إسلام ويب

طلب الهداية من القرآنللشيخ : عمر الأشقر

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن مما يجلب السعادة الدنيوية والأخروية، ويهدي العقول إلى الإيمان ومحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، هو التفكر في آيات الله الشرعية، والتأمل في آياته الكونية، والنظر في قصص الأنبياء والمؤمنين السابقين الذين قصهم علينا القرآن.

    1.   

    عداوة الله ورسوله تنقلب إلى محبة لله ولرسوله

    قصة عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وبعد:

    فقد انتصر المسلمون في معركة بدر انتصاراً رائعاً، سماه الله تبارك وتعالى فرقاناً فرق به بين الحق والباطل، أعز أمة الإسلام، وأذل دولة الشرك، وقتل من المشركين سبعون، وأسر سبعون، والذين بقوا على قيد الحياة بقيت في قلوبهم حسرة وألم، حتى إن كتب السيرة تذكر أن أحد رجالات قريش -وهو صفوان بن أمية في ذلك الوقت- التقى بـعمير بن وهب الجمحي في الحجر يتذاكران في أمر الحرب التي أخذت خيارهم، وقتلت رجالهم، فقال عمير - وكان كما يقول المؤرخون: من شياطين العرب، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً-: والله لولا دين علي، وأولاد أخشى ضياعهم لجئت إلى محمد حتى أقتله، فقال له صفوان وكان غنياً: إن دينك علي، وإن أولادك يضمون إلى أولادي، فأخذ عمير سيفاً شحذه وسمه، ثم انطلق إلى المدينة، وكان ابنه في جملة الأسرى الذين أسروا في معركة بدر، فلما ورد المدينة ورآه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: والله ما قدم هذا إلا لشر، ثم قال للصحابة: عليكم به لا يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاء به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أخذ بحمائل سيفه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رآه: يا عمير ! ما جاء بك؟ قال: جئت في هذا الرجل الذي عندكم، يعني: ابنه، قال: ما جئت إلا لهذا؟ قال: ما جئت إلا لهذا، قال: ألم تكن أنت وصفوان في الحجر فقلت: كذا وكذا، وقال لك: كذا وكذا، فشحذت سيفك وجئتني؟ قال: والله يا رسول الله ما كان معنا من أحد، لم يكن هناك من شخص آخر يسمع كلامنا. ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. آمن ودخل الإيمان في قلبه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أحسنوا إلى أخيكم، وأقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره) وعاد عمير إلى مكة يحمل الإسلام والإيمان في قلبه، وفي مكة أعلن إسلامه وإيمانه.

    هناك لحظات ينكشف في القلب ما كان غائباً عنه، فكثير من أولي الألباب يشبهون هذا القلب الذي نحمله في صدورنا بالمصباح، فعندما يلامس المصباح التيار الكهربائي فإنه يضيء، وكذلك هذه القلوب لا تدري متى تضيء، ولا تدري متى تظلم، ولكن هناك لحظات ومواقف تضيء فيها قلوبنا، يكون الإنسان كافراً فيهتدي للإسلام، ويكون مؤمناً ولكن إيمانه يكون خافتاً ضعيفاً قلقاً مضطرباً، فتأتي لحظة من اللحظات فإذا بالقلب مطمئن، وإذا بالسكينة تحل في الإنسان، وإذا به شيء آخر كله إيمان وإسلام، وتقى وخير وصلاح، هي لحظات تتنوع ولكنها تلتقي في النهاية لتصلح النقص في القلب.

    فهذا عمير جاء ليقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا بالرسول صلى الله عليه وسلم يوقفه موقفاً لا يملك إلا أن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، من أين للرسول هذا؟ من الذي أخبره؟ من الذي أعلمه؟ ليس هناك إلا شيء واحد هو أن الله تبارك وتعالى أخبره بالتفصيل، وبنفس الكلام الذي جرى بينهما، فلم يملك نفسه إلا أن آمن وصدق.

    قصة سحرة فرعون

    من هذا نفهم موقف السحرة الذين آمنوا بموسى في المشهد العظيم عندما حشر فرعون أهل مصر ليشهدوا التحدي بين موسى عليه السلام وما جاء به من آيات وبين السحرة، وجاء السحرة إلى فرعون ليقولوا: (أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ [الشعراء:41-44] يطلبون أجراً ومالاً إذا انتصروا في ميدان الصراع، ثم عندما يلقون حبالهم يعتزون باسم فرعون إلههم، قال تعالى: فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ [الشعراء:45].

    في لحظة تغير فيها الإنسان! بينما هو عبد لطاغية يأتمر بأمره، ويعتز به، ويطلب منه الجزاء والثواب، إذا به يتغير في كل شيء، الناس ينتظرون نتيجة الصراع، من الذي يغلب: موسى أم فرعون؟ الذي جاء بالسحرة يواجه ما جاء به موسى، فإذا بالسحرة كما أخبر الله عنهم فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ [الشعراء:46]، عبروا عن إحساسهم ومشاعرهم والطباع التي بهم بالفعل قبل القول، خروا سجداً لله تبارك وتعالى، وقالوا بألسنتهم: آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:47]، ورب العالمين ليس فرعون الذي قال: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38]، وقال: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات:24]، قالوا: لا، رب العالمين رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [الشعراء:48]، رب السموات والأرض وخالقهما ومبدعهما وموجدهما.

    إن الذي جاء به موسى ليس سحراً؛ لأن هؤلاء هم أساتذة السحر الذين يعلمون خباياه وزواياه، ويعلمون قدرة الإنسان، إن الذي جاء به موسى ليس سحراً، وهم يعلمون هذا علم اليقين، ويعرفونه، فعندما رأوا المعجزة علموا أن هذا الرجل قد أرسل من عند الله تبارك وتعالى خالق الوجود، الذي لا يستطيع أحد أن يفعل فعله، ولا أن يعمل عمله، عند ذلك لامس الإيمان قلوبهم، وحل اليقين في أفئدتهم فإذا بهم يعبرون عن هذا الذي أحسوه ووجدوه في نفوسهم من إيمان ويقين، يعبرون عن ذلك بأن يخروا ساجدين لله تبارك وتعالى قال تعالى: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [الشعراء:46-48].

    وبينما كانوا قبل دقائق يعتزون بفرعون إذا بهم في مواجهة الطغيان بعد أن ملك الإيمان نفوسهم يهددهم ويتوعدهم بأنه سيصلبهم على جذوع النخل: قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء:50-51].

    هكذا يفعل الإيمان بالإنسان، يحوله إلى إنسان مسلم مؤمن يواجه ويتحدى ولكن في سبيل الله تبارك وتعالى، في بعض الأحيان الذي ينفع مع الإنسان الحجة والبرهان، فهو الذي يجعله يتلمس طريقه، ويقف على قدميه، ويرى ما أمامه ويسير على الصراط المستقيم وأن ينظر في هذه الحياة.

    1.   

    دعوة إلى تأمل نصوص القرآن وآياته

    منذ فترة وجيزة عقد في مصر مؤتمر للسيرة أعلن اثنان من كبار العلماء إسلامهما لا لشيء إلا لأنهما رأيا ما توصل إليه العلم الحديث من دقائق قد تحدث عنها القرآن الكريم، وما حدثنا الله تبارك وتعالى به عن الأجنة وتكونها في الأرحام، وهما عالمنا في هذا المجال، رأيا أن القرآن يصور هذا أصدق تصوير قبل أن يصل الإنسان إلى ما وصل إليه في هذا العصر، فآمنا عن يقين واقتناع، ولذلك أشار الله تبارك وتعالى إلى هذا الدليل الذي يقوم النفوس ويهديها سواء السبيل قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ [الحج:5] أي: في شك منه، أي: لم تؤمنوا ولم يستقر الإيمان في قلوبكم، فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [الحج:5] التعقيب: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ [الحج:6] ذلك أي: إنما سقت لكم هذا لتتفكروا فيه، وتنظروا في هذا الكون وتصريف الله تبارك وتعالى له سواءً في مجال الأرحام، أو في مجال الماء النازل من السماء على الأرض اليابسة المجدبة فإذا بها تهتز خضراء معشبة، كل هذا لتعلموا أن الله هو الحق، وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى [الحج:6] كما خلقكم من تراب، وكما خلقكم من ماء مهين، وكما أحيا النبات كذلك يحيي الموتى، وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [الحج:6-7].

    إن المتأمل في نصوص الكتاب إذا تأملها في ساعة الصفا وتفكر فيها فإنها تنير القلب والعقل، وتبعث الإنسان حياً، وتعطيه حياته في نفسه وعقله وتصوره، فإذا به يرى الأمور رؤية أخرى، وإذا بها تزيد له اليقين، وتزيل عنه الشك: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ [الحج:5] والريب مرض إذا حل في القلوب أذهب الإيمان، ماذا نفعل؟ تتفكروا في آيات الله المقروءة، وتتفكروا في آيات الله المنظورة في السماء ونجومها وشمسها وقمرها، وفي الأرض وجبالها ونباتها وحيوانها وسهولها وبحارها، تتفكروا في ذلك، فإن ذلك يهديكم إلى الإيمان واليقين، إذا كنتم في شك فتأملوا وانظروا ما في السموات والأرض، أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ [الغاشية:17-21]، فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ [الطارق:5-8] فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ [عبس:24]، تأمل في هذا الطعام الذي تأكله! أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ [عبس:25-32].

    فهذا هو السبيل إلى الهداية، ولذلك الإنسان في بعض الأحيان قد يقرأ القرآن كثيراً، ثم في لحظة صفا فيها إذا به يقرأ آية تفجر الطاقات الإيمانية في أعماق نفسه، وإذا بها تحيره، وهو قد قرأها مراراً ولكن لم يكن يلتفت إليها، هذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر في ظلمة الليل على قارئ يقرأ: وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطور:1-2] فاتكأ عمر رضي الله عنه على الجدار يستمع القارئ وهو يقرأ: وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ [الطور:1-8]، فمرض لها شهراً يعوده الناس! أثرت في نفسه: إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ [الطور:7-8] فمرض لها شهراً.

    في بعض الأحيان يؤثر في الإنسان موقف لا يؤثر في غيره، يحدثني رجل عن سبب هدايته، وكان رجلاً فاسقاً عربيداً، يقول: رأيت غلاماً فنظرت إليه منذ أن وضعته أمه في حجرها، ثم ابتدأ يمتص الثدي، قال: فجعلت أفكر في هذا، من الذي علمه؟! كيف اهتدى لذلك؟! الله الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه:50].

    الإنسان قد يفكر في هذا، فإذا به يجد نفسه يتحسر على غفلته، قد ترى إنساناً لا يصلي ولا يقرأ القرآن ولا يتجه إلى الله، ثم تجده مواظباً على الصلاة تسأله: ما الذي جاء بك إلى المسجد؟ مات عزيز عليه، قريب من أقربائه يهمه أمره ووقف عليه وهو يدلى في حفرته ثم يوارى في التراب، وتأمل كيف سيكون مصيره كمصيره، وأنه يوماً سيرحل كما يرحل، فيهتز وجدانه، وتهتز نفسه ويؤوب إلى الله تبارك وتعالى.

    إن المؤثرات كثيرة، وأحياناً يهتدي الإنسان بدعوة تخرج من قلب صادق يدعو بها له غيره، فتؤثر في نفسه كما حدث مع عثمان بن شيبة وكان قد شهد حنيناً كافراً، وعندما فر المسلمون وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم في قلة معه، وجدها عثمان فرصة أن يشفي غليله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يأتيه من يمينه أو من شماله فوجد عمه على يمينه ووجد ابن عمه على شماله، فجاءه من خلفه فإذا شواظ من نار يحول بينه وبينه، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ادن مني فدنا منه، ثم دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم أن يهدي قلبه، قال: فوالله ما رفع يده عن صدري حتى كان أحب خلق الله إلي، وقد كان أبغض خلق الله إلي.

    إن دعوة الصالحين في بعض الأحيان تؤثر في القلوب، والنفوس، وتهدي للتي هي أقوم، وكم من رجل وامرأة آمنوا بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدث مع أم أبي هريرة ، فقد كانت تؤذي أبا هريرة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم عندما تذكره بسوء، وكان ذلك يؤلم أبا هريرة، فجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يوماً وقال: يا رسول الله! ادع الله أن يهدي أمي، فقال: (اللهم اهد أم أبي هريرة)، فعندما وصل إلى البيت عجلاً ينظر أثر دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وجدها تغتسل من الكفر لتدخل في الإسلام.

    إن دعوة الصالحين لها أثر كبير في تحويل نفس الإنسان، وفي استخلاص الباطل والشر من نفسه، وهدايته إلى الخير.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    وسائل جلب الطمأنينة للنفوس

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد عبد الله ورسوله. وبعد:

    فما أشد حاجتنا أيها الإخوة في هذا العصر الذي تضطرب فيه الموازين والقيم، وتكثر فيه الهموم والبلايا إلى نفوس مطمئنة مؤمنة.. إلى نفوس زاكية صالحة، وإن السبيل في هذا معروف، إنه سبيل الأولين، السبيل الذي جاء به القرآن، هذا العصر الذي يكثر فيه القلق والضياع والشرود وظنون تركب النفوس حتى إن كثيراً من الناس في عالم الغرب الذي لا يؤمن بقيم الإسلام، عندما تثقله همومه لا يكون منه إلا أن ينتحر، وأن يجعل حداً لحياته، نحن بحاجة إلى طمأنينة النفوس وسكينتها، وليس شيء كالإيمان بالله تبارك وتعالى يعالج مثل هذه الأمور.

    ولذلك امتن الله تبارك وتعالى في كثير من الآيات على رسوله والمؤمنين بأنه أنزل السكينة في نفوسهم في المواقف الصعبة، وفي الشدائد والبلايا التي تهتز فيها النفوس، امتن الله تبارك وتعالى عليه ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [التوبة:26].

    وأخبر الله تبارك وتعالى بما يجلب هذه الطمأنينة وهذه السكينة أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28]، الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].

    الإيمان هو دعاء الله تبارك وتعالى، وذكر الله عز وجل، والتفكر في صفات الله تبارك وتعالى وفي معانيها، والتفكر في خلق الله تبارك وتعالى، وقراءة القرآن، والتفكر في معاني هذا الكتاب، وإقامة العبادات على وجهها، والقيام بالأعمال الصالحة، كل ذلك مما يزكي النفس ويطهرها، ويجلب الطمأنينة والسكينة للقلوب.

    اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وكفر عنا سيئاتنا، وألهمنا رشدنا، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، إنك قريب مجيب سميع الدعوات!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755976795