إسلام ويب

شرح العقيدة الطحاوية [9]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أكرم الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالإسراء إلى بيت المقدس، ثم بالمعراج إلى السماوات العلى، ليرى من آيات ربه الكبرى، فآمن أهل السنة بما جاءهم عنه في كتاب ربهم وسنة نبيهم، دون زيادة على ذلك أو نقصان.

    1.   

    ثبوت المعراج بشخص النبي صلى الله عليه وسلم يقظة

    قال المصنف رحمه الله: [والمعراج حق، وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء، ثم إلى حيث شاء الله من العلا، وأكرمه بما شاء، وأوحى إليه ما أوحى (ما كذب الفؤاد ما رأى) فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى] .

    المعراج حق، وقد أجمع عليه السلف وعامة المسلمين، وإنما الذي حصل فيه الخلاف بين أهل القبلة هو: هل كان المعراج يقظةً أم مناماً؟

    أما سائر أهل السنة والجماعة فإنهم مجمعون على أنه كان في اليقظة وليس رؤيا منامية، وقيل: إن المعراج كان رؤيا منامية ولم يكن يقظة، وهذا وإن قاله بعض الفقهاء المتأخرين، فإنما دخل عليهم من المتكلمين، وقد نسبه بعض المتأخرين إلى بعض المتقدمين، بل إلى بعض الصحابة، ولا يصح عن أحدٍ من الصحابة أنه جعل الإسراء والمعراج رؤيا منامية.

    الفرق بين القول بأن المعراج رؤيا منامية وأنه عروج بالروح

    نقل عن بعض المتقدمين أنهم قالوا: إنما عرج بروحه، إلا أن هناك فروقاً بين قول من يقول: إنها رؤيا منامية، وبين من يقول: إنه عرج بروحه، فإن المعراج بالروح يكون على التمام لها.

    والذي عليه عامة الصحابة والسلف، أن الإسراء والمعراج كان على الحقيقة بروحه وجسده، وهو الذي دلَّ عليه ظاهر القرآن وصريح السنة، فإن النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين وغيرهما ذكر استفتاح جبريل للسماوات وأن معه محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يقال له: (من؟ فيقول: جبريل، فيقال: ومن معك؟ فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم،... إلخ) .

    واستبعاد أن يعرج بشخصه وجسده جهل لا يكون إلا فرعاً عن عدم الفقه لمعنى كونه عرج به، فإن الذي قدَّر ذلك وشاءه وأحكمه هو الله سبحانه وتعالى، والله على كل شيء قدير، وإذا كان قد جاء في كتاب الله قول عفريت من الجن: أَنَا آتِيكَ بِهِ [النمل:39] أي: عرش بلقيس قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ [النمل:39-40] مع أن هذا لم يتدخل فيه جبريل، فكيف إذا كان الله سبحانه وتعالى قد قدَّر أن جبريل عليه الصلاة والسلام هو الذي يقوم بهذا الأمر الذي أمره الله سبحانه وتعالى به؟!

    فلا شك أنه لا يوجد في مقتضى العقل ما يعارض ذلك، والذي يزعم مخالفة شيء من القرآن للعقل فإن زعمه مبني على القياس الحسي الذي يرتبط بقدرات بني آدم وخصائصهم الممكنة الناقصة المحتاجة.

    وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة

    وقوله: (ثم إلى حيث شاء الله)؛ قد وصل عليه الصلاة والسلام إلى السماء السابعة، فإنه ذكر أنه لقي آدم في السماء الأولى، ثم عيسى ويحيى بن زكريا في السماء الثانية، ثم يوسف في السماء الثالثة، ثم إدريس في السماء الرابعة، ثم هارون في السماء الخامسة، ثم موسى في السماء السادسة، وتراجع مع موسى في فرض الصلاة، ثم ذكر أنه رأى إبراهيم عليه الصلاة والسلام في السماء السابعة، ثم ظهر لمستوىً مختص الله سبحانه وتعالى أعلم به، لكنه لم ير ربه ببصره.

    وقوله تعالى: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:11] صلى الله عليه وسلم مختلف في تفسيرها؛ هل المقصود رؤية الله بالفؤاد أم هي رؤية جبريل؟ والخلاف فيها شأنه يسير، وإن كان الظاهر أنه جبريل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755895683