إسلام ويب

شرح العقيدة الطحاوية [15]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • العرش والكرسي ثابتان بإجماع أهل السنة والجماعة، وقد تواتر ذكر العرش في الكتاب والسنة، وذكر الله في مواضع كثيرة من كتابه أنه استوى على العرش، والكرسي مذكور في الكتاب والسنة، وهو موضع القدمين، كما قال ابن عباس رضي الله عنه، وكعادة أهل البدع في تأويل صفات الله تعالى، فقد أولوا العرش والكرسي يما يتفق مع عقولهم القاصرة الجاهلة بما يليق بالله سبحانه وتعالى وما لا يليق به.

    1.   

    الإيمان بالعرش والكرسي

    قال المصنف رحمه الله: [والعرش والكرسي حق، وهو مستغن عن العرش وما دونه، محيط بكل شيء وفوقه، وقد أعجز عن الإحاطة خلقه] .

    العرش والكرسي ثابتان بإجماع أهل السنة، وإن كان بعض الطوائف يتأولون ذلك، وقد تواتر ذكر العرش في الكتاب والسنة، وذكر الله في سبعة مواضع من كتابه أنه استوى على العرش، فقال سبحانه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] فأهل السنة والجماعة يثبتون استواءه سبحانه وتعالى استواءً يليق بجلاله، وأن العرش هو أعلى المخلوقات وهو سقفها.

    أقوال المتكلمين في العرش

    قال طائفة من أهل الكلام: العرش هو الملك، وهذا غلط من جهة اللسان وغلط من جهة أدلة الشريعة نفسها؛ فإن الله سبحانه وتعالى قال: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ [هود:7] ، ولو كان المراد بالعرش الملك لما صح هذا، وكذلك قال سبحانه: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة:17] فلو كان هو الملك لما صح هذا السياق؛ مما يدل على أنه حقيقة ماهيته مخلوقة، وهو أعظم مخلوقاته سبحانه وتعالى.

    وقال طائفة من المتكلمين: إنه مستدير؛ لأنهم جعلوه فلكاً، وقد انعقد الإجماع على أن سائر الأفلاك مستديرة، وإنما النظر في كون العرش فلكاً، فظاهر كلام أهل السنة المتأخرين - وإن كان متقدموهم لم يفصحوا بتفصيل في ذلك - أن العرش هو كالقبة فوق العالم، وأنه ليس مستديراً من كل جهة.

    معنى الكرسي

    وقوله: (الكرسي حق): هو المذكور في قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [البقرة:255] وأجود ما جاء في تفسيره قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (الكرسي موضع القدمين لله سبحانه وتعالى)، وهذا الجواب المأثور عن ابن عباس هو الذي عليه عامة أهل السنة والحديث؛ فإنهم يذكرون في تفسير الكرسي ما نقل عن ابن عباس وأصحابه، وهو المأثور عن جمهور السلف.

    وقوله: (محيط بكل شيء وفوقه، وقد أعجز عن الإحاطة خلقه).

    أي: أنه سبحانه وتعالى محيط بكل شيء، وأنه فوق كل شيء كما جاء صريحاً في كتاب الله: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل:50] ، وفي قوله سبحانه: سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] وقد ذكر سبحانه استواءه على عرشه، ومن معاني استوائه: علوُّه عليه، فإذا كان عليَّاً على عرشه فإن غير العرش من المخلوقات من باب أولى.

    أول المخلوقات

    والعرش سابق في الخلق للقلم، وأما حديث عبادة رضي الله عنه: (أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب) ، فإن المراد به: إنه عند أول خلقه أُمر بالكتابة وليس المقصود أن القلم هو أول المخلوقات، كقولك: أول ما دخل زيد قيل له: اجلس. أي: أنه عند أول دخوله أُمر بالجلوس.

    وإن كان بعض المعاصرين من أهل العلم يرجحون أن القلم هو أول المخلوقات على الإطلاق، وهو قول طائفة من أصحاب الأئمة من أهل السنة المتأخرين؛ لكن جماهير السلف وعامتهم على أن العرش متقدم عليه، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله:

    والناس مختلفون في القلم الذي سبق القضاء به من الديَّان

    هل كان قبل العرش أو هو بعده قولان عند أبي العلا الهمداني

    والحق أن العرش قبل لأنه قبل الكتابة كان ذا أركان

    ثم أراد أن يبين معنى حديث عبادة فقال:

    وكتابة القلم الشريف تعاقب إيجاده من غير فصل زمان

    أي: أنه عند أول خلقه أمر بالكتابة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756411830