قال الله عز وجل في سورة الأحقاف: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ [الأحقاف:5-9].
في هذه الآيات يتعجب الله تعالى ممَّن يعبدون غير الله سبحانه وتعالى وهم يعرفون أن هذه المعبودات لا تنفع ولا تضر، فقوله تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ سؤال تعجبٍ من أمر هؤلاء، والجواب على ذلك أنه لا أحد أضل من هؤلاء.
وقوله: يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ أي: يدعو آلهة غير الله سبحانه، وهذه الآلهة لا تستجيب له حتى ولو دعاهم من هذا الوقت إلى يوم القيامة، فلو أنه من الآن إلى يوم القيامة جلس أمام هذا الصنم أو أمام هذا الوثن أو أمام هذا الذي يدعوه من دون الله ظل يدعوه ويطلب منه فلن يستجيب له أبداً، فليس هناك أضل من الذي لا يفكر ولا يعقل ما يصنع.
وقوله تعالى: وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ يعني: هذه الآلهة غافلة، فهي جمادات، فعبدوا أصناماً وأحجاراً وشمساً وقمراً وأشجاراً، وعبدوا غير ذلك من الأشياء وهي غافلة لا تعي ما يقول هؤلاء ولا ما يصنعون.
فهذا الشيطان الذي خدع الإنسان في الدنيا يتبرأ من الإنسان يوم القيامة، ويقول: أنا كافر بعبادتك لي، فالشيطان يقول ذلك للإنسان، والإنسان يعبد الشيطان في الدنيا مع تحذير الله عز وجل للعباد من الشيطان، قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6]، وقال الله سبحانه: وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا ، هذه الآلهة وهذه الشياطين لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ، والشيطان يقول: إِنِّي كَفَرْتُ أي: بهذه العبادة.
وكذلك كل الآلهة حين ينطقون يقولون: كفرنا بهذه العبادة التي عبدتمونا بها، أي: جحدنا وأنكرنا ذلك فلا نستحق نحن العبادة، فأنتم الذين عبدتمونا ونحن نبرأ من هذه العبادة.
فقوله تعالى: قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أي: لا تملكون لي شيئاً لو كنت أكذب على الله، وكانوا يريدون ذلك، كما قال تعالى: وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ [الإسراء:73] أي: نريدك أن تفتري بأي شيء تقوله في هذا القرآن فتشكر آلهتنا، ولو اتبعتهم على هذا يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا [الإسراء:73]، ولو تابعتهم على ما هم فيه: لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا [الإسراء:75].
فلو أنت فعلت ذلك وأطعت هؤلاء في بعض ما يطلبونه منك لأذقناك العذاب في الدنيا ضعفين، وحاشا له صلوات الله وسلامه عليه، وفي الآخرة ضعف العذاب لو أنك اتبعتهم في شيء بسيط مما يريدونه.
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [يونس:38]، وإذا كان الله عز وجل في مقام التبليغ وفي مقام التوحيد، وفي مقام إبلاغ رسالته إلى العالمين سبحانه يهدد ويحذر النبي صلى الله عليه وسلم أن يميل إلى أهوائهم فإنه يقول: وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ [النساء:113] أي: لا يضرونك طالما أنت معتصم بالله عز وجل، ولا يضرون إلا أنفسهم، فاحذر أن تتبعهم وقد عصمناك منهم، وحفظناك ودافعنا عنك، وإلا فلن تملك لنفسك منا شيئاً، وهم لا يملكون لك من الله شيئاً.
وقوله تعالى: هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ [يونس:38]، أي: الذي تخوضون وتندفعون فيه من كلام باطل.
وقوله: كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ [الأحقاف:8]، يشهد علي ويشهد عليكم، قال تعالى: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [الرعد:43] أي: لا أحتاج إلى أحد من البشر أن يشهد لي بأني بلغت، تكفيني شهادة رب العالمين سبحانه، فالشهيد يراقبني ويراقبكم، ثم يحكم بيني وبينكم يوم القيامة، قال تعالى: وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، ففضل الله عظيم سبحانه، فالمقام هنا مقام تهديد ووعيد ومع ذلك يختم سبحانه بآية الرحمة ويقول: وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ أي: لو تبتم إلى الله ودخلتم في دينه لغفر لكم ورحمكم، والغفور مشتق من الغفر، والغفر: الستر، يعني: أن الله يستر ذنوبكم، ويمحوها ويغفرها بفضله وكرمه سبحانه، وهو الرحيم، قال تعالى: وكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [الأحزاب:43].
فرحمته سبحانه لمن مات على التوحيد، ولمن دخل في دين الله عز وجل وأسلم نفسه ووجهه لله.
وقوله تعالى: وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ [الأحقاف:9]، هذه السورة سورة مكية وفي هذا الوقت قال له ربه سبحانه: قل لهم ذلك: أنني لا أعلم أقدار الله سبحانه، ولا أعلم ما الذي يصنع بي أو بكم على التفصيل، ولكن الله عز وجل قد أرسلني لأبلغ رسالته، فلا أدري ما يفعل بي ولا بكم بعد ذلك.
إذاً: ففي هذه الحياة الدنيا أنا لا أدري ما الذي يفعل بي ولا بكم على وجه التفصيل، وأما إجمالاً فقد بين له ربه سبحانه فقال: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [الفتح:2]، وبين ما يفعل بالمؤمنين فقال: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا [الفتح:5].
وبين سورة الأحقاف وسورة الفتح سنون طويلة في نزولهما، فسورة الفتح نزلت في رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية سنة ست للهجرة في ذي القعدة، وقال له سبحانه: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ [الفتح:1-2]، إذاً: فقد نزلت في الأعوام المدنية سنة ست وهو راجع من الحديبية، فنزل عليه هذا القرآن العظيم ليخبره بما يكون يوم القيامة، إذاً: فهو في هذه الحالة وهو في مكة كان يعرف يقيناً أن المؤمنين في الجنة، ويعرف أنه صلى الله عليه وسلم سيكون في الجنة، لكن التفصيل في ذلك قبل دخول الجنة: هل سيحاسب النبي صلى الله عليه وسلم حساباً شديداً؟ وكيف سيحاسب المؤمنون؟ من هو سابق، ومنهم من هو لاحق بعد ذلك، ومنهم من يستحق النار؛ فهذا كله لا يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم، إنما يعرف إجمالاً أن المؤمنين في الجنة، ثم أخبره الله عز وجل عن بعض الناس: أن فلاناً في الجنة، وفلاناً في الجنة، فأخبر عن عشرة من أصحابه رضوان الله تبارك وتعالى عليهم وبشرهم بأنهم في الجنة.
إذاً: فالمعرفة التفصيلية لم يكن يعرفها صلى الله عليه وسلم، ولكنه عرف الجنة ودعا إليها إجمالاً.
وقال له ربه: قل مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ [الأحقاف:9] أي: أنا لا أعلم الغيب، قال تعالى: وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ [الأعراف:188]، وهذه الآيات دفعت الكفار إلى العناد واليهود يعينونهم على ذلك، فالكفار واليهود يقولون: إن الرجل لا يعرف ما يصنع به ولا بكم، كيف تتبعونه إذا كان لا يعرف ما يفعل به ولا بكم؟! فلا تتبعوه، فهذا مما دفعهم إلى أن يبتعدوا عن النبي صلى الله عليه وسلم، والقرآن لا يجامل أحداً، حتى ولو كان الأمر في هؤلاء أنهم يبتعدون، فالله يهدي من يشاء ويضل من يشاء سبحانه وتعالى.
والحقيقة أن محمداً صلى الله عليه وسلم بشر من البشر لا يعلم الغيب، إلا ما علمه الله سبحانه وتعالى.
وفي صحيح البخاري حديث يتناسب مع هذه الآية وهو حديث أم العلاء الأنصارية رضي الله عنها تقول: (اقتسمنا المهاجرين فطار لنا
فالأنصار هم أهل الدار والإيمان رضي الله عن الجميع، فاقتسموا هؤلاء المهاجرين، فقالت: (طار لنا في السكنى)، أي: صار من نصيبهم الحسن هذا الرجل الفاضل العظيم عثمان بن مظعون رضي الله تعالى عنه، حيث نزل عندهم.
تقول رضي الله عنها: (فتوفي)، وهذا الرجل كان رجلاً مؤمناً صادق الإيمان، صالحاً زاهداً رضي الله عنه، وقد صفه النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاح، وبأنه خير سلف، وذلك لما ماتت ابنته صلوات الله وسلامه عليه قال: (الحقي بخير سلف
فقالت أم العلاء الأنصارية رضي الله عنها لما توفي: شهادتي عليك أبا السائب أن الله قد أكرمك، أي: أنا أشهد أن الله قد أكرمك، فأوقفها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو فتح هذا الباب فإن كل إنسان سيشهد لأي إنسان ميت ويدخل في أمور الغيب فقال لها النبي صلوات الله وسلامه عليه: (وما يدريك أن الله قد أكرمه؟) يعني: أنت لم تطلعي على الغيب حتى تعلمين أن الله أكرمه، فأسكتها النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا تفتح المجال للناس أن يتكلموا في الغيب.
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (وما يدريك أن الله قد أكرمه، فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! فمن؟) تعني: إذا لم يكرمه الله تعالى فمن يكرم إذاً؟ فهي تقول على وجه الظن: إن هذا الرجل صالح، فلا بد أن يكرمه الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما هو فقد جاءه اليقين ومات على الإسلام، فنرجو له الخير، قال: وما رأينا إلا خيراً فوالله إني لأرجو له الجنة).
إذاً: يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم ألا نتكلم عن الغيب، ثم قال: (ووالله إني لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) وفي هذا الأمر حصل إشكال عند العلماء، فمنهم من ضعف هذا الحديث وقال: هو معارض للمعنى الذي جاء في القرآن، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره الله أنه في الجنة عليه الصلاة والسلام، ولكن الصواب: أن الحديث ثابتٌ في صحيح البخاري ، فكيف يضعف وهو حديث صحيح الإسناده؟!
فالصحيح أن معنى الحديث: (ما أدري ما يفعل بي ولا بكم) من تفاصيل أمور الدنيا: من قتال، أو انتصار على المشركين، أو ما يحصل له ولأصحابه، فأمور الغيب لا يدري بها النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك يقول الله له: وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ [الأعراف:188].
ثم بين له ربه سبحانه وتعالى بعد ذلك ما يكون من أنه صاحب الشفاعة يوم القيامة، وصاحب الحوض المورود، وصاحب المقام المحمود صلوات الله وسلامه عليه، وهو في أعلى الجنة عليه الصلاة والسلام، وأخبر أن المؤمنين في الجنة على ما ذكر لنا في أحاديثه عليه الصلاة والسلام.
إذاً: فقوله: (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) نفي للعلم على التفصيل وإثبات للإجمال في ذلك؛ لذلك فإن الصحابة رضوان الله عليهم لما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك تخوفوا مما يكون بعد ذلك، فلم يزك أحد أحداً حتى سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدفن ابنته يقول: (الحقي بخير سلف)، فعرفوا أن هذا الرجل رجل صالح، وأن النبي صلى الله عليه وسلم عرف أن له منزلة عند الله سبحانه وتعالى.
كذلك أم العلاء الأنصارية ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أنها رأت هذا الرجل في منامها وله عين جارية، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا عمله، إذاً: فالرجل كان مجاهداً، وكان رجلاً صالحاً، وعمله مستديم بعدما مات، وعمله دائم الأجر عليه عند الله سبحانه وتعالى، فهذا مما جاء في قصة هذا الرجل الفاضل رضي الله عنه وقصة أم العلاء الأنصارية.
ولا تعارض بينه وبين الغيب، إذاً: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أدري ما يفعل بي ولا بكم) أي: في هذا الوقت من أمور الدنيا ومن أمور الآخرة على التفصيل، حتى فصلها له ربه سبحانه وتعالى بعد ذلك بالوحي في الكتاب وفي السنن.
وقال تعالى: إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ [الأحقاف:9]، إن هنا بمعنى: (ما) وهذا أسلوب قصر يعني: ما أتبع إلا ما يوحى إليه، ولا أجرؤ على شيء إلا بوحي من الله، فلا يتقدم ولا يتأخر إلا بما يأمره الله عز وجل به، قال تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى [النجم:3] أي: لا يتكلم من قبل نفسه، ولكن بوحي من عند الله سبحانه.
وقوله تعالى: وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ [الأحقاف:9]، وهذا قصر أيضاً، أي: وظيفتي في الدنيا هي النذارة والرسالة، فالنبي صلى الله عليه وسلم رسول رب العالمين ليبشر وينذر ويخبر بما يريد الله سبحانه وتعالى، ويدعو الخلق إليه سبحانه، فهذه وظيفته في الدنيا، ولم يأت في الدنيا ليقول: أنا أعلم الغيب، بل قال لهؤلاء: مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:9]، لست بشيء جديد مخترع ولكني مثل غيري من الرسل، ووظيفتي هي البشارة للمؤمنين بالجنة، والنذارة للكافرين بعذاب رب العالمين، والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وإلى توحيده.
ومعنى قوله تعالى: مُبِينٌ أي: مفصح عما يريده الله سبحانه، مبين لكم أحكام دينه سبحانه وتعالى.
نسأل الله سبحانه أن يجعلنا متبعين للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن يجنبنا البدع والحوادث، ونسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر