أما بعد:
فهذا هو اللقاء العاشر بعد المائتين من لقاءات الباب المفتوح, التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو اليوم العاشر من شهر ربيع الأول عام (1420هـ).
من عادتنا أن نتكلم في أول اللقاء على تفسير شيء من القرآن الكريم, أما اليوم فنخصص هذا اللقاء بالكلام عن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.
فنقول: من المعلوم أنه يجب على كل مسلم أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما, وأنه لا يؤمن أحد حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين, ولا يمكن التأسي الكامل بالبدن والقلب إلا بمحبته؛ لأن المحبة هي الدافع والمانع, ولهذا تجد الرجل إذا أحب شخصاً اقتدى به في أقواله وأفعاله لأنه يحبه, فلا يتم الإيمان إلا بتقديم محبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على كل أحد من البشر, وهذا أمر مفروغ منه لا يمتري فيه شخصان, ولا ينتطح فيه عنـزان.
وهل من محبته أن يقام احتفال بمولده؟ الجواب: لا. ليس من محبته, وإن كان بعض الناس تحمله محبة الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يقوم بهذا الاحتفال, ويقول: إني فعلت هذا محبة للرسول صلى الله عليه وسلم, هذا قد يقع من بعض الناس, ولكن حقيقة المحبة تنافي ذلك؛ لأن حقيقة المحبة: أن تلتزم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم, كما قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31] فجعل الميزان لمحبة الله عز وجل اتباع النبي صلى الله عليه وسلم, إذاً: الميزان في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباعه, فمن قال إنه يحبه ولم يتبعه لم يكن صادقاً في هذه الدعوى.
أما بالنسبة للواقع فإنه لا يصح من الناحية التاريخية؛ لأنه لم يثبت أن ولادة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في اليوم [12] من ربيع الأول, بل الثابت حسب العملية الحسابية الفلكية أنه كان في اليوم التاسع من شهر ربيع الأول, وليس في اليوم الثاني عشر, وحينئذٍ يبطل الاحتفال بهذا اليوم من الناحية التاريخية.
ثم نقول: إذا ثبت اليوم الذي ولد فيه، فهل لنا فائدة من ولادته قبل أن يكون رسولاً يهدي الناس إلى الحق؟ لا. ولهذا قال الله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً [آل عمران:164] ما قال: إذ وُلِدَ فيهم رسول! قال: إِذْ بَعَثَ [آل عمران:164] فالنعمة إنما هي في الحقيقة ببعث الرسول عليه الصلاة والسلام لا بولادته؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، بل قال الله له: مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52] فلم يكن نبياً ولا رسولاً إلا بعد بعثته صلى الله عليه وسلم, أما قبل ذلك فليس نبياً ولا رسولاً, فالاحتفال لو قدر أن هناك احتفالاً لكان ببعثته لا بمولده, ومن المعلوم أن أول ما نزل عليه القرآن نزل في شهر رمضان ليس في شهر ربيع.
من الناحية الشرعية لا يثبت هذا الاحتفال, بل هو من البدع, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار, لا يثبت؛ لأن طريق ثبوت كون الأمر مشروعاً الكتاب أو السنة أو عمل الصحابة, فهل في الكتاب الأمر أو الندب للاحتفال بمولده؟ لا يوجد, هل في السنة ذلك؟ لا يوجد, غاية ما هنالك أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: (ذاك يوم ولدت فيه وبعثت فيه وأنزل علي فيه) وهذا تنويه بفضل يوم الإثنين, لا بفضل الولادة, فهذا اليوم كان يوماً مباركاً حصلت فيه هذه الأمور, فكان صيامه مشروعاً.
هل ورد من عمل الصحابة أنهم يحتفلون بمولده؟ الجواب: لا. هل كان ذلك في عهد التابعين لهم بإحسان؟ الجواب: لا. هل هو في عهد تابع التابعين؟ الجواب: لا. فمضت القرون الثلاثة كلها لم تحتفل بهذه البدعة.
حدثت في القرن الرابع الهجري عن حسن نية أو عدم حسن نية, لكنها بدعة, شيء لم يندب الله إليه في الكتاب, ولم يفعله الرسول, ولا الخلفاء من بعده, ولا الصحابة, ولا التابعون لهم بإحسان, ولا تابعوهم, فكيف يأتي آخر هذه الأمة فيعمل به؟
ثالثاً: إذا قالوا: إن هذا قربة إلى الله لأننا لا نتجاوز أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ونذكر مناقبه وفضائله؟ فالجواب أن نقول: لو كان خيراً لسبقونا إليه, هل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه وأصحابه والتابعون وتابعوهم جاهلون بهذه القربة أو عالمون؟! إن قيل: إنهم جاهلون فقد رموا بالجهل وهذا قدح فيهم، وادعى هذا أنه أهدى من الرسول وأصحابه؛ لأنه وفق للحق وهم لم يوفقوا له, وإن قيل: إنهم غير جاهلين، قيل: إذاً: هم كاتمون مستكبرون لم يبينوا هذا للأمة, ولم يعملوا به؛ فهم لعدم بيانهم للأمة كاتمون للحق, ولعدم العمل به مستكبرون عن الحق, أي إنسان يجرؤ أن يقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام كاتم أو مستكبر؟! لا يجرؤ أحد, هؤلاء يلزم من بدعتهم هذه أن النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون جاهلاً بأنها من الحق, وإما كاتماً بيان ذلك للناس، وإما مستكبراً عن العمل بها, كل هذا باطل! لا يمكن لمؤمن أن يصف النبي صلى الله عليه وسلم به, لكنه لازم البدعة.
ثم نقول: هل الدين كَمُل بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام أم لا؟ الجواب: كمل, قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] أكملت لكم دينكم! هذه البدعة التي يدعي مبتدعوها أنها من الدين تستلزم أن يكون الدين لم يكمل بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام بقي عليه البدعة هذه, وهذا يلزم عليه فضيعة عظيمة, وهي تكذيب قول الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3] لأنه على حد فعل هؤلاء لم يكمل الدين, فيكون الدين ناقصاً حتى جاء هؤلاء وابتدعوا هذه البدعة وأكملوه بها, فإن قالوا: لا. إن الدين كامل ونحن لم نأتِ بشيء إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكر مناقبه, وإحياء ذكراه, نقول: هذا غير صحيح؛ لأن المعروف من هذه الاحتفالات أن فيها الغلو العظيم الذي نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام, وأنهم يترنمون بقول البوصيري يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:
يا أكرم الخلق! ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم |
فما تقولون في هذا البيت؟ إذا قال: ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم؛ كالخسف والعواصف والصواعق والأمراض والحروب, ما لي من ألوذ به سواك!! وهذه الجملة كما تعلمون حصر (ما لي سواك) أين الله؟! مقتضى هذا البيت أن لا إله يستغاث به, (ما لي سواك عند حلول الحادث العمم).
إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي عفواً وإلا فقل يا زلة القدم |
فإن من جودك الدنيا وضـرتها ومن علومك علم اللوح والقلم |
(الدنيا) هي ما نعيش فيه (وضرتها) الآخرة, هذا من جود الرسول عليه الصلاة والسلام وليس كل جود إلا منه, فماذا بقي لله؟!! لا شيء, ما دام الدنيا والآخرة من جود الرسول إذاً: الله ما له سبب فيها!
فإن من جودك الدنيا وضـرتها ومن علومك علم اللوح والقلم |
أيضاً من علومه علم اللوح والقلم, هل الرسول يعلم ما في اللوح المحفوظ؟ لا. وهذا تكذيب لقول الله تعالى: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ [الأنعام:50] فالمسألة خطيرة, خطيرة جداً جداً, ولولا أنها استمرئت عند بعض الناس الذين يستعملونها لكانت فادحة عند كل إنسان.
ثم نقول: إذا كنتم تقولون: إن ذلك إحياء لذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم, فهل أنتم لا تذكرونه إلا في هذه الليلة؟ إن كنتم كذلك فمعناه أنه ليس لكم عمل صالح, وليس لكم أذان ولا تشهد ولا ذكر عند الوضوء ولا غيره, لأن ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام في كل وقت وحين, الأذان فيه ذكر الرسول: أشهد أن محمداً رسول الله, الصلاة فيها ذكر للرسول في التشهد: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, بل كل عبادة فيها ذكر الرسول, لأنه لا تصح العبادة إلا إذا كان فيها الإخلاص والمتابعة, المتابعة لابد أن تشعر أنك في عملك هذا التعبدي تابع للرسول عليه الصلاة والسلام, وإذا شعرت هذا الشعور، هل يكون هناك ذكرى أم لا؟ نعم يكون هناك ذكرى, وعلى كلامهم لا ذكرى للرسول إلا في هذه البدعة, سبحان الله! أنتم تذكرون الرسول في كل المجالات, كل عمل صالح يذكرك بالرسول.
نسأل الله أن يهدي إخواننا المسلمين إلى ابتاع السنة وطرح البدعة, وأن يفتح القلوب لذكر الله عز وجل, والاطمئنان به, إنه على كل شيء قدير.
الجواب: لا بأس بذلك, بشرط أنه يكون قد قبض السيارة في العقد الأول وحازها إلى رحله ثم يبيعها, لكن كما تعلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: كل إنسان يشتري السلعة بثمن مؤجل وقصده الدراهم لا السلعة فهو واقع في الربا, وأن هذا من العينة التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: لا, يقول: إذا خطب الخطيب خطبة الجمعة وذكر فيها مبدأ بعث الرسول عليه الصلاة والسلام وشيئاً من حياته، هل يعتبر بدعة؟ الجواب: لا. لماذا؟ لأن هذه خطبة الجمعة موجودة وثابتة من قبل, أما أن يحدث محاضرة في نفس اليوم فهذا من وسائل البدعة, بالنسبة للعام هذا لا توافق الجمعة الثاني عشر, الجمعة هي الحادي عشر, فعلى كل حال إذا كان أصل الخطبة مشروعة كخطبة الجمعة وذكر فيها الإنسان بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام فلا بأس؛ لأن هذا ذكر تاريخ لحياته بمناسبة مبعثه عليه الصلاة والسلام ومولده, أما أن يحدث محاضرة في هذه الأيام فهذا من البدع, فإن لم يكن من البدع فهو حجة لأهل البدع.
الجواب: الحمد لله! بالنسبة للمملكة لا أعلم أن هذا يقام بصفة علنية, يمكن أن بعض الناس الجهال يقيمونه في بيوتهم, ومع ذلك ينبغي لأهل العلم أن يبينوا في البلاد التي يكثر فيها هذا ولو خفية أن هذا بدعة وأنه لا يزيده من الله إلا بعداً.
الجواب: نقول: صدقوا: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة), لكن: (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة), ولهذا قال الرسول: (من سن في الإسلام سنة حسنة ..) والمراد بقول: (من سن سنة حسنة) أحد أمرين:
1- إما أن يكون المعنى من ابتدر العمل بها, كما يدل على ذلك سبب الحديث.
2- وإما أن المعنى من أحياها بعد أن ماتت, وليس المعنى أن ينشئ عبادة من جديد, هذا لا يمكن.
لأن سبب هذا الحديث: أن الرسول عليه الصلاة والسلام حث على الصدقة فأتى رجل من الأنصار بصرة قد أثقلت يده, ووضعها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة), ولا يمكن أن تكون البدعة حسنة أبداً, والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (كل بدعة ضلالة).
أما بالنسبة لفعل عمر , فـعمر ما ابتدع صلاة الجماعة في القيام أبداً, أول من سن الجماعة في قيام رمضان النبي صلى الله عليه وسلم, صلّى بأصحابه ثلاث ليالٍ, ثم تخلف في الرابعة، وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها) ثم تركت وهجرت في أيام أبي بكر رضي الله عنه, في زمان عمر خرج ذات يوم ووجد الناس يصلون أوزاعاً, يصلي الرجل مع الرجل والرجل مع الرجلين, متفرقون, فقال: لو جمعتهم على إمام واحد, فأمر تميماً الداري وأبي بن كعب أن يقوما للناس على إمام واحد, فيكون عمر لم يحدث هذه البدعة ولكنه أحياها بعد أن تركت.
السائل: هل هذا الحديث صحيح.
الشيخ: صحيح, ثابت في الموطأ بأصح إسناد.
الجواب: نعم. لا بأس, فلو ذكرهم في آخر العام بما حصل منهم من تقصير أو غيره ليتوبوا إلى الله فلا بأس, لكن لا يتخذها سنة راتبة.
الجواب: بدعة نسبية, لأنها تركت وهجرت ونسيت، فلما أعادها من جديد صارت بدعة نسبية.
الجواب: أول من أحدثها الفاطميون في مصر في القرن الرابع الهجري, في القرن السابع أحدثها ملك أربل في العراق , ثم انتشرت في المسلمين, وسببها كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم : سببها إما محبة الرسول عليه الصلاة والسلام, فظنوا أن هذا من مقتضى المحبة, وإما مضاهاة للنصارى, لأن النصارى يقيمون عيداً لمولد المسيح عليه الصلاة والسلام, وأياً كان السبب فكل بدعة ضلالة.
الجواب: الوصية التي أرادها الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله: (ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده) هي ما يتعلق بالمال, أما ما يتعلق بتوجيه الناس إلى الخير, فهذه تكتب في منشورات ومؤلفات وتوزع في حياة الإنسان وبعد مماته.
الجواب: السنة المتروكة هي تركها, ترك هذه البدعة, لأن السنة تكون بالترك وتكون بالفعل, إذا ترك الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً مع وجود سبب الفعل فلم يفعله فتركه سنة, فهنا نقول: أنتم أحدثتم بدعة وتركتم سنة, والسنة هنا ترك هذه البدعة.
الجواب: نحن نقول: هؤلاء كقول من يقول: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ [الزخرف:22]، وقول من يقول: رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا [الأحزاب:67] هم يشبهونهم وإن لم يكونوا منهم, لأن الفرق بَيّن بَيْنَ هذا وهذا, لكن يشبهونهم فالمبدأ واحد, فنقول: أي شيء يأتي به شيخهم الذي يدعون أنه على حق, فنحن بحول الله متصدون لرده, ولو لم يكن هذا -يا إخواني!- لشيء واضح, هل هذه عبادة أم غير عبادة؟ هم يدعون أنها عبادة يتقربون إلى الله بها, نقول: أين الرسول؟ وأين الصحابة؟ وأين التابعون؟ وأين تابعو التابعين عن هذا؟ وسبق أن قلنا: هؤلاء إما أنهم جهال, وإما أنهم كاتمون للحق, وإما مستكبرون عن الحق, كل هذا لا يمكن.
وقصة أبي هريرة تدل على أن الحق مقبول من أي إنسان, ونقول: والباطل مردود من أي إنسان.
الجواب: هذا يقول: إنه يغيب عن والديه في سفر لحاجته الضرورية الدنيوية أو العلمية, فهل يجوز وله والدان؟ الجواب: إذا كان الوالدان لا ضرورة لوجوده بينهما فلا بأس أن يغيب عنهما مدة طويلة, ولكن في هذه الغيبة يجب أن يواصلهم, والاتصالات الآن -والحمد لله- متيسرة, هناك الهاتف والبريد والبرق متيسر.
الجواب: التدبر معناه: أن الإنسان يفكر في معناه, فيردد ما يكون في ذهنه من المعاني حتى يصل إلى النتيجة, وسببه سهل: القرآن الآن بين يديك مفتوح اقرأ آية أو آيتين وتأمل ما معناها؟ ما المراد بهما؟ لماذا ذكر الله ذلك حسب علمك, فإن لم تعلم شيئاً فاسأل العلماء, أو راجع كتب التفسير الموثوقة, الآن لو أن إنساناً أعطي كتاب حساب وطولب بفهمه، أليس يردد عبارات الكتاب أم لا؟ يرددها ليفهمها, فإذا لم يفهم رجع لأهل العلم بذلك.
الجواب: إذا كان يمكن أن تقوم لله ببيان أن هذا ليس بحق, والحمد لله دليل أن الاحتفال بالمولد بدعة سهل جداً, لأنه يمكنك وبكل سهولة أن تقول: يا أخي! هل الرسول فعله؟ هل الخلفاء فعلوه؟ هل الصحابة فعلوه؟ هل التابعون فعلوه؟ هل الأئمة الأربعة فعلوه؟ إن قال: نعم. قل: هات الدليل. (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال من دماء القوم وأموالهم) هات الدليل، إذا قال: ليس عندي دليل لكن الناس كلهم يعملون به، قل: عمل الناس ليس بدليل، وكم من بدعة مشوا عليها وهي بدعة, إذا لم يكن هناك دليل، لا فعله الرسول ولا الخلفاء ولا الصحابة ولا التابعون ولا الأئمة فهو باطل قطعاً, لأنه ما الذي جعلهم لا يعملون به ولا يدلون الناس عليه, أهم جاهلون أم مستكبرون؟ وأنت إذا قلت هكذا أبطلتها من أصلها.
الجواب: المقررات عندكم في بلدكم فيها أشياء مخالفة للصواب يجب أن تبين ويقال للطلبة: هذا ما في الكتاب وهذا ما قررته الوزارة ولكن الحق خلاف ذلك ويبين الحق.
ومسألة الخلود في النار معروفة لا يقول أحد بخلود أصحاب الكبائر إلا طائفتان مبتدعتان؛ إحداهما: الخوارج والثانية المعتزلة, لكن المعتزلة يقولون: إنه مخلد في النار ولكنه ليس بكافر, بل إنه في منـزلة بين منـزلتين, لا هو مسلم ولا كافر, والخوارج يصرحون بأنه كافر وأنه حلال الدم والمال, وكلاهما قد خالفا الصواب, كما أن الذين يقابلونهم من المرجئة ويحملون آيات وأحاديث الوعيد على من استحل ذلك أو على الكافر أيضاً جانبوا الصواب, والصواب: أن أصحاب الكبائر تحت مشيئة الله عز وجل؛ لأن الله قال في آيتين من كتابه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] ذكرها الله في سورة النساء مرتين.
الجواب: من الممكن إذا كان يخشى أنه إذا بين الحق فصلوه, أن يقرر ما في الكتاب عند حضور الموجه، ويقول: قال صاحب الكتاب كذا وكذا.. ينسبه للكتاب, ثم في غيبة الموجه له أن يتكلم بالحق.
الجواب: كل هذه بعضها من بعض, لا تتنافى, لكن ما دام الإنسان في الصغر فالحفظ أولى, لأن الصغير سريع الحفظ قليل النسيان, وليس عليه مسئوليات كبيرة, ثم كلما كبر يتوسع في مسائل العلم, وفي الدعوة إلى الله عز وجل.
الجواب: هذا لا يحل, هذا استشفاع بالله إلى هذا الزوج ولا يحل, لأن الشافع دون منـزلة المشفوع عنده, ولا يحل أن تجعل الله تعالى شفيعاً إلى خلقه, لأنه أعظم من أن يكون شفيعاً إلى خلقه, فالقسم هذا باطل ولا يترتب عليه شيء، إلا أن على المرأة ومن اعتاد هذا أن يتوب إلى الله ولا يعود إلى ذلك.
الجواب: لا أعلم في هذا سنة أن الإنسان إذا أراد قراءة القرآن أن يستقبل القبلة, لكن بعض أهل العلم رحمهم الله قالوا: إن كل عبادة الأفضل فيها استقبال القبلة إلا ما دل الدليل على خلافه, وجعلوا إذا توضأ استقبل القبلة, وإذا جلس يذكر الله يستقبل القبلة, كل عبادة يستقبل القبلة إلا ما دل الدليل على خلافه, لكن هذا يحتاج إلى دليل واضح, والعبادات ليس فيها قياس, فالصواب ألا يتحرى الإنسان استقبال القبلة ولا يتعمد تركها, يقرأ حيث ما كان, وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يتكئ في حجر عائشة رضي الله عنها ويقرأ القرآن, ولم يرد أنه كان يتقصد استقبال القبلة, ولا حث أمته على استقبال القبلة عند قراءة القرآن فيما أعلم.
الجواب: رسول الله أعظم من كل بشر, لكن إحياء ذكرى الرسول ليست خاصة بهذه الليلة, ذكرت لكم آنفاً أن كل عبادة فيها إحياء ذكرى الرسول عليه الصلاة والسلام, هذا من جهة.
من جهة أخرى: أسبوع محمد بن عبد الوهاب , هل جعل عيداً يتكرر؟ نقول: ما جعل عيداً, أنتم تجعلون هذا عيداً يتكرر والعيد هو الشيء الذي يعود ويتكرر, تجعلون هذا عيداً يتكرر في كل سنة وهذا المنكر, ولهذا لو أن أحداً في يوم من الأيام قام يتحدث عن بعث الرسول عليه الصلاة والسلام وعن زيارته ما قلنا: إنه مبتدع, لكن أن نجعل هذا عيداً يتكرر كل سنة كالأعياد الشرعية كعيد الفطر وعيد الأضحى هذا هو المنكر, وعلى فرض أن أسبوع محمد بن عبد الوهاب غلط, هل نقيس الغلط بالغلط؟ لا نقيس.
السائل: لو قال قائلهم: إن هذا ليس تعبداً؟
الجواب: ماذا يقصدون؟
السائل: ذكرى.
الجواب: يقصدون الجلوس كأصحاب الفن الذين يغنون, يقولون: نحن نحب الرسول, محبة الرسول هل هي دين أم غير دين؟ دين وعبادة.
الجواب: قل لي ما حكم التأجير المنتهي بالتمليك، هذه المسألة فيها بحث الآن عند هيئة كبار العلماء في السعودية, وظني أنهم سوف يصدرون فيها فتوى ويمشون عليها, أنت الآن لا تستعملها انتظر الفتوى وستخرج قريباً إن شاء الله.
الجواب: لا يجوز, أولاً: بعض العلماء يقول: إن المرأة لا يجوز أن تدفع زكاتها لزوجها مطلقاً, سواء كان فقيراً أو غارماً, والصحيح أنه يجوز أن تدفع زكاتها لزوجها إذا كان غارماً يريد أن يقضي دينه أو كان فقيراً, لكن لا يجوز أن تقتطع منها قبل أن تسلمه إياها ما يقابل نفقتها, تعطيه إياه ويتصرف بها كما شاء.
الشيخ: ماذا أصنع؟
السائل: ما تعليقك على هذا؟
الجواب: تعليقي على هذا أنه خطأ, وهؤلاء العلماء إذا كانوا يعلمون أن ذلك بدعة فهم آثمون والعياذ بالله, والواجب عليهم أن يبينوا للناس أن هذه بدعة وألا يحضروها, لكني أقول بهذه المناسبة: العلماء ثلاثة أقسام: عالم دولة, وعالم أمة, وعالم ملة.
عالم الدولة: الذي ينظر ماذا تريد الدولة فيفتيهم مباشرة, ينظر ماذا يقول الرئيس أو الوزير وما أشبه ذلك, ما أحله الرئيس فهو حلال, وما حرمه فهو حرام, هذا عالم الدولة.
عالم أمة: هو الذي يتبع ما ترتاح له العامة, وإن كان خلاف الحق عنده, هذا عالم لكن يتبع الأمة وهذا كالأول, آثم وعلمه وبال عليه.
الثالث: عالم ملة, لا يبالي بالدولة ولا بالعامة يفتي بما دل عليه الكتاب والسنة, سخط الناس أم رضوا, هذا هو العالم حقيقة, وهذا هو العالم الرباني, والواجب على كل عالم بشريعة الله أن يكون عالم ملة, ولا يبالي بالناس، هو سوف يخرج من الدنيا بكفنه وحنوطه فقط, والناس لا يغنون عنه شيئاً: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ [البقرة:166] وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا [الأحزاب:67] لو كان عالم أمة وحظي عند العامة فهذا بموته يزول كل شيء, لكن إذا كان عالم ملة رفع الله ذكره في الدنيا وبعد مماته, وحصل في علمه بركة، فلذلك أرجو من إخواني طلاب العلم أن يكونوا من هذا النوع؛ من علماء الملة, ليبينوا الحق كما أمرهم الله بذلك وأخذ عليهم الميثاق: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187] وهذا كما يشمل اليهود والنصارى يشمل من أوتي الكتاب من هذه الأمة: فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [آل عمران:187].
الجواب: الحمد لله! الحق لا يقتصر على مواعظهم, ولا على خطبهم, فإذا كان ذهابك إلى مواعظهم وخطبهم يوجب اغترار الناس بهم لأنك ذهبت, فلا تذهب, ما عندهم من خير موجود في موضع آخر, أما إذا كنت تذهب من أجل أن ترد عليهم خطأهم فهذا أفضل.
الجواب: أرى أن طالب العلم المبتدئ يحرص على حفظ المتون, لأنه كما قلت: الصغير لا ينسى, وحفظ المتون هو العلم، ولا تعتبروا بقول من قال: العلم هو الفهم، هذا غلط, نحن لم ينفعنا الله عز وجل إلا بما حفظناه من قبل في حال الصغر, نستحضر العبارات التي كنا نحفظها من قديم, ولذلك تجد الذين يعتمدون على مجرد الفهم ليس عندهم علم, لأنهم لا يرتكزون على شيء.
الجواب: أولاً: نقول: أين الدليل على أن أصله ثابت سواء بشروط أو غير شروط؟ ثم هل هذه الشروط تطبق بحسب الواقع؟! لا. سمعنا عن بعضهم أنهم في غمرة الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يقومون قيام رجل واحد, ويقولون: جاء حضرة النبي!!
فالمهم ما دامت بدعة فلا تجوز بأي حال من الأحوال, وعليكم أنتم يا طلبة العلم! أن تبينوا للناس, لكن بالأسلوب اللين, وتكونوا -يا جماعة!- عليكم بالشيء الثابت والوارد, أكثروا من الصلاة والسلام على الرسول عليه الصلاة والسلام, أكثروا من ذكر الله, انشروا في الناس خصال النبي عليه الصلاة والسلام في بقية العام ليس في هذه الليلة.
الجواب: ما هي الأناشيد؟ ما موضوعها؟ ربما يكون فيها غلو في الرسول عليه الصلاة والسلام, أنا أقول: المولد بأناشيده وغيرها كلها حرام لا يجوز.
وإلى هناك ينتهي هذا اللقاء, نسأل الله تعالى أن يبارك لنا ولكم فيه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر