إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. أحمد حطيبة
  5. شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان 1426ه
  6. شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - ما جاء في صيام النذر والصيام الممنوع

شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - ما جاء في صيام النذر والصيام الممنوعللشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الدنيا بكل ما فيها من نعم لا تساوي شيئاً أمام الجنة التي أعدها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام. إن من الصيام ما لم يوجبه الله، لكن الإنسان قد يوجبه على نفسه بنذر أو نحوه، فيجب عليه أن يفي به، وإذا لم يطقه أو كان في معصية فليكفر كفارة يمين، وإذا كانت المرأة مع زوجها فلا تصم تطوعاً إلا بإذنه، وإن الله لما شرع هذه العبادة العظيمة وهي الصيام، جعل لها ضوابط، فمنه كإفراد الجمعة بالصيام، وجعل فيها محرمات كصيام يوم الشك، ليتعبد العبد لله بفعل الحلال واجتناب الحرام.

    1.   

    من فضائل الصيام

    الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    تكلمنا أن في صيام النافلة ثواب عظيم جداً, وجاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام أحمد عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام وألان الكلام وتابع الصيام، وصلى والناس نيام)، هذا الحديث الصحيح العظيم عن النبي صلى الله عليه وسلم يجعلنا نتذكر ونعتبر أن الإنسان مخلوق في هذه الدنيا لهدف عظيم وهو عبادة الله عز وجل، ولغاية عظيمة وهي أن يصل إلى جنة الله عز وجل, والحديث المذكور فيه تبشير للمؤمنين وتذكير لهم, ويجعل الإنسان كأنه بعقله وقلبه في جنة الله سبحانه تبارك وتعالى, يريد أن يصل إليها بأي عمل من الأعمال يرضي به ربه سبحانه, ويغتنم الأيام والليالي العظيمة التي في شهر رمضان وغيرها من الليالي والأيام التي يستحب فيها الإكثار من الخير.

    عظمة بناء الجنة وغرفها

    قال صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة غرفة -وفي حديث آخر-: غرفاً) أي: ليست غرفة واحدة، فكلمة (غرفاً) اسم جنس، وهذه الغرف أعدها الله عز وجل للمؤمنين، ومعنى الغرفة: المنزلة العالية في الجنة, وهذه المنزلة العالية فيها القصور, وفيها البساتين, وفيها مالا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر, وأعد الله عز وجل للمؤمن هذا النوع من أنواع الثواب: وهو الغرف العالية التي يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها, ولعلك وأنت تبني بيتاً تتمنى أن يكون هذا البيت بيتاً عظيماً، وتتمنى وأنت خارج هذا البيت أن ترى ما بداخله أنت وحدك فقط, فالجنة قصورها لبنة من ذهب ولبنة من فضة, وإذا نظرنا إلى الذهب والفضة في الدنيا فإنه شيء ثقيل كثيف يحجب ما وراءه, لكن في الجنة يكون البيت من لؤلؤة, بل يكون من ذهب أو فضة, ويجعل الله العبد المؤمن يرى ما بداخله وهو في خارجه, فيستمتع وهو في الخارج بالثمار والبساتين وبما يشاء، وإذا أراد أن ينظر إلى زوجته من الحور العين بداخل القصر ينظر إليها ويراها, وهذا نعيم مقيم عظيم وهو لمن كان من المؤمنين من الرجال أو من النساء الذين يفعلون ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم, حيث قال: (أعدها الله لمن أطعم الطعام)، أي: لمن يطعم الفقراء والمساكين، ويهدي لأصدقائه وأحبائه، ويصل أرحامه، ويطعم الصائمين فيفطرهم ويفعل الخير, وقوله: (وألان الكلام)، أي: وكان كلامه ليناً طيباً لا تنفير فيه, بل كلامه يحبب الخلق فيه, تراه منشغلاً بطاعة الله سبحانه وتعالى, وبذكر الله سبحانه وتعالى, فهو يكثر من الصيام, ويكثر من الصلاة.

    وقوله: (وتابع الصيام) بمعنى: صام نوافل كثيرة, وقوله: (وصلى والناس نيام)، أي: قام لله عز وجل مصلياً, وفي شهر رمضان قد تصلي مع الناس وترجع إلى بيتك, فانتهز الليل وصل فيه ركعات ولو خفيفات تصليها وحدك وأنت في جوف الليل لا يراك أحد, حتى تحصل على هذا الثواب وهذا الأجر, ولا تقل: أنا لست حافظاً للقرآن, بل اقرأ ولو بـ(قل هو الله أحد), فهذه سورة عظيمة وهي ثلث القرآن, فاقرأها مع الفاتحة, فهي سبع آيات، وهي المثاني وهي القرآن العظيم الذي أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أعظم سورة في كتاب الله عز وجل, أو اقرأ الفاتحة مع (قل يا أيها الكافرون), أو افتح المصحف واقرأ فيه إن شئت وأنت في صلاة الليل, فإذا فعلت ذلك فقد قمت بالليل والناس نيام، وحصلت على مثل هذا الأجر العظيم.

    فصلاة الليل صلاة عظيمة سواء صليت في أول الليل, أو في آخره, مع الناس أو والإنسان وحده، فهذا كله خير وحسن.

    1.   

    تعظيم أماكن العبادة

    احرص على أن تستعين بالله على الطاعة وأن تعين غيرك, وإذا وقفت في الصلاة فلا تضايق الناس ولا تزاحمهم, ولا تجعل الناس يقفون في الصف وهم متضايقون منشغلون لا يستطيعون الصلاة، صل صلاة طيبة واجعل غيرك كذلك, ولا تأت بأولادك إلى بيت الله إلا إذا كانوا يفهمون الصلاة كأن يكونوا في سن ست أو سبع سنوات، ويعرفون كيف يصلون، وأدبهم بآداب الصلاة، وعلمهم أن إذا وقفوا أن يصلوا مع الناس, وإذا تعبوا قعدوا, ولا تحضر بهم من أجل أن يلعبوا, وعلى النساء إذا جئن للصلاة فليصلين، وإذا لم يأتين للصلاة فلا يأتين المسجد, فإن المسجد والمصلى لم يعد للكلام الذي لا فائدة منه، بل أعد لذكر الله, فاقعدي لذكر الله أو لقراءة القرآن، واقرئي مثلاً (قل هو الله أحد) عشر مرات يبنى لك بيت في الجنة, أو قولي سبحان الله وبحمده مائة مرة تغفر لك ذنوبك ولو كانت مثل زبد البحر, وقولي سبحان الله وبحمده تغرس لك نخلة في الجنة, فإنما هي ساعة ونصف أو ساعتين تقعد بها في بيت الله عز وجل من أجل أن تأخذي أجراً لا أن ترجعي بوزر وآثام, فاتقي الله سبحانه وتعالى في نفسك وفي أولادك وفي أخواتك، واحذري من غضب الله سبحانه تبارك وتعالى.

    وقد جاء في الحديث أن هناك منزلة عظيمة في الجنة لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام, وستأتي فيما بعد إن شاء الله الأحاديث التي تتحدث عن صلاة التراويح وصلاة التهجد.

    1.   

    صيام النذر

    أنواع النذر

    إن من أنواع الصيام المفروض ما يكون الإنسان هو الذي فرضه على نفسه بنذر أو نحوه, وصوم النذر: هو أن المسلم أو المسلمة قد ينذران لله سواء كان النذر لشيء يحدث، أو بدون تعليقه على شيء، وهو ما يسمى بنذر التبرر, وهو جائز، كأن يقول المرء: لله علي أن أصوم ثلاثة أيام، هذا هو النوع الأول من أنواع النذر.

    وهناك نذر آخر يكون على وجه كأن فيه معاوضة، فيقول الإنسان: يا رب لو شفيت لي مريضي صمت لك ثلاثة أيام, وهذا النذر من النذر المكروه الذي يستخرج به من البخيل, لكن على كل لو أن الإنسان نذر لزمه أن يصوم النذر الذي نذره, وإذا نذرت المرأة صوماً فإما أن تكون قد نذرت بإذن زوجها وإما أن تكون قد نذرت بغير إذن زوجها, فإذا نذرت بإذن زوجها فيلزمها الوفاء في الوقت الذي نذرت فيه, وإذا كان النذر بغير إذن زوجها فيلزمها الوفاء أيضاً، وتستأذنه في الوقت، فإذا أبى في هذا اليوم تأخرت إلى يوم آخر تؤدي فيه هذا النذر الذي نذرته.

    نذر ما لا يطيق

    إن نذر صوم الدهر شيء مكروه، ففيه مشقة على المسلم، فلو أن إنساناً نذر صوم الدهر, واستحال عليه هذا الشيء لمرضه وضعفه، فهو هنا قد نذر ما لا يطيق، فليكفر كفارة يمين, وإذا أطاقه فيلزمه ذلك, وله أن يصوم يوماً ويفطر يوماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن صوم يوم وإفطار يوم أفضل الصوم, فهو أفضل من صوم الدهر كله.

    ولو أن المرأة نذرت هذا الشيء، فللزوج أن يمنعها؛ لأنه لم يتزوجها من أجل أن تصوم كل يوم, فإذا منعها فلا شيء عليها, فلو أن الزوج توفي لزمها الوفاء بهذا النذر, ولو كان الزوج حياً لكنه غير موجود بسبب سفر فيلزمها نذرها, وإذا طلقها الزوج رجع النذر مرة ثانية عليها, لكن إذا كان الإنسان لا يطيق النذر الذي نذره ولا يقدر عليه؛ لأنه مصاب بمرض في الكلى، أو مصاب بمرض السكر بحيث لا يقدر معه على الصوم, أو مريض بمرض في الكبد لا يقدر معه على الصوم، والأطباء منعوه من الصوم، فيلزمه كفارة يمين.

    وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (من نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً أطاقه فليف به).

    وهذا الصيام الذي تكلمنا عنه هو صيام النذر الواجب الذي يلزم الوفاء به، ولابد فيه من إذن الزوج قبل النذر, فلو نذرت وأذن لها الزوج أن تصوم لزمها الوفاء, ولو أنها نذرت نذراً طويلاً كنذر صوم الدهر فللزوج أن يمنعها من الوفاء به.

    1.   

    صيام التطوع للمرأة

    صوم التطوع لابد فيه من إذن الزوج, وله أن يأمر زجته بالإفطار، ولها أجر نيتها, فلو أذن لها الزوج فقال: صومي تطوعاً، ثم بعد ذلك قال لها: إني أريدك اليوم فأفطري فأفطرت فلها أجر نيتها، وإن كان الأفضل ألا يفعل ذلك.

    ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه -وزوجها شاهد: أي: حاضر موجود- ولا تأذن في بيته إلا بإذنه, وما أنفقت من نفقة من غير أمره فإنه يؤدى إليه شطره)، أي: أن المرأة إذا أرادت أن تنفق من مال زوجها فلابد من إذنه ولو إذناً عاماً, والإذن العام مثل أن يقول: لو فاض عندك أكل فتصدقي به, فإذا أنفقت وتصدقت فهي تؤجر وزوجها أيضاً يؤجر, مع أن الزوج قد لا يذكر هذا الذي قاله، ولكن الله يأجره على ما نواه قبل ذلك.

    1.   

    المتطوع إذا بدا له أن يفطر

    ومن دخل في صوم تطوع من رجل أو امرأة فيستحب له إتمامه، ويجوز له أن يأكل في هذا اليوم كما قدمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم (أصبح صائماً ثم قدمت له عائشة حيساً وقالت: هذا أهدي إلينا -والحيس: التمر المختلط بالسمن- فأكل النبي صلى الله عليه وسلم)، فيجوز للإنسان إذا كان صائماً صوم تطوع كصوم الإثنين والخميس, أو أي يوم من الأيام المستحبة، ثم بدا له أن يفطره أو كان مدعواً للذهاب عند إنسان ضيفاً فيجوز أن يفطر وله الأجر في ذلك, لأنه أكرم أخاه وأكل معه، وأجر على الصيام، ولكن يستحب ابتداء أن يقول : إني صائم, فإن رضي فليكمل صومه, وإذا كان قد تكلف من أجل حضور الضيف فليجبه إلى الطعام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي تكلف له الناس وقال إني صائم: (تكلف لك أخوك وتقول إني صائم)، فإذا تكلف لك فالأفضل أن تأكل عنده حتى لا يحزن، وهذا في صوم التطوع.

    1.   

    أثر النية الصالحة على الأعمال المباحة

    وفي الحديث الذي رواه البخاري عن أبي جحيفة يقول: (آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء).

    كان أبو الدرداء رضي الله عنه فقيهاً، ولكن سلمان كان أفقه منه, وإن سلمان نزل ضيفاً عند أبي الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذلة أي: في ثياب مهنتها وغير متزينة لزوجها، وكان هذا قبل أن يؤمر بالحجاب, فقال لها: ما شأنك, فقالت: أخوك أبو الدرداء ليست له حاجة في الدنيا, ولما جاء أبو الدرداء وصنع لـسلمان طعاماً، فقال له سلمان:كل, فقال: إني صائم, فقال: ما أنا بآكل حتى تأكل, فلما أصر سلمان وهو ضيف إذا بـأبي الدرداء يفطر ويأكل مع سلمان , ثم جاء الليل فذهب أبو الدرداء من أول الليل يصلي، وكان من عباد الصحابة رضي الله عنه، فقال له سلمان: نم ليس هذا وقته, ثم ذهب ليصلي, فقال: نم ليس الآن, فلما كان من آخر الليل قال له سلمان: قم الآن فصل -وكان سلمان يقصد بهذا الشيء أن يقول له: إذا كنت صمت اليوم كله وقمت من أول الليل إلى آخره فمتى ستتفرغ لزوجتك؟

    ثم قال: إن لربك عليك حقاً, ولنفسك عليك حقاً, ولأهلك عليك حقاً, فأعط كل ذي حق حقه، فأنت مخلوق لعبادة الله, وعبادة الله تكون بالصلاة وبالصوم, وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وبإعطاء الحقوق لأصحابها, ومن ضمن الحقوق حقك أنت، فجسدك له عليك حق, وزوارك لهم عليك حق, وزوجتك وعيالك لهم عليك حق, فأعط كل ذي حق حقه, وكأن هذا الأمر ضاق منه أبو الدرداء فذهب يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (صدق سلمان , صدق سلمان)، أي: إن الذي قاله سلمان هو الصحيح, فالإنسان إذا أراد أن يتعبد فلا ينسى أن حياته كلها عبادة, كما قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162]، فحياتك كلها لله, فأنت وأنت في بيتك تعبد الله, وفي مسجدك تعبد الله, وفي عملك تعبد الله, وفي الشارع وفي الطريق تعبد الله, فالحياة كلها تصبح عبادةً لله سبحانه بنية الإنسان, فإذا كنت تمشي في الطريق وغيرك يمشي فيها كذلك، وأنت ناوٍ أنك كلما قابلت إنساناً مسلماً, ألقيت عليه السلام, تعرفه أو لا تعرفه, فهذه عبادة لله سبحانه وتؤجر على ذلك, أو في نيتك أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتغض بصرك فهذه أيضاً عبادة لله سبحانه وتعالى, وأنت تمشي في الطريق وتراجع ما تحفظه من القرءان أو تسبح الله وتحمده سبحانه وتعالى لتأنس بالله سبحانه تبارك وتعالى فهذه عبادة لله, وإذا ذهبت إلى عملك لتقضي بين الناس وتنظر في مصالح الناس وتعينهم وتتقن عملك فهذه عبادة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه) وإذا رجعت إلى بيتك تحمل الخضروات والخبز وأنت ناوٍ أن تطعم أهلك بها فتلك عبادة، (حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك لك فيها أجر) وأنت تضحك مع أهلك ومع عيالك وتدخل السرور على قلوبهم, وتتبسم في وجه أخيك المسلم عبادة لله أيضاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تبسمك في وجه أخيك صدقة).

    كذلك وأنت تأتي أهلك فأنت في عبادة, (قالوا: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟ قال: أرأيتم إن وضعها في حرام أيكون عليه وزر؟ قالوا: نعم، قال: فكذلك إن جعلها في حلال كان له أجر) فأنت في الليل أو في النهار لك أجر من الله سبحانه لأنك تعبد الله, تنام حين تنام وأنت على وضوء، وتنام على جنبك الأيمن تذكر الله سبحانه والملك بجوارك، فإذا فزعت من النوم ذكرت الله سبحانه تبارك وتعالى ودعوت الله وأمن الملك على ما تدعو، فأنت في عبادة لله في الليل والنهار، وأنت قائم أو نائم أو في الطريق أو في عملك, حياتك كلها عبادة بفضل الله وبرحمته وبالنية الحسنة منك, لذلك اعبد ربك في كل مكان كما أمرك, وأعط الحقوق لأصحابها فهي عبادة تتعبد بها لله سبحانه وتعالى.

    1.   

    الصيام الممنوع

    صيام يوم الشك

    إن من الصيام الممنوع: صيام يوم الشك, فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صومه، فيحرم صيامه, فقد روى أبو داود عن عمار رضي الله عنه قال: (من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين, إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه).

    ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان, لأنه يُشك فيه هل هو من شعبان أو من رمضان, فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صومه، والعلة في ذلك: أن رمضان لابد أن يتميز فقبله لا يوجد صيام وبعده يوم العيد لا يوجد صيام, فيوم العيد حاجز بينه وبين ما بعده، ويوم الشك حاجز بينه وبين ما قبله, ولكن من كانت له عادة في صيام يوم الإثنين والخميس، أو يوم السبت والأحد والإثنين, أو الثلاثاء والأربعاء والخميس، أو يصوم يوماً ويفطر يوماً فجاء يوم الشك في هذا اليوم فله أن يصوم هذا اليوم, أو كان عليه يوم من رمضان السابق ونسيه فلم يذكره إلا هذا اليوم فله أن يصومه, أما من غير سبب فليس له أن يصوم هذا اليوم.

    صوم يوم الجمعة

    ويكره أن يصوم الإنسان يوم الجمعة, أما يوم الشك فيحرم إلا أن تكون هناك عادة للإنسان في صيامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده)، فيكره صوم يوم الجمعة وحده، لكن لو أنك تصوم يوماً وتفطر يوماً فوافق يوم صومك يوم الجمعة فيجوز أن تصومه, وكذلك لو أنك تصوم الخميس مع الجمعة أو الجمعة مع السبت فيجوز لك ذلك, وجاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي, ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم)، فيوم الجمعة لا يخصص بصيام, وإن شئت صومه فصم معه يوماً قبله أو يوماً بعده, ولا مانع من ذلك, وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه دخل على جويرية بنت الحارث يوم جمعة فوجدها صائمة فقال: أصمت أمس، قالت: لا، فقال: تريدين أن تصومي غداً, فقالت: لا, فقال: فأفطري)، فأمرها أن تفطر؛ لأنها لم تصم يوم الخميس ولن تصوم يوم السبت, وجاز صيام يوم الجمعة بسبب من الأسباب كأن يكون قضاء، أو نذراً.

    وأما الحكمة في كراهية صيام يوم الجمعة فهي أن يوم الجمعة يوم عيد للمسلمين وفيه أعمال قد يشغلك الصوم عنها إذا لم تكن معتاداً على الصوم, فيوم الجمعة تريد أن تذهب للمسجد مبكراً، ولعلك إن كنت صائماً ترغب أن تنام قليلاً فيضيع عليك التبكير إلى المسجد, والتبكير إلى المسجد فيه أجر عظيم جداً, وحضور صلاة الجمعة, وسماع الخطبة من الإمام تؤجر عليها، فيغفر لك ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة عشرة أيام, وفي ذهابك إلى صلاة الجمعة سواء كان المسجد قريباً أو بعيداً أجر عظيم كما في الحديث عن يوم الجمعة: (من بكر وابتكر, وغسل واغتسل, ومشي فلم يركب, وصلى ما كتب الله له إلا كتب له بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها)، وهذا أجر عظيم جداً, فإذا خطوت ألف خطوة كتب لك أجر ألف سنة. وبعد أن تصلي صلاة الجمعة وترجع إلى بيتك وتقرأ سورة الكهف سواء قبلها أو بعدها، وتكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها, ثم تأتي الساعة التي بعد صلاة العصر قبل المغرب وهي آخر ساعة من الجمعة, فهي ساعة إجابة للدعاء.

    إذاً: فيوم الجمعة فيه انشغال بطاعات أخرى فلعلك إن انشغلت بالصوم أن تضيع الكثير من هذه الطاعات, ولذلك كره النبي صلى الله عليه وسلم أن تصوم يوم الجمعة وحده, فإن شئت فصم يوماً قبله معه أو يوماً بعده معه, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، ويكثر من صوم يوم الجمعة، وقلما يفطر فيها؛ لأنه كان يكثر من صوم يوم الخميس، والله أعلم.

    نكتفي بهذا القدر, وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم, وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756043623