظر؛ لأنها إذا كانت الركعة الأخيرة ودخل معهم لم يدرك الجماعة، أما إذا كان لا يدري، أو يعلم أنها ليست الركعة الأخيرة؛ لأنه سمع الإقامة من قبل فهنا يدخل معهم، ويبادر بالدخول ليحصل على الأجر.

    أولاً: ليكون ممتثلاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فما أدركتم فصلوا).

    وثانياً: يحصل له أجر السجود، والتسبيح في السجود وزيادة الزمن في العبادة، فصار فيه التفصيل.

    حكم بيع العظم وشرائه

    السؤال: هل يجوز لنا الانتفاع من العظم؛ لأنه في بلادنا يباع ويشترى؟

    الجواب: يرى بعض العلماء أنه لا بأس ببيعه؛ لأن العظم يقولون: لا تحله الحياة، فلا يدخل في الميتة، ولكن أكثر العلماء يقولون: أنه تحله الحياة، وأنه يعتبر ميتاً، وقد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم نهى عن بيع الميتة، إلا الجلد إذا دبغ فإنه يكون طاهراً، ويباع وينتفع به، فالاحتياط ألا يتبايعوا ، لكن لعل علماءكم هناك يفتون بالقول الثاني الذي يقول: إنه ليس بميتة؛ لأنه لم تحله الحياة.

    وأما ما يقال: إن الجنب الأيسر حرام والجنب الأيمن حلال فهذا لا أصل له، إما أن تكون كلها حلال أو حرام.

    حديث: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم..)

    السؤال: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً) -صحيح- والإشكال عندي في رواية يعفر الثامنة بالتراب (ثامنهن بالتراب)؟ وفي رواية (سبعاً

    الجواب: هو ضمن السابعة، لكن إذا أضفت سبع غسلات بالماء والتراب كم صار؟ ثمان، ليس معناه أنك تغسله بالماء ثمان مرات، بالماء سبع، لكن إذا أضفت إليه التراب صار ثمان، فلا منافاة بين الروايتين؛ لأن كلاهما صحيحة وكلتاهما لا تنافي الأخرى.

    حكم المال الذي يحصل عليه السمسار

    السؤال: إذا أراد رجل أن يبيع بيته فإنه يذهب إلى سمسار حتى يبيع هذا البيت ويحدد له السعر ويقول: نصيبك إن بعت البيت بكذا جزء من هذا السعر أو من هذا المال، فيذهب هذا السمسار ويتفق مع مشترٍ ويزيد له في السعر وتكون هذه الزيادة له، فبهذا يحصل على هذه الزيادة ومن البائع أيضاً هل هذه المعاملة جائزة؟

    الجواب: إن كان صاحب البيت قال له: بعه بعشرة آلاف، ولك (10%) أو (5%) أو (1%) حسب ما يتفقون، فهنا إذا باعه بأكثر من عشرة آلاف الزيادة لصاحب البيت، وليس للسمسار إلا نصيبه الذي قدر، (10%) أو أقل أو أكثر، أما إذا قال: بعه بعشرة آلف وما زاد فلك، ووافق فلا بأس، لو باعه بأكثر من عشرة آلاف الزيادة تكون له.

    سنة الإشراق هي سنة الضحى

    السؤال: سنة الإشراق هل هي سنة الضحى؟

    الجواب: سنة الإشراق هي سنة الضحى، لكن إن أديتها مبكراً من حين أشرقت الشمس وارتفعت قيد رمح فهي صلاة الإشراق، وإن كان في آخر الوقت أو في وسط الوقت فإنها صلاة الضحى، لكنها هي صلاة الضحى؛ لأن أهل العلم رحمهم الله يقولون: إن وقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قبيل الزوال.

    حكم استدبار الخطيب للقبلة في خطبة الجمعة

    السؤال: في خطبة الجمعة يجب على الخطيب أن يستدبر القبلة؟

    الجواب: الأفضل أنه يستقبل المأمومين، لكن وجوباً ليس بواجب.

    السائل: هل هناك عبادة يجب أن يستدبر المرء فيها القبلة؟

    الشيخ: ليس هناك عبادة يجب أن تستدبر فيها القبلة، وقلت لك هذه ليست بوجوب وإنما هي الأصل لكن أحياناً يجب على الإنسان أن يستدبر القبلة أو أن يستقبل القبلة، أو تكون عن يمينه أو شماله حسب ما وردت به النصوص، ولا أذكر مثالاً الآن، لكنها هي تنقسم إلى كل جهات الأرض استدبار واستقبال وعن جنوب وعن يمين وعن الشمال.

    البدع كلها ضلال

    السؤال: ما هي البدعة الحسنة والبدعة السيئة؟

    الجواب: ليس هناك بدعة حسنة أبداً، وكيف يمكن أن يكون هناك بدعة حسنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة).

    السائل: يستدلون بكلام عمر؟

    الشيخ: دعك من كلام عمر، هل تجد كلاماً أبلغ من كلام رسول الله؟ لا تجد، وهل تجد أحداً أعلم من الرسول بالشريعة؟ لا. وهل تجد أحداً أنصح من الرسول؟ لا. إذاً يقول: (كل بدعة ضلالة ) وأما قول عمر: [نعمت البدعة هي] حينما أقاموا قيام رمضان على إمام واحد، فالمراد البدعة بعد أن تركت؛ لأنك تعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في رمضان ثلاث ليال ثم تخلى، وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم) فكونه يقيم بالناس ثلاث ليال ويتأخر في الرابعة خوفاً من أن تفرض، يقال: إن هذا الخوف الذي خافه الرسول انتفى بموته عليه الصلاة والسلام فما بقي خوف لكن في عهد أبي بكر كانت المدة قصيرة خلافته سنتان وشهران وأيام، وصار الناس باقون على ما كانوا عليه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، يصلي الرجل وحده ومعه الرجلان والثلاثة، وكذلك في أول خلافة عمر ، ثم إنه رضي الله عنه أمر تميماً الداري وأبي بن كعب أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة على إمام واحد، فخرج يوماً وهم يصلون فقال: [نعمت البدعة هذه] فهي بدعة باعتبار أنها تركت، ثم جددت، بدعة مجددة.

    حكم صلاة ركعتين بعد الوتر

    السؤال: بالنسبة للركعتين الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصليهما بعد الوتر آخر الليل؟

    الجواب: كان يصلي أحياناً ركعتين جالساً بعد الوتر لكنه قال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) فمن قدم قوله على فعله قال: لا نقتدي بالركعتين هذه؛ لأنه إذا تعارض قول الرسول وفعله، قدمنا قوله، وعلى هذا فلا نصليها، ومن قال أنهما ركعتان تابعتان للوتر والرسول لا يفعلهما دائماً، قال: إنه لا بأس بفعلهما أحياناً ولهذا جعلهما النبي عليه الصلاة والسلام دون الوتر، الوتر يوتر قائماً وهذا يصلي ركعتين قاعداً، حتى تكون للوتر بمنزلة الراتبة لصلاة الفريضة، فالإنسان إذا فعلهما أحياناً فلا بأس، وإن تركهما فلا بأس.

    السائل: وإذا صلى ركعتين هل يصلي ركعتين قبل صلاة الفجر؟

    الشيخ: الركعتان التي قبل صلاة الفجر هذه راتبة الفجر ليس لها دخل في الوتر، ولا تكون إلا بعد طلوع الفجر، والركعتان اللتان بعد الوتر قاعداً هذه قبل الفجر.

    الجمع والقصر في السفر

    السؤال: سافرت من بلد إلى بلد آخر، وبقي على البلد هذا مثلاً خمسة عشر كيلو وأدركت الوقت، هل يحق لي أن أجمع؟

    الجواب: ما في مانع، اجمع واقصر.

    السائل: لما أصل مثلاً إلى البيت الذي أسكن فيه يبقى عليها مثلاً نصف ساعة أو ربع ساعة؟

    الشيخ: ما في مانع أنت أديت الواجب الذي عليك وانتهى.

    السائل: والعكس إذا قدمت إلى البلاد التي أنا فيها؟

    الشيخ: إذا قدمت إلى بلدك ما في بأس أيضاً، لكن إذا كان البلد الذي ستقدم عليه هو بلدك، فلا تجمع، اقصر ولا تجمع.

    السائل: ما أدري هل أدرك الوقت أم لا؟

    الشيخ: المهم أنا قلت: إذا كنت تعرف أنه ما بقي على البلد عادة إلا نصف ساعة، والوقت باقي ساعتين كنا نقول: الآن لا تجمع؛ لأنك سوف تصل مبكراً وتصلي الصلاة بوقتها، ولو جمعتها فلا بأس، لكن الأفضل ألا تجمع.

    وإلى هنا ينتهي هذه اللقاء وإلى لقاء آخر إن شاء الله، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756017615