أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا شعبة حدثني أبو عون سمعت جابر بن سمرة رضي الله عنهما يقول: قال عمر لـسعد: (قد شكاك الناس في كل شيء حتى في الصلاة، فقال
يقول النسائي رحمه الله: الركود في الركعتين الأوليين، هذه الترجمة يراد بها: أن الركعتين الأوليين يطول فيهما بالنسبة للركعتين الأخيرتين، وقد سبق أن مر بنا بعض الأحاديث الدالة على هذا، أي: تطويل الركعتين الأوليين، وكذلك تطويل الركعة الأولى على الثانية، كل هذا مر فيه بعض الأحاديث، لكنه هنا أورد هذه الترجمة وهي: الركود في الركعتين الأوليين، وهي مماثلة لما سبق أن تقدم بالنسبة لتطويل الركعتين الأوليين، وأنها أطول من الركعتين الأخيرتين، أي: بالنسبة للصلاة الرباعية.
وقد أورد النسائي فيه حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه: أنه كان يتئد في الركعتين الأوليين، ويحذف في الركعتين الأخيرتين، أي: يخفف ويقصرهما، ويقول: (إنني لا آلو ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ومعنى ذلك: أن هذا العمل يسنده إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأنه يفعل هذا اقتداء برسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا هو المناسب من حيث الرواية؛ لأنه مضاف إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأن سعداً رضي الله عنه، أخبر عمر بأنه يقتدي بصلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن هذا الفعل الذي فعله، والذي أنكره عليه أهل الكوفة، ليس من فعله، وليس من صنيعه، وليس من اجتهاده، وإنما هو اقتداء بفعل رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، حيث كان يركد في الركعتين الأوليين، ويخفف في الركعتين الأخيرتين.
و سعد رضي الله عنه قال هذه المقالة لمناسبة: وهي: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولاه الكوفة، وجعله أميراً عليها، وحصل بينه وبين أهل الكوفة شيء تكلم فيه بعضهم، وقدح فيه حتى في صلاته، وهو يقتدي بصلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن الذي يدفعهم إلى ذلك هو ما يقع في النفوس، وما حصل في النفوس عليه، رضي الله عنه وأرضاه، هذا وسعد: أحد المبشرين بالجنة، يمشي على الأرض، والناس يعرفون أنه من أهل الجنة، وأنه ينتهي إلى خير، ويئول أمره إلى خير، وأنه من أهل الجنة، يعرفون ذلك، ويعلمون ذلك، وهو يمشي على الأرض بين أظهرهم، رضي الله تعالى عنه وأرضاه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام شهد لعشرة بالجنة في مجلس واحد، سماهم وكان فيهم سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه.
فهذا يدلنا على أنه ليس كل من يتكلم فيه، معناه أن الكلام فيه مقبول، فهذا سعد -وهو من أهل الجنة- ما سلم من أهل الكوفة الذين ولاه عمر عليهم، حتى صلاته قدحوا فيها، وتكلموا فيها، وقد جاء هذا الحديث في البخاري، وفي مسلم، وفي غيرهما، وجاء في صحيح البخاري مطولاً وفيه: أن واحداً منهم تكلم فيه بكلام، هو بريء منه، ودعا عليه سعد، فأجيبت دعوة سعد، وحصل له ذلك الذي دعا عليه به؛ لأنه ظالم، ولأن كلامه فيه كلام باطل، والله تعالى عاقبه في الدنيا قبل الآخرة، بكلامه السيئ في سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
ولما شكوه طلبه عمر، فقدم إليه في المدينة، وأخبره بالذي حصل منهم، فأخبره بصلاته، وأنه يفعل كذا وكذا، وأن فعله هذا يقتدي فيه برسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان جواب عمر رضي الله عنه له: هذا هو الظن بك يا أبا إسحاق، هنا جاء في بعض الروايات: الظن بك، وفي الروايات الأخرى أنه خاطبه بكنيته وقال: هذا هو الظن بك يا أبا إسحاق، يعني: كونك تصلي بصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنك تقتدي بصلاة الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن عمر رضي الله عنه وأرضاه عزله لما يخشى من الفتنة التي قد تحصل بينهم وبينه، لما حصل لهم من النفرة، فخشي أن يحصل بسبب إبقائه بين أظهرهم، مع قولهم فيه ما قالوا، ومع كونهم تكلموا فيه بما تكلموا فيه، فعزله عن إمرة الكوفة؛ درءاً للفتنة، ودرءاً للمفسدة، التي قد تحصل بسبب بقائه بينهم مع نفرة بعضهم منه، لكن عمر رضي الله عنه وأرضاه ما نسي أن ينوه بفضل سعد، وأن عزله إياه ما كان لأمر هو حاصل فيه يقتضي عزله، ولكنه إنما عزله خوفاً من أن يقع بينه وبينهم ما لا يحمد عقباه، بأن يعتدوا عليه، أو يحصل اعتداء من أحد عليه، فعزله.
ولما طعن عمر رضي الله تعالى عنه، وعهد إلى ستة من أصحاب الشورى، تكون الإمارة فيهم، وتكون الخلافة في واحد منهم، خشي أن يرجع إلى هذه القصة أو يأتي ذكرها، يعني قصة كونه عزله عن الكوفة، فقال رضي الله عنه: إن أصابت الإمارة سعداً فذاك، وإلا فليستعن به من أمر منكم، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة، يعني: أشار إلى أن عزله ما كان لعجز فيه، ولا خيانة منه، وإنما كان درءاً للفتنة التي قد تحصل بسبب ما جرى بين أهل الكوفة وبينه من الوحشة، فنوه بشأنه، وأبرأ ساحته، مما قد يظن أن هذا يقدح في كونه يستحق الولاية، وقد جعله عمر واحداً من الستة الذين تكون الخلافة فيهم، ويكون الأمر بينهم، ويختارون واحداً منهم لإمرة المسلمين، فقال هذه المقالة العظيمة التي نوه فيها بشأنه، وبين أنه لم يعزله عن عجز ولا خيانة.
ومن المعلوم: أن العجز والخيانة هما الأسباب التي تقتضي عزل الإنسان الذي يولى، فالعاجز لا يستطيع أن يصرف الأمور، والخائن ما عنده أمانة، وقد جاء في القرآن: أن الأحق بالولاية، أو الأحق بمن يولى، وتسند إليه الأمور: من يكون قوياً أميناً، قد جاء عن إحدى ابنتي الرجل الصالح الذي صاهره موسى، قالت إحداهما: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص:26]، فضد القوة والأمانة: العجز والخيانة، القوي ضده العاجز، والأمين ضده الخائن، وكذلك العفريت الذي قال لسليمان إنه يأتي بعرش بلقيس، وقال: إني عليه لقوي أمين، القوة ضدها العجز، والأمانة ضدها الخيانة، فـعمر رضي الله عنه وأرضاه، بين أن السبب في العزل، ليس عجزاً ولا خيانة، والتي لا يستحق أن يجعل أميراً؛ لأن العجز يترتب عليه انفلات الأمور، وضياعها، والفوضى، والخيانة يترتب عليها عدم الأمانة، وعدم إيقاع الأمور في مواقعها، ووضعها في مواضعها.
فهذا هو ما جرى، أو هذا هو ما حصل من عمر رضي الله عنه في عزله، وأنه كان لسبب خوف الفتنة، مع كون سعد هو أهل، وقوي أمين، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وليس بعاجز ولا خائن، وهو من أهل الجنة، يمشي على الأرض والناس يعلمون أنه في الجنة، لكن كما يقول الشافعي: رضا الناس غاية لا تدرك، ولا يسلم أحد من الناس، حتى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قالوا فيه ما قالوا، ووصفوه بما وصفوه به، من كونه لا يحسن أن يصلي، مع أنه محسن في صلاته؛ لأنه متبع مقتد برسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وإذاً: فـسعد رضي الله عنه، بين لـعمر بأنه كان يطيل في الأوليين، ويخفف في الأخيرتين، وأنه يقتدي في ذلك برسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وعمرو بن علي، هو: الفلاس، المحدث، الناقد، الثقة، الثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
يحيى بن سعيد، وهو: القطان، المحدث، الناقد، الثقة، الثبت، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أرفع صيغ التعديل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو عون].
أبو عون، وهو: محمد بن عبيد الله بن سعيد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه، والفلاس الذي مضى، أخرج له أصحاب الكتب الستة، لكن إسحاق بن راهويه، سبق أن مر بنا كثيراً أنه أخرج له الجماعة، إلا ابن ماجه، وهذا أيضاً كذلك أخرج له الجماعة إلا ابن ماجه.
[سمعت جابر بن سمرة].
وجابر بن سمرة بن جنادة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
عمر رضي الله عنه ليس من رواة الحديث، وإنما الحديث أسنده سعد بن أبي وقاص إلى رسول الله، ولكن سعداً رضي الله عنه ذكر هذا بمناسبة كلامه لـعمر، عندما اشتكاه أهل الكوفة إلى عمر، فقال هذه المقالة، وجابر بن سمرة ليس راوياً عن عمر، وإنما هو راو عن سعد بن أبي وقاص، فـسعد بن أبي وقاص، هو: الزهري، أحد العشرة المبشرين بالجنة، الذين بشرهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث واحد سماهم، فقال: (
وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وليس لأحد أن يشهد بالجنة لأحد لم يشهد له الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه يرجى للمحسن، ويخاف على المسيء، مذهب أهل السنة والجماعة: أنه يشهد بالجنة لمن شهد له الرسول عليه الصلاة والسلام، ويشهد بالنار لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالنار، وأما من لم يشهد له بجنة ولا نار، فإنه يسكت عنه، ويرجى لكل محسن أن يكون من أهل الجنة، ويخشى على كل مسيء أن يكون من أهل النار؛ لأن هذا غيب، ولا يعلم الغيب إلا عن طريق صاحب الغيب، عن طريق الوحي، والوحي إنما يأتي من الله، وحياً إلى رسوله الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
أورد النسائي حديث جابر بن سمرة عن سعد بن أبي وقاص من طريق أخرى، وهو بمعنى الحديث الذي قبله، ودال على ما دل عليه من الركود في الركعتين الأوليين، والحذف، أي: التخفيف في الركعتين الأخيرتين، وأنه يقتدي في ذلك بصلاة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [أخبرنا حماد بن إسماعيل].
هو حماد بن إسماعيل بن إبراهيم بن علية، ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وحماد سبق أن مر بنا ذكر أخ له وهو: محمد بن إسماعيل، هذا روى عنه النسائي عدة أحاديث فيما مضى، وأما حماد، فإنه لم يأت ذكره فيما مضى، وإنما جاء ذكر أخيه محمد بن إسماعيل في مواضع عديدة، يروي عنه النسائي وحده، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي، وسبق أن ذكرت أن لهم أخاً اسمه إبراهيم، وذاك ضال من أهل الضلال، قال عنه الذهبي في الميزان: إنه جهمي هالك، أي: خارج عن مذهب أهل السنة، بخلاف إسماعيل وابنيه: حماد، ومحمد، فإنهما من أهل السنة، وأما إبراهيم بن إسماعيل، فهو من الجهمية، وهو الذي يأتي ذكره في مسائل الفقه الشاذة، يقال: قال بها ابن علية، يراد به: إبراهيم بن علية الذي هو وصف بأنه جهمي هالك.
[حدثنا أبي].
حماد بن إسماعيل يروي عن أبيه إسماعيل، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن داود الطائي].
داود الطائي، وهو داود بن نصير الطائي، وهو ثقة، فقيه، زاهد، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن عبد الملك بن عمير].
عبد الملك بن عمير، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر بن سمرة].
جابر بن سمرة عن سعد بن أبي وقاص، وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: (إني لأعرف النظائر التي كان يقرأ بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عشرين سورة في عشر ركعات، ثم أخذ بيد
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: قراءة سورتين في ركعة واحدة، يعني: يجمع في ركعة واحدة سورتين، هذه الترجمة، سبق أن مر بنا في فضل سورة قل هو الله أحد حديث يدل على هذا، وهو قصة الرجل الذي كان يقرأ، ثم يختم بقل هو الله أحد، يعني: أنه يقرأ مع الفاتحة غيرها، ثم يختم ذلك بقل هو الله أحد، ففيه دلالة على الجمع بين سورتين في ركعة؛ لأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وأمرهم بأن يسألوه عن سبب فعله، وقال: (إنها مشتملة على صفة الرحمن، ويحب أن يقرأ بها، فقال: أخبروه بأن الله تعالى يحبه).
فالحديث يدل على هذه الترجمة، وهي: كونه يقرأ في الركعة الواحدة سورتين، وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (كنت أعرف النظائر التي كان يقرأ بهن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي عشرون سورة في عشر ركعات)، يعني: أن كل ركعة فيها سورتان، يعني ما دام أنها عشرون سورة، وهي في عشر ركعات، فمعناه أنه يقرأ في كل ركعة واحدة سورتين، ففيه دلالة على قراءة سورتين في ركعة.
والنظائر المقصود بها: التماثل، يعني في ما تشتمل عليه من الحكم، والقصص، والعبر، والعظات، وما إلى ذلك، وليس المقصود التساوي بالآيات، والتماثل بينها في الآيات، وإنما التماثل في المعنى، وفيما اشتملت عليه من القصص، والأحكام، وغير ذلك.
ثم قال الراوي، وهو أبو وائل: إنه أخذ بيد علقمة، وخرج علقمة فذكرها لهم، يعني: تلك النظائر؛ لأنه ذكرها أولاً إجمالاً، ولم يذكرها لهم تفصيلاً، يعني تلك العشرين سورة في عشر ركعات، فأخبر بها علقمة بن قيس النخعي، وقد جاءت في بعض الروايات عند أبي داود، أي: ذكر هذه النظائر المتشابهات، فكل سورتين في ركعة واحدة.
الحاصل: حديث عبد الله بن مسعود يدل على الترجمة، وهو أنها عشرون سورة في عشر ركعات، أي: في كل ركعة سورتان.
إسحاق بن إبراهيم، وهو: ابن مخلد، المشهور بـابن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[حدثنا عيسى بن يونس].
عيسى بن يونس، وهو ابن أبي إسحاق، يعني جده أبو إسحاق السبيعي، وهو: أخو إسرائيل بن يونس، وهو ثقة، مأمون، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
الأعمش، وهو: سليمان بن مهران الكاهلي، لقبه الأعمش، يأتي ذكره باللقب، ويأتي ذكره بالاسم، وكما ذكرت مراراً: هذا نوع من أنواع علوم الحديث، وهو: معرفة ألقاب المحدثين، وفائدة معرفتها: ألا يظن الشخص الواحد شخصين: إذا ذكر باسمه في موضع، وبلقبه في موضع آخر، فإن من لا يعرف، يظن أنهما شخصان، مع أنهما شخص واحد، وسليمان بن مهران الكاهلي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن شقيق].
وهو شقيق بن سلمة أبو وائل الكوفي، وهو ثقة، مخضرم، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
وهو عبد الله بن مسعود الهذلي، صاحب رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وأحد فقهاء الصحابة وعلمائهم،رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله، وذكر سبب هذا الكلام الذي قاله، وهو: أن رجلاً جاء إليه وقال: إنه قرأ المفصل في ركعة، قرأ المفصل، وهو أربعة أجزاء من القرآن في ركعة واحدة، فــعبد الله قال: أهذاً كهذ الشعر، يعني: سرعة، يسرع في قراءته، كما كان معروفاً عندهم الإسراع في قراءة الشعر، وهذه، والإسراع به، قال: أهذاً كهذ الشعر؟
ثم أرشد إلى النظائر التي كان يعلم عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه يقرن بينهما في ركعة، يعني: يأتي بسورتين في ركعة، ما كان يأتي بحزب المفصل كله من أول ق إلى آخر القرآن، هذا هو المفصل، من أول ق أو من أول الحجرات؛ لأن المفصل يبدأ إما بـ (ق)، وإما بالحجرات، كما سبق أن ذكرت ذلك في درس سابق، وأنهم يجعلون القرآن سبعة أحزاب، ويقرءون في كل ليلة أو يوم حزباً، الذي هو سبع القرآن، فالسبع الآخر أو الحزب الآخر الذي هو السابع، والذي يتضمن بعض الذارايات.
فقال: لقد عرفت النظائر، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعة الواحدة سورتين، يعني شبيه بعضهما إلى بعض، وما كان يفعل مثل هذا الفعل الذي ذكره، يعني كونه قرأ المفصل في ركعة، ومن المعلوم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطيل، وقد جاء في بعض الأحاديث: أنه قرأ البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، وهي تزيد على أربعة أجزاء، وإذا استكمل آل عمران، فمعناه أنها خمسة أجزاء وزيادة، لكن هنا لما قال: إني أقرأ المفصل في ركعة، قال: هذاً كهذ الشعر، ثم أرشده إلى النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها في ركعة.
والحاصل: أن الحديث دال على ما دل عليه الذي قبله من قراءة سورتين في ركعة.
وهذا الذي أنكره عبد الله بن مسعود، هو السرعة، يعني أنكر السرعة الشديدة التي فيها الهذ، وأما القراءة بترتيل، وبتأمل، وبتدبر، فهذا هو الذي ينبغي، وهذا هو المطلوب، وهذا هو الأفضل، لكن لو قرأ الإنسان بغير ترتيل، وبغير تمهل، ولكنه لم يسرع سرعة مفرطة، فإن ذلك سائغ؛ لأن الحافظ ابن حجر ذكر في فتح الباري عند شرح هذا الحديث في صحيح البخاري: أنه لا خلاف بين العلماء بأنه يجوز قراءة القرآن من غير تدبر، ومن غير تمهل، وإن كان التدبر، والقراءة بالتدبر أفضل وأولى، هكذا قال الحافظ ابن حجر.
إسماعيل بن مسعود، وهو أبو مسعود البصري، ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا خالد].
وهو ابن الحارث البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
وقد مر ذكره آنفاً.
[عن عمرو بن مرة].
عمرو بن مرة المرادي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت أبا وائل].
أبو وائل هو شقيق بن سلمة، الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا، وهذا من أنواع علوم الحديث: معرفة كنى المحدثين، وفائدة ذلك: ألا يظن الشخص الواحد شخصين؛ لأن الحديث واحد، جاء فيه بإسناد ذكر شقيق باسمه، وجاء بإسناد آخر بكنيته، والذي ما يعرف أن شقيق بن سلمة، كنيته أبو وائل، يظن أن شقيقاً شخص، وأبو وائل شخص آخر، والحديث واحد، وهو ثقة، مخضرم، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وعبد الله بن مسعود مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
أورد النسائي هذا الحديث، وهو: حديث عبد الله بن مسعود من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله من الإنكار على السرعة المفرطة التي قال عنها: هذاً كهذ الشعر، وقال: إنه عرف النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها، فذكر عشرين سورة في عشر ركعات، قال: من المفصل من آل حم، وفي بعض النسخ: من المفصل ومن آل حم، وهذا هو المناسب؛ لأن (آل حم) ليست من المفصل؛ لأن المفصل يبدأ بـ (ق)، والسور المبدوءة (بحم) ليست من المفصل، بل المفصل إما يبدأ بـ(ق) أو بالحجرات، إما الحجرات يبدأ بها، أو يبدأ بـ(ق).
وإذاً: فالرواية التي فيها: (ومن آل حم) المناسب أنها عطف على المفصل، فليس (آل حم) من المفصل، وإنما كان يقرن بين السور من المفصل، ومن (آل حم)، يعني ومن السور التي تبدأ بحم.
والحديث دال على ما دل عليه الذي قبله من الجمع بين سورتين في ركعة واحدة.
عمرو بن منصور، هو النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبد الله بن رجاء].
عبد الله بن رجاء، وهو الغداني البصري، وهو صدوق يهم قليلاً، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في كتاب الناسخ والمنسوخ، والنسائي، وابن ماجه.
[أخبرنا إسرائيل].
إسرائيل، وهو ابن يونس بن أبي إسحاق، هو أخو عيسى بن يونس، الذي مر ذكره قريباً، يعني إسرائيل بن يونس، وعيسى بن يونس الذي مر ذكره آنفاً، هؤلاء أخوان، وجدهما أبو إسحاق السبيعي، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حصين].
أبو حصين، وهي كنية صاحبها: عثمان بن عاصم، وهو ثقة، ثبت، سني، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن وثاب].
يحيى بن وثاب، وهو ثقة، أخرج له الجماعة إلا أبو داود.
[عن مسروق].
وهو مسروق بن الأجدع، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله].
عبد الله بن مسعود، وقد مر ذكره.
الجواب: إذا كانوا عند دخولهم المدينة، عندهم نية في البقاء أكثر من أربعة أيام، فإنهم يتمون ولا يقصرون؛ لأن حكمهم حكم المقيمين.
الجواب: أولاً: الخروج من أجل أن الناس يصلون جماعة نافلة ماله وجه أصلاً؛ لأن النوافل كما هو معلوم، كل يصلي وحده، ويصلي ما أمكنه، وتجوز صلاة النافلة جماعة، كما جاءت بذلك السنة، لكن الخروج للصحراء، من أجل أن الناس يصلون نافلة، ما أعلم لهذا دليلاً، وقد جاء في بعض الأحاديث: أن الصلاة في الفلاة أو كذا لها أجر، لكن لو ثبت ما يدل على أن الناس يخرجون، فيحمل على ما إذا كانوا في سفر، أو مثلاً سنحت الفرصة، أما أن يخرجوا لهذا الغرض، وأن يكون خروجهم لهذه المهمة، فلا يظهر أن هذا عمل صحيح، والحديث الذي ورد، إن كان صحيحاً -لا أدري عن صحته- لا يعني أن الناس يخرجون ليصلوا، وإنما من عرض له ذلك، أو حصل له ذلك، أما كون الجماعة يذهبون من أجل أن يصلوا فلا.
الجواب: الحديث هذا فيه كلام، لكن لا شك أنه دلالة على الإيمان، وأن الإنسان متصف بهذه الصفات، لكن كما هو معلوم، كونه يقال عن فلان: إنه مؤمن، أو يقال عنه: إنه مسلم، ليس فيه شهادة بالجنة، هذا شيء، وهذا شيء، الشهادة بالجنة معناه: معرفة أن الخاتمة تكون حسنة، وأنه يختم له بأن يكون من أهل الجنة، هذا معنى كونه من أهل الجنة، لكن كونه مسلماً، أو كونه مؤمناً، يمكن والعياذ بالله أن يرتد ويموت على حالة سيئة، والذي يعرف بأنه كافر، أو فاسق، يمكن أن يهتدي، ويوفق في نهاية أمره، ويختم له بخاتمة حسنة، لكن إذا قيل: فلان في الجنة، فمعناه أنه نهايته معروفة، وهذه النهاية ما تعرف طبعاً إلا عن طريق الوحي، وذلك بالثبوت عن الرسول عليه الصلاة والسلام.
فالحديث أولاً: ليس ثابتاً: (فاشهدوا له بالإيمان)، وإن كان وصف الإيمان يوصف به فئات من المسلمين، لأعمال يقومون بها، لكن ليست الشهادة بالإيمان، أو الشهادة بالإسلام، شهادة بالجنة، وإنما شهادة بما رأوه وشاهدوه وعاينوه، لكن النهاية علمها عند الله عز وجل، قد يدرك الإنسان خذلان والعياذ بالله، فيرتد في آخر أمره، ويموت على الردة، وقد يكون الإنسان من أخبث الناس، ومن أسوأ الناس، ولكن الله عز وجل يمن عليه، ويهديه في آخر عمره، وينتهي على خير.
فالحديث هذا أولاً غير صحيح، والأمر الثاني: هذا غير ما أشرنا إليه، من أنه لا يشهد لأحد بالجنة، إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بها.
الجواب: عليه أن يراعي أحوال المأمومين، وإذا كان فيهم أحد يعلم بالمشقة عليه، فإنه يراعي حاله، ولكن الإطالة تكون فيما إذا أمن الإضرار بأحد، وكان يعلم من حالة الناس رغبتهم في التطويل، وكونه لا يترتب على ذلك مشقة على أحد منهم، أما إذا كان يشق على أحد منهم، ويعلم أن فيهم وراءه من يشق عليه الطول الكثير، فإنه كما هو معلوم يراعي الإنسان حال المأمومين.
الجواب: الطهر والتطهر، الطهر هو الطهر من الحيض، انقطاع الحيض، والتطهر هو الاغتسال، حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222]، يعني: يطهرن من الحيض، يعني: يوقف الحيض وينتهي، والتطهر هو الاغتسال.
الجواب: لا، يجب عليها أن تتوضأ لكل صلاة؛ لأن الحدث دائم معها، فعليها أن تتوضأ لكل صلاة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر