إسلام ويب

المطهرات من الذنوبللشيخ : أحمد سعيد الفودعي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الذنوب أدران تؤذي الروح والبدن، وفي العمل بدين الله ما يزيلها ويطهر الإنسان منها، فالحج والوضوء والتوبة والاستغفار طهارة ونقاء للمسلم المذنب، حتى إذا لقي الله على هذا النقاء قالت له الملائكة: (طبتم فادخلوها خالدين).

    1.   

    تطهير الحج العبد المؤمن من ذنوبه

    الحمد لله العزيز الغفار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مبدل السيئات حسنات وممحي الأوزار، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المصطفى المختار، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه الطيبين الأطهار.

    إخوة الإيمان! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنه من اتقى الله وقاه، ومن توكل عليه كفاه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:2-3].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    إخوتي في الله! من حكمة الله جل وعلا ورحمته بعباده أن يسر لهم مواسم وأعمالاً بها يحصل تطهير المسلم من الذنوب والآثام، فإن الله جل وعلا جعل بين يدي نار جهنم جملة من المطهرات التي يتطهر بها المسلم من سيئته وذنبه، فإن الله جل وعلا لا يقبل في جواره إلا الطيبين الأطهار، تقول الملائكة يوم القيامة لأهل الجنة: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [الزمر:73] فلا يدخل جنة الله إلا الطيبون، لا يدخل جنة الله إلا من طهر من سيئته وذنبه، فلا يصلح لجوار الله إلا من كان طاهراً، كما لا يصلح لمناجاة الله في الدنيا إلا من كان طاهراً.

    وهناك جملة من المطهرات جعلها الله عز وجل بين يدي هذا المسلم يتناولها إما في العام، وإما في الأسبوع، وإما خلال اليوم والليلة، بعضها بكسبه وعمله، وبعضها تفعل فيه، والموفق من استمع القول فاتبع أحسنه.

    لقد خرج المسلمون من هذا الموسم العظيم -موسم الحج- بما فيه من فضائل الله وإنعامه على عباده، فإن الله جل وعلا يهبط إلى السماء الدنيا عشية عرفة، ويباهي الملائكة قائلاً جل وعلا: ( عبادي جاءوني شعثاً غبراً، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي، أشهدكم أني قد غفرت لهم )، ويقول لهم سبحانه وتعالى: ( لو كانت ذنوبكم مثل رمل عالج، أو عدد قطر السماء، أو عدد رمال الأرض، لغفرتها لكم، ثم يقول لهم إذا غربت الشمس: أفيضوا مغفوراً لكم ولمن شفعتم فيه ).

    يذهب الحاج ليطوف طواف الإفاضة حول البيت يوم العيد بعد أن أدى أعمال النسك، فتنزل الملائكة من السماء، ويضع الملك يده بين كتفي هذا الحاج، ويقول له وهو يطوف بالبيت: ( اعمل فيما يستقبل فقد غفر لك ما مضى )، يرجع الحاج إلى أهله ووطنه كما أخبر عليه الصلاة والسلام: ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه )، هذا ما هو إلا مظهر من مظاهر تطهير هذا المسلم، تطهيره من ذنبه، تطهيره من سيئته، ولكن الله جل وعلا جعل لغير الحجاج أوقاتاً ومواسم، وجعل لهم أعمالاً بها يتطهرون من ذنوبهم، وبها يتخلون من أدناسهم ورذائلهم، جعل الله جملة من المطهرات تمر على الإنسان بين يديه ليلاً ونهاراً، والموفق من استبق الخير، وبادر إلى الحسنة، وسابق إلى الخيرات، حتى يلقى الله عز وجل طاهراً، ومن أصر على أن يتحلى بذنبه، وأن يبقى في درنه ونجسه، فإن أمامه المطهر الأعظم، أمامه نار جهنم، فإنها تخلص المسلم من ذنوبه وسيئاته، حتى يطهر منها، ثم بعد ذلك يدخل الجنة، ومن يرضى لنفسه بالشقاء والعذاب ما دامت هذه المطهرات بين يديك؟

    أخي في الله! دعنا نجول سريعاً في بعض هذه المطهرات؛ عل الله أن يشرح منا الصدور، ويدفع الهمم لتأخذ ببعض منها، فبعضها سهل يسير، وبعضها يحتاج إلى نوع مجاهدة وصبر وبلاء، والمسلم ينبغي له أن يأخذ من الخير بأحسنه.

    1.   

    الوضوء والخروج إلى الصلاة مطهر من الذنوب

    في صحيح مسلم عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: ( بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله! إني أصبت حداً فأقمه علي)، يعني: فعلت ذنباً يستوجب الحد فأقم علي الحد، ( قال أبو أمامة : فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أعاد الرجل الكلمة وقال: يا رسول الله! إني أصبت حداً فأقمه علي، قال أبو أمامة : فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقيمت الصلاة، وكانت صلاة العصر، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلما انصرف رسول الله من الصلاة قام إليه الرجل، فقال: يا رسول الله! إني أصبت حداً فأقمه علي، فانصرف نبي الله صلى الله عليه وسلم ) أي: أعرض عنه، وترك كلمته، ( قال أبو أمامة : فاتبع الرجل رسول الله، واتبعت رسول الله أنظر ما يرد على الرجل، فلما لحق الرجل برسول الله قال: يا رسول الله! لقد أصبت حداً فأقمه علي، فقال له عليه الصلاة والسلام: أرأيت -يعني أخبرني- حين خرجت من بيتك أليس قد توضأت فأحسنت الوضوء؟ قال: بلى، قال: ثم شهدت الصلاة معنا، قال: نعم، قال: قد غفر الله لك ذنبك )، وفي هذا نزل قول الله سبحانه وتعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114]، هكذا يريد الله جل وعلا أن يغفر للعبد، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ [النساء:27]، مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ [المائدة:6]، قال هذا بعد أن شُرع الوضوء وأمر الناس بالطهارة، مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ [المائدة:6] فيما فرض وأمر ونهى، وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ [المائدة:6]، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا [النساء:27]، يريد الله جل وعز أن يتوب على هذا الإنسان، يريد الله سبحانه وتعالى أن يطهر هذا الإنسان، يريد الله سبحانه وتعالى لهذا الإنسان أن ينال الدرجات العلى من الجنة، وأن يفوز برضوان الله، ومن أجل ذلك يسر له هذه الأسباب: الطهارة، وإحسان الوضوء في البيت، والخروج إلى الصلاة، من أعظم الأسباب التي تنال بها تكفير السيئات، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل ذنوب بطشتها يداه، مع الماء أو مع آخر قطر الماء )، وهكذا حتى قال في آخر الحديث: ( حتى يخرج نقياً من الخطايا والذنوب، فإذا ذهب إلى المسجد لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، تستغفر له: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه )؟ وهو في صلاته موعود بأسباب عديدة من التكفير.

    1.   

    الصلاة وأعمالها مطهرة من الذنوب

    الصلاة في ذاتها تكفير للسيئة التي تسبقها، قال عليه الصلاة والسلام: ( الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر )، إذا صلى في جماعه فوافق تأمينه تأمين الإمام عند قوله: آمين ووافق تأمين الملائكة أخبر عليه الصلاة والسلام بأن ( من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما كان من ذنبه ) الصلاة، وما يلحقها من أعمال مكفرات للذنوب.

    1.   

    ذكر الله دبر الصلاة وغيره مطهر من الذنوب

    من أجل ذلك أذكار الصلاة، قد قال لنا عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح: ( من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمده ثلاثاً وثلاثين، وكبره ثلاثاً وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، حطت عنه خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر )، حطت عنه الخطايا مهما عظمت.

    إن ذنوبك أيها الإنسان! مهما كبرت، ومهما كثرت وتعاظمت، إنها في جنب عفو الله شيء يسيرة قليلة، إنها في مقام مغفرة الله أمر بسيط يسير، إنما مطلوب من الإنسان أن يتسبب في الوصول إلى هذا التكفير، مطلوب من الإنسان أن يأخذ بأسباب هذه المغفرة.

    في مستدرك الحاكم ، وحكم على رجال الإسناد بأنهم موثقون يقول الراوي: ( سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: واذنوباه! -يعني كثرت علي الذنوب- فلما سمع النبي عليه الصلاة والسلام مقولة الرجل: قال له: قل: اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي فقالها الرجل، فكررها عليه الصلاة والسلام ثانية: قل: اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي فلما كررها ثانية أعادها عليه الصلاة والسلام ثالثة: قل: اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي، فلما قالها للمرة الثالثة، قال له عليه الصلاة والسلام: قم فقد غفر الله لك ذنبك )، ماذا تفعل إذا كان الله عز وجل يدعوك مساء صباح لتكفر ذنبك وسيئتك، يقول الله وهو الغني الأعلى: ( يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي )، ولماذا يبالي وهو العزيز الغفور؟ ولماذا يبالي وهو الغني الحميد؟ ولماذا يبالي وهو لا يحتاج إلى طاعة الطائع كما لا تضره معصية العاصي؟ لماذا يبالي؟ ( إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي )، إنما يريد سبحانه وتعالى من هذا العبد أن يسلك سبيل المغفرة، يريد من هذا العبد أن يأخذ بأسباب التكفير والتطهير، ألم يعدنا عليه الصلاة والسلام بأنواع الوعود بالتكفير على كلمات من الذكر نقولها متى شئنا في صباحنا ومسائنا، في ليلنا ونهارنا، لقد قال عليه الصلاة والسلام: ( من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر )، مهما بلغت الذنوب كم تأخذ منك سبحان الله وبحمده مائة مرة، أتأخذ دقيقتين؟ أتأخذ ثلاث دقائق؟ ( من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت كعدل عشر رقاب، وحطت عنه مائة خطيئة، ورفعت له مائة درجة )، هكذا تكون كلمات الأذكار، كلمات الذكر في الصباح والمساء، كلمات التسبيح والتهليل والتحميد، فلترة لأعمال هذا الإنسان، وتنقية لشوائبه وذنوبه وسيئاته، المطلوب من العبد أن يتقي الله عز وجل في نفسه، فيبادر الفرص، ويسابق الخيرات، ويستعجل الحسنات، وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ[هود:114]، لقد مرت بنا مناسبات وهذه المناسبة مناسبة يوم الجمعة، وما فيها من الأعمال وما ادخر الله عز وجل فيها من الفضائل من أعظم الكنوز التي تسابق إليها الأنفس الشريفة: ( إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم يصلي يسأل الله عز وجل فيها شيئاً من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه )، هذه الخيرات مبذولة، وهذه الأسباب متيسرة سهلة، والمحروم كما قالت الملائكة: من حرم الثواب، ( الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار )، والصوم يذهب بالسيئات السيئة تلو الأخرى، فرمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما، وصوم يوم عرفة يكفر سنتين، وصوم عاشوراء يكفر سنة بكاملها، الحسنات مبذولة أمامك أيها المسلم، ( وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن ).

    إنما يتفطن إلى أهمية محو السيئة من علم شدة الوقوف والمقام بين يدي الله، وعلم هول الموقف يوم تنصب الموازين، وتنشر الصحف، وتتطاير صحائف الأعمال، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله، يوم ينظر الإنسان عن يمينه فلا يرى إلا النار، وينظر عن شماله فلا يرى إلا النار، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا صحائف الأعمال التي قدمها، يوم ينظر الإنسان إلى تلك الصفحة العظيمة وقد دون فيها ما دون، هناك يعلم يقيناً أهمية تلك الكلمات التي كان يقولها في الدنيا، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح: ( من أحب أن تسره صحيفته غداً فليكثر فيها من الاستغفار )، من أحب أن يسر بتلك الصحيفة، ويرى فيها ما يبيض الوجه، ويكتب له به الفوز والفلاح والنجاة، وأن يأمن حين يخاف الناس، وأن ينعم حين يعذب الناس فعليه أن يهتم بصحيفة الأعمال اليوم، فإننا لا نزال في زمن الفسحة، لا نزال في أيام المهلة، لا نزال في زمان الكسب والعمل، وهذه أسباب الخيرات ميسرة سهلة ذليلة.

    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    الاستغفار والتوبة مطهرات من الذنوب

    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    أيها الأخ الكريم! الحسنات الماحية لما سلف من الذنوب هي أول الأسباب العشرة التي تحول بين الإنسان وبين النار، التي تجعل الإنسان فائزاً ظافراً مفلحاً إذا رأى صحيفة أعماله.

    وهناك مكفرات أخرى منها وأجلها وأعظمها: الاستغفار والتوبة.

    الاستغفار: طلب المغفرة من الله، أن يقول العبد: اللهم اغفر لي، أن يقول العبد هذه الكلمة السهلة اليسيرة، هذه الكلمة البسيطة، أن يقولها الإنسان بقلب مقبل على الله، فإن العبد إذا أذنب ذنباً فقال هذه الكلمة قال الله عز وجل له: قد غفرت لك، هكذا وردت الأحاديث، يتوب العبد ويستغفر المرة الأولى ثم يذنب ثانية، فيستغفر ثانية، ثم يذنب ثالثة فيستغفر ثالثة، فيقول الله له: اعمل ما شئت فقد غفرت لك، ما دمت على هذا الطريق، وما دمت تسلك هذا المسلك، فإن الذنب لن يضرك، إذا كنت تستغفر من ذنوبك مساء صباح، فأنت موعود بجنة الله.

    سيد الاستغفار من قاله إذا أصبح موقناً فمات دخل الجنة، ومن قاله ممسياً موقناً فمات دخل الجنة، الاستغفار وما أناط الله عز وجل به من الخيرات، كان لقمان عليه السلام كما يروى عنه يوصي ولده بالاستغفار، ويقول: يا بني! عود لسانك: أستغفر الله، فإن لله عز وجل ساعات لا تدري متى توافقها فتنزل عليك المغفرة، عود لسانك هذه الكلمة، يقول الحسن البصري : استغفروا الله في طرقكم، وفي أسواقكم، وفي بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي مجالسكم، فإنكم لا تدرون أي ساعة تتنزل فيها المغفرة.

    لله عز وجل ساعات تنزل فيها المغفرة في الليل والنهار، على المسلم أن يلهج بكلمات الاستغفار في صباحه ومسائه.

    الله جل شأنه وعد وهو أصدق من وعد بأن المستغفر ممحو عنه ذنبه إذا التحق بالاستغفار شرائط التوبة، لقد جاءت الأحاديث الوفيرة في فضل الاستغفار والحث عليه، ومن أجلها وأعظمها قوله عليه الصلاة والسلام وهو يتكلم عن صحيفة أعمال المسلم: ( إذا وجد في أولها استغفاراً، وفي آخرها استغفاراً، قال الله عز وجل للملائكة يوم القيامة: قد غفرت لعبدي ما بينهما )، خير ما يفعله المسلم أن يفتتح صباحه بسيد الاستغفار، وأن يختم نهاره بسيد الاستغفار، أن يقول سيد الاستغفار في أول ليله، وأن يقول سيد الاستغفار في آخر ليله، فإن الله وعد ووعده الحق، ( غفرت له ما بينهما )، ( من أحب أن تسره صحيفته غداً فليكثر فيها من الاستغفار )، كلمات الاستغفار بسيطة سهلة لا تكلفك شيئاً، تحتاج منك إلى إحضار القلب بعظمة الرب الآمر الناهي، وعظمة الذنب الذي اقترفته واكتسبته، وشؤم المعصية وما تجره إليك من الويلات، فتدفع في نفسك الحسرة والندامة.

    نسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يهدينا لأحسن الأعمال والأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنا سيئ الأعمال والأخلاق لا يصرف عنا سيئها إلا هو.

    رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].

    اللهم صل وسلم على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756211005