إسلام ويب

أخطار تهدد البيوتللشيخ : نبيل العوضي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأخطار التي تهدد البيوت: الخمور والمخدرات، فقد تفشت ودخلت كثيراً من البيوت، حتى إن بعض البنات يغلقن على أنفسهن غرفهن بالمفاتيح خوفاً من آبائهن الذين صاروا في حالة سكر لا يعرفون معها ماذا يعملون، وكذلك المخدرات التي قد أدمن عليها الكثير من الأبناء والبنات والآباء. ومن الأخطار أيضاً: السحر، حيث يستخدم في التفرقة بين الزوج وزوجته، وبين الوالد وولده. ومن الأخطار أيضاً: التلفاز والدش اللذان عم فسادهما في الأمة .

    1.   

    الأخطار المحدقة بالبيوت

    إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

    أما بعـد:

    فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    أيها الأخوة الكرام: حديثنا في هذه الخطبة عن بيوتنا وأسرنا، وعن هذه الأماكن التي نعيش فيها.. كيف نعيش؟! وما هي الأخطار التي تهددها؟!

    عبد الله: قبل أن أبدأ بالكلام عن هذه الأخطار والمصائب التي داهمت بعض البيوت، إياك ثم إياك أن تجيبني فتقول: الحمد لله! بيتي خالٍ من هذه الأمور.. الحمد لله! لم أر كل هذا في بيتي، لا تقل ولا تجب بهذه الإجابة فإنك من بيت جارك قريب، وابنك يلعب مع أبناء الجيران؛ بل يدرسون في مدرسة واحدة.. ابنك مع ابن فلان وابن فلان، بل إنك تعيش مع البيوت التي بجوارك عيشاً واحداً.. ابنك معهم، وابنتك مع بناتهم، وزوجتك تزورهم ويزورونها.

    عبد الله: إن ما يحدث في بيوت كثير من المسلمين لمصائب خطيرة، لا نستطيع السكوت عنها، بل لا يستطيع أحد منا أن يصبر عليها، وسوف نتكلم عن جزء يسير عما يحدث في بعض بيوت المسلمين، وإلا فلو استرسلنا لطال بنا المقام، فالمعاصي التي بدأت تدخل بعض البيوت، سوف نتكلم عن جزء وطرف منها

    الخمور والمخدرات تهدد البيوت

    أولاً: ما داهم بعض البيوت من الخمور والمخدرات والمسكرات، ولا أتكلم عن خيال، بل يأتيني بعض الشباب في هذا المسجد يشتكي لي من سلات المخدرات، تدخل دور الأحداث، وسلوا المتخصصين وأهل الأمن: هل هي منتشرة أم لا؟ بل إن بعض أبناء المصلين قد أصابهم هذا الداء.. داء ومرض تشتكي منه الدول العظمى قبل الدول الصغرى، يحاولون حربه والتخلص منه، يطبقون أقصى أنواع العقوبات ولكنه ينتشر، يمنعونه بكل الوسائل لكنه يفشو، يحاولون حربه لكنه ينتصر.. هل تعرفون ما الحل؟! لا حل في نجاتنا من هذه المخدرات ودائها وانتشارها حتى في هذا المجتمع إلا بالدين، وبالرجوع إلى المساجد، وبقراءة القرآن.

    اجلس مع بعض الشباب في تلك الزوايا وفي تلك الأماكن المظلمة، وسلهم عم يصيبهم وعم يعانون منه؟

    يقولون لك: المخدرات لا نستطيع التخلص منها؛ بل إن هناك بعض صغار السن قد أصيبوا بهذا الداء، كان في البداية هزلاً ومزاحاً، وكان يلائم أصحابه ويسايرهم ولكنه بعد هذا أصبح إدماناً، ثم لا تسل عما يحدث بعد المسكرات والمخدرات من جرائم، بعض البنات في بعض البيوت وقد سمعنا هذا من الثقات يقولون: إنهن يغلقن على أنفسهن الباب بالمفتاح خوفاً من آبائهن وإخوانهن، تعلمون لِمَ؟ لأن الآباء في حال السكر لا يعرفون ماذا يفعلون!!

    عباد الله: إنها بيوت قريبة لو كنا نعلم.. إنها بيوت بدأت تنتشر ونحن لا نشعر، هذا أول داء هدم كثيراً من البيوت، حتى أصبحت بعض النساء تذهب خارج البيت تبحث عن المال؛ لأن الأب قد أنفق جميع معاشه على المخدرات، بل استدان واقترض مالاً في سبيل المخدرات، لأنه لم يستطع أن يتخلص منها، بل إن بعض الرجال يسرق مال زوجته وذهبها ليشتري به المخدرات، بل إن بعض الرجال قد فصل من العمل، وطرد من الوظيفة، وجلس في البيت وتجولت امرأته في الطرقات تبحث عن مال تطعم به أولادها وأطفالها وتحفظ به نفسها، ثم بعد هذا باعت عرضها، فدمرت البيوت، هل تعرفون ما البداية؟

    البداية: أن صاحب سوق دخل البيت، أو تعرف عليه الولد في المدرسة، أو صاحبة سوق تعرفت عليها البنت في الثانوية، أو في الأسواق، أو مع الجيران، وكانت في البداية حبة صغيرة وضعت في كأس من البيبسي أو الماء أو العصير فتلذذت به وتلذذ بها، ثم الحبة تلتها أخرى، ثم أصبح الأمر إدماناً، ثم تهدمت البيوت، هذه معصية من المعاصي، وهي كثيرة سوف نسرد بعضها.

    السحر وتدميره البيوت

    عباد الله: إن مما يدمر بيوت المسلمين هو ما يحدث في هذه البيوت من السحر والكفر بالله العظيم، حتى أصبح كثيراً من الناس يشتكي ويقول: لا أستطيع أن أجامع زوجتي، والولد يشتكي من مرض لا سبيل له، والأم تشتكي من الزوج، حتى إن بعض الناس قد يذهب إلى بلاد أخرى ليفك سحره بسحر آخر، بل أتاني كثير من الناس، بل للأسف بعضهم من المصلين يعطيني أوراقاً يشتكي منها.. ليس فيها إلا طلاسم وسحر وشعوذة، فماذا كانت النتيجة؟ الانفصال عن زوجته.

    نعم! إن للسحر حقيقة: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102] لا يراقب أحد منا من يدخل بيته، ولا يحذر مِمن يدخل بيته، فعندما يدخل فلان وتدخل فلانة، يضعون الأوراق وتلك الخرزات، ويشرب هو من بيت الجيران أصحاب سوء الذين لا يعرفون ذكر الله ولا الصلاة، أو يأخذ بعض الخيوط، أو يشتكي من فلان، والمصيبة أن هذا الرجل قد يكون صاحب دين لكنه من أفجر خلق الله؛ بل لعله يكفر بالله العظيم.

    عباد الله: إن ما يحصل في كثير من البيوت، نعلم عنها ويعلم عنها بعض الناس، ويدخل إلى هذا المكان ويشتكي لي أنه قد طلق زوجته، وأن المرأة قد هربت من البيت، وأن البيت قد ضاع، والأولاد قد تركوا البيت أكثر من شهر وشهرين، وأن البيت قد انهدم.. كل هذا كان بسبب ورقة، أو بسبب خيط، أو بعض الخرزات، أو بسبب فلانة الساحرة التي كانت تتردد على البيت، يقول: أستحي أن أطردها.. سبحان الله! الآن تجرع مرارة هذا الحياء.. الآن تحمل عقوبة هذا الذنب الذي ارتكبته؛ أنك سمحت لها أن تأتي إلى هذا البيت، بل والله لو كانت من أقرب الأقربين، أو من أقرب الأرحام، فلتطرد من البيوت.

    حد الساحر -يا عباد الله- القتل؛ لأنه لا يستحق الحياة على وجه هذه الأرض، لأنه يفرق بين الناس، ولأنها تفرق بين الخلق.

    التلفاز والدش وتدميرهما للبيوت

    ومن المنكرات التي دخلت بيوت كثير من المسلمين وهم لا يشعرون ولا يأبهون بها: هذا الجهاز الخبيث الذي يسمى (التلفاز) الذي جلب لنا بعده الفيديو، ثم صار الأمر أخطر من هذا وأكبر وأعظم، حتى ركبت الصحون على البيوت، وهذا البث المباشر الذي ملأ كثيراً من أسقف المسلمين، فيعرض فيه وينشر من خلاله العهر والدعارة والعري والفسق والمجون، ثم يقوم ويشتكي رب الأسرة، ويقول: لا أستطيع أن أرد الأولاد، ثم يشتكي ويقول: لو لم أشتره لاشتروه ووضعوه فوق البيت.. كيف أصبحت رباً للأسرة؟! ألست راعياً ومسئولاً عن رعيتك؟! يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6] هل هكذا تقي أهلك وأولادك وبناتك من النار؟!

    عبد الله: كن عاقلاً.

    يا عباد الله! إن هناك من الصحون (الدشوش) في هذا الزمان ما لا يحتاج رب الأسرة إلى أن يضعه فوق السطوح؛ بل في الغرفة، ثم تأتي لك بجميع البرامج من جميع أنحاء العالم، لتختر منها ما تشاء، ولتضع يدك على الزر الذي تختاره، فتأتيك تلك الأفلام والمسلسلات الماجنة الخليعة.. من الذي ينظر إليها؟ إنها ابنتك، وأختك، وزوجتك، وجارتك، وبنت عمك.

    وإن لم تمنع هذه الصحون (الدشوش) من البداية، وإن لم تقطعها من دابرها، فسوف تصبح كالتلفاز، كما أننا الآن لا نستطيع أن نمنع (التلفاز) وقد كان فيمن كان قبلنا رجال صالحون إذا قيل لهم: أدخلوا (التلفاز) في بيوتكم؟ قالوا: كلا ولا. لن ندخل (التلفاز) إلا على قطع رقابنا؛ ولكن البلاء قد انتشر، والآن عندما يقال للصالحين: أدخلوا الصحون (الدش) في بيوتكم، وهذا البث المباشر يقولون: لا والله! لا ندخله إلا على قطع الرءوس، فنحن إن سكتنا على هذا المنكر، وإن انتشر في البيوت التي بجوارنا فسوف يدخل بيوتنا، بل إن بعض (الصحون) لا تنقل هذا البث في بيتها فقط؛ بل حتى في البيوت المجاورة، فيضع الفاسق أو الماجن بثاً مباشراً على سطح بيته فينتقل هذا البث إلى بيوت الجيران من غير أن يشتروا هذه الدشوش.

    عباد الله: عندما نقلب الصفحات والجرائد نتعجب من شاب عمره ثلاث عشرة سنة يسرق ويقبض عليه سارقاً للذهب والمجوهرات! أو عمره خمس عشرة سنة قبض عليه وهو يتعاطى المخدرات! أو بنت عمرها ست عشرة سنة تبيع ذهب أمها ثم تسافر إلى خارج البلد وتهرب! أو عمرها ثماني عشرة سنة هربت من بيت أبيها ولم يجدها إلا بعد شهر!

    ونتعجب كيف يتعلم ذلك الشاب كيف يسرق من الناس الذهب والسيارات والبيوت والمجوهرات والخزائن؟!

    بل نتعجب كيف تعلمت هذه البنت الصغيرة كيف تخرج من بيت أبيها وأمها؟!

    أتعلمون ما هو السبب؟ أو ما هو الطريق؟

    إنه ذلك الجهاز الذي اشتريته بمالك وكدك وجهدك ثم وضعته في البيت، ثم بعد هذا لا تسأل يا عبد الله: كيف حصل للبنت كذا؟ أو كيف تعلم الابن هذا؟ فأنت المسئول عند الله جل وعلا يوم القيامة.. سائلك عن ولدك، وعن زوجتك، وعن أهل بيتك، وعن من تمولهم وتعولهم، يسألك الله عنهم يوم القيامة: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:8] سائلك عن مالك من أين اكتسبته؟ وفيم أنفقته؟ وسائلك عن بيتك هل حفظته أم لا؟

    عبد الله: التفت قليلاً إلى بيتك، وارجع قليلاً إلى أهل بيتك، واجلس معهم وفتش في أهل بيتك عن هذه المنكرات، ولا تقل يا عبد الله: كل الناس مثلي وكل الناس يفعلون ما أفعل وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103].

    أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    رب الأسرة هو المسئول الأول عن بيته

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

    أما بعــد:

    ما ذكرناه -أيها الإخوة- إن لم يكن في بيتك فاحمد الله، وسل الله العافية، واحرص على أهل بيتك واحفظهم.

    ولكن أخبرك أن كثيراً من البيوت قد دخلها ما أقول! بل قد تجد المصلي الراكع الساجد يأخذ ابنته كاشفة شعرها ووجهها، ويخرج بها إلى الطرقات، وينزلها في الأسواق، لتذهب وتشتري وترجع، بل أقسم بالله أنني رأيت بعيني أباً كبيراً في السن من أهل الخير والصلاح تسير ابنته خلفه في الأسواق، كاشفة متعطرة متبرجة، يتبعها الرجال ولا يلتفت إلى ابنته.. أي دياثة أعظم من هذه؟! بل أي انطفاء للغيرة بعد هذا؟!

    عباد الله! يصبح الأمر إلى أن كثيراً من المصلين يسمح لابنته أن تخرج إلى المدرسة بلباس فاضح.. مع من تذهب؟ لا أدري.. متى ترجع؟ اذهبوا فاسألوها، إن شاء الله هي شريفة وعفيفة، ترجع من المدرسة إلى البيت وقد نظر إليها وافترسها مئات من الذئاب، وهو لا يعلم، أتعرفون ماذا يعرف؟ أو فيم يتعلم؟ أو على ماذا يجلس ويقوم؟ على الدينار والدرهم، أو على ماذا يسافر؟ ولماذا يرجع؟!

    أيها الآباء! احرصوا على بناتكم

    عباد الله! لا نريد أن نكون في هذه الخطبة صريحين أكثر من هذا، فليفتش كلٌ منَّا بيته.

    عندما تدخل البنت البيت وعمرها أربع عشرة سنة، والمصيبة أنه يقول: جاهلة لا تعرف؛ ولو أنها تزوجت لأنجبت كثيراً من الأولاد، وهو يقول: إنها صغيرة ومسكينة، تدخل إلى البيت، وتأتي بالهاتف، وتدخل الغرفة وتغلق على نفسها الباب، وتتكلم الساعة والساعتين.. مع من تتكلم؟ تضحك عليك وتقول: مع الزميلة والصاحبة، حتى لو كانت الزميلة والصاحبة لِمَ لا تتكلم أمام الوالدة وأمام الوالد؟ ولماذا تكون المكالمات أكثر من ربع ساعة أو نصف ساعة؟ أي مكالمة هذه التي تستدعي كل هذه المدة، وتستدعي أن تغلق على نفسها الباب، وتستدعي ألا يكون في البيت إلا جهاز واحد؟

    عباد الله: لنكن عاقلين وصريحين مع أنفسنا، لماذا هذا التقصير؟! لماذا هذا التهاون؟! أصبح الأب لا يرجع إلى بيته إلا في منتصف الليل؟! أين كنت؟ في المجالس.. ماذا تفعل؟ أتحدث.. نقضي الوقت.. يرجع لينام، ثم يقوم ويخرج، وإذا سألته عن التربية؟ قال: الحمد لله! يأكلون أحسن الأكل، ويشربون أحسن الشراب، ويلبسون أحسن الملابس، وكلهم أوائل في الدراسة، فهل هذه هي التربية فقط؟!

    عبد الله: إن أعظم التربية هي تربية الدين والإيمان.. تعلمهم الصلاة، تمنعهم من هذه الأمراض، تعلمهم حسن الأخلاق، وتحذرهم من أصحاب السوء، ومن المنكرات والمعاصي.

    لقد أصبح بعض الدعاة إذا خاطب امرأة وقال لها: اتق الله واستتري، ترد عليه وتقول: وأنت ما دخلك؟ ولست مسئولاً عني، وماذا تريد؟ ما الذي جعلها ترد بهذه الكلمات وبهذه الجرأة؟!

    إنهم أولئك أشباه الرجال الذين سمحوا لها أن تخرج من البيت كاشفة عارية ولا يسألون عنها، بل إن بعض البيوت وصل بها الحال إلى أن المرأة هي التي تأمر وتمنع الرجل! وهي التي تأتي بالمال لتصرف على البيت! أي بيوت هذه البيوت؟! إذا كنا -ولنقلها صريحة- نسير خلف طريقة أهل الغرب والكفر والعربدة ونتبع سنن الذين كانوا قبلنا من اليهود والنصارى فلنقلها صريحة.

    أما هم! فالأم تبيع ولدها في دور الحضانة تبيعه بيعاً لتطلب منه الثمن.

    أما هم! فالزوج يأتي بصديقته داخل البيت، والزوجة تأتي بعشيقها داخل البيت.

    أما هم! فلا يعرف أمه إلا في يوم واحد في السنة (في عيد الأم) يأتي ليطمئن على أمه هل هي لا زالت حية أم لا؟

    أما هم! فالأم تقتل ولديها في سبيل عشيقها.

    أما هم! فلا يعرفون بيتاً ولا أسرةً ولا راحةً ولا سكناً، يعملون اختباراً للجيش في بعض بلاد الغرب التي نتأسى بها ونسميها دولة حضارية ودولة مدنية، من كل سبعة يستثنى ستة ولا يبقى إلا واحد.. تعرفون لماذا يستثنون؟ لأن فيهم أمراضاً جنسية ووبائية تنتشر، من كل سبعة ستة، وقد أجريت إحصائية في سنوات ماضية قديمة في ثانوية بنات، فوجد أن أكثر من ثلث الثانوية قد حملن بطريقة غير شرعية، وأما البقية فلا يعني أنهن عفيفات! لا. إنما نجحن في تناول حبوب منع الحمل فلم يصبن بالحمل.

    عباد الله: لنكن صادقين، يأتيني شاب في صبيحة عرسه يبكي عندي وتتساقط الدموع من عينيه، أقول: ما الذي جرى؟ يقول: لا أستطيع أن أتكلم، يقول: زوجتي بنت عمي دخلت عليها في الليلة الماضية فاكتشفت أنها ليست بكراً، وأول من يتزوجها أنا، واتضح لي الأمر أنها كانت تعاشر الرجال قبلي، وكأنه يريد أن يبكي دماً، يقول: لم أكن أصدق.. ماذا أفعل؟ أريد أن أقتلها بفتوى واحدة.

    عباد الله: أتعرفون أبنت من هذه؟ إنها بنت الجيران إن لم تكن بنتك.. بيوت أهل الحي إن لم يكن بيتك.. إن لم يكن بيتك قد وصله بعض هذه المنكرات فإنها بيوت الأقربين والقريبات.

    عباد الله: لنكن حازمين في البيت، المنكر لا نسمح به، وصاحب السوء لا يدخل البيت، والذي لا يصلي والتي لا تصلي لا نسمح لهم بدخول البيت.

    نعم يا عباد الله! هكذا نكون حازمين، فهذه الأجهزة الخبيثة الخليعة، إن كنت رباً للأسرة ومسئولاً عنها فأخرجها من البيت.. ماذا سيحدث؟!

    الحمد لله! إن كثيراً من البيوت في هذه الأيام لا يدخلها (التلفاز) ولا ينتقد أحد.. هل عاشوا في ظلام كما يقولون؟! هل عاشوا في جهل؟! لا والله، هم أعلم وأفقه وأحفظ الناس في دينهم وأعراضهم، هل عاشوا في كآبة وضيق ونكد؟! لا والله، بل هم أسعد الناس في البيوت.

    نختم بهذه القصة: كان رجل كبيراً في السن، قد أدخل على بيته التلفاز، وكان يعيش في سعادة، ولم يكن يعلم ما العاقبة؟ فتوفاه الله عز وجل، ولما مات رآه صاحب له في المنام، يقول: كنت نائماً في المسجد، فرأيت فلاناً الذي توفي قبل فتره، رأيته في المنام، ووجهه قد اسود وقد تعذب، نظرت به يستغيث بي يقول: يا فلان! أنقذني، قلت: ما الخبر؟ قال: أخرج التلفاز الذي وضعته في البيت، قال: فانتبهت له، فرجعت مرة أخرى للنوم ثلاث مرات، قال: فرأيت نفس الرؤيا، قال: ففزعت من النوم وذهبت مسرعاً إلى بيت صاحبي، قال: فطرقت الباب، واستقبلني أولاده، فجلست معهم، وقلت لهم: أيها الأبناء! لو علمتم أن أباكم قد دخل النار أكنتم تفتدوه بماذا؟ قالوا: بجميع أموالنا وبجميع ما نملك، قال: إن أباكم قد أتاني في المنام وقال لي كذا وكذا، فإن شئتم فأخرجوا هذا التلفاز إن شئتم رحمة أبيكم، وتفكوه من هذا العذاب فأخرجوا هذا التلفاز.. البلاء والداء والشر، ومكر الخبائث، وهو مروج الدعارة في كثير من البيوت -لا نقول كلها- فأخرجوا ذلك التلفاز، وبكوا بكاء شديداً وهم يكسرون هذا التلفاز رحمة بأبيهم.

    رحمة بأنفسنا -يا عباد الله- وبأولادنا وزوجاتنا، رحمة بأهلينا، وأقاربنا، نمنع هذه المنكرات.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداءك أعداء الدين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر.

    أقول هذا القول، وأصلي وأسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756191808