إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [93]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • وافق هذا اللقاء نهاية العام الهجري، فكان حديث الشيخ عن أصناف الناس وأحوالهم بالنسبة لحياتهم، فمنهم مجتهد، ومنهم مقصر، ومنهم خاسر لدنياه وأخراه. ثم أجاب عن الأسئلة والتي كان معظمها متعلق بالصلاة والحج.

    1.   

    أقسام الناس بالنسبة لزمانهم

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء الثالث والتسعون من لقاء الباب المفتوح والذي يتم يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة عام (1415هـ) وحيث إن هذا اللقاء هو آخر لقاء في هذا العام، وأنه أعقب موسم الحج؛ فإننا نهنئ أنفسنا وإياكم بما منَّ الله به على المسلمين في هذا العام من الحج الهادئ الذي تم فيه أداء النسك على الوجه الأتم، وعلى أكمل راحة ولله الحمد، لا من جهة الجو والطقس حيث كان بارداً في الليل ومقبولاً في النهار ولا سيما في يوم عرفة حيث أظل الله المسلمين بالغمام.

    ثم إننا نشكر الله سبحانه وتعالى أن أمضينا من أعمارنا عاماً كاملاً، نرجو الله سبحانه وتعالى أن نكون قد استفدنا منه وانتهزنا فرص العمر؛ وذلك لأن العمر لحظات ودقائق وأيام تمضي سريعاً وتزول جميعاً، والسعيد من عمرها بطاعة الله عز وجل، وليس للإنسان من عمره إلا ما أمضاه بطاعة الله، أما ما لم يمضه في طاعة الله فهو إما خسارة وإما عقوبة وإثم، فالناس بالنسبة لزمانهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

    قسم استغل وقته في طاعة ربه

    قسم أمضى زمانه في طاعة ربه حتى في العادات التي اعتادوها من أكل وشرب ولباس ودخول وخروج وغير ذلك إذا ابتغى به وجه الله أثابه الله عز وجل لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـسعد بن أبي وقاص : (واعلم أنك لم تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك) فهؤلاء هم الرابحون الذين استغلوا الوقت ولم يمض عليهم ساعة من الزمن إلا ولله تعالى فيها طاعة من هؤلاء البررة الأطهار.

    قسم أمضى عمره في معصية الله تعالى

    القسم الثاني: عكس ذلك من أمضى عمره في معصية الله عز وجل وفي اللهو والسهو والترف الذي فيه التلف حتى ضاع عليه العمر وندم ولات ساعة مندم، تجده يُمضي عمره في غير ما يرضي الله عز وجل، وإذا أتى بالطاعة أتى بها على الوجه الذي لا يقرب منه، بل ربما يأتي بالطاعة على وجه العادة فقط اعتاد أن يفعل هذا الشيء فصار جبلة له وطبيعة دون أن يقصد به وجه الله وهذا أيضاً خاسر غاية الخسران والعياذ بالله.

    قسم خلط عمره بأعمال صالحة وسيئة

    القسم الثالث: من خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فصار لهم نصيباً من حياتهم ولكنه ليس النصيب الأكمل، ولهذا ينبغي للإنسان العاقل أن ينتهز فرص العمر قبل أن ينتهي عمره وهو لا يشعر فيضيع عليه الوقت.

    كم من إنسان أمَّل أملاً بعيداً، وعُمراً مديداً ولكن حال بينه وبين ذلك غيب المنون فاقتنصته الآجال، وصار بعد الوجود إلى الزوال، ولنا أسوة فيما يقع من الحوادث التي نشاهدها أحياناً ونسمع بها أحياناً تتكرر كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر يلبس الإنسان ثوبه، ويزر إزاره بيده، ثم لا يفك هذا الإزار إلا الغاسل والإنسان على سرير غسله. يدخل السيارة فاتحاً الباب مغلقاً على نفسه ثم لا يخرج منها، بل يخرج ميتاً جنازة، وفي هذا عبر لمن اعتبر نسأل الله يجعلنا وإياكم من المعتبرين.

    أما فيما يتعلق في ختام هذا العام فإنه ينبغي للإنسان أن يحاسب نفسه وأن ينظر ماذا قدم في هذا العهد .. ماذا قدم لنفسه إن كان مسرفاً فليستعتب وليتب إلى الله عز وجل (والتائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وإن كان محسناً فليحمد الله عز وجل وليسأل الله الثبات على ذلك، ويجب أن يبعد عن نفسه الغرور والعجب بما أنعم الله عليه من نعمة الإسلام وفعل الخيرات، لأنه إذا أُعجِبَ وغُرَّ بنفسه دخل في قول الله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17].

    فنسأل الله تعالى أن يجعل لنا ولكم من أعمالنا نصيباً نتقرب به إلى الله عز وجل، وألا يجعل ما علمنا وبالاً علينا إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

    1.   

    الأسئلة

    حكم من حج وترك طواف الإفاضة

    السؤال: رجل حج قارناً وفي اليوم الثاني عشر من ذي الحجة طاف طواف الوداع ورجع إلى بلده؟

    الشيخ: ولم يطف للإفاضة؟

    السائل: ما نوى ولا طاف ولا سعى، ولكن يقول: إنه طاف طواف الوداع.

    الشيخ: أول ما قدم سعى؟

    السائل: طاف وسعى أول ما قدم.

    الشيخ: هذا الرجل الذي حج حج قران وطاف للقدوم أول ما قدم إلى مكة وسعى، ثم بعد أن وقف بـعرفة ومزدلفة طاف للوداع وانصرف، نقول: إنه بقي عليه طواف الإفاضة وهو ركن لا يتم الحج إلا به، ويبقى عليه من الإحرام التحلل الثاني، وعلى هذا فلا يقرب زوجته إن كان ذا زوجة، ويجب عليه أن يكمل حجه ما دام الشهر باقياً الآن يجب عليه أن يسافر إلى مكة، والأفضل أن يأخذ عمرة حين يمر بالميقات فيحرم من الميقات ويطوف ويسعى ويقصر ثم يطوف طواف الإفاضة.

    السائل: يا شيخ هذا كان قبل ثلاث سنوات.

    الشيخ: إذاً: لابد الآن أن يذهب إلى مكة ولو كان قبل ثلاث سنوات الآن يجب عليه أن يذهب إلى مكة ويفعل ما قلت لك، يأتي بعمرة؛ لأنه مر بالميقات ويريد إكمال النسك، فيحرم بعمرة ويطوف ويسعى لها ويقصر ثم يأتي بطواف الإفاضة.

    وأما جماع زوجته أنا أرى أن نعاقبه بالأشد؛ لأن الرجل متهاون له ثلاث سنوات وما سأل وهذه مشكلة، لكن على القول: بأن الجاهل لا يلزمه شيء نقول: إذا تاب إلى الله وأصلح عمله فإنه لا يلزمه سوى ما ذكرت.

    حكم الوقف إذا اشتمل على بدع ومحرمات

    السؤال: فضيلة الشيخ: هذا شخص يسأل ويقول: في أحد مكتبات المساجد كتبٌ فيها بدع وكتب فيها صور ويقال: إن أصحابها جاءوا بها وقفاً على هذه المكتبة! فماذا نفعل بهذه الكتب التي في المكتبة، وهي مكتبة أحد المساجد؟

    الجواب: الواجب على القائمين على مكاتب المساجد إذا رأوا كتباً فيها بدع أو فيها صور فاتنة أن يحرقوا هذه الكتب، وألا يبقوها في أيدي الشباب؛ لأنها تضرهم من ناحية العقيدة، وتضرهم أيضاً من ناحية الأخلاق فيما يتعلق بالصور، حتى وإن كان صاحبها أوقفها، لكن إن كان صاحبها حياً فينبغي أن يبلغ، ويقال: إن هذا لا يحل لك أن تجعله في المكتبة، ونرى أن تشتري بدله من الكتب المفيدة.

    حكم التمتع في الحج لمن أتى في اليوم الثامن

    السؤال: من وصل إلى الميقات في اليوم الثامن هل له أن يتمتع؟ وإذا كان له ذلك هل الأفضل التمتع أم القران؟

    الجواب: إذا وصل إلى الميقات في اليوم الثامن قبيل الظهر فلا أرى أن يأتي بعمرة؛ لأن الله يقول: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ.. [البقرة:196] فلابد أن يكون هناك وقت يفصل بين العمرة وبين الحج، والإنسان إذا وصل إلى الميقات بعد أن دخل وقت الحج مأمور أن يخرج إلى منى، وأن يسعى في الحج ويكمل الحج.

    وبناءً على ذلك: أرى أن الأفضل لمن مر بالميقات في الوقت الذي يخرج الناس فيه إلى منى أرى أن يأتي بقران، وألا يأتي بتمتع؛ لأن التمتع في الحقيقة فات وقته إذ أن الله يقول: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة:196] وهذا يدل على أن هناك فاصلة ووقتاً بين العمرة الحج.

    ونقول: إذا كنت تريد أن يحصل لك حجٌ وعمرة فأقرن والقران يحصل به حجٌ وعمرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: (طوافك بالبيت وبـالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك).

    ومعروف أن الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه خرجوا إلى منى في ضحى اليوم الثامن.

    حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد

    السؤال: فضيلة الشيخ: ما رأيكم في تبادل التهنئة في بداية العام الهجري الجديد؟

    الجواب: أرى أن بداية التهنئة في قدوم العام الجديد لا بأس بها ولكنها ليست مشروعة بمعنى: أننا لا نقول للناس: إنه يسن لكم أن يهنئ بعضكم بعضاً، لكن لو فعلوه فلا بأس، وإنما ينبغي له أيضاً إذا هنأه في العام الجديد أن يسأل الله له أن يكون عام خيرٍ وبركة فالإنسان يرد التهنئة.

    هذا الذي نراه في هذه المسألة، وهي من الأمور العادية وليست من الأمور التعبدية.

    حكم نيابة من لا يصلي في الحج

    السؤال: فضيلة الشيخ: رجل ملتحٍ يحج عن الناس ولا يصلي، ما صحة الحج؟

    الجواب: الرجل الذي لا يصلي أبداً لا في المسجد ولا في البيت هذا كافر مرتد، يجب أن يدعى إلى الصلاة وإلا قتل كافراً، يعني: هو مرتد، ولا يصح حجه، حتى لو حج لغيره فإنه لا يصح لأنه كافر، وقد قال الله تعالى: وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ [التوبة:54] مع أن النفقات نفعها متعدٍ ومع ذلك لا تقبل منهم لكفرهم، وعلى من علم أن هذا الرجل كافر عليه أن يغرمه ما أعطاه من الأموال وأن يحج بدل هذه الحجة إذا كانت فرضاً، وإن كانت تطوعاً فليس عليه شيء يعني: إن شاء أقام من يحج عنه، وإن شاء حج بنفسه وإن شاء لم يحج.

    الفرق بين الغيبة والنميمة

    السؤال: ما الفرق بين الغيبة والنميمة، وهل هناك أحوال يجوز للإنسان أن يغتاب فيها الناس؟

    الجواب: الفرق بين الغيبة والنميمة، أن الغيبة: ذكرك أخاك بما يكره في غيبته، بأن تسبه في دينه أوخلقه أو خلقته أو عمله أو أي شيء، فإذا ذكرته بما يكره في غيبته فهذه الغيبة، (قالوا: يا رسول الله! أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته).

    وأما النميمة فهي: نقل كلام الناس بعضهم لبعض بقصد الإفساد مثل: أن يأتي إلى شخص ويقول: إن فلان يقول فيك كذا وكذا، سواء كان صادقاً أو كاذباً، هذه هي النميمة مأخوذة من نم الحديث إذا عزاه إلى غيره، والنميمة أعظم من الغيبة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه مر بقبرين وقال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) فهذا هو الفرق بينهما.

    أما هل تجوز الغيبة أو النميمة؟! فهذا ينظر إذا كان ذلك للمصلحة فلا بأس أن تذكره بما يكره إذا كان للمصلحة، مثل: أن يأتي إليك رجل يستشيرك في شخص يريد أن يعامله أو يزوجه وأنت تعلم أن فيه شيئاً مذموماً فلك أن تذكر ذلك الشيء، فإن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تستشيره حيث تقدم لها ثلاثة رجال: أبو جهم ومعاوية بن أبي سفيان وأسامة بن زيد، فجاءت تستشير النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: من تتزوج منهم فقال: (أما أبو جهم فضراب للنساء، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة) فهنا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر معاوية وأبا جهم بما يكرهون لكن لإرادة أن ينصف، فهذا لا بأس به.

    كذلك النميمة لو نممت إلى: إنسان ما يقول به شخص آخر ترى أن هذا الشخص صديق له واثق منه، ولكن هذا الصديق الذي وثق منه ينقل كلامه إلى الناس، فتأتي إليه وتحذره وتقول: إن فلاناً ينقل كلامك إلى الناس، وأنه يقول فيك كذا ،وكذا فهذا أيضاً لا بأس به، بل قد يكون واجباً.

    والمسألة تعود إلى: هل في ذلك مصلحة تربو على مفسدة الغيبة فتقدم المصلحة، هل في ذلك مصلحة تربو على مفسدة النميمة فتقدم المصلحة؛ لأن الشرع كله حكمة يوازن بين المصالح والمفاسد فأيهما غلب صار الحكم له، إن غلبت المفسدة صار الحكم لها، وإن غلبت المصلحة صار الحكم لها، وإن تساوى الأمران فقد قال العلماء رحمهم الله: درأ المفاسد أولى من جلب المصالح.

    حكم جمع الصلوات بدون عذر شرعي

    السؤال: فضيلة الشيخ: أناس بعد رمي جمرة العقبة لم يؤدوا جميع الصلوات حتى قدموا إلى أهلهم، فعند قدومهم جمعوا صلاة أربعة أيام مرة واحدة!

    الشيخ: ولماذا؟!

    السائل: بحجة أنهم متعبون!

    الجواب: هؤلاء الذين ذكرت أنهم لما رموا جمرة العقبة تركوا الصلاة حتى رجعوا إلى أهلهم وعذرهم في ذلك أنهم متعبون نقول: إن هؤلاء آثمون؛ لأنهم أخروا الصلاة بلا عذر شرعي ولا ينفعهم قضاؤها، يعني: لو قضوها ألف مرة فإنها لا تقبل منهم؛ لأنهم خرجوا بها عن الوقت الذي حدده الله سبحانه وتعالى بلا عذر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود عليه. فبلغهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يرجعوا إليه مما صنعوا وألا يقدموا على شيء في العبادات إلا بعد أن يسألوا أهل العلم.

    حكم إقامة أكثر من جماعة في نفس المسجد

    السؤال: إذا انتهت جماعة المسجد من الصلاة ودخلت جماعة أخرى تبدأ بالصلاة، ودخلت جماعة ثالثة وبدءوا بالصلاة ما حكم الجماعة الثانية من ناحية الصحة والبطلان؟

    الجواب: أما الجماعة الأولى التي أقامت الصلاة بعد أن فاتتها جماعة المسجد هؤلاء مأجورون مثابون على عملهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله)، ولأن رجلاً دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه وقد فاتته الصلاة فقال: (من يتصدق على هذا فيصلي معه، فقام إليه بعض الصحابة وصلى معه).

    أما الجماعة الثالثة التي جاءت والجماعة الثانية تصلي فصلوا وحدهم فهؤلاء مفارقون لجماعة المسلمين وأرى أن يعيدوا صلاتهم احتياطاً؛ لأنهم فارقوا الجماعة، اللهم إلا أن يكون هناك لهم عذر مثل أن يقولوا: هؤلاء يصلون صلاة العشاء ونحن نصلي صلاة المغرب، فهم قد يكون لهم شبهة ووجهة نظر لكن مع ذلك نرى أن يدخلوا مع الجماعة الثانية ولو كانوا يصلون العشاء وهؤلاء يصلون صلاة المغرب؛ لأن اختلاف نية الإمام والمأموم لا يضر على القول الراجح.

    ضابط الجمع بين الصلاتين للمسافر

    السؤال: شخص يسافر إلى البلاد الكافرة ويقيم بها حوالي شهر ويكون في أوقات الصلاة خارج مقر إقامته فتصعب عليه الصلاة، فمثلاً: قد يكون في مكان يصلي الظهر ثم في مكان آخر قد لا تتسنى له صلاة العصر، فما هو أسهل أمر له، هل ترون الجمع أو القصر وما هي أسهل طريقة حفظكم الله؟

    الجواب: نرى أن المسافر إذا كان لا يمكنه أن يصلي كل صلاة في وقتها إلا بمشقة أو بفوات مصلحة أن يجمع إما جمع تقديم أو جمع تأخير، حسب ما يكون أيسر له وأسهل في حاجته سواء كان يريد البقاء شهراً أو شهرين أو أكثر؛ لأنه ليس هناك دليل على تحديد المدة التي ينقطع بها السفر، وعلى هذا فنقول لهذا الأخ: اجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم أو تأخير حسب ما يتيسر لك، وكذلك بين المغرب والعشاء.

    مقدار المبيت الواجب بمنى

    السؤال: ما مقدار المبيت بـمنى؟

    الجواب: ذكر العلماء رحمهم الله: أن المبيت بـمنى واجب وأن يكون معظم الليل.

    مثلاً: إذا قدرنا أن الليل عشر ساعات فليكن خمس وساعات ونصف كلها بـمنى ، وما زاد على ذلك فهو سنة.

    حكم الجدال في الطريق إلى الحج

    السؤال: أناس يتجادلون في الطريق إلى الحج، فهل هذا صحيح؟

    الجواب: يقول الله عز وجل في الحج: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] والجدال ثلاثة أنواع:

    الأول: جدال يريد به إثبات حق فهذا واجب حتى وإن كان الإنسان في الحج، ما دام يريد إثبات الحق فواجب عليه أن يجادل لكن بالتي هي أحسن لقول الله تبارك وتعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] لا يقول: إن هذا جدال والله يقول: وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] نقول: هذا جدال واجب لابد منه، وهو دفاع في الواقع عن الحق أو إثبات له.

    والثاني: جدال في أمور ليست حقاً ولا باطلاً، مثل أن يقول: الشيء الفلاني الذي في الجبل إنسان، وهذا يقول: حجلة، وهذا يقول: حجر .. وما أشبه ذلك ويتجادلون، هذا أيضاً منهي عنه لما فيه من تحريك النفس وصدها عما هي بصدده من الإقبال على النسك.

    والثالث: أن يكون جدالاً باطلاً بمعنى: أنه يجادل وهو يعلم أن الحق بخلاف ما يقول، لكن يريد أن ينتصر لنفسه وأن تكون كلمته هي العليا فهذا آثم، آثم من جهة أنه جادل وهو محرم بالحج، ومن جهة أنه أراد أن يحق الباطل ويبطل الحق.

    وفي هذه الحال: حبذا لو أن القافلة جعلت لها أميراً يحدد لها المصالح حتى لا يحصل النزاع؛ لأنه أحياناً يكون جدال: يقول: نريد أن نبقى، والثاني يقول: نمشي، هذا يقول: نقدم الغداء وهذا يقول: نؤخره، ويحصل جدال، إذا كان هناك أمير فحسن، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسافرين إذا كانوا ثلاثة أن يأمروا أحدهم.

    وتأمير هذا الواحد ليس معناه: أنه أمير بلا إمارة بل هو أمير له إمارة وله كلمة يجب قبولها؛ لأنه لما كان أميراً صار من أولياء الأمور، وقد أمر الله بطاعة ولي الأمر إذا لم يأمر بالمعصية.

    صور من البيوع التي يدخل فيها الربا

    السؤال: رجل يبيع سيارات فأتاه شخص يريد أن يشتري منه سيارة، فقال: عندي سيارتان السيارة الثانية أفضل من السيارة الأولى، وسوف أشتريها لك وأبيعها لك كما تشاء إما نقداً أو تقسيطاً، والنقد حوالي أربعين ألف والتقسيط اثنين وستين ألف، فما حكم هذا البيع هل فيه ربا؟

    الجواب: إذا كان هذا الذي يريد أن يبيع السيارة ليست السيارة في ملكه ولكن يريد أن يشتريها لهذا الشخص، فهذا حرام عليه أن يأخذ أكثر من القيمة التي دفع، فإذا اشتراها بخمسين لا يجوز أن يبيعها بواحد وخمسين؛ لأنه إن فعل ذلك وقع في الربا، ولكن يبيعها بخمسين ويكون قد أقرض المشتري ثمن السيارة، وهذا خير.

    أما إذا كانت السيارات موجودة عند الرجل وصار الناس يأتون يشترون منه فيقول لهم: إن اشتريتم بتقسيط فهو بكذا، وإن اشتريتم نقداً فهو بكذا، يعني: أنزل، مثلاً يقول: هي بالتقسيط بستين ألف، وهي بالنقد بخمسين ألف، فهذا لا بأس به، إذا أخذها المشتري بأحد الثمنين؛ لأن هذا لا محظور فيه، وليس فيه ربا، وليس فيه جهالة وغرر، بل هو بيع واضح، لن ينصرف المشتري إلا وقد علم حاله هل اشتراها بمؤجل أو اشتراها بنقد.

    وأما ما ذهب إليه بعض أهل العلم وقالوا: إن هذا من البيعتين في بيعة والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن بيعتين في بيعة، فهذا ليس بصواب، لأنك إذا قلت: هذه بعشرين نسيئة أو بعشرة نقداً فأخذها بأحد الثمنين فليس هناك بيعتان، هي بيعة واحدة لكن خُيِّرَ الإنسان فيها بين ثمنين، أحدهما أكثر ولكنه مؤجل والثاني أقل ولكنه نقد. والبيعتين في بيعة إنما تنطبق على مسألة العينة وهي: أن يبيع الإنسان شيئاً بمائة إلى أجل ثم يشتريه بثمانين نقداً، فإن هذا هو العينة التي حذرنا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم بأذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه من قلوبكم حتى ترجعوا إلى دينكم).

    حكم من بدأ رمي الجمار بالعكس جاهلاً

    السؤال: رجل رمى الجمار في اليوم الحادي عشر وبدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى فما الحكم؟

    الشيخ: إذا بادر بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى صحيح.

    السائل: لا -يا شيخ- بدأ بالعقبة.

    الشيخ: العقبة تسمى الكبرى.

    السائل: ثم الوسطى ثم الصغرى.

    الشيخ: عكس.

    السائل: نعم.

    الشيخ: جاهلاً أو عالماً؟

    السائل: جاهلاً.

    الشيخ: لو كنا الآن في وقت الجمار قلنا له: اذهب وارم الوسطى ثم العقبة وينتهي الإشكال، لكن الآن وقد فات الأوان وانتهت أيام الرمي وهو جاهل لا يدري فأرى ألا شيء عليه إن شاء الله؛ لأنه جاهل، لكن عليه وعلى غيره ممن يريد الحج أو العمرة أن يعرف الأحكام قبل أن يشرع في العبادة؛ لئلا يقع في خطأ، ثم بعد ذلك يحاول أن يصحح هذا الخطأ.

    حكم الخروج من صلاة الفريضة

    السؤال: فضيلة الشيخ: أنا من أهل المدينة وصليت في الحرم، وأتى رجل وقد فاتته ركعة -وأنا لم تفتني ولا ركعة- ورائحته دخان، فلما أتى بجانبي خرجت من الصلاة وتأخرت إلى الثاني فهل هذا يجوز أم لا؟

    الجواب: إذا صلى إلى جنبك أحدٌ رائحته كريهة سواء بسبب الدخان -في ملابسه- أو بصل أو ثوم .. أو غير ذلك: فإن كان يمكنك أن تؤدي صلاتك بطمأنينة وراحة فإنه لا يحل لك أن تنصرف منها؛ لأن الفريضة إذا دخل فيها الإنسان حرم أن يخرج منها إلا لضرورة.

    وأما إذا كنت لا تحتمل هذا ولا تستطيع، وخشيت من أن يكون فيك دوخة أو أن تتقيأ، أو على الأقل شوش عليك صلاتك، فهنا لا بأس أن تدع هذا المكان إلى مكان آخر خالٍ من ذلك.

    علاج العين والسحر

    السؤال: فضيلة الشيخ رجل تزوج امرأة، ومنذ ليلة الزواج وامرأته يأتيها آلام وأوجاع، والآن لها ما يقارب ثلاث سنوات من الزواج، ولما ذهبت إلى أهلها أخذها أخوها إلى رجل يقرأ -يثنى عليه ويذكر بخير- فلما ذهب بها إليه وفي مكان في المجلس قال لها: انظري إلى الجدار وانظري فوق الدائرة وشدي خطوتك عليك وقُرّبَتْ منه، ثم أخذ المشلح الذي عليه ووضعه على رأسها وغطى بعض جسمها، ثم بعد ذلك مسك إصبعها ثم وضع يده على رأسها، ثم قرب منها فقال: أنت بك عين، والذي عانك امرأتان فيهما عور أحدهما أمك وعين أمك محبة، والأخرى زوجة عم زوجك، وأراهما الآن في جبهتك، ويصف المرأة أن عرض جبهتها قدر إصبعين من أصابعه ثم أخذ يتمتم تقول المرأة: لم يقرأ أي حرف، يتمتم ولا أستطيع أن أجزم أنه يتمتم ... قرأ الفاتحة ثم بعد ذلك قالت: إني أرى رجلاً يأتيني في غرفتي ويزعجني في المنام فقال: لا عبرة بهذا الرجل، أنت الذي بك هو ما قلت لك. ثم بعد ذلك تأتين يوم الثلاثاء القادم بسدر وملح مخلوط مع بعضه وماء وزيت ثم سأقرأ به، فبعدما أتى أخوها يوم الثلاثاء القادم بالزيت أخبره بالمرأة الثانية قال: المرأة الثانية زوجة عم الزوج، فما رأيك بهذا؟

    الشيخ: وهل هذا الرجل الذي أخبر بأن الذي أصابها بالعين فلانة وفلانة هل هذا حقيقة؟

    السائل: لا نعلم.

    الشيخ: إذاً: من أين جاءه هذا العلم، أنا أخشى أن يكون هذا من المشعوذين المفرقين بين الناس.

    السائل: أنا ناقشت أخا هذه المرأة وقلت: كيف تذهب بأختك إلى هذا الرجل؟

    قال: إنه رجل يذكر بخير، وهو شيخ، وأنه شفى الله على يديه كثيراً من المرضى، وأنه يقرأ قرآناً وليس صحيحاً الذي قيل عنه، فقلت له أسألك سؤالاً واحداً: هو يقرأ، وقد يستخدم مثلاً جناً مسلمين يبشروه كما ذكر شيخ الإسلام مثلاً أو كذا، لكن أريد سؤالاً واحداً وهو أنه: كيف يرى المرأتين في جبهتها؟

    الشيخ: على كل حال: أنا أرى أن يذهب إلى هذا وأمثاله، وأن يقال: إذا كان صاحب خير يقرأ على المصاب بالعين أو غيرها من الأمراض ويكفي، أو يعلم العائن ويطلب منه أن يفعل ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام.

    السائل: الآن زوجها يقول: هل آخذ من هذين المرأتين لزوجتي، أو أن أكون إذا أخذت منهما يكون من تصديق الكاهن؟

    الشيخ: هو لا شك أنه إذا أخذ فهو مصدق، حتى نعرف عن هذا الرجل وعن حاله، قد يكون رجل ظاهره الصلاح لكنه يستعين بالجن، بأشياء محرمة، فمثل هذه الأمور يجب التوقف فيها.

    السائل: يعني لا يأخذ من هاتين المرأتين؟

    الشيخ: لا أنا لا أشير عليه أن يأخذ منهن أبداً، يستعين بالله ويقرأ ويستعمل الأشياء المفيدة.

    كفارة قتل الخطأ

    السؤال: فضيلة الشيخ: أولاً: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ نشهد الله على حبك فيه.

    ولي سؤال: امرأة عليها كفارة قتل الخطأ مثل صيام شهرين متتالين، صامت شهر وأتتها العادة فما الحكم؟

    الجواب: أولاً: بارك الله فيك! أسأل الله تعالى أن يحبك كما أحببتني فيه.

    ثانياً: السلام عند إلقاء السؤال ليس له أصل؛ لأننا قد جلسنا جميعاً زمناً، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يسألون الرسول عليه الصلاة والسلام في المجلس دون أن يسلموا، لكن هذه اعتادها بعض الناس وما أعلم لها أصلاً.

    وسؤالك يحتاج أن ننظر كيف كان القتل؛ لأن بعض الناس قد يظن أن هذا القتل موجب للكفارة وليس كذلك، ولهذا نسأل هذه المرأة ربما تقول: إنها نامت عند ابنتها أو عند طفلتها ثم قامت فوجدت الطفلة ميتة، فيقول لها الشيطان: أنت التي قتلتيها، وهذا ليس بصحيح، فلابد أن نسأل: هل هي سبب لموتها أو لا؟

    وإذا قدرنا أننا وصلنا إلى غاية وهي أنها هي السبب في موتها، فعليها الكفارة وعلى عاقلتها الدية، والكفارة كما نعلم أو كما يعلم كثير منا هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، ولا يقطع التتابع إذا أفطرت المرأة للحيض؛ لأن هذا فطر لابد منه، ولا يقطع التتابع أيضاً إذا أفطر للسفر، ولا يقطع التتابع إذا مرض فشق عليه الصوم، وهنا نقول القاعدة: أن ما يجب عليه التتابع من الصيام إذا قطعه لعذر شرعي فإنه لا ينقطع التتابع، فإذا زال العذر أكمل الصيام ولا يلزمه أن يستأنف من جديد.

    السائل: وأيام العيد يا شيخ؟!

    الشيخ: أيام العيد ما تقطع التتابع، يعني: يوم العيد في رمضان ويوم العيد في الأضحى وثلاثة أيام من أيام التشريق أربعة لا تقطع التتابع.

    حكم إقامة جماعة مع الجهل بوجود جماعة أخرى في المسجد

    السؤال: بالنسبة لجماعتين في مسجد: الجماعة الثانية لا تدري أنه يوجد جماعة في هذا المسجد كما يوجد هذا كثيراً في الحرم أو غيرها من المساجد، فصلت فهل نقول: صلاتهم مقبولة، أم يلزمهم قطعها من حين الشروع في التكبير.

    الشيخ: دخلوا المسجد وظنوا أن الناس قد صلوا، فشرعوا بالصلاة، ثم تبين أن أهل المسجد لم يصلوا؟

    السائل: لا، ثم تبين أن جماعة أخرى يصلون في جهة ثانية.

    الشيخ: هؤلاء ثم تبين أن جماعة أخرى يصلون في جهة ثانية.

    فهؤلاء لا يلزمهم قطع الصلاة؛ لأنهم دخلوا على وجه معذورين فيه؛ دخلوا على أنهم قد فاتتهم الصلاة، ومن فاتته الصلاة أقامها جماعة، فلا يلزمهم أن يقطعوا الصلاة.

    بخلاف ما لو دخلوا وكبروا على أن الناس قد خرجوا من الصلاة، ثم تبين أن الجماعة في المسجد لم يصلوا بعد، يعني: أقام المؤذن الصلاة وهم قد شرعوا في الصلاة، فهنا نقول: اقطعوها؛ لأن إمام المسجد ذو سلطان، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤم الرجلُ الرجلَ في سلطانه.

    فيفرق بينما إذا كانت الجماعة الأم الأولى أو جماعة لاحقة، فإن كانت الجماعة الأولى قطعوا صلاتهم ولو بعد شروعهم فيها ثم دخلوا في الجماعة الأولى، وإن كانت الجماعة الثانية قد فاتتهم الصلاة -مثلاً- فإنهم لا يقطعون الصلاة من أجلهم.

    الرد على من يقول بفساد حج من وطئ ناسياً

    السؤال: يا شيخ! بعض أهل العلم يرون: أن وطئ الحاج الناسي المحرم يفسد الحج، واستدلوا: أنه يجب عليه غسل الجنابة وإنما المرفوع هو المأثم والمغرم، كيف يرد عليهم؟

    الجواب: نرد على هؤلاء الذين يقولون: إن الإنسان إذا جامع وهو صائم في رمضان أو جامع وهو محرم فعليه كفارة ويسقط عنه الإثم، نرد عليهم بأمرين: أمر أثري وأمر نظري:

    أما الأثري فنقول: إن الله تعالى قال في كتابه: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] (فقال الله تعالى: قد فعلت) وقال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5] وهذا لم يتعمد.

    وحصل تطبيق عملي لهذه القاعدة: وهي عدم المؤاخذة بالجهل والنسيان. فقد أفطر الصحابة رضي الله عنهم في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس ولم يأمرهم بالقضاء؛ لأنهم كانوا جاهلين، ظنوا أن الشمس قد غربت.

    وعدي بن حاتم رضي الله عنه أراد أن يصوم فجعل تحت وسادته عقالين وهما الحبلان اللذان تشد بهما يد البعير أحدهما أسود، والثاني أبيض، فجعل ينظر إليهما، فلما تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود أمسك، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة.

    ومعاوية بن الحكم تكلم في الصلاة ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة.

    فالمهم أن نقول: هذه الأدلة تدل على أن الإنسان إذا فعل شيئاً محرماً جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه.

    أما الدليل النظري الذي نرد عليهم فنقول: إذا سقط الإثم لزم سقوط الكفارة؛ لأن الكفارة إنما تكون من أجل اتقاء عقوبة هذا الإثم، فإذا لم يكن هناك إثم فلا عقوبة.

    وعموم العفو في قوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] يشمل العفو عن الذنب والعفو عن الكفارة.

    حكم حج من قلد الناس في حجهم

    السؤال: امرأة تقول: إنها لا تعلم مناسك الحج الثلاثة، ولا تعلم النية فيهما، ماذا تقول في نيتهما؟ وتقول: لها خمس حجات وهي تحج، يوم التروية تذهب مع الناس إذا ذهبوا عرفة ومزدلفة وترمي الجمار وما لها نية محددة من الأنساك الثلاثة، فتسأل عن صحة حجها في هذه الأعمال؟

    الجواب: الظاهر أن حجها صحيح؛ لأنها كأنما تشاهدها الآن، كأنها تقول: أحرمت بما الناس محرمون به، والإحرام بما أحرم به فلان جائز كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعلي بن أبي طالب في حجة الوداع وكان قد بعثه إلى اليمن مع أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال له: بما أهللت؟ قال: بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال: فإن معي الهدي فلا تحل -فجعله قارناً- وأما أبو موسى فقال أنه أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن لما لم يكن معه هدي أمره أن يجعلها عمرة؛ لأن التمتع أفضل من القران.

    فهذه المرأة لا شك مما يظهر لنا أنها أحرمت بما أحرم به الناس، وأنها تقول: دربي درب الناس، لكن كما ذكرت قبل قليل: الواجب على الإنسان إذا أراد العبادة سواءً حجاً أو صوماً أو صدقة أو غير ذلك أن يتعلم قبل أن يتقدم، أما بعد أن فعل يأتي ويقول: ما الحكم؟ فهذا لا شك أنه خلاف الأولى.

    تحري زيادة العمر ونقصانه في الوثائق الرسمية

    السؤال: فضيلة الشيخ! رجل له والد ولد عام ثلاثة وسبعين، وفي حفيظة النفوس مكتوب خمسة وسبعين، والوظائف الآن حددت لسن معين بحسبه يكون القبول والتقاعد وضعت الوزارة لجنة للنظر في مثل هذا السن، فهل له أن يتقدم إلى اللجنة للنظر في سنه لعدم وجود سابق شهادة ميلاد تحدد سنه؟ وهل عليه مأثم لو أنقصوا سنه أو زادوا؟

    الشيخ: هو لماذا نقلها من ثلاثة وسبعين إلى خمسة وسبعين؟

    السائل: لا يدري. والدي يرحل، وهو صاحب أغنام لا يدري!

    الشيخ: الواجب بارك الله فيك أن تقول له: يجب عليك التوبة، والتوبة ألا تستمر في الذنب يجب أن تبلغ المسئولين بأن الحقيقة أن ولادته عام ثلاثة وسبعين.

    السائل: لو ذهب إلى اللجنة وطلب النظر في سنه مرة ثانية؟

    الشيخ: هذا طيب.

    السائل: واللجنة زودت أو نقصت في سنه.

    الشيخ: لا. اللجنة الآن إن كان يظن أنها لن تقبل قوله، ولن تلتفت له؛ فهذا لا فائدة منه، لا يذهب، أما إذا كان يرى أن اللجنة ستقبل ما يقول، وستبني عليه؛ فالواجب عليه أن يذهب ويقول: أنا عمري الواقع كذا وكذا. والرزق على الله، لا يمكن أن يستجلب رزق الله في معصيته إطلاقاً، لأن الله يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] ومفهومها: أن من لا يتق الله لا يجعل له مخرجاً.

    السائل: يبني على قول والده يا شيخ؟

    الشيخ: معلوم؛ لأنه هو نفسه يمكن ما يعلم متى ولد.

    الشيخ: طيب والده بدوي يرحل، ما يدري هو صواب أو خطأ، فالوالد صاحب ماشية ما يدري.

    على كل حال أولاً: كما قلت: إن الناس يغلب عليهم الجهل.

    وثانياً: أن الناس يغلب عليهم التهاون والطمع، وفي الأول ليست الأمور كاليوم -والحمد لله- في الأول الناس عندهم فقر ويريدون أن يصلوا إلى المال بأي طريق، لكن الحمد لله الآن تحسنت الأحوال، فالواجب أن يبلغ المسئولين بالواقع، هذا إذا كان يغلب على ظنه أنهم سيوافقونه، أما إذا كان يقول: لن يسمعوا لقوله فلا فائدة.

    حكم تجاوز الميقات بنية العودة إليه

    السؤال: من تجاوز الميقات عالماً عامداً لكنه أراد الراحة، مثلاً: تجاوز ميقات قرن إلى الشرائع ليرتاح عند أقربائه، ثم يرجع إلى الميقات ويحرم منه، وهو يريد نسكاً، هل يأثم بهذا التجاوز أم أن الأمر فيه سهولة؟

    الجواب: لا الأمر فيه سهولة، يعني: الأفضل ألا يتجاوز الميقات حتى يحرم، ويمكنه أن يستريح عند أقاربه وهو محرم، والناس لا يرون في هذا بأساً ولا خجلاً ولا حياء، لكن لو فعل، وقال: سأذهب أستريح الآن، وأرجع إلى الميقات وأحرم منه؛ فلا حرج.

    السائل: تكون مدة أسبوع؟

    الشيخ: ما هناك مانع أبداً، المهم أنه يتجاوز الميقات ونيته أن يرجع ويحرم منه.

    السائل: يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه.

    الشيخ: يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي تجاوزه.

    السائل: بعد أم قرب؟

    الشيخ: سواء بعد أم قرب.

    حكم صلاة المنفرد خلف الصف

    السؤال: أنا إمام مسجد ويحصل من جماعة المسجد أن يأتي شخص مثلاً يصلي منفرداً خلف الصف، ويأتي البعض فيصف معه فأنا أنبههم على أن الصف لم يكتمل.. فأسأل عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (من وصل صفاً وصله الله ومن قطعه قطعه الله) فعلى ماذا يحمل هذا الحديث؟ وهل يأثم من لم يكمل الصف وصلى بجوار المنفرد؟

    الجواب: لا بأس، يعني: مثلاً إذا أتيت والصف ما اكتمل لكن وجدت هذا الرجل قد صف وحده خلف الصف فصف معه، هذا إذا كان في أول ركعة، أما إذا كان في ثاني ركعة فقد بطلت صلاة هذا الرجل فلا فائدة من أن تصف معه.

    وإذا كنت لا تعلم فأرى أن تصف معه أحسن، ويكون هذا ترك مستحب من أجل المعاونة على واجب. والحديث فيه نظر.

    وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وإلى اللقاء القادم إن شاء الله تعالى في السنة القادمة.

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755952538