إسلام ويب

صرخات من القدس الجريحللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن ما يحدث للمسلمين على أرض فلسطين لأمر مهول تتفطر له الأكباد أسى، وتبكي له العيون دماً، والأدهى من ذلك ما نراه بالمسلمين من الصمت والخنوع والذل، وكأن الأمر لا يعنيهم، وكأنهم لا يسمعون الصرخات ولا الآهات، وكل هذا بسبب انحراف المسلمين عن منهج الله تعالى ودينه، وارتكابهم للذنوب والمعاصي، التي هي سبب الذل والتسلط من قبل أعداء الله تعالى.

    1.   

    صور مؤلمة مفجعة

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده لله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة، فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته. وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء الأعزاء! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله الحليم الكريم جل وعلا الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى، في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

    وحشية في هتك الأعراض

    أحبتي في الله! والله إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لما حل بأمتنا لمحزونون.. ففي كل بلد على الإسلام دائرةٌ يَنْهدُّ من هولها رضوى وثهلانُ ذبحٌ وصَلْبٌ وتقتيل بـإخوتنـا كما أَعدَّت لتُشفِي الحقدَ نيرانُ يستصرخون ذوي الإيمان عاطفة فلم يغثهم بيوم الروع أعْوُانُ هل هذه غَيرةٌ أم هذه ضعة للكفر ذكرٌ وللإسلامِ نسيانُ برك الدماء، وأكوام الأشلاء تجسد الفجيعة، وتحكي المأساة في كل بقاع الدنيا، في كل مكان ذُبِّح أبناؤنا تذبيح الخراف، بل لقد وضع الطفل على النيران ليشوى جسده أمام والده المسكين، وبعدما انتهى المجرمون من شي ولده وطفله أمام والده، قطعوا الطفل قطعاً صغيرة، وأجبروا والده تحت التهديد والتعذيب والوعيد أن يأكل من لحم ولده، ومن فلذة كبده، ومن ثمرة فؤاده، ثم بعد ذلك أطلقوا عليه النيران فقتلوه..!! أختك.. أختك التي انتهك عرضها.. وضاع شرفها.. وها هي الآن يا ابن الإسلام تصرخ علينا وترجونا رجاءها الأخير.. أتدرون ما هو رجاؤها الأخير؟!! إن أختك التي انتهك عرضها وضاع شرفها تصرخ عليك الآن وتقول: أن اقتلوني.. واقتلوا العار بين أحشائي.. اقتلوا ولدي من السفاح والزنا!! هذا هو رجاؤها الأخير!! وذلك بعدما صرخت طويلاً.. طويلاً.. حتى انقطع صوتها وضاع أنينها.. وراح صوتها.. بعدما صرخت طيلة هذه الأشهر الماضية وهي تقول: وا إسلاماه.. وا إسلاماه.. وا معتصماه.. وامعتصماه، ولكن أين المعتصم ؟ ما ثم معتصم يغيث من استغاث به وصاح ذبحوا الصبي وأمه وفتاتها ذات الوشاح وعدوا على الأعراض في انتشاء وانشراح يا ألف مليون وأيـ ـن هم إذا دعت الجراح ما ثم معتصم يغيث من استغاث به وصاح برك الدماء، وأكوام الأشلاء تجسد الفجيعة، وتحكي المأساة في كل مكان: في البوسنة، في الصومال، في كشمير، في الهند، في الفلبين، في بورما، في تركستان، في أفغانستان، في طاجكستان، في الجزائر، وأخيراً في فلسطين برك الدماء، وأكوام الأشلاء، ولا زال المشاهدون من كل بقاع الدنيا قابعين في مقاعدهم يشاهدون هذه المسرحية الهزلية المحرقة، منهم من يبارك هذه التصفية، وهذه الإبادة، ومنهم من جلس يمسح عينيه بمنديل حريري! ولكنه مع هذا ما زال مصراً على أن يقبع في مقعده ليشاهد آخر فصول هذه المسرحية الهزلية المحرقة!!

    قتل الأطفال في أحضان آبائهم

    طاردتني هذه الصور المؤلمة التي تحرق فؤاد كل مسلم حي، هذا إن كنا لا زلنا نحمل في الصدور أفئدة، إن كنا لا زلنا نحمل في الصدور قلوباً ما كفنت ولا حول ولا قوة إلا بالله! طاردتني كما طاردت كل مسلم صادق هذه الصورة المؤلمة التي تحرق القلب، صورة هذا الطفل المسكين الذي لا ذنب له ولا جريرة إلا أنه ولد فوق الثرى الطاهر، والأرض المباركة، فوق مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وقام اليهود المجرمون الأنذال الذين لا يعرفون رحمة ولا شفقة، حتى بعدما احتمى الطفل في أبيه وراح يرفع يديه خائفاً من هؤلاء المجرمين، وراح الوالد المسكين يرفع يده مسلماً مستسلماً، ولكن هيهات هيهات.. هيهات. هيهات أن يعرف اليهود الرحمة؛ اللهم إلا إذا دخل الجمل في سَمَّ الخياط. فأطلقوا الرصاص على رأس هذا الطفل المسكين فأردوه قتيلاً، وإن شئت فقل: لقد قتلوا أباه وإن لم يمته الرصاص، تصور أن يموت ولدك بين يديك بهذه الصورة التي تحرق الأفئدة، والله لقد نظرت إلى أطفالي بالأمس القريب.. نظرت إليهم وتخيلت أن قاذفة من قاذفات العدو اليهودي قد سقطت على بيتي.. على أهلي وأولادي فتمزقت أشلاء أطفالي أمام عيني وبين يدي، والله عبثاً حاولت النوم.. فأنى للقلوب التي تعرف حقيقة الإيمان.. فأنى للقلوب التي ذاقت حلاوة الولاء والبراء أن تعرف طعم النوم، وأن تعرف طعم الراحة، والله لولا أن المصطفى في المصائب ذاق ما ذقناه لكانت المصيبة والمأساة! وصورة الطائرات والدبابات والصواريخ والمدفعية تدك بيوت الفلسطينيين العزل، الذين لا يملكون إلا إيماناً بالله عز وجل.. ثم الحجارة.. ثم الحجارة.. ثم الحجارة!!

    هدم البيوت على ساكنيها

    وطاردتني صورة امرأة عجوز يتساقط بيتها فوق رأسها، وهي تنظر إلى سقف البيت يتحطم ولا تملك أن تفعل شيئاً على الإطلاق. وطاردتني صورة الأقصى الجريح وهو يئن ويستجير، وهو يصرخ في المسلمين: وا إسلاماه.. وا إسلاماه.. وا إسلاماه.. لكن من يجيب؟!! من يجيب؟!! القدس يصرخ.. انتابتني حالة نفسية عجيبة، حالة نفسية مؤلمة، لكن من يجيب؟ كنت أصرخ، ولكن الصرخة في صحراء مقفرة.. في صحراء مهلكة: عبثاً دعوت وصحت يا أحرار عبثاً لأن قلوبنا أحجار عبثاً لأن عيوننا مملوءة بالوهم تظلم عندها الأنوار عبثاً لأن شئوننا يا قومنا في الغرب يفتل حبلها وتدار ولأننا خشب مسندة فلا ندري ماذا يصنع المنشار أما سقوط الأقصى فحالة مألوفة تجري بها الأقدار هذي شئون القدس ليس لنا بها شأن وما للمسلمين خيار يا ويحكم يا مسلمون قلوبكم ماتت فليست بالخطوب تثار أنكرتم الفعل الشنيع بقولكم شكراً لكم لن ينفع الإنكار شكراً على تنظيم مؤتمراتكم وعلى القرار يصاغ منه قرار وعلى تعاطفكم فتلك مزية فيكم تصاغ لمدحها الأشعار يا ويحكم يا مسلمون نساؤكم يسألن عنكم والدموع غزار هذي تساق إلى سراديب الهوى سوقاً وتلك يقودها الجزار لو أن سائحة من الغرب اشتكت في أرضكم لتحرك الإعصار أما الصغار فلا تسل عن حالهم مرض وخوف قاتل وحصار واليهود يذبحون ويقتلون ومالهم ناصر ودمع عيونهم مدرار يا ويحكم تنسون أن الضعف في وجه العدو مذلة وصغار هذي هي القدس يحرق ثوبها عمداً ويهتك عرضها الأشرار تبكي وأنتم تشربون دموعها وعن الحقائق زاغت الأبصار هذا هو الأقصى يُهَوَّد جهرة وبجرحه تتحدث الأخبار هذا هو الأقصى يطحنه الأسى وجموعكم يا مسلمون عار ملياركم لا خير فيه كأنما كتبت وراء الواحد الأصفار ما جَرَّأَ اليهودُ إلا صمتكم ولَكَمْ يَذِلُ بصمته المغوار خابت سياسة أمة غاياتها تحقيق ما يرضى به الكفار يا قدس أرسل دمع العين مدرارا عميق حزن وصب النَزف أنهارا يا قدس تاه الأهل والأحباب وعثت بأرض الأنبياء كلاب قدساه أرض النور دنسها الدجى والحق ضاع وتاهت الأنساب قادت قرود الإفك قافلة الهدى وسجى بوجه النائمين ذباب ليكود برآسة شارون قاد عصابة يعلو بها القدس مكر محدق وحراب طعنوا بها الشرفاء طعن مذلة فثوى بقدس المعجزات خراب والقبة العظمى تسيل دماؤها والقدس يبكي واشتكى المحراب وبدا اليهود بأرضنا وكأنهم أصحاب أرض ما لها أصحاب ضاعت فلسطين الجريحة واعتلى أقصى المساجد بالسواد ثياب قدساه أين الفاتحون أين عمر بن الخطاب ؟!! أين أبو عبيدة ابن الجراح ؟!! أين صلاح الدين ؟!! أين محمود نور الدين ؟!! أين قطز ؟!! قدساه أين الفاتحون وعزهم أين الجهاد الحق والألباب ماذا أصاب المسلمين فهل ترى يجدي لديهم بالخطوب عتاب

    1.   

    اليهود نقضة العهود وحقيقة الغرب

    اليهود هم اليهود.. كررنا ذلك حتى بحت الأصوات، لكن الأمة لا تريد أبداً أن تصدق رب الأرض والسماوات، متى وَفَّى اليهود بعهد على طوال التاريخ؟!! قلت: لقد نقض اليهود العهود مع الأنبياء، ومع رب الأرض والسماء، وأسأل بمرارة: هل ينقض اليهود العهود مع الأنبياء، ورب الأرض والسماء، ثم يفي اليوم اليهود بالعهود للحكام والزعماء؟!! لقد ماتت عملية السلام، قلنا ذلك مراراً قبل ذلك فلم يصدقنا أحد. فحال أمتنا حال عجيبة وهي لعمر الله بائسة كئيبة يجتاحها الطوفان طوفان المؤامرة الرهيبة ويخطط المتآمرون كي يغرقوها في المصيبة وسيحفرون لها قبوراً ضمن خططهم الرهيبة قالوا السلام.. السلام.. السلام.. قلت: يعود الأهل للأرض السليبة وسيلبس الأقصى غداً أثواباً قشيبة فإذا سلامهم هو التنازل عن القدس الحبيبة فبئس سلامهم إذاً وبئست هذه الخطط المريبة فالمسجد الأقصى في الدماء له ضريبة قال ربنا الذي خلق اليهود، وهو وحده الذي يعلم من خلق: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14]، قال جل وعلا: أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [البقرة:100]، وقال جل وعلا: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ [المائدة:13]، أي: على خيانة بعد خيانة. هذا كلام ربنا جل وعلا، ولا أريد أن أقف مع آيات القرآن، فالآيات كثيرة، قال جل جلاله: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة:60]. وقال جل وعلا: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:78-79]، ها هو القرآن يُقرأ ويتلى في الليل والنهار، لكن من يصدق كلام العزيز الغفار؟! ومن يصدق كلام النبي المختار صلى الله عليه وسلم؟!

    اليهود قوم بهت

    اليهود قومُ بُهتٍ وقومُ خيانةٍ.. متخصصون في نقض العهود، والله الذي لا إله غيره لن تأتي في إسرائيل وزارة تحترم عهوداً أُبرمت في أوسلو، أو مدريد، أو تل أبيب، أو كامب ديفيد الأولى، لن تكون هناك وزارة أو حزب عمل أو حزب ليكود يحترم عهداً أو ميثاقاً، فهذه هي جبلة اليهود وطبيعتهم منذ أول لحظة هاجر فيها المصطفى إلى المدينة، وقام عبد الله بن سلام حبر اليهود الكبير، فنظر إلى وجه النبي فعرف أنه ليس بوجه كذاب، فشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وقال للمصطفى: يا رسول الله! إن اليهود قوم بهت، -أي: أهل ظلم ينكرون الحقائق- فاكتم عنهم خبر إسلامي وسلهم عني، فجمع النبي بطون اليهود، وقال لهم: (ما تقولون في عبد الله بن سلام؟! قالوا: سيدنا وابن سيدنا! وحبرنا وابن حبرنا! فقام عبد الله بن سلام إلى جوار رسول السلام صلى الله عليه وسلم، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فرد اليهود الكلاب المجرمون على لسان وقلب رجل واحد في حق عبد الله بن سلام قالوا: هو سفيهنا وابن سفيهنا.. وجاهلنا وابن جاهلنا!!). هذه طبيعة اليهود منذ اللحظات الأولى لم تتغير ولن تتغير، فمتى يفيق النائمون؟! متى يفيق النائمون؟! متى يفيق النائمون؟! ليعلم الكل علم اليقين أن أمريكا ليست شريكاً نزيهاً في عملية السلام، كلا وألف كلا، فالكفر ملة واحدة، الكفر ملة واحدة، الكفر ملة واحدة، لا يمكن أبداً أن تنصر أمريكا قضية من قضايا الأمة، لا يمكن أبداً لهيئة الأمم أن تنصر قضية من قضايا الأمة، لا يمكن أبداً أن يتدخل حلف الناتو لينصر الأقلية المستضعفة من العزل المدنيين في فلسطين، من أجل سواد عيون الأمة، ولا تُخْدَعوا بتدخل حلف الناتو في كوسوفا؛ لأنهم ما تدخلوا إلا لمصالحهم الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية.

    الكفر ملة واحدة

    لا ينبغي أن يجهل الآن مسلم أو مسلمة على وجه الأرض أن الكفر لا ينصر توحيداً... الكفر لا ينصر إسلاماً.. الكفر ملة واحدة، إنهم يشاهدون على شاشات التلفاز كل ليلة ما يحدث لإخواننا وأخواتنا وأطفالنا في فلسطين، لكن: أين النظام العالمي أما له أثر ألم تنعق به الأبواق أين السلام العالمي لقد بدا كذب السلام وزاغت الأحداق يا مجلس الخوف الذي في ظله كُسر الأمان وضيع الميثاق أو ما يحركك الذي يجري لنا أو ما يثيرك جرحنا الدفاق وحشية يقف الخيال أمامها متضائلاً وتمجها الأذواق هذا هو الغرب يا من خُدِعتم بالغرب طيلة السنين الماضية. هذا هو الغرب أيها المرجفون.. يا من تعزفون على وتر التقديس والتمجيد للغرب في كل المناسبات!! قالوا لنا ما الغرب قلت صناعة وسياحة ومظاهر تغرينا لكنه خاوٍ من الإيمان لا يرعى ضعيفاً أو يسر حزينا الغرب مقبرة المبادئ لم يزل يرمي بسهم المغريات الدينا الغرب مقبرة العدالة كلما رُفعت يد أبدى لها السكينا الغرب يكفر بالسلام وإنما بسلامه الموهوم يستوهينا الغرب يحمل خنجراً ورصاصة فعلام يحمل قومنا الزيتونا كفرٌ وإسلامٌ فأنى يلتقي هذا بذلك أيها اللاهونا أنا لا ألوم الغرب في تخطيطه لكن ألوم المسلم المفتونا وألوم أمتنا التي رحلت على درب الخضوع ترافق التنينا وألوم فينا نخوة لم تنتفض إلا لتضربنا على أيدينا يا مجلس الأمن! يا مجلس الخوف! شكراً.. شكراً لقد أبديت وجه حضارة غربية لبس القناع سنينا شكراً لقد نبهت غافل قومنا وجعلت شك الواهمين يقينا يا مجلس الأمن انتظر إسلامنا سيريك ميزان الهدى ويرينا إن كنت في شك فسل فرعون عن غرقٍ وسل عن خسفه قارونا

    1.   

    متى يفيق النائمون؟!

    متى يفيق النائمون؟! فشهداؤنا بين المقابر يهمسون.. والله إنا قادمون.. والله إنا عائدون.. والله إنا راجعون.. شهداؤنا خرجوا من الأكفان.. وانتصبوا صفوفاً ثم راحوا يصرخون عار عليكم أيها المستسلمون.. وطن يباع! وأمة تنساق قطعاناً وأنتم نائمون! شهداؤنا قاموا وزاروا المسجد الأقصى وطافوا في رحاب القدس واقتحموا السجون في كل شبر من ثرى الوطن المكبل ينبتون!! في كل ركن من ربوع الأمة الثكلى أراهم يخرجون شهداؤنا وسط المجازر يهتفون.. الله أكبر.. إنا عائدون شهداؤنا يتقدمون.. أصواتهم تعلو على أسوار فلسطين الحزينة في الشوارع.. في المفارق يهدرون إني أراهم في الظلام يحاربون!! إني أراهم في الظلام يحاربون!! رغم انكسار الضوء في الوطن المكبل بالمهانة والمجون شهداؤنا وسط المجازر يهتفون.. والله إنا عائدون.. والله إنا عائدون.. والله إنا عائدون! أكفاننا ستضيء يوماً في رحاب القدس.. سوف تعود تقتحم الحصون شهداؤنا في كل شبر يصرخون.. يا أيها المتنطعون كيف ارتضيتم أن ينام الذئب في وسط القطيع وتأمنون؟! وطنٌ بعرض الكون يعرض في المزاد وطغمة الجرذان في الوطن الجريح يتاجرون أحياؤنا الموتى على الشاشات في صخب النهاية يسكرون من أجهض الوطن العريق وكبل الأحلام في كل العيون يا أيها المتشرذمون.. والله إنا قادمون شهداؤنا في كل شبر في البلاد يزمجرون جاءوا صفوفاً يسألون يا أيها الأحياء ماذا تفعلون في كل يوم كالقطيع على المذابح تصلبون تتسربون على جناح الليل كالفئران سراً.. للذئاب تهرولون وأمام أمريكا تقام صلاتكم فتسبحون وتطوف أعينكم بها.. وفوق ربوعها الخضراء يبكي الساجدون صور على الشاشات جرذان يصافح بعضها.. والناس من ألم الفجيعة يضحكون تباع أوطان.. وتسقط أمة.. ورءوسكم تحت النعال وتركنون تسلم القدس العريقة للذئاب ويسكر المتآمرون القدس تسألكم أليس لها حق عليكم أين فر الرافضون أين غاب البائعون أين راح الهاربون الصامتون الغافلون الكاذبون صمتوا جميعاً والرصاص الآن يخترق العيون وإذا سألت سمعتهم يتصايحون.. هذا الزمان زمانهم في كل شيء في الورى يتحكمون لا تسرعوا في موكب البيع الرخيص.. فإنكم في كل شيء خاسرون لن يترك الطوفان شيئاً.. كلكم في اليم يوماً غارقون تجرون خلف الموت والنخاس يجري خلفكم وغداً بأسواق النخاسة تعرضون لن يرحم التاريخ يوماً من يفرط أو يخون! لن يرحم التاريخ يوماً من يفرط أو يخون! لن يرحم التاريخ يوماً من يفرط أو يخون! كُهاننا يترنحون.. فوق الكراسي هائمون في نشوة السلطان والطغيان راحوا يسكرون وشعوبنا ارتاحت ونامت في غيابات السجون نام الجميع وكلهم يتثاءبون.. فمتى يفيق النائمون متى يفيق النائمون متى يفيق النائمون متى سترجع الأمة إلى ربها سبحانه وتعالى وإلى نبيها صلى الله عليه وسلم؛ لتحقق المنهج منهج الله في الأرض؛ لتكون أهلاً لنصرة الله؟! فالأمة تملك مقومات النصر، نعم. الأمة تمتلك الآن مقومات النصر.

    1.   

    انحراف الأمة سبب في ذلها

    وهنا يثور السؤال المرير: ما الذي أوصل الأمة إلى هذه الحالة المزرية من ذل، وضعف، وهوان، وتشرذم، وتشتت؟! تقسمت الأمة إلى أجزاء، بل وتفتتت الأجزاء هي الأخرى إلى أجزاء! ما الذي أوصل أمة القرآن إلى هذه الحالة المزرية التي نراها عليها الآن؟!! وانتبه أيها الحبيب! لتتعرف على الجواب في كلمات قليلة حاسمة قاطعة من قول الله سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]. ورب الكعبة لقد غيرت الأمة وبدلت، وحرفت وابتعدت الأمة كثيراً عن المنهج الرباني الذي جاء به الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. يا شباب الصحوة! هذه سنة ربانية ثابتة ينبغي أن تستقر في القلوب قبل الأذهان والعقول.

    انحراف الأمة في جانب العقيدة

    إن الأمة قد انحرفت كثيراً عن المنهج الرباني في جانب العقيدة.. في جانب العبادة.. في جانب التشريع.. في جانب الاتباع.. في جانب الأخلاق والمعاملات والسلوك. ابتعدت الأمة كثيراً كثيراً إلا من رحم ربك عن المنهج الرباني الذي جاء به رسول الله. نرى العقيدة الآن تذبح شر ذبحة على أيدي الكثيرين من أبناء الأمة إلا من رحم ربك، والله جل وعلا يقول: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج:62].استمعنا بأم آذاننا على شاشات الشيطان الأكبر الموسوم بالتلفاز من يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم وإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم نرى العقيدة الآن تذبح شر ذبحة!

    انحراف الأمة في جانب العبادة

    وفي جانب العبادة: نرى كثيراً من صور العبادة الظاهرة والباطنة قد صرفت لغير الله جل وعلا، ذبح لغير الله! وسأل الناس غير الله! واستعان كثير من الناس بغير الله! وفوض كثير من الناس الأمور لغير الله! بل ووثقت القلوب ببعض قوى الأرض وببعض دول الأرض أكثر من ثقتها بخالق السماوات والأرض جل وعلا، والله سبحانه وتعالى يأمر نبيه ويقول: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163].

    انحراف الأمة في جانب التشريع

    أما في جانب التشريع فابك دماً بدل الدمع، والله لقد وقع ما لم يكن يخطر ألتبة لمخلوق مسلم على بال! ضيعت الأمة شريعة الكبير المتعال.. حرفت الأمة شرع ربها.. واستبدلت الأمة بالعبير بعراً.. وبالثريا ثرى.. وبالرحيق المختوم حريقاً محرقاً مدمراً. أبت الأمة إلا أن تناقض قول ربها جل وعلا إذ يقول: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [الأنعام:57]، فأبى كثير من أبناء الأمة إلا أن يقول: إن الحكم إلا للمجالس الشعبية، وللمجالس النيابية، وللبيوت البيضاء والسوداء والحمراء، والله جل وعلا يقول: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]. غيرت الأمة شريعة ربها، يقرأ المسلم الآن في قرآن ربه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6]، ويلتزم بهذا الأمر الإلهي، ويضيع في نفس السورة قول ربه: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]. يلتزم بقول الله في سورة البقرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة:183]، ويضيع في نفس السورة قول ربه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ [البقرة:178]. انفصام نكد، ضيعت الأمة إلا من رحم ربك شريعة ربها!!

    انحراف الأمة في جانب الاتباع

    واستبدلت الأمة بالعبير بعراً، وبالثريا ثرى، وبالرحيق المختوم حريقاً محرقاً مدمراً. وفى جانب الاتباع تغنت الأمة بحبها لرسول الله، وخرجت طائفة من الأمة تسخر بسنته وتهزأ بأوامره.. فاللحية عفن! والنقاب خيمة! والخنزير الذي حرمه القرآن كان خنْزيراً هزيلاً في أرض الجزيرة.. أما خنازير اليوم فإنها تربى تحت العناية الطبية، وتحت الرعاية الصحية، فما الداعي لتحريمها؟ والخمر الذي حرمه القرآن كان قديماً، أما خمر اليوم فما الداعي لتحريمها وهي التي تسمى بالمشروبات الروحية!! وهكذا ادعت الأمة حب نبيها واتباع نبيها وسخرت من شريعته واستهزأت بسنته ولا حول ولا قوة إلا بالله!

    انحراف الأمة في جانب الأخلاق والمعاملات

    أما في جانب الأخلاق والمعاملات والسلوك فحدث ولا حرج، كثر الغش، وقل الصدق، وانتشر الخداع، وقُدِّمَ الفارغون الخائنون، وأُخِّرَ الصادقون، وصدق في الأمة قول الصادق المصدوق كما في الحديث الذي رواه ابن ماجة في سننه وهو حديث صحيح: (سيأتي على الناس سنوات خداعة يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟! قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة). غيرت الأمة أيها الأحباب! والله عز وجل يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]، ولكن أنا لا أريد أن أسكب القنوط واليأس في قلوبكم، ولكنني أريد أن أشخص الداء ولو كان مراً بطعم الحنظل، لنحدد الدواء الناجع لهذا الداء. أيها الأحبة الكرام! لن أطيل عليكم أكثر من ذلك، فإني أرى كثيراً من الأحبة تحت الشمس المحرقة في خارج المسجد، أسأل الله أن يأجرنا وإياكم على هذه اللحظات، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

    1.   

    موعود الله للمؤمنين في القرآن والسنة

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام! إننا نستبشر خيراً ولكن بشرط، وما هو هذا الشرط؟! أن تعلن الأمة الآن الجهاد في سبيل الله، وسَيُهْزَم اليهود، لا أقول ذلك رجماً بالغيب، ولا من ضغط الواقع المرير، ولا من باب الأحلام الوردية الجاهلة، ولا من باب الجهل بالواقع الذي تعيشه أمتنا ونحياه الآن بكل مآسيه، كلا، وإنما أقول ذلك من منطلق الحقائق الربانية والنبوية، فهو كلام ربنا، وكلام نبينا الصادق الذي لا ينطق عن الهوى. تدبروا معي هذه الآية التي قرأتموها وسمعتموها جميعاً، لكن قل من انتبه إليها، ووقف معها ليتدبرها، ألا وهي قول الله في سورة آل عمران في حق اليهود: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ [آل عمران:111]، فهل تصدقون الله رب العالمين؟! وقال سبحانه: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى [الحشر:14] وقلوبهم شتى.. هذا كلام الخالق الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير. وقال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ [الأعراف:167]، وقال جل وعلا: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا [الإسراء:104].

    إفساد اليهود المذكور في القرآن

    وها هم اليهود يأتون ألفافاً من كل بقاع الأرض؛ ليتحقق وعد الله في آية الإسراء الأولى: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا [الإسراء:4-7]. تدبروا معي الآيات! لنقف مع هذه البشارة العظيمة، فالحق وإن انزوى كأنه مغلوب فإنه ظاهر، والباطل وإن انتفش كأنه غالب فإنه زاهق: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [الإسراء:81]: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [الأنبياء:18]. تدبر معي قول رب العالمين: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا [الإسراء:4]، إذا جاء وقت المرة الأولى لتدمير ما شيد اليهود: بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا [الإسراء:5]،أي: بعث الله على اليهود عباداً له ليسوموا اليهود سوء العذاب. اختلف المفسرون في كتب التفسير، فقد قرأت ما يزيد على عشرين تفسيراً في هذه الآيات، فوجدت أن جُل المفسرين قد فسروا هذه الآيات بأن الذي سُلط على اليهود هم البابليون أو الرومان أو بختنصر، أو نبوخذ نصر، فتدبرت الآيات مراراً وتكراراً ووقفت مع بعض أهل العلم من المحققين الذين قالوا: بأن الله تبارك وتعالى يقول: (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا)، فالعبودية إذا نُسبت لله لا تكون أبداً إلا للموحدين. قال تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ [الفرقان:63]، وقال تعالى: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ [الحجر:42]، وقال تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ [الإسراء:1]، وقال تعالى: وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ [الجن:19]، وقال تعالى: وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا [البقرة:23]. إذاً: العبودية إن نُسبت لله تعالى وكانت خالصة له فهي من المؤمنين الصادقين، والبابليون وثنيون، والرومانيون وثنيون، وبختنصر وثني ليس بمسلم، فكيف يقال بأن هؤلاء تنطبق عليهم الآية؟! كلا.. كلا.. إذاً: من هم عباد الله الذين سلطهم الله على اليهود أول مرة؟ إنهم أصحاب المصطفى، نعم، إنهم أصحاب المصطفى، فهم الذين طردوا اليهود من بني النضير.. من بني قينقاع.. من خيبر.. من بني قريظة.. وأخرجوهم من المدينة. ثم الصحابة هم الذين دخلوا المسجد أول مرة بقيادة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، يوم نزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من المدينة ليتسلم مفاتيح بيت المقدس بيده، وليكتب لليهود ولأهل بيت المقدس العهدة العمرية المعروفة، ليكتب لأهل بيت المقدس من أهل إيليا العهدة العمرية المشهورة، وقد تحدثت عنها بالتفصيل قبل ذلك. إذاً: أصحاب النبي هم عباد الله الذين دخلوا المسجد أول مرة، ولذلك تدبر معي قول الله تعالى: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ [الإسراء:5-6] أي: على هؤلاء العباد الذين انتصروا عليكم. وها نحن نرى الكرة قد أعيدت لليهود علينا، أي: على أبناء أصحاب النبي من الموحدين والمؤمنين: ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ [الإسراء:6]أي: أمد الله اليهود بأموال، (وَبَنِينَ) وها نحن نرى أبناء اليهود من كل بقاع الأرض يجتمعون: وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ، والنفير هو نفير الحرب، وهأنتم ترون اليهود يمتلكون إلى الآن مائتي قنبلة نووية، وتمد اليهود أمريكا بالسلاح وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا . ثم قال لهم ربهم سبحانه: إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ أي: المرة الثانية والأخيرة لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ أي: ليسوء وجوهكم عباد الله من الموحدين والمؤمنين، وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، اللهم عجل بهذه المرة يا أرحم الراحمين! وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا . وها هو نبينا الصادق الذي لا ينطق عن الهوى -كما في مسند أحمد وغيره بسند صحيح- (أنه وضع يوماً يده على رأس أبي الحوالة الأزدي رضي الله عنه، ثم قال النبي لـأبي حوالة : يا أبا حوالة ! إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلايا، والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك). وفى الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون). والله لا عزة للأمة ولا كرامة للأمة بعد ما فعل اليهود ما فعلوا، إلا أن ترفع الأمة راية الجهاد في سبيل الله، فليرفعها زعيم واحد من زعماء العرب، وسينضوي تحت راية الجهاد في سبيل الله بقيادته ملايين الشباب من على وجه الأرض، ممن تحترق قلوبهم وتتشوق للشهادة في سبيل الله. يا إخوة! كونوا على يقين جازم بأن الأمة لا ينقصها شيء من عدد وعدة وعتاد وقوة، ولكن الأمة مهزومة من نفسيتها ومن داخلها، تحتاج إلى أن يرفع قائد واحد راية الجهاد في سبيل الله، ووالله حينئذٍ ليتمن الله وعده. الله جل وعلا ما أمر الأمة إلا أن تعد قدر استطاعتها: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال:60]، إذا كان هذا الإعداد هو أقصى ما تملكه الأمة فما عليها بعد ذلك إلا أن تضحي بعشرات الآلاف من شبابها، ممن يتشوقون الآن للشهادة في سبيل الله، وأن ترفع راية الجهاد، فلا عز لها ولا كرامة إلا بالجهاد، وهذا هو كلام ربنا، وكلام الصادق نبينا، قال عليه الصلاة والسلام كما في مسند أحمد وسنن أبي داود -والحديث صححه الشيخ الألباني - من حديث ابن عمر ، أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع، وتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد في سبيل الله؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم).

    دورنا تجاه إخواننا المسلمين

    أما أنت والدي الفاضل! وأنت أخي الحبيب! وأنت أختي الفاضلة! قد يسألني الجمع بين يدي الآن: فماذا نصنع نحن؟ وما دورنا؟ أقول: لو خرجتم اليوم بهذه العقيدة، بعقيدة الولاء والبراء.. بعقيدة الحب لله ولرسوله.. ثم بتحويل هذه العقيدة والحب لرسول الله في حياتكم إلى واقع عملي، وإلى منهج حياة، وتبرأتم من اليهود، ومن الشرك والمشركين، وعلَّمتم نساءكم وبناتكم وأولادكم هذه العقيدة، وأُشْرِبَ الجيلُ هذه العقيدة، فإن هذه خطوة عملية على الطريق. والله لن يسألنا عن النتائج.. بل أمرنا أن نبذل أقصى ما في طوقنا، وهذا هو الآن ما في مقدورنا نحن الضعفاء، ولندع النتائج بعد ذلك إلى الله. ثانياً: ليستعد الآن كل رجل منكم للمرحلة المقبلة.. والله إن المرحلة القادمة لخطيرة، وقد ينادى عليك بين عشية وضحاها إذا ما تعرض الجميع لحرج أمام اليهود.. قد ينادى عليك بين عشية وضحاها لمن تابع سنن الله الربانية في الكون.. قد ينادى عليك بالخروج للجهاد في سبيل الله، فإن المرحلة هذه قادمة والله قادمة! ولابد أن تستعد.. لابد أن تعد قلبك.. وأن تعد نفسك.. وأن تعد نساءك.. وأن تعد بناتك... وأن تعد أولادك لمثل هذا اليوم. وسل الله بصدق أن يبلغك الشهادة، قال صلى الله عليه وسلم: (من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء ولو مات على فراشه). ما تريدون بعد ذلك؟ لكن المصيبة التي تحطم القلوب أن المسلم لا يحمل في قلبه هماً للدين! ولا هماً لإيذاء سيد النبيين، فكيف يتحرك هذا بعد ذلك للجهاد؟! لابد أن تحترق القلوب ابتداءً، لابد أن يعلم الله وأن يرى الله منا أنه ما حبسنا عن رسول الله إلا العذر. اللهم بلغ عنا رسولك أنه ما حبسنا إلا العذر؛ ليرى الله من قلوبنا أنه ما حبسنا إلا العذر. وأبشركم بهذه البشارة.. بشارة تكسب الأمل في القلوب الجريحة، والحديث رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود وغيرهم، أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن بالمدينة أقواماً ما قطعتم وادياً، ولا سرتم مسيراً، ولا أنفقتم من نفقة إلا كانوا معكم، شاركوكم الأجر، قالوا: كيف ذلك يا رسول الله وهم بالمدينة؟! قال المصطفى: حبسهم العذر)، اللهم بلغ عنا رسولك أنه ما حبسنا إلا العذر. وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد باباً رقراقاً يسكب الأمل في القلوب، وعنون له بهذا العنوان، قال البخاري : باب من حبسه العذر عن الغزو. يا راحلين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحا إنا أقمنا على عذر نكابده ومن أقام على عذر كمن راحا أسأل الله جل وعلا أن يقر أعيننا وإياكم بنصرة الإسلام وعز الموحدين. اللهم انتقم لنبيك يا رب العالمين.. اللهم انتقم لنبيك يا رب العالمين.. اللهم اثأر لنبيك يا رب العالمين.. اللهم إن الأمة قد خذلت نبيك فاثأر لنبيك.. اللهم إن الأمة قد خذلت نبيك فاثأر لنبيك.. اللهم بلغ عنا رسولك عذرنا.. اللهم بلغ عنا رسولك عذرنا.. اللهم بلغ عنا رسولك عذرنا.. اللهم اكتب النصر للمستضعفين، يا من هزمت الأحزاب وحدك اهزم اليهود المغتصبين!! يا من هزمت الأحزاب وحدك اهزم اليهود المغتصبين!! اللهم رد الأمة إليك رداً جميلاً.. اللهم احم مصر من الفتن ما ظهر وما بطن برحمتك يا رب العالمين! وجميع بلاد المسلمين. اللهم اكفنا شر الظالمين.. اللهم اكفنا شر المجرمين.. اللهم اكفنا شر الحاقدين..

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756633583