إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [524]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإيمان عند أهل السنة هو قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وقد ظهرت فرق من أهل الإسلام تقول بالإرجاء، وأنه لا يضر مع الإيمان ذنب، ولا فرق بين أتقى الناس وأفجر الناس ما دام أن الكل مسلم، وهذا قول غلاة المرجئة، أما مرجئة الفقهاء فيقولون: إن الإيمان قول وتصديق ولا يلزم معه العمل، ومع ذلك فلا يخرج مرجئة الفقهاء من دائرة أهل السنة والجماعة.

    1.   

    ما جاء في رد الإرجاء

    شرح حديث (الإيمان بضع وسبعون شعبة: أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة العظم عن الطريق...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في رد الإرجاء.

    حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة العظم عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) ].

    أورد أبو داود هذه الترجمة: [باب في رد الإرجاء].

    والإرجاء في اللغة: هو التأخير، قال الله عز وجل: وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ [التوبة:106] أي: مؤخرون، وقال: قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ [الأعراف:111] أي: أخره وأخاه.

    وأما في الاصطلاح: فهو تأخير الأعمال عن أن تكون داخلة في الإيمان.

    وينقسم الإرجاء إلى قسمين: إرجاء الغلاة وإرجاء الفقهاء، وإرجاء الغلاة: أنه لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، ولا فرق بين أتقى الناس وأفجر الناس، فما دام أن الكل مسلم فهم متساوون، ولا فرق بين هؤلاء وهؤلاء، ولا يتفاوت الناس في الإيمان، وهذا مخالف للنصوص الكثيرة الدالة على أن الذنوب تضر أصحابها، وأن أمر صاحبها إلى الله سبحانه وتعالى، وأما الطاعة مع الكفر فلا تنفع، فالكافر إذا حصلت منه طاعة فإنها تكون مردودة وغير مقبولة، كقوله عز وجل: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23].

    وأما مرجئة الفقهاء فهم الذين يقولون: إن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان، وأن الإيمان هو تصديق بالقلب، وقول باللسان، وأما عمل الجوارح فلا يدخل في مسمى الإيمان، والمعروف عند أهل السنة والجماعة أن الإيمان يتكون من هذه الأمور الثلاثة: التصديق بالجنان، وقول باللسان، والعمل بالجوارح والأركان.

    ونورد هنا أقوال كبار أئمة السلف الدالة على موقفهم من الإرجاء:

    قال سفيان الثوري رحمه الله: خالفنا المرجئة في ثلاث: نحن نقول: الإيمان قول وعمل، وهم يقولون: قول بلا عمل، ونحن نقول: يزيد وينقص، وهم يقولون: لا يزيد ولا ينقص، ونحن نقول: أهل السنة عندنا مؤمنون، أما عند الله فالله أعلم، وهم يقولون: نحن عند الله مؤمنون.

    أي: مؤمنون كاملو الإيمان، فعندهم أن كل إنسان مسلم فهو كامل الإيمان.

    وهذا الأثر أخرجه البيهقي في كتاب (الاعتقاد إلى سبيل الرشاد).

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقالت المرجئة -على اختلاف فرقهم-: لا تذهب الكبائر وترك الواجبات الظاهرة شيئاً من الإيمان، إذ لو ذهب شيء منه لم يبق منه شيء، فيكون شيئاً واحداً يستوي فيه البر والفاجر، ونصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه تدل على ذهاب بعضه وبقاء بعضه، كقوله: (يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان).

    وهذا كلام صحيح، وهذا هو الواقع، فالناس متفاوتون في الإيمان، ففيهم من هو كامل الإيمان، وفيهم من هو ناقص الإيمان، وكلهم مؤمنون، لكن لا يقال: إن أتقى الناس وأفجر الناس سواء.

    وسئل الإمام أحمد رحمه الله: عمن قال: الإيمان يزيد وينقص؟ قال: هذا بريء من الإرجاء.

    وقال الإمام البربهاري : ومن قال: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص؛ فقد خرج من الإرجاء كله: أوله وآخره.

    وقال الإمام أحمد رحمه الله: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، إذا زنى وشرب الخمر نقص إيمانه.

    وقال الإمام أحمد : قيل لـابن المبارك : ترى الإرجاء؟ قال: أنا أقول: الإيمان قول وعمل، وكيف أكون مرجئاً؟!

    وقال أبو عثمان الصابوني رحمه الله: ومن مذهب أهل الحديث أن الإيمان قول وعمل ومعرفة، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

    وأخرج الآجري من طريق أحمد بن حنبل عن عمير بن حبيب قال: الإيمان يزيد وينقص، فقيل: وما زيادته، وما نقصانه؟ قال: إذا ذكرنا الله فحمدناه وسبحناه فتلك زيادته، وإذا غفلنا وضيعنا ونسينا فذلك نقصانه.

    وقال الزهري رحمه الله: ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على الملة من هذه، يعني: أهل الإرجاء.

    والمقصود من ذلك: أنها تؤدي إلى التسيب والانفلات من الأحكام الشرعية، فالمرجئة يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب، أي: أن للإنسان أن يفعل المعاصي كيف يشاء، ومع ذلك فإنه يكون مؤمناً كامل الإيمان، ففيها التسيب والانفلات، وفيها عدم الاهتمام بالتكاليف؛ لأن التكاليف عندهم تركها لا يؤثر، والمعاصي فعلها لا يؤثر، فهذا يدل على خطورتها من ناحية الانفلات من الأحكام الشرعية.

    وقال الحميدي : سمعت وكيعاً يقول: أهل السنة والجماعة يقولون: الإيمان قول وعمل، والمرجئة يقولون: الإيمان قول، والجهمية يقولون: الإيمان المعرفة، أي: التصديق.

    وقد ذكر البخاري رحمه الله أنه لقي أكثر من ألف شيخ كلهم يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.

    وقال الأوزاعي رحمه الله: ثلاث هن بدعة: أنا مؤمن مستكمل الإيمان، وأنا مؤمن حقاً، وأنا مؤمن عند الله.

    لأن هذه أقوال المرجئة، فمؤمن مستكمل الإيمان عندهم، يعني: كل الناس مؤمنون كاملو الإيمان، ومؤمن حقاً هو بمعناه، يعني: عنده حقيقة الإيمان، وكذلك مؤمن عند الله، فهي كلها بمعنى واحد.

    وقال سعيد بن جبير رحمه الله: مثل المرجئة مثل الصابئين.

    وممن روي عنه أن الإيمان قول وعمل: الحسن وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز وعطاء وطاوس ومجاهد والشعبي والنخعي والزهري ومالك والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وغيرهم..

    فهم لا يحصون، وقد ذكر الإمام البخاري أن أكثر من ألف شيخ لقيهم كلهم يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص.

    وقال محمد بن جرير الطبري : والصواب لدينا من القول: أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص وبه الخبر عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه مضى أهل الدين والفضل.

    يقول: ثم أول من تكلم بالإرجاء هو: زرقان بن غيلان ، قال: إن الإيمان هو الإقرار باللسان، وهو التصديق. نقله في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) للالكائي .

    وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة العظم عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)، والمقصود من إيراد هذا الحديث أن الإيمان له شعب، وأن الأعمال داخلة في هذه الشعب، مثل إماطة العظم عن الطريق، فهذا عمل من الأعمال وأدخله في الإيمان، وكذلك قول اللسان هو عمل اللسان، وكذلك الحياء شعبة من الإيمان، وهو عمل القلب، فكل هذه داخلة في مسمى الإيمان وهي أعمال، ولكن الشيء الذي هو عمل واضح في هذا الحديث هو إماطة العظم عن الطريق، وقد جاء في بعض الروايات: إماطة الأذى، وهو أعم من أن يكون عظماً، فقد يكون الأذى شوكاً، أو عظماً، أو زجاجاً، أو حجراً، أو شيئاً يحصل به الانزلاق كقشر الموز، وغير ذلك من الأشياء، فإزالة ذلك من الإيمان.

    فهذا الحديث يدل على أن هذه كلها داخلة تحت مسمى الإيمان، وأنها شعبة من شعبه، وفيها ما هو عمل.

    تراجم رجال إسناد حديث (الإيمان بضع وسبعون شعبة: أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة العظم عن الطريق...)

    قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

    هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا حماد ].

    هو حماد بن سلمة بن دينار البصري ، وهو ثقة عابد تغير حفظه بأخره، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

    [ أخبرنا سهيل بن أبي صالح ].

    سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    وروايته في (صحيح البخاري ) مقرونة، وأما مسلم فقد أخرج له في صحيحه في الأصول.

    [ عن عبد الله بن دينار ].

    عبد الله بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي صالح ].

    أبو صالح هو ذكوان السمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وسهيل يروي عن أبيه مباشرة، ولكنه هنا يروي عنه بواسطة.

    [عن أبي هريرة].

    قد مر ذكره.

    شرح حديث (...أتدرون ما الإيمان بالله...؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثني يحيى بن سعيد عن شعبة حدثني أبو حمزة، قال سمعت ابن عباس قال: (إن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرهم بالإيمان بالله، قال: أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم) ].

    أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن وفد عبد القيس)، وهم من ربيعة بن نزار، ويلتقي نسبهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في نزار ، وربيعة هو أخو مضر الذي هو من آباء الرسول صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء كانوا ممن تقدم إسلامه، وكانوا في البحرين، وكانوا -كما جاء في بعض طرق هذا الحديث- لا يستطيعون أن يأتوا إليه إلا في شهر حرام، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: (إن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، ولا نستطيع أن نصل إليك إلا في شهر حرام، فمرنا بأمر نعمل به ونبلغه من وراءنا، فقال: آمركم بالإيمان..) الحديث، ثم قال: (أتدرون ما الإيمان؟)، ففسره لهم (بالشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدوا الخمس مما غنمتم)، وهذه كلها أعمال، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بها، فدل على أنها داخلة في مسمى الإيمان.

    تراجم رجال إسناد حديث (...أتدرون ما الإيمان بالله...؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة...)

    قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

    هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا يحيى بن سعيد ].

    هو يحيى بن سعيد القطان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن شعبة ].

    هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثني أبو جمرة].

    أبو جمرة هو نصر بن عمران الضبعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن ابن عباس ].

    ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    وأبو جمرة هذا مشهور بالرواية عن ابن عباس ، بل جاء في بعض طرق هذا الحديث في (صحيح البخاري ) أن ابن عباس قال له: ألا أجعل لك شيئاً من مالي حتى تبلغ عني الناس، فكان يأتي يسمع الحديث منه، ثم يبلغه للناس.

    قال الحافظ ابن حجر : وهذا حجة في اتخاذ المحدث المستملي؛ كي يبلغ الناس، أو يبلغ صوته للناس إذا كانوا كثيرين ولا يصل صوته إليهم. وهناك شخص آخر يروي عن ابن عباس يقال له: أبو حمزة القصاب ، وهو يشتبه بهذا من ناحية من قبيل المؤتلف والمختلف. وأبو حمزة القصاب هذا هو الذي روى عن ابن عباس الحديث المتعلق بـمعاوية : (لا أشبع الله بطنه) كما في (صحيح مسلم )، وهذا الحديث يعتبر محمدة له وليس مذمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم! من دعوت عليه دعوة ليس لها بأهل فأبدل ذلك له زكاة وطهراً).

    شرح حديث (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة) ].

    أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة)، وهذا يدلنا على عظم شأن الصلاة، وأن تركها كفر، والمقصود بالترك الترك تهاوناً وكسلاً وليس جحوداً، وأما الجحود فإن من جحد ما هو أقل منها فإنه يكفر به باتفاق المسلمين، وإنما الكلام في الترك كسلاً وتهاوناً. وهذا الحديث مما استدل به من قال بكفر تارك الصلاة، وأوضح ما يستدل به على كفره أيضاً الحديث الذي جاء في قتال الأمراء والخروج عليهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان)، وجاء في بعض الروايات: (لا ما صلوا)، فدل هذا على أنهم إذا لم يصلوا فقد حصل الكفر الذي فيه من الله برهان.

    وهذا الحديث دال أيضاً على ما ذكره المصنف في هذا الباب من جهة أن الصلاة هي من جملة الأعمال وهي داخلة في مسمى الإيمان، لأن تركها يكون كفراً، والكفر مقابل للإيمان.

    تراجم رجال إسناد حديث (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة)

    قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

    أحمد بن حنبل مر ذكره.

    [ حدثنا وكيع ].

    هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا سفيان ].

    هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي الزبير ].

    هو أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن جابر ].

    هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    الأسئلة

    هل الخلاف بين أهل السنة والمرجئة خلاف لفظي

    السؤال: هل خلاف أهل السنة مع مرجئة الفقهاء خلاف لفظي كما يقول شارح الطحاوية؟

    الجواب: شارح الطحاوية يقول: إنه لفظي، وهو نفسه قد أشار إلى محاذير تتعلق بذلك، منها: أنه وسيلة إلى القول المذموم الذي هو قول غلاة المرجئة، وهو أيضاً وسيلة إلى التساهل في أمر الأعمال وتهوين شأنها.

    عدم خروج مرجئة الفقهاء عن دائرة أهل السنة والجماعة

    السؤال: هل مرجئة الفقهاء خارجون عن دائرة أهل السنة والجماعة؟

    الجواب: لا، ليسوا بخارجين من أهل السنة والجماعة، ولكنهم أخطئوا في هذا.

    حكم من ترك جميع الأعمال ولم يأت إلا بالشهادتين

    السؤال: لو قال بلسانه الشهادتين، واعتقد بقلبه التوحيد، ولم يعمل خيراً طيلة حياته، فلم يقم بواجب ولم يترك محرماً، فهل هذه المقالة مقالة الإرجاء؟

    الجواب: هذه المقالة لا شك أنها سيئة، وقد جاءت النصوص بأن ترك الصلاة كفر، وأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يعتبرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة، فمثل هذا القول يدل على خلاف هذا الذي جاء عن الصحابة، ولا يقال: إن المقصود من ذلك الجحود؛ لأن الجحود كفر باتفاق وإجماع المسلمين، بل حتى لو جحد ما هو دون الصلاة فإنه يكفر، والذي جاء عن الصحابة إنما هو في التهاون والكسل.

    الجمع بين كون النبي صلى بالأنبياء ليلة الإسراء وبين قوله: (وأول من تنشق عنه الأرض)

    السؤال: كيف الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم (وأول من تنشق عنه الأرض) وكون النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بالأنبياء ورآهم في ليلة الإسراء والمعراج؟

    الجواب: هذا الذي رآه ليست هي الأجساد، فالأجساد لا تخرج من الأرض وتبقى القبور خالية، وإنما الأمر كما قال بعض أهل العلم: إن الذي رآه صلى الله عليه وسلم هو أرواحهم في صور أجسادهم، وإلا فإن الأجساد هي في الأرض إلى يوم البعث والنشور، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بالأرواح التي هي بصور الأجساد.

    هل الأعمال شرط كمال أو شرط صحة؟

    السؤال: هل الأعمال شرط كمال أو شرط صحة في الإيمان؟

    الجواب: هي جزء منه، ومنها ما هو شرط كمال، ومنها ما هو شرط صحة، فمنها ما يكون لا بد منه لأنه يحصل به الكمال، ومنها ما يحصل به الأساس مثل الصلاة، فإن الصلاة لا يقال: إن الإنسان إذا أتى بها حصل كمالاً وإذا لم يأت بها لم يحصل شيئاً، وهذا على القول الصحيح بأنه كفر.

    فالكمال بالنوافل، وأما الفرائض فهي على سبيل الوجوب واللزوم، ولا بد منها.

    وفي هذه الأيام أصبحنا نسمع أن من ترك جنس العمل فإنه يكفر، ومعنى ترك جنس العمل: ترك أي عمل من الأعمال، وهذا هو معتقد الخوارج الذين يكفرون مرتكب الكبيرة، فعندهم أن من ترك جنس العمل -أي: ترك أي شيء من العمل- فإنه يكفر، والصواب: أن الأعمال مثلها كمثل جسد الإنسان، فهي متفاوتة، فمنها أشياء إذا ذهبت بقي الإيمان، ومنها أشياء إذا ذهبت ذهب الإيمان، فجسد الإنسان لو قطعت منه أصبعاً بقي الجسد، لكن لو قطع رأسه أو قطع منه شيء قاتل فإنه يذهب.

    حكم لبس الخف في حال الإحرام لعذر

    السؤال: ما حكم من لبس الخف في القدم حال الإحرام؛ لأن القدم تتعبه وهو يتألم منها؟

    الجواب: إذا كان الخف يظهر منه الكعبان ولا يغطيهما فلا بأس به.

    الشيخ الألباني والإرجاء

    السؤال: كثر الكلام بين طلبة العلم في الآونة الأخيرة حول مسألة الإرجاء خاصة عند الشيخ الألباني رحمه الله، فنرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا: هل الشيخ الألباني وقع في الإرجاء كما يزعم البعض أم أنه بريء منه؟

    الجواب: بالنسبة للشيخ الألباني فأنا لم أقرأ شيئاً من التفاصيل عنه، ولكن الذي أفهمه أن هذا الذي نسب إليه إنما هو بسبب القول بأن ترك الصلاة تهاوناً وكسلاً ليس كفراً، ومشهور بين أهل العلم أن ذلك لا يعتبر كفراً، فكثير من أهل العلم قال بهذا القول، فلا يعتبر من قال بذلك مرجئاً.

    حكم ترك جنس العمل

    السؤال: هل أجمع العلماء على أن ترك جنس العمل كفر؟

    الجواب: كيف يكون ذلك والذين يقولون: إن ترك جنس العمل كفر إنما هم الخوارج؟ فهم يقولون: إن الإنسان إذا ارتكب معصية فإنه يخرج من الإيمان ويصير كافراً، ويقول المعتزلة: إنه يخرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر، فهو في منزلة بين المنزلتين، لكنهم يتفقون مع الخوارج في كونه خالداً في النار أبد الآباد.

    ويقابلهم في الجانب الآخر المرجئة، وعندهم أن مرتكب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان، والحق وسط بين هؤلاء وهؤلاء، وهو ما عليه أهل السنة والجماعة، فهم يقولون: هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، أو هو مؤمن ناقص الإيمان، فقولهم: مؤمن، خالفوا فيه الخوارج الذين قالوا: هو كافر، وقولهم: ناقص الإيمان، خالفوا فيه المرجئة الذين قالوا: هو كامل الإيمان، وهما طرفا الإفراط والتفريط، فالمرجئة فرطوا وأهملوا وضيعوا، فقولهم فيه تحلل من الدين، وانفلات من أحكام الشريعة، ويكون مع ذلك مؤمناً كامل الإيمان، والخوارج والمعتزلة أفرطوا حتى أخرجوا المؤمن العاصي من الإيمان، فالحق وسط بين الإفراط والتفريط كما قال الخطابي :

    ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد

    كلا طرفي قصد الأمور ذميم

    يعني: طرف الإفراط وطرف التفريط.

    ومعنى جنس العمل: أيّ عمل من الأعمال، وأما إذا ترك العمل فيقال فيه: ترك العمل نهائياً، أو ترك كل الأعمال.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755942049