أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة..
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات ومعاملات، وها نحن في كتاب الصلاة ومع صلاة الخوف.
أشهر كيفيات صلاة الخوف في السفر: أن ينقسم المعسكر إلى طائفتين، طائفة تقف تجاه العدو، وطائفة تصف وراء الإمام، فيصلي بها ركعة ويثبت قائماً، وتقوم هي تصلي ركعة أخرى وتسلم، وتذهب فتقف موقف الطائفة الأخرى في وجه العدو، وتأتي الأخرى فيصلي بها الإمام ركعة ويثبت جالساً فتقوم هي وتأتي بركعة أخرى ثم يسلم بهم. وهذه حالة واضحة؛ لأن الخوف ليس بشديد، أي أنه ليس في وقت القتال.
[وشاهد هذه الكيفية: حديث سهل بن أبي حثمة إذ جاء فيه: (أن طائفة صفت مع النبي صلى الله عليه وسلم وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائماً، فأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالساً فأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم )] هذه صورة من صور صلاة الخوف.
فالجمعة حق واجب على كل مسلم، في جماعة -لا يصليها وحده- إلا أربعة: عبد مملوك لسيده لا يسمح له أن يصليها، فمعفو عنه، أو امرأة في بيتها؛ فإنه لا يجب عليها الجمعة، أو صبي صغير لا يلزمه، أو مريض لا يقدر على الذهاب إلى الجمعة فتسقط عنه.
[من الحكم التي شرعت لها صلاة الجمعة: جمع المكلفين القادرين على تحمل المسئوليات من أهل البلد أو القرية أول كل أسبوع في مكان واحد؛ لتلقي كل ما يجدُ ويحدثُ من قرارات، وبيانات يصدرها إمام المسلمين وخليفتهم فيما يتعلق بإصلاح دينهم ودنياهم].
فذاك الزمن لا تبلغ فيه الأوامر والتكاليف إلا عن طريق الجمع، فلا تلفون ولا راديو آنذاك ولا صحف ولا مجلات، ولكن يجتمع الرجال المكلفين بالحاكم عن طريق الجمعة، ومن ثم يعلن الحاكم ما يريد أن يفعله أو يتركه.
وهذه حكمة عجيبة عرفها أهل الإسلام ولم يعرفها غيرهم.
قال: [وليسمعوا من الترغيب والترهيب والوعد والوعيد] فعندما يحضرون يُسمعهم الخطيب ويرغبهم في الخير ويرهبهم من الشر [ما يحملهم على النهوض بواجباتهم، ويساعدهم على القيام بها في نشاط وحزم طوال الأسبوع].
الفائدة الثانية من فوائد الجمعة: سماع الحاضرين للترغيب والترهيب والوعد والوعيد، الأمر الذي يحملهم على النهوض بواجباتهم ويساعدهم على القيام بها في نشاط وحزم طوال الأسبوع.
قال: [وتبدو هذه الحكمة للمتأمل: من خلال شروط الجمعة وخصائصها] وتبدو هذه الحكمة وتظهر لمن تأمل من خلال شروط الجمعة وخصائصها [إذ من شروطها: القرية] لابد من القرية [ والجماعة] لا فرادى [والمسجد وتوحيده] فلا تصلى الجمعة في كل مسجد وإنما في مسجد واحد؛ ليحضر الناس كلهم؛ لأن الخطيب إمام يبلغ عن الحاكم، فإذا كان الناس مفرقين فإنه لا يبلغهم، فينبغي أن يكونوا في مسجد واحد، إلا إذا ضاق وما اتسع واتسعت البلاد فينشأ مسجد آخر [والخطبة وكونها من الخليفة أو الوالي، وتحريم الكلام أثنائها] فلا يحل لمؤمن أن يقول كلمة والإمام يخطب [وسقوطها عن العبد والمرأة والصبي والمريض؛ لأن تكليف هؤلاء غير تام، وليسوا بقادرين على القيام بما قد يطالبون به على المنبر من مسئوليات وتكاليف].
[يوم الجمعة يوم فاضل وعظيم، ومن خير أيام الدنيا] يوم الجمعة من خير أيام الدنيا وأفضلها [قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير يوم طلعت فيه الشمس: يوم الجمعة، فيه خلق آدم )] في هذا اليوم خلق الله آدم وصنعه [( وفيه أدخل إلى الجنة وفيه أخرج منها )] أي: أدخل الجنة وأهبط منها إلى الدنيا في هذا اليوم [( ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة ) فينبغي أن يعظم هذا اليوم بتعظيم الله له، فيكثر فيه من الصالحات، ويبتعد فيه عن جميع السيئات].
يوم الجمعة يوم فاضل عظيم من خير أيام الدنيا، حرمه اليهود والنصارى وفاز به المسلمون، وفضائله هي كالتالي:
فيه خلق آدم عليه السلام. وهذه فضيلة.
وفيه أدخل بعد خلقه إلى الجنة. وهذه فضيلة ثانية.
وفيه أخرج منها لما أكل من الشجرة.
ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة.
فينبغي علينا إذاً أن نعظم هذا اليوم بتعظيم الله، فنكثر فيه من الصالحات ونبتعد فيه عن السيئات والمحرمات.
الجواب: أقول: قال العلماء: صاحب هذا السلس -سلس البول- إذا جلس للتبول عليه أن يسلت ذكره بإصبعه سلتاً خفيفاً، ثم يقوم لعل شيئاً يسقط منه، ثم يجلس فيستنجي مرة ثانية، وبعد ذلك لا يتلفت إلى ما خرج، ولو خرج وهو في الصلاة لا يضره؛ لأن هذه حال لازمة له لا تفارقه، فيؤدي الواجب -أولاً- بسلت ذكره عند التبول. وثانياً: بالاستنجاء. وثالثاً: يقوم ليمشي خطوة أو خطوتين فلعل شيئاً يسقط منه، ثم يستنجي وبعد ذلك لا يبالي بالخارج منه.
وصاحب سلس الريح أو الفساء والضراط كذلك، عليه أن يتوضأ عندما يدخل الوقت ويمشي للصلاة، ولو خرج شيء منه وهو راكع أو ساجد فلا يضره ذلك.
الجواب: يصح رمي الحجار في الحج يوم العيد من قبل طلوع الفجر طول النهار، وأفضله أن يكون بعد طلوع الشمس وقت الضحى، ومن رمى بعد ذلك أجزأه ولا حرج، أما الرمي في الأيام الثلاثة الباقية فالسنة فيه لمن تعجل أن يكون بعد صلاة الظهر ويستمر إلى الليل، ومن أخطأ ورمى قبل الظهر فعليه أن لا يعاود هذا في العام المقبل، والذي مضى، مضى ولا حرج فيه.
الجواب: المسافر تسقط عنه الجمعة، فلا مساجد في الطريق ولا جماعة، ولو شهد جماعة تصلي فصلى معهم أجزأته، فلو أنه دخل قرية وهو مسافر فصلى الجمعة مع المسلمين أجزأته صلاته، وهذا هو المطلوب.
الجواب: أفتى أهل العلم بجواز ضم طواف الوداع إلى طواف الإفاضة، فعليه أن يطوف طواف الإفاضة، إذا ما أفاض في أول يوم العيد أو الثاني أو الثالث، فإذا جاء اليوم الثالث وجاء ليطوف ويسافر، إذا كان طاف طواف الإفاضة أجزأه عن طواف الوداع ويمشي، وإن بات واستقر فلابد أن يطوف طواف الوداع.
الجواب: سائل يقول: أحرم من الميقات ومشى يلبي فأصابه حادث سيارة، فجرح وتكسر ثم نقل إلى المستشفى، فماذا يصنع؟
لو اشترط وقال: اللهم محلي من الأرض حيث تحبسني لما كان عليه شيء، فينقلونه إلى المستشفى أو يردونه إلى بلاده ولا شيء عليه، لكن ما دام لم يشترط فإنه يبقى على إحرامه حتى يشفى ويستطيع أن يكمل عمرته، وإن عجز وما استطاع أبداً ينحر شاة، وهو كالمحصر.
الجواب: نعم. لكن الأولى والأفضل له أن لا يفعل هذا، ولا يشغل نفسه عن طاعة الله، أما قبل الإفاضة فحجه باطل.
الجواب: الاضطباع في الحج والعمرة أن يكشف المرء الذكر عن كتفه الأيمن، فلا يضع الإزار فوقه ولكنه يضعه تحته، هذه هي السنة، ليس من ساعة أن يقول: لبيك اللهم لبيك، لا فالاضطباع سنة للطائف طواف القدوم، فالطائف طواف القدوم عندما يشاهد البيت يكشف عن ضبعه -أي: عن كتفه- ويطوف الثلاثة الأشواط الأولى ويرمل والأربعة الأشواط باعتدال يمشي، فإذا فرغ من الطواف صلى ركعتين ورد إحرامه على كتفه، أي: غطاه كما كان، فالاضبطاع فقط عند طواف القدوم، وطواف الإفاضة لا اضطباع فيه، وطواف الوداع كذلك.
الجواب: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله في الثوب الطويل: ( ما زاد على الكعبين فهو في النار ).
يحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الكبر والكبرياء، ويلفت النظر إلى أننا يجب أن نقتصد في معاشنا وفي لباسنا، فهذا الزائد على الكعبين لا يقيك حر ولا برد، فلماذا يزيده العبد؟! يجب أن يكون الثوب أو السروال إلى الكعبين فقط، ولو تكبر وتعدى وقال: نفعل، دخل النار، هذا وعيد شديد لا يقدر عليه إلا هالك.
فحاول أن لا يطول سروالك أو ثوبك على الكعبين أيها المسلم؛ لأن هذا وعيد شديد، فما زاد على الكعبين ففي النار.
الجواب: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2] الليالي العشر الصحيح أنها أيام ذي الحجة، أقسم الله بها لفضلها، فهي الليالي العشر من ذي الحجة، من أول الشهر إلى يوم العيد.
الجواب: يقول السائل: إذا لبس المحرم شراباً أو نعلاً ناسياً أو جاهلاً فهل يبطل إحرامه؟
إذا لبس المحرم الشراب متعمداً فإما أن يطعم ستة مساكين أو يصوم ثلاثة أيام أو يذبح شاة: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196]، وكذلك إذا لبس الحذاء وهو قادر على أن يلبس النعل فعليه فدية: إطعام ستة مساكين، يعني ستة كيلو رز أو تمر، يوزعه على ستة فقراء، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يذبح شاة في أي مكان.
الجواب: السائل يقول: لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ( صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة فيما سواه ) فهل صلاة النافلة في المسجد بألف صلاة أم الفريضة فقط؟
الجواب: الفريضة أو النافلة بألف صلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إلا أن النافلة إذا أخرها وصلاها في منزله الذي ينزل به فهي بألف وزيادة، أي: ألف وكسر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )، فصلاة المرء في بيته أفضل من المسجد إلا المكتوبة.
إذاً: إذا صلى النافلة في بيته يعطى الألف التي في المسجد وزيادة، أما الفريضة فهي في المسجد بألف صلاة، ولو صلاها في بيته لا تكون بألف أبداً، ولكن صلاة فقط.
الجواب: السائل يقول: يا شيخ إني أحبك في الله، ونحن نقول له: إن صدقت فأبشر، فأنت والله مؤمن، إذ لا يحب في الله إلا مؤمن، فإذا وجدت نفسك تحب إنساناً في الله فهذا من الإيمان.
وأما سؤاله: هل للموت علامات؟
فقد يرى المرء رؤيا في منامه يقرب فيها أجله، وعندما يحضر الوقت وتدق الساعة يشاهد الملائكة موكباً ومعهم ملك الموت يقتربون منه وينزلون إلى جنبه، فيعرف ذلك ويشهده، لكن لا يصلح أن يقول: غداً أموت أو بعد غد أو بعد ساعة، فهذا لا يقوله أحد إذ لا يعلمه إلا الله فقط، لكن قد يرى رؤيا تدله على قرب وفاته. جائز هذا.
هذا والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما ندرس ونسمع، وأن يغفر ذنوبنا وأن يستر عوراتنا، وأن يأمن روعاتنا، وأن يصلح أمتنا، وأن يأخذ بأيدينا إلى الحق وإلى الصراط المستقيم.
اللهم إنا نسألك من فضلك يا ذا الفضل العظيم، فاغفر لنا وارحمنا، واعف عنا وعافنا، وعلمنا وانفعنا بما تعلمنا واجعلنا من الراشدين، ونسألك اللهم أن تطفئ نار الفتن في بلاد المسلمين، اللهم أطفأ نار الفتن في بلاد المسلمين، واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين، وتوفنا وأنت راضٍ عنا، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر