الحمد لله ذي الجلال والإكرام، الجبارِ الذي لا يُرام، والعزيزِ الذي لا يُضام، والقيومِ الذي لا يَنام، له الأسماء العظام، والأفعال الكرام.

أشهد أن لا إله إلا هو، الواحد الذي لا شريك له، والأحد الذي لا ندَّ له، له الملك وله الأمر وله الحكم وهو على كل شيء قدير.. يعز ويذل، يغني ويُفْقِر، يحيي ويميت، ينصر ويهزم، كل شيء بأمره وتحت مشيئته وحكمته، وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً عبدُ الله ورسوله، وخيرته من خلقه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، ومن سار على دربه إلى يوم الدين.

أما بعد:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

أيها الإخوة: (الآن نغزوهم ولا يغزونا) هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة الأحزاب، قالها بعد التحالف الوثني اليهودي أمام جند الله، أمام الريح العاتية التي زلزلتهم: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ [المدثر:31] تلك الرياح التي أوهنت قواهم، وملأت قلوبهم بالرعب، فقال عليه الصلاة والسلام: (الآن نغزوهم ولا يغزونا) أي: لن يجرؤ بعد اليوم على أن يغزو المسلمين كافرٌ.

وأنا أقولها لكم وبملء فمي: لن تجرؤ أمريكا بعد الذي ذاقته من أبطال العراق وصناديده على غزو بلد مسلم أو غير مسلم بعد اليوم.

وكم يهزنا الشوق إلى أن نرى أمريكا خَرِبَة ولو مِن بعيد، ونردِّد ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حين أشرف على خيبر فقال: (الله أكبر! خَرِبَت خيبر ) فنقول: الله أكبر! خَرِبَت أمريكا ، الله أكبر من كل كبير! وأعظم من كل عظيم! الله أكبر وأعظم وأجل وأحكم وأقوى من كل التحالفات والعَدَد والعُدَّة!

أيها الإخوة: من كان يظن أو يخطر في باله أن يحدث ما حدث؟!

من كان يتوقع أن يُمَرِّغ أبناءُ الرافدين أنفَ أمريكا في التراب؟!

من كان يحلم ولو في الخيال أن يضرب العراقيون قفا وظهر أمريكا بأيديهم وأرجلهم، وأن يدوسوا على خدَّيها بأحذيتهم البالية؟!

من كان يتوقع أن يُسْقِط فلاحٌ عجوز كبير طائرةً صُمِّمت لمواجهة قذائف الدبابات؟!

من كان يظن أن فتاة تعطِّل قافلةً أمريكية من دخول بلدها ومدينتها؟! من كان يظن أن صواريخهم تُسقِط طائراتهم؟!

من كان يظن أن طائراتهم يصدم بعضُها بعضاً؟!

من كان يظن أن يقتُل الجنودُ الأمريكيون بعضُهم بعضاً؟!

من كان يظن أن الريح العاتية تهب على الغزاة الشُّقْر فتسومُهم سوء العذاب؟!

إنها البدايات فقط، والقادم أحلى وأروع! إنها الملاحم ورب الكعبة! إنها البطولة ورب السماء والأرض! إنها البشارات التي تنتظر أمة الإسلام بعد سنوات من الذل والقهر والانكسار، والتي جاءت لحظة الحسم الكبرى!

أبطال النصر القادم

أمريكا قوة وهمية

إرهاصات لفشل أمريكا

رأينا الخير الكثير حين علَّمنا العراقيون درساً لا يُنسى.. لقد كانوا يتوقُون ومنذ سنوات إلى الخلاص من حاكمهم الطاغية وزمرته، وكانت تلك هي أعز أمانيهم، وهي غاية مقصودهم؛ ولكنهم في لحظة البطولة والتجرد داسوا على مصالحهم، وعلى عواطفهم، وعلى أمنياتهم بأقدامهم، وقدموا درساً بليغاً للأمة كلها حكاماً ومحكومين، وأعلنوا أنهم جزء من الأمة لا يتجزأ، وأنهم يفرحون لفرح الأمة، ويبكون لبكائها، وأن شعارهم هو: الدم الدم، والهدم الهدم.

لقد رأوا أمريكا وهي تدعم إسرائيل، وتَلَغُ في دماء إخواننا فكرهوها، وهي التي جاءت لهم بالمن والسلوى.. كرهوها من أجل إخوانهم في فلسطين ، ومن أجل إخوانهم في أفغانستان ومن أجل إخوانهم في كل مكان، فداسوا على مصالحهم الشخصية بعد أن كانوا يتمنون الخلاص من حاكمهم، وعادوا ليتَّحدوا خلفه في مقاومة المعتدين الذين أعلنوا مراراً وتكراراً أنهم قادمون من أجل حرية العراقيين.

إنه درس لكل من ينظر إلى مصالحه الخاصة، أو مصالح بلاده العليا كما يقال، حتى ولو كانت على حساب شعب مسلم أو بلد مسلم. إن المصالح العليا هي مصالح المسلمين في كل مكان، وليست مصالح بلد دون آخر، إن مصلحة أي مسلم في أقصى الدنيا هي مصلحتي هنا، ومصلحتي هنا هي مصلحته هناك، إننا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.

هكذا علمنا الإسلام، وهكذا قال لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

فلماذا لا يفهم أولئك؟!

لماذا لا يفهم المسلمون والمسئولون في كل مكان هذا المعنى الإسلامي الرفيع؟!

لماذا لا يطبقونه على أرض الواقع؟!

بل لماذا يتنصل قومٌ من مبادئهم ويؤيدون ما يحدث على العراق ؟!

لماذا يصمت البعض؟! ولماذا تتلوَّن المواقف ونحن والعراق شعب واحد، إن هُزِموا هُزِمنا، وإن انتصروا نُصِرنا؟!

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

أما بعد:

أيها الإخوة: الواجبات علينا كثيرة:

أولها: العودة إلى الله والتوبة والرجوع إليه.

ثانيها: اللجوء إلى الله، وكثرة الدعاء في كل وقت، وكثرة التضرع إليه بأن ينصر إخواننا ويهزم أعداءهم.

ثالثها: التبرع والمساندة والدعم عبر المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تهب لمساعدة ومعاونة إخواننا في العراق .

أما رابعها وخامسها وسادسها، بل وعاشرها إلى آخر الواجبات: فهو الحرص على التآلف والوحدة، والحرص على التعاون والتعاضد على الخير، وتحقيق الوحدة بين أفراد المجتمع، ونبذ الخلافات، وعدم الاستماع إلى ما يُكتب أو يقال أو يتلى علينا، فإن ثَمَّة محرضين على التصرفات غير المنضبطة وغير المشروعة، وقد قرأتُ في صفحات الإنترنت كلاماً خطيراً يبيح دماء المسلمين، ويأمرهم بأن يعيشوا حالة من الفوضى والفرقة والتبعثر، ونعوذ بالله أن يكون هذا هو الإسلام، أو أن نسير على هذا الدرب، نعوذ بالله من ذلك!

الوحدة ثم الوحدة أيها الإخوة! ونسأل الله أن يحفظ المسلمين من كل سوء وشر ومكروه.

عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله، فقد أمركم بذلك ربكم فقال عز من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن سار على دربه واستن بسنته إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين.

اللهم عليك بالصليبيين، اللهم عليك باليهود، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك.

اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.

اللهم فرج هموم المسلمين، ونفس كروبهم، اللهم احقن دماءهم في كل مكان، اللهم وحد صفوفهم، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين، ويا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دِقَّها وجُلَّها، أولَها وآخرَها، سرَّها وعلانيتَها.

اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير.

اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم وحد صفوفهم، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.

اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك، اللهم اهده بهدايتك يا رب العالمين.

اللهم أصلح له البطانة، اللهم أصلح له البطانة، اللهم أصلح له البطانة.

اللهم تب علينا يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين.

اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلى أن تقبلنا في عبادك المجاهدين، وأن ترزقنا الشهادة في سبيلك يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين.

اللهم أنت ربنا ومولانا نسألك أن تتقبل منا أعمالنا.

اللهم استجب دعاءنا، اللهم استجب دعاءنا، اللهم استجب دعاءنا.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.