الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
أما بعد: فبأسانيدكم إلى الإمام أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه، قال رحمه الله تعالى: [كتاب السنة، باب شرح السنة.
حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ).
حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى بن فارس قالا: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا صفوان، ح وحدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا بقية قال: حدثني صفوان نحوه قال: حدثني أزهر بن عبد الله الحرازي عن أبي عامر الهوزني عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فقال: ( ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة ) زاد ابن يحيى وعمرو في حديثيهما: ( وإنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء، كما يتجارى الكلب لصاحبه ) وقال عمرو: (الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله) ].
وحديث أبي هريرة في الافتراق جاء عن جماعة من الصحابة، منهم عبد الله بن عمرو ومعاوية وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمثل هذه الطرق هو حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم عن عبد الله بن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: ( قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ [آل عمران:7] قرأ القعنبي إلى (أولو الألباب) قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ) ].
وذلك أن الجدال لا يؤدي إلى خير؛ لأنه جدال بلا حجة غالباً، وكذلك أيضاً فإنه يورث للإنسان عجباً بمنطقه ولفظه بعيداً عن الحجج، والإنسان إذا أكثر من الجدال رد الحجة لا محالة، وإذا رد الحجة حينئذٍ حمله ذلك إلى الكبر وهو بطر الحق وغمط الناس.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا خالد قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن رجل عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الأعمال الحب في الله، والبغض في الله ).
حدثنا ابن السرح قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب وكان قائد كعب من بنيه حين عمي قال: سمعت كعب بن مالك، وذكر ابن السرح قصة تخلفه عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قال: ( ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة، حتى إذا طال علي تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي، فسلمت عليه، فوالله ما رد علي السلام، ثم ساق خبر تنزيل توبته )].
وفي هذا استحباب الهجر لمن وقع في شيء لا يردع إلا بهجره حتى في السلام، ولو بذل السلام فإنه لا يرد عليه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر عن عمار بن ياسر قال: ( قدمت على أهلي وقد تشققت يداي، فخلقوني بزعفران، فغدوت على النبي صلى الله عليه وسلم، فسلمت عليه، فلم يرد علي، وقال: اذهب فاغسل هذا عنك ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن ثابت البناني عن سمية عن عائشة: ( أنه اعتل بعير لـصفية بنت حيي، وعند زينب فضل ظهر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب: أعطيها بعيراً، فقالت: أنا أعطي تلك اليهودية؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرها ذا الحجة والمحرم وبعض صفر )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المراء في القرآن كفر )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال: حدثنا أبو عمرو بن كثير بن دينار عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع، ولا لقطة معاهد، إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه )].
السنة قسيمة القرآن، وهي وحي من الله عز وجل، فهي قسيمة القرآن من جهة الاحتجاج، حيث قرن الله عز وجل طاعة نبيه بطاعته، ومعصيته بمعصيته.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الله بن يزيد قال: حدثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب قال: أخبرني عن نافع قال: ( كان لـابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه فكتب إليه عبد الله بن عمر: إنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر، فإياك أن تكتب إلي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر ).
حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الهمداني قال: حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أن أبا إدريس الخولاني عائذ الله أخبره أن يزيد بن عميرة -وكان من أصحاب معاذ بن جبل- أخبره قال: ( كان لا يجلس مجلساً للذكر حين يجلس إلا قال: الله حكم قسط، هلك المرتابون، فقال معاذ بن جبل يوماً: إن من ورائكم فتناً يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والرجل، والمرأة، والصغير، والكبير، والعبد، والحر، فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟ ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما يبتدع، فإن ما ابتدع ضلالة، وأحذركم زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وإن المنافق كلمة الحق قال: قلت لـمعاذ: ما ندري يرحمك الله إن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها: ما هذه، ولا يثنينك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نوراً )، قال أبو داود: قال معمر عن الزهري في هذا: ولا ينئينك ذلك عنه مكان يثنينك، وقال صالح بن كيسان عن الزهري في هذا: المشبهات مكان المشتهرات، وقال: لا يثنينك كما قال عقيل، وقال ابن إسحاق عن الزهري قال: بلى ما تشابه عليك من قول الحكيم حتى تقول: ما أراد بهذه الكلمة.
حدثنا أحمد بن حنبل وعبد الله بن محمد النفيلي قالا: حدثنا سفيان عن أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه )].
وفي قوله عليه الصلاة والسلام: ( متكئاً على أريكته ) إشارة إلى أن الكبر يرد الحق، فإذا وجد الكبر في الإنسان فبقدر وجوده يرد الإنسان الحجة البينة. وقد يؤخذ من هذا الدليل أن الإنسان إذا سمع الحجة من الوحي ينبغي له ألا يتكئ وأن يقعد جالسا ًتعظيماً لها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، ح وحدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي وإبراهيم بن سعد عن سعد بن إبراهيم عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ).
قال ابن عيسى: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من صنع أمراً على غير أمرنا فهو رد ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا ثور بن يزيد قال: حدثني خالد بن معدان قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي و حجر بن حجر قالا: ( أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه: وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ [التوبة:92]، فسلمنا، وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال العرباض: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله! كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن ابن جريج قال: حدثني سليمان يعني: ابن عتيق عن طلق بن حبيب عن الأحنف بن قيس عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا هلك المتنطعون ثلاث مرات )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن أيوب قال: حدثنا إسماعيل يعني: ابن جعفر قال: أخبرني العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من دعا إلى هدىً كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئاً ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أعظم المسلمين في المسلمين جرماً، من سأل عن أمر لم يحرم فحرم على الناس من أجل مسألته )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: ( كنا نقول في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: لا نعدل بـأبي بكر أحداً ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عنبسة قال: حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: قال سالم بن عبد الله: إن ابن عمر قال: ( كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان ).
حدثنا ابن كثير قال: أخبرنا سفيان قال: حدثنا جامع بن أبي راشد قال: حدثنا أبو يعلى عن محمد بن الحنفية قال: ( قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر قال: قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر قال: ثم خشيت أن أقول ثم من فيقول عثمان، فقلت: ثم أنت يا أبت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين ).
حدثنا محمد بن مسكين قال: حدثنا محمد يعني: الفريابي قال: سمعت سفيان يقول: من زعم أن علياً عليه السلام كان أحق بالولاية منهما فقد خطأ أبا بكر و عمر والمهاجرين والأنصار، وما أراه يرتفع له مع هذا عمل إلى السماء.
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا قبيصة قال: حدثنا عباد السماك قال: سمعت سفيان يقول: الخلفاء خمسة: أبو بكر و عمر و عثمان و علي و عمر بن عبد العزيز].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا عبد الرزاق قال محمد: كتبته من كتابه، قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: ( كان أبو هريرة يحدث أن رجلاً أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أرى الليلة ظلة ينطف منها السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون بأيديهم، فالمستكثر والمستقل، وأرى سبباً واصلاً من السماء إلى الأرض، فأراك يا رسول الله! أخذت به فعلوت به، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع، ثم وصل فعلاً به، قال أبو بكر: بأبي وأمي لتدعني فلأعبرها، قال: اعبرها. قال: أما الظلة فظلة الإسلام، وأما ما ينطف من السمن والعسل فهو القرآن لينه وحلاوته، وأما المستكثر والمستقل، فهو المستكثر من القرآن، والمستقل منه، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فهو الحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله، ثم يأخذ به بعدك رجل فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع، ثم يوصل له فيعلو به، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثني أصبت أم أخطأت، فقال: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً قال: أقسمت يا رسول الله لتحدثني ما الذي أخطأت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقسم ).
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا محمد بن كثير قال: حدثنا سليمان بن كثير عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة قال: (فأبى أن يخبره).
حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: ( من رأى منكم رؤيا؟ فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزاناً نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بـأبي بكر، ثم وزن عمر وأبو بكر فرجح أبو بكر ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان، فرأينا الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: أيكم رأى رؤيا؟ فذكر معناه، ولم يذكر الكراهية، قال: فاستاء لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني فساءه ذلك، فقال: خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء ).
حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن ابن شهاب عن عمرو بن أبان بن عثمان عن جابر بن عبد الله أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن عمر نيط بـأبي بكر، ونيط عثمان بـعمر قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: أما الرجل الصالح فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما تنوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه ) قال أبو داود: ورواه يونس وشعيب لم يذكرا عمر.
حدثنا ابن المثنى قال: حدثني عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن أشعث بن عبد الرحمن عن أبيه عن سمرة بن جندب: ( أن رجلاً قال: يا رسول الله! أريت كأن دلواً دلي من السماء، فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها فشرب شرباً ضعيفاً، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم عثمان فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها فانتشطت، وانتضح عليه منها شيء ).
حدثنا حفص بن عمر أبو عمر الضرير قال: حدثنا حماد بن سلمة أن سعيد بن إياس الجريري أخبرهم عن عبد الله بن شقيق العقيلي عن الأقرع مؤذن عمر بن الخطاب قال: بعثني عمر إلى الأسقف فدعوته، فقال له عمر: هل تجدني في الكتاب؟ قال: نعم، قال: كيف تجدني؟ قال: أجدك قرناً من حديد. قال: فرفع عليه الدرة، فقال: قرن مه؟ فقال: قرن حديد، أمين شديد، قال: فكيف تجد الذي بعدي؟ قال: أجده خليفة صالحاً غير أنه يؤثر قرابته، قال عمر: يرحم الله عثمان ثلاثاً، فقال: كيف تجد الذي بعده؟ قال: أجده صدأ حديد، فوضع عمر يده على رأسه فقال: يا دفراه، يا دفراه! قال: يا أمير المؤمنين! إنه خليفة صالح، ولكنه يستخلف حين يستخلف، والسيف مسلول والدم مهراق]
أعظم ما يفسد على الأمراء والملوك والخلفاء هو إيثار القرابة، فإذا جاء إيثار القرابة استأثروا بالمال والجاه، واستأثروا بالسلطة ووقع الفساد وانتشر، وظهرت الرشوة في الأمة، ووقعت حينئذٍ المظالم، وأقيمت الحدود على الضعفاء، وأسقطت عن الشرفاء، وهذا الظلم الذي تهلك به الأمم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن العلاء عن ابن إدريس قال: أخبرنا حصين عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم وسفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم المازني قال: سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال: ( لما قدم فلان إلى الكوفة أقام فلان خطيباً، فأخذ بيدي سعيد بن زيد فقال: ألا ترى إلى هذا الظالم، فأشهد على التسعة إنهم في الجنة، ولو شهدت على العاشر لم آثم، -قال ابن إدريس: والعرب تقول آثم- قلت: ومن التسعة؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على حراء: اثبت حراء إنه ليس عليك إلا نبي، أو صديق، أو شهيد قلت: ومن التسعة؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف قلت: ومن العاشر؟ فتلكأ هنية ثم قال: أنا ) قال أبو داود: رواه الأشجعي عن سفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن ابن حيان عن عبد الله بن ظالم بإسناده نحوه.
حدثنا حفص بن عمر النمري قال: حدثنا شعبة عن الحر بن الصياح عن عبد الرحمن بن الأخنس: ( أنه كان في المسجد فذكر رجل علياً عليه السلام فقام سعيد بن زيد فقال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أني سمعته وهو يقول: عشرة في الجنة: النبي في الجنة وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير بن العوام في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر. قال: فقالوا: من هو؟ فسكت. قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد ).
حدثنا أبو كامل قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا صدقة بن المثنى النخعي قال: حدثني جدي رياح بن الحارث قال: ( كنت قاعداً عند فلان في مسجد الكوفة وعنده أهل الكوفة، فجاء سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فرحب به وحياه وأقعده عند رجله على السرير، فجاء رجل من أهل الكوفة، يقال له: قيس بن علقمة فاستقبله فسب وسب، فقال سعيد: من يسب هذا الرجل؟ قال: يسب علياً، قال: ألا أرى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبون عندك ثم لا تنكر ولا تغير، أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وإني لغني أن أقول عليه ما لم يقل فيسألني عنه غداً إذا لقيته: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة ). وساق معناه ثم قال: ( لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر فيه وجهه، خير من عمل أحدكم، ولو عمر عمر نوح ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يزيد بن زريع، ح وحدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى المعنى قالا: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك حدثهم: ( أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صعد أحداً فتبعه أبو بكر و عمر و عثمان، فرجف بهم فضربه نبي الله صلى الله عليه وسلم برجله وقال: اثبت أحد إنما عليك نبي وصديق وشهيدان ).
حدثنا هناد بن السري عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن أبي خالد مولى آل جعدة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتاني جبريل فأخذ بيدي فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي ).
حدثنا قتيبة بن سعيد و يزيد بن خالد الرملي أن الليث حدثهم عن أبي الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد بن سلمة، ح وحدثنا أحمد بن سنان القطان قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال موسى: (فلعل الله) - وقال ابن سنان: ( اطلع الله على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ).
حدثنا محمد بن عبيد أن محمد بن ثور حدثهم عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة قال: ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية -فذكر الحديث قال-: فأتاه يعني: عروة بن مسعود فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما كلمه أخذ بلحيته، و المغيرة بن شعبة قائم على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فضرب يده بنعل السيف، وقال: أخر يدك عن لحيته، فرفع عروة رأسه، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا، وحدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير أمتي القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، -والله أعلم أذكر الثالث أم لا- ثم يظهر قوم يشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويفشو فيهم السمن ) ].
والقرون هنا لا يراد بها المئات، وإنما يراد بها الطبقات، أي: طبقة الصحابة، وطبقة التابعين، وأتباع التابعين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تسبوا أصحابي، فولذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ).
حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زائدة بن قدامة الثقفي قال: حدثنا عمر بن قيس الماصر عن عمرو بن أبي قرة قال: ( كان حذيفة بالمدائن فكان يذكر أشياء قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأناس من أصحابه في الغضب، فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة، فيأتون سلمان فيذكرون له قول حذيفة، فيقول سلمان: حذيفة أعلم بما يقول، فيرجعون إلى حذيفة فيقولون: لقد ذكرنا قولك لـسلمان فما صدقك ولا كذبك، فأتى حذيفة سلمان وهو في مبقلة فقال: يا سلمان! ما يمنعك أن تصدقني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال سلمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويرضى فيقول في الرضا لناس من أصحابه، أما تنتهي حتى تورث رجالاً حب رجال، ورجالاً بغض رجال، وحتى توقع اختلافاً وفرقة؟ ولقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال: أيما رجل من أمتي سببته سبة، أو لعنته لعنة في غضبي، فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة. والله لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر رضي الله عنه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني الزهري قال: حدثني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة قال: ( لما استعز برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده في نفر من المسلمين دعاه بلال إلى الصلاة فقال: مروا من يصلي للناس، فخرج عبد الله بن زمعة فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائباً، فقال: يا عمر ! قم فصل بالناس، فتقدم فكبر، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته وكان عمر رجلاً مجهراً، قال: فأين أبو بكر؟ يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون. فبعث إلى أبي بكر بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: حدثني موسى بن يعقوب عن عبد الرحمن بن إسحاق عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن زمعة أخبره بهذا الخبر قال: ( لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت عمر قال ابن زمعة: خرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أطلع رأسه من حجرته ثم قال: لا لا لا ليصل للناس ابن أبي قحافة يقول ذلك مغضباً )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد ومسلم بن إبراهيم قالا: حدثنا حماد عن علي بن زيد عن الحسن عن أبي بكرة، ح وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي: إن ابني هذا سيد، وإني أرجو أن يصلح الله به بين فئتين، من أمتي ). قال أبو داود: وفي حديث حماد بن زيد: ( ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا هشام عن محمد قال: قال حذيفة: ( ما أحد من الناس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه إلا محمد بن مسلمة، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تضرك الفتنة ).
حدثنا عمرو بن مرزوق قال: أخبرنا شعبة عن الأشعث بن سليم عن أبي بردة عن ثعلبة بن ضبيعة قال: ( دخلنا على حذيفة فقال: إني لأعرف رجلاً لا تضره الفتن شيئاً. قال: فخرجنا فإذا فسطاط مضروب فدخلنا، فإذا فيه محمد بن مسلمة، فسألناه عن ذلك فقال: ما أريد أن يشتمل علي شيء من أمصارهم حتى تنجلي عما انجلت ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن أشعث بن سليم عن أبي بردة عن ضبيعة بن حصين الثعلبي بمعناه.
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الهذلي قال: حدثنا ابن علية عن يونس عن الحسن عن قيس بن عباد قال: ( قلت لـعلي رضي الله عنه: أخبرنا عن مسيرك هذا أعهد عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم أم رأي رأيته فقال: ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، ولكنه رأي رأيته ).
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا القاسم بن الفضل عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين، يقتلها أولى الطائفتين بالحق )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا عمرو يعني: ابن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تخيروا بين الأنبياء ).
حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( ما ينبغي لعبد أن يقول: إني خير من يونس بن متى ).
حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني قال: حدثني محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن أبي حكيم عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن جعفر قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما ينبغي لنبي أن يقول: إني خير من يونس بن متى )].
وهذا مع فضل النبي صلى الله عليه وسلم وجلالته، ومع وفرة النصوص وتواترها واستفاضتها على أنه سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، وأنه خير الأنبياء والمرسلين، ومع ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تخيروا بين الأنبياء )، وهذا إشارة إلى أن مثل هذا الأمر يدعو الإنسان إلى شيء من التعلق، فربما نفر غيره ممن يريد الإسلام، فقد يكون من أهل الكتاب الذين يريدون دخول الإسلام، فيرون أن مثل ذلك ازدراءً بأنبيائهم، ونحو ذلك، وهذا إذا كان في مقام النبي مع الأنبياء فإنه كذلك ينبغي أن يكون في حال الناس، فإن التفضيل المطلق، أو فلان أفضل من فلان، فلان أجل من فلان، أو فلان أدرى من فلان، أو أعلم من فلان أو نحو ذلك، هذا مما لا ينبغي أن يجري على ألسنة الناس، وهذا آكد من مسألة النبوة؛ لأن النبوة مع ظهورها في النصوص بفضل النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن فضل الناس لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ومع ذلك النبي عليه الصلاة والسلام مع جلاء النص عنه وظهوره منع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، فكيف مع عدم ورود نص، وكون الأمور ظنية في مثل تفاضل الناس، ولهذا ينبغي للإنسان أن يبين فضل الشيء بعينه، لا أن يفضله على جميع غيره.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حجاج بن أبي يعقوب ومحمد بن يحيى بن فارس قالا: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال: ( قال رجل من اليهود: والذي اصطفى موسى! فرفع المسلم يده فلطم وجه اليهودي، فذهب اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون، فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش في جانب العرش، فلا أدري أكان ممن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله عز وجل ). قال أبو داود: وحديث ابن يحيى أتم.
حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا عبد الله بن إدريس عن مختار بن فلفل يذكر عن أنس قال: (قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خير البرية! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك إبراهيم).
حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا الوليد عن الأوزاعي عن أبي عمار عن عبد الله بن فروخ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا سيد ولد آدم، وأول من تنشق عنه، وأول شافع، وأول مشفع ).
حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني ومخلد بن خالد الشعيري المعنى قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما أدري تبع ألعين هو أم لا؟ وما أدري أعزير نبي هو أم لا؟ ) ].
وحديث أبي هريرة في حديث تبع حديث معلول.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( أنا أولى الناس بابن مريم، الأنبياء أولاد علات، وليس بيني وبينه نبي ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الإيمان بضع وسبعون: أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة العظم عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ) ].
يكتمل الإيمان بتوفر مجموع شعب الإيمان مع وجود أصله، وأما الكفر فوجود شعبة واحد منه يتحقق الكفر كاملاً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة ).
حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثنا ابن وهب عن بكر بن مضر عن ابن الهاد عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما رأيت من ناقصات عقل ولا دين أغلب لذي لب منكن قالت: وما نقصان العقل والدين؟ قال: أما نقصان العقل فشهادة امرأتين شهادة رجل، وأما نقصان الدين فإن إحداكن تفطر رمضان وتقيم أياماً لا تصلي ).
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري وعثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( لما توجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، قالوا يا رسول الله! فكيف الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله تعالى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ [البقرة:143] ).
حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا محمد بن ثور عن معمر قال: وأخبرني الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: ( أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالاً ولم يعط رجلاً منهم شيئاً، فقال سعد: يا رسول الله! أعطيت فلاناً وفلاناً ولم تعط فلاناً شيئاً وهو مؤمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو مسلم هو؟ حتى أعادها سعد ثلاثاً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أو مسلم هو؟ ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أعطي رجالاً وأدع من هو أحب إلي منهم لا أعطيه شيئاً مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم ).
حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا ابن ثور عن معمر قال: وقال الزهري: قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات:14] قال: نرى أن الإسلام الكلمة، والإيمان العمل.
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق، ح وحدثنا إبراهيم بن بشار قال: حدثنا سفيان المعنى، قالا: حدثنا معمر عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم بين المسلمين قسماً، فقلت: أعط فلاناً فإنه مؤمن، قال: أو مسلم، إني لأعطي الرجل العطاء وغيره أحب إلي منه مخافة أن يكب على وجهه ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال: أخبرني أبو جمرة قال: سمعت ابن عباس قال: ( إن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرهم بالإيمان بالله، قال: أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم ).
حدثنا مؤمل بن الفضل قال: حدثنا محمد بن شعيب يعني: ابن شابور عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان ).
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا شعبة قال واقد بن عبد الله: أخبرني عن أبيه، أنه سمع ابن عمر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن فضيل بن غزوان عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيما رجل مسلم أكفر رجلاً مسلماً، فإن كان كافراً، وإلا كان هو الكافر ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أربع من كن فيه فهو منافق خالص، ومن كانت فيه خلة منهن كان فيه خلة من نفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ).
حدثنا أبو صالح الأنطاكي قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، والتوبة معروضة بعد ).
حدثنا إسحاق بن سويد الرملي قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا نافع يعني: ابن زيد قال: أخبرني ابن الهاد أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظلة، فإذا انقطع رجع إليه الإيمان ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال عبد العزيز بن أبي حازم: حدثني بمنًى عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( القدرية مجوس هذه الأمة: إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم ).
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن عمر بن محمد عن عمر مولى غفرة عن رجل من الأنصار عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لكل أمة مجوس، ومجوس هذه الأمة الذين يقولون لا قدر، من مات منهم فلا تشهدوا جنازته، ومن مرض منهم فلا تعودوهم، وهم شيعة الدجال، وحق على الله أن يلحقهم بـالدجال ) ].
وسبب ذلك أن المجوس يقولون بإلهين، فيقولون: النور تخلق الخير والظلمة تخلق الشر، ومن يقول بنفي القدر: يجعل الإنسان خالقاً لفعله، والله عز وجل هو الذي خلق الإنسان، فأثبت خالقين كما أثبت المجوس خالقين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد أن يزيد بن زريع و يحيى بن سعيد حدثاهم قالا: حدثنا عوف، قال: حدثنا قسامة بن زهير قال: حدثنا أبو موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض: جاء منهم الأحمر، والأبيض، والأسود، وبين ذلك، والسهل، والحزن، والخبيث، والطيب ) زاد في حديث يحيى: (وبين ذلك)، والإخبار في حديث يزيد.
حدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا المعتمر قال: سمعت منصور بن المعتمر يحدث عن سعد بن عبيدة عن عبد الله بن حبيب أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: ( كنا في جنازة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقيع الغرقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس ومعه مخصرة، فجعل ينكت بالمخصرة في الأرض، ثم رفع رأسه فقال: ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة إلا قد كتب الله مكانها من النار أو من الجنة، إلا قد كتبت شقية، أو سعيدة، قال: فقال رجل من القوم: يا نبي الله! أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل، فمن كان من أهل السعادة ليكونن إلى السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة ليكونن إلى الشقوة؟ قال: اعملوا فكل ميسر: أما أهل السعادة فييسرون للسعادة، وأما أهل الشقوة، فييسرون للشقوة، ثم قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10] ).
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا كهمس عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر قال: (
ثم قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا نعرفه، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال: ثم انطلق فلبثت ثلاثاً، ثم قال: يا عمر! هل تدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن عثمان بن غياث قال: حدثني عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر و حميد بن عبد الرحمن قالا: لقينا عبد الله بن عمر فذكرنا له القدر وما يقولون فيه، فذكر نحوه، زاد قال: وسأله رجل من مزينة أو جهينة، فقال: ( يا رسول الله! فيما نعمل أفي شيء قد خلا أو مضى أو في شيء يستأنف الآن؟ قال: في شيء قد خلا ومضى. فقال الرجل أو بعض القوم: ففيم العمل؟ قال: إن أهل الجنة ييسرون لعمل أهل الجنة، وإن أهل النار ييسرون لعمل أهل النار ).
حدثنا محمود بن خالد قال: حدثنا الفريابي عن سفيان قال: حدثنا علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن ابن يعمر بهذا الحديث يزيد وينقص، ( قال: فما الإسلام؟ قال: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان، والاغتسال من الجنابة ). قال أبو داود: علقمة مرجئ ].
وذكر الجنابة شاذ في هذا الحديث.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن أبي فروة الهمداني عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي ذر و أبي هريرة قالا: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهري أصحابه، فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلساً يعرفه الغريب إذا أتاه، قال: فبنينا له دكاناً من طين، فجلس عليه، وكنا نجلس بجنبتيه، وذكر نحو هذا الخبر، فأقبل رجل فذكر هيئته، حتى سلم من طرف السماط، فقال: السلام عليك يا محمد قال: فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ).
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن أبي سنان عن وهب بن خالد الحمصي عن ابن الديلمي قال: ( أتيت أبي بن كعب، فقلت له: وقع في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي، قال: لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أحد ذهباً في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لدخلت النار، قال: ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت زيد بن ثابت، فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ).
حدثنا جعفر بن مسافر الهذلي قال: حدثنا يحيى بن حسان قال: حدثنا الوليد بن رباح عن إبراهيم بن أبي عبلة عن أبي حفصة قال: ( قال عبادة بن الصامت لابنه: يا بني! إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. يا بني! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا فليس مني ) ].
ومسألة القدر هي من المسائل التي لو تأمل فيها الإنسان واستكثر منها لازداد حيرة؛ لأن كثيراً من حكمتها موكولة إلى الله سبحانه وتعالى، ولهذا يقول أبو حنيفة: هذا باب أقفل وضاع مفتاحه، ويقول ابن تيمية رحمه الله: ما من أحد من الناس إلا وفي قلبه حسكة من هذه المسألة، يعني: أنه يصل إلى حد يتحير لا يجد من ذلك جواباً، والسبب في هذا أن عقل الإنسان هو حاسة إدراك كسمعه وبصره، فالبصر كلما تأمل الإنسان في شمس الظهيرة ازداد ألماً وتحيراً للسعة الشمس بعينيه، وكذلك العقل؛ لأن ثمة معلومات إذا تأمل فيها الإنسان وركز فيها يأتيه شيء من الانقباض والانكماش؛ لأنه لا يستطيع أن يستوعب، وكذلك أيضاً سمع الإنسان لا يستطيع أن يسمع كل صوت، بل له حد، وكذلك حاسة الإنسان ليس له أن يتحسس كل شيء فثمة فشيء يحرقه، إذاً: ثمة قدرة للإنسان في الاستيعاب فينبغي أن يؤمن بما لا يدركه، وأن يكل علمه إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يؤمن بضعفه.
والذين تحيروا في هذا الباب من الفلاسفة الأوائل مثل أرسطو وأفلاطون وسقراط وغيرهم، ومن جاء بعدهم من الفلاسفة المنتسبين للإسلام كـابن سيناء والفارابي والكندي وابن رشد وغيرهم ممن يسمون بالمشائين، الذين يسلكون طريقة أرسطو في هذا الباب، فهؤلاء دخلوا في باب التحير، ودخلوا في موج يريدون أن يستوعبوه في عقولهم، وعقولهم دون ذلك بكثير.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان، ح وحدثنا أحمد بن صالح المعنى، قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع طاوساً يقول: سمعت أبا هريرة يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، فقال آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده، تلومني على أمر قدره علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحج آدم موسى )، قال أحمد بن صالح عن عمرو عن طاوس أنه سمع أبا هريرة.
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه، أن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن موسى قال: يا رب! أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة، فأراه الله آدم، فقال: أنت أبونا آدم؟ فقال له آدم: نعم، قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وعلمك الأسماء كلها، وأمر الملائكة فسجدوا لك؟ قال: نعم، قال: فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال له آدم: ومن أنت؟ قال: أنا موسى، قال: أنت نبي بني إسرائيل الذي كلمك الله من وراء الحجاب لم يجعل بينك وبينه رسولاً من خلقه؟ قال: نعم، قال: أفما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق؟ قال: نعم، قال: فيم تلومني في شيء سبق من الله تعالى فيه القضاء قبلي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك، فحج آدم موسى، فحج آدم موسى ).
حدثنا عبد الله القعنبي عن مالك عن زيد بن أبي أنيسة أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره عن مسلم بن يسار الجهني: ( أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية، وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ [الأعراف:172] قال: قرأ القعنبي الآية فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون، فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار ).
حدثنا محمد بن المصفى قال: حدثنا بقية قال: حدثني عمر بن جعثم القرشي قال: حدثني زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مسلم بن يسار عن نعيم بن ربيعة قال: كنت عند عمر بن الخطاب، بهذا الحديث، وحديث مالك أتم.
حدثنا القعنبي قال: حدثنا المعتمر عن أبيه عن رقبة بن مصقلة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الغلام الذي قتله الخضر طبع كافراً، ولو عاش لأرهق أبويه طغياناً وكفراً ).
حدثنا محمود بن خالد قال: حدثنا الفريابي عن إسرائيل قال: حدثنا أبو إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: حدثنا أبي بن كعب قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول في قوله وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ [الكهف:80] وكان طبع يوم طبع كافراً ).
حدثنا محمد بن مهران الرازي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس حدثني أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الصبيان، فتناول رأسه فقلعه، فقال موسى: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً [الكهف:74] الآية ).
حدثنا حفص بن عمر النمري قال: حدثنا شعبة، وحدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان المعنى واحد، والإخبار في حديث سفيان عن الأعمش قال: حدثنا زيد بن وهب قال: حدثنا عبد الله بن مسعود قال: ( حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه ملك فيؤمر بأربع كلمات: فيكتب رزقه، وأجله، وعمله، ثم يكتب شقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، أو قيد ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، أو قيد ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد بن زيد عن يزيد الرشك قال: حدثنا مطرف عن عمران بن حصين قال: ( قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! أعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال: نعم. قال: ففيم يعمل العاملون؟ قال: كل ميسر لما خلق له ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ أبو عبد الرحمن قال: حدثني سعيد بن أبي أيوب قال: حدثني عطاء بن دينار عن حكيم بن شريك الهذلي عن يحيى بن ميمون الحضرمي عن ربيعة الجرشي عن أبي هريرة عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أولاد المشركين، فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين ).
حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال: حدثنا بقية، وحدثنا موسى بن مروان الرقي وكثير بن عبيد المذحجي قالا: حدثنا محمد بن حرب المعنى عن محمد بن زياد عن عبد الله بن أبي قيس عن عائشة قالت: ( قلت: يا رسول الله! ذراري المؤمنين؟ فقال: من آبائهم. فقلت: يا رسول الله! بلا عمل؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين. قلت: يا رسول الله! فذراري المشركين؟ قال: من آبائهم. قلت: بلا عمل؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين ).
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين، قالت: ( أتي النبي صلى الله عليه وسلم بصبي من الأنصار يصلي عليه، قالت: قلت يا رسول الله! طوبى لهذا لم يعمل شراً، ولم يدر به، فقال: أو غير ذلك يا عائشة! إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلاً، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلاً، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه، كما تناتج الإبل من بهيمة جمعاء، هل تحس من جدعاء؟ قالوا: يا رسول الله! أفرأيت من يموت وهو صغير؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين ).
قال أبو داود: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا أسمع، قيل: أخبرك يوسف بن عمرو قال: أخبرنا ابن وهب قال: سمعت مالكاً قيل له: إن أهل الأهواء يحتجون علينا بهذا الحديث، قال مالك: احتج عليهم بآخره، قالوا: أرأيت من يموت وهو صغير، قال: ( الله أعلم بما كانوا عاملين ) ].
وذلك أن الذي ينفي القدر يلزم منه أن ينفي العلم؛ لأن العلم مترابط ومتلازم مع القدر.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا حجاج بن المنهال قال: سمعت حماد بن سلمة يفسر ( حديث كل مولود يولد على الفطرة ) قال: هذا عندنا حيث أخذ الله عليهم العهد في أصلاب آبائهم حيث قال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى [الأعراف:172].
حدثنا إبراهيم بن موسى قال: حدثنا ابن أبي زائدة قال: حدثني أبي عن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الوائدة والموءودة في النار ). قال يحيى بن زكريا: قال أبي فحدثني أبو إسحاق أن عامراً حدثه بذلك عن علقمة عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس أن رجلاً قال: ( يا رسول الله! أين أبي؟ قال: أبوك في النار، فلما قفى قال: إن أبي وأباك في النار ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ).
حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة و عمرو بن الحارث و سعيد بن أبي أيوب عن عطاء بن دينار عن حكيم بن شريك الهذلي عن يحيى بن ميمون عن ربيعة الجرشي عن أبي هريرة عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تجالسوا أهل القدر، ولا تفاتحوهم الحديث ) ].
وفي قوله: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) إثبات دخول الجن في الإنس، وما يسمى بالمس، وهو ظاهر في قول الله عز وجل: يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله، فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل: آمنت بالله ).
حدثنا محمد بن عمرو قال: حدثنا سلمة يعني: ابن الفضل قال: حدثني محمد يعني: ابن إسحاق قال: حدثني عتبة بن مسلم مولى بني تيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه، قال: فإذا قالوا ذلك، فقولوا: اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، ثم ليتفل عن يساره ثلاثاً، وليستعذ من الشيطان ).
حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب قال: ( كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمرت بهم سحابة، فنظر إليها، فقال: ما تسمون هذه؟ قالوا: السحاب، قال: والمزن؟ قالوا: والمزن، قال: والعنان؟ قالوا: والعنان، قال أبو داود: لم أتقن العنان جيداً. قال: هل تدرون ما بعد ما بين السماء والأرض؟ قالوا: لا ندري، قال: إن بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة، ثم السماء فوقها كذلك، حتى عد سبع سماوات، ثم فوق السابعة بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهم العرش ما بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك ) ].
وهذا الحديث حديث معلول، وألفاظه منكرة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن أبي سريج قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد و محمد بن سعيد قالا: أخبرنا عمرو بن أبي قيس عن سماك بإسناده ومعناه.
حدثنا أحمد بن حفص قال: حدثني أبي قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان عن سماك بإسناده ومعنى هذا الحديث الطويل.
حدثنا عبد الأعلى بن حماد ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار وأحمد بن سعيد الرباطي قالوا: حدثنا وهب بن جرير قال أحمد: كتبناه من نسخته وهذا لفظه قال: حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن يعقوب بن عتبة عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده، قال: ( أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي، فقال: يا رسول الله! جهدت الأنفس، وضاعت العيال، ونهكت الأموال، وهلكت الأنعام، فاستسق الله عز وجل لنا، فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك أتدري ما تقول؟ وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: ويحك! إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك، ويحك أتدري ما الله، إن عرشه على سماواته لهكذا، وقال بأصابعه مثل القبة عليه، وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب ) قال ابن بشار في حديثه: ( إن الله عز وجل فوق عرشه، وعرشه فوق سماواته ). وساق الحديث، وقال عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار عن يعقوب بن عتبة وجبير بن محمد بن جبير عن أبيه عن جده، والحديث بإسناد أحمد بن سعيد هو الصحيح وافقه عليه جماعة: منهم يحيى بن معين و علي بن المديني، ورواه جماعة عن ابن إسحاق كما قال أحمد أيضاً، وكان سماع عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار من نسخة واحدة فيما بلغني.
حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال: حدثني أبي، قال: حدثني إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ).
حدثنا علي بن نصر و محمد بن يونس النسائي المعنى، قالا: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ قال: حدثنا حرملة يعني: ابن عمران قال: حدثني أبو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة قال: ( سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] إلى قوله: سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:58] قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه. قال أبو هريرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه ) قال ابن يونس: قال المقرئ: يعني: إن الله سميع بصير، يعني: أن لله سمعاً وبصراً قال أبو داود: وهذا رد على الجهمية].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير و وكيع و أبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوساً، فنظر إلى القمر ليلة البدر ليلة أربع عشرة، فقال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ هذه الآية: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا [طه:130] ).
حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، أنه سمعه يحدث عن أبي هريرة قال: ( قال ناس: يا رسول الله! أنرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة؟. قالوا: لا، قال: هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟ قالوا: لا، قال: والذي نفسي بيده لا تضارون في رؤيته إلا كما تضارون في رؤية أحدهما ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد، ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة المعنى عن يعلى بن عطاء عن وكيع قال موسى بن حدس عن أبي رزين قال موسى العقيلي قال: ( قلت: يا رسول الله! أكلنا يرى ربه؟ قال ابن معاذ: مخلياً به يوم القيامة، وما آية ذلك في خلقه؟ قال: يا أبا رزين ! أليس كلكم يرى القمر؟ قال ابن معاذ: ليلة البدر مخلياً به، ثم اتفقا: قلت: بلى، قال: فالله أعظم. قال ابن معاذ: قال: فإنما هو خلق من خلق الله، فالله أجل وأعظم ) ].
الجهمية هم أتباع الجهم بن صفوان والجهم بن صفوان أخذ عقيدته من الجعد بن درهم، وأخذها من الجهم بن صفوان بشر المريسي، ومن بشر المريسي أخذها ابن أبي دؤاد، ثم تحولت إلى مبدأ التصنيف والتقرير في ذلك، وشاعت وانتشرت، وقيل: إن أصلها من لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث ابن أخته، ثم تسلسل هذا الأمر إلى هذه العقيدة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء المعنى قال: حدثنا أبو أسامة عن عمر بن حمزة قال: قال سالم: أخبرني عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يطوي الله السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين، ثم يأخذهن. قال ابن العلاء بيده الأخرى: ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا إسرائيل قال: حدثنا عثمان بن المغيرة عن سالم عن جابر بن عبد الله قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس بالموقف، فقال: ألا رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي ).
حدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير و سعيد بن المسيب و علقمة بن وقاص و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن حديث عائشة وكل حدثني طائفة من الحديث قالت: ( ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ).
حدثنا إسماعيل بن عمر قال: أخبرني إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا ابن أبي زائدة عن مجالد عن عامر يعني: الشعبي عن عامر بن شهر قال: كنت عند النجاشي فقرأ ابن له آية من الإنجيل فضحكت، فقال: أتضحك من كلام الله؟
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن منصور عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة. ثم يقول: كان أبوكم يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق ). قال أبو داود: هذا دليل على أن القرآن ليس بمخلوق.
حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي وعلي بن الحسين بن إبراهيم وعلي بن مسلم قالوا: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا تكلم الله بالوحي، سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا، فيصعقون، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل، حتى إذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم. قال: فيقولون: يا جبريل! ماذا قال ربك؟ فيقول: الحق، فيقولون: الحق، الحق )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا بسطام بن حريث عن أشعث الحداني عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن الحسن بن ذكوان قال: حدثنا أبو رجاء قال: حدثني عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يخرج قوم من النار بشفاعة محمد فيدخلون الجنة، ويسمون الجهنميين ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد بن مسرهد قال: حدثنا معتمر قال: سمعت أبي قال: حدثنا أسلم عن بشر بن شغاف عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الصور قرن ينفخ فيه ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كل ابن آدم تأكل الأرض، إلا عجب الذنب، منه خلق، وفيه يركب )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لما خلق الله الجنة قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء، فقال: أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم حفها بالمكاره، ثم قال: يا جبريل! اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي رب وعزتك لقد خشيت ألا يدخلها أحد. قال: فلما خلق الله النار قال: يا جبريل! اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فحفها بالشهوات ثم قال: يا جبريل! اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: أي رب! وعزتك لقد خشيت ألا يبقى أحد إلا دخلها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن حرب و مسدد بن مسرهد قالا: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أمامكم حوضاً ما بين ناحيتيه كما بين جرباء وأذرح ).
حدثنا حفص بن عمر النمري قال: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة عن زيد بن أرقم قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلنا منزلاً، فقال: ما أنتم جزء من مائة ألف جزء ممن يرد علي الحوض. قال: قلت: كم كنتم يومئذ؟ قال: سبعمائة أو ثمانمائة ).
حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا محمد بن فضيل عن المختار بن فلفل قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ( أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة، فرفع رأسه متبسماً، فإما قال لهم، وإما قالوا له: يا رسول الله لم ضحكت؟ فقال: إنه أنزلت عليّ آنفاً سورة، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1] حتى ختمها، فلما قرأها قال: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل في الجنة، وعليه خير كثير، عليه حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد الكواكب ).
حدثنا عاصم بن النضر قال: حدثنا المعتمر قال: سمعت أبي، قال: حدثنا قتادة عن أنس بن مالك قال: ( لما عرج بنبي الله صلى الله عليه وسلم في الجنة، أو كما قال: عرض له نهر: حافتاه الياقوت المجيب، أو قال: المجوف، فضرب الملك الذي معه يده، فاستخرج مسكاً، فقال محمد صلى الله عليه وسلم للملك الذي معه: ما هذا؟ قال: الكوثر الذي أعطاك الله عز وجل )
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا عبد السلام بن أبي حازم أبو طالوت قال: شهدت أبا برزة دخل على عبيد الله بن زياد فحدثني فلان -سماه مسلم وكان في السماط- فلما رآه عبيد الله قال: ( إن محمديكم هذا الدحداح، ففهمها الشيخ، فقال: ما كنت أحسب أني أبقى في قوم يعيروني بصحبة محمد صلى الله عليه وسلم، فقال عبيد الله: إن صحبة محمد صلى الله عليه وسلم لك زين غير شين، قال: إنما بعثت إليك لأسألك عن الحوض، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فيه شيئاً؟ قال له أبو برزة: نعم لا مرة، ولا ثنتين، ولا ثلاثاً، ولا أربعاً، ولا خمساً، فمن كذب به فلا سقاه الله منه، ثم خرج مغضباً ) ].
وحوض النبي عليه الصلاة والسلام يشرب منه للري؛ لأنه يسد العطش، ثم إذا دخل الجنة فلا يوجد عطش وإنما استمتاع، فيكون حينئذٍ ما في الجنة من شراب سواءً كان من ماءٍ أو لبنٍ أو عسلٍ يكون للاستمتاع لا للعطش، وأما العطش فيزول عند الشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن المسلم إذا سئل في القبر فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذلك قول الله عز وجل: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ [إبراهيم:27] ).
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف أبو نصر عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال: ( إن نبي الله صلى الله عليه وسلم دخل نخلاً لبني النجار، فسمع صوتاً ففزع، فقال: من أصحاب هذه القبور؟ قالوا: يا رسول الله! ناس ماتوا في الجاهلية، فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار، ومن فتنة الدجال، قالوا: ومم ذاك يا رسول الله؟! قال: إن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك فيقول له: ما كنت تعبد؟ فإن الله هداه قال: كنت أعبد الله، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول هو عبد الله ورسوله، فما يسأل عن شيء غيرها، فينطلق به إلى بيت كان له في النار فيقال له: هذا بيتك كان في النار، ولكن الله عصمك ورحمك، فأبدلك ببيتاً في الجنة، فيقول: دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي، فيقال له: اسكن، وإن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره فيقول له: ما كنت تعبد؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دريت ولا تليت، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: كنت أقول ما يقول الناس، فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين ).
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا عبد الوهاب بمثل هذا الإسناد نحوه قال: ( إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم، فيأتيه ملكان فيقولان له ). فذكر قريباً من حديث الأول، قال فيه: ( وأما الكافر والمنافق فيقولان له: زاد المنافق. وقال: يسمعها من وليه غير الثقلين ) ].
حياة البرزخ يكون العذاب والنعيم على الجسد والروح جميعاً، ويكون على الروح بلا جسد، ولا يكون على الجسد بلا روح، فالجسد وحده لا ينزل عليه شيء حتى تحل فيه الروح، وإذا حلت فيه الروح فإنه يكون له وعليه نعيم وجحيم، وإذا أراد الله عز وجل أن ينزل عقاباً على الروح وحدها أخرجها من البدن، وأما الجسد وحده فلا ينزل عليه عقاب؛ باعتبار أن الله عز وجل جعل الإحساس في الروح.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير، وحدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو معاوية، وهذا لفظ هناد عن الأعمش عن المنهال عن زاذان عن البراء بن عازب قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رءوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه، فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر، مرتين أو ثلاثاً -زاد في حديث جرير: (هاهنا)- وقال: وإنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين حين يقال له: يا هذا، من ربك وما دينك ومن نبيك؟ -قال هناد-: ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولان: وما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، زاد في حديث جرير: فذلك قول الله عز وجل: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا [إبراهيم:27] الآية، ثم اتفقا -قال: فينادي مناد من السماء: أن قد صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، وألبسوه من الجنة قال: فيأتيه من روحها وطيبها، قال: ويفتح له فيها مد بصره، قال: وإن الكافر، فذكر موته قال: وتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فينادي مناد من السماء: أن كذب، فأفرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار. قال: فيأتيه من حرها وسمومها، قال: ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ). زاد في حديث جرير: قال: ( ثم يقيض له أعمى أبكم، معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار تراباً. قال: فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين فيصير تراباً، ثم تعاد فيه الروح ).
حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا الأعمش قال: حدثنا المنهال عن أبي عمر زاذان قال: سمعت البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يعقوب بن إبراهيم و حميد بن مسعدة أن إسماعيل بن إبراهيم حدثهم قال: أخبرنا يونس عن الحسن عن عائشة: ( أنها ذكرت النار فبكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قالت: ذكرت النار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحداً: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أو يثقل، وعند الكتاب حين يقال: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ [الحاقة:19] حتى يعلم أين يقع كتابه أفي يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم ) قال يعقوب عن يونس: هذا لفظ حديثه].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن سراقة عن أبي عبيدة بن الجراح قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنه لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر الدجال قومه، وإني أنذركموه، فوصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لعله سيدركه من قد رآني وسمع كلامي، قالوا: يا رسول الله! كيف قلوبنا يومئذ؟ أمثلها اليوم؟ قال: أو خير ).
حدثنا مخلد بن خالد قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه، قال: ( قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، فذكر الدجال، فقال: إني لأنذركموه، وما من نبي إلا قد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه: تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير و أبو بكر بن عياش و مندل عن مطرف عن أبي جهم عن خالد بن وهبان عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ).
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا مطرف بن طريف عن أبي الجهم عن خالد بن وهبان عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كيف أنتم وأئمة من بعدي يستأثرون بهذا الفيء؟ قلت: إذاً والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي ثم أضرب به حتى ألقاك، أو ألحقك، قال: أولا أدلك على خير من ذلك؟ تصبر حتى تلقاني ).
حدثنا مسدد وسليمان بن داود المعنى، قالا: حدثنا حماد بن زيد عن المعلى بن زياد و هشام بن حسان عن الحسن عن ضبة بن محصن عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيكون عليكم أئمة تعرفون منهم وتنكرون، فمن أنكر؟ ) قال مسدد في حديثه، قال الحسن، وقال ... أبو داود: ( قال هشام بلسانه: فقد برئ، ومن كره بقلبه فقد سلم، ولكن من رضي وتابع فقيل: يا رسول الله! أفلا نقتلهم؟ قال ابن داود: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا ).
حدثنا ابن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة قال: حدثنا الحسن عن ضبة بن محصن العنزي عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه قال: ( فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم ). قال قتادة: يعني: من أنكر بقلبه، ومن كره بقلبه.
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن شعبة عن زياد بن علاقة عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ( ستكون في أمتي هنات، وهنات، وهنات، فمن أراد أن يفرق أمر المسلمين وهم جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبيد و محمد بن عيسى المعنى، قالا: حدثنا حماد عن أيوب عن محمد عن عبيدة: ( أن علياً ذكر أهل النهروان فقال: فيهم رجل مودن اليد، أو مخدج اليد، أو مثدون اليد، لولا أن تبطروا لنبأتكم ما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، قال: قلت: أنت سمعت هذا منه؟ قال: إي ورب الكعبة ).
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن أبيه عن ابن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري قال: ( بعث علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة في تربتها فقسمها بين أربعة: بين الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي، وبين عيينة بن بدر الفزاري، وبين زيد الخيل الطائي ثم أحد بني نبهان، وبين علقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب قال: فغضبت قريش والأنصار وقالت: يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا، فقال: إنما أتألفهم. قال: فأقبل رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناتئ الجبين، كث اللحية، محلوق قال: اتق الله يا محمد! فقال: من يطيع الله إذا عصيته؟! أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنوني؟ قال: فسأل رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد، قال: فمنعه، قال: فلما ولى قال: إن من ضئضئ هذا، أو في عقب هذا قوماً يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم قتلتهم قتل عاد ).
حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي قال: حدثنا الوليد ومبشر بن إسماعيل الحلبي عن أبي عمرو قال يعني: الوليد: حدثنا أبو عمرو حدثني قتادة عن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( سيكون في أمتي اختلاف وفرقة، قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يرجعون حتى يرتد على فوقه، هم شر الخلق والخليقة، طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم. قالوا: يا رسول الله! ما سيماهم؟ قال: التحليق ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوه قال: ( سيماهم التحليق، والتسبيد، فإذا رأيتموهم فأنيموهم ). قال أبو داود: التسبيد: استئصال الشعر.
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان قال: حدثنا الأعمش عن خيثمة عن سويد بن غفلة قال: قال علي: ( إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإنما الحرب خدعة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل قال: أخبرني زيد بن وهب الجهني: ( أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي الذين ساروا إلى الخوارج، فقال علي عليه السلام: أيها الناس، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليست قراءتكم إلى قراءتهم شيئاً، ولا صلاتكم إلى صلاتهم شيئاً، ولا صيامكم إلى صيامهم شيئاً، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلاً له عضد، وليست له ذراع، على عضده مثل حلمة الثدي، عليه شعرات بيض، أفتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم؟ والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا في سرح الناس، فسيروا على اسم الله، قال سلمة بن كهيل: فنزلني زيد بن وهب منزلاً منزلاً، حتى مر بنا على قنطرة، قال: فلما التقينا وعلى الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي فقال لهم: ألقوا الرماح وسلوا السيوف من جفونها، فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء، قال: فوحشوا برماحهم، واستلوا السيوف، وشجرهم الناس برماحهم، وقتلوا بعضهم على بعضهم، قال: وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان، فقال علي: التمسوا فيهم المخدج، فلم يجدوا، قال: فقام علي رضي الله عنه بنفسه، حتى أتى ناساً قد قتل بعضهم على بعض، فقال: أخرجوهم، فوجدوه مما يلي الأرض، فكبر، وقال: صدق الله، وبلغ رسوله، فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين، والله الذي لا إله إلا هو لقد سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إي والله الذي لا إله إلا هو، حتى استحلفه ثلاثاً، وهو يحلف ).
حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا حماد بن زيد عن جميل بن مرة قال: حدثنا أبو الوضيء قال: قال علي عليه السلام اطلبوا المخدج، فذكر الحديث فاستخرجوه من تحت القتلى في طين قال أبو الوضيء: ( فكأني أنظر إليه حبشي عليه قريطق له إحدى يدين مثل ثدي المرأة عليها شعيرات مثل شعيرات التي تكون على ذنب اليربوع ).
حدثنا بشر بن خالد قال: حدثنا شبابة بن سوار عن نعيم بن حكيم عن أبي مريم قال: إن كان ذلك المخدج لمعنا يومئذٍ في المسجد، نجالسه بالليل والنهار، وكان فقيراً، ورأيته مع المساكين يشهد طعام علي مع الناس، وقد كسوته برنساً لي. قال أبو مريم: وكان المخدج يسمى، نافعاً ذا الثدية، وكان في يده مثل ثدي المرأة، على رأسه حلمة مثل حلمة الثدي، عليه شعيرات مثل سبالة السنور. قال أبو داود: وهو عند الناس اسمه: حرقوس.
النبي عليه الصلاة والسلام وصف طائفة بهذا الوصف ظهرت على علي بن أبي طالب عليه رضوان الله ولكن لا يعني أن الوصف يكره، الإنسان إذا حلق لا يكون ذلك هذا ليس بوجيه، ولا يلزم من هذا أيضاً ألا تقرأ القرآن بكثرة، ولكن يكره الجهل بأحكامه].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني عبد الله بن حسن قال: حدثني عمي إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد ).
حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا أبو داود الطيالسي و سليمان بن داود يعني: أبا أيوب الهاشمي عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله، أو دون دمه، أو دون دينه فهو شهيد ) ].
وحديث سعيد بن زيد دليل على أن هذا هو قتال الدفع، وقتال الدفع لا يشترط له نية، سواءً دافع الإنسان عن عرض، أو دافع عن مالٍ، أو دافع عن أرض، أو دافع عن نفسه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر